مقالات

وباء كورونا بين دعاة سياسة مناعة القطيع وتشديد الحجر الصحي وانعكاساتها

اعداد الباحث : قتيبة قاسم العرب – المركز الديمقراطي العربي

 

بعد انتشار وباء كورونا بالصين وانتقاله تباعآ لأوروبا كايطاليا وفرنسا واسبانية وبريطانية وصعوده السريع بأمريكا مع تهديده للدول العربية رغم قلة العدد مقاربة مع الغرب مخلفآ أكثر من نصف مليون اصابة ووفاة أكثر من خمسين ألف وتوقف المصانع والمعامل وحركة الطيران العالمي واغلاق الحدود عالميآ مما أدى لشل الإقتصاد العالمي ويستعد للإتجاه نحو الركود الإقتصادي مما أدى لظهور تياران مختلفان بالإتجاهات لمواجهة هذا الوباء الأول طالب بعدم الحجر الصحي من أجل كسب المناعة والقبول بالضحايا المحتملين مهما بلغت وينتهي الأمر لديهم كبريطانية سياسة مناعة القطيع وكذلك ايطاليا بشكل غير علني وإيران  تركت الأمور تتصاعد لذروتها  والثاني أخذ احتياطات الحجر الصحي مبكرآ وطبق الحجر على مراحل باتجاه التشديد أكثر فأكثر لمنع انتقال العدوى وبالتالي عدد المصابين بالمئات كبعض الدول العربية   وبناءآ عليه نحلل انعكاسات سياسية هذان الإتجاهان بأخذ نماذج عن بعض الدول في ظل عدم وجود علاج حقيقي وفعال إلى الآن ونطرح رؤية لرأي ثالث.

نبدأ بأخذ بعض النماذج:

بالنسبة للصين والتي استخدمت سياسة تشديد بالغة بالخطورة فاقت كل قوانين الطوارئ بالعالم وفاقت مكافحة كورونا مكافحة الإرهاب واستخدمت كل وسائل التكنولوجيا الحديثة لمراقبة البشر  كأقسى نظام شمولي بالعالم وطبعآ رغم كل التصريحات الإعلامية هناك تشكيك بالأرقام والوفيات الحقيقية التي حصلت ربما تفوق عشران أضعاف التي أعلن عنها في نظام شمولي ومع انطلاق تصريحات بأن الصين تعافت من المرض وأخذت حصتها من الموت وانتهى الأمر  ورغم ذلك لم تنجو الصين من التبعيات والآثار الإقتصادية القادمة لأن شفائها بوحده والعالم متضرر ومستمر سيعطل  جزء من اقتصادها المعتمد على الخارج من استيراد وتصدير وسياحة في ظل استمرار الوباء دوليآ وسيكون هناك انعكاسات على الأسعار  وتراجع المعيشة بالنسبة للمواطن الصيني ولكن لا يتوقع انفلات الأمور في ظل النظام الشمولي ضمن قوة اقتصادية وصحية وتكنولوجيا.

أما بريطانية والتي انتهجت سياسة مناعة القطيع والتي تريد بها الوصول لذروة الإصابات بالوباء بشكل متسارع والتي قد تصيب نسبة 60 بالمئة من المواطنين ولم تطبق الحجر الصحي بل دعت كبار السن وكل من لديه أعراض متوسطة بحجر نفسهم تلقائيا ورفضت اجراءات الفحوصات الا للحالات الحرجة رغم مطالبات منظمة الصحة العالمية وبالتالي ضمنيآ رغم مطالبات الحكومة البريطانية لشعبها بالإلتزام والبقاء بالمنازل تبقى دعوى شكلية غير ملزمة ويتحمل كل مواطن مسؤوليته  وبالتالي اذا كانت احصائيات بريطانية لعدد الكبار بالسن والإصابات المتوقعة بأرقام صحيحة فهي تعرف مسبقآ كل ستخسر من الوفيات المحتملين والإصابات كذلك مع احتمال الشفاء حسب نوع الإصابة ببدايتها أم بمرحلة حرجة وبالتالي بريطانية ستبقى على تطبيق سياسة مناعة القطيع ضمنيآ بوجود اقتصاد قوي وبنية صحية قادرة على المواجهة مع تحمل خسائر الإقتصاد العالمي ونتائجه  وما بعد انتهاء كورونا ستحدد الديمقراطية ورأي الشعب البريطاني بالحكم على مدى نجاح حكومتهم ومن سيقود بربطانية.

أما ايطاليا والتي تركت الأمور تسير على طبيعتها بانتشار عدوى المرض ولكن التسارع كان كبيرآ جدآ ونسبة كبار السن مرتفعة وبالتالي نسبة الوفيات ارتفعت بشكل متسارع في ظل اقتصاد يعاني من أزمات سابقة وبنية صحية ليست قوية  مما اضطرها للتراجع وفرض الحجز الصحي بين المدن وهكذا لأن النتائج ستكون كارثة إذا استمرت بذلك الأسلوب وبالتالي بعد نهاية الوباء ايطاليا ستشهد تغيرات كبيرة سياسية واقتصادية وتراجع معيشة الموطن وانعكاسات سلبية.

أما الدول العربية  فنأخذ نموذج المغرب بسبب كثرة المقالات بالصحف العالمية حول نهجها بمواجهة هذا الوباء حيث أخذت التدابير الاحترازية بشكل مبكر وشددت الحجر الصحي على مراحل حتى يستوعب الشعب ذلك وتفادي للإصطدامات مع تأمين السلع الغذائية وتوفيرها بالسوق بشكل يومي حتى لا يتضرر المواطن البسيط وتفاديآ لانهيار الإقتصاد وموازنة الحكومة جاءت مبادرة جلالة الملك بإنشاء صندوق خاص لتدبير مواجهة وباء كورونا مع دعم التجار الوطنيين لديهم بتبرعات مالية كبيرة وتابعت بعض المؤسسات الخاصة على نفس النهج وهكذا مع دعم المقاولات الصغرى حتى لا تسقط ودعم قطاع الصحة والأمن لمواجهة هذا الوباء والزام الموطن بالحجر الصحي وتحديد ساعات الخروج من المنازل وحجر الجهات والمناطق عن بعضها إلا للضرورات القصوى مع الحفاظ على عدم انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان ومحاسبة الإنتهاكات الفردية  وبالتالي رغم ان الإصابات بالمئات والوفيات بالعشرات وهو عدد ليس كبير مقارنة مع الغرب  وحتى بعد التعافي وانتهاء الأزمة لدى المغرب في ظل استمراره عالميآ وبالتالي اغلاق للحدود وتضرر بعض القطاعات الإقتصادية كالسياحة والطيران سيكون للصندوق الخاص الأثر الكبير لمواجهة تداعيات آثار أزمة وباء كورونا في ظل توقعات ارتفاع البطالة والأسعار  والتوقعات بخروج المغرب من الأزمة بأقل الأضرار والخسائر للأسباب المذكورة أعلاه.

الخاتمة والرأي:

مقارنة بين الرأيين والتيارين بين تشديد الحجر الصحي والذي يحتاج لقوة اقتصادية ونظام شمولي وانتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان وأقل عدد في الوفيات وانعكاسات واضرار لبعض القطاعات الإقتصادية لديهم في ظل استمرار أزمة الوباء عالميآ  والرأي الآخر سياسة مناعة  القطيع والتي ستكلف أعداد وفيات كبيرة وأخذ الدول حصتها وينتهي الأمر حسب رأيها وحفاظها على حقوق الإنسان والالتزام الطوعي معتمدة على قوة اقتصادها وتحمل الخسائر مع ترك الحكم على ما جرى بعد انتهاء وباء كورونا للشعب بشكل ديمقراطي  فبرأينا انه من الأنسب أخذ نموذج وسطي بين التيارين في كافة الإجراءات وطرق الحجر وخلق توازن واقعي مقبول والتحضير لثقافة دائمة وسطية بالإجراءات المتخذة للوقاية الصحية بأقل نسبة لانتقال عدوى أي مرض كان أو وباء بالمستقل مع تطوير البنية الصحية والتعليمية والتي أظهر الوباء مدى ضعفها في مواجهة هذا الوباء مع الحفاظ على عدم استغلال الأنظمة الشمولية والديكتاتورية لذلك لممارسة انتهاكات حقوق الإنسان وهذه دور المنظمات في الدول المعنية وعالميآ دور الأمم المتحدة.

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى