الدولة والحركات الإجتماعية الجديدة
إعداد الباحث : محمود خليفة جودة محمد – المركز الديمقراطي العربي
يعد مفهوم الدولة واحد من المفاهيم الأساسية التى شغلت أهتمام الفكر السياسى منذ القدم وحتى يوماً هذا, والقراءة سريعة في الاستعمالات المتداولة لمفهوم الدولة تبين أن هذا المفهوم يكتسي معان متغايرة، حيث يظهر تارة في صورة الحكومة وتارة أخرى يأتي بمعنى النظام، كما يشار به أحيلنا إلى المؤسسات العمومية..إلخ. في حين أن مفهوم الدولة يشير إلى كل كيان سياسي يبسط نفوذه وسيادته على رقعة جغرافية معينة، ويفترض في سكانه أن يشعروا تجاهه بالمواطنة والانتماء. إن الدولة كيان لا يمكن أن نتمثل أبعاده دون إثارة مفاهيم مثل السيادة، والسلطة، والحق، والقانون، والحرية. وذلك ما يبين أن إثارة مفهوم الدولة هو في الواقع محاولة لإثارة تساؤلات متداخلة من قبيل مايلي: مم تستمد الدولة شرعيتها وفيم تتحدد غاياتها؟ ما هي طبيعة السلطة السياسية التي تمارسها الدولة؟ هل السلطة التي تمارسها الدولة مستمدة من القانون أم من القوة والعنف؟
وقد طرأ على هذا الفهوم العديد من التطورات والتغيرات نتاج ما شهده العالم من تطور عبر الزمان.ف مما لا شك فيه أن مفهوم الدولة عرضة للتغير سواء أكان تغيراً ثورياً أم تغيراً تدريجياً بطيئاً، وهو ما تتناوله باسهاب نظريات الثورة, فثمة تطورا وتغيرا تشهده الدولة يثير – والحال هذه – ذلك النقاش الحامي الوطيس الذي دار بين أتباع البنيوية الجديدة من ناحية، وأتباع الماركسية والوظيفية من ناحية ثانية, مهما يكن من أمر، فإنه ليس مهماً أن نتساءل حول مسار التطور الحادث وما اذا كان أحاديا أم متعددا متصاعدا أم يشهد مراحل انقطاع وركود تعقبها طفرة. لكن الامر المهم في هذا الاطار – وهو ما ركز عليه علماء السياسة في العقد الاخير من هذا القرن – هو التساؤل حول مصدر التطور, بعبارة اخرى ان ما يعنينا هو محاولة التعرف على طبيعة الفاعلين الذين يمكنهم أن يكونوا أصحاب الفضل الرئيسي فيما يجري من تغير أو تطور في دولة من الدول.
المشكلة البحثية:
إذا كانت المفاهيم النظرية لبناء الدولة، تستند على أرضية دينية، فلسفية واجتماعية أو تاريخية. إلا أنه يستحيل على المرء أن يقدر أية هذه العوامل كان أقوى من الآخر أثراً في تكوين الدولة وبنائها. فمثلا وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر، نجد تمسك الملك لويس الرابع عشر بالمبادئ الدينية لبناء الدولة فقال: “إن سلطة الملوك مستمدة من تفويض الخالق، فالله مصدرها وليس الشعب، وهم أي الملوك مسئولون أمام الله وحده في كيفية استخدامها”. لكن هذه المفاهيم بدأت تتقلص حتى تلاشت تقريباً، نتيجة لتطور الشعوب وازدياد وعيها، نتيجة لانتشار الثقافات المختلفة وظهور أفكار فلسفية جديدة مناهضة للأفكار الدينية”[1].
كما يثير مفهوم الدولة العديد من الإشكاليات في مجتمعاتنا العربية خاصة خلال مرحلة التغير التي تمر بها البلدان العربية, وبداية الحديثة عن مفاهيم الدولة المدنية وتنازعها مع مفهوم الدولة الدينية, وما ارتبط بهذا الجدل من مفاهيم كالديمقراطية واللامركزية والمجتمع المدني وغيرها من المفاهيم, الأمر الذي يستدعى مننا محاولة التعرف على الأبعاد الفكرية والنظرية لمفهوم الدولة وما يرتبط به من مفاهيم, ومن ثم فالإشكالية الأساسية التي تحاول الإجابة هي ما هي ملامح وأبعاد مفهوم الدولة في الفكر والنظرية؟
ومن هذه الإشكالية الرئيسية يتفرع عدة تساؤلات أخرى حول نشأة الدولة وأنماطها, ونظرياتها ورواد كل نظرية ومقولاتها, ومفهوم الدولة في الفكر الإسلامي والفكر الغربي, وأهم الانتقادات, وما يرتبط بها من مفاهيم وما ينازعها.
وفى إطار ما سبق فأننا سوف نسلط الضوء على العلاقات بين الدولة والمجتمع وعلى وجة الخصوص فيما يعرف باسم الحركات الاجتماعية, فقد استرعي انتباه علماء السياسة والاجتماع في العقد الخير من هذا القرن هو تلك الحيوية التي قد يظهرها المجتمع في مواجهه الدولة بل ورغماً عن الدولة لاسيما في تلك الحالات التي كان يتصور فيها خضوع المجتمع خضوع تاماً للدولة الشمولية أو التسلطية
الفصل الإول: الإطار المفاهيمى
في هذا الإطار سوف نحاول إلقاء الضوء على عدد من المفاهيم المختلفة للدولة وما يرتبط بها وما ينازعها من مفاهيم.
أولا مفهوم الدولة:
الدولة، حسب الفقه الدستوري المعاصر، هي: “مجموعة أفراد يقيمون إقامة دائمة على إقليم محدد، ويخضعون لسلطة سياسية”, وينبثق مفهوم الدولة الحديثة من نظرية (العقد الاجتماعي) التي نادي بها (جان جاك روسو), وللدولة أنماط لعل أهمها:
أ-مفهوم الدولة المدنية الحديثة: مفهوم الدولة المدنية يقابله مفهوم الدولة الدينية. وتستند الدولة المدنية إلي احترام حقوق المواطنين علي أساس مبادئ الحرية والعدالة والمساواة، بغض النظر عن انتماءاتهم الأولية: الدينية واللغوية والعرقية، وذلك علي أساس أن الديمقراطية لا يمكن أن تنشأ في دولة تكون فيها النزعات الأولية، العرقية واللغوية والدينية، مبالغا فيها لدي أفراد الجماعات المكونة لهذه الدولة، بحيث يفتقرون إلي الإحساس بالأمة الواحدة وإلي الاعتراف بحقوق الآخرين[2].
ب-مفهوم الدولة الدينية:
ت-في مقابل الدولة المدنية، تأتي الدولة الدينية، وهي الدولة الكهنوتية أو الثيوقراطية، حيث ينقسم المجتمع إلي فئتين متمايزتين: حاكمة ومحكومة. وفي هذا الإطار، تستمد الفئة الحاكمة سلطاتها من أساس إلهي، مما يجعل إرادتها تسمو علي إرادة المحكومين[3].
المفاهيم المرتبطة بمفهوم الدولة:
أ-مفهوم الحكومة:
إن الارتباط الذهني بين الدولة والحكومة في ذهن الأغلبية ارتباط خاطئ أضعف من هيبة الأولى وهي الدولة، وعظم وضخم من مكانة الثانية وهي الحكومة,الحكومة أو ما يسمى القطاع الحكومي أو القطاع العام بكل مسؤولياته ومؤسساته يمثل جزءا أو قطاعا من أجزاء الدولة أو قطاعاتها مثله مثل القطاع الخاص والقطاع الأكاديمي والقطاع الإعلامي وقطاع المجتمع المدني، وهو متلق ومنفذ لسياسات وأنظمة الدولة، ويحاسب كما تحاسب بقية القطاعات ويطور مثلها تماما، ويشار إلى الحكومة على أنها الزراع التنفيذى للدولة أو ما يعرف بأسم الوزارة[4].
ب-مفهوم السلطة:
نجد أن السلطة في اللغة تنحوا من فعل تسلط على الشيء أي احتواه وأحكم القبضة عليه، والسلطة هي القوة المحكمة والمؤطرة بشكل يصعب الإفلات منها، (كما أن السلطة هي قدرة شخص معين على فرض أنماط سلوكية على شخص)، ويرادف السلطة مفهوم القيادة، حيث أن السلطة تحتوي بين طياتها كل أنماط السلطات بمختلفها، ويقابلها في الضد مفهوم التعاون، إذ أن السلطة تقع في الطرف النقيض للتعاون أو مبدأ التعاون – حسب التعريف اللغوي -، وتطبق السلطة داخل المجتمع على الأفراد استنادا إلى قوة اجتماعية معينة.
السلطة هي أحد أسس المجتمع البشري، حيث يرى مفكرو الأنوار خصوصا من تطرقوا للحديث عن المجتمع المدني وكيفية نشوئه – توماس هوبز، جون لوك، جون جاك روسو-، حيث أن حاجة الناس إلى التعاون وتغييب الصراعات القائمة على التصفية والإقصاء في سبيل التفرد بملكية شيء ما، أدت إلى نشوء قوة يخضع لها الجميع تكون هي المرجع والحكم الذي يفصل بين الناس ويضمن حقوقهم و يقر لهم بالواجبات اللازمة نحوهم، هذه القوة هي ما يصطلح عليه بالسلطة, ويرى العالم الألماني كارل ماركس أن (السلطة هي حصيلة انقسام المجتمع إلى طبقات، أي أن نشوء ما يرتبط بالظاهرات المؤسسية والإيديولوجية الكامنة في أساس الحياة الاجتماعية، ذلك الأساس المتمثل واقعيا بالإنتاج المتزامن مع نشوء الروابط الاجتماعية الرئيسية), وفى معرض حديثه عن الدولة ونشوئها وتطورها، يرى ابن خلدون أن العصبية هي أساس قيام السلطة (هذا يعني أن العصبية تتزامن في ظهورها مع ظهور العلاقات الاجتماعية، أو على الأقل مع بروز الروابط الفردية في مجتمع ما. ولا شك أن الأفراد ينشئون بنشوء سلطة لا تزول، هي شرط وجودهم وتنظيمهم الاجتماعي)[5].
المفاهيم المتنازعة:
أ-مفهوم الحركات الاجتماعية الجديدة:
يُلاحظ أن هذا المفهوم قد برز في إطار سياق تاريخي معين رافقه وجود نظم حزبية وسعي لتمثيل مصالح معينة مع وجود نظم اقتصادية وثقافية في الدول الرأسمالية المتقدمة. بعبارة أخرى أخذ هذا المفهوم في البروز في إطار سياق تاريخي معين اتسم بمجموعة من السمات المهمة والتي نوردها على النحو التالي:
o الاتساع الكبير لدور الدولة في تلك المجتمعات الرأسمالية المتقدمة.
o فقد النظام الحزبي القدرة على تقديم بديل حقيقي للتغير السياسي والاجتماعي في هذه المجتمعات.
o تمثيل المصالح في هذه المجتمعات أصبح يتسم بالإدماجية، أي أن التعبير عن المصالح يتم عن طريق ممثلين معتمدين بعينهم لعدد من القوى الاجتماعية.
o تتصل هذه السمة بنموذج النمو الرأسمالي ودرجة هذا النمو، فقد كان نموذج المجتمع والدولة السائد في البلدان المتقدمة يتمتع بقدر من الشرعية، اذ كان في مقدور الاقتصاد أن يوفر فرص العمل والدخل اللائق للأغلبية الساحقة من المواطنين دون أن يقترن ذلك بنفقات اجتماعية ضخمة.
o تعتبر هذه السمة، سمة ثقافية، حيث ارتبط نموذج المجتمع البرجوازي بقيم معينة منها الانجاز والتنافس والفردية والاهتمام بتراكم الثروة.
في ظل الظروف السابقة ظهرت الحركات الاجتماعية الحديثة. وهي تختلف عن الحركات الاجتماعية التقليدية في كونها لا تستهدف أساساً الوصول إلى السلطة. وإنما سعيها الحثيث يرمي إلى ترجمة عدد من القيم إلى واقع اجتماعي على المستوى المحلي. أو على مستوى المجتمعات الصغيرة دون أن تعبأ – على الأقل في الأمد القصير – بترجمة هذه القيم على مستوى النظام السياسي ككل[6].
ب-مفهوم المجتمع المدني:
لقد عرف الفكر السياسي مفهوم المجتمع المدني منذ القرن الثامن عشر، وبالنظر إلى ما يتميز به المفهوم من قدم تفاوت تعريفه بحسب المدارس الفكرية التي تناولته. حيث كانت المدرسة الليبرالية بشقيها السياسي والاقتصادي من أوائل المدارس التي تعرضت لذلك المفهوم، وبعدها جاءت المدرسة الهيجلية وتلتها المدرسة الماركسية، وذلك إلى جانب كتابات المفرك الايطالي انطونيو جرامشي.
وقد خلصت تلك المدارس الفكرية إلى أن المجتمع المدني هو ذلك القسم من النشاط الإنساني الخارج عن إطار الدولة، ولا يخضع لسيطرتها فهو مجال الحرية والعمل المستقل للمواطنين في المجتمع.
والمجتمع المدني يختلف عن المجتمع الطبيعي فهو لا يقوم على مجرد الروابط الأولية بين الأفراد، لكنه يقوم على أساس روابط من نوع جديد لم تكن موجودة في المجتمع الطبيعي، فالمجتمع المدني لا يكمن أن يقوم على الانتماءات العرقية أو الاثنية أو الدينية ولكن يمكن أن تكون هذه الانتماءات أحد العناصر المكونة للمجتمع المدني، ولكن إذا ما اكتسبت صورة جديدة تتمثل في التنظيم الاختياري على الأقل من ناحية المبدأ.
كذلك يقوم المجتمع المدني على درجة من درجات التنظيم فضلا عن أن هذا المجتمع المدني يمثل مرحلة من مراحل تطور المجتمع الإنساني تتسم ليس فقط بالاختلاف عن المجتمع الطبيعي الذي سبقه، ولكنه أرقى من هذا المجتمع الطبيعي بحكم أنه يضمن احترام عدد من القيم التي تصور المفكرون أنها أرقى من القيم التي سادت المجتمعات السابقة على ظهور المجتمع المدني[7].
الفصل الثانى الدولة والحركات الاجتماعية:
إن محاولة التعرف علي طبيعة الدولة باستخدام المنظورات الثلاثة التعددي , النخبوي , الطبقي , لها فائدتها وجدواها ولكن يبقي الحديث في النهاية حديثاً استاتيكياً لا يعرض ما قد يلم بالدولة من تغير أو تطور, فمما لا شك فيه أن الدولة – أي دولة – عرضه للتغير سواء كان تغيراً ثورياً أو تغيراً تدريجياً بطيئاً وهو ما نتناوله بإسهاب نظريات الثورة لكن القول بأن سمه تطور و تغير تشهده الدولة دار بين إتباع البنيوية الجديدة من ناحية , وأتباع الماركسية والوظيفية من ناحية ثانية.
فقد استرعي انتباه علماء السياسة والاجتماع في العقد الخير من هذا القرن هو تلك الحيوية التي قد يظهرها المجتمع في مواجهه الدولة بل ورغماً عن الدولة لاسيما في تلك الحالات التي كان يتصور فيها خضوع المجتمع خضوع تاماً للدولة الشمولية أو التسلطية.
وقد طرح في هذا الصدد مفهومان يساعدان علي إجلاء الغموض وفهم تلك الحيوية والفعالية التي تحوزها قوي اجتماعية متمايزة عن الدولة، هذان المفهومان:مفهوم الحركة الاجتماعية الجديدة ومفهوم المجتمع المدني, وفى هذا الإطار فأننا سوف نركز جل اهتمامنا على دراسة الحركات الاجتماعية.
الحركات الاجتماعية وعلاقتها بالدولة:
أصبح للحركات الاجتماعية دورا بارزا في السياسة في جميع أنحاء العالم. على الرغم من أنها قد يكون لها فرص أفضل للنجاح في الديمقراطية ، ففى ظل نظام العولمة توفرت الفرص للمجموعات التي تعيش في ظل الدكتاتوريات للضغط على حكومتهم. فدمقرطة الاتصالات وسائل الإعلام على حد سواء قد سهلت للأفراد التلاقى والعمل المشترك لتحقيق مصالحهم المتماثلة، فضلا عن اعطائهم مزيد من الحرية فى تحركاتهم لنشر رسالتهم وتوليد الضغط للعمل. فالإنترنت، على وجه الخصوص، أصبح أداة تعبئة قوية, يستخدمه [8].فعلى الرغم من رفض هذه الحركات الاجتماعية الحديثة للسياسة إلا إن وجودها و أنشطتها أدى إلى توسيع مفهوم السياسة بحيث لم تعد السياسة مقصورة على التنافس على السلطة و إنما دخلت فيها اهتمامات أساسية للبشر مثل السلام ، حماية البيئة ..الخ
ونجد أن موضوع الحركات الاجتماعية أصبح يؤلف جزءا أساسيا فى الدراسات المتعلقة بالسياسات العامة فى كل أنحاء العالم وإن كانت هذه الدراسات أكثرتقدما فى المجتمعات الديموقراطية عنها فى المجتمعات الشمولية التى تسودها النظم الاستبدادية، وذلك بفضل سهولة التواصل وتبادل الأفكار والحصول على المعلومات والتعرف على الحركات المماثلة فى الدول الأخرى مما يتيح إمكان التنسيق بينها على نطاق واسع ويجعلها بالتالى أكثر فعالية وتأثيرا. ويساعد على ذلك فى الوقت الحالى انتشار استخدام الإنترنت مما يدفع بالكثيرين من المفكرين إلى اعتبار الإنترنت ذاته «حركة اجتماعية» جديدة وليس مجرد أداة أو وسيلة لنشر الحركات الاجتماعية والتعريف بها على ماسنرى في ما بعد.
وقد يمكن اعتبار الحركات الاجتماعية استجابات عقلانية لمواقف جديدة أو مستجدة فى المجتمع على اعتبار أنها تهدف إلى تجديد الحياة السياسية والاجتماعية، وتوفير ظروف حياتية أفضل مما هو قائم. ومن هنا تعتبر هذه الحركات بمنزلة قوى ضغط لتحقيق الإصلاح والتقدم وإيجاد واقع جديد يستند إلى نسق مغايرمن القيم تتجاوز التناقضات التى يعانى منها المجتمع سواء فى المجال السياسى أو الاقتصادى أو الاجتماعى أو حتى فى المجال الثقافى[9].
فى نهاية العقود الاخيرة من القرن العشرين ,اتجهت بعض دول جنوب ووسط أوربا “كالفلبيين وامريكا اللاتينية بتركيز التحليل على الحركات الاجتماعية التى تتبنى توجهات مدنية ضد الانظمة الغير الديمقراطية , وقد برز مفهوم الحركات الاجتماعية في إطار سياق تاريخي معين رافقه وجود نظم حزبية و سعى لتمثيل مصالح معينة مع وجود نظم اقتصادية و ثقافية في الدول الرأسمالية المتقدمة. كما لعبت الحركات الاجتماعية دورا محوريا فى توسيع مدى مفهوم الديمقراطية ليشمل المنافسة بين الاحزاب السياسة و الفواعل المختلفة و ذلك ليصب فى النهاية فى مصلحة المواطنين.
نجد ان عالم السياسة الأمريكي تشارلز تيلي. Charles Tilly ,والذي ينتمي الى المدرسة الجديدة في البحث الاجتماعي فيقدم من خلال كتابه الحركات الاجتماعية (1768-2004)تعريفاُ واضحاً ومختصراً أو ما يمكن القول بأنه ما قل ودل في تعريف الحركات الاجتماعية، حيث وصفها على أنها:”سلسلة من التفاعلات بين أصحاب السلطة وأشخاص ينصّبون أنفسهم وباقتدار كمتحدثين عن قاعدة شعبية تفتقد للتمثيل النيابي الرسمي، وفي هذا الإطار يقوم هؤلاء الأشخاص بتقديم مطالب على الملأ من أجل التغيير سواء في توزيع أو في ممارسة السلطة، وتدعيم هذه المطالب بمظاهرات عامة للتأييد.”[10]
النظريات المفسرة للحركات الإجتماعية:
الحركات الاجتماعية هي واحدة من أهم أنواع السلوك الجماعي، وهى تشير إلى نشاط ينطوي على عدد كبير من الناس، في كثير من الأحيان يتسم بالعفوية وانتهاك للقواعد المعمول بها.
وتشير الجماعية إلى عدد كبير من الناس الذين يتفاعلون قليلا في غياب معايير محددة جيدا وهناك نوعين من الجماعات هي: (1) الجماعات المحلية، تشير الى الناس في الذين يعيشوف فى نفس النطاق الجغرافى ويتفاعلون مع بعضهم البعض من قرب (2) الجماعات المتفرقة ، وهذا التى يكون تأثير الناس على بعضها البعض من مسافات بعيدة.
وتتميز هذه الجماعات عن الفئات الاجتماعية على أساس ثلاث خصائص، تتضمن طبيعة التفاعل الاجتماعي المحدودة، والحدود الاجتماعية واضحة، والقواعد ضعيفة أو غير تقليدية.
نظرية غوستاف لوبون:
غوستاف لوبون من اكثر مفكري القرن التاسع عشر الميلادي ارستقراطية فى فكره, وهو ما يظهر جليا فى مجمل افكاره ونظرياته الاجتماعية, فكان من دعاة المحافظة على النظام الارستقراطي القائم الذي طاله التغيير الاجتماعي. وتقوم نظريته عن السلوك الاجتماعى ـ بأن الفقر سوف يهرعون الى الشوارع ليظهروا رغباتهم وتطلعاتهم الشخصية امام الملأ, وطالما بقيت هوية الافراد في السلوك الجمعي غير معروفة، كانت افعالهم غريبة وشيطانية ووحشية احياناً؛ لان دوافع العقل الباطني هي التي تحكم الفرد المتحرك مع عواطف الجمهور. ولما كانت العواطف الفردية تنتشر بشكل عدوائي بين الافراد، اصبحت المؤثرات الخارجية من اهم عوامل السيطرة على السلوك الجمعي وتوجيهه الوجهة التي يبتغيها قادة ذلك التجمع.
وقد تعرضت نظريته الى نقد شديد من قبل اغلب مفكري علم الاجتماع، لانها تعاملت بشكل عنصري متميز مع الفقراء ووصمتهم بالرعاع، واتهمت كل انواع السلوك الجمعي بالشر والغوغائية والشيطانية[11].
وترتكز النظريات الغربية المفسرة للحركات الاجتماعية على ثلاثة نظريات رئيسية هى:
1 ـ النظريات النفسية:
وهذه النظريات تستند على رأيين متباينين. ولذلك فانها تنشطر الى قسمين؛ الاول: نظريات (السخط الاجتماعي)، وهي النظريات التي تعزي نشوء الحركات الاجتماعية الى السخط والاستياء العام بين افراد المجتمع. فالافراد الذين يعيشون رخاءً ونعيماً مادياً لاينتمون الى الحركات الاجتماعية على الاغلب، لانهم ليسوا بحاجة الى خدماتها السياسية او الاجتماعية. اما المحرومون من الثروات الاجتماعية ـ الذين يشعرون بانهم ضحايا التمييز وانعدام العدالة الاجتماعية ـ فانهم اكثر قابلية على تقبل دعوات الحركات الاجتماعية والانضمام اليها. ولكن تحليل هذه النظريات لايكفي لتفسير نشوء هذه الحركات، لان هناك الكثير من الشعوب التي تنوء تحت وطأة الفقر وعدم المساواة والفساد الاداري، الا انها لاتشكل حركات اجتماعية بسبب سخطها على الوضع الاجتماعي.
والنوع الثاني من النظريات النفسية، هي نظريات (سوء التوافق وعدم الانسجام الشخصي)، وهي النظريات التي ترى ان الحركات الاجتماعية ما هي الا ملجأ لفشل الافراد في تحقيق طموحاتهم. فالافراد المنضوون تحت راية الحركات الاجتماعية، هم من نمط اصحاب العقد النفسية الذين يفتقدون لمعنىً وهدف شامل في حياتهم الاجتماعية والاقتصادية؛ وكذلك الاقليات، وكل الذين يفتقدون الى حظ في التوفيق الاجتماعي. الا ان النقد الموجّه الى هذه النظرية هو انه من الصعب قياس شخصية الفرد على اساس العقد النفسية التي يحملها,
فان هذه النظريات الاجتماعية التي جاء بها مفكرو القرن التاسع عشر الميلادي في اوروبا، ركّزت فقط على طبيعة الخصائص النفسية السيكولوجية الخاصة بتصرفات الحركات الاجتماعية والافراد المنضوين تحت لوائها، ولم تعط للدوافع الاجتماعية والحرمان الاقتصادي والتوجه الديني اية اهمية في تفسير نشوء هذه الحركات[12].
ولكن هذه النظريات النفسية تفتقر الى وضوح في الرؤية الاجتماعية لدور هذه الحركات في التفاعل الاجتماعي وطبيعة المشاكل التي يعاني منها المجتمع.
2 – نظريات الضغوط الاجتماعية:
وهي النظريات التي تفسّر نشوء الحركات الاجتماعية على اساس شعور الافراد بالحرمان من الحقوق والثروة الاجتماعية؛ بمعنى ان الضغوط الاجتماعية الاقتصادية على الافراد يولّد تياراً يمهّد لظهور الحركات الاجتماعية. ولم تتميز هذه النظريات عن بعضها البعض من ناحية الاصالة ماعدا نظرية نيل سملسر التي تُعتَبر اكثر هذه النظريات شمولية لتفسير اسباب نشوء الحركات الاجتماعية وما يتبعها من سلوك جمعي وتغيير اجتماعي مرتقب[13].
ولكن حتى نظرية (سملسر) لم تقدّم لنا شيئاً جديداً حول نشوء الحركات الاجتماعية. فهي لم تفسّر لنا اسباب عدم ظهور الحركات الاجتماعية في المجتمعات الديكتاتورية مثلا، مع العلم بان الحكم الديكتاتوري يسلّط ضغوطاً اجتماعية عظيمة على الافراد. بل ان اغلب المجتمعات الانسانية فيها نوع من الحرمان الاجتماعي، ولكننا لانرى ظهور الحركات الاجتماعية التي تنادي بالتغيير. فالزنوج في جنوب افريقيا وفي اوروبا وفي امريكا الشمالية رضخوا تحت نير ظلم الرجل الابيض لاكثر من مائة عام قبل ان تظهر حركاتهم الاجتماعية المُطالِبة بالمساواة. والاغلبية من جماهير العالم الثالث ترضخ تحت نير الظلم والاستعباد دون ان تكترث لسماع صوت القلة من الاحرار. بل ان الحركات الاجتماعية الاوروبية الداعية الى الاقرار بحقوق المرأة ظهرت بشكل فاجأ اغلب النساء في المجتمعات الاوروبية نفسها، في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين[14].
3 – نظرية النفير الاجتماعي وتجميع مصادر القوة:
وهي آخر النظريات الاجتماعية واحدثها فيما يتعلق بنشوء الحركات الاجتماعية. فهذه النظرية التي صاغها الباحثان الاجتماعيان الامريكيان (جون مكارثي) و(ماير زالد) في كتابهما (ديناميكية الحركات الاجتماعية)[15], تؤكد على ان الحركة الاجتماعية لايمكن انشاؤها ما لم تتضافر جهود الافراد وتحتشد في تجميع الاموال، والافراد، والمهارات. فالظلم والحرمان الاجتماعي لايكفيان لوحدهما في انشاء تلك الحركة، بل لابد من تنظيم الافراد وتنفيرهم واستثمار كل الطاقات والقوى الاجتماعية من اجل التغيير. ويركز الباحثان على دور الدعم الذي يقدّمه الافراد خارج الحركة لها. فالاحزاب والتنظيمات تتلقى مساعداتها من المتعاطفين او من الجهات التي ترى من مصلحتها التغيير الاجتماعي المنشود.
