احدث الاخبارمقالات

فرنسا.. انتفاضة مؤقتة أم ثورة؟

بقلم الباحث : إبراهيم النجار – المركز الديمقراطي العربي

 

كما جاء إيمانويل ماكرون، من حيث لم ينتظره أحد، ليصبح رئيسا لفرنسا، من غير الأحزاب التقليدية والمناصب التقليدية، فإن انتفاضة “السترات الصفراء”، جاءت من خارج الأطر التقليدية والأحزاب والنقابات. بدأت الانتفاضة اعتراضا علي رفع الضريبة علي المحروقات، ألغت الحكومة هذه الضريبة، غير أن الانتفاضة استمرت وتوسعت وأضافت مطالب جديدة تتعلق بمجمل النظام الضريبي وحماية الموظفين وأصحاب الدخل الضعيف والمتقاعدين وغيرهم. بعد أربعة أسابيع من التظاهرات العنيفة التي تخللتها عمليات تكسير لواجهات المحال التجارية الشهيرة، وتحطيم رموز الدولة التاريخية والحالية، مثلا “كقوس النصر”، في جادة الشانزليزية.

استشعرت السلطة الفرنسية بأن الأمور بدأت تخرج من يدها، وأن ما بدأ انتفاضة قد يتحول إلي ثورة. زاد من القلق سقوط عدد من القتلى والجرحى في اعتداء نفذه مسلح في ستراسبورج، قرب سوق الميلاد. صحيح أن الأحزاب والنقابات الكبرى، بقيت حذرة وبعيدة عن الانتفاضة، باستثناء قليل منها، كالحزب اليميني المتطرف. إلا أن الشارع الذي يغلي علي جمر الغضب هدد هذه الأحزاب والنقابات، بأنه سيتخطاها. فشعرت النقابات بالقلق من تفككها بين مؤيد ومعارض للانتفاضة. وحين وصلت الأمور إلي حد الإفلات من يد الشرطة التي نشرت الآلاف من الرجال في الشارع، ألقي الرئيس ماكرون خطابا، أراده مهدئا للشارع، بيد أن الخطاب الذي حمل بعض الإجراءات الضريبية وإضافة 100 يورو علي الحد الأدنى للأجور، لم يقنع المتظاهرين ومن يدعمهم، فقرروا الاستمرار.

سمعنا منذ اندلاع الانتفاضة في فرنسا، اتهامات كثيرة لماكرون، بأنه رئيس للأغنياء وأنه ابن الشركات والمصارف الكبرى، وبأنه لا يعرف الفقراء ولم يعش بينهم، ولم يتدرج في العمل السياسي ويعرف خفاياه. هل تغيرت صورة الرجل الذي كان الجميع يتغني بذكائه وحنكته وقدراته الفلسفية والتفاوضية والسياسية؟

وإلي أين ستصل الأمور؟ هل تنتهي الانتفاضة بفعل التفاوض المرير لاحقا مع الحكومة؟ أو بسبب الوضع الأمني؟ أم نحن علي أبواب ثورة حقيقية؟ هل الانتفاضة هي ثمرة وضع داخلي فقط، أم ثمة من دخل علي خطها انتقاما من فرنسا وأوروبا؟ ومن سيدفع الثمن لاحقا؟ خصوصا وأن شبهات التحطيم والتخريب ذهبت صوب أبناء الضواحي، وهم في غالبيتهم من المهاجرين المغاربة والأفارقة والأتراك…

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى