سياسة المغرب في مجال الهجرة واللجوء “الأسس والأبعاد”
اعداد الباحث : هشام العقراوي – جامعة الحسن الأول سطات
- المركز الديمقراطي العربي
الإستراتيجية الوطنية في مجال الهجرة واللجوء تعتبر سياسة عمومية متعددة الأبعاد ،تراعي الجانب الحقوقي و الإنساني والاقتصادي،و ترتكز على المقاربة الإدماجية للأفارقة، وعلى البعد الحقوقي الذي تبناه الملك محمد السادس في معظم خطبه، مند اعتلائه العرش وعلى مبادئ كونية حقوق الإنسان الواردة في المواثيق الدولية، ثم على مبادئ دستور 2011، و على التقرير الشامل الذي وضعه المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان والمنظمة الدولية للهجرة عام 2013، وقد حاول المغرب في تعاطيه مع ملف الهجرة المزاوجة بين مراقبة الحدود للحد من تدفق المهاجرين، والقيام بتسوية أوضاع أولئك الذين يحطون رحالهم داخل المغرب وتتوفر فيهم الشروط.
و رغم المبادرة القوية، يدرك المغرب أن إشكالية الهجرة في أفريقيا تتجاوز إمكانياته، فالمهاجرون الأفارقة يتقاطرون على الحدود المغربية، في مسعى للانتقال إلى أوروبا عبر إسبانيا، وفي ظل التشدد الأمني الإسباني في مراقبة حدودها مع المغرب والتنسيق بين الرباط ومدريد في محاربة تدفق المهاجرين يتحول المغرب إلى أرض إقامة بدل أن كان في السابق أرض عبور، وهو ما يطرح مشكلات أكبر أمامه بفعل الحاجة إلى تسوية أوضاع هؤلاء ورعاية شؤونهم.
المحور الأول: أسس سياسة المغرب في مجال الهجرة واللجوء [1].
الفقرة الأولى: مساهمة المؤسسة الملكية في وضع الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء.
ترتكز الرؤية الملكية على إستراتيجية تتشكل من خمس مقتضيات تكمن في احترام حقوق الإنسان للمهاجرين وتعزيز مكافحة الهجرة السرية وتشجيع الهجرة القانونية وضمان حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء، وكدا التسوية الاستثنائية للمهاجرين غير الشرعيين، ومن أجل الوصول إلى هده الأهداف النبيلة عمل المغرب أولا على توقيع عدة اتفاقيات دولية[2]، وثانيا إحداث مديرية للهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية والمرصد الوطني للهجرة[3]، وثالثا سن قانون جديد سنة 2003 ينص على فرض عقوبة السجن قد تصل إلى 20 سنة لكل من يتورط في ملف التهجير السري، حيث ترتب عن هده السياسية نقص عدد المهاجرين وخير دليل هو الأرقام الصادرة عن الحرس المدني الاسباني التي تدل على أن معدل الهجرة السرية تقلص خلال السنوات القليلة الماضية بشكل ملحوظ، نتيجة تنسيق الجهود بين المغرب واسبانيا والدور الذي تقوم به السلطات المغربية، إما عبر السياج الأمني في سبتة و مليلية المحتلتين فقد سجلت سنة 2013 ما يعادل 1013 محاولة اقتحام من طرف المهاجرين، وقد نزل الرقم بشكل ملحوظ سنة 2014 ادا لم يتعد عدد الاقتحامات 533 محاولة، أما أخر الأرقام بالنسبة إلى سنة 2015 هو51[4].
و تأكيدا لهدا التوجه قال الملك محمد السادس: … »و إدراكا منا لخطورة هده الظاهرة المنافية لكرامة الإنسان والمؤثرة سلبا على العلاقات التعاون وحسن الجوار فقد اتخذ المغرب بتشريعات عصرية صارمة لتجريم ومحاربة العصابات المتاجرة بالهجرة السرية مجندا لدالك كل السلطات العمومية في ظل سيادة القانون وفيا لالتزاماته الثنائية و الجهوية والدولية، كما أحدثنا أجهزة متخصصة في شؤون الهجرة السرية ومراقبة الحدود إسهاما من المغرب في إيجاد سياسات عمومية ناجعة للحد منها في تعاون تام مع جيراننا وشركائنا للحد من الهجرة غير الشرعية ومعالجة دوافعها العميقة وانعكاساتها السلبية مؤكدين عزم المملكة المغربية الراسخ على تنسيق جهودها في هدا الشأن مع أشقائها في الاتحاد المغاربي دعما من المغرب لكل المبادرات التي تصب في هدا المسار الشاق والطويل « .. [5] ، كما أكد الملك محمد السادس في رسالة وجهها إلى المشاركين في أشغال القمة الفرنسية الإفريقية حول السلم و الأمن بتاريخ60 / 12 / 2013 ، على »....لمواجهة ظاهرة الهجرة، التي غالبا ما تصاحبها مآس إنسانية وتكون مصدرا لانعدام الأمان، لا بد من تطوير مقاربة جديدة ترتكز على خطوات طوعية وسخية وإنسانية، دون إغفال المتطلبات الأمنية.
فتدبير ملف الهجرة يتطلب تنفيذ إستراتيجية شاملة ومندمجة تجمع بين ضمان انسياب حركة الهجرة القانونية ومحاربة شبكات الاتجار بالبشر، ونهج سياسة للتنمية المشتركة، كما سبق أن أكدت على ذلك الندوة الأورو-إفريقية حول الهجرة والتنمية التي انعقدت بالرباط سنة 2006.
وقد تحولت المملكة المغربية التي كانت بلد مصدر ثم بلد عبور، تحولت منذ بضع سنوات إلى وجهة يفضلها العديد من المهاجرين غير القانونيين من جنوب الصحراء، و انطلاقا من واجب التضامن، ومن تقاليد الضيافة والاستقبال التي يتميز بها، قام المغرب مؤخرا بوضع سياسة جديدة للهجرة.
ففي إطار الاحترام التام لالتزاماته الدولية، خاض المغرب رهان تبني سياسة وطنية رائدة في المنطقة، إنسانية في مقاربتها و مسؤولة في خطواتها، وتراعي حقوق المهاجرين واللاجئين الأساسية تمام المراعاة من حيث مقاصدها ونعبر هنا عن اعتزازنا بالدعم الكبير الذي لقيته هذه المبادرة، خاصة على المستويين الإفريقي والأوروبي، ونعيد طرح المقترح المغربي لإقامة “ائتلاف إفريقي للهجرة والتنمية”، ينطلق من هذه المبادرة، ويشكل إطارا موحدا يبحث مخاطر الهجرة غير الشرعية، وفرص الهجرة القانونية والتنمية المشتركة التي لابد من تحقيقها والتي تعكس المسؤولية المشتركة بين أوروبا وإفريقيا في هذا المجال[6]. …… « ، كما جدد الملك محمد السادس في خطاب ذكرى الثامنة والثلاثين للمسيرة الخضراء الدعوة للحكومة إلى وضع سياسة شاملة حول قضايا الهجرة واللاجئين، وفق مقاربة إنسانية تتوافق مع الالتزامات الدولية للمغرب وتحترم حقوق المهاجرين.[7] .
.وقد سطر دستور 2011 من خلال الديباجة والباب الثالث حماية للحقوق والحريات وفق ما تم المتعارف عليه دوليا، وبالتالي فان دستور 2011 باعتباره أسمى وثيقة قانونية تسعى تنظيم العلاقة بين السلط و ضبط التوازنات داخل النظام السياسي المغربي فإنه كدالك يسعى إلى توزيع الحقوق والحريات بشكل متساوي بين المواطن المغربي والمهاجر،مع توفيره لضمانات مؤسساتية من أجل الدفاع عن حقوق المهاجرين والترافع حولها عبر إعداد تقارير وتقديمها لسلطات المعنية بإعداد السياسات العمومية في مجال الهجرة، وهدا ما تبين من خلال إعداد التقرير الموضوعاتي حول واقع الهجرة بالمغرب حيث رفعه إلى الملك محمد السادس الذي دعا الحكومة إلى الإسراع بوضع إستراتيجية وطنية لإدماج المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين وفق مقاربة حقوقية و إنسانية ثم تعزيز المقاربة الأمنية عبر مراقبة حدود مع الجزائر وموريتانيا وأوروبا[8].
الفقرة الثانية: حماية المهاجرين وطالبي اللجوء بموجب المواثيق الدولية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
أولا: الحماية المقررة بموجب المواثيق الدولية لحقوق المهاجرين وطالبي اللجوء.
تشكل الاتفاقيات والبرتوكولات الاختيارية التي صادق عليها المغرب المرجعية الحقوقية لمختلف السياسات التي عمل على تسطيرها ومن بين هده السياسات الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء والتي موضوع دراستنا، والتي ارتكزت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة [9]1948 ثم العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سنة 6619، صادق عليه المغرب سنة 1979،و البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سنة 2008 والدي تم التوقيع عليه من طرف المغرب[10].
الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، سارية المفعول سنة 2003، تمت المصادقة عليها 1993، نشرت رسميا في فبراير 2012.
و اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية الحق في التنظيم سارية المفعول مند العام 1950، غير موقعة من طرف المغرب ثم اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 143 بشأن العمال المهاجرين، التي أصبحت سارية المفعول مند العام 1978، ولم يوقع عليها المغرب.
ومن بين الاتفاقيات التي تشكل أسس الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، اتفاقية جنيف المتعلقة بوضع اللاجئين 1951 وبرتوكولها الإضافي 7619، و تمت المصادقة عليها من طرف المغرب في العام 6195، وتوقيع البرتوكول الصادر سنة 7619 في عام 1971، و اتفاقية حقوق الطفل 1989 التي تمت المصادقة عليها عام 1993.
و اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1979 وبروتوكولها الاختياري 1999 والتي تمت المصادقة عليها عام 1993 وتم رفع كل التحفظات عليها وتمت المصادقة على برتوكولها الاختياري عام 2011[11]. و يمكننا أن نتساءل عن مساهمة المجلس الوطني عبر التقارير التي يعدها في حماية حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء بالمغرب؟
ثانيا: حماية المجلس الوطني لحقوق الإنسان لحقوق المهاجرين وطالبي اللجوء.
يجسد إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان حرص و التزام المغرب بحماية حقوق المواطنين وحرياتهم وتشبثها باحترام التزاماتها الدولية، فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان كما متعارف عليها دوليا، كما يشكل إحداث مؤسسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان تعزيزا للصرح المؤسساتي للدولة الحق والقانون بالمغرب، والدي حل محل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي تم إنشاءه سنة 1990 في ظل الإصلاحات السياسية التي دشنها المغرب و من أجل مصالحة مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان[12].
ويعد المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة وطنية مستقلة وظيفتها حماية حقوق المواطنين وحرياتهم والنهوض بها وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان، وتم تأسيسه وفق مبادئ باريس الناظمة للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ويتوفر المجلس الوطني لحقوق الإنسان على اختصاصات واسعة على المستوى الوطني أو الجهوي، هدا المعطى يعزز استقلاليته[13].
ويمارس المجلس الوطني لحقوق الإنسان اختصاصاته في القضايا العامة والخاصة المتصلة بحماية حقوق الأفراد والمجموعات كما أنه يعمل على رصد و تتبع أوضاع حقوق الإنسان على الصعيد الوطني و الجهوي، و يبدي رأيه في كل القضايا التي يعرضها عليه الملك في مجال احترام حقوق الإنسان، وفي هدا السياق أعطى الملك محمد السادس أوامره للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لإعداد تقرير حول واقع المهاجرين بالمغرب، وهدا الأخير عمل على إعداد تقرير موضوعاتي و قام برفعه للملك محمد السادس، يبرز من خلاله كل مظاهر الاختلالات والضعف التي تشوب ملف الهجرة، وسطر توصيات للنهوض بالملف واحترام المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.
كما يمكن للمجلس الوطني القيام بكل التحريات واللقاءات اللازمة لتكوين وجمع المعلومات المؤكدة والموثوق بها، كما يعمل المجلس على إعداد تقارير تتضمن خلاصات ونتائج الرصد أو التحقيقات و التحريات التي قام بها، ويتولى رفع التقارير إلى الجهة المختصة، مع ضرورة وجود توصيات لمعالجة الانتهاكات، وينظر المجلس في كل انتهاكات وخرق حقوق الإنسان بمبادرة منه أو بناء على شكاية ممن يعنيهم الأمر، وفي هدا الإطار يتلقى المجلس الوطني لحقوق الإنسان الشكايات ويتم دراستها ومعالجتها وتتبع مساراتها ومآلها وتقديم التوصيات بشأنها إلى الجهة المختصة[14].
وبالتالي فان أسس الدولة المدنية تقوم على احترام حقوق الإنسان كما متعارف عليها عالميا، ومن بينها ضرورة احترام حقوق المهاجرين جنوب الصحراء، من خلال توفير لهم عدة حقوق اقتصادية واجتماعية و ثقافية و سياسية، لتسهيل اندماجهم داخل نسيج المجتمع المغربي، وللحد من التداعيات الأمنية والاجتماعية للهجرة السرية على المغرب وبلدان الجوار.
المحور الثاني: أبعاد سياسة المغرب لحماية المهاجرين.
ظل موضوع الهجرة بالمغرب يشكل دائما إشكالا محرجا يقض مضجع الحكومات المتعاقبة لعقود طويلة. فما بين “غض الطرف” حيناً والصرامة الأمنية حيناً آخر، ظل المهاجرون الأفارقة نكرة في المعادلة المغربية لعقود… مع اعتماد المقاربة الأمنية المحضة.
فالمقاربة الأمنية وجدت مبرراتها لدى المدافعين عنها في كون العديد من المهاجرين الأفارقة “غير الشرعيين” يمارسون أنشطة محظورة يعاقب عليها القانون: السرقة، النصب، ترويج المخدرات، تزوير العملات، التسول، الدعارة، و الهاجس الأمني ليس إلا واجهة للتغطية على هاجس سياسي تلعب فيه الحسابات السياسية دورا هاما، في تغييب للهاجس الحقوقي والاجتماعي.
وبالتالي فإن الإستراتيجية الوطنية الجديدة في مجال الهجرة واللجوء تحمل في طياتها أبعاد إنسانية وحقوقية وفق ما سطرته الإعلانات الدولية لحقوق الإنسان، كما أن الهاجسان السياسي والحقوقي يحكمان كذلك وضعية الأفارقة في المغرب.
الفقرة الأولى: البعد الإنساني والحقوقي لسياسة الهجرة بالمغرب.
يكفل دستور المملكة المغربية البعد الحقوقي لسياسة الهجرة و اللجوء، حينما شدد على الالتزام بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، ونص على منع كل أشكال التمييز على أساس الجنس أو اللون أو المعتقد أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو أي وضع شخصي كان،
ومن هذا المنطلق، يجب اعتبار وجود مواطنين من بلدان إفريقية جنوب الصحراء في المغرب، قضية كرامة إنسانية وقضية حق الإنسان في العيش والعمل والاستقرار، ولاسيما حين يفر المواطن مكرهاً من أوضاع الفقر والبطالة والمجاعة والحرب والقمع والاستبداد[15].
كما يجب اعتبار الممارسات السلبية المرتبطة بالعديد من المواطنين الأفارقة القادمين من جنوب الصحراء، (وهي ممارسات توجد أيضا بين صفوف الكثير من المغاربة) والتي يثيرها الميالون إلى تغليب المقاربة الأمنية البحثة تسري عليها مقتضيات القانون الجنائي، وتستدعي تطبيق القانون عليها في حال ثبوت الجنحة أو الجريمة، ينبغي الإقرار بأن المغرب تحول من بلد عبور إلى بلد إقامة، لدى عدد لا يستهان به من الشباب الأفارقة، مع رغبة أكيدة في الاندماج، من خلال تعلم اللغة العامية، والتعايش مع السكان، والبحث عن مصدر العيش الكريم، ولو في حدود دنيا من خلال ممارسة مهن غير قارة في الأحياء الشعبية، بل وحتى في شوارع بعض المدن الكبرى[16].
و في ظل انخراط المغرب في سياسة إدماج الأفارقة المهاجرين سيجد المغرب نفسه أمام جيل ثان من المهاجرين الأفارقة، يطالبون بحقوق المواطنة الكاملة في المغرب، بعدما أصبحنا نرى مواليد جدداً. فكيف لنا أن نتعامل مع هذا المعطى، الذي يطرح إشكالية التسجيل بدفاتر الحالة المدنية، و تمدرس الأطفال، والحق في الرعاية الصحية.
الفقرة الثانية: البعد السياسي والاجتماعي لسياسة المغرب في مجال الهجرة.
أولا: البعد السياسي.
أ: تندرج سياسة المغرب في مجال الهجرة ضمن حسابات مرتبطة بمصالح اقتصادية وسياسية مع الجيران الأوروبيين في الضفة الشمالية، وبالخصوص مع الأسبان، و فضل الإستراتيجية التي وضعها المغرب استطاع أن ينتقل من دور دركي أوروبا إلى شريك فعال لتدبير أزمة الهجرة و تأثيراتها على أوروبا. بحكم أن تواجد المهاجرين الأفارقة في المغرب هو مجرد محطة لمحاولة التسلل نحو “النعيم” الأوربي. ومن هذا المنطلق، يتخذ التعاون المغربي الإسباني خصوصا، والأوربي عموما، في جانب منه، شكل ضغط غير مباشر على المغرب في موضوع محاربة الهجرة غير الشرعية والمخدرات، حيث يطلب من المغرب أن يكون حدا وقائيا للمساهمة في التخفيف من التداعيات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية لملف الهجرة.
ب: كما أن انضمام المغرب لعمقه الإفريقي كان من بين الأسباب التي جعلت المغرب يتعامل مع ملف الهجرة بايجابية ودلك نظرا للامتداد التاريخي والجغرافي و الجيو استراتيجي للمغرب،. وهدا نتج عنه الاعتراف بالهوية المشتركة مع الأفارقة، فلا يعقل أن نتحدث عن المواطنين الأفارقة المقيمين بين ظهرانينا كما لو أنهم قادمون من كوكب آخر.
ت: إن رعاية الدول الأجنبية لمصالح المواطنين المغاربة المتواجدين بالخارج (4.5 مليون مهاجر مغربي) لا ينبغي أن تختلف عن حرص المغرب على حماية مصالح المهاجرين العابرين والمستقرين الجدد بالتراب، وبتالي فانه لكي يحضا تعامل المغرب بالمصداقية لدى دول الجوار و إزاء المنتظم الدولي فانه لابد من تجاوز منطق الكيل بمكيالين[17].
ث: كما وضع المغرب لسياسة إدماج الأفارقة له ارتباط بملف قضية الوحدة الترابية، و مع استحضار العمق الإفريقي للمغرب، كما يجب التعامل كذلك مع موضوع الهجرة غير الشرعية من منظور “براغماتي”، خاصة وأن خصوم الوحدة الوطنية يستعملون ورقة حقوق الإنسان للضغط على المغرب. لهدا اختار الملك محمد السادس المقاربة الأممية لحل النزاع ووفق المقاربة الحقوقية[18].
ثانيا: البعد الاجتماعي لسياسة المغرب في مجال الهجرة.
لدى المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء المتواجدين بالمغرب، رغبة أكيدة في الاندماج، و هي في حد ذاتها عامل ايجابي بالنسبة للمغرب، لكنه يقتضي ملائمة اجتماعية، ويستدعي اتخاذ تدابير إدماجية عملية، في مجال التشغيل والصحة و التمدرس والسكن، … وتمكين المقيمين منهم بطريقة شرعية من فرص الشغل، وأسباب الاندماج الاقتصادي والاجتماعي، وشروط العيش الكريم، ودلك من أجل تحويلهم إلى قوة إنتاجية واقتصادية تساهم في النمو الاقتصادي بالمغرب[19].
[1]: زكرياء اقنوش: محاور إستراتيجية الملك محمد السادس لإعادة تموقع المملكة داخل المنتظم الدولي، الطبعة الأولى سنة 2017، مطبعة الأمنية الرباط، ص98.
[2]: الظهير الشريف رقم 1-61 – 611 صادر في 28 ربيع الأول 1428، الموفق ل 17 ابريل 2007، بنشر اتفاق المقر الموقع بجنيف في 22 فبراير 2005 بين حكومة المملكة المغربية والمنظمة الدولية للهجرة بشان فتح ممثليه للمنظمة الدولية للهجرة بالرباط، الجريدة الرسمية عدد 5333، بتاريخ 25 جمادى الأولى 1428، الموفق ل 11 يونيو 2007، ص 6200
[3] : المرسوم رقم 2-04-750 صادر في 14 ذي القعدة 1425، الموفق ل 27 دجنبر 2004، المتعلق بتنظيم باختصاصات وزارة الداخلية ص 74.
[4]: زكرياء اقنوش: محاور إستراتيجية الملك محمد السادس لإعادة تموقع المملكة داخل المنتظم الدولي، الطبعة الأولى سنة 2017، مطبعة الأمنية الرباط.ص 100.
[5] : خطاب الملك محمد السادس ألقاه أمام قمة منتدى خمسة زائد خمسة بتونس، بتاريخ 05 دجنبر 2003.
[6] : رسالة وجهها الملك محمد السادس للمشاركين في أشغال القمة الفرنسية الإفريقية حول السلم و الأمن بتاريخ60 / 12 / 2013.
[7] : خطاب الملك محمد السادس في ذكرى الثامنة والثلاثين للمسيرة الخضراء. بتاريخ 6 نونبر 2013.
[8]: زكرياء اقنوش: محاور إستراتيجية الملك محمد السادس لإعادة تموقع المملكة داخل المنتظم الدولي، الطبعة الأولى سنة 2017، مطبعة الأمنية الرباط. ص 102.
[9]: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948.
[10]: العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 61 دجنبر6619.
[11] : الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان، الجمعية الاورو- متوسطية للحقوق، المغرب: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمهاجرين واللاجئين منشور سنة 2013 ص 3.
[12]: إبراهيم الزيتوني: دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان في حماية الحقوق والحريات، منشور بمجلة مسالك عدد مزدوج 27/28 السنة 2014، حول موضوع الدستور الجديد وأفاق حقوق الإنسان بالمغرب. ص 42.
[13]: إبراهيم الزيتوني: دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان في حماية الحقوق والحريات، مرجع سابق ص 43.
[14]: إبراهيم الزيتوني: دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان في حماية الحقوق والحريات، مرجع سابق ص 44.
[15] : عبد اللطيف أعمو: رهانات الهجرة واللجوء في المغرب، مقال منشور بالموقع الالكتروني للبرلماني عبد اللطيف اعمو،ص 2.
[16] : عبد اللطيف أعمو: رهانات الهجرة واللجوء في المغرب، مرجع سابق ص 2.
[17] : عبد اللطيف أعمو: رهانات الهجرة واللجوء في المغرب، مرجع سابق ص 3.
[18]: إدريس الكريني: تقرير عن ندوة الهجرة واللجوء بالمغرب، تم التصفح في 3 دجنبر 2016www.tanmia.ma.
[19]: عبد اللطيف أعمو: رهانات الهجرة واللجوء في المغرب،مرجع سابق ص 3.
- تحريرا في 17-7-2017