الحماية الدستورية للحريات الفردية ومبدأ الملائمة مع المواثيق الدولية
اعداد : هشام العقراوي – باحث بسلك الدكتوراة – كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية – جامعة الحسن الثاني المحمدية/ المغرب.
- المركز الديمقراطي العربي
المقدمة :
تعكس الحماية الدستورية ضمانة تعاقدية بين مكونات المجتمع السياسي وبين المواطن والدولة، ومشروعا سياسيا لضبط التوازنات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمؤسساتية، ويتضمن آليات لإنتاج القانون وتطبيقه، ويروم تنظيم السلطة العامة ووضع ضمانات للحقوق والحريات[2]، وينبع الإقرار الدستوري بالحقوق والحريات من كونه القانون الأسمى والأداة الفعالة ضد تجاوزات السلطة التشريعية والتنفيذية، كما يعد أساسا لدولة القانون.
وتحدد شكل ومضمون الهندسة الدستورية قواعد ممارسة الحقوق والحريات الأساسية وفق قواعد تقوم على ثلاثية السلطة، الفرد، التنظيم، يترجم قواعد قانونية كابحة لانحرافات السلطة ورسم حدود اشتغالها، وقد انتقل مضمون الدستور عبر الموجات الدستورية التي عرفها المغرب، من سؤال المؤسسات إلى فكرة تحقيق دولة القانون عبر إغناء النص الدستوري بالبعد الحقوقي، ولم يعد الدستور مهيكلا ومؤطرا لإشكالات السلطة بل وثيقة لضمان الحرية[3].
وتعتبر الدساتير والأنظمة القانونية الوطنية ضمانات لحماية الحريات والحقوق الفردية ومن بين الأليات والمعايير الأساسية لقياس ديمقراطية الأنظمة السياسية في مجالات احترام الحقوق والحريات، وقد عملت جل الدول بما فيها المغرب على تضمين الحقوق والحريات الأساسية في دساتيرها وتنظيمها بموجب نصوص قانونية[4]، كما صادقت على المواثيق الدولية المؤطرة للحقوق والحريات، فقد أصبحت بجانب كونها مبادئ دستورية وأساسية حقوقا دولية مقننة وملزمة، كما أصبح بإمكان الدول اللجوء إلى ألية الملائمة بين المواثيق الدولية وتشريعاتها الوطنية لحماية خصوصيتها. سنعمل على إبراز غموض الوثيقة الدستورية حول حماية الحريات الفردية ثم نقارب مبدأ الملائمة بين المواثيق الدولية والوثيقة الدستورية باعتباره دعامة لحماية الحريات الفردية.
المطلب الأول: الوثيقة الدستورية بين حماية الحريات الفردية وضمان الخصوصية.
يشكل الدستور مرجعية تعاقدية بين مكونات المجتمع السياسي وبين المواطن والدولة، ويعد مشروعا سياسيا يتضمن اليات لإنتاج القانون وتطبيقه، ويروم تنظيم السلطة ووضع ضمانات للحقوق والحريات، فالهندسة الدستورية تقوم على ثلاثية السلطة، الفرد، التنظيم، كما يترجم قواعد قانونية كابحة لانحرافات السلطة ورسم حدود اشتغالها، وقد انتقل مضمون الدستور في الدستورانية الغربية من سؤال المؤسسات إلى فكرة تحقيق دولة القانون عبر إغناء النص الدستوري بالبعد الحقوقي، ولم يعد الدستور مهيكلا ومؤطرا لإشكالات السلطة فقط بل وثيقة لضمان الحرية[5]، إلا أن دساتير الدول الثالثية تعيش أزمة مرتبطة بازدواجية المرجعية المؤطرة لمشروعية الدولة كما ترتبط بإشكالية تضخم خطاب التأويل وتداخل السياسي والقضائي[6].
ورغم إشادة جل الباحثين بدستور 2011 بكونه شكل ثورة وقفزة نوعية في مسار الحقوق والحريات من خلال تخصيصه بابا للحقوق والحريات الأساسية (من الفصل 19 إلى 40)، بل هناك من أطلق عليه دستور الحقوق والحريات.
إلا أنه لم يقدم إجابات واضحة لإشكالات ومن بينها مسألة الحريات الفردية، والتي أضحت تثير إشكالا والتباسا ليس في كونها لم تحضى باعتراف دستوري ولكن في كونها تصطدم بمشروعية النظام السياسي المغربي داخل الوثيقة الدستورية، ورغم تعزيز دستور 2011 من القيمة القانونية للمواثيق الدولية وتنصيصه على مبدأ سمو المواثيق الدولية المصادق عليها في إطار ثوابت النظام السياسي على القوانين الداخلية.
وتأكيد ديباجة الدستور أن المملكة المغربية تلتزم بحماية منظومة حقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما والاسهام في تطويرهما مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق وعدم قابليتها للتجزئ، ودعت إلى حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو اللون، أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي، أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة، أو أي وضع شخصي مهما كان، إلا أن هذا الإقرار يرتبط بالطبيعة القانونية للديباجة هل تعد جزء من البناء الدستوري أم لا[7]؟ كما أن المشرع الدستوري أفرغ ضمانة سمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطنية من محتواها عندما ربط بين سمو الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها على التشريعات الداخلية وفق نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية، مما يطرح إشكالية قانونية لتفسير هذه المقتضيات، وقابليتها لأكثر من تأويل ويرهنها بحدود والمكونات المتعددة للهوية المغربية.
كما منح المشرع الدستوري ضمانات عامة لحماية الحريات في الباب الثاني المتعلق بالحقوق والحريات الأساسية، ضمن الفصل 19 من الدستور عندما نص على أن الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور وفي مقتضياته الأخرى[8].
والفصل 22 الذي رفض من خلاله المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت خاصة أو عامة، كما أشار ضمن مقتضيات الفصل 23 من دستور 2011 أنه لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته، إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون، ورغم أهمية هذه الفصول في حماية الحقوق والحريات الأساسية بصورة عامة إلا أنها تظل عامة وتتعارض مع النصوص القانونية التي تمنع ممارسة الحريات الفردية بالفضاء العام، وقابلة للتجاوز كما تم خرقها من خلال تعنيف الأفراد في إطار ما أصبح يعرف بقضاء الشارع[9].
ومن خلال قراءة فصول الباب الثاني من دستور 2011 المتعلق بالحقوق والحريات الأساسية، يتضح أن المشرع الدستوري أغفل أو ترك بياضا على مستوى دسترة الحريات الفردية وأليات حمايتها خصوصا حرية المعتقد، حيث نص من خلال المادة 3 أن الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية، و هذه الصياغة ملتبسة وتتيح مجالا لتأويلات مختلفة، فمن الممكن أن يفهم منها أنها ترخيص لكل شخص للجميع بالإيمان بأي دين والعيش وفقا له، لكن ما يعنيه القول حقيقة هو أن الدولة تعترف بوجود غير المسلمين في المغرب وتجيز لهم ممارسة دياناتهم و ممارسة طقوسهم[10].
ويتضح أن الوثيقة الدستورية خصوصا على مستوى الباب الثاني ظلت غامضة وتعكس التوليف بين المرجعية المحافظة والحداثية كما تعكس الهاجس التوافقي للمشرع الدستوري في صياغة أحكام دستور 2011، وفي ظل هذا الالتباس الدستوري حول حماية الحريات الفردية بالمغرب، هل يمكن اعتبار مدخل الملائمة بين المواثيق الدولية والوثيقة الدستورية ألية ودعامة للحريات الفردية بالمغرب؟
المطلب الثاني: الملائمة بين المواثيق الدولية والوثيقة الدستورية دعامة لحماية الحريات الفردية.
يعتبر مفهوم الملائمة مصطلاحا حديثا، نشأ وتطور في ظل القانون الدولي لحقوق الإنسان يهدف إلى خلق انسجام وتوافق مابين الاتفاقيات الدولية والتشريعات المحلية عموما والوثيقة الدستورية على وجه الخصوص، وبما لا يمس جوهر ما وقع التصديق عليه، كما أن الملائمة تعمل على تكييف الترسانة التشريعية الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان في إطار عدم التضاد والتناقض مع النظام العام وخاصة المعطى الديني والثقافي والهوياتي وثوابت النظام السياسي[11]، ورغم أهمية مفهوم الملائمة وانتشاره داخل الممارسة الاتفاقية الدولية إلا أنه يظل مفهوم غامض سواء على مستوى تقنياته المعيارية أو المؤسساتية التي تخرجه إلى حيز النفاذ إذ يتخذ شكل ثابت للقانون أو كسياق يعكس التحولات السياسية والمجتمعية والتشريعية، ولكن يتم تغليب الشكل الثاني الذي يتخذ الملائمة مع الشكل التطوري، وبذلك تعتبر الملائمة وفق مفهومها الواسع نوعا من الادماج الذي يتجاوز التنسيق والتعاون.
وفي ضوء ما سبق، فالملائمة تعني تحويل قاعة قانونية من المنظومة الدولية إلى المنظومة الوطنية عن طريق اصدارها عن هيئة تشريعية داخلية، حيث تشكل حلا للعلاقة الامتدادية بين القانونين الدولي والداخلي[12].
ويتشابه مفهوم الملائمة مع بعض المفاهيم خصوصا أن المشرع المغربي ومن خلال استحضاره للعلاقة بين الاتفاقيات الدولية المرتبطة بحقوق الانسان والقانون الداخلي، نص على مبدأ الالتزام بالمطابقة والالتزام بالملائمة والالتزام بالتقريب[13].
فالمطابقة بخلاف الملائمة تهدف النسخ التام لنصوص المعاهدات الدولية والاتفاقيات الدولية دون تكييفها مع الترسانة التشريعية الوطنية، والمطابقة يؤدي إما إلى المطابقة أو رفضها، فهي صعبة التحقق على مستوى الاتفاقيات والمعاهدات التي تهدف توفير حماية ممارسة الحريات الفردية، نظرا لكونها تقوم على ضرورة مراعاة الخصوصيات الثقافية والهوياتية للمجتمعات، والالتزام بالمطابقة لا يستلزم اللجوء إلى ألية التحفظ.
أما الملائمة فتعد نتيجة منطقية لقبول الاعتراض أو التصريح، وقد استقر القانون الدولي على اعتبار التحفظات وسيلة تمكن الدول من الانضمام أو استكمال الانضمام إلى المنظومة التشريعية الحقوقية على المستوى الداخلي، ويتمتع المجلس الوطني لحقوق الانسان بالمغرب وفق إطاره القانوني بصلاحيات إصدار توصيات تعكس ملائمة النصوص التشريعية والتنظيمية والدستور مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان[14].
ويعد مبدأ الملائمة نتيجة منطقية لقبول الاعتراض والتحفظات، وقد استقر القانون الدولي على اعتبار التحفظات مبدأ مساعد للاتفاقيات الدولية بوجه عام، فهي وسيلة تتمكن بها الدول من أن تتعاون فيما بينها دون المساس بمبادئ سياساتها وسيادتها وخصوصياتها الثقافية والدينية، الخاصية الجوهرية للتحفظات على بعض مقتضيات المواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق والحريات في كونها تأتي غالبا في صيغة تأويل الأحكام التي تم التحفظ بشأنها دون أن تنص صراحة على استبعادها ويستند هذا التأويل في الغالب على اعتبارات تتعلق بالنظام العام داخل الدولة[15]. فقد تحفظ المغرب على بعض مقتضيات المواثيق التي انضم إليها أو صادق عليها، إلا أنه لم يقصد من هذه التحفظات عدم الالتزام بكل هذه المواد، بل قصد تأويلها بما يتناسب مع متطلبات الثوابت المرجعية للنظام السياسي والدستوري المغربي، ومن التحفظات التي أبداها المغرب خلال ملائمة المواثيق الدولية الحقوقية مع دستور 2011[16]، تحفظه حول حرية المعتقد.
فإدماج البعد الكوني للحقوق والحريات داخل الوثيقة الدستورية يعكس تدويل الدستور على المستوى الحقوقي، أو ما اصطلح عليه بعض الفقهاء الدستوريين بالقانون الدستوري الدولي[17]، ورغم تقدم دستور 2011 من خلال تخصيصه بابا للحقوق والحريات الأساسية وتبنيه لتعددية الحقوقية إلا أنه على مستوى ملائمة مقتضياته الحقوقية مع المواثيق الدولية لحماية الحريات الفردية، يلجأ إلى تقنية التحفظ، والقانون الجنائي المغربي هو الأخر يتعارض و المواثيق الدولية على مستوى التجريم ممارسة بعض الحريات الشخصية خصوصا الحريات التي لها علاقة بالدين والأخلاق مثل حرية الإفطار في رمضان و الحرية الجنسية.
الخاتمة:
يتميز خطاب الحريات الفردية بالمغرب بثنائية الكونية والخصوصية والتي يتميز بها في ذات الأن النظام السياسي والاجتماعي المغربي ثم تضارب المرجعية الكونية والدستورية وصراع المرجعية المحافظة والحداثية داخل النظام السياسي المغربي، وتضارب القانون والعرف وتداخل الفضاء الخاص والفضاء العام واشكالية العلاقة بينهما وحدود كل منهما.
وفي إطار الحماية الكونية للحريات الفردية نصت المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان أنه من حق كل شخص في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيداته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة شعائر، ومراعاتها، سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة، كما نصت المادة 19 من الإعلان أنه لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستفاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون التقيد بالحدود الجغرافية.
كما تضمن العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية من خلال المواد 18 و19 حماية للحريات الفردية، مما يعكس معه مرجعية حقوقية كونية تدعو إلى ضرورة احترام حرية كل شخص في ممارسة حريات التفكير والضمير والدين، بشكل لا يخالف ويتعارض مع النظام العام ووفق القانون.
إلا أن الدستور المغربي خصوصا على مستوى الباب الثاني المتعلق بالحقوق والحريات الأساسية ظل غامضا ويعكس التوليف بين المرجعية المحافظة والحداثية ويترجم الهاجس التوافقي للمشرع الدستوري في صياغة أحكام دستور 2011.
[1] : مختبر الحكامة الأمنية والفعل العمومي وحقوق الانسان، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، المحمدية، جامعة الحسن الثاني المغرب.
[2] : محمد أتركين: الدستور و الدستورانية من دساتير فصل السلط إلى دساتير صك الحقوق، سلسلة الدراسات الدستورية العدد1، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2007.ص 21.
[3]: Dominique Rousseau: Droit du contentieux constitutionnel، Préface de George Vedel éd: Montchrestien 1992 p 378.
[4] : محمد فؤاد العشوري: القانون الدستوري بين المفهوم والمضمون، منشورات جامعة المولى اسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سلسلة ابحاث وراسات، الع 4/ 2018، ص 3.
[5]:Dominique Rousseau: Droit du contentieux constitutionnel، Préface de George Vedel éd: Montchrestien 1992 p 378.
[6]: العديد من دراسات الفقه الدستوري قامت بنعت القانون الدستوري بالأزمة، ودعت إلى ضرورة تجاوز الأسس الكلاسيكية للدستور، واختلف الفقه الدستوري في تحديد مظاهر الأزمة،فالدستور لم يعد يعمل بمفرده بل أصبح التأويل السياسي للدستور يطغى على البعد القانوني، وكدلك الدور المتنامي للقاضي الدستوري الدي يمنح أولوية القانوني على السياسي، وبالتالي فإن أزمة التأويل يمنع جمود الدستور لحظة انتاجه وتجعله يعرف ديناميكية و تجعله لا يتوفر على محتوى قانوني واحد أو أولويات سياسية قارة بفعل تقلبات ميزان القوى وتدخل القضاء الدستوري، كما أن التأويلي جعل الوثيقة الدستورية تتجاوز وصف جورج فيديل بكونها بقايا معبد رمزي مسكون بالأشباح بل فضاءا مفتوحا يؤطر التطورات السياسية والاجتماعية والحقوقية. ينظر محمد أتركين: الدستور و الدستورانية من دساتير فصل السلط إلى دساتير صك الحقوق، سلسلة الدراسات الدستورية العدد1 ، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2007.ص 21-22-23-24.
[7] : اعتبر الفقيه الدستوري الأستاذ محمد أشركي من خلال قراءته لديباجة دستور 2011 وبالنسبة إليه فإن الحديث عن التطور الدستوري للديباجة، يطرح ملاحظتين، الأولى حددها في استقرار ديباجة دستور 1962 على حالها واستمرارها بدون تغيير إلى حدود سنة 2011، إذ باستثناء ما نص عليه دستور 1992 في ديباجته من إعلان “تشبث المملكة المغربية بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا”، لم يحدث أي تغيير على الديباجة سواء في حجمها، حيث ظلت متضمنة لصفحة واحدة وتحتوي على ثمانية أسطر وسبعون كلمة، أو في مضمونها، التي ظلت تضم ثلاثة مبادئ وخمسة التزامات كلها تتعلق بالسياسة الخارجية للمغرب. بينما حدد الملاحظة الثانية في ضعف إحالة القضاء الدستوري عليها في ظل المرحلة السابقة على دستور 2011، فهو لم يذكرها إلا مرة واحدة وكان ذلك سنة 1963 بمناسبة نظر الغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى في دستورية النظام الداخلي لمجلس النواب، حين اعتبرت أحد مقتضياته مخالفة للمبدأ المنصوص عليه في “فاتحة الدستور” وهو “أن المملكة المغربية دولة إسلامية”، بل وحتى في هذه الإحالة الوحيدة، يستطرد الأستاذ أشركي، فإن القضاء الدستوري لم يحل على الديباجة لوحدها بل ربط ذلك بمقتضيات الفصل السادس من دستور 1962، التي تقول إن “الإسلام دين الدولة
[8]: الفصل 19 من دستور المملكة المغربية 2011
[9]: الفصل 22 من دستور المملكة المغربية 2011.
[10]: محمد سعيد الزاو: حرية المعتقد والاشكالية الدستورية، مقال منشور بمجلة رهانات العدد 45/46 سنة 2018، حول ملف إشكالية الحريات العامة بين العامة والخاصة، ص 23.
[11]: عبد العزيز لعروسي: حقوق الانسان بالمغرب ملاءمات دستورية وقانونية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة العدد 103 سنة 2018، ص 64.
[12] : عبد العزيز لعروسي: مرجع سابق، ص 64.
[13] : مرجع سابق، ص 61.
[14] : مرجع سابق، ص 62/ 63.
[15]: علي كريم “الأمم المتحدة وعالمية حقوق الإنسان” منشورات كلية الحقوق مراكش، 1995، ص: 75.
[16]: يوسف فاسي الفهري: القانون الدولي لحقوق الإنسان من خلال دساتير دول المغرب العربي”. أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، 1990/1991، كلية الحقوق أكدال، الرباط: ص:85.
[17] : محمد سعيد الزاو: حرية المعتقد والاشكالية الدستورية، مجلة رهانات العدد 45/ 46 سنة 2018، ص 23.