هل ستكون تغريده الصدر “رمانة الميزان” في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة ؟
اعداد الباحث : اسامة فازع خضر – جامعة تكريت \ كلية العلوم السياسية
- المركز الديمقراطي العربي
اجريت الانتخابات البرلمانية العراقية في موعدها المحدد لها في الثاني عشر من مايو الحالي , ولم تكن النسب بالمستوى المؤمل , فضلاَ الكم الهائل في عمليات التزوير خصوصاً القوائم الكبيرة المتنفذة . ودون الاسهاب في نسب المشاركة المتدنية او ما رافق العملية الانتخابية من شوائب , سينصب تركيزنا هنا على مسألة تشكيل الحكومة.
ان تشكيل الحكومة في الدورات الثلاثة الماضية قد ولدت بطريقة اشبه بالقيصرية , رافقها شد وجذب حتى ان بعض الوزرات اديرت بالوكالة لبرهة من الزمن .
- ولهذا هل سنكون امام ولادة حكومة جديدة مشوهة ؟
- ام ان للصدريين الذين فازوا بأعلى نسبة من المقاعد رأياً اخراً ؟
- هل سيكون الصدريين رمانة الميزان في تشكيل الحكومة العراقية القادمة ام ان رياح الصدر ستسير بما لا تهواه سفينة الاطراف الاخرى سيما السنية منها ؟
يجيب رجل الدين (مقتدى الصدر) على تلك التساؤلات قبل ان نثيرها في تغريدته التي قال فيها (( اننا ( سائرون ) ب ( حكمة ) و ( وطنية ) لتكون ( ارادة ) الشعب مطلبنا نبني ( جيلاً جديداً ) ولنشهد ( تغييراً ) نحو الاصلاح وليكون ( القرار ) عراقياً فنرفع ( بيارق ) (النصر ) ولتكون ( بغداد ) العاصمة ( هويتنا ) وليكون ( حراكنا ) ( الديمقراطي ) نحو تأسيس حكومة ابوية من ( كوادر ) تكنقراط لا تحزب فيها )) .
ان تلك التغريدة تحمل في ثناياها انفتاحاً صدرياً على جميع الاطراف والطوائف , ورغبة حقيقية باتجاه تشكيل حكومة عراقية تكنقراط شاملة لكل المكونات بعيداً عن التخندق الطائفي , وهذا ما اكدة الصدر نفسه في تغريده اخرى قال فيها ( لن تكون هناك خلطة عطار مقبلون على تشكيل حكومة تكنوقراط تكون باباً لرزق الشعب ولا تكون باباً لسرقة الاحزاب … كلا للهيئات الاقتصادية ) .
ان موقف الصدر يأتي بعد فازت ” سائرون ” وهي القائمة التي يتزعمها الصدر نفسه بأعلى نسبة من الاصوات في الانتخابات البرلمانية وبواقع (54 ) مقعداً , وبذلك تكشف تغريده رجل الدين مقتدى الصدر سيناريو تشكيل الحكومة المقبلة المتضمن الانفتاح على القوائم الاخرى دونما اعتبارات مناطقية او طائفية , فضلاً عن كشفها لرسائل مجتمعية تطمئن الشارع العراقي بأن الحكومة القادمة ستكون باباً لرزق الشعب , و يتأتى ذلك بالتواتر مع اتصالات بدأت تجري بين العديد من القيادات السنية والصدر بهدف تشكيل حكومة عراقية شاملة , فقد اجرى زعيم المشروع العربي الشيخ (خميس الخنجر) اتصالاً هاتفياً مع مقتدى الصدر وعبر عن رغبته الحقيقية في تشكيل حكومة مقبلة جامعة لكل الاطراف .
ولكن الامر غير المتوقع في تلك التغريدة هو غياب اقواس دولة القانون التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق (نوري كامل المالكي) وهذه اشارة واضحة لعدم رغبة الصدر بالتحالف مع نوري المالكي لعدم وثوق الاول في الاخير , وهذا الموقف محصلة للاختلاف الطويل بين الصدر والمالكي في الكثير من المسائل ابان حكم المالكي وربما هذا ما يفسر لنا استبعاد ( دولة القانون ) من تلك التغريدة التي تحمل اشارات شفافة لمعالم الحكومة العراقية القادمة .
ولكننا نعتقد ان تشكيل الحكومة العراقية في الغالب يخضع لاعتبارات خارجية , ويأتي الدور الامريكي والايراني في مقدمة تلك الاعتبارات , وغالباً ما يمارس العامل الخارجي دوراً فاعلاً في عملية تشكيل الحكومة العراقية , ولا يمكن ان ننكر الدور الايراني في سحب البساط من تحت قائمة اياد علاوي التي فازت ب(91 ) مقعداً في انتخابات 2010 ومن ثم صعود المالكي رئيساً للوزراء والتي احتلت قائمته المرتبة الثانية بعد قائمة ياد علاوي بواقع (89)مقعداً . كما لا يمكن اغفال دور السفارة الامريكية في عملية تشكيل الحكومة العراقية .
بالإضافة الى الدور الخارجي , يؤخذ على الصدريين ايضاً التحول السريع في المواقف , ولهذا لا يمكن ان نتوقع ان شكل الحكومة القادمة سيكون بالشكل الذي يتوق اليه رجل الدين مقتدى الصدر , فربما تجري رياح الاطراف الخارجية بما لا تهواه سفينة الصدر . ولهذا نعتقد ان تشكيل الحكومة القادمة لن يختلف كثيراً عن سابقتها من حيث تدخل الاطراف الخارجية , والشد والجذب في توزيع المناصب , وربما بقاء عدد من الوزرات بلا وزراء . ولهذا لن تكون الايام القادمة حبلى بالمفاجئات , فقد اعتاد الشارع العراقي على المشاكل التي ترافق عملية تشكيل الحكومة , ويبقى كل شيء وارد سيما وان العراق غالباً ما يتأثر سلباً وايجاباً بالظروف الاقليمية وحتى الدولية .