ما لا تعرفه عن نبي الله إبراهيم عليه السلام!
بقلم : د. جميل أبو العباس الريان – مدرس الفلسفة بكلية الآداب جامعة المنيا- مصر
- المركز الديمقراطي العربي
سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام هو الذي اختصه الله عز وجل بالفضائل العظيمة، والمكارم الجليلة، فكان الإمام، والأمة، والحنيف، القانت لله عز وجل، الذي ينتسب إليه جميع الأنبياء بعده، ويؤمن به جميع أتباع الشرائع (المسلمون والنصارى واليهود) .
يكفيه فخرًا ما قاله الله تعالى عنه: “إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ” وقال سبحانه عنه”وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ”.
اذكر لهؤلاء ابتلاء الله إبراهيم، أي: اختباره له بما كلفه به من الأوامر والنواهي ( فأتمهن ) أي : قام بهن كلهن ، كما قال تعالى: ( وإبراهيم الذي وفَّى ) [ النجم : 37 ]، أي: وفى جميع ما شرع له ، فعمل به صلوات الله عليه.
وإبراهيم عليه السلام هو أفضل الأنبياء والرسل بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولهذا أخبرنا الله تعالى أنه اتخذه خليلا (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا) النساء/125.
قال رجلٌ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم :” يا خيرَ البَرِيَّةِ . فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ذاكَ إبراهيمُ”.
وَقدْ قال ذلكَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَواضعًا لرَبِّه وأَدبًا مَع إِبراهيمَ عليه السَّلامُ، وإلَّا فَنَبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَفضلُ، كَما قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ” أَنا سَيِّدُ وَلدِ آدمَ ولا فَخرَ”؛ “، ولم يَقصِدْ بِه الِافتخارَ ولا التَّطاوُلَ عَلى مَن تَقدَّمه، بل قالَه بَيانًا لِمَا أٌمِرَ بِبَيانِه وتَبليغِه.
هل تعلم أن جميع الأنبياء الذين جاءوا من بعده هم من نسله من طريق إسحق ويعقوب إلا محمداً صلى الله عليه وسلم، فهو من ولد إسماعيل بن إبراهيم.
فنبينا صلى الله عليه وسلم أخص بإبراهيم من غيره، فإبراهيم عليه السلام هو أبو العرب، وهو أبو النبي صلى الله عليه وسلم من جهة النسب.
وإبراهيم هو الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع ملته (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا) النحل/123 ، ولهذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم ـ ونحن تبع له ـ أولى الناس بإبراهيم عليه السلام .
كما قال عز وجل : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) آل عمران/68 ، وقال رداً على اليهود والنصارى : (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) آل عمران/67 .
هل تعلم أخي الكريم أن نبي الله إبراهيم هو أول من أتصف بصفة الكرم:
ثبتَ في صحيح السنّة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيَّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (كانَ أوَّلَ مَن ضَيَّفَ الضَّيْفَ إبراهيمُ،).
بهذا كانت صِفة الكرَم من أعظم صفات إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – واستمع إلى قول الله – عز وجل -: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ﴾ [هود: 69]، وفي آية أخرى قال تعالى: ﴿ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ﴾ [الذاريات: 26]؛ أي: إنه قدَّم لهم عجلاً سمينًا مشويًّا على حجارة الرضف المُحماة، فهذا هو كرم أبي الأنبياء إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – وهذا ما علَّمَنا إياه نبي الرحمن -صلى الله عليه وسلم- ففي الحديث الذي رواه أبو هُريرة – رضي الله عنه – أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر، فليُكرِم ضيفَه، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر، فليَصِل رحمه، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر، فليَقلْ خيرًا أو لِيَصمُت))؛ متَّفَق عليه.
استكمالا للحديث النبوي الشريف عن نبينا إبراهيم عليه السلام يقول صلى الله عليه وسلم: وهو أوّلُ مَن اخْتَتَنَ على رأسِ ثمانين سنةً، واِخْتَتَنَ بالقَدُوم”
هل تعلم أن أول من شاب إبراهيم خليل رب العالمين، عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فقال : يا رب ما هذا؟ فقال تعالى : هذا وقارك، فقال إبراهيم عليه السلام : رب زدني وقارا ، فما برح حتى ابيضت لحيته الشريفة.
وعن علي رضي الله عنه قال : كان الرجل يبلغ الهرم ولم يشِب، وكان في القوم والد وولد فلا يعرف الابن من الأب ، فقال إبراهيم عليه السلام : يا رب اجعل لي شيئا أُعرف به ، فأصبح رأسه ولحيته أبيضين أزهرين أنورين.
هل تعلم أن إبراهيم عليه السلام أقرب الناس شبها لرسول الله، ولم لا ونسبه الشريف صلى الله عليه وسلم ينتهي إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهم السلام جميعا
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: عُرِضَ عليَّ الأنبياءُ فإذا موسى ضَرْبٌ منَ الرِّجالِ كأنَّهُ من رجالِ شَنوءةَ ورأيتُ عيسى ابنَ مريمَ فإذا أقربُ الناس من رأيتُ بِهِ شبَهًا عروةُ بنُ مسعودٍ ورأيتُ إبراهيمَ فإذا أقربُ من رأيتُ بِهِ شبَهًا صاحبُكم يعني نفسَهُ ورأيتُ جَبرائيلَ فإذا أقربُ من رأيتُ بِهِ شبَهًا دِحيَةُ
هل تعلم أن أول من يُكسى من الخلائق يوم القيامة إبراهيم عليه السلام وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: ((وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم))……… أتدرون لماذا؟
– لأنه أول من عُري في ذات الله حين أرادوا إلقاءه في النار،
– وقيل لأنه أول من استنّ التستر بالسراويل،
– وقيل: لأنه لم يكن في الأرض أخوفَ لله منه فعجلت له كسوته أمانًا له ليطمئن قلبه واختار هذا الأخير الحليمي،
– وقيل في ذلك: أول من يكسى إبراهيم يقول الله اكسوا خليلي ليعلمَ الناسُ فضلَه عليهم،
هل تعلم لماذا خصص الله عز وجل سيدنا إبراهيم في التشهد دون سائر الأنبياء؟
قد يكون ذلك لأنه دعا الله قائلًا:”وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ” (84) أي: واجعل لي ذكرا جميلا بعدي أذكر به ، ويقتدى بي في الخير، كما قال تعالى: ( وتركنا عليه في الآخرين. سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين ) [الصافات: 108 – 110]. فاستجاب الله لدعائه
وقد أشار ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام إلى أن تخصيص إبراهيم عليه السلام بالذكر هنا، لما وهبه الله تعالى لآل إبراهيم من الخير حيث قال: والمقصود الكلام على قوله: وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، فهذا الدعاء يتضمن إعطاءه من الخير ما أعطاه لآل إبراهيم، وإدامته وثبوته له، ومضاعفته له وزيادته، هذا حقيقة البركة.
وللعلامة بدر الدين العيني الحنفي رحمه الله ملحظ آخر في توجيه سبب ذلك، فيقول:
“فإن قيل : لم خُص إبراهيم عليه السلام من بين سائر الأنبياء عليهم السلام بذكرنا إياه في الصلاة؟
يقال: إن إبراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء الكعبة دعا الله قائلًا:”رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ”
ثم دعا لأمة محمد عليه السلام وقال : اللهم من حج هذا البيت من أمة محمد فهَبْه مني السلام ، وكذلك دعا أهله وأولاده بهذه الدعوة، فأُمرنا بذكرهم في الصلاة مُجازاة على حُسْن صنيعهم”
إنِّي عندَ اللَّهِ لخاتِمُ النَّبيِّينَ، وإنَّ آدمَ لمنجدِلٍ في طينتِهِ، وسأنبِّئُكُم بأوَّلِ ذلِكَ: دَعوةُ أبي إبراهيمَ، وبشارَةُ عيسى بي ورؤيا أمِّي الَّتي رأَت ، وَكَذلِكَ أمَّهاتِ النبيِّينَ يريْنَ.
وقيل: لأن “كل الأنبياء جاءوا بالتوحيد ، قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) الأنبياء/25، لكن إبراهيم أبو العرب ، وأبو الإسرائيليين ، وهو يدعو إلى التوحيد الخالص ، واليهود والنصارى ادعوا أنهم أتباعه ، والمسلمون هم أتباعه ، فكان هو عليه الصلاة والسلام قد خُصَّ بأنه أبو الأنبياء ، وأنه صاحب الحنيفية ، وأمرنا باتباعه ؛ لأننا نحن أولى بإبراهيم ، كما قال عز وجل : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) آل عمران/68 ، وقال رداً على اليهود والنصارى : (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) آل عمران/67”.
وقيل لأن النبي عليه السلام رأى ليلة المعراج جميع الأنبياء والمرسلين، وسلم على كل نبي، ولم يسلم أحد منهم على أمته غير إبراهيم عليه السلام، فأمرنا النبي عليه السلام أن نصلي عليه في آخر كل صلاة إلى يوم القيامة، مجازاة على إحسانه.
هل تعلم أن نبي الله إبراهيم أرسل لك سلامًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
لَقيتُ إبراهيمَ ليلةَ أُسْريَ بي فقالَ : يا محمَّدُ ، أقرئ أمَّتَكَ منِّي السَّلامَ وأخبِرْهُم أنَّ الجنَّةَ طيِّبةُ التُّربةِ عذبةُ الماءِ ، وأنَّها قيعانٌ ، وأنَّ غِراسَها سُبحانَ اللَّهِ والحمدُ للَّهِ ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ واللَّهُ أَكْبرُ.
إن رجلًا يتحلى بهذه الصفات حرى أن يُحب ويُتبع فما بالك لو كان نبيًا مرسلًا من الله تعالى؟
المصادر والمراجع:
تفسير ابن كثير
عمدة التفسير
صحيح الترمذي
“شرح سنن أبي داود” للعيني (4/260) .
صحيح مسلم
محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي: غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب » مطلب في أول من شاب واختتن
https://islamqa.info/ar/answers/
https://www.alukah.net/sharia/0/49655/#ixzz6TYCigs6y
https://www.alukah.net/sharia/0/101787/#ixzz6SglZlzN6