مقالات

تقرير الحريات الدينية.. تربص وتحريض على الفتنة ؟؟

بقلم : حسين مرسي
كعادتها دائما تثير أمريكا الفتنة في العالم ولاجديد في ذلك فقد اعتدنا كل عام على ما يأتي من افتراءات وتجاوزات في تقارير منظماتهم الحقوقية وتقارير الكونجرس وتقارير الخارجية الأمريكية ولجانهم العبقرية والفنكوشية عن حالة حقوق الإنسان في مصر وحزنهم الشديد على حال المصريين المضطهدين في حرياتهم وفي عقيدتهم ودياناتهم وممارستهم السياسية .. إلى آخر تخاريفهم التي لاتنتهي عن حالة حقوق الإنسان في مصر والتي يبدو أنهم يهتمون لها أكثر اهتمامهم بالانتهاكات الموثقة صوت وصورة من جانب الشرطة المريكية تجته المتظاهرين الأمريكيين أنفسهم .. ويبدو أن أمريكا من فرط حنيتها على مصر وشعوب المنطقة العربية تكاد تبكي ألما وحرقة على حالنا وما وصلنا إليه من انتهاكات حقوقية تطال المصريين جميعا !
مؤخرا صدر عن الخارجية الأمريكية تقرير الحريات الدينية في العالم .. وطبعا بما أنه أمريكي فبالضرورة وبالتأكيد وبكل حروف وأدوات التوكيد ندرك أن مصر على رأس قائمة الانتهاكات الحقوقية في مجال الحريات الدينية.. وهو ما حدث فعلا كما جاء في التقرير الأمريكي والذي يسعى لإشعال الفتنة الطائفية في مصر ليس بين المسلمين والمسيحيين فقط لأنه يبدو أنه لعبة المسلم والمسيحي لم تعد مجدية بالنسبة لهم فقرروا أن يلعبوا بأوراق جديدة فجاء تقريرهم ليتباكى على حال الأقليات الدينية في مصر كالبهائيين مثلا .. والأكثر والأدهى والأمر هو تركيز التقرير على الصراع بين السنة والشيعة في مصر .. على اعتبار أن أمريكا قد أصبحت قبلة للتشيع أو منبرا لأهل السنة حتى أنني أتخيل أن الانتخابات الرئاسية القادمة سيكون المرشح فيها للرئاسة برمز العمة – بكسر العين – وسيظهر في المناظرات الانتخابية وهو يرتدي الزي الأزهري أو العباية مثلا !!
التقرير بدأ بالكلام المعسول عن مبادرات الرئيس عبد الفتاح السيسي لإصلاح الخطاب الدينى .. كلام جميل .. ونشر التسامح والتعامل مع الأقباط ..حلو جدا .. مع بعض الانتقادات عن تعامل الشرطة مع حوادث العنف الطائفى فى الصعيد. ماشي مفيش مشكلة !!
ثم بدأ بالحديث عن الشيعة والبهائيين فى مصرمؤكدا أن بعض الأقليات الدينية تعاني من التدخلات الأمنية والحكومية أكثر من ذي قبل .. مع استخدام هذه الجهات لخطاب يعادى الشيعة والبهائية بشكل مباشر ..
وحتى تكتمل الصورة ويصبح التقرير مستوفيا لجميع أركان الاضطهاد فقد كان من الضروري بالطبع أن يتحدث عن اضطهاد الملحدين أيضا لأن الإلحاد في مصر لا يجد البيئة المناسبة للنمو والانتشار بل يعاني الملحدون في مصر من الرفض الرسمي والشعبي وهو عين الاضطهاد بالطبع ..
وفي الطريق إلى الاضطهاد الديني في مصر وسؤ حالة الأقليات فقد مر التقرير أيضا على السامية المضطهدة والمقصود بها بكل تأكيد اليهودية رغم عدم وجود يهود أصلا في مصر اللهم إلا عدد قليل لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة فقال التقرير إن الحكومة المصرية تفشل بانتظام فى إدانة التعليقات المعادية للسامية… يعني مفيش اضطهاد لكن كمان مش عاوز الشعب يتكلم عنهم أو عن ممارساتهم الاستعمارية والإرهابية التي تقع تجاه الفلسطينيين ولو تحدثت عن القتل والسحل والاعتقال فأنت تضطهد السامية حتى لو من بعيد لبعيد !!
التقرير أيضا انتقد تصريحات وزير الأوقاف عن البهائية عندما قال إنهم على علاقات وثيقة بالصهاينة .. وكأنهم يحجرون على رأي وموقف وزير الآوقاف الذي من المفترض أن منصبه وواجبه يحتم عليه أن يرفض الإلحاد ويرفض البهائية ويرفض أي تجاوز تجاه الدين الذي يعتنقه ويعمل للدفاع عنه في بلد يفترض أنه بلد إسلامي يحترم الديانات السماوية فقط وليس الملحدين والبهائيين وغيرهم ..
ولم يقف التقرير عند هذا الحد فانتقد وزير الأوقاف مرة أخرى بسبب تصريحاته حول الإلحاد ليؤكد أن هذه التصريحات هي في الحقيقة تمثل خطابا معاديا للإلحاد والملحدين..
وأشار التقرير إلى قرار وزارة الأوقاف بغلق ضريح الحسين قبل احتفالات الشيعة بذكرى عاشوراء كنموذج للتضييق الديني رغم أن القرار كان لحماية من سيتوجه للاحتفال من أي صدام مع المتشددين من التيارات الأخرى ..
وأخيرا وحتى تكتمل الصورة فقد انتقد التقرير قيام الحكومة بإلغاء مولد أبو حصيرة الذي كان يقام في محافظة البحيرة كل عام لليهود والذي كان يمثل بالنسبة لليهود حجة قوية يدخلون بها مصر ويحتفلون في صورة مرفوضة كانت تمثل استفزازا للأهالي بشكل أقل ما يقال عنه إنه تجاوز مرفوض .. وليس اضطهادا دينيا كما يرى التقرير !
وأخيرا فقد تحدث التقرير عن الفشل الأمنى فى احتواء العنف الطائفى و فى مواجهة بعض جرائم الخطف التي يراها طائفية … وشدد على رفضه مشاركة مسئولى الحكومة في “جلسات الصلح العرفى” في قضايا العنف الطائفى لأنها تؤدى دائما إلى ظلم الأقلية وإفلات الجانى من العقاب.
ولم ينس التقرير أن يتحدث عن قوانين ازدراء الأديان ورفضه التام لها بسبب محاكمة البعض بهذه التهمة التي لامعنى لها من وجهة نظر كاتب التقرير أو على الأصح وجهة النظر الأمريكية الرسمية الرافضة لكل ماسبق والتي توجه لمصر الاتهامات باضطهاد الأقباط ثم اضطهاد الأقليات من البهائيين ثم زادوها فتحدثوا عن اضطهاد الملحدين وعن الظلم الواقع على الشيعة في مصر ..
أعتقد أن الكلام واضح وصريح ولا يحتاج إلى تفسير ولا توضيح ولا حتى تعليق .. إنها أمريكا صاحبة المؤامرة الكبرى .. وهذه أدواتها التي تستعملها لتهييج الرأي العام العالمي والداخلي على الحكومات والأنظمة التي تريد إسقاطها وفي الدول التي تريد السيطرة عليها وتدمير جيوشها وقواتها ..
طبعا سيخرج علينا الآن من يتهمنا بنظرية المؤامرة بل وستجد هناك من يتمادى في غيه ليتهم الدولة بأنها فعلا تضطهد الأقباط والبهائيين والملحدين والشيعة .. وأيضا وكما قال التقرير فنحن نضطهد السامية ونكره الساميين !
إنه ليس تقرير الحريات الدينية بل هو نموذج للتدخل السافر في شئون دولة ذات سيادة وشعب له حقوقه التي يتمسك بها ويرفض أي تدخل خارجي فيها .. إنه أحد أسلحة الجيل الرابع والخامس التي يخترقون بها الدول ويهدمونها من داخلها ..إنه النموذج الحي للتحريض والفتنة لعن الله من أيقظها .. ولله الأمر من قبل ومن بعد .

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى