دور المركز الديمقراطي العربي في نشر الوعي السياسي والثقافي
اعداد : د. محمد عبدالحفيظ الشيخ – رئيس قسم العلوم السياسية، كلية إدارة الأعمال –
جامعة الجفرة ـــــ ليبيا
- المركز الديمقراطي العربي
في ضوء المتغيرات التي تشهدها منطقتنا بعد أحداث الثورات العربية وتخطيها لحاجز الرأي والرأي الواحد، وأفول نجم الديكتاتورية بكل تبعاته ومآسيه،التي نكبت شعوب المنطقة عقوداً، كان لزاماً على المؤسسات التعليمية في بلداننا العربية وتحديداً في الحواضن الأكاديمية أن تكون سباقة وأكثر استجابة، وتكيفاً، لمشهد المتغيرات السياسية والاجتماعية التي تمر بها المنطقة في استحداث حواضن متخصصة ونوعية، لنقل وعي المجتمع، وتحديداً فئة الشباب إلى تنشئة علمية تواكب التطورات المتسارعة من حولهم، وتجنبهم آفة الانزلاق إلى أتون ثقافة التطرف، والإقصاء، والإرهاب، الذي ندفع تكاليفه الباهظة من أرواحنا، ومستقر أمننا وتنميتنا .
وهذا هو جوهر ومقصد العملية التعليمية، التي تجتهد لخلق وعي ناضج يفي بمتطلبات المرحلة، واستحقاقات التنمية الشاملة، ويمهد لمستقبل تعددي يزخر بالرأي، وتقبل الخلاف فيه، ولن يتأتى هذا الهدف والثمرة بدون التأسيس العلمي الجيد، والهادف، والمدروس لاحتياجاتنا التعليمية ونوعيتها .
من هذا المنطلق، ظهر إلى الوجود المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية، في عام 2007، بجمهورية مصر العربية، ولم تمر سنوات قليلة من العمل الجاد حتى بادر المركز بافتتاح مقر رئيسي له في برلين – المانيا، وهو ما شكّل إضافة نوعية ومهمة في مسيرة المركز البحثية .
يعتبر “المركز الديمقراطي العربي” مؤسسة مستقلة تعمل في إطار البحث العلمي الأكاديمي والتحليلات السياسية والاقتصادية والقانونية والإعلامية حول الشؤون الدولية والإقليمية ذات الصلة بالواقع العربي بشكل خاص والدولي بشكل عام، ويهدف المركز بالدرجة الأساس للنهوض بالمستوى البحثي والتعليمي في منطقتنا العربية،التي تفتقر كثيراً إلى مثل هذه المؤسسات المتميزة والعريقة، بما يملكه من إمكانات ومقومات متنوعة، تؤهله، لأن يأخذ الريادة في مجال البحث العلمي والأكاديمي، ويصبح ضمن مصاف المراكز البحثية الأولى عالمياً .
وقد وضع المركز الديمقراطي العربي ضمن قائمة أولوياته العمل على تمكين الباحثين والإعلاميين والأقلام الحرة من طرح آرائهم بموضوعية دون قيود. إذ يسعى المركز إلى عرض كافة وجهات النظر المختلفة (الرأي والرأي الآخر) دون مصادرة تكريساً للديمقراطية الحقة التي أنشأ من أجلها. فقد أستقى أسمه أساساً من مبدأ راسخ لدى مؤسسه هو تكرّيس الديمقراطية دون شروط .
لا شك أن هذا البناء المعرفي الذي تم تأسيسه، لم يكن خطوة ارتجالية، بل مشروع مدروس، وفكرة طالما راودت أصحابها كثيراً، ووقفت معها في ضرورة أن تصبح واقعاً معرفياً ملموساً منذ سنوات، وهو الآن بتظافر جهود أعضائه والنخبة الأكاديمية، ورئاسة المركز، بعد أن دّشن بداية رسمية نوعية، لا تطمح فقط في إنشائها، بل أرادت لهذا المركز أن يكون نوعياً، ومتميزاً من حيث مخرجاته العلمية، والمنهجية، ومسار البحث العلمي على مستوى المنطقة العربية والعالم أجمع. وقد اضطلعت بهذه المهمة نخبة من الكوادر الأكاديمية، التي لا شك في أنها سوف تثري هذا المركز، وتبذل كل جهودها لنجاح مسيرته البحثية.
تأتي الحاجة الماسة لاستحداث مثل هذه المراكز البحثية المهمة، تسايراً، وتأقلماً، مع التطورات السياسية التي تمر بها منطقتنا العربية بروح سياسية ديمقراطية تتقبل الآخر والخلاف معه في الرأي. ومن هذا المنطلق، والرؤية العميقة، جاء قرار الأستاذ “عمار شرعان” في وضع مدماك علمياً حقوقياً، وسياسياً، ومعرفياً، يكون إضافة نوعية في جهود التنمية السياسية التي نفتقر لمتغيراتها المهمة، لاسيما في عالم الحراك السياسي التي تشهده المنطقة العربية، وتسير نحوه بخطى متسارعة، وتحتاج لبوصلة سياسية علمية، ونظرية، تضبط سير تلك العملية، وتوجهها بما يخدم التنمية العامة وتجنب المنطقة العربية من مزالق الانغلاق والتمترس سواء بالرأي أو الفعل السياسي.
وفي سياق فكر علمي تنويري تعددي، يسهم في إثراء واقع تعددي، في بلداننا العربية ويساعد في خلق الوعي السياسي، والفكري الوسطي ثقافياً وسياسياً، ويسدّ باب التشنج الفكري، والاحتكام للغة القوة في أي خلاف طبيعي ينشأ بين جماعات الطيف السياسي، وأبنية النظام الرسمية وغير الرسمية.
وتأسيساً على ما تقدم فقد بات واضحاً أن المركز الديمقراطي العربي يهدف من خلال أنشطته المختلفة إلى :
– نشر الوعي والبحث العلمي في مجال العلوم السياسية والقانون وعلوم الاجتماع والاقتصاد والإعلام لدى الجماهير العربية . وذلك من خلال مجموعة الدراسات النظرية والمعرفية التى يقوم بها، وتعتبر دراسات مؤسسة يتم من خلالها تقديم الثقافة الديمقراطية الحقيقية ليس من خلال مفاهيمها الغربية ولكن من خلال المفاهيم التى تتناسب مع وضعيتنا الثقافية والاجتماعية والسياسية أيضاً.
– نقل صورة واضحة عن مجريات الأحداث الدولية و الإقليمية في صيغة أكاديمية تمكن من إزالة الضبابية وترفع الغموض عن المشهد السياسي من خلال تحليلات عميقة و حيادية.
– تنوير الرأى العام العربى بقضاياه المصيرية وتقديم كافة المعلومات عنها وذلك من خلال إعداد وتقديم عدد من التقارير الاستراتيجية فى مختلف المناحى السياسية والإستراتيجية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهى تقارير تعدّ بطرق محايدة تعرض المعلومات وتقدم التحليل من خلال الأساليب العلمية المنهجية.
هذا وينظم المركز و يرعى الأنشطة التى يكون هدفها فى النهاية تطبيق وتحقيق الفلسفة التى يقوم عليها المركز وتتضمن هذه الانشطة الندوات وورش العمل والدورات التدريبية والمؤتمرات العلمية التي يحرص المركز على أن يكون لها طابع عالمي .
نحو مزيداً من العطاء …. وفقكم الله وسدّد خطاكم