احدث الاخبارعاجل

الإتفاق النووي مع إيران … المشاهد المحتملة

اعداد الباحث السياسي : محمد كريم جبار الخاقاني – ماجستير علوم سياسية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

هناك عدة مشاهد محتملة للإتفاق النووي الموقع بين لدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الامن فضلاَ عن المانيا مع إيران, فمنها إن الإتفاق في طريقه للإلغاء من طرف الولايات المتحدة الامريكية وخاصة بعد تولي ترامب سدة الحكم عام 2017 لاسباب يراها موجبة للإنسحاب من ذلك الإتفاق الذي ابرمه سلفه الرئيس الامريكي السابق اوباما واصفاً اياه, بإنه الاسوء في التاريخ, بينما يفضي المشهد الثاني الى استمرارية الإتفاق مع وجود بعض العقبات التي تعترض طريقه, إذ قد تُثار بين الفينة والاخرى بعض الضغوطات التي تمارسها الولايات المتحدة في سبيل تحقيق هدفها المتمثل بتعديله وفقاَ للمصالح الامريكية وهذا هو المشهد الثالث من مشاهد الإتفاق النووي ولكن بصيغة معدلة وفي هذا الاطار تبرز المبادرة الفرنسية الرامية الى إحداث تغير في طبيعة الإتفاق مع استمرارية قبول الولايات المتحدة به للخروج بنتيجة مرضية للطرفين, ومن ثم تقليص لدور ايران حسب وجهة النظر الامريكية في المنطقة.

ومن اجل الإحاطة بكل تلك المشاهد المحتملة للإتفاق النووي مع إيران, سنبحث تلك الخيارات وكما ياتي:

اولاَ: مشهد إنسحاب امريكي من الإتفاق النووي.

إن مسالة الإنسحاب الذي تريده الولايات المتحدة الامريكية من اتفاقها مع ايران , يعني التمهيد لإلغاءه كلياَ ومن ثم العودة الى نقطة البداية الاولى, فالولايات المتحدة ولاسيما منذ مجيء ادارة الرئيس الحالي ترامب للحكم ترى بإن ذلك الإتفاق غير مفيد لها وهي تعمل على إلغاءه تنفيذاَ لوعود إنتخابية قد وعد بها ترامب ناخبيه في حالة فوزه بالانتخابات الامريكية, ووصف ترامب الإتفاق النووي مع إيران بإنه الاسوء في التاريخ ومن ثم فإن صدى تلك الرغبة الامريكية بدت تتردد في الساحة الدولية منذ تسلم ترامب فعلياَ في عام 2017, فبدات الادارة الامريكية الجديدة تُصًعد من نبرة خطابها ازاء إيران وتعدها بإنها تثير قلق المجتمع الدولي باكمله بسبب ما وصفته بالتدخلات الايرانية المستمرة في منطقة الشرق الاوسط كما يحدث في اليمن وسوري ولبنان والعراق, ونجد بإن ايران وحسب التوصيف الامريكي تشعل الصراعات في اي مكن تتدخل فيه, ومن اجل تلك الفكرة , تُحشد الولايات المتحدة الراي العالمي وبالخصوص الاوربي منه حول طبيعة التدخلات الايرانية في ملفات المنطقة الشرق اوسطية, فالولايات المتحدة تسعى من ذلك الى تعبئة الدول الاوربية للحصول على دعمها وتاييدها ولاسيما الدول الموقعة على الاتفاق النووي وهي فرنسا وبريطانيا والمانيا وبالفعل نجحت في ذلك المسعى عبر الزيارات الاخبرة لمسؤولي تلك الدول الى الولايات المتحدة والخروج بتصريحات تدعم الموقف الامريكي في الإعلان بصيغة مشتركة بإن إيران دولة تسعى لإمتلاك التقنية النووية لاغراض غير سلمية وهذا ما اثار الشعب الإيراني الذي عبرت عنه قياداته العليا بإنهم سيكونون هدفاَ لنوايا امريكية غربية مشتركة, فالمرشد الاعلى للجمهورية السيد علي خامنائي دعا الشعب الايراني الى الاعتماد على النفس وزيادة انتاجه لمواجهة تلك المشاهد المتوقعة لإنسحاب امريكي مرتقب من الإتفاق النووي وبالتالي العودة بالوضاع مرة اخرى الى وضعها السابق قبل الإتفاق حيث العزلة الدولية والحصار الدولي عليها.وإذا م نجحت تلك المحاولات الامريكية فإن ذلك يعني ايذاناَ وتصريحاَ فعلياَ لإمتلاك ايران للسلاح النووي على حد وصغ الرئيس الايراني حسن روحاني الذي يشير الى ذلك , بإنها خطوة نحو إعلان ايران دولة نووية.

ثانياَ: مشهد استمرار الإتفاق النووي.

نتصور في هذا المشهد استمرار الاتفاق النووي مع ايران ولكن مع وجود عقبات قد تثير بعض المشكل في سبيل تطبيق بنوده التي ربم تحدث بين الطرفين الايراني والامريكي. فاستمرارية الاتفاق النووي تعني تعزيز مصداقية الدول الاوربية والموقعة عليه وبالخصوص دول المانيا وفرنسا وبريطانيا كونها دول ذات ثقل اوربي كبير وبالتالي فهي تعد ضمنة لإلتزام ايران ببنود الإتفاق الموقع معها من جانب , ومن جانب اخر , تمثل تلك الدول ورقة ضغط على الولايات المتحدة ودفعها الى التهدئة وعدم التصعيد واثارة موضوع الإنسحاب من قبلها تنفيذاَ لوعود ترامب الإنتخابية وهنا ستكون تلك الدول في حالة حرجة جداَ امام المجتمع الدولي, فهي تعتبر دول ضامنة للاتفاق , ولذلك فهي تسعى الى جعل ادارة ترامب تقبل بالشروط الموقعة من قبل اوباما وعدم تنغيذ وعودها وتهديدها المستمر للانسحاب منه, وهذا ما يجعل الدول الاوربية في حالة قلق دائم , إذ يعني ذلك فقدن مصداقيتها امام الراي العالمي  وعدم القبول بها كدول ضامنة مرة اخرى لاي اتفاق مستقبلي يُعقد برعايتها, فالاتفاق النووي حاز على ثقة المجتمع الدولي اجمع ونال استحسان المنظمات الدولية المعنية بالامر ومن ثم ليس من السهولة خسارة تلك المكتسبات , وعليه تعد استمرارية الاتفاق النووي من افضل الحلول التي قدمتها الدول الاوربية للخروج من الازمة , إذ يعد من الصعوبة بمكان لاي من الطرفين سواء كان الامريكي او الايراني ان يلجاوا لخيارات اخرى مع تلك البنود الموقعة .

ثالثاً: مشهد استمرار الاتفاق النووي ولكن بصيغة جديدة.

في هذه الحالة نتصور استمرار الاتفاق مع ايران ولكن عبر تعديل بعض البنود الموقعة , وذلك من خلال اجراء مفاوضات جديدة بين تلك الدول الخمسة والمانيا مع إيران, فنفترض في هذا المشهد ان يستمر الاتفاق من حيث المبدا ولكن مع إدخال بعض التعديلات حول بعض الفقرات التي تثير الجانب الامريكي , وفي هذا الصدد تبرز المبادرة الفرنسية كخطوة اولية لتبديد القلق الامريكي تجاه الاتفاق النووي , فتزايد الدور الايراني  في منطقة الشرق الاوسط وتدخلاتهاالمستمرة في شؤون الدول ومحاولات اذكاء الصراعات فيها سبب كافي للولايات المتحدة لكي تقرر الانسحاب من الاتفاق تمهيداَ لإلغاءه كلياَ وبالتالي ايفاء وعود ترامب الانتخابية ولكن مع ذلك , يمكن للمبادرة الفرنسية ان تعالج بعض الثغرات التي تثير قلق الولايات المتحدة ومن ثم تعديلها عبر الدخول في مفاوضات جديدة لتعديل تلك البنود التي وقعت عليها ادارة اوباما.

وفي هذا الخصوص قد تبرز لنا فكرة الرفض الايراني لإجراء مفاوضات مع تلك الدول حول تعديل بعض البنود مما يفتح الباب امام كل الاحتمالات إذا ما انسحبت الولايات المتحدة منه, فإيران مقتنعة بإنها حتى لو اجرت التعديلات على الاتفاق فهذا لن تقبل به الولايات المتحدة , وعلى هذا الاساس تؤكد القيادة الايرانية على انها تسعى لإمتلاك التقنية النووية لاغراض سلمية وليس لاغراض عسكرية كما تدعي الولايات المتحدة , وحتى لو فرضنا بان ايران قد قبلت على اجراء المفاوضات بسبب بعض الضغوطات التي تمارسها بعض الدول الاوربية التي لديها علاقات مميزة معها , فإن ذلك مدعاة لفرض شروط متبادلة بشان الاتفاق مثل تخفيف القيود الاقتصادية المفروضة عليها والسماح برقابة دولية لمنشاتها النووية مع زيارات مفاجئة لفرق المنظمات الدولية المتخصصة بالمراقبة ومتابعة عدم خرق الاتفاق النووي , ومع كل هذا فإن ايران متاكدة تماماَ بإن ذلك غير كافي للولايت المتحدة التي تريد بإي شكل من الاشكال الانسحاب من الاتفاق النووي .

وفي راينا نجد بإن تمسك الولايات المتحدة بخيار الانسحاب من الاتفاق يبدو الارجح  نسبياَ لاسباب تتعلق بالجانب الامريكي اولاَ , إذ يعني ذلك تنفيذ وعود ترمب الانتخابية وبالتالي ظهوره بمظهر الرجل الذي يفي بالتزاماته مهما كان الثمن , وكذلك يتعلق الامر بالدول الاوربية وخصوصاَ تلك الموقعة على الاتفاق , إذ حصلت الولايات المتحدة على دعمها وتاييدها لهذا الخيار.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى