المعضلة الأمنية للدولة في أفريقيا: دراسة في تأثير المعامل الاستعماري على تنامي الو لاءات الفرعية
اعداد : فريجة عبد الرحمان – باحث دكتوراه – قسم العلوم السياسية- جامعة باتنة 1
- المركز الديمقراطي العربي
الملخص:
نسعى في هذه الورقة إلى دراسة تأثير الكشوف الجغرافية الممهدة للاستعمار الأوربي في خلق كيانات اصطناعية معقدة (الدولة) في أفريقيا تتداخل فيه جملة من الو لاءات الفرعية و لا تتطابق فيه حدود الجغرافيا مع حدود المشاعر و الولاء، و لا حدود السياسة مع حدود الأمة، فالدولة بهذا المعنى لا تعكس أي تطور تاريخي مثلما هو الحال في أوربا، فالحدود السياسية التي ورثتها معظم الدول الأفريقية عن الحقبة الاستعمارية لم يراع فيها خصوصيتها الإثنية و الثقافية و اللغوية و الدينية، و عليه قد أصبحت الدول الأفريقية المستقلة مجرد كيانات مصطنعة تضم بين جنباتها تعددا و تنوعا كبيرا خلقت نوعا من ولاءات فرعية دون وطنية ادت الى معضلة تحقيق اندماج وطني في أفريقيا باعتباره موضوع على درجة كبيرة من التشابك و التعقيد و يلاحظ أن الكثير من و الانقسامات الاختلافات المجتمعية التي تضرب بجذورها في معظم المجتمعات الإفريقية قد تطورت بفعل متغيرات البيئتين الداخلية و الخارجية ( التركة الاستعمارية، و ممارسات الحكومات الوطنية المتعاقبة على السلطة بعد الاستقلال) و تعبئتها لهذه الاختلافات ( الاثنية، الدينية، و الإقليمية الموروثة ) إلى حروب أهلية هددت بانفصال بعض الأقاليم و انسلاخها عن جسد الدولة الأم المصطنعة الذي يؤثر على بناء و استقرار الدولة الإفريقية
الكلمات المفتاحية: الكشوف الجغرافية- القارة الإفريقية – المعامل الاستعماري – الو لاءات الفرعية – معضلة بناء الدولة-الاندماج الوطني.
مقدمة:
تعد القارة الأفريقية إقليما جغرافيا ذو خصائص متميزة من عدة جوانب تشمل الموقع الاستراتيجي الأوسط بين قارات العالم، ثم الموارد التي تحظى بها في موقعها المفيد من حيث العلاقات المكانية و الموارد الطبيعية الأخرى التي في سطحها ثم باطنها الذي هو غني بالمعادن المختلفة، حيث جعل كل ذلك إفريقيا مقصدا للقوى المختلفة من القارات الأخرى عبر التاريخ في القرنين الثامن و التاسع عشر، مما أفضى إلى الاستعمار الذي استقلت عنه دول القارة الإفريقية في النصف الثاني من القرن العشرين، لكن بعد الاستقلال عن القوى الأوربية عرفت الدولة الإفريقية عديد المشاكل و الصراعات الداخلية ذات الطابع الإثني و القبلي و الجهوية. تبعا لذلك أصبحت معضلة بناء الدولة من المشكلات المعقدة و صعوبة إيجاد حل في إفريقيا بسبب تنامي الهويات و العرقية و الاقليمية و الدينية التي نازعت الدولة من اجل البقاء .
من هذا المنطلق نطرح الإشكالية التالية:
إلى أي مدى ساهم المعامل الاستعماري في صعود الفواعل دون الدولتية و تنامي الو لاءات الفرعية و تأثيرها على بناء الدولة في أفريقيا ؟
سنحاول معالجة الإشكالية من خلال التطرق إلى المحاور التالية:
- الكشوف الجغرافية الأوربية و استعمار القارة الأفريقية؛
- دور المعامل الاستعماري في تنامي الو لاءات الفرعية في أفريقيا؛
- معضلة بناء الدولة ما بعد الاستعمار في إفريقيا ؛
- الكشوف الجغرافية الأوربية و استعمار القارة الأفريقية:
- الكشوف الجغرافية:
التعرف على المكان ضرورة مهمة للحفاظ على الحیاة ، لیس فقط بالنسبة للإنسان ، ولكن لكل الأحیاء الأخرى ، كالطیور التي تهاجر حسب تقلب الأحوال المناخیة وتوفر مكونات حیاتها التي تعتمد على المواسم المختلفة للبیئة الطبیعیة مثلها مثل الحشرات فالحیوانات بل والأسماك والأحیاء المائیة أیضا ، وتمثل قضیة الكشوف الجغرافیة قصة حیاة الإنسان كلها ، فمنذ أن وجد على الأرض أخذ یتحسس الأماكن التي یمكن أن تلبي مطالب حیاته البسیطة منها والمعقدة ، وما زال یكشف ویسافر ویكتشف ما یعده في نظره مجهولاً من أماكن لمعرفتها أولاً ثم للإفادة منها ثانیا ، ویمكن فهم الخروج عن نطاق الأغلفة الأرضیة إلى الفضاء الخارجي جانبا من هذا المجال الواسع . وعلى أساس هذا الفهم ما من أمة وجدت في الأرض إلا وكشفت جغرافیا وتحسست البلاد الأخرى التي تجهلها كالفینیقیین والرومان والإغریق والأحباش والفراعنة والصینیین والمسلمین.
حیث حكى التاریخ عن كل هذه الأمم و حملاتها العسكریة وغیرها مما یتعلق بالتجارة والهجرات السلمیة وخلافها وهي أمور لا یمكن أن تتم دون معرفة سابقة بالأماكن المقصودة وما فیها من الأهداف المرجوة ، ویتضح من كل ذلك أن الكشوف الجغرافیة هي الأساس في التعرف على أنحاء العالم وجماعات البشر وموارد الأرض وهي المغذي للفكر الجغرافي بصفة عامة . والكشوف الجغرافیة الأوربیة لا تخرج بأي حال عن كل ذلك في أي مجهود كشفي قامت به الأمم الأوربیة سواء أكان ذلك للقارة الإفریقیة أم لآسیا بل وحتى مناطق الهنود الحمر المعروفة الآن بالولایات المتحدة الأمریكیة ، علما بأن أوربا قامت بالكشف الجغرافي والاستعمار والاستیطان في عصور نهضتها القدیمة إبان الحضارة الرومانیة والیونانیة وغیرها. (ابراهيم، 2000)
ورغم كون الكشف الجغرافي مهمة فردیة في الغالب خلال القرون الأولى إلا أنه صارت له جمعیات تنظمه وترعى الكاشفین في العصور المتأخرة يمكننا القول أن مرحلة الكشوف الجغرافية لدواخل القارة الأفريقية لم تبدأ إلا مع إنشاء جمعیة ترقیة كشف الأجزاء الداخلیة في إفریقیا Discovery of the Interior Parts of Africa (APDIPA)Association for Promoting the التي أسست في لندن سنة 1788، حيث قررت البعثات الأوربية الذهاب إلى أفريقيا لاكتشاف أنهارها و ثرواتها، و في هذا الإطار أدت الجمعيات الجغرافية دورا مهما في كشف الأنهار و أسرار القارة الداخلية و إجراء تقييم مهم للثروة المدنية و الزراعية (حسين، 2016).
- نتائج الكشوف الجغرافية و أثرها في استعمار أفريقيا:
لنتائج الكشوف المتعلقة بإفریقیا فإنها عدیدة ودینامیكیة أي مستمرة حتى الوقت الراهن متمثلة في تداعیات الاستعمار بأشكاله المختلفة والعلاقات السالبة والموجبة التي ینتج عنها ما ینتج من مشاكل من حین لآخر ، فمن أهم النتائج السلبیة وما ترتب علیها نجد (علي، 2007):
- صارت القارة الأفريقية مستعمرة من قبل فرنسا وبریطانیا وبلجیكا و ايطالیا وأسبانیا وألمانیا والبرتغال مع أن الأخیرة هي السابقة منذ أمد بعید في الكشف والاستیطان ، وكان من أهم ذرائع السیطرة الاستعماریة حینها أنهم یهدفون إلى نشر الحضارة المتقدمة والمدنیة في أرجاء العالم المختلفة رغم أن ذلك الاستعمار كان السبب في العدید من المشاكل التي ما زالت تعاني منها إفریقیا.
- استیطان عناصر أوربیة في بعض أجزاء أفریقیا خاصة تلك التي تشبه أوربا من حیث الخصائص الجغرافیة الطبیعیة كمنطقة ألكاب وموزنبيق وكینیا ورودیسیا الجنوبیة والشمالیة وقرب مضیق جبل طارق.
- صارت إفریقیا تضم أكبر عدد للوحدات السیاسیة تضمه قارة واحدة في العالم
- تم استغلال كثیر من الموارد الإفریقیة من قبل الأوربیین ، حیث قامت صناعات بریطانیة وفرنسیة معتمدة على الخامات الإفریقیة وذلك بعد إدخال الزراعة العلمیة الواسعة والأسالیب الحدیثة للتنقیب عن المعادن.
- بذر الأوربیون أوضاعا جغرافیة تزكي الصراع والنزاع بین القومیات الإفریقیة المختلفة بوضع تقسیم سیاسي غریب على المجتمعات وحدود سیاسیة تشق القومیة الواحدة لأكثر من دولة وتألیف بین قومیات متناقضة تشتعل بینها حروب يعمل الأوربیون على إزكاءها، فالحدود السیاسیة التي رسمت قصد بها أساساً وضع حالة من عدم الاستقرار.
- إشكالية الحدود الاستعمارية- الجغرافية في أفريقيا:
- مؤتمر برلين:
تفاعلت عدة عوامل لتقوية هذا التنافس الدولي، والذي كاد أن يتحول إلى مواجهات عسكرية بين الدول الأوروبية فيما بينها،ونظرا لحدة التنافس وتجنبا للدخول في مواجهات عسكرية اتفقت معظم الدول الاستعمارية على عقد وقد تم فيه تعين مناطق النفوذ لكل دولة على قاعدة التراضي، وُقسمت القارة – مؤتمر ببرلين ما بين 1884-1885 الإفريقية على حساب شعوبها دون مراعاة لحقوقهم واحترام أملاكهم وتقاليدهم ومقدساتهم الشخصية والقومية. (شافو، 2015)، هذا أدى إلى تقسيم القارة الأفريقية إلى حدود اصطناعية لا تتماشى مع الفواصل البشرية أو الجغرافية .
- الحدود الاصطناعية في أفريقيا:
هي الحدود المفروضة أو الموضوعة إما بحدود فلكية تتبع دائرة عرض أو خط طول أو تنشا عن خطوط اتفاقية هندسية وضعت معظمها على موائد المؤتمرات و كلاها لا يراعي فيه ظروف السكان و رغبات حدود المستعمرات التي أقامها الأوربيون في القارة الأفريقية ومن أمثلة الحدود الصناعية و الحدود السياسية ما بين مصر و السودان و الازدواج في الحدود.
عكس الحدود الإثنوجرافية أو الحدود القومية : التي تعتبر أفضل الحدود جميعا ذلك لأنها تفصل بين الشعوب و القوميات بعضها ببعض الأخر، لكن للأسف قليل جدا من الحدود السياسية في العالم يتفق و الحدود ال إثنوجرافية، و يرجع هذا إلى عاملين رئيسين:
- الإختلاط و التداخل بين الشعوب بحيث لا يمكن عمل فاصل واضح و عازل بينها و هذا معناه انه لا يمكن تخطيط الحدود التي ترسم لفصل الشعوب فصلا دقيقا، و من ثم نجد الكثير من الشعوب تتوغل داخل حدود شعوب أخرى مجاورة.
- و ثانيا أن التخطيط للحدود عادة ما يتم على أسس غير اثنوجرافية بل على الأسس و المصالح الاقتصادية و الامبريالية.(سعودي، 2010)
- هناك عدة ملاحظات يجب أخذها في الحديث عن الحدود في إفريقيا يمكن تلخيصها في(المخادمي، 2005):
- أن الحدود الأفريقية تدخل في فرضها الاعتبار الخارجي الخاص بالاستعمار و ما فرضه من تقسيمات تحقيقا لمصالح الدولة الاستعمارية بدلا من الاعتبار الداخلية الخاص بمصالح شعوب لتلك المناطق المستعمرة فالأفريقيون لم يسهموا في الاتفاق على الحدود.
- تتميز الحدود في أفريقيا بأنها حدود حيث لا تتبع الظواهر الطبيعية من جبال و انهار، و غيرها و قد وضعت دون حساب للاعتبارات البشرية أو الاقتصادية أو الجغرافية أو غيرها حيث كان الاعتبار الأساس هو الصالح الاستعماري.
- معظم الحدود موجودة على الورق و لم تخط على الطبيعة بينما الخطية هي احد أسس و مقومات الحدود السياسية بحيث يمكن تحديد نطاق الاختصاص… الإقليمي للدولة.
ما بعد مؤتمر برلين الذي عقد في 1884-1885 علامة فارقة و مهمة في نشأة معضلة القيادة نحو دولة قومية حديثة، بتقسيم أفريقيا إلى مناطق نفوذ، لم تكن للقوى الأوربية تسعى فقط إلى إقامة مراكز حدودية تستطيع من خلالها شن حملات ضد بعضها البعض للحفاظ على هيمنتها الجيوبوليتيكية، بالإضافة إلى تامين مصادر جديدة للمواد الخام التي تحتاج إليها للتوسع في اقتصادياتها الصناعية، بل تعدت القوى الامبريالية الأساليب المادية إلى ما يمكن تسميته باستعمار العقل، بحيث لم تكن الإدارات الاستعمارية التي تم إنشاؤها معنية بالتنمية الحقيقية للسكان الأصليين و تمكينهم، و كان سبب وجودهم هناك ، إما لضمان تدفق المواد الخام إلى البلدان الحديثة أو لتوفير التمثيل و القدرة التنظيمية للمستوطنين الذين كان يجري تشجيعهم على استعمار الأراضي الجديدة بدعوى تطويرها و تمدين السكان الأصليين. (الكيلاني، 2014).
هنا الحديث على سياسات تفضيلية لجماعة إثنية و إقصاء لجماعة أو جماعات عرقية أخرى من طرف المستَعْمِر، من خلال معادلة الفرد المستَعمَر حسب الأهداف التي تحقق مصالحه في القارة السمراء.
- دور المعامل الاستعماري في تنامي الو لاءات الفرعية في أفريقيا:
- المعامل الاستعماري في إفريقيا:
- قدم المفكر الجزائري مالك بن نبي في كتابه شروط النهضة 1946م مقاربة متميزة للظاهرة الكولونيالية برؤية عميقة و متميزة (الرويجل، 2012) ، يشرح فيه أن الاستعمار يفرض على حياة الفرد عامل سلبي يسميه بالمصطلح الرياضي ( المعامل) الاستعماري coefficient لذلك المعامل تاريخه في سياسة الاستعمار.
- المعامل الاستعماري كطريقة مناسبة لاستقرار و العمل من الانتقاص من قيمة المسْتعَمرين و تحطيم قواهم الكامنة فيهم و الحط من قيمة الأهالي ينفذ بطريقة فنية كأنه معامل جبري وضع أمام قيمة كل فرد بقصد التنقيص من قيمته الايجابية، حيث يؤثر المعامل الاستعماري لتضييق نشاط الحياة في البلاد المستعمرة حتى تكون مصبوبة في قالب، يهيئه الاستعمار في كل جزئية من جزئياته، خوفا من أن تتيح الحياة المطلقة لمواهب الإنسان أن تأخذ مجراها الطبيعي إلى النبوغ و العبقرية، و يقول مالك بن نبي: ” إن الاستعمار لا يتصرف في طاقتنا الاجتماعية إلا لأنه درس أوضاعنا النفسية دراسة عميقة و أدرك منها مواطن الضعف” (كامل، 1986).
بالحديث عن أفريقيا، بحث الاستعمار و القوى الامبريالية عن مواطن الضعف أو بمعنى أخر، درس المستَعْمر الأوضاع النفسية و السلبية و الاستثمار في مميزات القارة الإفريقية( تعددية أثنية لغوية، دينية) لكبح ايجابيات الفرد في القارة بتفضيل مجموعة أقليات أثنية، بتسليم السلطة إلى نخب أثنية مع إقصاء المجموعات الأخرى من خلال سياسات تمييزية، مما شكل سبب رئيسي في خلق و تأجيج الصراع بين المجموعات العرقية المختلفة، التي رأت في ذلك إجحافا في حقها و نوعا من التواطؤ مع المستعمر إذ تحولت تلك النخب إلى ما يشبه مستعمر جديد (عبد الله، 2015).
- مرحلة الانتعاش العرقي تحت الحركة الاستعمارية:
- يرى اسيموغلو و آخرون (2001)، انه ” في كثير من حالات إنشاء القوى الأوربية لمؤسسات سلطوية، أسندت هذه القوى الأوربية مهمة التسيير اليومي لشؤون الدولة إلى نخبة محلية صغيرة، و غالبا ما كانت هذه المجموعة الصغيرة تحكم الدولة بعد الاستقلال و تحبذ المؤسسات الإستخراجية. ”(شومان، 2009)
- مثال ذلك: حالة رواندا التي اندلعت فيها الحرب الأهلية استنادا إلى أسباب عرقية، فعلى الرغم من بساطة التركيبة الإثنية في رواندا ( من ثلاثة جماعات فقط: الهوتو85%، التوتسي 14%، التوا 1%)، و على الرغم من التجانس الملحوظ بين المواطنين من حيث اللغة و الديانة و نمط التنظيم فان العنف الإثني الذي وصل إلى درجة التطهير العرقي أو الإبادة الجماعية جاء ليس نتيجةً لظاهرة التعددية في حد ذاتها، و إنما نتيجة لتفاعل مجموعة من العوامل، حيث لعبت فيها سياسات الاستعمار التي اتبعتها القوى الامبريالية دورا مهما في تعميق تناقضات المجتمعات الأفريقية، و لاسيما التناقضات الاثنية بإتباع سياسات فرق تسد، حيث عمل المؤرخون الانثروبولوجيون الاستعماريون على إضفاء ظلال عنصرية على الاثنية في رواندا من خلال التأكيد على اختلاف الأصول العنصرية للجماعات الرواندية و أن بعضها يتمتع بالتفوق العنصري إزاء الجماعات الأخرى ، يشعر فيه التوتسي بالتفوق العنصري بينما يشعر الهوتو بالضعف و الدونية، بالإضافة الى تركيز السلطة في يد جماعة على حساب الأخرى، و هو ما أدى في النهاية إلى تفجر العنف الإثني و الحرب و عدم الاستقرار في رواندا (الاستراتيجية، 2015). بمعنى دعم الاستعمار للقبائل على أساس الولاء للاستعمار.
- على الرغم من الهويات القبلية و العرقية المتباينة كانت موجودة قبل الفترة الاستعمارية، إلا أن الإدارات الاستعمارية وقفت وراء ”تجميد الشعوب و تعزيز الانتماءات العرقية و زيادة صرامة التعريف الاجتماعي”، بينما لم تكن الدول الإفريقية قبل الاستعمار تتميز بهوية قبلية محددة إذ كان معظم الأفارقة يتنقلون بين هويات متعددة، و يشير رينجر صراحة إلى اختراع التقاليد في أفريقيا المستعمرة، مبينا أن بعض السمات المميزة للمجتمعات الأفريقية ما بعد الاستعمار، مثل أهمية القبلية و الانتماءات الفرعية العرقية لم تكن من موروثات فترة ما قبل الاستعمار بل نشأت أو تم ترسيخها بشكل كبير في عهد الحكم الاستعماري(شومان، 2009).
- يلاحظ إن الانقسامات و الاختلافات المجتمعية التي تضرب بجذورها في معظم المجتمعات الإفريقية، قد تطورت بفعل تأثير البيئة الخارجية على الداخلية ( التركة الاستعمارية و ممارسات الحكومات الوطنية المتعاقبة على السلطة حتى بعد الاستقلال (الاثنية و الدينية و اللغوية و الإقليمية). فمجموع التناقضات و الاختلافات الموروثة عن الإدارة الاستعمارية خلقت انتماءات فرعية على حساب الولاء الوطني.
- إشكالية الاندماج الوطني في ظل تنامي الولاءات الفرعية في الدول الأفريقية:
في الحديث عن تعريفات الاندماج الوطني تكاد تتفق على انه العملية التي من خلالها يتم تعزيز الولاء الوطني ليعلو على كافة الولاءات الفرعية الأخرى في المجتمع، و هي عملية نقل الوعي و الولاء الخاص بالأفراد، من بؤرة التركيز على الجوانب الذاتية المتعلقة بمجتمعاتهم المحلية، إلى بؤرة أوسع نطاقا تتعلق بالمجتمع الكلي.
- مشكلة الاندماج الوطني حسب الأستاذ الدكتور إبراهيم نصر الدين يرى أنها: ” تتصل بأزمة علاقات أفقية داخل المجتمعات حيث نجد أن أفراد المجتمع وجماعاته، ليسوع على التعداد للتعامل سويا كشركاء، حيث يختفي مفهوم الولاء و يضعف و يؤكد أن هذه المشكلة تنتج عن عجز النظام السياسي بشكل أدى إلى علو الولاءات الفرعية دون الوطنية على الولاء الوطني وهو ما يفسح المجال أمام تفاقم حدة الصراع بين الجماعات المختلفة، و بين هذه الجماعات و النظام السياسي ذو ولاءات فرعية (الرشيد، 2015) تتسم بسمات وطبيعة اثنية أو ثقافية كاللغة و الدين أو القومية أو العرق أو العشيرة و القبيلة و تفرعاتها(سبع، 2011).
- في أفريقيا و عشية خروج الاستعمار من معظم الدول الأفريقية تركها و لم يكن هناك أي برلمانات منتخبة تمثل الشعوب، كان هناك ما يسمى بالمجالس الاستشارية التي تقدم بعض المشورات للحاكم أو المسْتَعْمِر، و كانت غالبية الشعوب الأفريقية في هذه الحقبة هي عبارة عن قبائل مختلفة.
- البناءات القبلية و الإثنية و أثرها في بروز الصراعات الإثنية:
ورثت الدول الأفريقية الكثير من التناقضات و التعقيدات الاجتماعية الحادة التي تركت أثارها على كافة الهياكل و الأنشطة في مرحلة ما بعد الاستعمار، ومن ابرز هذه التناقضات قوة الانتماءات الفرعية القبلية وسيادتها على الانتماء الوطني و هو ما يؤدي إلى غياب مفهوم الولاء الوطني، (جاسم، 2006).
- القبلية (ethnicity):هي ولاء الفرد لمجموعته الإثنية بوصف ذلك رمزا لهويته و لها مستويات متدرجة قد تصل إلى التعصب المفرط، و يؤدي ذلك إلى النزاع الإثني حول القضايا السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية بين مجموعتين أو أكثر. كما ذكرنا سالفا في إبراز دور الامبريالية و تفتيت القبائل و إثارة النزعات القبلية، بحيث اجبر مجموعات اثنيه على العيش ضمن إطار جغرافي محدد يفصلها عن الأهالي أو تقسيم القبيلة الواحدة بين عدة دول(بمبا، 2016).
- الدولة المجهرية و أزمة بناء الدولة الوطنية في أفريقيا:
- تصف وانغاري ماتاي في كتابها الموسوم ب:” أفريقيا و التحدي” ، الدولة الأفريقية الحديثة كيان سطحي:مجموعة مفككة من المجتمعات العرقية أو الدول المجهرية (يُقْصَد بِها القبائل أو الجماعات الإثنية و العرقية) جرى توحيدها في كيان واحد أو دولة كبيرة من قبل القوى الاستعمارية و بعض الدول يضم مئات من الدول المجهرية.
- و تضيف أن السلطات الاستعمارية مسؤولة عن بعض هذه المفاهيم الذاتية عن طريق محاباة إحدى الجماعات على أخرى و عندما و ضعت الجماعة المفضلة عند رحيلها، من الأمثلة: المشكلات السياسية و الاجتماعية في السودان و تشاد و أفريقيا عموما هي تركات استعمار فالحدود الاستبدادية أو محاباة إحدى الدول المجهرية التي كان لها حق استخدام مزيد من الموارد على حساب المجتمعات الأخرى أدى إلى خلق صراعات و حروب ذات أمد طويل (الكيلاني، 2014).
- و يمكن للصراعات و الحروب الإثنية و العرقية أن تؤدي إلى انهيار الدولة، المرتبطة بحداثة استقلال نشأة الدولة في إفريقيا و الإخفاق في بناء الأمة في ظل تناقض الشعور بالانتماء للوطن، و تعاظم الانتماءات الفرعية: الإثنية و القبلية و الإقليمية(شبانة، 2010).
- معضلة بناء الدولة ما بعد الاستعمار في إفريقيا:
استقلت أفريقيا عن الاستعمار الأجنبي و هي مثقلة بالعديد من المشاكل حتى صنعت منها أزمات استعصت على الحل و بخاصة إشكالية بناء الدولة بسب تنامي الهويات العرقية و الإقليمية و الدينية التي نازعت الدولة من اجل البقاء، و بالتالي تكون دولة ما بعد الاستعمار قد ورثت العديد من المشكلات أهمها مشكلة بناء الدولة.
- تشكل الدولة الإفريقية بعد الاستعمار:تكوين الدولة الإفريقية الحديثة بنقل المستعمر الغربي تجربته و مفهومه للدولة نقلا سطحيا و قاصرا، بتكوين نخب سياسية محلية تتبنى سياساته و تعيد إنتاج تجربته الاستعمارية بصورة مشوهة و محرفة لنظام الدولة الحديثة لأهداف امبريالية توسعية بفرض التبعية الدائمة لتعيش مرحلة الاستعمار عن بعد، متجاوزا الخصوصيات المحلية و التركيبة البشرية و الثقافية و الدينية و القبلية المعقدة، المؤدية إلى الصراعات و تموج النزاعات بين الفصائل المتصارعة كسمة لنموذج الدولة الهشة أو الفاشلة(النويني، 2014)، تعبر عن عدة مشكلات اقتصادية و سياسية و اجتماعية و إنسانية لوصف حالة الهشاشة التي نعانيها دولة ما (ابوفرحة، 2016).
- لا يقتصر فشل الدولة إلى عدم قدرتها على خلق التناسق و التناغم بين مختلف الإثنيات و العرقية فيها، هناك عامل رئيسي دفعها إلى الفشل و هي الحدود الاستعمارية المصطنعة التي لا تراعي خصوصيات القارة الإفريقية، حيث يعتبر العامل الجغرافي هو الأخر مهما في تحديد مدى فشل الدولة الإفريقية انطلاقا من تحديد مدى سيطرتها الجغرافية على الدولي القومية و أفضل مثال في انفصال جنوب السودان(النويني، 2014).
- ربط barry r.posen التصعيد الإثني و العرقي بالدول العاجزة أو الأيلة إلى الانهيار، حيث تتأكد بعض الجماعات الإثنية الموجودة منها أن الحكومة عاجزة أو تمثل مجموعة إثنية أخرى، فتعمل هذه المجموعات على حماية أمنها و الدفاع عنه في وجه التهديدات التي تستهدف بقائهم واستمرارهم، وفي ظل مأزق كهذا فان محاولة أي مجموعة إثنية تعزيز أمنها يفسر من قبل جماعة أخرى على أنها خطوة عدائية و بالتالي خلق عدم الاستقرار داخل المجتمع (المعضلة المجتمعية)(والاستراتيجية، 2015).
- ما يؤدي إلى غياب الأمن والاستقرار باعتبار بناء الدولة الحديثة من متطلبات الأمن و الاستقرار في القارة الإفريقية: فقصور بناء الدولة في إفريقيا و فشلها يؤدي إلى:
- إستمرار التهديدات ذات الطبيعة التقليدية: مشكلة الحدود، الحروب الأهلية، ظاهرة الانقلابات العسكرية…
- و ظهور تهديدات جديدة: الجريمة المنظمة، تجارة المخدرات، تكوين جماعات إرهابية، انتشار الأسلحة، تبييض الأموال، المشكلات الاجتماعية(الفقر-المجاعة-تلوث البيئة-الأمراض…).(مدوني، 2013/2014).
- هناك أربعة جوانب في تكوين الدولة الإفريقية التي يمكن ربطها بهشاشة الدولة(شومان، 2009):
- طابعا المصطنع: فقد ادخل قيام الدول الاستعمارية عنصرا لا علاقة له بالخصائص الاجتماعية و المؤسسية و الثقافية المستعمرة.
- الطبيعة الإستخراجية: فقد كان هيكل مؤسسات الدولة مصمما لنقل الموارد الى القوى الاستعمارية لا لتعزيز التنمية المحلية.
- توجهها المتأصل إلى الخارج: فقد أنشأت الدول الإفريقية روابط اقتصادية وثيقة مع القوى الاستعمارية في علاقة قائمة على التبعية السياسية.
- يتعلق بالحكم غير المباشر:و هو نظام الإدارة الاستعمارية أنشأته الإدارة البريطانية و لكن طبقته أيضا فرنسا و بلجيكا.
خاتمة:
- كل ما ذكر في العناصر السابقة يجسد ماهية الكشوف الجغرافية بصفة عامة، و ما كان من تأثيرها المتعلق بالقارة الإفريقية، و ما أفضت إليه من نتائج غالبها سلبي ظلت القارة تعاني منه حتى الوقت الحاضر، و رغم جهود الوطنيين الأفارقة و حركات النضال ضد المستعمرين و ضرورة الخروج من الذل و الدونية التي كان يكرس لها الاستعمار التي عملت على التخلص منه و تبعاته المختلفة، إلا أن كل ما حصلت عليه أفريقيا بفضل ذلك بواسطة القوى الاستعمارية و توجيهه ليصب في مصالحها. أي أن القارة الآن في مرحلة الاستعمار عن بعد او قابلية الاستعمار بمفهوم مالك بن نبي ، بعدما خلق الاستعمار شعور الإفريقي في بقاء حاجته إليه ، و كل ذلك تم ترتيبه منذ عهود الاستعمار لتظل الشعوب الإفريقية غير قادرة من الانفكاك من براثن القوى الامبريالية بسبب السيطرة الاقتصادية و السياسية و إعاقة الاستقرار و التناحر بين القوميات المختلفة و الديون و الآثار السلبية، حيث تم ترتيب استقلال الدول و ضعها و اثر فيها الأوربيون لتستمر وصايتهم المباشرة و غير المباشرة مستقبلا من خلال تصميم الحدود السياسية الجالبة للمشاكل و الصراعات بين الدول و قومياتها و الهدف من ذلك تفتيت القومية الواحدة بين عدة دول.
- و الدور الأوربي في الصراعات الإفريقية يمثل صورة معبرة عن العلاقات السالبة، فعندما يكون هناك استقرار يكون بسببه نمو و تقدم طبيعي للدولة في شتى الجوانب الحضارية و الثقافية منها و التكنولوجية، مما يؤدي إلى تطور طبيعي في المجتمع و يمكن بذلك استغلال الموارد البشرية و الطبيعية التي تَكْمُن في أرضه، و بالتالي تكون الدولة قوة ذاتية تمكنها من ملء وظيفتها الجغرافية الداخلية و الخارجية و هو ما يُعرف بالوضع الجيوبوليتيكي. و هذا كله يؤدي إلى عظمة الدولة ثم قوة الإقليم ثم عظمة القارة و ذاتيتها الجيوبوليتيكية .
- لكن للأسف واقع القارة غير ذلك، الصراعات و النزاعات الاثنية و العرقية التي خلقها المعامل الاستعماري سواء بتنقيص من أهمية الفرد الإفريقي أو من خلال أسلوب إقصاء جماعة على حساب أخرى ما خلق نخبة تابعة للاستعمار و أخرى معارضة بسبب في التفاوت في المستوى المعيشي أو الاجتماعي أو السياسي، هذا التنافر و بين مختلف الجماعات أدى إلى تكوين دولة هشة أو فاشلة في دمج هذه الجماعات ذات الو لاءات و الانتماءات الفرعية القبلية في ولاء و هوية وطنية واحدة ( الاندماج الوطني)، ما يؤدي إلى غياب الأمن والاستقرار باعتبار بناء الدولة الحديثة من متطلبات الأمن و الاستقرار في القارة الإفريقية.
المراجع:
- احمد الزروق محمد الرشيد. (2015). مشكلة الاندماج الوطني في افريفيا. القاهرة : المكتب العربي للمعارف.
- احمد عبد الدايم محمد حسين. (25 سبتمبر, 2016). الكشوف الجغرافية الأوروبية لإفريقيا وتأثيراتها المعاصرة. تاريخ الاسترداد 07 افريل, 2017، من قراءات افريقية : http://www.qiraatafrican.com/home/new/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B4%D9%88%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%AA%D8%A3%D8
- آدم بمبا. (2016). صراع الهوية في افريقيا: التأرجح بين القبيلة و الدولة. دراسات افريقية العدد27 ، ص 42.
- الحافظ النويني. (2014). ازمة الدولة ما بعد الاستعمار في افريقيا: حالة الدولة الفاشلة . مجلة المستقبل العربي العدد 422 ، ص.ص 59-61.
- الحسن الرويجل. (20 جوان, 2012). الاستبداد والقابلية للاستحمار: المغرب. تاريخ الاسترداد 09 افريل, 2017، من maganin: http://www.maganin.com/Content.asp?ContentID=19255
- السيد على ابوفرحة. (2016). الدولة الهشة في افريقيا:عامية المفهوم و افريقية التطبيق. قراءات افريقية العدد 27 ، ص 28.
- الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية و الاستراتيجية. (04 مارس, 2015). العوامل الداخلية والخارجية وانعكاساتها فى عدم الاستقرار السياسي في أفريقيا. تاريخ الاسترداد 11 افريل, 2017، من politics-dz.com: http://www.politics-dz.com/threads/alyuaml-aldaxli-ualxargi-uanykasatxa-f-ydm-alastqrar-alsiasi-fi-friqia.251/
- الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية. (22 مارس, 2015). politics-dz. تاريخ الاسترداد 14 افريل, 2017، من http://www.politics-dz.com/threads/almydl-almni.3598/
- ايمن السيد شبانة. (2010). الصراعات الاثنية في افريقيا:. قراءات افريقية العدد6 ، ص98.
- خيري عبد الرزاق جاسم. (2006). التحولات الديمقراطية في افريقيا. مجلة دراسات دولية العدد 30 ، ص28.
- رضوان شافو. (2015). الحرب البكتريولوجية…الإستعمار الناعم لأفريقيا. مجلة العلوم الإنسانية و الإجتماعية العدد 20 ، ص 76.
- سداد مولود سبع. (2011). البعد العرقي و السياسي لمشكلة جنوب السودان (ايبي انموذجا). مجلة دراسات دولية 47 ، ص 131.
- عبد القادر رزيق المخادمي. (2005). النزاعات في القارة الأفريقية انكسار دائم ام انحسار مؤقت . القاهرة : دار الفجر للنشر و التوزيع.
- علي عيسى ابراهيم. (2000). الفكر الجغرافي و الكشوف الجغرافية . الاسكندرية: دار المعرفة الجامعية.
- علي مدوني. (2013/2014). قصور متطلبات بناء الدولة في افريقيا و انعكاساتها على الامن و الاستقرار فيها. رسالة دكتوراه في العلوم السياسية و العلاقات الدولية . بسكرة، الجزائر، قسم العلوم السياسية.
- محمد خالد محمد عبد الله. (2015). الاقليات الاثنية و الصراعات في افريقيا. دراسات أفريقية العدد 53 ، ص 168.
- محمد عبد الغني سعودي. (2010). الجغرافية السياسية المعاصرة: دراسة في الجغرافيا و العلاقات السياسية الدولية. القاهرة : مكتبة الانجلو مصرية.
- مركز روبرت شومان. (2009). التقرير الاوربي حول التنمية بعنوان التغلب على الهشاشة في افريقيا: صياغة نهج اوربي جديد. سان دومينيكو دي فيسولي: دار المجتمعات الاوربية.
- مسقاوي عمر كامل. (1986). شروط النهضة لمالك بن نبي. دمشق: دار الفكر.
- مصطفى محمد علي. (2007). الكشوفات الجغرافية الاوربية لقارة الافريقية و التطلعات المعاصرة للسيطرة على مواردها. مجلة دراسات افريقية العدد 38 ، 13-14.
- وانغاري ماتاي، ترجمة اشرف محمد الكيلاني. (2014). أفريقيا و التحدي. الكويت: المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الاداب.
- فريجة عبد الرحمان – باحث في الدكتوراه – قسم العلوم السياسية- جامعة باتنة 1
- تحريرا في 1-6-2017