أثر اتفاقية العمل البحري على صناعة النقل البحري وأسباب امتناع بعض الدول عن التصديق (مصر نموذجا)
The Impact Of The Maritime Labor Convention On The Maritime Transport Industry And The Reasons For The Abstention Of Some Countries To Ratification - Egypt as a Example
إعداد : نبيل عبدالله سالم بن عيفان – ماجستير في تكنولوجيا النقل البحري – الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري
- المركز الديمقراطي العربي
مرفق تحميل البحث ملف ” pdf ” –
أثر اتفاقية العمل البحري على صناعة النقل البحري وأسباب امتناع بعض الدول عن التصديق (مصر نموذجا)
الملخص
تناولت في بحثي هذا أثر اتفاقية العمل البحري Maritime Labour Convention, 2006 (MLC) على صناعة النقل البحري من جهة البحارة الذين هم أحد الأركان الأساسية في الصناعة وعليهم يرتكز العمل وبراحتهم ورضاهم تتحقق معايير السلامة البحرية وتقل الحوادث وتطبق التشريعات البحرية الدولية، وتعرف الاتفاقية بأنها ميثاق حقوق البحارة.
الاتفاقية صادرة عن منظمة العمل الدولية التي تهتم بالعمالة في جميع المجالات وقد خصصت هذه الاتفاقية للعمالة البحرية وضمنت المنظمة العديد من الاتفاقيات السابقة في مجال العمالة البحرية ضمن هذه الاتفاقية.
وفي البحث تناولنا تعريف باتفاقية العمل البحري واقرارها ثم تناولنا مسئولية دول العلم الموقعة على هذه الاتفاقية وآلية دخول الاتفاقيات الدولية لقوانين الدول بعد التعريف بالمنظمة وعلاقتها بالمنظمة البحرية الدولية وبعدها تناولنا جانب عدم تصديق بعض الدول على الاتفاقية وتأتي في طليعة الدول العربية جمهورية مصر وتم تسليط الضوء على الأسباب التي دعت مصر لعدم التصديق وأبرزها الضمان الاجتماعي الذي تضمنته الاتفاقية إضافة لتعدد الجهات المسئولة عن العمالة في البلد.
Abstract
In my research, I dealt with the impact of the Maritime Labor Convention, 2006 (MLC) on the maritime transport industry on the side of seafarers who are one of the basic pillars of the industry and on whom work, comfort and satisfaction are based, Maritime safety standards are met, accidents are reduced, and international maritime legislation is applied. Seafarers’ rights.
The Convention is issued by the International Labor Organization, which is concerned with employment in all fields. This Convention has been devoted to maritime labor. The organization included many previous Conventions in the field of maritime labor within this Convention.
In the research, we dealt with the definition and approval of the Maritime Labor Convention, then we dealt with the responsibility of the flag states that sign this Convention and the mechanism for entering international agreements into the laws of states after introducing the organization and its relationship with the International Maritime Organization.
The reasons for Egypt not ratifying, most notably the social security included in the agreement, in addition to the multiplicity of agencies responsible for employment in the country.
مثلت اتفاقية العمل البحري Maritime Labour Convention, 2006 (MLC) نقلة نوعية في صناعة النقل البحري خاصة فيما يتعلق بالعمالة البحرية الذين يعتبرون أحد الأركان الرئيسة للصناعة وعليهم محور التنفيذ والتطبيق وتحقيق السلامة البحرية، والاهتمام بهم ينعكس إيجابا على العمل البحري ككل خاصة وأنهم السبب الرئيس للحوادث البحرية فهم يتحملون مالايقل عن 80 % من الأسباب ، وعلى ذلك فسيتم في هذا البحث المختصر التركيز على اتفاقية العمل البحري والأسباب التي جعلت بعض الدول لم تصدق عليها لحد اللحظة خاصة الدول العربية ، وأخذت نموذج للدول العربية جمهورية مصر العربية كونها أحد أبرز الدول العربية في الجانب البحري وبدراسة وضعها مع الاتفاقية وامتناعها عن التصديق ممكن أن نصل إلى الأسباب التي دعت بعض الدول العربية لاتصادق على هذه الاتفاقية .
وسنبدأ أولا بالتعريف بمنظمة العمل الدولية التي أصدرت الاتفاقية ثم بالتعريف بالاتفاقية وأهم أركانها ثم سنعرج على الاجراءات التي تتبعها الدول للتصديق على الاتفاقيات الدولية والتحديات التي تسببت في عدم التصديق .
1- منظمة العمل الدولية والتعاون مع المنظمة البحرية الدولية
إنّ منظمة العمل الدولية International Labour Organization (ILO) هي احدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، وهي المنظمة الوحيدة التي تتميز بتركيبتها الثلاثية والتي تضم كل من الحكومات ومنظمات العمال وأصحاب العمل في جهد مشترك، وقد أنشئت المنظمة في 1919 كجزء من معاهدة فرساي التي وضعت حدا للحرب العالمية الأولى، وفي العام 1946م أصبحت المنظمة أول وكالة متخصصة ضمن منظومة الأمم المتحدة الحديثة النشأة.
وللمنظمة مكتب إقليمي للدول العربية ويقوم هذا المكتب بأنشطة ومشاريع في الدول العربية، وتمّ تأسيسه في بيروت عام 1976 وأُعيد افتتاحه بعد نهاية الحرب الأهلية اللبنانية عام1995.
ويوجد مكتب شبه إقليمي تابع للمنظمة في القاهرة ويقوم بتغطية عدد من الدول العربية في القارة الافريقية بما فيها: مصر والسودان والصومال وليبيا وتونس والجزائر والمغرب. (ILO, 2020)
1-1 العلاقة بين منظمة العمل الدولية والمنظمة البحرية الدولية في أنشطة العمالة البحرية
عالجت منظمة العمل الدولية العديد من الصعوبات من خلال اعتماد معايير عمالة بحرية شاملة تغطي مجموعة واسعة من قضايا الحماية الاجتماعية.
وكجزء من تعاون منظمة العمل الدولية مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى التي لها علاقة في المجال البحري ، وبالتحديد المنظمة البحرية الدولية International Maritime Organization (IMO) ، تم إنشاء فرق عمل مشتركة بين المنظمة البحرية الدولية ومنظمة العمل الدولية لمعالجة مختلف القضايا التي تحظى بأهمية بالغة للبحارة وتشمل هذه الفرق كل من الفريق العامل المشترك المعني بالمسؤولية والتعويض فيما يتعلق بمطالبات الموت والإصابة الشخصية وهجر البحارة، وفريق الخبراء العامل بشأن المعاملة العادلة للبحارة في حالة وقوع حادث بحري، والفريق العامل المشترك بشأن الامتحانات الطبية وسفن الصيد. (ILO, 2012)
اعتُمدت هذه الاتفاقية التي تُعرف على نطاق واسع باسم “ميثاق حقوق البحارة” من جانب ممثلي الحكومات وأصحاب العمل والعمال في مؤتمر عمل دولي خاص بالمنظمة في شهر شباط/فبراير 2006.
وهذه الاتفاقية تهدف إلى تحقيق العمل اللائق للبحارة وإلى تأمين المصالح الاقتصادية من خلال ضمان المنافسة العادلة بين أصحاب السفن ، و تغطي الاتفاقية جميع جوانب عمل البحارة وحياتهم على متن السفن وقد وُضعت الاتفاقية بحيث تكون قابلة للتطبيق على الصعيد العالمي وبشكل موحد، وبحيث يسهل فهمها وتحديثها، وهي الركن الرابع من أركان النظام التنظيمي الدولي الخاص بالشحن ذي الجودة الممتازة، مكملة بذلك الاتفاقيات الرئيسية للمنظمة البحرية الدولية المعنية بأمن وسلامة السفن وحماية البيئة البحرية. (ILO, 2020)
و دخلت الاتفاقية حيز النفاذ بتاريخ 20 أغسطس 2013، وتعين على جميع السفن التجارية العاملة في رحلات دولية ويبلغ إجمالي حمولتها 500 طن فأكثر وترفع علم أي من الدول المصدقة أن تملك وثيقتين محددتين هما شهادة العمل البحري، وإعلان الالتزام بالعمل البحري، حيث تعتبر هاتين الوثيقتين دليلاً ظاهرياً على أن هذه السفن تمتثل لشروط الاتفاقية، وستجري معاينة هاتين الوثيقتين عند وصول السفن إلى مرافئ دول أخرى صادقت على الاتفاقية، علاوة على ذلك، ستخضع السفن التي ترفع أعلام بلدان لم تصادق على الاتفاقية للتفتيش لدى دخولها موانئ دول بدأت بتطبيق الاتفاقية وذلك للتحقق من ظروف عمل البحارة ومعيشتهم ويُعتبر هذا التفتيش الذي يحمل اسم “لا معاملة تفضيلية بعد الآن” أحد الجوانب المهمة في الاتفاقية وهو يهدف إلى ضمان تحقيق منافسة عادلة بين مالكي السفن الملتزمين بأحكام الاتفاقية من خلال تأمين عمل لائق للبحارة. (ILO, 2020)
ينظر لهذه الاتفاقية على أنها الجمع بين أفضل القديم والحديث من التوصيات والاتفاقيات الدولية فقد جمعت خلاصة المعايير الموجودة في اتفاقيات العمل البحري بشكل جديد مبتكر يهدف لتحقيق القبول العالمي ، وهذه الاتفاقية ليست مثل اتفاقيات منظمة العمل الأخرى فهي لاتحتوي على رقم معين بها وإنما أعطي لها مسمى لأن نصها سوف يتم تعديله في المستقبل .
فالاتفاقية بالنسبة للملاك تمدهم ببند لامفاضلة في المعاملة لحمايتهم من المنافسة غير العادلة وبالنسبة للنقابات فهي قائمة بحقوق البحارة وبالنسبة للحكومات فهي كالمرجع الموحد وبالنسبة للبحارة ستمدهم بالحماية الدولية من الاستغلال وسوء المعاملة .
بند لامفاضلة في المعاملة يجعل سفن الدول غير المصدقة تتعرض للتفتيش وهو بند منصوص عليه في الاتفاقية وهو راسخ في اتفاقيات المنظمة البحرية الدولية. )الدمرداش، 2011)
وقد تم التصديق على الاتفاقية من قبل 97 دولة عضو تمثل أكثر من 91٪ من أسطول الشحن التجاري العالمي . (ILO, 2020)
تتألف الاتفاقية من ثلاثة أجزاء مختلفة ولكن مترابطة وهي: المواد واللوائح والمدونة، وتضع المواد واللوائح الحقوق والمبادئ الأساسية والالتزامات الأساسية للدول الأعضاء المصدقة على الاتفاقية وتتضمن المدونة تفاصيل من أجل تنفيذ اللوائح، وللاتفاقية خمسة أبواب هي:
-الباب الأول: الاشتراطات الدنيا لعمل البحارة على متن السفن.
– الباب الثاني: شروط الاستخدام.
– الباب الثالث: أماكن الإقامة وتسهيلات الترفيه والغذاء وتقديم الوجبات.
– الباب الرابع: الحماية الصحية والرعاية الطبية والرفاهة وحماية الضمان الاجتماعي.
– الباب الخامس: التقيد والإنفاذ. (ILO, 2012)
2-2 مسئوليات دولة العلم وفقا للاتفاقية
وقد جاء في المادة الخامسة من الاتفاقية بأن تقوم كل دولة عضو بالتزاماتها بموجب هذه الاتفاقية فيما يتعلق بالسفن والبحارة الخاضعين لولايتها وتمارس ممارسة فعلية ولايتها وإشرافها على السفن التي ترفع علمها عن طريق وضع نظام يكفل الالتزام باشتراطات هذه الاتفاقية، بما في ذلك الانتظام في عمليات التفتيش وتقديم التقارير وإجراءات الرصد والإجراءات القانونية وفقا للقوانين السارية وتكفل كل دولة عضو حيازة السفن التي ترفع علمها لشهادة عمل بحري ولإعلان بالتقيد بشروط العمل البحري وفقا لما تقضي هذه الاتفاقية ويجوز لأي دولة عضو خلاف دولة العلم أن تقوم وفقا للقانون الدولي، بالتفتيش على أي سفينة تنطبق عليها هذه الاتفاقية لدى وجود السفينة في موانئها للتحقق مما إذا كانت السفينة تلتزم باشتراطات هذه الاتفاقية، كما تمارس كل دولة عضو ولايتها وإشرافها على إدارات تعيين وتوظيف البحارة، وتحظر انتهاك اشتراطات هذه الاتفاقية، وتفرض وفقا للقانون الدولي، جزاءات أو تقضي باعتماد تدابير تصحيحية بموجب قوانينها تكون كافية لمنع مثل هذه الانتهاكات كما تضطلع كل دولة عضو بمسؤولياتها بما يكفل عدم تلقي السفن التي ترفع علم أي دولة لم تصدق على هذه الاتفاقية معاملة أكثر مؤاتاة من معاملة السفن التي ترفع علم أي دولة صدقت عليها. (ILO, 2006)
3- آليات تطبيق التشريعات الدولية لدى الدول
تبقى التشريعات الدولية ناقصة دون تطبيقها وإدخالها في القوانين المحلية للدول المصدقة عليها وتختلف الآليات المتبعة لدى الدول في إدخال التشريعات الدولية لقوانينها المحلية ولكوننا نتحدث عن مصر فسنتطرق للآلية المتعامل بها في اعتماد التشريعات الدولية في مصر.
1-3 اعتماد مصادقة الدول لدى منظمة العمل
الاتفاقيات تشريعات ينشئ التصديق عليها التزامات قانونية ولا يبدأ إنفاذها بالنسبة لأي دولة عضو إلا إذا أرسلت صك تصديق، وتكون جميع الدول الأعضاء ملزمة بعرض الاتفاقيات والتوصيات على السلطات حيث جاء في المادة ١٩من دستور المنظمة أن على كل دولة من الدول الأعضاء أن تتعهد بعرض الاتفاقية على السلطة أو السلطات التي يقع الموضوع في مجال اختصاصها، بغية إصدار تشريع أو اتخاذ إجراء آخر. (ILO, 2012)
4-التحديات أمام الدول للتصديق على الاتفاقية
تواجه الدول تحديات من أجل تطبيق الاتفاقية وهناك التزامات على البلدان التي تتحمل مسؤوليات توريد العمال وكذلك مسؤوليات الدولة الساحلية ودولة مراقبة الميناء ومن تلك التحديات تنظيم خدمات التوظيف والتنسيب الخاصة للبحارة والمسألة المعقدة دائما المتعلقة بتوفير الضمان الاجتماعي للبحارة، وهناك أيضا التزامات تتعلق باعتماد سياسات لتعزيز فرص العمل وتحديات التشجيع على إنشاء مراكز رعاية للبحارة وتوفير الوصول إلى المشورة والخدمات الطبية البرية.
وقد كان السؤال عن القسم الذي ينبغي أن يتعامل مع تنفيذ MLC صعبًا لأن هذه مسألة عمل ، والتي عادة ما تشمل مفتشي العمل ومع ذلك فمن الواضح أن الاتفاقية مبنية من منظور نظامي على التنفيذ من جانب السلطة أو السلطات المختصة التي تعمل بالفعل مع تفتيش السفن واعتمادها ومع مراقبة دولة الميناء PORT STATE CONTROL PSC وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ، ﻓﺈن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت ﻣﺜﻞ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ أو اﻟﺴﻼﻣﺔ واﻟﺼﺤﺔ اﻟﻤﻬﻨﻴﺘﻴﻦ وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﻤﻔﺎوﺿﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ هي تحديات أمام اﻹدارات اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ. (McConnell, 2011)
1-4 جمهورية مصر واتفاقية العمل البحري
مازالت مصر لم تصدق على الاتفاقية رغم انعقاد الكثير من الاجتماعات لمناقشة هذه الاتفاقية وتقديم التوصيات بالمصادقة ومن تلك اللقاءات اجتماع وزراء النقل العرب في الدورة الاعتيادية في أكتوبر 2013م بمقر الأكاديمية العربية للعلوم والتنكنولوجيا والنقل البحري بالإسكندرية بحضور وزير النقل المصري حينها وقد حث الاجتماع الدول العربية على سرعة الانتهاء من دراسة الانضمام إلى الاتفاقية لحفظ حقوق العمالة البحرية العربية وملاك السفن. (مجلس وزراء النقل العرب، 2013)
وفي اجتماع آخر للمجلس انعقد بدبي عام 2014م قرر تكليف الأمانة العامة بتعميم تقرير الاجتماع الأول للجنة الثلاثية لمناقشة تعـديل اتفاقية العمل البحري وحث الدول العربية على الانضمام للاتفاقية. ( مجلس وزراء النقل العرب, 2014)
وعدم تصديق مصر يعني عدم تصديق بعض الدول العربية كون مصر هي وجهة العمل البحري العربي وبها الأكاديمية البحرية التابعة لجامعة الدول العربية والتي تحتضن خبراء النقل البحري العربي ، ومن خلال اطلاعي على بعض الكتابات والرسائل العلمية في اتفاقية العمل البحري ومن ضمنها رسائل علمية وكتابات في الصحف عن الاتفاقية استشهدت بآراء بعض الخبراء في النقل البحري وجميعهم يحثون الدولة للمصادقة على الاتفاقية وللتغلب على المعوقات التي تقف حاجزا حيال ذلك .
2-4 الآليات المتبعة في مصر من أجل ادخال الاتفاقيات الدولية للقانون الوطني
لكي تكتمل الصفة القانونية الإلزامية حيز النفاذ وتأخذ قوة القـانون المحلي فهناك أربعة خطوات وهي :
– موافقة رئيس الجمهورية وصدور قرار بهذا الشأن.
– موافقة مجلس الشعب على البنود الكاملة للاتفاقية.
– صدور قرار من وزير الخارجية بتاريخ سريان الاتفاقية.
-النشر بالجريدة الرسمية. (حافظ،2006)
وتختلف مكانة المعاهدات الدولية ضمن التشريعات الوطنية باختلاف هذه التشريعات، فبعض الدول تجعل المعاهدات الدولية أعلى درجة من دساتيرها، ومن الدول من تجعل المعاهدات في درجة الدستور، ومنها من تجعل المعاهدات في درجة قوانينها الوطنية، وبعض الدول تتعدد فيها درجات المعاهدات الدولية، ولا تكون هذه المعاهدات في درجة واحدة، ومصر تأخذ الاتجاه الثاني وهو أن القانون الدولي يتمتع بقوة القانون الداخلي ففي الدستور المصري الصادر سنة 1971 جاء في المادة 151منه إن: “رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان، وتكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة.”.. (شطناوي، 2015)
3-4 هيئة السلامة البحرية واستجابة أولية للاتفاقية
قامت هيئة السلامة البحرية المصرية بالموافقة على طرح برنامج التفتيش التطوعي للسفن لإصدار وثيقة مطابقة كحد أدنى مستندي لاتفاقية العمل البحري وتم تنفيذ هذا البرنامج من خلال اصدار منشور استرشادي يشير الى كافة التشريعات البحرية المتعلقة ببنود اتفاقية العمل البحري، كما قامت الهيئة بمنح تفويض لهيئات الإشراف الدولية المعتمدة بمصر لإمكانية إجراء الفحوصات والمراجعات اللازمة وإصدار كافة المطلوب لتحقيق بنود الاتفاقية (الوثيقة التطوعية للتطابق) أو بيان التطابق ورغم عدم الاعتداد دوليا بهذه الوثيقة لكنها محاولة من السلطات لإثبات حسن نية لحين المصادقة على الاتفاقية. (نصار، 2014)
4-4 أسباب عدم تصديق مصر على الاتفاقية
يرى الباحث محمد حسين نصار (نصار، 2014 (بأنه بدا واضحا أن السبب الرئيس لعدم توقيع الاتفاقية هو اللائحة الخاصة بالضمان الاجتماعي والتي حوتها الاتفاقية رغم محاولة مكتب العمل الدولي في توضيح الطرق التي يمكن بها التوقيع على الاتفاقية وتسهيل أي مشاكل تحول دون ذلك.
وحسب تعريف منظمة العمل الدولية فإن الضمان الاجتماعي هو الحماية التي يوفرها المجتمع لأعضائه من خلال سلسلة من التدابير العامة ضد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن احتمال توقف الدخل نتيجة المرض والأمومة والإصابة والبطالة والعجز والشيخوخة والموت. (نصار، 2014 (
1-1-4-4 منظمة العمل الدولية والضمان الاجتماعي
إن الضمان الاجتماعي هو حق من حقوق الإنسان المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذلك في التشريعات الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان التي اعتمدت تحت رعاية الأمم المتحدة وتعزيز الضمان الاجتماعي لجميع المحتاجين يندرج في صميم الولاية الدستورية لمنظمة العمل الدولية وتماشياً مع هذه الولاية اعتمدت المنظمة عدداً من المعايير الدولية للاسترشاد بها في المساعدة التي قدمتها للدول الأعضاء سعياً إلى إعمال هذا الحق ، ووفقاً لتقديرات منظمة العمل الدولية فإن80 % من سكان العالم ما زالوا محرومين من أي إمكانية للوصول إلى الضمان الاجتماعي.
ويفتقر البحارة إلى حماية الضمان الاجتماعي فالطابع المعولم لقطاع العمل البحري والطبيعة الخطرة بشكل خاص لهذا العمل يطرحان تحديات محددة أمام توفير الضمان الاجتماعي للبحارة ولذلك فقد كان من الأهمية القصوى النص على حقوق الضمان الاجتماعي للبحارة في اتفاقية العمل البحري٢٠٠٦استمراراً لاتفاقيات وتوصيات منظمة العمل الدولية السابقة التي اعتمدت لهذا الغرض. (ILO, 2012)
2-1-4-4 أهمية الضمان الاجتماعي للبحارة
لا يطمع البحارة وهم يعملون في البحر في الحصول على أكثر من حياة طبيعية لائقة في وسط حافل بالمخاطر والحوادث المفاجئة، ذلك أن العمل في المجال البحري من الوظائف الخطرة مقارنة بالصناعات الموجودة على البر بسبب ارتفاع معدلات الإصابة المميتة أو التعرض للغرق، إذ تحوز على معدلات وفاة أعلى من بين قوى العمل على البر، حيث وصل معدل الوفاة لخمس سنوات متتالية قبل عام 2013إلى ما يزيد عن 1000حالة سنويا كما أن هذه الحوادث قد تؤدي إلى العجز الأمر الذي يتطلب حماية البحارة بالضمان الاجتماعي لكون هذا الحق واحدا من العناصر الأساسية للعمل .
وقد تضمنت اتفاقية العمل البحري عددا من الأحكام المتعلقة بالحماية الاجتماعية في المدى القصير التي تغطيها مسؤولية ملاك السفن والرعاية الطبية أثناء فترة سريان عقد البحارة. ILO)، 2013(
3-1-4-4 الضمان الاجتماعي في القانون المصري
وفقا لأحكام القانون المصري رقم 232 لعام1989م فإنه لا تبحر أي سفينة رافعة العلم المصري دون الحصول على ترخيص ملاحة من الادارة البحرية المختصة ومن اشتراطات الحصول على الترخيص توافر اشتراطات السلامة والأمان لطاقم السفينة وتقديم مالك السفينة أو مجهزها مايفيد بالتأمين الاجتماعي على البحارة العاملين على متن السفينة .
فالبحارة المصريون العاملون على سفن مصرية تملكها الدولة أو قطاع الأعمال يطبق عليهم القانون رقم 79 لعام 1975وهو يغطي ( الشيخوخة /العجز والوفاة / اصابة العمل /المرض / البطالة )
والبحارة المصريون على سفن رافعة العلم المصري ويملكها أفراد يقوم صاحب الشركة بعل تأمينات على الموظفين في الشركة وعدد قليل من البحارة وهم البحارة الدائمين لديه ويعتقد انهم لن يتركوا الشركة.
أما البحارة المصريين العاملين على السفن الأجنبية ففي حالة عدم وجود اتفاقات ثنائية بين مصر ودولة العلم فإنهم يخضعون لأحكام القانون 50 لسنة1978م ( العاملين المصريين بالخارج ) وهو يغطي تأمين شيخوخة وعجز ووفاة وهو تأمين اختياري ويسقط اذا لم يسدد المؤمن قسط التأمين لمدة ستة أشهر متتالية و في حالة وجود اتفاقيات بين مصر ودولة العلم يخضع البحارة لقانون دولة العلم وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل.
2-4-4 كثرة الجهات المعنية بالتوقيع على الاتفاقية
ومن ضمن التحديات الموجودة أو الأسباب لعدم التصديق هو أن الاتفاقية تحتاج إلى موافقة العديد من الوزارات وأهمهما وزارة التضامن الاجتماعي ووزارة الصحة ووزارة المالية ووزارة الاستثمار بالإضافة لوزارة النقل. )نصار، 2014(
لقد أصبح التصديق على الاتفاقية ضرورة ملحة، لذلك إذا لم يكن الأمر يتعلق بخلق فرص عمل جديدة للبحارة المصريين، فعلى الأقل الحفاظ على البحارة المصريين العاملين على متن السفن، كذلك من أجل عدم إلحاق ضرر كبير بالسفن التي ترفع العلم المصري حيث قد يتم إجبار أصحابها بعدم زيارة الموانئ الأوروبية والأمريكية.
من الواضح أن تأثير تطبيق الاتفاقية على البحارة سيكون كبيرا وسيمكن من توفير مكان عمل آمن للبحارة بما يتماشى مع المتطلبات الدولية وسيتم توفير عقود عمل عادلة للبحارة ، وتوفير ظروف عمل ومعيشة كريمة للبحارة، والحق في الحماية الصحية ، والرعاية الطبية وغيرها من وسائل الحماية الاجتماعية. (AHMED, 2015)
إن عدم التصديق لن يعفي السفن المصرية من التفتيش مما قد يعرض العمالة المصرية البحرية للبطالة ويضعهم في مشكلات مع ملاك السفن والشركات وكذلك فإن عدم التصديق سيؤدي لعدم إنشاء مكاتب التوظيف والتعيين للبحارة في مصر بحسب ماتنص عليه الاتفاقية مما يقلل في فرص العمل للبحارة المصرية بسبب تعامل الشركات مع مكاتب التوظيف. )حسن، 2015) فعدم متابعة الحكومة لعمل البحارة وعدم استغلاله بشكل جيد قد يؤدي لفقدان عملات أجنبية تفيد الاقتصاد ويجعل الكيانات غير الحكومية تسيطر على فرص العمل وبالتالي أصبح البحارة قلقين وعلاوة على ذلك فإن هذه الكيانات تجعلهم يشعرون بمخاطر عدم الحصول على وظيفة مناسبة، وبالتالي تدهور معنوياتهم وإرهاقهم. (AHMED, 2015)
المراجع:
- الأمانة العامة لملس وزراء النقل العرب، 2013، الدورة العادية ( 26) لمجلس وزراء النقل العرب، الاسكندرية،جامعة الدول العربية.
- الأمانة العامة لمجلس وزراء النقل العرب، 2014، الدورة العادية ( 52) لمجلس وزراء النقل العرب، دبي
- الدمرداش، عمرو، 2011. اتفاقية العمل البحري2006 وامكانية التطبيق في مصر. الاسكندرية: الأكاديمية العربية للنقل البحري.
- الدمرداش، عمرو، 2019. توحيد ممارسة رقابة دولة الميناء في ظل اتفاقية العمل البحري الموحد 2006.
- حافظ، سحر، 2006، الالتزامات المصرية تجاه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية فى مجال حماية البيئة ومدى الامتثال لتطبيقها، مجلة أسيوط للد ا رسات البيئية، يناير
- شطناوي، فيصل، 2015، الرقابة على دستورية المعاهدات الدولية -د ا رسة مقارنة، مجلة الجامعة الأردنية، المجلّد 42 ، العدد1.
- محمد، حسن، 2015، حقوق البحار المصري وتأهيله وتعديل التشريعات الوطنية لمواكبة اتفاقية العمل البحري 2006، رسالة ماجستير ، الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.
- منظمة العمل الدولية ، 2006، اتفاقية العمل البحري، 2006بصيغتها المعدّلة. جنيف: منظمة العمل الدولية.
- منظمة العمل الدولية ، 2019، منظمة العمل الدولية في الدول العربية،
Available at: https://www.ilo.org/beirut/aboutus/lang–ar/index.htm
Accessed 2020]]. - منظمة العمل الدولية، 2019، دليل موجز حول اتفاقية العمل البحري 2006. [Online]
Available at: https://www.ilo.org/global/standards/maritime-labour-convention/what-it-does/lang–en/index.htm
[Accessed 2020]. - منظمة العمل الدولية،2012، دليل الإجراءات المتعلقــة باتفاقـيات وتوصيات العمــل الدوليــة،جنيف: مـكتب العمـل الدولـي.
- نصار، محمد، 2014، تأثير تطبيق العمل البحرية الموحدة 2006 على العمالة البحرية المصرية، رسالة ماجستير ، الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.
- AHMED, A. S. a. M., 2015. IMPACT OF MARITIME LABOUR CONVENTION 2006 ON EGYPTIAN SEAFARERS. IMPACT: International Journal of Research in Engineering & Technology, Jule.
- ILO، 2019. Maritime Centenary Challenge: reaching 100 ratifications of the MLC, 2006.the International Labour Organization.
- McConnell Moira. 2011,The Maritime Labour Convention, 2006—reflections on challenges for flag State implementation. WMU Journal of Maritime Affairs، October