مقالات

من طلب تغيير السفير السبهان ؟

بقلم : غازي الحارثي – كاتب سعودي

‏في السابع والعشرين من أغسطس الجاري أعلنت الخارجية العراقية أنها بعثة إلى نظيرتها السعودية بطلب تغيير السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان ، ‏ويعتبر هذا الإجراء من الخارجية العراقية غير مسبوق دبلوماسياً فلا يوجد مايعرف بتغيير السفراء ، إما طردهم من البلد المضيف أو سحبهم او استدعائهم من حكومات بلادهم .
هذا التصرف لايبدو في نظري غريباً بقدر ماهو مثير ويستحق ان تُفتح حوله ملفات كثيرة .
قلت مثيراً ‏لان تصرفات دبلوماسية ‏وغيرها صدرت من مسؤولين إيرانيين كانت أقوى بكثير مما ‏قاله أو عمله ‏السفير السعودي السبهان كانت تضرب عمق عروبة العراق وسيادته وتعاملت معها الحكومة العراقية بعكس ماتعاملت مع السفير السعودي حيث غضت عنها الطرف في أحيان وفي أحيان لم تغض الطرف -وليتها غضته- إنما نفذت ماتحدث الإيرانيون عنه .. إذن ، من الذي طلب تغيير السفير السبهان ؟!
بحسب احاديث سابقة لمسؤولين عراقيين فإن السفير ثامر السبهان انتهك السيادة العراقية وتدخل في الشؤون الداخلية وعلى ذكر ذلك فأنا اشك في سيادة الحكومة العراقية الكاملة واعتقد ان قرارها السيادي مرتبط بطهران خصوصاً أنه بحسب هذه الحكومة فيحق لإيران في العراق مالا يحق لغيرها وبالتالي فالقرار السيادي مستباح لطهران والشواهد كثيرة ..
هل يعقل ان يصرح رسمياً علي يونسي مستشار الرئيس الايراني ان بغداد عاصمة الامبراطورية الفارسية وتصمت الحكومة العراقية ولاتتخذ اي موقف حيال إهانة الحكومة العراقية و التعدي على الهوية العربية للعراق ؟!
هل يعقل أن تقبل الحكومة العراقية ذات السيادة الدولية على كافة الاراضي العراقية بتواجد قاسم سليماني لقيادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني على الأراضي العراقية وهو الرجل المصنف وتنظيمه على اللائحة الدولية للإرهاب ، وفي نفس الوقت ترفض اي وجود بري للتحالف الدولي على أراضيها ؟!
هل يعقل أن يتهم رئيس الوزراء السابق ونائب رئيس الجمهورية نوري المالكي -المعروف بموالاته لإيران- السعودية بالإرهاب ويتهجم عليها إعلامياً ولاتتخذ الرئاسة او الحكومة العراقية اي اجراء او تعتذر للسعودية عن ذلك ؟!
هل يعقل ان يتوعد قائد ‏احد مكونات المؤسسة العسكرية العراقية السفير السعودي بالقتل وتكتشف مخططات الإغتيال ثم ترفض ‏الخارجية العراقية مطالب السفارة السعود بتعزيز ‏حماية السفير او السماح بدخول عربات مصفحة سعودية لحماية السفير في تنقلاته ؟؟
‏إذن هل هذه سيادة ؟!
‏في مقابل كل ذلك لم يقُم السفير السعودي بأي تجاوز على السيادة العراقية يساوي كل التجاوزات السابقة .. ويتحجج البعض في العراق بما قاله السفير في مرتين سابقة عندما انتقد علناً الإعلام العراقي الذي يهاجم السعودية ليل نهار ومن واجب السفير الرد عليه إذا لم تتخذ الحكومة او وزارة الإعلام اي إجراء ضده ، ثم قائمت قائمتهم عليه بسبب ذلك ، وفي مناسبة أخرى انتقد مكوّن الحشد الشعبي -احد مكونات الحكومة والقوات المسلحة العراقية- الذي يتعاون مع ميليشيات ايران بشكل رسمي في سياسة عسكرية طائفية استهدفت بوضوح أبناء العشائر السنيَّة في مناطق أبرزها الفلوجة .
وظهر بعدها المخطط المرتب لاغتيال السفير .. بعد هذا كله من الذي انتهك سيادة العراق ؟!
حسب المعطيات اعتقد أنه يراد للعراق ان يبتعد عن محيطه العربي ولذلك يجب ان تكون خطوات السعودية ومحورها الحريص على الحفاظ على العراق العربي موزونة وحكيمة في التعامل مع ذلك .. واعتقد ان كل من تغاضى عن التجاوزات والانتهاكات الإيرانية هو نفسه من طلب تغيير السفير لأن الصراع السعودي – الإيراني هناك لك يعد خافياً هناك وأي دور ضعيف للسعودية يعني نفوذ وتغلغل اقوى لإيران .. لكن الحكومة
العراقية لم تحب ان تظهر على أنها ترغب بقطع العلاقات مع السعودية لذلك اختارت التلميح بإجراء غير متعارف عليه دبلوماسياً ونادراً مايستعمل رغبةً في ان تفهم السعودية التلميح ويبدر منها اي اجراء مقابل إما قطع العلاقات او تخفيضها بحيث لاتُحرج بذلك الحكومة العراقية .. ونصيحتي ان تتعامل السعودي مع ذلك بأريحية وتستبدل السفير بسفير آخر قوي وجريء أيضاً لتحافظ بذلك على وجودها الدبلوماسي الرسمي ولاتقطع الجهود المبذولة سابقاً وتقذف الكرة في ملعب الحكومة العراقية وتختبر جديتها في حماية السفير الجديد والحفاظ على العلاقات مع السعودية .

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى