دور الجماعة الاقتصادية الأفريقية في تحقيق التكامل الإقليمي
إعداد الباحث : محمد عبد المجيد حسين – المركز الديمقراطي العربي
مقدمة
المجموعة الاقتصادية الأفريقية أو الجماعة الاقتصادية الأفريقية هي منظمة تتبع دول الاتحاد الأفريقي , وتضع أسس التعاون والتطور المتبادل لاقتصاديات الدول الأفريقية ,ويعد من أهدافها: إنشاء منطقة تجارة حرة، اتحاد الجمارك، سوق مشتركة، مصرف مركزي وعملة أفريقية موحدة, وبالتالي تحقيق أتحاداقتصادي ونقدي مشترك, هذا وقد ظهرت فكرة انشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية في اوائل الستينيات , بغرض تحقيق التكامل الاقتصادي ,كوسيلة لتحقيق التنميةالمستدامة للقاره الأفريقية, وفي عام 1980 تبنت القمه الأفريقية”خطة عمل لاجوس”والتي دخلت حيز التنفيذ 1994 ,واصبحت اتفاقية الجماعة الاقتصادية الأفريقية جزءا لا يتجزأ من ميثاق منظمة الوحدةالأفريقية (الاتحاد الافريقي حاليا), وسوف نستعرض فيما يلي الخطة التي وضعت لتفعيل الجماعةالاقتصاديةالأفريقية, ومدي تطبيق تلك الخطة في التكتلات المكونة للجماعة الاقتصادية الأفريقية علي الصعيد الاقتصادي والسياسي , وهل كانت هناك عقبات في الطريقلذلك ام لا ..
الأهداف
لاحظت اتفاقية أبوجا الموقعة عام 1991 والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1994 ان هناك ستة مراحل لتحقيق أهداف الجماعة وهي :
- بنهاية عام 1999: إنشاء تكتل في المناطق التي لم تدخل في أي تكتل.
- بنهاية 2007: تقوية التكامل والتطبيع بين الدول الأعضاء وتثبيت التعريفات الجمركية والغير جمركيه.
- بنهاية 2017: إنشاء منطقة تجارة حرة و اتحاد جمركي بين التكتلات.
- بنهاية 2019: إنشاء جمارك مشتركة على مستوى القارة، وبالتالي منطقة تجارية حرة شاملة.
- بنهاية 2023: انشاء سوق مشتركة أفريقية على مستوى القارة.
- بنهاية 2028: انشاء اتحاد اقتصادي ومالي موحد على مستوى القارة الأفريقية و عملة موحدة وبرلمان موحد.
اولاً : تقييم دور الجماعة الاقتصادية الأفريقية علي المستوي الاقتصادي :
بوجه عام تشغل البلدان الأفريقية باعتبارها كتلة اقتصادية، مرتبة متدنية للغاية في التيار العالمي السائد , فالقارة الأفريقية موطن لـ14 % من سكان العالم؛ بيد أنها لا تمثل سوى أقل من 3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ولا تتلقى سوى3 % من اجمالي الاستثمار الاجنبي المباشر العالمي, والتجارة بين البلدان الأفريقية (التجارة البينية)والتي يبلغ مجموعها حوالي 12% , تعتبر منخفضة مقارنة بما تحققه أوروبا (60 %)، وأمريكا الشمالية (40 %)، ورابطة أمم جنوبشرق آسيا (30 %(, وتتفاوت السرعة التي تعمل بها الجماعات الاقتصادية الإقليمية الثمانية التي يعترف بها الاتحاد الأفريقي على تنفيذ معاهدة أبوجا, وتعد جماعة شرق أفريقيا(اياك) هي الاكثر تقدماً فيما بينهم ,حيث أطلقت سوقها المشتركة في عام 2010, في حين أطلقت (الكوميسا) اتحادها الجمركي في عام2009, وأحرزت الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي والجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) تقدماُ في بناء مناطق التجارة الحرة لديهما ,كماأطلقت الجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا منطقة التجارة الحرة الخاصة بها في عام 2004 ,إلا أنها تواجه تحديات جسيمة على صعيد التنفيذ الفعلي, وتتسم مسيرة كل من اتحاد المغرب العربي والجماعة الاقتصادية لدول تجمع الساحل والصحراء والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) بالبطء، فجميع هذه الهيئات لم تتجاوز بعد طور التعاون بين الدول الاعضاء .
وفيما يلي موجز لاهم خمس مؤشرات رئيسيه تضمنتها اتفاقية ابوجا لقياس التكامل علي المستوي الاقتصادي والاجتماعي للقارةالأفريقية ككل وهي :
التكامل الانتاجيو التكامل الاقتصادي والمالي و التكامل التجاريو البنيه التحتيةو حرية انتقال عناصر الانتاج .
- حرية انتقال عناصر الانتاج :
- تعد الجماعةالاقتصادية لدول غرب افريقيا هي الاكثر تقدما في هذا المجال (ايكواس).
- التكامل المالي والاقتصادي الكلي :
- نجد أن الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ايكواس) هي الأعلى أداء علي مستوي التكامل المالي والاقتصادي الكلي.
- التكامل التجاري :
- وتعتبر اللجنة الاقتصادية لشرقأفريقيا(اياك)الأعلى أداءً في مجال التكامل التجاري.
- التكامل الانتاجي :
- وتعتبر اللجنة الاقتصادية لشرق أفريقيا(اياك)الأعلى أداءً في مجال التكامل الإنتاجي.
- البنيه التحتية :
- وتعتبر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) أعلى أداء في مجال البنية التحتية الإقليمية من قرنائها.
إجمالاً يمكن القول بأنه تفاوتت التجمعات الاقليمية فيما حققته من خطوات نحو تحقيق التكامل الإقليمي , حيث حققت بعضها تقدم ملحوظ في هذا الصدد ,في حين مازال البعض الاخر يواجه صعوبات مختلفة . فلقد حدث تقدم محدود فى ثلاثة من التجمعات الثمانية فيما تتعلق بإقامة مناطق للتجارة الحرة واتحادات جمركية وهى تجمع (UMA) , وتجمع سين-وصاد-وتجمع الايجاد . بينما حققت كل من الكوميسا و(EAC) والايكواس تقدم ملحوظ فى هذا الصدد . ولكن لا يزال أمامها الكثير لتحقيق أهداف معاهدة أبوجا, وبوجه عام من مؤشرات التكامل الخمس السابقةنجد ان التكتلات الاقتصادية داخل الجماعةالاقتصاديةالأفريقية قد وصلوا جميعا الي المرحلةالثالثة من التكامل في كلا من البنيه التحتية والتكامل الانتاجي والتكامل التجاري والتكامل المالي والتكامل الاقتصادي وحرية انتقالعناصر الانتاج .و لايزال هناك قصور في التكامل المالي والاقتصادي الكلي رغم وصول جميع التكتلات للمرحلةالسادسةفي التكامل التجاري كما يوضح الشكل التالي :
ثانياً : تقييم دور الجماعةالاقتصاديةالأفريقية في تحقيق التكامل الافريقي علي المستوي السياسي :
1.دور الاتحاد الافريقي بالتعاون مع الجماعةالاقتصادية :
بدايةً أنشأت منظمة الوحدة الإفريقية جهاز آلية فضّ المنازعات في 1993م، وذلك بهدف حلّ النزاعات الإفريقية بوسائل إفريقية تحدّ من التدخل الأجنبي في شؤون القارة الإفريقيةكما حدث في الصومال , ولقد تجسّدت الأدوار العملية لمنظمة الوحدة الإفريقية في عمليات حفظ السّلْم والأمن بالقارة من خلال حثّها للأطراف المتنازعة على التسوية القضائية أمام محكمة العدل الدولية، كما حدث في النزاع الحدودي بين كلٍّ من نيجيريا والكاميرون، والذي أحيل لمحكمة العدل الدولية في 1994م واستمر الاتحاد الإفريقي في القيام بمهام المنظمة الإفريقية نفسها، والهادفة للحدّ من المنازعات الإفريقية سلميّاً بالتعاون مع الجماعةالاقتصاديةالأفريقية؛ فتمّ إنشاء مجلس السّلْم والأمن الإفريقي بوصفه جهازاً تابعاً للاتحاد ومسؤولاً عن تسوية المنازعات بين الدول الأعضاء، بالإضافة إلى التعاون المشترك مع الأمم المتحدة وأذرعها، بجانب التكتلات والتجمعات الإفريقية ,ومن هذه الجهود تسوية الصراع في توجو 2005م، وذلك بالتعاون والتنسيق الكامل مع الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا الإيكواس.أيضاً تدخل الاتحاد الإفريقي في موريتانيا عام 2005م بعد حدوث الانقلاب العسكري، تدخل الاتحاد الإفريقي عسكريّاً في جزر القمر في العام 2008م الدعم السياسي للحكومة الصومالية، التدخل في ازمة دارفور بغرب السودان منذ العام 2004م، وحتى الوقت الراهن
2.دور التكتلات الاقتصادية:
التجمّع الاقتصادي لدول غرب إفريقيا (الإيكواس – Ecowas) قد حقّق نجاحاً نسبيّاً في مواجهة الحروب الأهلية داخل الإقليم، كما حدث في توغو 2005م، فضلاً عن ذلك فإنّ الإيكواس أنشأت قوة عسكرية مشتركة (إيكو موج )، تساعد في تحقيق الاستقرار الأمني لدولها. وقد أدت (الإيغاد) أدواراً فاعلة في تسوية النزاعات المسلحة في السودان والتي أفضت إلى اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) 2005م.
خاتمه
على الرغم من النجاحات النسبية التي حقّقتها الجماعةالاقتصاديةالأفريقية بالتعاون مع الاتحاد الافريقي في مجال حفظ السّلْم والأمن الدوليّين في إفريقيا ورغم التطورات الملموسة علي صعيد التكامل الاقتصادي ؛ فإنّ هناك العديد من المعوقات التي قللت من فاعلية أدوار تلك المنظمات والتكتلات في الوقت الراهن يمكن اجمالها فيما يلي :
1: الاستعمار وذيول الاستعمار:
منذ ان رسم الاستعمار الحدود السياسية للدول الأفريقية ومنذ ان نهب الاستعمار الثروات الطائلة التي كانت تذخر بها افريقيا تولد عن ذلك احدي امرين الاول الصراع الحدودي والقبلي الذي فكك اواصل الدولة امتدادا لأواصل الاقليم واختفاء فكرة القومية , الثاني قيام الاستعمار بتحطيم السكك الحديدية التي امدها بين الدول لنهب الموارد لضمان عدم قيام تجاره بينيه بعد خروجه منها وفيما يخص ذيول الاستعمار فهو لايزال يحارب كافة اشكال التكامل التي يمكن ان تقوم داخل القاره من خلال الشركات متعددة الجنسيات وجعل المصالح الأفريقية مصالح ثنائيه لصالحه وكذلك دور المنظمات الدوليةالسياسيةوالاقتصاديةوالتي يمتلك سائد الرأي بها.
2: الصراع :
تتلخص الصراعات داخل القاره في احدي صراعين اما صراع علي الثروة واما صراع علي السلطة وكلا الصراعين جعلا من غالبية الحكومات الأفريقية والفئات المعارضة ان يكونا خاضعين لتوجهاتهم دون الوطنيةوان تنئي القاره عن افكار القومية والتكامل الاقليمي التي زرعها جوموكينياتا وانصرفوا الي تركيز الناتج المحلي الاجمالي لدولهم إما في شراء الأسلحة وإما في بناء ما هدمته الأسلحة من بنيه تحتيه .
3: السكون :
مشكلة القاره الأفريقيةبالأساس هي مشكلة سكون ففي الوقت الذي شارفت فيه التكتلات الأوروبيةالضخمة والاتحادات الاقتصادية لدول العالم المتقدم ان تنشر افكار الدولةالمركزية وضرورة التفكك عن تلك التكتلات مبررين بذلك ان الصالح الخاص ابدي من الصالح العام وان فكرة التكامل ليست بذات الجدوى منذ بداية نبتتها لاتزال الدول الأفريقية تخطو خطوات السلحفاء في تحقيق حلم التكامل الافريقي .
وجهة نظر الباحث
لابد من وجود ألية الإلزام والإقصاء والموائمة :
-الإلزام بوجود لوائح صارمه علي مستوي كل جماعه تشجع الدول الاعضاء علي استكمال خطوات التكامل وتعاقب الدول التي تقف عقبه امام استمرارالجماعة في تحقيق اهدافها .
-الإقصاء علي مستويين علي المستوي الجزئي بأن تُقصي كل جماعه اقتصاديةالدولة التي لا توفيبالتزاماتها ولا تنفذ ميثاق الجماعةالاقتصادية وعلي المستوي الكلي بان يتم إقصاء التكتل الذي يبطء من عملية التكامل ومن ثم يمكن للدول المتفككة عن التكتل المنحل ان تنضم للتكتلات الاكثر استمرارا وتنظيماً .
-الموائمة بوجود تطابق في المستوي الاقتصادي للدول الاعضاء في كل تكتل مما يعجل بعملية التكامل .
قائمة المراجع :
أولاً مراجع باللغةالعربية :
الكتب :
د.محمد عاشور : دليل المنظمات الافريقيهالدوليه (جامعة القاهره : معهد البحوث والدراسات الإفريقيه , 2006)
بحوث منشوره : د. نهلة احمد ابو العز :تقييم مدى التقدم فى تحقيق التكامل الإقليمي بالقارة الافريقية نحو سوق افريقية مشتركة (جامعة القاهره : قسم السياسة والاقتصاد , معهد البحوث والدراسات الافريقية)
مصادر إنترنت : د. سامي السيد أحمد : خطوات منقوصة: التكامل الإقليمي الأفريقي .. خبرة الماضى وآفاق المستقبل , 2015. في :http://www.acrseg.org/39227
ثانياً مراجع باللغهالانجليزيه :
Africa Regional Integration Index ,2017.in :https://www.integrate-africa.org