الشرق الأوسطتقدير الموقفعاجل

النظام السياسي في ألمانيا: ماذا بعد ميركل؟

اعداد الباحثة : ياسمين أيمن – المركز الديمقراطي العربي

 

بعد نحو 18 عاما من توليها لرئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي CDU؛ أعلنت ميركل عن تخليها عن رئاسته في مؤتمر الحزب الذي عقد في السابع من ديسمبر 2018 بمدينة هامبورغ، كما أعلنت عن عدم نيتها للترشح مرة أخرى بعد انتهاء ولايتها كمستشارة في عام 2021، ويأتي ذلك على خلفية أحداث عدة تواترت على ألمانيا والاتحاد الأوروبي في العقدين الأخيريين، فما بين البريكست في عام 2016 وأزمة إيطاليا الاقتصادية والسياسية، إلى جانب تصاعد موجات اللجوء والهجرة غير الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي، تم توجيه انتقادات عدة لميركل، لعدم تبنيها سياسية رادعة، وعدم اتخاذها لقرارات حاسمة وخطوات جريئة لحماية الاتحاد الأوروبي من تصاعد الشعبوية، والأزمات المالية المتكررة، وهو الأمر الذي تسبب في قرب تحلل مؤسساته، وفي جعل إعلان ميركل الأخير بمثابة فرصة كبيرة للإصلاحيين داخل أوروبا وخاصة ماكرون في فرنسا، لتقديم مشروعات جديدة لحماية الاتحاد الأوروبي من الأزمات المالية وتصاعد الشعبويين، أو تقديم هدية قيمة يستغلها الشعبويون لاستقطاب مزيدا من المواليين.

أولا: سياسات ميركل وتوابعها.

استطاعت ألمانيا أن تحقق معدلات نمو مرتفعة على مدار العشرة أعوام الماضية، وهو النمو الذي لا ينسب كلية لميركل ومنهجها المتأني في الإدارة، فمنذ عام 2005 أي بداية توليها منصب المستشارية؛ لم تتخذ ميركل خطوات جادة لتطوير البنية التحتية الألمانية التي بدأت في التآكل، كما لم تقف موقفا واضحا إزاء حماية المنتجات الألمانية وخاصة السيارات من التطور التكنولوجي، وأثناء انتخابات 2005، و2009، و2013 لم تحدد ميركل برنامج سياسي واضح تسعى لتطبيقه، ولعل ذلك يرجع لخوفها من فقدان شعبيتها وموضعها إذا لم تستطع أن تحقق ما وعدت به كما حدث مع المستشار الألماني السابق “جيرهارد شرودر”، وقد تعرضت ميركل لمجموعة من الأزمات التي خلخلت شعبيتها أثناء فترة حكمها.

  • أزمة منطقة اليورو.

سببت أزمة منطقة اليورو توترات اقتصادية داخل أوروبا، وقد حاولت ميركل تقديم حلول للمنطقة تتلاءم مع ألمانيا، ولا تلقي بثقل الأعباء على الألمان، فمثلا: وافقت بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي على تقديم قرض مشترك لليونان في عام 2010، ولكنها رفضت إعادة هيكلة ديون اليونان، ونتج عن ذلك استقرار في المنقطة الأوروبية إبان أزمة اليونان المالية، ولكنه لم يصلح الوضع اليوناني الكلي، علاوة على ذلك ففي عام 2012، أيدت ميركل مبادرة رئيس البنك المركزي الأوروبي “ماريو دراجي” حول تأسيس آلية “معاملات نقدية صريحة”، تمكن البنك المركزي الأوروبي من شراء سندات البلدان التي تمر بأزمات في منطقة اليورو، وقد شجعت ما سبق رغبة منها في تفعيل دور البنوك الألمانية وحمايتها من الانهيار المالي، ولكن تلك السياسات لم تقدم حلول طويلة الأجل للمنطقة، والدليل على ذلك أزمة إيطاليا السياسية والاقتصادية والتي قد تؤدي لتكرر سيناريو البريكزت.

  • أزمة اللاجئين.

تجلت ملامح أزمة اللاجئين في عام 2015، حينما تدفق اللاجئين على أوروبا بسبب تعقد الأوضاع السورية والعراقية، وقد أثارت تلك القضية ردود فعل متباينة، فقد نصح رئيس الوزراء القومي المجري “فيكتور أوربان” ألمانيا ببناء سياج لإبعاد المهاجرين، ولكن ميركل اعترضت على ذلك وتبنت سياسة الباب المفتوح، والتي سمحت بتدفق نحو مليون لاجئ سوري وعراقي داخل ألمانيا، وتسببت تلك السياسة في حدوث مشاحنات سياسية داخل ألمانيا، وعلى الرغم من الاتفاقية التي أبرمتها ميركل مع تركيا في عام 2016 لمنع تدفق مزيد من اللاجئين لأوروبا، إلا إنها لم تنجح في استيعاب الجدل الداخلي.

وفي يونيو 2018 احتدم الخلاف بين ميركل ووزير الداخلية “هورست زيهوفر” والذي هو أيضا رئيس حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي الشريك الرئيسي لحزب ميركل في ولاية بافاريا، وكان ذلك بسبب رغبة زيهوفر في وضع نقاط تفتيش ومنع تدفق مزيدا من اللاجئين داخل ولاية بافاريا الواقعة على حدود النمسا، والحيلولة دون تنقلهم بين دول الاتحاد، وهو الأمر الذي رفضته ميركل، وهددت باستخدام صلاحيتها كمستشارة يحق لها رسم السياسات العامة داخل البلاد، وبالفعل لجأت لدول الاتحاد الأوروبي في قمة بروكسل، واتفقوا فيما بينهم على إنشاء ملاجئ إيواء للمهاجرين غير الشرعيين عبر البحر، وتكون تلك الملاجئ في إيطاليا وبعض الدول الأوروبية المتطوعة، إلى جانب تونس ومصر والمغرب في حال موافقة تلك الدول، ويشير البعض أن إلى أن تلك الخلافات مفتعلة من جانب زيهوفر حيث أن نسبة تدفق اللاجئين قد انخفضت بمعدل 95% خلال الأشهر الأخيرة.

  • أزمة الطاقة النووية داخل ألمانيا.

       على الرغم من المخاطر النووية التي تهدد العالم حاليا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول، إلا أن ميركل ترفض فكرة التطوير النووي الأوروبي، بل إنها تسعى لخفض الاستخدام النووي بحلول عام 2022، خصوصا بعد أزمة محطة فوكوشايما النووية في اليابان في عام 2011، ونتيجة لرفض استخدام الطاقة النووية وزيادة استخدام الكهربية، ارتفعت أسعار الطاقة الكهربائية، وهو الأمر الذي يهدد التنافسية داخل قطاع الصناعة في ألمانيا، وقد نادى عدد من الخبراء بضرورة التعاون الألماني البريطاني الفرنسي على تطوير القنبلة النووية لردع القوة الأمريكية، ولكن الأمر حتى الآن يظل ضربا من الخيال، لوجود عقبات سياسية واقتصادية في الاتحاد الأوروبي، كما أن الجانب الدفاعي في ألمانيا لا يحصل سوى على 2% فقط من حجم الناتج القومي الإجمالي، وتعد تلك القضية نقطة استقطاب أخرى لصالح الشعبويين في ألمانيا، فهم ينادون بضرورة التخلي عن فكرة المثاليات والعمل على حماية الأمن الأوروبي من أي تهديد خارجي، والتحول من نهج ميركل في الاعتماد بدرجة كبيرة على الحماية الأمريكية، وتطوير المنظومة الدفاعية الألمانية، للحفاظ على موقعها في حلف الناتو الذي قد ينهار مستقبليا.

وكل ما سبق قد ساهم في قلقلة موقع ميركل السياسي داخل ألمانيا، وفقدان درجة كبيرة من شعبيتها، ومن ثم التأثير على حزبها السياسي الذي لعب دور أساسي في السياسة الألمانية طوال عقود.

ثانيا: النظام السياسي الألماني كمرآة للأزمات.

استغرقت ميركل نحو 5 أشهر لتشكيل حكومة ائتلافية؛ ففي 4 مارس 2018 نجحت ميركل في تشكيل حكومة ائتلافية بين حزبها الاتحاد الديمقراطي المسيحي CDU وحليفه التقليدي الاتحاد الاجتماعي المسيحي CSU، مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي SPD أكبر أحزاب المعارضة في ألمانيا، ويعبر الحزب الديمقراطي المسيحي المحافظ عن تحالف بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي CDU، الذي تتزعمه ميركل والذي يتواجد بقوة في 15 ولاية ألمانية من أصل 16 ولاية، إلى جانب الاتحاد الاجتماعي المسيحي CSU، والذي يسيطر بقوة على ولاية بافاريا، ويوفر الحزب كتلة تصويتية قوية داخل البوندستاج، ولكن جاءت أزمة اللاجئين في عام 2015 لتحدث مشاحنات داخل الحزب، حيث اعترض زيهوفر زعيم CSU على سياسة الباب المفتوح، علاوة على ذلك فقد اكتسب حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي AFD، والذي ولد في عام 2013 على خلفية أزمات اليورو محورا جديدا لاستقطاب مزيدا من المؤيدين، وجذب نسبة من مؤيدي حزب CSU في بافاريا. وكل ما سبق ظهر بوضح في غمار المراحل الانتخابية كما سيتضح بالآتي.

  • الانتخابات البرلمانية.

في الانتخابات البرلمانية التي جرت بسبتمبر 2017؛ ظل الحزب الديمقراطي المسيحي صاحب أكبر نسبة في البرلمان بحصوله على نحو 32.9%، وحاز الحزب الديمقراطي الاشتراكي على نحو 20.6% من الأصوات، كما حاز حزب البديل من أجل ألمانيا على أكثر من 13% من الأصوات، في حين حصل الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) على 10.6% من أصوات الناخبين، وحاز حزب الخضر على نحو 8.9% من الأصوات، بينما حاز حزب اليسار على 9.1% من الأصوات، وقد عكس ما سبق مؤشرات متباينة من بينها:

  • أ‌- صعوبة تشكيل حكومة ائتلافية قوية بسبب دخول حزب يميني شعبوي معارض AFD”” لسياسات ميركل لأول مرة داخل البوندستاج الألماني.
  • ب‌- تراجع معدلات التأييد التي حافظ عليها “الحزب الديمقراطي المسيحي، والحزب الديمقراطي الاشتراكي” لأول مرة منذ عام 1949، أي بعد أول انتخابات عامة ألمانية عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.
  • ت‌- سعي ميركل لتشكيل ائتلافا معقدا مع أحزاب تختلف برامجها كليا مع حزب ميركل مثل: حزب الخضر الذي تعد حماية البيئة أولوية قصوى لديه، إلى جانب الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) المهتم بقطاع الأعمال والصناعة بألمانيا، وذلك بسبب تغير الكتل التصويتية داخل البرلمان.
  • انتخابات الولايات.

أما عن انتخابات الولايات الألمانية التي جرت في عام 2018، فقد عانى حزب ميركل الاتحاد الديمقراطي المسيحي CDU، والحزب الديمقراطي الاشتراكي SPD من تراجع نسب المصوتين لأول مرة منذ أمد، مفسحين المجال لأحزاب أخرى مثل: “حزب الخضر، وحزب البديل من أجل ألمانيا AFD، والحزب الديمقراطي الحر FDP”، وتعكس عملية فوز حزب AFD في 16 ولاية بألمانيا، برهانا قويا على عدم رضاء المواطنين عن سياسات الحكومة تجاه عدة قضايا على رأسها قضايا اللجوء والهجرة، كما أن وجود حزب AFD داخل البرلمان سيؤثر على قرارات الحكومة لأنه سيعمل بصورة معارضة لمجمل القرارات التي ترغب في تمريرها.

والأمر المثير للدهشة والمؤكد على ضرورة تغيير الرسائل الموجهة من جانب الأحزاب التقليدية هو تراجع نسب التأييد لحزبي SPD و CDU، في ولايات عدة ومنها: “بافاريا، وهيسن”، صاحبتا أكبر كتلة تصويتية لحزبي CSU وSPD، تاركين المجال لحزب “الخضر”، والذي من المتوقع أن تتزايد نسب تمثيله وفرص فوزه في الانتخابات القادمة، فقد نجح حزب الخضر في جذب عدد من الشباب والسياسيين المؤيدين لحزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والحزب الديمقراطي الاشتراكي بولاية بادن فورتمبيرغ الألمانية، وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن حزب الخضر يدعم فكرة البقاء في الاتحاد الأوروبي، ومساعدة اللاجئين، إلا أنه ينجح في استقطاب مؤيدي حزبي SPD و CDU، ويرجع ذلك لفقدان كلا الحزبين لشعبيتهم بسبب الأزمات التي تعرضنا لشرحها مسبقا.

ولعل ما حدث بنتائج انتخابات ولاية هيسن الأخيرة؛ حيث صعود قوي لحزبي البديل من أجل ألمانيا والخضر، كان سببا رئيسيا في إعلان ميركل عن تخليها عن رئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وعن نيتها في عدم الترشح في عام 2021، حيث أصبحت ميركل أمام معضلة تكوين حكومة ائتلافية قوية، بعد تفكك الأصوات وصعود للشعبويين، علاوة على وجود علامات تشير لتخلي الحزب الديمقراطي الاشتراكي SPD والذي ينتمي ليسار الوسط عن التحالف مع حزب ميركل الذي يحسب على يمين الوسط، ومحاولته لضمان وجوده بطرق أخرى مثل التحالف مع حزب معارض أخر وتوجهه لأقصى اليسار.

وعوضا عما سبق؛ فقد تعرضت ميركل لرسالة قوية أخرى تشير إلى عدم توافق أعضاء البرلمان المحافظين على سياسات المستشارة، وذلك في سبتمبر 2018 حينما صوتوا لصالح “رالف برينكهاوس” ليدير الكتلة البرلمانية الخاصة بميركل، ولم يدعموا اختيارها “لفولكر كاودر” الذي تولى رئاسة الكتلة البرلمانية الخاصة بميركل لمدة 13 عاما، مما يدل على عدم قدرة ميركل على الحصول على دعم برلماني قوي لقراراتها، وهو الأمر الذي قد يعرضها لمشكلات عدة مستقبليا.

ثالثا: الرئاسة الجديدة لحزب ميركل.

في 7 ديسمبر 2018 قام نحو 1001 مندوب داخل الحزب بالتصويت على مقعد رئاسة الحزب، ففازت “أنجريت كرامب كارنباور” ب517 صوت، في مقابل 482 صوت لصالح “فريدريش ميرتس”، وبالأساس كانت كرامب هي الأعلى حظا في الفوز بالمنصب، فقد عملت كأمين عام للحزب، وكمعاون لميركل طوال فترة حكمها، وقد نافسها الرئيس الأسبق للكتلة البرلمانية للحزب “فريدريش ميرتس”، وهو محامي ورجل أعمال ثري، ويعد من بين منافسي ميركل الأقوياء، الذي أزاحتهم من الحزب منذ 10 سنوات، ويرجح بعض المحللين إلى أن رغبته في ترأس الحزب هي في صميم الانتقام من ميركل، علاوة على ذلك فهناك وزير الصحة “ينس شبان” الذي كان من مؤيدي رحيل ميركل داخل الحزب، ولكن كانت فرص فوزه ضعيفة بالأساس، وتجدر الإشارة إلى كرامب بعد فوزها قد أعلنت عدم رغبتها في جعل حزب الديمقراطي المسيحي حزبا يمينيا، ولكنها ستسعى لإبقائه في منطقة الوسط، وشددت على احترامها للاجئين والمهاجرين، ولكنها وضحت أن القوانين المتعلقة باللجوء والهجرة في حاجة للضبط بصورة أكبر لتنظيم العملية، كما إنها قد أعلنت عن نيتها في تغيير سياسات الحزب تجاه عدة قضايا مثل: الرقمنة، والعمالة الألمانية، والإسكان، والعلاقات الخارجية، وهو الأمر الذي قد يحدث صداما مستقبليا مع ميركل في حال اختلفت الرؤى.

رابعا: سيناريوهات مستقبلية للأحزاب الألمانية.

على خلفية ما سبق نستنتج أن ظهور حزب راديكالي جديد كحزب البديل من أجل ألمانيا AFD، يدفع الأحزاب المحافظة سواء اليمينية أو اليسارية لتبني مواقف واضحة تجاه القومية أو الانفتاح على العالم الخارجي وتقبل اللاجئين، فعبر رسالته قوية اللهجة نجح حزب البديل من أجل ألمانيا في استقطاب مزيدا من المواطنين، وما هو ما قد يؤثر على أحزاب الوسط السياسي ويدفعها للانحراف يمينا أو يسارا؛ كما في حال الحزب الليبرالي الألماني الذي بدأ يميل نحو توجيه رسائل أكثر رفضا للجوء والهجرة، وستتضح الصورة كليا خلال الأعوام القادمة، ويمكن ترجيح عدة سيناريوهات لمستقبل الأحزاب السياسية في ألمانيا كما يلي.

  • صعوبة استمرار السجال بين “هورست زيهوفر” وزير الداخلية ورئيس حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي الشريك الرئيسي لحزب ميركل في ولاية بافاريا، لأن الحزب لا يمتلك وجود قوي سوى في ولاية بافاريا، واستمرار الخلاف مع ميركل وحزبها، تعني تضائل فرص دخوله في الحكومات الائتلافية القادمة.
  • استمرار الخلاف بين الأحزاب، وركون حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي ناحية اليمين، مما يعني حكومات ائتلافية مفككة مستقبلا، وهذا يعني تأثر المشهد السياسي الداخلي بالكامل، حيث وجود أحزاب متطرفة ناحية اليمين أو اليسار.
  • ظهور أحزاب وسطية كما حدث في حالة حزب ماكرون في فرنسا، وعمل تلك الأحزاب على الحفاظ على المشهد السياسي الألماني الداخلي، وحمايته من التطرف.
  • سعي ميركل لإنجاح فترتها الأخيرة وذلك من خلال؛ الاستثمار في البنية التكنولوجية الألمانية لحماية الصناعات الألمانية من مخاطر التصاعد التكنولوجي، ومحاولة الاستفادة من سياسات حزب الخضر الانتخابية في الولايات المختلفة، والتعلم منها للحصول على توافق شعبي وسياسي يدعم حكمها، علاوة على محاولة وضع سياسة أوروبية قوية للهجرة لأوروبا، إلى جانب وضع برامج لدمج اللاجئين بالمجتمعات الأوروبية لتجنب الشعور بالانعزال والغربة المجتمعية.

إجمالا لما سبق؛ يمكن القول أن دولة مثل ألمانيا في حاجة لاتخاذ مواقف أكثر ثباتا وقوة إزاء التهديدات العالمية الحالية، سواء التطور التكنولوجي أو المخاطر النووية، فخريطة الأحزاب الجديدة داخل البوندستاج الألماني تشير إلى أن الأحزاب الألمانية التقليدية الشعبية تواجه ما تواجهه بقية الأحزاب الأوروبية التقليدية، من صعود لأحزاب ذات توجهات ورؤى مختلفة أكثر جرأة وحسما لعدة مواقف، فحتى لو كان مضمون برامجها متناقض مع ما دعمته أوروبا لعقود طويلة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ولكنها نجحت في استقطاب مواطني أوروبا الذين يستشعرون الخطر من مختلف الاتجاهات.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى