احدث الاخبارعاجل
الاحتجاجات في ايران.. دوافع ونتائج
بقلم الباحث السياسي: محمد كريم جبار الخاقاني
في اواخر ايام عام2017، اندلعت احتجاجات شعبية في عدة مدن ايرانية اعتراضا على مجموعة قرارات كانت قد اقرتها الحكومة الايرانية بحجة التقشف الذي طال الطبقة الاكبر من الشعب الايراني الذي يعاني اصلا من ازمات داخلية متعددة ومنها ازدياد معدلات البطالة بين صفوفه ولاسيما بين الطبقة الشبابية القادرة على العمل ،اضافة الى ذلك خفض الدعم الحكومي المقدم للعائلات الايرانية ، كل تلك الاجراءات الاقتصادية لمواجهة الضائقة المالية التي تعاني منها ايران ومنذ فترة طويلة نتيجة الحصار المفروض عليها والتهديدات الامريكية الدائمة لها بتعديل الاتفاق النووي الذي ترى ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب بأن ذلك الاتفاق يجب ان يتم تغييره وبما يتناسب مع طبيعة وتطورات الاحداث مع العلم بأن احدى وعود ترامب الانتخابية كانت الغاء الاتفاق النووي ، ولقد سارعت الولايات المتحدة الامريكية الى اظهار الدعم لتلك الاحتجاجات الإيرانية وان وقت التغيير قد حان لذلك الامر ، وعكست التصريحات الامريكية من قبل مسؤوليها وعلى رأسهم دونالد ترامب الاهمية المتنامية لتلك الاحتجاجات في ايران وهذا ما اعتبرته طهران تدخلا في الشأن الداخلي ويتعارض مع مبدأ اساس من مبادئ الامم المتحدة وهو مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، وسارعت الولايات المتحدة على ادانة النظام الايراني وقمعه للحريات الشخصية من خلال استخدامه القوة لتفريق تلك التظاهرات ،على العكس تماما من التصريحات الرسمية الايرانية التي اكدت على مبدا التظاهر السلمي والحقوق المشروعة للشعب الايراني التي جاءت على لسان الرئيس الايراني حسن روحاني ،وفي تقديرات لما تمخضت عنه تلك الاحتجاجات الشعبية وحسب وكالات انباء عالمية ،ان عدد القتلى قد تجاوز العشرات مما يؤشر لحالة التعامل المفرط لقمع المظاهرات وفق تلك الوكالات ،الامر الذي تنفيه مرارا وتكرارا طهران ،ومن حيث تقييم الاوضاع وما ستؤول اليه ،تطرح الورقة البحثية السيناريوهات المحتملة الحدوث . دوافع الاحتجاجات الشعبية. تتعدد ابعاد ودوافع الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في اواخر عام 2017 بسبب ما وصفته الانباء الرسمية الايرانية بالدوافع الاقتصادية التي فرضت اتباع سياسة تقشفية لمواجهة العجز الناجم في الموازنة ، فتم نتيجة ذلك ، تخفيض مقدار الدعم الحكومي المخصص للفقراء ، مع ارتفاع في الاسعار مما اثر بشكل كبير جدا وملحوظ في القدرة الشرائية للمواطنين ، وكانت تلك الدوافع الاقتصادية التي لجأت اليها الحكومة الايرانية بحجة التقليل من البطالة المنتشرة في صفوف الشعب الايراني ولاسيما يين الشباب وهي الفئة الكبيرة القادرة على العمل ،مع ازدياد تلك الموجة ومنذ سنوات عديدة بسبب الحصار الاقتصادي المفروض على ايران .
لذا يمكن تقسيم تلك الدوافع الى ،دوافع اقتصادية بحتة ادت الى التظاهر لاعلان موقف الشعب الايراني منها وانه رافضا لكل الاجراءات الحكومية ،ومنها دوافع سياسية اذ تم تنظيم جزء من تلك التظاهرات من قبل التيار المحافظ الذي خسر معركة الرئاسة لمصلحة التيار الاصلاحي المعتدل ولفترتين متتاليتين، الامر الذي استثمرته تلك القوى المحافظة ومحاولتها تغيير رأس النظام الايراني ونقصد بذلك الشيخ روحاني ،اي ان الدوافع السياسية المهيجة للمظاهرات كانت داخلية استغلت من قبل تيارات معارضة للحكومة الحالية ، ومع ذلك نجد بأن النظام الايراني الرسمي يتحدث عن مؤامرة خارجية مدعومة من بعض القوى الاقليمية التي تحاول وبشتى الطرق نقل المعركة داخل أسوار المدن الايرانية ومواجهة النفوذ الايراني المتنامي داخل البلدان العربية ولاسيما بعد عام 2003، وبذلك فالتلميح الحكومي هنا يتوجه نحو المملكة العربية السعودية ،وذلك بعد تصريحات من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ،التي تحدث عن نقل المعركة داخل ايران نفسها ،فعدته ايران حربا غير معلنة بين الطرفين لاسيما بعد تطورات الازمة بينهما وتبادل الاتهامات بشأن حاجث احراق السفارة والاعتداء على طاقمها الدبلوماسي عقب اعدام الشيخ النمر في اوائل عام 2016، وعليه نجد بان الدافع السياسي من الممكن ان يكون دافعا قويا لتأييد المظاهرات الشعبية مع الاشارة الى ان بدايتها كانت من مدينة مشهد ذات الرمزية الدينية والسياسية للنظام الايراني ،اذ يستمد شرعيته الاساسية في ادارة الشؤون السياسية للبلاد من تلك المدينة المقدسة ومع امتداد اثر المظاهرات ليشمل مدن اخرى .
ان خروج الشعب الايراني الى الشارع مطالبا بوقف الاجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة في وقت سابق هو دليل على عدم رضا وقبول للشعب ازاء تلك السياسات الاقتصادية التي اثرت بشكل كبير جدا على القدرة الشرائية للمواطنين مع رفع جزئي للعقوبات المفروضة على ايران بسبب برنامجها النووي الذي قد تم الاتفاق بشأنه.