مقالات

حكومة الكاظمي المرتقبة… حكومة خادمة

بقلم : محمد كريم الخاقاني – باحث في الشأن السياسي.

  • المركز الديمقراطي العربي

 

انفرجت ازمة المكلف الجديد لرئاسة الوزراء من قبل المكونات الشيعية بترشيح السيد مصطفى الكاظمي ويعد اول رئيس وزراء من خارج التوليفة السياسية التي اعتاد الشعب العراقي منذ عام ٢٠٠٣ على تداول اسماءها فهو شخصية سياسية لا تظهر كثيرا في وسائل الإعلام وتسنم منصب رئيس جهاز المخابرات العراقي الوطني وبالتالي حاز ترشيحه على إجماع الكتل السياسية الشيعية منها والسنية والكردية.

ما يهمنا من ذلك الامر هو ان ذلك الترشيح قد مهد الطريق للقيادات من الخط الثاني من الزعامات من إستثمار فرصة الترشيح لإثبات وجودها وقيادة البلد في هذا الظرف الإستثنائي ووسط تحديات تحيط بالدولة العراقية من جميع النواحي السياسية والإقتصادية والصحية والأمنية.  فالسيد مصطفى الكاظمي شخصية وسطية تتمتع بمقبولية من قبل الجميع ولهذا توافقت الكتل السياسية واجمعت على ترشيحه وتكليفه من قبل رئيس الجمهورية.

هناك مجموعة من الامور يجب على المكلف مصطفى الكاظمي ان يعمل على إيجاد حلول لها ومنها: الأزمة الإقتصادية الناجمة عن إنخفاض اسعار النفط العالمية وتأثيراتها المتوقعة على العراق كونه يعد من الدول الريعية وبالتالي تأثر واردات البلد نتيجة ذلك الإنخفاض وكذلك التحدي الصحي المتمثل بتفشي جائحة كورونا والاستعدادات لها في هذا الصدد فضلا عن السعي لتحقيق مطالب الشعب العراقي الذي خرج منتفضا في تشرين الاول ٢٠١٩  للمطالبة بتحقيقها وهي اجراء إنتخابات مبكرة ومفوضية مستقلة للإنتخابات وإقرار قانون إنتخابي عادل.

الكاظمي كان قد وصف الحكومة المكلف بتشكيلها بإنها حكومة خادمة للشعب العراقي عبر تقديم الدعم المطلوب لإحياء الإقتصاد العراقي وتحقيق مطالب الشعب وبالتالي سيكون الكاظمي امام إختبار حقيقي لبيان مدى مقبوليته لدى الجماهير كونه شخصية متفق عليها وحازت الإجماع السياسي.

هذه التحديات التي تحيط بحكومة الكاظمي المرتقبة هي بمثابة إختبار له ومدى مقبوليته لدى الشعب العراقي، فالكاظمي استطاع ان يحقق ما عجز عنه الآخرون من المرشحين لتولي منصب رئيس الوزراء وهو الإجماع السياسي على شخصه، إذ لم يسبق لأي مرشح سابق او لاحق منذ عام ٢٠٠٣ ان اتفقت الكتل السياسية بتوجهاتها المختلفة على شخصية سياسية مثلما اجمعت على شخصية الكاظمي ليكون رهانها على تجاوز مخاض ما بعد إستقالة حكومة عادل عبد المهدي.

ان على حكومة المكلف الكاظمي ان تعمل على إستثمار الدعم السياسي لها في إختيار كابينته الوزارية بأسرع وقت ممكن وهذا لا يعني ان يكون التشكيل الوزاري لا يأخذ بنظر الإعتبار المتطلبات والمواصفات المطلوبة بالوزراء، إذ لابد من عنصر الكفاءة والنزاهة ان تكون في المقام الاول لعملية إختيار الوزراء بعد إطلاق يده من قبل الكتل السياسية وتخويله امر حسم الكابينة الوزارية وإنتقاء الشخصيات التي تشكل الفريق المنسجم مع خطط ورؤية السيد الكاظمي.

وبعيدا عن سقف التوقعات من حكومة الكاظمي وما مطلوب منها خصوصا اذا ما علمنا بإن حكومته تعد حكومة إنتقالية وليست دائمية، فإن المأمول منها هو الإعداد لإقامة إنتخابات مبكرة والسعي بشكل جدي لإبعاد العراق عن الصراعات في المنطقة عبر العمل على إحداث التوازن المطلوب وصياغة سياسة خارجية جديدة تضع مصلحة العراق اولا، فضلا عن مسألة اساسية تتعلق بحصر السلاح بالدولة فقط بعيدا عن تحكم الافراد والجماعات المسلحة وذلك عبر إجراءات وصفها الكاظمي في اول حديث موجه للشعب بالحاسمة. ومن المؤمل ان يقدم الكاظمي كابينته الوزارية خلال المدة المقررة دستوريا للبدء بإصلاح الاوضاع في البلد.

 

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى