تصاعد النفوذ الإماراتي المتنامي في الصومال
إعداد : نورا عياد – المركز الديمقراطي العربي
أولا: لمحة عن العلاقات بين الإمارات والصومال
تمتد العلاقات الاقتصادية والسياسية بين جمهورية الصومال ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى ما قبل استقلال البلدين بقرون وقد ترسخت تلك العلاقات مع مرور الزمن وأخذت أشكال جديدة مع تطور الظروف المستجدة على ساحة البلدين ومع انضمام الصومال لمنظمة جامعة الدول العربية ازدادت أواصر التعاون بين البلدين .
وتعتبر العلاقات الصومالية الإماراتية ليست وليدة العصر وإنما لها جذور تاريخية تمتد إلى أيام المؤسس الشيخ زايد رحمه الله حيث كانت الصومال تتمتع بعلاقات طيبة مع الإمارات طيلة الفترة ما قبل الحرب .
وقد شهدت العلاقات بين الصومال والإمارات في الآونة الأخيرة تطوراً ملحوظاً حيث يتجه البلدان نحو فتح آفاق جديدة للتعاون الثنائي في شتى المجالات وخصوصاً في المجال السياسي والعسكري والاقتصادي والإنساني والتنموي .
وسيتم في هذا الإطار إلقاء الضوء على عدة محاور رئيسية يمكن تصنيفها كالتالي:-
- المحور الأمني والسياسي.
- المحور الاقتصادي.
- المحور الإنساني والتنموي .
أولاً: المحور الأمني والسياسي
إن العلاقات الصومالية الإماراتية ليست وليدة العصر وإنما لها جذور تاريخية، حيث قامت الإمارات بإمداد الحكومة المركزية إبان عهد الرئيس محمد سياد بري بمعدات عسكرية من بينها 12 مروحية حربية بريطانية الصنع واستخدمتها الصومال في عمليات عسكرية وقد قامت الإمارات بإرسال كتيبة من قواتها المسلحة إلى الصومال للمشاركة في عملية “إعادة الأمل”.
وفي عام 2014 وقعت جمهورية الصومال ودولة الإمارات العربية المتحدة مذكرة تفاهم في مجال التعاون العسكري ، حيث قامت بتدريب قوات حرس القصر الرئاسي لجمهورية الصومال بالإضافة إلى تخريج 210 من الجنود والضباط الذين تلقوا تدريبات في الإمارات العربية المتحدة (1) .
وفي أوائل مايو 2015 أقامت الإمارات شراكة للتدريب مع وحدة مكافحة الإرهاب وجهاز الأمن والمخابرات الوطني في الصومال ، بالإضافة إلى إنشاء مركز تدريب جديد بتمويل إماراتي في مقديشو، وتدريب وحدات من قوات المغاوير الصومالية.
وفي أواخر مايو 2015 قامت بتزويد مدينة كيسمايو الصومالية بمجموعة من مركبات مقاومة للألغام ومحمية من الكمائن من طراز ” RG-31MK.V ” ومركبات أخرى من طراز “تويوتا لاند كروزر” وشحنة من ناقلات الجند المدرعة من طراز ” RevaMK.111 ” وشاحنات ناقلة للمياه ودراجات نارية للشرطة .
وقد تعهدت دولة الإمارات بدفع رواتب قوات الأمن الحكومية الاتحادية الصومالية على مدى أربع سنوات.
وقامت بتمويل الشرطة البحرية في أرض بونط لمواجهة ظاهرة القرصنة البحرية , بالإضافة إلى ثلاث طائرات من طراز ” ايرز 2R تراش “وطائرة هليكوبتر من طراز ” ألوات 111 ” كما قامت بتمويل “وكالة الاستخبارات في أرض بونط” وتدريب عناصرها (2) .
وفي نهاية عام 2015 أدرجت دولة الإمارات العربية المتحدة حركة الشباب المجاهدين نتيجة لما تمثله من تهديد على مسارات نقل النفط في المنطقة (3) .
ثانياً: المحور الاقتصادي
لم تكن العلاقات بين البلدين مقتصرة على الجانب السياسي والأمني فقط بل كانت في شتى المجالات ومنها العلاقات التجارية وتعتمد الصومال حالياً في وارداته على الإمارات وقد أدى انهيار الحكومة الصومالية ومؤسسات الدولة وانتشار العنف إلى هروب الملايين وتعتبر الجالية الصومالية واحدة من أكبر الجاليات المهاجرة في الإمارات .
