الدستور الظرفي – قراءة في الأحكام الانتقالية للوثيقة الدستورية
اعداد : د. عمر الشرقاوي
- المركز الديمقراطي العربي –
- مجلة القانون الدستوري والعلوم الإدارية : العدد السابع تموز – يوليو 2020 المجلد 2 ، وهي مجلة دولية محكمة تصدر عن #المركز_الديمقراطي_العربي المانيا- برلين.
- تعنى المجلة في مجال الدراسات والبحوث والأوراق البحثية في مجالات الدراسات الدستورية والعلوم الإدارية المقارنة – نشر البحوث في اللغات ( العربية – الفرنسية – الإنجليزية )
للأطلاع على البحث “pdf” من خلال الرابط المرفق :-
ملخص :
يعد الدستور حجر الزاوية في بناء الدولة القانونية، وتتربع قواعده المنظمة للحقوق والحريات والعماد المؤسس للحياة الدستورية على قمة الهرم القانوني. بيد أن سمو الدســاتير فــي مختلــف دول العــالم، لا يعني أن تلك الوثائق العليا دائمــة لا يطالها التغيير والتعديل بل هــي متغيــرة بتغيــر السياقات التي انتجتها، ممــا يــؤدي لإنهــاء عمر دســاتير قائمة وظهــور أخرى تتماشى وطبيعة التغيـرات الاجتماعية والسياسية، سواء جرى ذلك بشكل ديمقراطي او غير ديمقراطي سلمي او عنيف عن طريق صناديق الاستشارات الشعبية أو الانقلابات العسكرية أو المدنية.
ولا تخلو معظم الوثائق الدستورية من مقتضيات تخص الأحكام الانتقالية، التي تسمح بالانتقال من وضع دستوري قائم الى وضع دستور جديد. فواضعو الدستور يدركون ان تطبيق مقتضياته منذ اليوم الاول من إصداره، أمر غير ممكن واقعيا وقانونيا وان انهاء حياة أي دستور قائم في حينه مطلب بعيد المنال. فالدساتير الجديدة تحتاج برهة من الزمن بعد نشر النص الدستوري وذلك لما تتطلبه من توفير كافة الوسائل القانونية والتقنية والمادية والبشرية الضرورية لوضعه حيز النفاذ، لذلك تبدو الحاجة إلى سن أحكام انتقالية او مقتضيات ختامية او مواد ذات طبيعة خاصة، بهدف ضمان المرور السلس من مرحلة تطبيق القواعد الدستورية القديمة إلى مرحلة تطبيق القواعد الجديدة، وتجنب السقوط في تضارب المقتضيات الدستورية والابتعاد عن حالة الفراغ الدستوري وصعوبات التطبيق الفوري للنصوص.
وتعتبر الاحكام الانتقالية أو ما تطلق عليه الدراسة “الدستور الظرفي” في الحياة الدستورية حلا مؤقتا لكنه مؤسس، الغرض منه تأمين الانتقال من اطار دستوري سابق الى اطار دستوري جديد. فتلك الاجزاء من الدساتير تنشأ ضرورة عند كل تحول دستوري، حتى تتمكن من لعب دور المعبر الآمن في طريق بناء الوضع الدستوري المنشود، ومن ثم توجد لدى معظم التجارب الدستورية مبادئ راسخة، تحدد الوقت والصيغة الذي تدخل فيه بعض المقتضيات الدستور أو على الأقل جزء منه حيّز التنفيذ.
فالوضع الطبيعي أن يخلق الدستور اللاحق، قواعد ومؤسسات دستورية قد تختلف أو تتكامل أو تتناقض مع النظام الدستوري القائم، مما سيكون لذلك أثر واضح على البنية الدستورية القائمة، التي تحتاج إلى اجراءات انتقالية تسمح بالمرور إلى الوضع الدستوري الجديد دون وقوع صدمات أو اضطرابات أو حدوث فراغات، تمس باستقرار النظام الدستوري والسياسي وتحيد عن الطريق الدستوري وترمي مؤسسات الدولة في متاهات اللاشرعية ومخاطر اللامشروعية.
وبناء على ذلك، تقتضي دراسة الدستور الظرفي الذي طاله النسيان في الفقه الدستوري، تحديد خصائصه العامة وقيمته الدستورية مع تبيان وظائفه السياسية والاستراتيجية ولن تكتمل مقاصد الدراسة دون الخوض في مسار تطبيقات الدستور الظرفي في التجربة الدستورية المغربية .
abstract:
The constitution is the cornerstone of building the legal state, and its rules governing rights and freedoms and the founding pillar of constitutional life are at the top of the legal pyramid. However, the supremacy of constitutions in various countries of the world does not mean that these high documents are not always subject to change and amendment but rather are changed by changing the contexts that they have produced, which leads to ending the age of existing constitutions and other appearances that are consistent with the nature of social and political changes, whether it is done democratically or democratically. Peaceful or violent through popular consultation funds, or military or civilian coups.
Most of the constitutional documents do not contain requirements for transitional provisions, which allow the transition from an existing constitutional status to the development of a new constitution. So the framers of the constitution realize that implementing its requirements from the first day of its issuance is not realistic and legally possible, and that ending the life of any existing constitution is a far-fetched demand. The new constitutions need a moment of time after the publication of the constitutional text, as they require the provision of all the legal, technical, material and human means necessary to put it into effect, so the need appears to enact transitional provisions, final requirements or articles of a special nature, with the aim of ensuring a smooth passage from the stage of applying the rules The old constitutional to the stage of applying the new rules, avoiding the fall in the conflict of constitutional requirements and moving away from the state of constitutional emptiness and difficulties in the immediate application of texts.Accordingly, the study of the circumstantial constitution requires defining its general characteristics and constitutional value, while showing its political and strategic functions, and the purposes of the study will not be complete without going into the course of the applications of the circumstantial constitution in the Moroccan constitutional experience.