الدراسات البحثيةالمتخصصة

الدولة وتجلياتها :الأشكال التي ظهرت بها والأبعاد التي ذهبت إليها

اعداد : د. شاهر إسماعيل الشاهر  

أستاذ القانون والعلاقات الدولية – في جامعتي دمشق والفرات –  مدير المركز الوطني للبحوث والدراسات بدمشق

  • المركز الديمقراطي العربي

 

كانت الدولة محور تفكير فلاسفة العلوم السياسية، الذين حاولوا في تفسير نشأتها وتوصيفها كفاعل، حيث صورها أفلاطون وأرسطو على أنها المدينة العادلة.[1] كما صورها هوبز على أنها هي الليفياثان العظيم الذي سينهي حالة حرب الكل ضد الكل. بينما عرفها آنجلز بأنها “القوة المفروضة على المجتمع، هذه القوة تنتج من المجتمع، ولكنها تبعد نفسها عنه، تضع نفسها فوق المجتمع.[2]

ويمكن تقسيم الدول من حيث إمكانيتها من القوة، إلى فئات متميزة وهي:[3]

أولاً: الدول القوية والقانعة:

وهي الدول التي تعتقد بوصولها إلى الحد الأنسب بالمقاييس التي تضعها لنفسها بين حجم إمكانيتها من القوة من جانب، وبين مستوى النفوذ والتأثير الذي وصلت إليه في المجتمع الدولي من جانب آخر، أي أنها لا ترى وجود فجوة تفصل بين إمكانيات القوة المتاحة لديها، وبين الأهداف التي تتوخاها من الأمر الدولي القائمة، وهذا التناسب بين حجمي الإمكانات والمقدرة الفعلية في التأثير الدولي هو الذي يخلق الشعور بالقناعة والحرص على استمرار الأوضاع القائمة دون تغيير، ومن أمثلتها فرنسا واليابان في الوقت الحاضر.

ثانياً: الدول القوية وغير القانعة:

وهي عكس الفئة الأولى، تشعر بفقدان التناسب بين إمكاناتها الذاتية من القوة القومية، وبين حجم التأثير السياسي الفعلي الذي تمارسه في علاقاتها مع غيرها من الدول، وهنا توجد الفجوة التي تمثل الدافع إلى تغيير الواقع الدولي في الاتجاه الذي يحقق هذا التناسب على الصورة التي تتخيلها الدولة المعنية، ومن أمثلها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وألمانيا الغربية. وفي إطار مجموعة المقاييس النسبية التي تستخدمها في عمليات التقويم والمقارنة، يعود هذا التفاوت في طبيعة المعايير المستخدمة في عمليات القياس والمقارنة، وهو يرتبط بعدة أمور منها:

1- إدراك الدولة أن هناك دولاً أقل من حيث حجم إمكانات القوة، ومع ذلك فإن حجم مصالحها وتأثيرها السياسي أكبر مما تسمح به هذه الإمكانات.

2- تطور إمكانات القوة لدى الدولة من حجم محدود نسبياً إلى حجم أكبر، ولم يصاحب ذلك تغيير في حجم تأثيرها السياسي الدولي.

3- حدوث تطور في أهداف هذه الدولة القوية وشعورها بأن لديها من إمكانات القوة ما يساعدها على تنفيذ هذا التغيير في وجه أي شكل من أشكال المقاومة الدولية.

4- الرغبة في إحداث التغيير استجابة لبعض النزعات القومية الضاغطة في اتجاه يتصادم مع مضمون الأمر القائم.

ثالثاً: الدول الضعيفة والقانعة:

تشمل الدول ذات الإمكانات المحدودة من حيث القوة، ولكنها برغم ذلك تشعر بأن الحجم الحالي لتأثيرها السياسي الخارجي يتناسب مع هذه الإمكانات، ولا يمكن زيادته أبعد من حجمه الحالي دون أن تعرض هذه الدول نفسها لمخاطر تعود عليها بالضرر أكثر مما تعود عليها بالنفع.

رابعاً: الدولة الضعيفة وغير القانعة:

وهي الدول التي رغم ضعف إمكاناتها من عناصر القوة وإدراكها لهذا الضعف مقارنة بالإمكانات المتفوقة للدول الأخرى، فإنها في حالة عدم القناعة أو الرضا عن استمرار الأوضاع الدولية القائمة، ويرجع ذلك إلى شعورها بالظلم أو الغبن الشديد الذي يقع عليها نتيجة استغلال الدول الأقوى منها لها، لذلك فهي تكون في جانب التغيير على الرغم من أنها تفتقر إلى كل مقدرة على إجراء هذا التغيير.

المبحث الأول: الدولة التابعة Dependent State

أولاً: مفهوم التبعية

يعتبر هذا المصطلح من أهم المصطلحات المستخدمة في العلوم السياسية و خاصة في العلاقات الدولية, فهي الكلمة المفتاحية التي تساعدنا على فهم وتحليل العلاقات بين الدول سواء كان ذلك في المجال السياسي, الاقتصادي أو الثقافي.فهي العلاقة بين اقتصادين يتوسع أحدهما على حساب الآخر ويكون تطور الثاني تابعاً لتطور الأول.

التبعية هي علاقة استغلال وعلاقة غير متكافئة بين دولتين أو أكثر, وهي عبارة عن نظام سياسي واقتصادي تخضع بموجبه إحدى الدول لدولة أخرى, وهذا ما يحرم الدولة التابعة من ممارسة كافة مظاهر سيادتها في داخل إقليمها وفي المجتمع الدولي.

أما بالنسبة لباقي مفكري هذا التيار يرون أن التخلف الاقتصادي للعالم الثالث ليس إلا نتيجة للتطور والقوانين والوظائف التي تقوم بها الرأسمالية العالمية وأهمها استغلال العالم الثالث في إطار علاقة مركز مهيمن ومحيط خاضع.

ثانياً: أشكال التبعية

للتبعية عدة أشكال وأهمها التبعية الاقتصادية والتبعية السياسية:

التبعية الاقتصادية: وتتمثل في تبعية الاستثمارات للخارج والتبعية النقدية والمصرفية، وتتخذ التبعية النقدية عدة صور منها: أن تستخدم الدولة في التداول الداخلي عملة أجنبية (تبعية الدول لمنطقة اليورو الإسترليني أو منطقة الفرنك) وحينئذ تدور العملة الوطنية في فلك عملة
الدولة الحاكمة ويترتب على هذا الارتباط القيمة الخارجية للعملة الوطنية بالقيمة الخارجية للعملة الأجنبية وانعكاس التطورات النقدية والاقتصادية للبلد المسيطر على أحوال الاقتصادية في البلد التابع.

أما التبعية المصرفية فتتمثل في خضوع البنوك للرأسمال والإدارة الأجنبية أو تكون عبارة عن وكالات وفروع لبنوك أجنبية.

التبعية السياسية:

فقد تكون في حالة فرض حماية من دولة استعمارية على دولة أخرى أو خضوع دولة ما لانتداب أو وصاية.