حيث يقيم في دولة الإمارات ما بين 80 : 100 ألف صومالي ويتركز عدد كبير من الشركات التي يعمل بها الصوماليون في منطقة الديرة في دبي بالإضافة إلى تواجدهم في المطاعم والاستراحات والفنادق ويمتلكون أيضاً ثلاث شركات طيران اتخذت مقر لها في دبي بالإضافة إلى أنها تقوم بتأمين رحلات جوية مباشرة من الإمارات إلى مقديشو وتشارك المرأة الصومالية في الأنشطة التجارية بفاعلية حيث تقوم بالتصدير من دبي إلى شرق أفريقيا والقرن الإفريقي (4) .
الاستيراد والتصدير
تعتبر الإمارات العربية المتحدة الشريك التجاري الأول لجمهورية الصومال ، حيث تقدر نسبة الواردات الصومالية من الإمارات 44%, وفي عام 2014 قامت الإمارات باستيراد 648 ألف رأس من الأغنام والماعز والأبقار والإبل أي 18% من صادرات البلاد عبر ميناء “بربرة” وبذلك تكون الإمارات ثاني أكبر مستورد للإنتاج الحيواني في البلاد. بينما تستورد الصومال من الإمارات سنوياً بما يقارب مليار ونصف المليار درهم إماراتي.
وتتنوع السلع المستوردة حيث تقدر بقيمة مليار ومائتين وخمسين مليون درهم والصادرات غير النفطية الإماراتية 334.39 مليون درهم إماراتي بينما استوردت الإمارات منتجات صومالية بقيمة 318.7 مليون درهم , وقد بلغت مبالغ التحويلات التي ترد من المغتربين الصوماليين في الإمارات بما يزيد على 1.5 مليار دولار سنوياً (5) .
وقد توصلت “موانئ دبي” إلى اتفاق لإدارة ميناء بربرة في جمهورية أرض الصومال لمدة 30 عاماً حيث تبلغ نسبة الاستثمارات فيه حوالي 442 مليون دولار، وتزويد الميناء برافعات جسرية حيث تتطلع دولة الإمارات نحو تحويله إلى مركز تجاري إقليمي وإنشاء منطقة حرة حيث سيساهم في تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين أرض الصومال ودولة الإمارات .
وقد طرحت موانئ دبي العالمية في نيويورك قضية دعم الاقتصادية الرئيسية في الصومال مثل الموانئ والمطارات وقطاع تقنية المعلومات والاتصالات(6) .
ثالثاً: المحور الإنساني والتنموي
المساعدات الإنسانية
تحتل الإمارات العربية المتحدة مكانة كبيرة يبن دول العالم في تقديم المساعدات الإنسانية , حيث بلغت نسبة المساعدات المقدمة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة للصومال منذ بداية الأزمة الإنسانية 40 مليون دولار.
وقد قدمت الإمارات فور حدوث مجاعة بإرسال مساعدات عاجلة إلى المحتاجين في المناطق المنكوبة جراء الجفاف والمجاعة وقامت بنقل المساعدات الإنسانية عبر جسر جوي وبحري مع العاصمة مقديشو.
وقد قدمت دولة الإمارات خلال عامي 2012 , 2013 مساعدات تتجاوز 283 مليون درهم للصومال بالإضافة إلى 50 مليون دولار تعهدت بتقديمها للشعب الصومالي خلال مؤتمر لندن الثاني الذي عقد شهر مايو عام 2013 (7).
ويوضح الشكل التالي قيمة المساعدات الخارجية المدفوعة للصومال
فئات المساعدات | المبلغ | النسبة من إجمالي التمويل للصومال |
مساعدات تموينية | 44.9 مليون درهم
أي ” 2.12 مليون دولار أمريكي” |
32.17% |
مساعدات خيرية | 290.719 مليون درهم
أي “8 مليون دولار أمريكي” |
32.17% |
المساعدات الإنسانية والإغاثية في حالات الطوارئ | 17.7 مليون درهم
أي “4.8 مليون دولار أمريكي” |
19.21 % |
وفي عام 2017 قدمت الهلال الأحمر الإماراتي كميات كبيرة من الأدوية إلى كل من مستشفى “المدينة” و”كيدسي” (4) .
وقد قدمت مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية ألفي سلة غذائية (8) .
ويشير الجدول التالي إلى الجهات المانحة
الجهة الماسخة | المبلغ | النسبة من إجمالي التمويل الصومالي | عدد المشروعات |
الهلال
الأحمر الإماراتي |
31.4 مليون درهم
أي “8.2 مليون دولار” |
33.97% | 40 مشروع |
جمعية
دار …. |
19 مليون درهم
أي “5.2 مليون دولار أمريكي” |
39 مشروع |
المساعدات التنموية
وقد قامت الإمارات بتدشين مجموعة متنوعة من المشاريع في التعليم والصحة والإسكان بهدف توفير الراحة والاحتياجات الرئيسية لسكان المناطق حيث قامت ببناء عيادات صحية في كل من أفجوي ومركا و جوهر
وأما المجال التعليمي فقد شاركت الإمارات في بناء العديد من المؤسسات التعليمية بالإضافة إلى تواجد العديد من الهيئات الإماراتية التي تدعمها مثل مؤسسة الريان الخيرية التي تدير ثلاث مدارس في الصومال حيث يصل عدد الطلاب في هذه المدارس إلى 2.238 وأيضاً مؤسسة أبجد التي تشرف على أربع مدارس ويصل عدد طلابها إلى 2.749 طالب (9) .
ويشير هذا الجدول إلى المساعدات الإنمائية في قطاع الصحة
قطاع الصحة | المدينة | التفاصيل |
مستشفى ميداني | مقديشو – حي عبد العزيز | يستقبل يومياً أكثر من 200 مصاب يتلقون العلاج اللازم مجاناً |
عيادة صحية | أفجوي | تشارف الانتهاء |
عيادة صحية | أفجوي | تشارف الانتهاء |
عيادة صحية | مركا | تشارف الانتهاء |
عيادة صحية | بيدوة | تشارف الانتهاء |
الخاتمة:
يعد الصومال جزء أساسي من منظومة الدول العربية ولاعب أساسي في استقرار منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجزء فعال في العمل العربي المشترك , وبالتالي يتطلب من الدول العربية وتحديداً جامعة الدول العربية التي أهملت الحلف الصومالي لسنوات عديدة لصالح الاتحاد الإفريقي بإيجاد حل حقيقي للمشكلة الصومالية.
حيث تعد الصومال حليفاً استراتيجياً يمكن الاعتماد عليه في الحرب والسلم ويشكل الحصن الأمين للدول العربية ولاسيما الدول الخليجية , والمدافع عن مصالحها في شرق أفريقيا وحاجزا قويا أمام تغلغل الإمبريالية العالمية والقوى الإقليمية المعادية لهذه الدول وعلى رأسها إيران وإسرائيل واللذان يحاولان التواجد بشكل مؤثر في القرن الإفريقي وبالتالي ينبغي أن تتغير رؤية الدول العربية تجاه الصومال وأن يكون لها دور في إعادة بناء المؤسسات الوطنية والعمل على جلب الاستثمارات العربية والتعاون المشترك.
الهوامش
- صومالى تايمز “الإمارات العربية المتحدة ودورها المتنامي في دعم الصومال “
- الكسندر ميلو ومايكل نايتس ” الإمارات العربية المتحدة تضع أنظارها على غرب السويس “
http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/west-of-suez-for-the-united-arab-emirates
- عبد القادر محمد على ” حركة الشباب الصومالية ومخاطرها على الأمن الخليجي “
- مؤسسة الصومال الجديد للإعلام والبحوث والتنمية ” المساعدات الإماراتية للصومال “
- مركز مقديشو للبحوث والدراسات ، ” العلاقات الاقتصادية الصومالية الإماراتية “
- صحيفة البيان ” موانئ دبي العالمية تفوز بامتياز إدارة وتطوير ميناء بربرة “
http://www.albayan.ae/economy/local-market/2016-09-06-1.2710130%3Fot%3Dot.AMPPageLayout
- هالة الخياط ،” 173 مليار درهم مساعدات الإمارات الإنسانية حتى 2015
http://www.alittihad.ae/mobile/details.php?id=60835&y=2016-11 -30
- مركز مقديشو للبحوث والدراسات ، ” الدور الإماراتي المتصاعد في الصومال “
- صومالى تايمز ، ” مرجع سبق ذكره” 87