السعودية ربما تُغيّر تكتيكاتها حول الصراع المتفاقم في اليمن تحت ستار تطوير وزارة الدفاع
-المركز الديمقراطي العربي
في مقابلة حصرية أجرتها صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وذلك على خلفية ترتيبات جديدة في الحكومة وقيادة الجيش، أي قرار لا مثيل له في تاريخ المملكة وقد شدد على أن سياساته الداخلية والخارجية التي توصف كثيرا بالخطيرة مطلوبة لتنمية المملكة ومكافحة خصومها مثل إيران.
منذ تدخُّلها في اليمن في عام 2015 لإعادة تنصيب الرئيس عبد ربه منصور هادي، لم تكن القوات السعودية ناجحة بشكل استثنائي في معركتها ضد المتمردين الحوثيين.
وفي حين استولت الوحدات العسكرية المتحالفة من الإمارات العربية المتحدة على مدينة عدن الساحلية ومعظم الجنوب، تمكّن الحوثيون من الاحتفاظ بشمال غرب اليمن الذي يضم حوالي ثلاثة أرباع السكان. والأسوأ من ذلك من وجهة نظر الرياض هو أن المملكة خسرت جزءاً من أراضيها للقوات الحوثية.
فوفقاً للدبلوماسيين، يسيطر الحوثيون أساساً على حوالي مائة ميل مربع (حوالي 259 كيلومتر مربع) من الأراضي السعودية على طول الحدود، إن لم يحتلوها فعلاً.
ومما يفاقم من حدّة الوضع المحرج الذي تواجهه المملكة هو حقيقة أن إيران، وهي الخصم الأقدم للسعودية في المنطقة، قدمت مساعدةً سرية وافرة إلى الحوثيين، شملت صواريخ بعيدة المدى أُطلقت لمسافات بعيدة وصلت إلى حد ضرب الرياض فضلاً عن قارب سريع من دون سائق كان قد ألحق ضرراً بالغاً ببارجة سعودية.
ويقول “سايمون هندرسون” تريد واشنطن من السعوديين أن يسعوا إلى إيجاد حل دبلوماسي للحرب، من خلال إعادة فتحهم قناة اتصال خلفية عُمانية مع الحوثيين، ومن ثم تفريقهم عن رعاتهم الإيرانيين (الذين يبدون ممتنين من مدى تأثيرهم على الصراع بالحد الأدنى من المشاركة من جانبهم).
ومن السابق لأوانه القول ما إذا كانت التغييرات الجديدة في صفوف المسؤولين السعوديين ستعكس تحولاً في هذا الاتجاه أو عزماً على إحراز انتصار عسكري.
والجدير بالذكر أنّه تم “إنهاء” خدمة رئيس هيئة الأركان العامة إلى جانب قائد قوات الدفاع الجوي، اللذين شملت مسؤولياتهما حماية الرياض من الهجمات الصاروخية. وهو الأمر بالنسبة إلى قائد القوات البرية الذي “أعفي” من منصبه، وتم تعيين قائد جديد لـ “قوة الصواريخ الاستراتيجية” السعودية التي توجّه حالياً صواريخها بعيدة المدى التي زودتها بها الصين نحو إيران.
ومن حيث التقاليد السعودية، لا ينتمي هؤلاء الضباط الكبار إلى العائلة الملكية، ويتم اختيارهم لأنه من غير المرجح أن يخططوا للقيام بانقلابات عسكرية. أمّا الاستثناء الملكي الوحيد فهو قائد القوات الجوية الجديد اللواء طيار ركن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز آل سعود، الذي هو أيضاً أحد أقرباء ولي العهد.
وقد تعرّضت القوات الجوية لانتقادات واسعة لأنها ضربت أهدافاً مدنية في اليمن سواء عمداً او بسبب إخفاقها في استخدام الذخائر الموجهة بدقة التي زودتها بها الولايات المتحدة وبريطانيا.
وترى الولايات المتحدة أنّ هذه الحرب لا يمكن الانتصار فيها، وأنّ تفشي المجاعة ووباء الكوليرا في اليمن ينعكسان سلباً على واشنطن والرياض على السواء. وعلى الرغم من أنّه من المتوقع أن يشدد ولي العهد على التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي سيجلبها إلى المملكة خلال زيارته إلى واشنطن، إلّا أن الضغط عليه لإنهاء الحرب سيكون من أولويات جدول الأعمال الأمريكي.
ويقول محللون إن التغييرات ليست مرتبطة بشكل مباشر بالحملة التي تشنها السعودية منذ ثلاث سنوات في اليمن على جماعة الحوثي المدعومة من إيران. لكن الوضع تجمد في الحرب الدائرة وتنامت الانتقادات الدولية بسبب الأزمة الإنسانية والغارات الجوية التي أدت إلى سقوط قتلى مدنيين.
ومن المحتمل أن يواجه الأمير محمد بن سلمان تساؤلات من حلفاء يشعرون بإحباط من ضعف التقدم في الحرب وذلك خلال زيارات مزمعة للولايات المتحدة وأوروبا.
وقال مايكل ستيفنز الباحث في معهد رويال يونايتد سيرفسيز للأبحاث في بريطانيا ”بوسعه أن يقول…إنه اتخذ إجراءات بهذا الشأن حتى أعلى المسؤولين. لكن ذلك لن يبث الثقة في أن جيشك كنتيجة لذلك سيكون قادرا على الأداء بشكل أفضل من الناحية الفنية“.
وقال مصدر على علم بإستراتيجية إعادة هيكلة وزارة الدفاع لرويترز إنها تهدف إلى تحسين الكفاءة والحد من الفساد لكنها قد تواجه بمقاومة. وقال الباحث جوزيف كيتشيكن إن بعض الضباط أقيلوا لعدم الكفاءة بينما حصل آخرون على ترقيات سريعة لكن بعض المحليين يقولون إنه لم يتضح ما إذا كانت التغييرات ستحسن الأداء العسكري على الفور.
ويقول المحللون إن التغييرات تعطي إشارة إيجابية للجيل الأصغر سنا فيما أصبح من سمات أسلوب ولي العهد في حكم شعب السعودية الشاب الذي عاني من تقاليد أبوية قصرت السلطة سنوات طويلة على كبار السن. وإذا خلف الأمير محمد والده سيكون أول حفيد لعبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة يصبح ملكا بعد حكم ستة من أبنائه على مدى عقود.
وقال نيل باتريك الباحث المقيم في بريطانيا ”من المفيد أحيانا إظهار قدرتك على الرعاية. قد يمنح إحساسا بالنشاط…لكنني سأندهش إذا قادت إلى أي تغييرات في السياسة باليمن أو في أي مكان آخر“.
وكان ولي العهد، البالغ من العمر 32 عاما والذي يشغل كذلك منصب وزير الدفاع، قد تعهد بإصلاحات لتنويع اقتصاد المملكة بعيدا عن صادرات النفط وتوفير فرص عمل وتخفيف القيود الاجتماعية في المملكة. ومنذ بزوغ نجمه قبل ثلاث سنوات عزل الأمير محمد كذلك عددا ممن يمكن أن ينافسوه على العرش.