ولكن هذه النظرية واجهت نقداً شديداً، لانها تجاهلت ـ عن قصد ـ دور الظلم الاجتماعي في تحريك الافراد نحو تأسيس الحركات الاجتماعية. بل ان هذه النظرية اخضعت كل مشاعر الافراد والامة نحو التنظيم دون الاخذ بنظر الاعتبار دوافع الافراد الذاتية في رفض الحرمان الاجتماعي، حتى لو لم يتوفر التنظيم المناسب لذلك.
الاتجاهات المختلفة فى دراسة الحركات الاجتماعية[16]:
1-الاقتراب الكلاسيكى النظرى:
يدور هذا الاتجاة حول ما تخبرنا بة الحركات الاجتماعية و النظرية عن الاسباب و الظروف وراء التحرك الجماعى الذى اعاد تعريف حدود الديمقراطية السياسية من خلال التعبئة الجماعية و التحرك الجماعى.
2-اقتراب تعبئة الموارد:
يعد هذا الاقتراب مناهض للاقتراب النظرى الكلاسيكى من حيث الاتجاة الى التغير من خلال التحرك الجماعى حيث يعتمد هذا الاتجاة على التحرك بشكل متكامل مع المجتمع على ان يتم ذلك من خلال شبكة اجتماعية قوية و مترابطة بدل من التحرك الفردى الذى كان سائد فى الاقتراب السابق.
3-البناء السياسى القائم على الفرص:
أن الدراسة المقارنة فى هذا الاتجاة ربطت دراسة الحركات الاجتماعية بالاهتمام المتعلق بالعلوم السياسية السائدة عن طريق عرض كيف ارطبت كل من (التوقيت-الاستراتيجية-و حجم تعبئة الحركات الاجتماعية)بعوامل (التقلبات الانتخابية –تركيب النظام الحزبى-المركزية المؤسسية-الفصل بين السلطات-استراتيجيات فض النزاع بين النخبة السياسية).
سمات الحركات الاجتماعية[17]:
هناك خصيتين رئسيتين للحركات الأجتماعية باتفاق علم الاجتماع هما:
1 -العمل الجماعي:
الحركة الاجتماعية تنطوى بلا شك فى إطار العمل الجماعي. ومع ذلك، فإن هذا العمل الجماعي يأخذ شكل الحركة فقط عندما يتم الحفاظ عليه لفترة طويلة. ليس من الضروري أن يتم تنظم هذا العمل رسميا. يمكن أن يكون بشكل غير رسمية. ولكن يجب أن تكون هذه الحركة قادرة على خلق مصلحة وجذب عدد كبير نسبيا من الأفراد.
2 -التوجه نحو التغيير الاجتماعي:
يتم توجيه الحركة الاجتماعية عموما نحو إحداث التغيير الاجتماعي. هذا التغيير قد يكون إما جزئيا أو كليا. على الرغم من أنه من هدف الحراك الاجتماعى إحداث تغيير في القيم والمعايير وأيديولوجيات النظام القائم، إلا انه هناط جهود تبذل من قبل بعض القوى الأخرى لمقاومة التغيرات والحفاظ على الوضع الراهن.
كما يشير M.S.A. Rao ، على الرغم من علماء الاجتماع لديهم قبول واتفاق حول الخصيتين المذكورتين أعلاه , إلا أن الحركات الاجتماعية تختلف كثيرا طبقا لمعايير أخرى – مثل وجود أيديولوجية، وطريقة التنظيم.
1 -الأيديولوجية وراء الحركة:
عنصر هام من عناصر الحركة الاجتماعية التي تميزها عن الطبيعة العامة للتعبئة الجماعية هو وجود أيديولوجية. .
2 -الإطار التنظيمي العمل:
كما أشار بول ويلكينسون إلى أن الحركات الاجتماعية تتطلب حدا أدنى من الإطار التنظيمي لتحقيق النجاح أو على الأقل للحفاظ على وتيرة الحركة.ووجود تمييز واضح بين القادة والأتباع، لتوضيح مقاصد الحركة، ولإقناع الناس بالمشاركة فيها أو لتقديم الدعم لها، واعتماد تقنيات مختلفة لتحقيق أهداف الحرك الاجتماعى.
3 -وجود تقنيات وتحقيق النتائج:
الحركات الاجتماعية قد تبني تقنية خاصة بها أو طريقة لتحقيق هدفها. ليس هناك يقين بشأن ذلك. قد تتبع الوسائل أو الأساليب السلمية أو متضاربة، عنيفة أو غير عنيفة، أو القهري مقنعة، ديمقراطية أو غير ديمقراطية للوصول إلى هدفه.الشيء نفسه ينطبق على النتائج. قد تصبح ناجحة أو قد تفشل، بل قد تصبح نجاح جزئي أو على الأقل قد خلق ‘الصحوة’ العامة في العام بخصوص قضية. نتيجة لحركة له تأثير وثيق على الفكر والإطار التنظيمي.
الحركات الاجتماعية الحديثة[18]:
و في ظل الظروف السابقة ظهرت الحركات الاجتماعية الحديثة و هي تختلف عن الحركات الاجتماعية التقليدية فى كونها لا تستهدف أساسا الوصول للسلطة و إنما سعيها الحثيث يرمى إلى ترجمة عدد من القيم إلى واقع إجتماعى على المستوى المحلى أو على مستوى المجتمعات الصغيرة دون أن تعبأ على الأقل فى الأمد القصير بترجمة هذه القيم على مستوى النظام السياسي ككل .
و تتسم هذه الحركات الاجتماعية الحديثة بعدد من السمات هى :
1- أن هذه الحركات كلها تقع خارج إطار السياسة المنظمة سواء فى ذلك الأحزاب السياسية أو أجهزة الدولة .
2- أن هذه الحركات لا تطرح استراتيجيات للوصول إلى السلطة بل غاية ما تصبو إليه هو التأثير على أجهزة السلطة على المستوى المحلى أو في قطاع من القطاعات لكن لا تستهدف هذه الحركات أن تصل بأعضائها أنفسهم إلي قمة أجزاء السلطة سواء على المستوى المحلى أو المستوى القومي .
3- ترفض هذه الحركات مبدأ التنظيم بمعنى إنها ترفض في غالبيتها أن تتحول إلى أحزاب سياسية ، كما إنها ترفض أن تنظم أعضائها على نحو شديد كما يجرى في جماعات المصالح من نقابات مهنية أو عمالية .
4- تسعى تلك الحركات إلى ترجمة عدد من القيم على المستوى المحلى من العلاقات فيما بين أعضائها و يطلق على هذه القيم مسمى القيم ما بعد المادية كقيم التعاطف و التعاون .
نظرة لأرض الواقع :
أظهرت موجة الاحتجاجات الشعبية العنيفة التى اندلعت فى منطقة الشرق الأوسط منذ ديسمبر 2010، -والتى اسفر عنها سقوط عدد من الأنظمة العربية الحاكمة منذ عقود طويلة- بروز دور الحركات الاجتماعية وديناميكياتها.
ويرى جون ستون فى كتابه، ان الحركات الاجتماعية غالباً ما يتم تكوينها فى إطار الدولة، مشيراص ان الدولة ما هى إلا مساحة لصراع المصالح المصالح المتضاربة بصفة مستمرة بين النخب السياسية والاقتصادية والنخبة فى الدولة بشكل عام مع الموظفين المدنيين، فضلاً عن وجود عنصر الضغط الشعبى، مما يؤدى إلى تكوينات تتم بصورة معينة يتمخض عنها تكوين مؤسسات الدولة المختلفة.
وأوضح أن تصاعد دور المجتمع فى الآونة الاخيرة، قد أضحى ظاهرة دولية بفضل العولمة التي أسقطت جميع الحواجز السياسية والاقتصادية والجغرافية والزمنية، مما أدى إلى دعم المجتمعات الافتراضية، وسهم فى قيام الحركات الاجتماعية.
ويؤكد فكرة ان العملية السياسية فى الديمقراطيات المعاصرة، تقود إلى الاحتجاجات بسبب ما يحدث خلال عملية صنع القرار وما ينتج عنها، مركزاً فى احد فصول الكتاب على ما يسمى “الحركات الاجتماعية” مشيراً إلى اسباب ونتائج اضفاء الطابع المؤسسى على الاحتجاجات فى المجتمعات الغربية. واشار كذلك ان التباين فى التعامل مع الاحتجاجات تبين مدى التهديد الذى يمثله مثل هذا الاحتجاج سواء أكان على المستوى لافردى أو الجماعى[19].
الخاتمة:
على الرغم من اهمية الحركات الاجتماعية الا ان دراستها تحتل جانب هامشى داخل العلوم السياسية , وقد يعتبر عدم الاهتمام بها فى الماضى مبرر حيث لم تكن احد الفواعل الهامة فى السياسة ,و لكن اليوم لا يمكن اهمال دراسة هذة الحركات الاجتماعية.
وتواجه الحركات الأجتماعية الحديثة مشكلة كبرى تتمثل في بلورة أستراتيجية سياسية عن طريق رفضها للتحول إلى أحزاب سياسية تكفل أن يكون لها تأثير على أجهزة السلطة مع أحتفاظها بقيمها الأساسية, وأن أدرك أنصار البيئة هذة الأهمية و تحولوا إلى أحزاب سياسية كما حدث فى ألمانيا .
وعلى الرغم من عدم التغلب على هذا التحدى الا أن هذة الحركات مازلت قائمة كعنصر أساسى فى الحياة السياسية فى العديد من المجتمعات , فقد شغلت ظاهرة الحركات الاجتماعية اهتماما بالغا فى الاونة الاخيرة من قبل الاكاديمين والباحثين . نظرا لطبيعة الدور الذى باتت تلعبه الحركات الاجتماعية فى عالمنا العربى على وجة الخصوص, نجد أن التجربة العملية لعدد من هذه الحركات اثبتت مدى قدرتها على التاثير داخل المجتمع بما لديه من رؤى وادوات استطاعت من خلالها ان تلعب دورا فاعلا على الساحة السياسية وبرز ذلك الدور فى عدد من المواقف التى اتخذتها الحركات الاجتماعية.
ولا يغيب عن الاذهان في هذا السياق احتمال أن تكون الدولة ذاتها هي مصدر التغير بالنظر الى ما تملكه من استقلالية نسبية والذي يمكّنها من ادخال اصلاحات او تغيرات أساسية في المجتمع بما يؤدي في النهاية الى تغيرها ويبقى المصدر الاولى للتغير هو الدولة في حد ذاتها. ولعل الدول الاشتراكية السابقة ومجتمعات العالم الثالث تنهض دليلا على صدق هذا الحديث بما شهدته من تطورات كان للدولة اسهامها الرئيسي في احداثها بما جعلها محل اهتمام علماء السياسة والاجتماع.
بيد أن ما استرعى علماء السياسة والاجتماع في العقد الاخير من هذا القرن هو تلك الحيوية التي قد يظرها المجتمع في مواجهة الدولة، بل ورغما عن الدولة لاسيما في تلك الحالات التي كانت يتصور فيها خضوع المجتمع خضوعا تامل للدولة شمولية كانت أم تسلطية.
اذ واضح من متابعة تلك المجتمعات أنها قد احتفظت بقدر من الفعالية او الاستقلالية مكنتها من احداث تغيرات أساسية في الدولة ذاتها بحيث تغيرت الدولة نتيجة أعمال المجتمع أو قسم معين منه.
قائمة المراجع:
أولا المراجع العربية:
1- الكتب
- مصطفى كامل السيد، “دراسات في النظرية السياسية”، القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2004.
- ثروت بدوي، النظم السياسية، بيروت، دار النهضة العربية، ط1، 1961م
2-الدوريات:
- غياث نعيسة, في إشكالية مفهوم الدولة .. “المدنية الحديثة”, الحوار المتمدن- العدد 3104 نشر نشر 24 أغسطس 2010م.
- شادية فتحي, الدولة الدينية:السيناريو الأقل احتمالا والأكثر تأثيرا في مستقبل مصر, مجلة السياسة الدولية.
- مصطفى العوزي, فى مفهوم السلطة, الحوار المتمدن, العدد 2524, 12 يناير 2009.
- أحمد أبوزيد , ” الحركات الاجتماعية وتشكيل المستقبل” , مجلة العربى, العدد 593 , أبريل 2008.
English references:
books
- Hans Be. Social psychology of social movements. Ayenabuls: Boss – Miller 0.1965.
- Neil Smlessr. Theory of collective behavior. New York: The Free Press, 1962.
- John McCarthy and Mayer Zald. Dynamic social movements. Cambridge: The Nthorb 0.1979
- Hank Johnston .States & Social Movements. Polity. February 2011
- Joan NF Kearney and Kathleen Tierney. (Relative deprivation and social movements from the standpoint of cash to twenty years of theory and research). Scientific article in the Journal of the American Sociological Quarterly, the number 23.1982. Pp. 33-47
المواقع الإليكترونية:
- Eric Brahm,” Social Movements “an essay ,available at:
http://www.beyondintractability.org/essay/social-movements
- Neha Pansare,” Essay on the Characteristics of Social Movements” available at:http://www.shareyouressays.com/87240/essay-on-the- characteristics-of-social-movements
- Charles Tilly, Social Movements, 1768 – 2004,available at http://www.jstor.org/discover/10.2307/41035464?uid=2&uid=4&sid=21103142020957
ـــــــــــــــــ, Collective Behavior And Social Movements – a research available at: www.faculty.rsu.edu/~felwellIntrod/…/Ch22.ppt
( ([1]ثروت بدوي، النظم السياسية، بيروت، دار النهضة العربية، ط1، 1961م، ص205-209. حيث لم يفصل الإسلام بين الدين والدولة، وان نظام الخلافة عند المسلمين يتضمن رئاسة الخليفة لأمور الدين والدنيا، ولم يكن الخليفة يستمد سلطته من الله، وإنما يستمدها من الأمة، إذا هي التي تختاره لهذا المنصب وتشد من أزره وتمنحه القوة، ويدين بهذا الرأي جمهرة علماء المسلمين.
[2] – غياث نعيسة, في إشكالية مفهوم الدولة .. “المدنية الحديثة”, الحوار المتمدن- العدد 3104 نشر نشر 24 أغسطس 2010م.
[3] – شادية فتحي, الدولة الدينية:السيناريو الأقل احتمالا والأكثر تأثيرا في مستقبل مصر, مجلة السياسة الدولية: انظر الرابط التالي:http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/3/135/1629/
[4] – عبد العزيز بن عبد الله, الدولة والحكومة .. المفهوم والممارسة, انظر الرابط التالي:
http://www.aleqt.com/2011/04/25/article_530800.html
[5] – مصطفى العوزي, فى مفهوم السلطة, الحوار المتمدن, العدد 2524, 12 يناير 2009.
[6] د.مصطفى كامل السيد، “دراسات في النظرية السياسية”، القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2004.
[7]مصطفى كامل السيد، “دراسات في النظرية السياسية”، مرجع سابق.
[8]-Eric Brahm,” Social Movements “an essay ,available at:
http://www.beyondintractability.org/essay/social-movements
[9]- أحمد أبوزيد , ” الحركات الاجتماعية وتشكيل المستقبل” , مجلة العربى, العدد 593 , أبريل 2008.
[10]- Charles Tilly, Social Movements, 1768 – 2004,available at:
http://www.jstor.org/discover/10.2307/41035464?uid=2&uid=4&sid=21103142020957
[11]ـــــــــــــــــ, Collective Behavior And Social Movements – a research available at:
www.faculty.rsu.edu/~felwellIntrod/…/Ch22.ppt
[12]- مفهوم الحركات الاجتماعية , صوت الليبرالية الجديدة, نشر 24 أكتوبر 2011 نقل عن
Hans Be. Social psychology of social movements. Ayenabuls: Boss – Miller 0.1965.
[13]- Neil Smlessr. Theory of collective behavior. New York: The Free Press, 1962.
[14] -Joan NF Kearney and Kathleen Tierney. (Relative deprivation and social movements from the standpoint of cash to twenty years of theory and research). Scientific article in the Journal of the American Sociological Quarterly, the number 23.1982. Pp. 33-47
[15]John McCarthy and Mayer Zald. Dynamic social movements. Cambridge: The Nthorb 0.1979. –
[16] – شادية فتحى” الحركات الاجتماعية الجديدة” ,. محاضرة القيت على طلاب مادة النظم السياسية المقارنة, تمهيدى ماجستير ( جامعة القاهرة- كلية الاقتصاد والعلوم السياسية) صيف 2013.
[17] – Neha Pansare,” Essay on the Characteristics of Social Movements” available at:
http://www.shareyouressays.com/87240/essay-on-the-characteristics-of-social-movements
[18] – مازن حسن , “اقتراب الدولة والمجتمع”, محاضرة القيت على طلاب مادة النظم السياسية المقارنة, تمهيدى ماجستير ( جامعة القاهرة- كلية الاقتصاد والعلوم السياسية) صيف 2013.
[19]- book review : States & Social Movements. Hank Johnston. Polity. February 2011.