والتبعية السياسية نتيجة منطقية للتبعية الاقتصادية والتخلص من التبعية الأولى هو الشرط الأساسي للتخلص من التبعية الأخرى, والتخلص منهما شرط الانطلاق في مضمار التنمية.

ويدل أيضاً هذا التعبير على مجمل العلاقات غير المتساوية مع ميل تراكمي إلى تفاقم في الأنظمة الاقتصادية والسياسية والثقافية, ويستعمل غالباً لوصف الوضع في البلدان المتخلفة المواجهة للدول المتقدمة. أو أيضاً كما يرى مفكرو أمريكا لاتينية بلدان المحيط بمواجهة دول المركز .

ثالثاً: نظرية التبعية

هي نظرية من مجال العلوم الاجتماعية، مفادها أن الفقر وعدم الاستقرار السياسي والتخلف في دول الجنوب يعود سببها إلى المسار التاريخي الذي رسمته لها دول الشمال. غير أن استحالة النمو بالنسبة لدول الجنوب قد دحضه الإقلاع الاقتصادي الذي حققته النمور الآسيوية في الستينيات من القرن العشرين والصين والهند في الثمانينيات من ذلك القرن. وهو ما كان سقوط هذه النظرية.

رابعاً: ظهور مدرسة التبعية

مدرسة التبعية هي عبارة عن استكمال للفكر الماركسي, حاولت هذه المدرسة تفسير العلاقات والتفاعلات الدولية التي تتعلق خاصة بالتخلف, والتقدم في العالم وفقاً لتقسيم دولي أكد أن الصراع الموجود داخل النسق الدولي هو صراع بين الشمال والجنوب, أي بين الدول الصناعية المتقدمة وبين الجنوب أي الدول المتخلفة وليس الصراع بين الشرق والغرب.

كانت بداية هذه المدرسة في أمريكا اللاتينية حيث ارتبطت بأعمال اللجنة الاقتصادية، وكان مقرها مدينة سانتياغو, وترأس هذه اللجنة” راؤول بريبيتش، وبعد عدة دراسات توصلت هذه اللجنة إلى نتيجة مفادها أن أسباب التخلف دول أمريكا اللاتينية هو اعتمادها على سياسة تصدير المواد الأولية مقابل استيراد المواد المصنعة, فهذا النمط أثر سلباً على دول أمريكا اللاتينية وجعلها تابعة للدول الصناعية واقترح ” بريبيش ” اعتماد إستراتيجية استبدال أو تغيير الصادرات أي سياسة حمائية .

والتبعية لا تعني النظام التابع وحسب، بل والبلد التابع عموماً, ومن مظاهرها:[4]

  • دمج الاقتصاد المحلي بالسوق العالمية.
  • تدهور حالة التكامل بين القطاعات المحلية نفسها, وتمحور كل منها على قطاعات خارجية رأسمالية.
  • الاعتماد الكبير على السوق الرأسمالية العالمية بالاحتياجات الأساسية.
  • التبعية التكنولوجية الناجمة عن التخلف وسياسة الإحلال غير المدروسة.
  • ضعف معدلات التراكم.
  • تبديد الفائض عن طريق أنماط الاستهلاك في قطاعات تتميز بقيمة مضافة متدنية أصلاً.
  • تدمير الزراعة بالتوسع العمراني والمضاربة على الأرض.
  • ارتفاع نسبة الإعالة وتكلفة خلق فرص عمل جديدة وتدني إنتاجية العمل.
  • التضخم والسياسات المالية والنقدية المرافقة ولعبة البورصة.
  • سياسات الدين, وهي غالباً ما تذهب لتمويل عمليات جارية تساهم في تحميل الاقتصاد أعباء لشراء سلع من السوق الرأسمالية العالمية.
  • الفساد والبيروقراطية والترهل الإداري… الخ.

خامساً: الخطوط العريضة لنظرية التبعية

لقد استطاعت نظرية التبعية أن يكون لها تأثير كبير في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، وكانت تقوم على أن الدول الأغنى في حاجة للدول الأفقر حتى تستمر هي في النمو. ظهرت هذه النظرية في الخمسينيات، وهي مناقضة لنظرية التحديث أو التصنيع التي تدعي بأن البلدان هي في طور أدنى من النمو أو أن هذه البلدان لم تندمج في الاقتصاد الشامل.

أما بالنسبة لنظرية التبعية فإن هذه البلدان مندمجة غير أنها هيكلياً في حالة تبعية مستمرة حيث أنها ممنوعة مثلاً من الإنتاج الوطني للسلع بما يجعلها مجبرة على شرائها من الشركات الاستعمارية.

بالنسبة لأندري غوندر فرانك فإن تبعية دول الجنوب تفسر تاريخياً بالاستعمار وبالتبادل التجاري غير المتكافئ.[5]

أما بالنسبة للاقتصادي الأرجنتيني راوول بربيشفإن ثراء البلدان الغنية متناسب عكسياً مع ثراء الدول الفقيرة.

وبالنسبة لأصحاب هذه النظرية فإنه يستحيل على بلدان الجنوب أن تنمو بدون أن تتحرر من علاقات التبعية التي تربطها بدول الشمال، إذ أن نمو دول الشمال يرتكز على تخلف دول الجنوب.

رغم وجود اختلافات عديدة بين أصحاب نظرية التبعية، فإنهم يتفقون جميعاً على ما يلي:

  • أن البلدان الفقيرة مجبرة على تزويد البلدان الغنية بالمواد الأولية وباليد العاملة الرخيصة. وأن ذلك ناتج عن التاريخ الاستعماري.
  • أن البلدان الغنية وضعت مجموعات من الإكراهات القانونية والمالية والفنية وغيرها بما يجعل البلدان الفقيرة في تبعية. وإن هذه الإكراهات ناتجة عن ضعف نقل التكنولوجيا بين البلدان الغنية المصدرة للتكنولوجيا وبلدان الجنوب التي تعوزها تلك التكنولوجيا.

ومن أجل خلق التنمية في دول الجنوب اقترح أصحاب نظرية التبعية:

1) إعادة تقسيم العمل الدولي: أي إيجاد نظام اقتصادي عالمي جديد أكثر عدلاً بين دول شمال العالم وجنوبه بما يؤسس إلى تخلص حقيقي من التبعية. فعندما تمتلك دول جنوب العالم القدرة على السيطرة على مواردها تصبح دول الشمال لديها تقدير لقيمة هذه الموارد وبالتالي يؤدي إلى تفكيك علاقات الهيمنة التقليدية, وبناء علاقات أكثر اتزاناً وأكثر عدلاً.

2) بناء تنمية مستقلة: تبنى على جهود المجتمعات نفسها أي تنمية نابعة من الداخل، وليست ريعية من الخارج ويجب أن تكون مستقلة ويجب أن تتخلص من التبعية والهيمنة.

3) بناء علاقات اعتماد متبادلة: أي أن يكون بين دول الشمال ودول الجنوب علاقة اعتماد متبادلة فيها ثقة واعتمادية متبادلة بين الطرفين، وهذا يخلق الاحترام والثقة المتبادلة والازدهار المشترك.

سادساً: موقع الدولة في نظرية التبعية

الدولة التابعة هو مصطلح سياسي يشير إلى الدولة التي تعتبر مستقلة رسميًا، ولكنها تقع تحت تأثير سياسي واقتصادي وعسكري هائل أو تحت سيطرة دولة أخرى، وقد تمت صياغة هذا المصطلح قياسًا على الأجرام التي تدور حول أجرام أكبر، مثل الأقمار الصغيرة التي تدور حول الكواكب الكبيرة، ويستخدم المصطلح غالبًا للإشارة إلى بلدان وسط وشرق أوربا التي كانت منضمة لحلف وارسو خلال الحرب الباردة أو إلى منغوليا بين 1924-1990، على سبيل المثال. والمعنى المقصود بالنسبة لبلدان وسط وشرق أوروبا هو أن تلك البلدان هي” أقمار صناعية” تدور في فلك الاتحاد السوفيتي.

وفي بعض السياقات يشير المصطلح أيضًا إلى بلدان أخرى في مجال النفوذ السوفيتي خلال الحرب الباردة، كما هو الحال بالنسبة لكوريا الشمالية (خصوصًا في سنوات الحرب الكورية) وكوبا (خصوصًا بعد انضمامها إلى الكوميكون). وفي الاستخدام الغربي للمصطلح، نادرًا ما كان المصطلح ينطبق على دول أخرى غير تلك الموجودة في المدار السوفيتي. أما في الاستخدام السوفيتي، فينطبق هذا المصطلح على الدول التي تدور في فلك ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية.

وهكذا نستنتج أن التبعية هي علاقة غير متكافئة بين بلدين بمعنى علاقة استغلالية بين البلدين, أو بمعنى آخر هي علاقة طبقية غير متساوية بين دول المركز و دول المحيط أو دول الشمال مع دول الجنوب .

ويركز نقاد نظرية التبعية على أنها لا تعتبر دور النخب والاقتصاديات المحلية في التخلف المزمن لهذه البلدان. ويشيرون مثلاً إلى دور الفساد وغياب ثقافة المنافسة. ويشير نقاد آخرون إلى أن هذه النظرية عامة وأنها غير قادرة على تحليل الفوارق في التنمية بين بلدان الجنوب.

Failed Stateالمبحث الثاني: الدولة الفاشلة

عادة ما يستخدم مصطلح الدولة الفاشلة من قبل المعلقين السياسيين والصحافيين لوصف الدولة التي فشلت حكومتها في القيام بمسئولياتها. ولجعل التعريف أكثر دقة، فقد قام صندوق دعم السلام بوضع بعض الخصائص لوصف الدولة الفاشلة:

  • فقدان السيطرة الفعلية على أراضيها.
  • ضعف السلطة الشرعية في البلاد.
  • عدم القدرة على تقديم قدر معقول من الخدمات العامة.
  • عدم القدرة على التفاعل مع الدول الأخرى عضو فعال في المجتمع الدولي.

خلص التقرير السنوي الأول الذي ساهم في إعداده كل من “صندوق دعم السلام the Fundfor Peace” وهو مؤسسة بحثية مستقلة، ومجلة فورين بوليسي FOREIGN POLICY الأمريكية حول الدول الفاشلة أو الضعيفة أن هناك نحو بليونين من سكان العالم يعيشون في دول غير مستقرة تحمل مخاطر الانهيار أو قريبة من حافته. وقد أحصى هذا التقرير الذي نشرته مجلة “فورين بوليسي” في عددها الصادر في أغسطس 2005) 60 دولة من دول العالم – تم تصنيفها تراتبياً- تحمل علامات عدم الاستقرار وتعد الأقرب لأن تكون دولاً فاشلة، اعتماداً على قياس 12 مؤشراً اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً تم جمع البيانات المتعلقة بها من عشرات الآلاف من مصادر الإعلام الدولية والمحلية المقروءة والمسموعة والمرئية في الفترة من مايو إلى ديسمبر 2004.[6]

أولاً: مفهوم الدولة الفاشلة

مصطلح الدولة الفاشلة دخل حديثاً حيز الاستعمال بعد نهاية الحرب الباردة، وتخلي الدول العظمى عن بعض حلفائها الذين فقدوا أي أهمية، ولم تعد صيانة وجودها مهما ما أدى إلى انهيار بنية الدولة ومؤسساتها وانتشار الفوضى وغياب القوة المركزية. وقد اعتبر بعض الخبراء أن الدولة الفاشلة هي تلك التي لا تمارس سيادة كاملة على الأرض والشعب ويظهر هذا الفشل في غياب فاعلية الدولة وقدراتها على بسط السيطرة على الأرض وفقدان التفرد في حق استخدام القوة.

لقد جذب مفهوم الدولة الفاشلة انتباه الأكاديميين وعلماء السياسة وصانعي السياسية. وقد جاء الترويج السياسي للمفهوم في أوائل التسعينيات في خطاب مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة في سياق حشد الجهود الدولية لمساعدة وإنقاذ الصومال، والتي ستتناولها الدراسة كتطبيق عملي.

تصبح الدولة فاشلة إذا ظهر عليها عددٌ من الأعراض أولها أن تفقد السلطة القائمة قدرتها على السيطرة الفعلية على أراضيها أو أن تفقد احتكارها لحق استخدام العنف المشروع في الأراضي التي تحكمها. وثانيها هو فقدانها لشرعية اتخاذ القرارات العامة وتنفيذها. وثالثها عجزها عن توفير الحد المعقول من الخدمات العامة. ورابعها عجزها عن التفاعل مع الدول الأخرى كعضو فاعل في الأسرة الدولية.

ويعد فشل الدولة أو انهيار الدولة السبب الرئيس لمعاناة الإنسان، كما أنه يشكل عقبة أمام التنمية. ومن منظور العلوم السياسية، فإن هذه التطورات تشير إلى أن تحولات الدولة، والأنماط المتغيرة للحرب، والعلاقة بين المستويات المحلية والإقليمية والعالمية تحمل وزن أكبر بكثير مما جاءت به النظريات الأخرى التي قبلها الواقعيين الجدد.

ومن وجهة النظر التاريخية، هناك مجموعة من التطورات المشتركة في صنع الدولة وصنع الحرب منذ فترة طويلة، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بفشل النظام السياسي. فعلى سبيل المثال، حروب الوحدة الايطالية والألمانية في القرن التاسع عشر، وكذلك الحروب اليوغوسلافية وأيضاً السوفيتية في أواخر القرن العشرين. وبتحليل التحولات المؤسسية والاقتصادية والتكنولوجية في أوروبا من العصور الوسطى وحتى نهاية الحرب الباردة، كان تشارلز تيلي على حق في استنتاجه أن: ” الحرب تنشئ الدولة، والدولة تنشئ الحرب” – 1985. ونتيجة لسلسلة التغيرات التاريخية من القرن السابع عشر – معاهدة سلام وستفاليا عام 1648 والتي تعتبر هي لحظة ولادة الدولة الحديثة في أوروبا – أصبحت الدولة ذات السيادة هي المعيار الأساسي للنظام المؤسسي في النظام الدولي.

وبعد انتهاء الاستعمار، ظهر ما يسمى “بأشباه الدول” “Quasi-States” ، التي تتمتع باعتراف دولي ودعم مالي في كثير من الأحيان، ولكنها تفتقر إلى القدرات المحلية والشرعية. واليوم، بعد الانحراف عن القواعد المثالية لويستفاليا ، وبعد ظهور “أشباه الدول”، انتقلنا إلى شكل “الدول بحكم الواقع” ” de facto States” ، والتي تفتقر إلى الاعتراف الدولي، مثل جمهورية أرض الصومال، إلى مناطق مزقتها الحرب مؤخراً، وانهارت.

ثانياً: تعريف الدول الفاشلة

هناك العديد من المسميات والمصطلحات المشابهة لمصطلح الدولة الفاشلة كمصطلح “أشباه الدول – الدول المنهارة – الدول الهشة – الدول الضعيفة”. ويتضح من السياق الزمني لظهور المفهوم ارتباطه بالتغير الحادث في هيكل النظام الدولي .

وقد أرجعت بعض الدراسات فشل الدولة إلى دور القيادة (الحاكم)، تلك القيادة التي تبنى النظرة المصلحية الضيقة لقلة أو النخبة الحاكمة التي تهيمن على مقاليد الأمور، حيث تثار هنا معادلة: قائد فاشل + نظام فاشل = دولة فاشلة.

لا يوجد تعريف جامع شامل مانع لما يعنيه مصطلح الدول الفاشلة، إلا أنه بشكل عام يشير إلى حالة من الإخفاق الوظيفي تعاني منه الدولة تؤدي إلى تأكل قدرتها وقدرة نظامها القائم على الحكم بفاعلية وكفاءة، وهو ما ينتج عنه في أكثر حالاته سقوط وانهيار الدولة. فعلى المستوى الداخلي، وعلى المستوى الدولي، يتمثل الفشل في تراجع قدرتها على التفاعل مع الوحدات السياسية كعنصر دولي كامل الأهلية.

ونسوق هنا مجموعة من التعريفات لفشل الدولة، وهي:

– تعريف The Political Instability Task Force (PITF) : هناك العديد من الدلالات أو المؤشرات على فشل الدولة، نذكر منها: عدم الاستقرار السياسي، الصراع العنيف واسع النطاق (حرب أهلية)، والإبادة الجماعية، و (أو) تغيير النظام، التحولات المفاجئة في أنماط الحكم، وفترات من عدم الاستقرار الشديد، والتحولات نحو الحكم الاستبدادي. وأشار إلى مجموعة من الدول الفاشلة والتي لا تزال حتى الآن، مثل أفغانستان والصومال.[7]

– تعريف Robert Bates : على النقيض من تعريف PITF، الذي يعد تعريف ضيق، يركز حصراً على آلية واحدة من فشل الدولة العنيف: تشكيل الميليشيات. يقول روبرت بيتس أنه نظراً للارتباط القوي بين الحرب الأهلية وفشل الدولة، فإذا نظرنا في أسباب الحرب الأهلية من المرجح أن نجد أدلة حول أسباب فشل الدولة كذلك، كما في كولومبيا. إلا أنه يغالي في الدور الذي تلعبه الميليشيات باعتبارها تشكل الفئة الحاسمة في العلاقة بين فشل الدولة والعنف المنظم.

– تعريف جنيفر ميليكينوكراوس 2002: يشير التعريف إلى أن فشل الدولة يعني افتقادها للقدرة على السيطرة الفعلية حيث تكون مؤسسات الدولة غير قادرة على توفير الأمن، والتمثيل الشرعي، افتقاد بيئة تفضي إلى النشاط الاقتصادي المربح، و (أو) تقديم خدمات الرعاية الأساسية. انهيار الدولة، في المقابل، يعني أن مؤسسات الدولة لم تفشل فحسب، بل أيضاً قد انحلت. كما حدث في ليبيريا وسيراليون خلال الحروب الأهلية عام 1990، وفي أفغانستان بعد التدخل السوفيتي عام 1979 وبعد الإطاحة بحكومة طالبان عام 2001 ، وفي الصومال بعد سقوط نظام بري عام 1991.

ثالثاً: المفاهيم المتشابهة المعبرة عن ظاهرة الدولة الفاشلة

  • الدول المنهارة: تشير إلى انهيار هيكل وسلطة الدولة.
  • الدول الهشة: يتلازم هنا عدم القدرة على أداء وظائفها بتدهور أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية.
  • الدول الضعيفة: يرجع سبب ضعفها لأسباب هيكلية بنيوية وتعتبر موطنا للتوترات الإثنية والدينية واللغوية والعرقية، التي عادة ما تكون كامنة وتنفجر في هيئة أعمال عنف.
  • أشباه الدول: حيث تراجع فاعلية دور الدولة على المستوى الخارجي.
  • الدول الرخوة: استخدم هذا المفهوم الاقتصادي وعالم الاجتماع G. Myrdal، ويرى أن دول العالم الثالث تنتمي لهذا المفهوم، حيث تصدر القانون ولا تطبقهن إما لوجود ثغرات به، ولانتفاء ثقافة حكم القانون ولتفشي الفساد، ولافتقادها نظام اجتماعي متماسك.
  • الدول المائلة إلى الفشل: وهي الدول غير القادرة أو غير الراغبة في ضمان توفير الأمن والخدمات الأساسية لمواطنيها.وهذا المفهوم قد تناول الحكم على نوايا الدول في الإشارة إليها بوصفها “غير الراغبة”، فهو لا يلتزم بالحياد.
  • الدول المعرضة للخطر/ الدول في أزمة: تلك الدول التي تعاني من أزمة أو على وشك اندلاع صراع بسبب غياب الشرعية وفاعلية دور الدولة على مناطق ما على إقليمها.

وهناك اختلاف بين هذه المصطلحات، إلا أن أغلب الدراسات تستخدم أكثر من مصطلح في نفس الدراسة وكأنها مترادفات متطابقة، وهو ما يعكس التداخل والتشابه الشديد فيما بينها، ويؤكد على أهمية ضبطها وتناولها في سياقها الذي ظهرت فيه ووفقا لمجالات اهتمام كل مفهوم.

رابعاً: قياس فشل الدولة

يتم قياس فشل الدولة وفقاً لحزمة رئيسة من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتي تنقسم بدورها إلى أكثر من 100 مؤشر فرعي دال عليها، ويتم وفقًا لها تحليل الأحداث التي تشهدها الدول لفترة عام كامل، وتغطي نتائج المقياس المنشورة لعام 2013 الأحداث التي شهدتها الدول محل القياس خلال الفترة من 31 ديسمبر 2012 إلى 31 ديسمبر 2013، وثمة فرق بين ترتيب الدولة على نتائج المقياس وحاصل مجموع المؤشرات، فكلما زاد الرقم الذي حصلت عليه الدولة فإن ذلك يعني درجة أعلى من عدم الاستقرار، الأمر الذي يدفع بها إلى مقدمة قائمة الدول الفاشلة، فقد تشترك أكثر من دولة في نفس المجموع ولكن في كل حالة تختلف الأوزان النسبية للمؤشرات بما يرسم ملامح إخفاق متفردة في كل حالة من حالات الفشل.

وتعتمد عملية القياس بشكل أساسي على تجميع ملايين الأخبار والتقارير المنشورة يوميًّا في أنحاء العالم حول الدول محل القياس (178 دولة) باعتبارها قاعدة البيانات الأصلية، والتي يقوم بقياسها وتصنيفها وفقًا لمجموعات المؤشرات ليحصل على مجموع رقمي لكل دولة يعتبر هو أساس ترتيبها في نتائج المقياس، وبهذا الشكل يقوم المقياس بتحويل كم هائل من الأخبار والتقارير حول الأحداث التي تشهدها الدول محل القياس إلى معلومات دقيقة بغية رسم نمط واضح لكل دولة يبرز نقاط الضعف، ويشير بوضوح إلى أكثر القضايا إلحاحًا والقابلة للانفجار.[8]

مؤشرات قياس فشل الدولة الإثنا عشر

يستخدم صندوق السلام 12 مؤشراً لقياس الفشل، يقسمها إلى مجموعة مؤشرات اجتماعية واقتصادية وسياسية وعسكرية.وتتمثل المؤشرات الرئيسية للحكم على فشل الدولة فيما يلي:

المؤشرات الاجتماعية لفشل الدولة:

  1. تصاعد الضغوط الديموغرافية (زيادة السكان، وسوء توزيعهم، والتوزيع العمري، والنزاعات المجتمعية الداخلية… إلخ).
  2. الحركة السلبية والعشوائية للاجئين أو الحركة غير النظامية للأفراد تخلق معها حالة طوارئ معقدة (ينتج الأمراض، ونقص الغذاء والمياه الصالحة، والتنافس على الأرض ومشكلات أمنية للدولة…).
  3. الميراث العدائي الشديد يجعل الجماعات المظلومة تنتظر الثأر (عدم العدالة، والاستثناء السياسي والمؤسسي، وسيطرة أقلية على الأغلبية…).
  4. الفرار الدائم والعشوائي للناس (هجرة العقول، وهجرة الطبقات المنتجة من الدولة، والاغتراب داخل المجتمع).

المؤشرات الاقتصادية لفشل الدولة:

1- غياب التنمية الاقتصادية لدى الجماعات المتباينة (عدم المساواة في التعليم والوظائف والدخل، ومستويات الفقر، وتزايد النزعات الإثنية لهذه الأسباب…).

2- الانحطاط الاقتصادي الحاد (الدخل القومي، وسعر الصرف، والميزان التجاري، ومعدلات الاستثمار، وتقييم العملة الوطنية، ومعدل النمو، والتوزيع، والشفافية والفساد، والتزامات الدولة المالية…).

المؤشرات السياسية لفشل الدولة:

1-فقدان شرعية الدولة “إجرام الدولة” (فساد النخبة الحاكمة، وغياب الشفافية والمحاسبة السياسية، وضعف الثقة في المؤسسات وفي العملية السياسية ما يكثر مقاطعة الانتخابات وانتشار التظاهرات والعصيان المدني… وذيوع جرائم ترتبط بالنخب الحاكمة…).

2- التدهور الحاد في تقديم الخدمات العامة (ألا تؤدي الدولة وظائفها الجوهرية مثل حماية الناس، والصحة والتعليم والتوظيف، تمركز الموارد بالدولة في مؤسسات الرئاسة وقوات الأمن والبنك المركزي والعمل الدبلوماسي…).

2- الحرمان من التطبيق العادل لحكم القانون وانتشار انتهاكات حقوق الإنسان (الحكم العسكري، وقوانين الطوارئ، والاعتقال السياسي، والعنف المدني، وغياب القانون، وتقييد الصحافة، وخوف الناس من السياسة…).

3- تشتت الأمن قد يخلق دولة داخل الدولة (ظهور نخبة عسكرية داخل الجيش، وهيمنة النخبة العسكرية، وظهور النزاعات المسلحة، وظهور قوة أمنية وتوازي الأمن النظامي للدولة…).

4- تنامي الانشقاقات داخل النخب بالدولة (الانقسام بين النخب الحاكمة ومؤسسات الدولة، واستخدام النخبة الحاكمة لنغمة سياسية قومية تذكر بتجارب وحدوية قومية مثل صربيا الكبرى أو التطهير الإثني…).

5- تدخل دول أخرى أو فاعلين سياسيين خارجيين (التدخل العسكري أو شبه العسكري داخلياً في الدولة أو جيشها أو جماعات فرعية بها، وتدخل قوات حفظ السلام والقوات الدولية…).وقد قامت الدراسة بوضع دليل تراتبي يشمل 60 دولة بعد جمع البيانات وتحليلها، حيث يأخذ كل مؤشر 10 نقاط ليكون مجموع النقاط التي تحتسب للدولة 120 نقطة، ويكون أعلى الدول حصولا على النقاط هي الأكثر تعرضاً لخطر الفشل وهكذا تنازلياً حسب ترتيب الدول داخل الدليل.

الفشل المؤسسي والوظيفي للدولة:

يشير البعد المؤسسي لشرعية الدولة وقدرتها المؤسسية على ممارسة سلطتها على شعبها وإقليمها. ويشير البعد الوظيفي لمدى قدرة الجهات الحكومية واستعدادها على توفير السلع والخدمات العامة مثل سيادة القانون، والحماية من العنف، والبنية التحتية، والتعليم العام والرعاية الصحية.

إن أعلى نسبة من حالات الفشل الحكومي الهائل في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وقد مكن الضعف المؤسسي لأشباه الدول من استمرار المؤسسات غير الحكومية. على الرغم من أن هذه المؤسسات غير الحكومية قد قدمت أحياناً فرصاً للسكان المحليين لمقاومة القمع الذي تمارسه الدولة، وعرضت وسائل لإدارة فشل الدولة الوظيفي.

البناء الاجتماعي: من المرجح أن تصبح مشكلة في ظل ظروف القصور الوظيفي للدولة كعلامة لترسيم مجموعات داخل المجتمع. فإذا كانت الظروف المعيشية بائسة والامتيازات الاجتماعية والاقتصادية ضيقة ومخصصة فقط للطبقة الحاكمة (النخبة) أو مؤيديهم أو رجال الأعمال أو مجموعة معينة، يساهم ذلك في شحذ المنافسة بين الجماعات داخل الدولة.

العوامل الثقافية والتاريخية: مثل اللغة أو الدين، والهويات العرقية المختلفة التي يمكن أن تستغل للتعبئة، والتلاعب السياسي، والاستقطاب، بما يؤدي إلى فشل الدولة أو انهيارها. فتأتي أهمية الهوية جنباً إلى جنب مع الآثار التراكمية من الفقر، وزيادة عدد السكان، والهروب من الريف، والتوسع الحضري السريع، وعدم عدالة التوزيع التي تفضي لا محالة إلى معدلات عالة من العنف وعدم الاستقرار السياسي، بل وتآكل النظام السياسي. وتعد الممارسات الاستعمارية السبب الرئيس وراء الصراعات والانقسامات العرقية، وهي التي مهددت للتمييز ضد فئات معينة، كما رأينا في رواندا أو الكونغو- كينشاسا. كذلك فشل الدول في دمج الجماعات المختلفة ومنح امتيازات للنخبة، وعدم المساواة الاقتصادية والتي طال أمدها الصراعات الاجتماعية، يؤدي إلى فشل الدولة، كما هو الحال في يوغوسلافيا السابقة.

لعنة الموارد: يرتبط فشل الدولة وصنع الحرب بشكل وثيق بوفرة الموارد، التي يمكن أن تستخدم لتمويل المتمردين. فالموارد مثل الماس والنفط، لها دور في شن الحروب والتي تختلف طبقاً لدرجة تنظيم الجماعات المسلحة. الديناميات الأمنية يمكن أن تتحول إلى عواقب وخيمة، فالتدخلات الخارجية التي تدعم الجماعات المسلحة الداخلية والتي تتنافس فيما بينها على الموارد يمكن أن تؤدي إلى شدة الصراعات على الأرض.

التدخلات الخارجية في بناء الدولة:

جاءت معظم التدخلات تحت دعاوي التدخل الإنساني لحل الأزمات الإنسانية، على سبيل المثال: في الصومال والبوسنة والهرسك وكوسوفو وتيمور ورواندا وليبيريا وسيراليون وبوروندي والكونغو – كينشاسا. والاستثناءات هي العراق وأفغانستان، حيث السلام وإعادة بناء الدولة – أصبحت جزءاً لا يتجزأ من التدخلات العسكرية للحرب على الإرهاب.

من وجهة نظر صناع السياسة الدولية والسلام – من المتوقع أن إنتاج مؤسسات مستقرة للدولة متلازمة مع قدراتها لضمان توفير الأمن، وسيادة القانون، والخدمات الأساسية، (الإغاثة في حالات الطوارئ، ودعم الفقراء والرعاية الصحية الأساسية). وبعبارة أخرى، بناء الدولة يتوقع أن يكون الشرط الضروري للسلام والاستقرار.

يقترح آخرون أن الانفتاح على الأفكار المحلية حول أشكال وظيفية وشرعية السلطة السياسية والحكم قد يؤدي إلى مسارات جديدة وأكثر قابلية للتطبيق لبناء الدولة. ولكن لا بد من الإشارة إلى أن البديل المحلي قد يخدم مصالح النخبة المحلية ويكرس الهيمنة القمعية، ويذكرنا ذلك بالحكم الاستعماري. كما أنها يمكن أن تخدم المصالح الغربية باسم التنمية والسلام والأمن.

خامساً: التهديدات التي تمثلها الدول الفاشلة على الأمن الدولي

  1. دور هذه الدول في تعزيز العنف، حيث اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية هذه الدول قواعد أساسية لعمليات الجماعات التي تعتبرها إرهابية، وكرست ذلك بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. فصحيح أن فشل الدول قد تعكس تزايد احتمالات التهديد الأمني داخل الدولة أو فيما بين دول المحيط، إلا أن هذه المؤشرات ذاتها لا تضمن إنتاج إرهاب بالمفهوم الأمريكي، ناهيك عن أنه لا يوجد تعريف متفق عليه لظاهرة الإرهاب.
  2. تعدد الأطراف الفاعلة داخل الدولة، وظهور فاعلين ما دون الدولة ينافسون سلطتها، مما يؤثر على السياسة الخارجية والبنية الداخلية للدولة، ويساهم في تقليص مساحة قدرتها على التحكم في مجالها السياسي والاقتصادي والاجتماعي. فلم تعد قدرات الدول هي محل الخلاف، بل أصبح الخلاف حول مصادر وأدوات وعمليات إدارة السلطة. ويشترك الفاعلون الجدد في تعبيرهم عن مصالح لجماعات داخلية عجزت الدولة عن التعبير عنها. ومن ناحية أخرى، قد يؤدي فشل الدول إلى فقدان الثقة في المرجعية الدستورية الديمقراطية للنظم السياسية وظهور مرجعيات بديلة كالمرجعية الدينية، مما يغذي احتمالات اندلاع الصراعات.
  3. تقدم الدول الفاشلة وكذلك الدول التي في طريقها إلى الفشل نماذج لانتهاكات حقوق الإنسان، وتزداد حدة هذا البعد إذا قوبل بصمت دولي، وهو ما يطلق عليه الازدواجية السياسية بغية الحفاظ على مصالح القوى الكبرى. وبالرغم من إشارة الدراسات إلى أن الدول الفاشلة ترتبط بقضايا انتهاكات حقوق الإنسان، فهي تقوم بجهود مضاعفة لحماية حكم القانون في الوقت الذي تواجه فيه اتهامات بتعطيلها لحكم القانون.
  4. يعتبر ارتفاع معدلات النزوح من أبرز تداعيات فشل الدول، والذي قد يؤدي إلى تزايد احتمالات القتال واندلاع العنف. في هذه الحالة، يكون من الأسلم تدخل منظمة مثل الأمم المتحدة من خلال آلية حفظ السلام لاحتواء الأزمة قبل تفاقمها دون الحاجة إلى اللجوء لمجلس الأمن لاستصدار تفويض للتدخل بأغراض إنسانية بعد اندلاع النزاع.
  5. التأثير المحفز للدول الفاشلة للتهديدات الجديدة عابرة الحدود مثل التغير المناخي، وما يرتبط به من قضايا المياه، والأمراض، والتوزيع السكاني، وتأثر قطاع الزراعة، والمياه الجوفية وغيرها من القضايا الجديدة.
  6. دور الدول الفاشلة في نشر السلاح. فانتشار الفساد ورخوية الحدود تم توظيفهم لدعم وجهة النظر القائلة بأن الأوضاع ساعدت على تحول الدول إلى طرق مناسبة لعبور وتهريب الأسلحة البيولوجية والكيميائية والإشعاعية والنووية أو معداتها. فمن وجهة النظر الأمريكية، نجد أن مقياس وقفية السلام قد أظهر قوتين نوويتين باعتبارهما من أكثر الدول فشلاً وهما باكستان وكوريا الشمالية والتأكيد على ما تمثلانه من تهددي للأمن والسلام الدوليين، بما يخدم عمليات تسييس المفهوم لصالح الأهداف الأمريكية خاصة في عهد بوش الابن.
  7. دور الدول الفاشلة في نشر الجريمة الدولية حيث تستفيد المنظمات الإجرامية من المخابئ الأمنية التي توفرها هذه الدول، كما تستفيد من الدول الأقل فشلاً في اللجوء إليها والاختباء بها والقيام بعمليات غسيل الأموال. مما يكشف عن علاقة خفية بين الدول الأقل فشلاً والدول المتقدمة ذات المصلحة في تصنيفها بالفاشلة.
  8. دور الدول الفاشلة في خلخلة الاستقرار الإقليمي بسبب تدفق اللاجئين وزيادة معدلات تهريب الأسلحة وانهيار التجارة الإقليمية. إلا أن الدراسة لاحظت اهمال الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع الدولي لتوتر العلاقات بين القوى الإقليمية والدول المجاورة.
  9. تفاقم تبعات تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وعدم مساهمة أي من نمطي العلاقة الخارجية (التبعية أو الاعتماد) في إحداث أي تطور ايجابي في الداخل، مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في الداخل وتدهور الأوضاع على المدى البعيد، أي فشل الدولة برغم وجود مساعدة المجتمع الدولي.
  10. تمثل الدولة الفاشلة عائقاً أمام تطبيق برامج التنمية، والتي كان يتم التعامل معها من منطلق إنساني وليس سياسي أمني. ونثير هذه الإشكالية تساؤلات حول كفاءة استخدام الدول التي حصلت على المساعدات لتلك المنح وقدرتها على توظيفها لكي تنتقل من كونها دولة فاشلة إلى دولة أقل فشلاً.

سادساً: مؤشر الدول الفاشلة لعام 2014

جاء تقرير صندوق دعم السلام لهذا العام, يحوى الكثير من المفاجآت وأيضاً ليدق لدى المجتمع الدولي نواقيس الخطر حول دول إذا استمرت في الانحدار على نفس المنوالفهي بلا شك تواجه فشلاً كبيراً قد تعجز هي كما قد يعجز المجتمع الدولي عن مواجهته, الأخطر أن التقرير أظهر أن 17 في المائة فقط من سكان العالم يعيشون في دول مستقرة, في حين أن أكثر من 83 في المائة يعيشون في دول” خطرة” أو دول “هشة” وفقاً لوصف التقرير.[9]

ونشرت مؤسسة «صندوق دعم السلام» ومقرها واشنطن العاصمة مؤشرها السنوي للدول الفاشلة للعام الحالي 2014 ويشمل 178 دولة مرتبة بطريقة عكسية، بحيث تحتل الدولة الأكثر فشلاً في العالم المرتبة الأولى وهي، جنوب السودان يليها الصومال فجمهورية أفريقيا الوسطى فالكونغو فالسودان، وصولاً إلى الرقم 178 الذي تحتله فنلندا، تليها عكسياً السويد فالدنمارك فالنرويج.[10]

وقبل الدخول إلى نتائج التقرير, ربما علينا أولاً أن نوضح بعض النقاط حول أهميته ودلالته. تعمد تقرير هذا العام، الذي يأتي ليقدم نتائج أبحاثه ودراساته عن مجمل عام 2013، استخدام مصطلح الدول الهشة بدلاً من الدول الفاشلة، الذي دأب على استخدامه على مدار السنوات العشر الأخيرة. وأوضحت كريستاهندري، المدير التنفيذي للصندوق، أن مصطلح الدول الفاشلة ربما لم يعد مرتبطاً فعلاً بمعدل ما يحصل عليه المواطن من حقوق في نهاية الأمر ولذا تم استبداله ب “الدولة الهشة”أو”الرخوة” وهى تلك التى يستمر فيها المواطن في المعاناة وعدم الحصول على كامل حقوقه ويستمر فقره، وفى النهاية ينفجر المجتمع ويزداد العنف الداخلي، حتى لو لم يتم تصنيف دولته على المستوى الدولي بأنها دولة فاشلة.

ومصطلح الدولة الهشة أو الرخوة هو المصطلح الذي وضعه عالم الاقتصاد السويدي جونارميردل عام 1970, وهو يعبر عن الدولة التى تتمتع فيها النخبة بقوة تمكنها من فرض إرادتها على بقية طبقات المجتمع, وهذه النخبة لا تدين بالولاء للوطن بل لمصالحها فقط, وهنا كما يقول ميردل” يكون البلاء الأعظم, حيث يستمر الفقر والتخلف”.[11]

ويصدر التقرير عن صندوق دعم السلام, وهو مؤسسة بحثية مستقلة ومقرها واشنطن بالتعاون مع مجلة “فورن بوليسي” الأمريكية التى تقوم بنشره كل عام, وهو يعتمد في تصنيفه على عدد من المؤشرات التى تركز في مجملها على وضع المواطن داخل الدولة وهل تصله في نهاية المطاف حقوقه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية, وحتى يتم الوصول إلى هذا التصنيف يعتمد التقرير على 12 محوراً توضح ما إذا كان المواطن يعيش في دولة مستقرة أم لا؟ وهل نجحت هذه الدولة في أن تواجه التحديات الداخلية والخارجية من أجل أن توفر له سبل العيش الكريمة, ومن أهم المحاور: الضغوط الديموغرافية مثل سوء توزيع السكان والنزاعات بين فئات السكان,الهجرة واللجوء للخارج والمشاكل الناتجة عنهما, تحيز النظام السياسي لصالح أقلية على حساب الأكثرية, هجرة العقول من دولهم أو اغترابهم داخل مجتمعاتهم, غياب التنمية الاقتصادية وعدم المساواة بين السكان.

ويستخدم المؤشر 12 بنداً تشمل معطيات سياسية واقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية/ عسكرية. وتعطي علامة من 1 إلى 10 لكل فئة، ويمثل الرقم عشرة الفشل التام. فبينما يصل مجموع علامات جنوب السودان إلى 112.9 والصومال 112.6 من 120 ينخفض مجموع علامات الدولة الأفضل في العالم فنلندا إلى 18.7 علامة فقط.

ومن المفاجآت التى حملها تقرير هذا العام، كان استقرار تركيا على الرغم مما عانته طوال العام الماضي من قضايا فساد واحتجاجات شعبية عارمة، إلا أنها بالرغم من كل هذا نجحت في أن تحرز تقدماً ولو كان متواضعاً فيما يخص محور الضغوط الديموغرافية والخدمات العامة.

ومن المفاجآت أيضاً أن إيران، حققت في تقرير هذا العام تحسناً واضحاً, فقد نجحت بالرغم من الضغوط الاقتصادية أن تنجو من الصراعات الداخلية. وعلى عكس ما هو متوقع فقد تأخر تصنيف سنغافورة التى تعد واحدة من أغنى دول العالم, وعلى الرغم من استمرار أدائها الاقتصادي على نحو جيد, إلا أنها واجهت ضغوطاً في جوانب أخرى أساءت لتصنيفها, منها ارتفاع معدلات التلوث لمستويات قياسية, وعدم حصول العمال الأجانب على حقوقهم الكاملة وتعرضهم للتمييز.

أما دول البلقان البوسنة والهرسك, فقد كانت من المفاجآت السعيدة حيث ارتفع تصنيفها بشكل جيد بعد عشر سنوات من الكفاح كي تصل إلى الاستقرار, فهي من الدول التى تحسن أداؤها أكثر من أي دولة أخرى في تقرير هذا العام, خاصة في مجال عدم التمييز بين فئات المجتمع والمؤشرات المرتبطة بالضغوط الديموغرافية ومنها تلك المتعلقة باللاجئين والمشردين داخلياً.

ووفقا للتقرير فقد تمكنت دولة سيراليون أن تكون الدولة الأولى التى تخرج من تصنيف الدول الهشة هذا العام, وهى تتجه نحو الدول المستقرة, مع قدرة على بناء متواصل في مجال المعرفة والخبرات التنموية. وأوضحت كريستاهندري في حوار مع مجلة فورن بوليسي, أن جنوب السودان ربما تكون الدولة التى ستحتل قائمة الدول الهشة في تقرير العام القادم ، حيث أنها عرضة لعنف هائل وعدم وجود مؤسسات يمكنها التصدي لهذا العنف. كما توقعت هندري أيضاً أن التطورات الدرامية في العراق وأوكرانيا وتايلاند ترشحها لاحتلال أعلى قائمة الفشل في التقرير القادم.

وقد جاء ترتيب دولة الإمارات العربية المتحدة الأفضل من دول المجموعة العربية على المؤشر لتحتل الرقم 143 تليها قطر في المرتبة 139، فعُمان في المرتبة 135 فالكويت 127، فالبحرين 120 فالسعودية 96 بتراجع بنسبة ست درجات عن السنة الماضية، فالمغرب 92 فالأردن 83.

أما مصر فقد انزلقت إلى المرتبة 31 بتراجع ثلاث درجات عن مؤشر السنة الماضية، لتدخل منطقة الخطر المرسوم باللون البرتقالي، أي أن وضع ليبيا على ما فيه من مؤشرات سلبية ما زال أفضل من وضع مصر. أما سوريا فقد انزلقت من المرتبة 21 عام 2013 لتصل إلى المرتبـــة 15 هذا العام، لكنها ما زالت أفضل من العراق الذي يحتل المرتبة 13 وكلاهما ضمن مجموعة عشر دول وضعت ضمن المرتبة الثانية من الدول المصنفة تحت «تنبيه عال» على سلم مؤشر الدول الفاشلة.

وبالنسبة لسورية, والتي لم تحتل رأس القائمة هذا العام, كما كان متوقعاً لدى الغالبية من متابعي التقرير, فقد أجابت هندري ببساطة, هناك فرق بين دولة قوية لا ترعى شعبها أو تضر بمصالحه، وبين دولة لا تستطيع حماية شعبها، حتى لو أرادت هي لا تستطيع، هذا هو حال سورية.[12]

لقد أظهر التقرير أن دول الربيع العربي ما زالت تواجه تحديات وجودية أكبر من مجرد تحقيق الديمقراطية المنشودة. فتحديات الإرهاب الذي خرج بكل جنون من عقاله أصبحت تهدد حياة المواطن وأمنه واستقراره, بحيث توارى حلم تحقيق الديمقراطية وراء الأمل الأهم بأن يبقى المواطن العربي على حياته وحياة أسرته في وجه مليشيات مسلحة تبنت التطرف الديني.

سابعاً: توزع الدول الفاشلة على القارات

من القارة الأفريقية: (الكونغو- كوت ديفوار- ليبريا- نيجريا – زيمبتبوي -سيراليون – انجولا – تشاد- أفريقيا الوسطى- النيجر- أوغندا – رواندا).

  • من الدول العربية: (الصومال- العراق- السودان- اليمن- لبنان- جزر القمر).
  • وطبقاً لمقياس البنك الدولي: (الضفة الغربية وقطاع غزة).
  • من الدول الأسيوية: ( أفغانستان – باكستان – بورما – كوسوفو- نيبال – تيمور الشرقية – كوريا الشمالية – سيريلانكا).
  • من دول أمريكي اللاتينية: (كولومبيا – هاييتي).

وفي النهاية وبالرغم من قيام جهات أكاديمية وحكومية أمريكية وغير أمريكية عديدة بتطوير عدد كبير وكافٍ من المقاييس التي تعالج ظاهرة فشل الدول، فمن المتوقع أن تستمر الجهات الأكاديمية والمؤسسات الدولية الاقتصادية والتنموية في تطوير وتحديث هذه المقاييس، ولكن في الوقت ذاته سيظل الاقتراب من المفهوم له طابع انتقائي وخاضع للإرادة السياسية، ما دام التركيز على المفهوم ينصب على الجانب الأمني والسياسي دون الاقتصادي والاجتماعي والتنموي.

وقد أغفلت المؤشرات السابقة البعد التاريخي المتمثل في دور الخبرة الاستعمارية التي زرعت جذور الفساد وكانت سبباً وراء إعاقة النمو الطبيعي للهياكل الاقتصادية والاجتماعية للدول النامية، والذي وصل إلى حد النزاعات الإثنية والعرقية والطائفية فيما بين الجماعات، أو بين التيارات السياسية المختلفة.

[1] –  Francis Fukuyama, The Origins of Political Order: From Prehuman Times to the French Revolution,(London: Profile Books Ltd, 2011), pp.26-30

[2] – Vladimer Lenin, The State and Revolution, pp177.-78, sixth edition: http://www.marxists.org/archive/lenin/works/1917/staterev/ch.01htm

[3]العذاري، تغريد هاشم(2013)، الجغرافية السياسية والجيوبولتيكس، على الرابط: http://www.uobabylon.edu.iq/uobColeges/lecture.aspx?fid=11&lcid=37082

[4]محادين، موفق(2010)، نظرية التبعية، المدينة نيوز، 10/10/2010، على الرابط: http://almadenahnews.com/article/58230-%D9%86%D8%B8%D8%B1%

[5] – – Francis Fukuyama, The Origins of Political Order: From Prehuman Times to the French Revolution,(London: Profile Books Ltd, 1102), pp.62-03.

[6] – http://www.marefa.org/index.php/%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A

[7] – Vladimer Lenin, The State and Revolution, pp771.-87, sixth edition:
http://www.marxists.org/archive/lenin/works/7191/staterev/ch.10htm

[8] – أبو عمرة ، رنـا(2013)، ” تعثر انتقالي: أوضاع دول الربيع العربي في ضوء مقياس الدول الفاشلة”، 4آب، السياسة الدولية.

[9]العفيفي، ميادة(2014)، “العالم بالأرقام: 83% من سكان العالم يعيشون في دولة “هشة”، الأهرام، العدد 46597، بتاريخ 5/7/2014.

[10] – صيام، عبد الحميد(2014)، “مؤشر الدول الفاشلة لعام 2014: مصر في منطقة الخطر”، 16/10/2014، على الرابط: http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:qUA-2IQfCuAJ:www.alquds.co.uk

[11]العفيفي، ميادة(2014)، “العالم بالأرقام: 83% من سكان العالم يعيشون في دولة “هشة”، مرجع سابق.

[12]العفيفي، ميادة(2014)، “العالم بالأرقام: 83% من سكان العالم يعيشون في دولة “هشة”، مرجع سابق.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى