الاجتماعية والثقافيةالدراسات البحثية

المتخيـل والسرد في الفـكر الإسلامي

اعداد : د. امنة محمد عبايدية – تونس

  • المركز الديمقراطي العربي

 

المتخيل و نــظرية المعرفة الإسلامية :

قاوم الإسلام بوجه عام فكرة الخيال والأدب القصصي، فقد اعتبرا بمثابة ابتداع في العقيدة (بدعة) واعتبر الابتداع أو البدعة ضلال وكفر، وعلى ذلك كان ينظر للإبداع في الأدب بريبة وتشكك. ولكن كما استنتج “ستيفان ليدر” وآخرون، فإن الجانب الخيالي في التأريخ الإسلامي يمكن رصده بوضوح، ويمكن للمرء أن يرصد ذلك من زاويتين، زاوية تعد تأريخية بحتة، والتي ترصد أن كتابة التاريخ الإسلامي يميل لان يكون نمطيا جدا و مخطط له ومبرمج، أي يتصف بمحدودية المجاز والاستعارة، وأنه دون في الغالب دون مصادر موثوقة يعتد بها وقوية الإسناد.  كل المحاولات العربية التي قاربت المتخيل وتناولته من الجانب اللغوي، كانت تركن إلى الشعر العربي، كما أنّ مرجعية هذه الثقافات بالإضافة إلى القرآن كانت مسنودة بالفلسفة الهيلينية، إذ عادت إلى الثقافة اليونانية لترتوي من معينها. لقد اقتصر انفتاح الثقافة العربية على الثقافة اليونانية في بداية الأمر على كتاب “فن الشعر” لأرسطو طاليس، باعتباره قريبا في طرحه في تناول الشعر اليوناني من التصور الإسلامي، أو هكذا اعتقد فلاسفة الإسلام الأوائل ؛ الشيء الذي جعلهم يعملون على الجمع بين النظرة الأسطورية عند أفلاطون وبين عقلانية أرسطو. وهذا يعني داخل السياق الإسلامي “الجمع بين البيان الديني للمعنى، وبين التركيب المنطقي و البرهاني.

من بين أسباب النزول التي صارت شهيرة تحظى قصة الغار بمكانة عليّة في مخيال الأمة الإسلامية كانت قصة الغار، قصة تؤسس للكتابة، تؤسس لانطلاق الدين الجديد في الجزيرة التي كانت بحسب القرآن ووفق مفهوم الدين الجديد أمّة أمّية لا تعرف القرآن لا تعرف الكتابة، كنت قصة للتأسيس وهي مثل كل قصة لا تعرف للتأسيس لا تستقيم إلا في ظل الميث. وقصة الغار هي قصة امرئ كان صادقا الرؤيا، لا يرى رؤيا في منامه إلا جاءت  كفلق الصبح وكان شديد الولع بالضرب في الشعاب وبطون الأودية حيث كان يسمع الصوت مرددا «السلام عليك يا رسول الله »، فينظر ولا يرى إلا الشجرة والحجارة”[1]. أنظر الغار الآن تره فضاء الأحلام والرؤيا والغيب والتخيال والتقاء الربّ، أنظره تجده المكان المناسب لانطلاق الوحي والإلهام أنظره انه الخلوة المثال للتعلم الدربة، أنظره فكل امرئ كان له في الدين شأن قد مرّ ذات يوم بغار، هذا إبراهيم الخليل ولدته أمه في غار خوفا عليه من بطش النّمرود فاحتواه الغار يحميه من الشّر، ووجد في الغار رزقه وحياته.

وهذا هرمس اليونان نظير إبراهيم الخليل في تلكم الديار، ولدته أمّه في غار فجاء ربا ليس كمثله في الأرباب، كان ابنا لزوس أنجبته له “مايا” وفي ذلك الغار الدامس صنع الحياة وتعلم الحكمة وكان مبدع نظام مدنيّ لا يعرف العنف “[2]. إن هذا السعي من قبل المخيال العربي الإسلامي إلى إضفاء  القداسة على العراء أو الجبال وتبجيلها  له نظيره في كل الثقافات، لقد كان لكل شعب جبله المقدس، الذي تدل قمته على وجود الآلهة، ويرمز دخول الغار أو تسلق الجبل إلى التعالي بالنفس والوصول إلى مراتب عليا . ومنطلق الديانات الثلاثة “[3].  فهذا جبل “قاف” كما جاء عن الرواة والمفسرين أمثال (ابن كثير) والمتصوفة على غرار (ابن عربي)، فان صاحبه لم يتردّد في جعل الديانات الثلاثة جبلية، فتصبح  (التين والزيتون) دالة على جبل بيت المقدس، الذي بعث الله منه عيسى بن مريم و(طور سنين) على جبل سيناء ، الذي كلم الله عليه موسى بن عمران، و(البلد الأمين) على مكّة، التي أرسل الله منها رسالة الإسلام لنبيه  محمد  “(صلى الله عليه وسلم) .

الخيال و التخيل عند الفلاسفة  :

نجد مجموعة من النقاد والبلاغيين العرب وغيرهم تطرقوا الى مفهوم الخيال والتخيل ونذكر منهم :

 

  • الفارابي وملكات الخيال المتدرجة :

يفرق الفارابي (توفي سنة 339 ه) بين الأقاويل الشعرية والأقاويل الخطبية، من حيث أن الأولى تتميز بالتخييل على غير الأقاويل الخطبية ويطلق على التخييل باسم (المصورة) ويعتبر أول من استعمل لفظ التخييل،  وذلك لإطلاعه على كتب من سبقوه منه كتاب فن الشعر لــ”أرسطو” ولكنه لم يذهب فيما ذهب إليه “أفلاطون” و “أرسطو” من حيث أن عملية الإبداع في الشعر عنده أساسها الروية، وليس الوحي والإلهام. و”الفارابي” إذن لم يعرف التخييل، وإنما أشار إلى أثره الذي يتركه في نفس المتلقي، و مثله مثل أرسطو، وضع الفارابي الخيال داخل بنية متدرجة للملكات داخل الروح، لكن مكونات هذه البنية أصبحت أربع ملكات لدى الفارابي بدلا من ثلاث لدى أرسطو، فقد أضاف الفارابي الملكة الغاذية أو الغاذة إلى ملكات الإحساس والخيال والعقل التي كانت موجودة من قبل لدى أرسطو، وظل الخيال لديه خاضعا للعقل، لكنه لم يعد ظاهرة محيرة مصاحبة للإحساس، لا موضع لها ولا مستقر كما كانت لدى أرسطو، كذلك أصبح للرغبة موضعها الخاص بها في هذه القائمة، لكنها وضعت أيضا مرتبطة بالإحساس وفي مستواه. تحدث الفارابي أيضا عن ملكة مماثلة لما أسماه أرسطو الحس المشترك، وقد كانت هذه الملكة لدى أرسطو تقوم بوظائف عدة، من بينها الربط بين المظاهر الحسية المتنوعة، وكذلك لم يقل إنها وظيفة للخيال. أما لدى الفلاسفة المسلمين عامة، ومنهم الفارابي، فقد أصبح الحس المشترك قوة تركيبية تؤلف بين الأحاسيس وتجمع بينها أيضا بطرائق متنوعة، أحيانا تكون هذه الطرائق متفقة مع الحس، وأحيانا مناقضة له، وأكثر الفصول إثارة للاهتمام في كتاب الفارابي عن أخلاق أهل المدينة الفاضلة هي تلك التي كتبها حول “الأحلام والنبوءة والرؤى”، ففيها تحرر مفهوم الخيال لديه، من ذلك الأسر الخاص بالتراث الأرسطي، ففي الأحلام يمكن أن يكشف الخيال عن قوى يمكن أن تنسب – بعد ذلك – إلى الفنان المبدع. ولم يربط الفارابي الخيال هنا بالشعر أو الفنون البصرية، لكنه نسب إليه الملكة الخاصة بالمحاكاة، حيث المحاكاة تشتمل على تكوين للصور في سلسلة الأحداث التي يمكن أن تحدث في الحياة الواقعية*.

  • ابن سينا و المخيلات :

يتطرق ابن سيناء (توفي سنة 427) إلى أقسام الكلام الثلاثة، هي الاسم والكلمة أو (الفعل) والأداة التي عالجها أرسطو في مطلع “كتاب العبارة”  أو (باري هرمنياس)، فالى أقسام  <<اللفظ المركّب>> أو القضايا التي عالجها في الفصول اللاحقة من ذلك الكتاب. وبعد أن تناول أقسام القياس الثلاثة أي الاقتراني والاستثنائي والشرطي، يأتي على المقدمات التي يبني عليها القياس بأشكاله، وهي تسع : المحسوسات، والمجربات، والمتواترات، والمقبولات، و الوهميات، والذائعات، و المظنونات، والمخيلات والأوّليات. ويخلص الى أنّ المخيلات هي مقدّمات ليست تقال ليصدق بها، بل لتخيّل شيئا على أنه شيء آخر، وعلى سبيل المحاكاة، ويتبعه في الأكثر تنفير للنفس عن شيء، أو ترغيبها فيه، وبالجملة قبض أو وسط، مثل تشبيهنا العسل بالمرة، فينفر عنه الطبع، وكتشبيهنا التهوّر بالشجاعة، أو الجبن بالاحتياط، فيرغب فيه الطبع [4]“.

  • عبد القاهر الجرجاني :

 )توفي سنة 471 ه) لم يناقش العرب “التخييل”  بصورة عامة، فقد فصلوها في الفنون البلاغية،  ونجد “عبد القاهر الجرجاني” من أوائل النقاد، ينحو بمصطلح التخييل”  منحى نابعا من علمه بالبلاغة العربية، مستمدًا بذلك من القرآف الكريم ومن الآية الكريمة  { فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى} [5] وقد عرّف “الجرجانيالتخييل” أنه :>< ما يثبت فيه الشاعر أمرا هو غير ثابت أصلا، ويدعي دعوى لا طريق إلى تحصيلها، ويقول قولا يخدع فيه نفسه، ويريه ما لا ترى>> [6].

وهذا يعني أن الشاعر يقوم بخداع نفسه، وذلك من خلال استعماله للتخيل ، ويوهمها بما هو

ليس حاصل، ولهذا لا نحكم على الشاعر بأنه صادق أو كاذب، لأن التخييل  هو : <<أظير أمرا في البعد عن الحقيقة،وكشف وجها  في أنه خداع للعلق و ضرب من  التزويق>>[7] . نفهم من ذلك أن “عبد القاهر الجرجاني يذهب إلى ما ذهب إليه بعض العلماء والنقاد بأن التخييل بمعنى الإيهام والخداع.

  1. الفرق بين إدراك الحس / التخيل و إدراك الوهم / العقل .

يمكن أن يكون كل إدراك إنما هو صورة أخذ صورة من المدرك. فإن كان المادّي، فهو اخذ صورة مجردة عن المادة فقط تجردا ما. إلا أن أصناف التجريد مختلفة و مراتبها متفاوتة، فإن الصورة المادية تعرض لها بسبب المادة أحوال وأمور ليست هي لها بذاتها، من جهة ما هي تلك الصورة . فتارة يكون النزع للعلائق كلها أو بعضها ، وتارة يكون النزع نزعا كاملا بأن تجرد عن المادة و عن اللواحق التي لها من جهة المادة. مثاله أن الصورة الإنسانية والماهية الإنسانية طبيعية لا محالة يشترك فيها أشخاص النوع كلهم بالسوية، وهي بحدّها شيء واحد، وقد عرض لها أن وجدت لي هذا الشخص وذلك الشخص فتكثرت، وليس لها ذلك من جهة طبيعتها الإنسانية، ولو كانت طبيعة الإنسانية يجب فيها التكثّر لما كان يوجد إنسان محمولا على واحد بالعدد .

يبرئ الخيال الصورة المنزوعة عن المادة تبرئة اشد، وذلك بأخذها عن المادة بحيث لا تحتاج لا يحتاج في وجودها فيه إلى وجود مادّة لأن المادة وإن غابت أو بطلت، فان الصورة تكون ثابتة الوجود في الخيال ي ؛ إلا أنها لا تكون مجردة عن اللواحق المادية، فالحس لم يجردها عن المادة تجريدا تاما ولا جرّدها عن لواحق المادة .  وأما الخيال فانه قد جرّدها عن المادة تجريدا تاما ولكنه لم يجردها البتة عن لواحق المادة، لأن الصورة في الخيال هي على حسب الصور المحسوسة وعلى تقدير ما وتكييف ما ووضع ما. و ليس يمكن في الخيال البتة أن يتخيل صورة هي بحال يمكن أن يشترك فيه جميع أشخاص ذلك النوع، فان الإنسان المتخيل يكون كواحد من الناس، ويجوز أن يكون أناس موجودين و متخيلين ليسوا على نحو ما تخيّل الخيال ذلك الإنسان. لئن تحدّث كل من “الفارابي” و “ابن سينا”عن قوي الإدراك الباطنية التي من ضمنها القوّة المتخيلة أو المفكّرة، وتتولّى هذه القوّة استعادة صور المحسوسات المختزنة من الخيال أو المصورة “[8] . بمعنى ان هذه القوّة تأخذ الصور المختزلة في الخيال وتعيد تشكيلها في هيئات جديدة لم يدركها الحسّ من قبل .

  • الخيال عند الغزالي .

ينقل الغزالي (توفي سنة 505 ه) عن ابن سينا تقسيمه للوظائف النفسية، وعن ابن سينا والغزالي انتشر هذا التقسيم بين فلاسفة القرون الوسطى اللاتينيين. من دون الدخول في تفاصيل كثيرة حول القوى والوظائف النفسية التي يشترك فيها النبات مع الحيوان والحيوان مع الإنسان، والتي قامت على أسس أرسطية قديمة، و هو ما اقترحه بعض الفلاسفة المسلمين، وخاصة الفارابي وابن سينا، مع فروق معينة بينها حول القوى النفسية الإنسانية وحول موقع الخيال بين هذه القوى. فالنفس الحيوانية تنقسم إلى قوة مدركة وقوة محركة، وتنقسم القوة المدركة إلى قسمين: قوى تدرك من خارج، وهي الحواس الخمس الظاهرة، وقوى تدرك من داخل، وهي الحواس الخمس الباطنية، وهي: الحس المشترك والمصورة (أو الخيال) والمتخيلة والوهم والذاكرة، وقد ذكر الغزالي أنه “إنما عرفت مواضع هذه القوى بصناعة الطب، فإن الآفة إذا نزلت بهذه التجويفات اختلت هذه الأمور”[9]، وهو رأي عام يشبه ما يقوله العلم الحديث إلى حد كبير. فيما يلي وصف مختصر لكل قوة من هذه القوى.

الحس المشترك.

إنه آلة الإدراك التي تصل ما بين الحس الظاهر والباطن، وفيه تتجمع الأحاسيس المتباينة والمتنوعة، فيميز بينها ويجمعها ويؤلفها معا، ويقبل الحس المشترك الصور الواردة من الخارج كما يقبل الصور الواردة من الداخل، فهو يقبل صورا واردة من ملكة المتخيلة أيضا في حال سكون الحس الظاهر أو في اليقظة أو المرض، وهذا هو الرأي الغالب لدى الفارابي وابن سينا.

– الخيال أو المصورة .

وظيفتها حفظ ما يقدمه إليها الحس المشترك من الصور التي جاءت إليه عن طريق الحواس الظاهرة، فالحس المشترك يقبل الصور ولا يحفظها والذي يقوم بذلك الخيال أو المصورة والقوة الخيالية لدى ابن رشد تشبه المرآة التي تقبل صور أجسام المحاذية لها لكن الصور في المرآة تنمحي بعد غياب تلك الأجسام، أما في الخيال فتظل باقية.

القوة الوهمية .  

إنها ملكة “التخيل” الأرسطية الشهيرة، لكنه يضاف إليها هنا بعد غريزي، سبق أن أشار إليه أرسطو أيضا، وهو قوة مشتركة بين الإنسان والحيوان، حيث الحيوان إذا استوحش أو خاف بدت له الأشياء أكبر أو أصغر أو مختلفة عن طبيعتها.

  • ابن رشد وملكة الخيال .

ابن رشد ( توفي سنة 595 ق.م) كان هناك تأثير للفكرة الأفلاطونية المحدثة التي ترى الواقع بوصفه سلسلة من القوى الروحية التي تصدر أو تفيض عن “الواحد” في سلسلة من التجليات الكونية المستمرة الأزلية، التي تشبه صدور الأشعة عن الشمس، كما أن هناك أفكارا أخرى كان لها تأثيرها الكبير أيضا، ومنها ما قدمه أرسطو عن النفس وأنواعها” غاذية، ونباتية وحيوانية…إلخ. ويعد التقسيم الذي وضعه ابن سينا للوظائف النفسية في أساسه شبيها بذلك التقسيم الذي وضعه أرسطو من قبل، ولكنه  يختلف عنه في عدد الحواس الباطنة، فيقول أرسطو بثلاث حواس باطنة فقط، هي الحس المشترك والتخيل والذاكرة، أما المصورة والوهم فغير موجودين عند أرسطو إلا ما ذكرناه عن تمييز أرسطو بين التخيل الحسي (التوهم) والعقلي (التخيل).

وذلك لأنه يضاف إليها هنا ذلك البعد الخاص بالإيهام أو الإسقاط لما يشعر به الكائن من مشاعر على ما يدركه أو يسمعه أو يراه، والقوة الخيالية خادمة للوهمية، مؤدية ما في الخيال إليها، والقوة الوهمية هي التي تدرك من الصور المؤلفة في القوة المتخيلة مجموعة من المعاني الجزئية، مثلما تدرك الشاة من صورة الذئب معنى العداوة والغدر فتهرب منه، وهي لدى ابن سينا الحاكم الأكبر الذي يظهر كلية في هيئة انبعاث تخيلي من غير أن يكون ذلك محققا، والوهم هو الباعث على الأفعال والحركات، وهو مصدر الإرادة والأوامر والأحكام. ويحدث إدراك الوهم للمعاني غير المحسوسة فيما يحس “الخوف في مشهد قدوم الذئب مثلا” فيكون إدراكها جزئيا مرتبطا بالحس، ويتم ذلك إما بالغريزة عن طريق ما يسميه ابن سينا الإلهام الإلهي أو الإلهامات الغريزية الفائضة عن مبادئ الأنفس في العالم العلوي، أو تحدث عن طريق التجربة السابقة والاقتران بين صورة الشيء في الذاكرة (الذئب هنا) والخبرات الأولى التي ارتبطت به (الألم والخوف والهروب…إلخ)، وهنا يكون هذا الإدراك الوهمي غريزيا أو مكتسبا، لكنه أيضا ليس حكما فصلا كالحكم العقلي، فهو حكم تخيلي مقرون بالغريزة الحسية، وهو يحكم على سبيل انبعاث تخيلي من غير أن يكون ذلك محققا.

المتخيلة أو المفكرة : تتولى استعادة صور المحسوسات المختزنة في الخيال أو المصورة، لكن وظيفتها لا تقتصر على الاستعادة فقط؛ وإنما لها وظيفة ابتكاريه مميزة، فهي تأخذ الصور المختزنة في الخيال، وتعيد تشكيلها في هيئات جديدة لم يدركها الحس من قبل. وهذه القوة تسمى في الحيوانات متخيلة، وفي الإنسان “فكرة” وشأنها أن تركب الصور المحسوسة بعضها مع بعض، وتركب المعاني على الصور، وهي في التجويف الأوسط بين حافظ الصور وحافظ المعاني، ولذلك يقدر الإنسان على أن يتخيل فرسا يطير، وشخصا رأسه رأس إنسان وبدنه بدن فرس، إلى غير ذلك من التركيبات وإن لم يشاهد مثل ذلك، والأولى أن تلحق هذه القوة بالقوة المحركة لا بالقوة المدركة.

القوة الحافظة الذاكرة : هي تحفظ ما تدركه القوة الوهمية من المعاني الجزئية غير المحسوسة، وهي بذلك تقوم بالدور نفسه الذي تقوم به المصورة أو الخيال للحس المشترك، فتكونا مجرد “خزانتين” للحفظ فحسب. وهي خزانة مدرك لوهم عند الفارابي وابن سينا، وأحيانا ما نسب ابن سينا إلى المتخيلة والقوة الوهمية عملية استعادة الصور وتذكرها، وبمساعدة الحس المشترك، هنا يصبح التذكر عملية تمثل للصور المحفوظة في المصورة (أو الخيال) داخل الحس المشترك، وهو القدرة المدركة لصور المحسوسات، في حين يتم تمثل المعاني المحفوظة في “الحافظة” في الوهم، وهو القوة المدركة للمعاني، وهكذا تكون الحافظة أقرب إلى عملية تخزين لمعلومات بالمعنى الحديث ولكن الذاكرة أقرب إلى عملية استدعاء هذه المعلومات من الذاكرة أيضا.

  • حازم القرطاجنّي وشروط التخييل :

يقول صاحب منهاج البلغاء ( توفي سنة 684 ه) <<إن الأقاويل المخيلة ، لا تخل من أن تكون المعاني المخيلة فيها ، مما يعرفه جمهور من يفهم لغتها ويتأثر له، أو مما يعرفه ولا يتأثر له، أو مما يتأثر له إذا عرفه، أور مما يعرفه، ولا يتأثر له لو عرفه و أحق هذه الأشياء بأن يستعمل في الأغراض المألوفة من طرق الشعر ما عرف وتؤثر له، وكان مستعدا لأن يتأثر له إذ عرف…، وأحسن الأشياء التي تعرف ويتأثر لها اذا عرفت، هي الأشياء، التي فطرت النفوس النفوس على استلذاذها أو التألم منها، أو ما جد فيه الحالان، من اللذة والألم كالذكريات للعهود الحميدة المنصرمة، التي توجد النفوس تلتذ بتخيلها وذكرها، وتتألم من تقضيها وانصرامها>>”[10] ، لقد تأثر “حازم القرطاجنّي“بالفلسفة اليونانية وخاصة بــــ “أرسطو” ثم تأثر بــــ “ابن سينا” واتبع “عبد القاهر الجرجاني” في أن << التخييل إيهام دون أن يذهب مذهبه في أنه خداع>> [11]، و <<تصور تنشئه في نفس السامع عناصر الشعر المختلفة (اللفظ والمعنى، والوزن، والنظم، والأسلوب)، ويؤدي إلى انفعال لا واع>>”[12].

كما جعل “حازم القرطاجنّي” التخييل جوهر الشعر من خلال ذلك عالج الكثير من القضايا أههما الصدق والكذب من حيث التخييل ويرى أن << التخيل عمل ذكي يتطلب أن تتوالى في الكلام التركيبات المستحسنة، والاقترانات، والنسب الواقعة بين المعاني مما لها الأثر النفسي القوي>>[13].

اعتبر “حازم القرطاجنّي” في كتابه <<منهاج البلغاء وسراج الأدباء>> ان من شروط التخييل الحسن اقتراب الشيء المحاكي من الشيء المحاكى فإنه لا ينفي وجود تخييل يدخل من باب الممتنع العجيب الذي يمتع النفوس وكلما اقترنت الغرابة والتعجيب بالتخييل كان أبدع  و من هذه الجهة يعتبر عبد القاهر الجرجاني التخييل أظهر أمراً في البعد عن الحقيقة واكتشف وجها في أنّه خداع للعقل وضرب من التزويق، (عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة) “[14]، تعاطى القرطاجنّي مع “التخييل” بنظرية ايجابية  نظرا لما الصق به من صفات كالكذب حيث اعتبر ان ما يترتّب عن التخيل من نزوع إلى استجلاب المنافع و استدفاع المضار ببسطه النفوس الى ما يراد من ذلك وقبضها عما يراه بما يخيّل لها من خير أو شرّ فما وضع من حدود الخيال وما اشتق منه من مصطلحات قد يتفق في ان المخيل من الأشياء في الكلام يقتضى الإيهام بها كما يقتضى التفنن في تقديمها و إبداعها قد يخرج بالمخيّل من نطاقا المحتمل إلى نطاق الممتنع المخادع للعقل”[15].  يرى( ج.م كوكنج (Cocking. J. M. في كتابه “الخيال دراسة حول تاريخ الأفكار” الذي خصص الفصل السادس منه حول “الخيال في الإسلام”، فيقول فيه إن الإسلام لم يشهد نهضة إبداعية فقط، لكنه كان، أيضا، بوتقة روحية، البوتقة الأكثر كفاءة وفعالية، لأنه كان أكثر تسامحا وتقبلا، مقارنة بالمسيحية الموجودة في الغرب، لأشكال متنوعة كثيرة من الديانات الأخرى بما فيها المسيحية واليهودية، فقد تم تنظيم النمو الخاص بالمسيحية وتطورها من خلال مجالس الكنائس، ولم تكن هناك سلطة مماثلة لدى العرب والمسلمين تقوم بالتنظيم لأمورهم الدينية، وبشكل عام كان الحكم في الإسلام متسما – مع بعض الاستثناءات – بالتسامح والتقبل والانفتاح العقلي على الآخرين، وقد انفتح الاسلام و حافظ على المعرفة التي تقوم على أساس الفلسفة اليونانية القديمة، وقام بتجديدها أو على الأقل منحها قوة الاستمرار على قيد الحياة، ومن خلال ذلك حفظ العرب والمسلمون تلك النصوص التي فقدها الغربيون أو استبعدوها أو نسوها، لقد توافر لديهم الفضول المعرفي والمشروع المماثل لما جاء بعد ذلك في أوروبا خلال عصر النهضة، كما أن الإسلام كان أقل التصاقا مقارنة بأوروبا بماضيه الخاص – العصر الجاهلي – فقد بدأ معه عصر جديد”[16]. بعد قرن من وفاة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) العام 622م كانت الإمبراطورية الإسلامية قد وصلت إلى حدود الأطلنطي وإلى الهند والصين أيضا، وحقق المسلمون انتصارات متوالية على الإمبراطورية البيزنطية والفارسية، وتم فتح مصر، ومن خلال غزو إسبانيا نشأت علاقات قوية مع أوروبا، ومع ثقافتها، مثلما نشأت علاقات مع بخارى وسمرقند، وتم احتلال صقلية وغيرها، وهذا تاريخ يصعب، بل يكاد ويستحيل أن نوجزه أو نحيط به في هذا السياق الموجز، وسنركز بدلا من ذلك هنا حول بعض الأفكار الأساسية التي قدمها المسلمون حول موضوع الخيال. تأثر  الفكر الفلسفي الإسلامي والعربي حول الخيال بمؤثرات يونانية قديمة، خاصة ما يتعلق منها بأفكار أفلاطون وأرسطو والأفلاطون المحدثة، ومنذ الكندي (القرن التاسع الميلادي)

  • مفهوم الخيال في النقد الحديث :

انعتق الخيال من المادية إلى اللامادية ليعبر إلى فضاء مليء بالحرية والانفلات من القيود التي تعيق صفة الإنسان. فهو كما يعبر عنه “صلاح فضل” <<إن التخييل هو أجمل مظهر في إنسانيتنا، فإن تحريره وتنشيطه لا يزال من أهم وظائف الفنون القولية والبصرية، خاصة بع أن صارت الحرية بؤرة منظومة القيم التي تحكم مسيرة الإنسان الحضارية وتحدد إستراتيجية في الوجود، فبقدر ما ينعتق من ضرورات المادة ويتخفف مما تهدد في وجوده وأثقل وعيه وكسر بصره وكأن في بناياته نوعا من الخيال المتجمد، ينطلق مرة أخرى إلى فضاء الحرية الإبداعية ليصبح أشد قدرة على إعادة تشكيل حياته وصياغة فضاءاتها.>>”[17].

تعددت المذاهب والاتجاهات الأوروبية في النقد الحديث، حيث نجد ان بعضا منهم من درس مفهوم الخيال، ولكن لكل مذهبه ووجهته الخاصة، حيث نجد المذهب الرومانسي يتحدث عن مفهوم الخيال وأصبح عنصرا فعالا في العملة الإبداعية . كما دعمت الـتأكيد الرومانسي للخيال اعتبارات دينية وميتافيزيقية ؛ إذ سيطرت نظريات لوك على الفلسفة الإنجليزي طوال قرن من الزمان، لقد ذهب لوك إلى أن العقل يظل سلبيا تماما في حالة الإدراك، أي مجرد مسجل للانطباعات التي ترد إليه من الخارج أو (مراقب كسول للعالم الخارجي) ولقد كان مثل ذلك التفكير متناسبا كل التناسب مع عصر التأهل العلمي .

ففي ميدان الشعر، كان الإيمان بالخيال جانبا من إيمان العصر بالذات الفردية، واصبح الشعراء واعين بهذه القدرة المذهلة على خلق عوالم خيالية ولم يعتقدوا أ ذلك أمر تافه أن زائف، بل على العكس، كانوا يرون  أن كبح هذه القدرة إنكار لشيء لا عنى عنه لوجودهم كله، ولذلك كان الرومانسيون يرون أن هذه القدرة بالذات هي التي جعلت منهم شعراء وأنهم – بتوسلهم بها – يصنعون صنيعا أفضل من أولئك الشعراء الذين يضحّون بها في سبيل الحرص والذوق العام “[18]. لقد أدركوا أن قوة الشعر تغدو أقوى ما تكون عندما يعمل الباعث الخلاق دون عوائق، وذلك ما حدث لهم عندما شكّلوا من الرؤى الزائلة أشكالا ملموسة، وتعقبوا الأفكار الشاردة حتى روّضوها وأخضعوها لإرادتهم  “[19].

اعتبر وليام وردزورث (William Wordsworth) ملكة الخيال لها القدرة على الإنتاج والإبداع، و على انسجام العناصر المنفصلة، ومن ذلك يميز بين الخيال والوهم حيث يعد الخيال أسمى من الوهم يقول : << الوهم سلبي يغتر بمظاهر الصور، ويسخرها لمشاعر فردية عرضية، أما الخيال فهو العدسة الذهبية التي من خلالها يرى الشاعر ما يلحظه أصيلة في شكلها ولونها>> ل. “[20]

لا يخلو التخييل في أغلب حالاته من صياغة الدلالات في صورها لتشكل بذلك معرفة شاملة للمتلقي، حيث تكون هذه المعرفة أقوى وأعمق، والفهم أسرع، لما يخلقه هذا العالم “الخيال” من عناصر الطبيعيى والفوق طبيعية تتشابك مع بعضها البعض، محدثة بذلك ذبذبة مشتركة ومنسجمة بين النص والقارئ، وهذا بالتحديد ما يجعل الخيال العنصر الأساس والفعال في السرد الخيالي، الذي يتطلب من القارئ أو المتلقي فهم عالمه عن طريق التفسير والشرح بين الطبيعي وغير الطبيعي، كما ان النص السردي و المعنى الأدبي يخلق من التفاعل بين النص الديني “القرآن” وبين قارئ ذلك النص، والقرآن من النصوص التي تعرف بمداها الواسع من حيث المعاني والاحتمالات التفسيرية المرتبطة بالنص ذاته، لكنها تولد في إنتاج نص جديد يكون في ذهن “للكاتب” او”السارد” القارئ الضمني المحتمل، وهي مجموعة من الافتراضات والاحتمالات عن مدى معارفه وقدراته التي يحشدها لهدف إعادة القراءة  برؤاه وعلومه وخيالاته وتخيلاته، و في التفاعل بين النص القراني كنص ثابت ومدى اتساع تفسيره والقارئ “الفاعل” بذخيرته المعرفية و تركيباته العقلية .

  1. – السرد الخيالي :

– يمزج السرد الخيالي بين الجانبين: العجائبي، والمحاكاتي أو الواقعي، ويؤكد أن ما يقصده أمر واقعي، إنه هنا يعتمد على الأعراف الخاصة بالسرد أو القص الخيالي، ثم إنه يتقدم كي ينتهك أو يتجاوز هذا الافتراض الخاص بالواقعية من خلال تقديمه لما يتجلى، ويظهر، على أنه غير واقعي: إنه يجذب القارئ أو ينتزعه من تلك الألفة الظاهرة والأمان المرتبط بالعالم اليومي والمعروف، ويدفعه، شيئا فشيئا، نحو عالم غريب، عالم تكون الاحتمالات فيه وثيقة الصلة بما يرتبط عادة بالعجائب والخوارق، ولا يكون ما يحدث –هنا- واضحا أو مفهوما بالنسبة إلى السارد أو البطل، كما أن التفسيرات المقدمة لهذه الأحداث لا تكون واضحة أو مقنعة أيضا. ويكون ما شوهد وسجل على أنه واقعي موضعا للشكوك و المساءلة أيضا. وهذا القلق أو هذا الاضطراب هو أمر جوهري في هذا الشكل الخيالي. يعتبر السرد في النص القرآني من السرد الأدبي الرمزي الذهني، أحداثه ليست بواقعية المرئية وليست بالخيالية الميتافيزيقية، حيث أن كل الأحداث ترمز إلى مسيرة وجودية من المبتدأ إلى المنتهى، هذه الأحداث تقمصتها شخصيات خيالية منها رئيسية ومنها ثانوية كلها ترمز إلى الإنسان في تحمل مسؤوليته الإنسانية في الوجود. وهذه الأحداث عن طريق شخصياتها تستقطبها أطر مكانية و زمانية وظرفية تتناسب مع الخيال. ويتداخل السرد بكل تقنياته لتحديد سلوك البطل الأول من الجنس البشري “آدم” في مسيرته من انغلاق إلى انفتاح حسي، من النزول من السماء (الجنة) والرجوع إليها و الإنعتاق الموت المحتم . ونستشهد بقول للنروجي هنريك إبسن[21]* : « سنعلم يوم نبعث من بين الأموات»، الأمر الذي يذكرنا بالعبارة الصوفية «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا [22]” لعلي بن أبي طالب عليه السلام نفسه، ينوء بمكانته الروحية، ولا ينفك ساعيا في التفتيش عن حقيقة الوجود وخفايا الإنسان وغاية الموجود، وفي هذا السعي اللاّهب والحارق لا يتورع عن التمرد على كل شيء والمروق من الدين والأخلاق والأعراف والقوانين، وتحدى المستقر في الأذهان والعقول وانتهاك المحرمات والشكر في الله ومن الخير والشر معا وفي افتضاض كل ما هو مختوم، وتخليع كل ما هو مغلق وكشف الاستتار عن كل ما هو محجوب وهذا ما يذكرنا “بالروح الحرة” لدى  نيتشه، أوحي بن يقضان لدى ابن طفيل، لكن نقصان يصل إلى مراتب الكشف ومعرفة الحقائق الجوهرية من خلال العزلة في جزيرته النائية والخيالية من البشر والمخلوقات، أي بالتأمل أما أبو هريرة فيكتشف الوجود والموجود من خلال مكابداته في العالم الحي الواقعي فيفك مغاليقه بالحس المباشر.

كان للمتخيل في رواية “حدث أبو هريرة قال” حيز منطلق ذهني وشعوري وإحساسي وتفكيري في كافة قضايا الوجود الإنساني مجتمعه بما يمكن تسميته الفلسفة… التفكير هما مظهر من مظاهر حياة  الإنسان ومهما كانت صورة ذلك النشاط، الباطن الذي قد نسميه تفكيرا أو نسميه فلسفة أو شعر أو كل ذلك هو النشاط الحيوي الباطن في الإنسان وهو يتخذ صور مختلفة مع أنه في الأصل شيء واحد وان كان هذا النص يحفل بالأسئلة أكثر من بحثه عن الأجوبة إلا انه يفرك ما يجده من بديهيات حول الوجود الإنساني والإرادة والحياة والموت والحرية والزمان والمسؤولية والحيرة والشك واليقين والمطلق والنسبي، من جهة ثانية فالكاتب يشتغل على قطبين ظاهرين ينتميان إلى التخييل المحض والفكر الممتد في التأمل والتفلسف . القطبان هما ما هو تراثي و ما هو حداثي وعبرهما يتدبر تأملات ضمن برامج تتماس مع التاريخي والأسطوري محيلة في شبكات مرموزة ومجازية على الديني، وهو في كل هذا يزاوج بين النجوى الذاتية والتأملات الفكرية والفلسفية بلغة تفيض قوة ومراوغة لتعبر عن محور المأساة والمعاناة والخيبة وهو حالة بحث وخلق ينتج مواد تخييلية ذات حيوية في الدلالة والمعنى بخلفيات ممتلئة بالثقافي والمجتمعي وهي حمل الذات الواعية والمتطلعة للبحث الخلاص .

1.1. السرد الخيالي ورمزية الوجود :

يقول سعيد يقطين في هذا الصدد «لقد أنتج العرب السرد وما يجري مجراه وتركوا لنا تراثا هائلا منذ القدم (من قبل الإسلام). وظل هذا الإنتاج يتزايد عبر الحقب والعصور وسجل لنا العرب من خلاله مختلف صور حياتهم وأنماطها، ورصدوا من خلاله مختلف الوقائع وما خلفته من آثار في المخيلة والوجدان وعكسوا عبر توظيفهم إياه جل  إن لم نقل كل صراعاتهم الداخلية والخارجية، كما تجسدت لنا من خلاله مختلف تمثلاتهم للعصر والتاريخ والكون وصور تفاعلاتهم مع الذات والآخر… وإذا ما عرفنا السرد بأنه نقل الفعل القابل للحكي من الغياب إلى الحضور وجعله قابلا للتداول، سواء كان هذا الفعل واقعيا أو تخيليا، وسواء تم التداول شفاهيا أو كتابة … لظهر لنا أن الحضارة العربية لا يمكنها أن تقوم فقط على الشعر، ولكن على السرد أيضا»[23]. قدم تودوروف تصنيفا للأنواع المختلفة من الأدب الفانتازي او “العجائبي” – الخالص إلى سرديات مثل حكايات الجنيات الخرافية، وقصص الرومانس (الفرسان)، وكثير من قص الخيال العلمي. ويأتي بعده العجائبي أو العجيب الخيالي (أو الفانتازي)، والذي يشتمل على أعمال لتوفييل جوتيه وغيره، وهي أعمال تعرض تأثيرات غير قابلة للتفسير يعطى لها في النهاية أسباب ما وراء طبيعية. و”العجائبي: هنا – هو كما وصفه “نوفاليس” – “سرد من دون تماسك، لكنه سرد يزخر بالتداعيات، مثل الأحلام”. ويشتمل الغريب الخيالي (الفانتازي) على أعمال إدجار آلان بو، إما ضمن الغريب الخالص أو المحض، وقريبا من فئة الغريب الخيالي غير المحدد توجد أعمال لكتاب، مثل هنري جيمس، حيث يشغل الخيال فترة من عدم اليقين، في حين يترك القارئ يخمن والشك يهيمن عليه حول أصول (أو منابع) الأشباح بوصفها تمثيلات أو حالات حضور طبيعية أو ما وراء طبيعة، وقد يميز الخيالي الخالص من خلال الخط الوسيط الذي يفصل بين الخيالي العجيب والخيالي الغريب”[24]. في العجائبي – الغريب، تتلقى الأحداث التي تبدو على طول القصة تفسيرا عقلانيا في النهاية، أما إذا كانت هذه الأحداث قد أدت بالشخصية والقارئ إلى الاعتقاد في تدخل فوق طبيعي؛ فذلك لأنها كانت تحمل طابعا غير مألوف…وقد صنف النقد هذه النوعية تحت اسم “فوق-الطبيعي المفسر”[25]. ومن أنماط التفسير التي تنزع إلى تبسيط فوق الطبيعي أو اختزاله نجد: الحظ والمصادفات، والمخدرات والخداع، والألعاب المدبرة مسبقا، وخداع الحواس والجنون. أما الغريب المحض فيوجد في تلك الأعمال التي يمكن تفسير أحداثها بقوانين العقل، لكنها تكون كذلك أحداثا غير معقولة، خارقة، مفزعة، فريدة، مقلقة غير مألوفة، وهي لهذا السبب تثير لدى الشخصية والقارئ ردود فعل شبيهة بما هو موجود في النصوص العجائبية. وينتمي أدب الرعب الخالص إلى الغريب، ووسط ردود أفعال متباينة يحقق الغريب وليس بواقعة مادية تتحدى العقل .”[26]

1.1.1. المتخيل و السرد  في الزمان والمكان :

لقد همش الزمن في بنية الرواية القرآنية مطلقا العنان للأفكار التي تتجاذب نفسها والقارئ على حد سواء، فبات صراع الفكرة هو المسيطر على مجريات الأحداث المتعلقة بشخصية آدم المحورية، وصاحب السيادة في التحدث والكلام مع الله وبث الرؤى ، وقد تجلى هذا التسيد أو الإبراز في شخص آدم ومع أن الأخبار المساقة إخباريا وسندا لا أصول لها في التاريخ إلا أن البنية الإخبارية الموظفة هي بنية الحديث أو الخبر ضمن إطار من التراث لديني وعبقة الآسر، وفي فضاء نصي يخرق خطية الزمن، فمن الحاضر إلى الماضي، ومن الماضي إلى المستقبل، فضلا عن رغبة في التمرد على السائد المألوف ومرافقة المغاير والمختلف والعكسي عندما زواج بين المتع والمرض، والنشوة في الذات المتجاورة للاستقامة، وهذا التغاير من شأنه أن يربك القارئ وهو منشغل بترتيب الأحداث ونظمها فيخرق أفق توقعه ويحول النص السردي الى نص جدلي مناهض للاعتياد. والإشكالية تكمن في أن بنية الخبر تتحدى القارئ وتربكه وترغمه على معاودة الكثير من مرجعياته الجمالية التي ينطلق منها قبل الدخول إلى عوالم النص سواء أكان شعريا أو سرديا، وإن كان السارد الأول الأصل (الله) يمارس مغامرة في تشكيله السردي  عبر نصه الديني المقدس (القران)، الذي ينفتح على الطرح الفلسفي- الوجودي، فإن القارئ سيكون مضطرا إلى مغامرة تشكيل – بناء، إستراتيجية القراءة التي تكشف مغامرة الشكل السردي بالبحث في خصوصية الزمن السردي، وهو زمن ينفتح على التنوع الدلالي الذي تتحدد فيه الوحدات الأساسية للأعمال السردية – وهي الزمان والمكان والشخصية – وتفكك بشكل خاص في الأعمال الخيالية، فلم يعد الفن المنظور، ولا خاصية البعد الثالث، من القواعد العظيمة التي يحسن التمسك بها، كما كانت الحال في الماضي، وقد أصبحت معالم أو محددات المجال البصري تميل في اتجاه اللاتحديد (مبدأ هايزنبرج) *، كما يعبر عن ذلك مثل هذا التحول في الأطراف أو الحواف أو الهوامش، كما توجد تلك الممرات المتراجعة بلا نهاية والامتدادات الخاصة بالمتاهات، وتظهر تلك الحوائط القابلة للمرور منها، والقابلة للتحول إلى حالة سائلة، إن الأمر هنا كما لو كانت الطبيعة المحدودة للمكان أو المحددة، والتي تحدث عنها كانط، قد أدخلت في بعد إضافي أو أدخل بعد إضافي فيها، فيه يمكن أن توجد المكونات غير المتطابقة معا، وفيه –أيضا-يكون التحول الذي وصفه كافكا بأنه “تبدل أو تحول كبير من اليد اليسرى إلى اليد اليمنى” تحول كبير ومؤثر. تنزلق النصوص الخيالية نحو نوع من الالتباس البنيوي، ويمكن تصنيف هذه الموضوعات المتكررة هنا إلى مناطق عدة مترابطة، منها: أ – اللامرئي أو الحالة اللامرئية و- التحويل والتحول و- الازدواجية والازدواج و- الخير في مقابل الشر. وتحتوي هذه الموضوعات المتكررة –بدورها- على عدد من الصور المتكررة : الأبطال المحوريين : الله – الملائكة – الشيطان – آدم- حواء، الظرف المكاني ، الجنة/السماء/الأرض، الخطاب : حورا الله من ملكوته من علاه مع  الملائكة – مع الشيطان ثم مع آدم/ نوع الخطاب : خطاب تنازلي، آدم يتوب ويطلب المغفرة من الله خطاب تصاعدي الخ… و تتحول الدوافع هنا أيضا بدورها إلى انتهاكات تتجه نحو موضوعات، مثل: الثنائية الجنسية – النرجسية – الميول الغريزي والحالات السيكولوجية التي يتداعى لها الحس المادي “البارانويا” ، ولمقاربة هذه الأنماط السردية كطريقة تقنية عالية الجودة في إعداد وإخراج النص القصصي من القرآن بغية تحقيق غاية المرسل “الأصل” أو السارد “الأصل” الرؤية، وهنا يستخدم اللا يقين والاستحالة والعجائبي والميتافيزيقى المفروضة على مستوى البنية من خلال التردد والالتباس، وعند المستوى الخاص بالموضوعات من خلال الصور غير ذات الشكل المحدد، والأماكن اللا معلومة و اللا معروفة، وكذلك استغلال الفراغ والمكان للاشتغال عليه انفعاليا، وخصوصا ما يتعلق بالجوانب “اللا مرئية” منه أيضا بطرائق بارعة وجديدة. فما لا يرى ولا يقال وما هو مجهول يظل مع ذلك موجودا وممتدا لهذا الأمام، كمنطقة مظلمة من الممكن أن يخرج منها أي شيء أو شكل أو مخلوق في أي لحظة ويدخل عالمنا (المخيال الشعبي ( المقدس).

2.1 –  بنية السرد العجائبي في النص الديني العربي الإسلامي :

يتأسس السرد في النص الديني العربي الاسلامي في صور متراصة متماسكة رغم اختلافات السرود والشهود، وتدور حول حدث/أحداث عجائبية تستدعي جهدا لتبيان الخيط الواصل بين المشاهد العجائبية في ترابطها، وذلك بهدف خلق علاقة معقولة بين القصة  وبين الخطاب ، علاقة محكومة ومبنية على العجيب، لكونها تتمثل النموذج التحليلي الإسلامي. فوقائع وأحداث وحكايات ” ‘خلق آدم ” تشكل أساس بنية العمل برمته، وإن كان السرد يقوم ذريعة للحدث في بنية عجائبية من خلال تعرضها لعالم فوق طبيعي داخل عالم طبيعي، وعبر شخوص يتعرضون للتبدل والتحول في إطار نص قائم على ما يسمى ب “خرق الواقعي” لعالم تختلط فيه مخلوقات مختلفة: الملائكة و الشيطان، المألوف والخارق، بما يولد الحيرة عند المتلقي.

يكمن الخرق العجائبي في النص عبر جناح المخيلة، باعتباره قريب من المتخيل وجزء منه، وأحد تجلياته، إذ هو قريب من المتعالي الذي يبدع الصور الخارقة للعادة، من حيث البنية والتشكل ومن حيث العناصر المؤلفة لها، من دون نسيان أنه قريب من الواقعي، لكونه ينطلق منه نحو رحابة المتخيل، واستحضار الأسطورة التي تضرب في الماضي البعيد المقترن بالمتعالي.

يعرف تودوروف العجائبي بكونه “تردد كائن لا يعرف سوى القوانين الطبيعية أمام حادث له صبغة فوق طبيعية “.[27]” وتكمن أهميته في الكشف عن المناطق المظلمة في اللاوعي الجمعي، وبذلك تتأسس علاقة المتلقي مع النص من خلال خطوط ثلاثة:

1-ابتداع شروط جديدة للوقوف على طبيعة الأحداث، عبر الآليات العقلية، أو المنطقية.

2-التصديق بالفوطبيعي بغية الابتعاد عن حالة الحيرة المذكورة آنفا.

3-التعامل مع الحدث، على أساس افتراض إقحام العنصر الفوطبيعي في عالم خاضع للعقل، ما يضفي على عنصر التردد والحيرة تماسكا واستقرارا يقتسمها فترة مسار القراءة. بينما يرى روجيه كايوا أن العجائبي هو “فوضى وتمزيق ناجم عن اقتحام لما هو مخالف للمألوف في العالم الحقيقي المألوف، إنه قطيعة للتماسك الكوني”.[28] مؤكدا ضرورة توظيف الفوطبيعي لتثمين الحبكة وإعطائها بعدا عجائبيا، لأن غياب هذا العنصر (الفوطبيعي) يعني غياب الشيء المولد للحيرة والدهشة، بحسب رأيه، بينما يستلزم حضوره منطقا ما وفي هذا المنطق ثمة خلق أدبي يتم ترتيبه على تلك الشاكلة، فالمألوف والعادي هما الثابت، بينما العجائبي هو المتحرك الذي يبث الفوضى في المألوف.

وعلى هذا الأساس يكون حضور العجائبي أساسيا في أيما نص لكونه يبين لنا آليات اشتغال العالم من حولنا. وانطلاقا من عنصر الخرق للمألوف يتمفصل العجائبي في ثلاث عناصر:

-العنصر الأول، إحداث أثر ما – عند القارئ – لم يكن بمقدور الآثار الأخرى  إحداثه.

-العنصر الثاني، إسهامه في إغناء فعل الرد لكونه ينظم الحبكة.

– العنصر الثالث، السماح لوصف عالم عجائبي.

وبالعودة إلى تمظهرات العجائبي في النص  الديني العربي الاسلامي، فإنها تبدو بعد طول تأمل أنها خرجت من رحم جملة من التصورات  و عناصر الفوطبيعى (حوار الله مع الملائة / مع الشيطان الخ…) ومن محكيات الميث، في ارتباطها مع المتخيل[29]“. ودور المخيلة داخل المجتمع وخلقها لمواقف تتموقع في جانب ما من سلوكات وأنماط العقل العربي، و ذلك إما عبر الإدانة والرفض، أو عبر التزكية والقبول. فالمتأمل في ثبوت أصل الواقعي (خلق آدم) يلاحظ استثمار عملية الأخبار من صميم الواقع وباستعمال الخيال معا في زماني ومكاني وبحبكة فنية محكمة إنما هو نمط سردي غاية في الدقة والتقنية المستخدمة في إعداد وإخراج نص قصصي (قرآني) يغلب عليه الزمن الماضي وكثرة الروابط الظرفية والأسلوب الخبري مما يضفي عليه لمسة فنية تجعله في خانة الفنون الأدبية التي تتزامن وكل العصور لما لها من قدرة على جذب القارئ . من هنا نلاحظ ذلك التداخل والتمازج بين الواقعي والمتخيل، وذلك الكسر اللامتوقع للفهم المباشر لشخصيات النص القرآني لا نعرف كنهه مباشرة ، وذلك الرحيل اللامفهوم في الزمان والمكان، ممازجة حيث يحضر التاريخ من جهة، والحكايات الشعبية والصوفية والخارق بهدف التعريج على العجائبي كان بهدف التواصل العميق مع الأسئلة المصيرية التي تهدف إلى معرفة الإنسان واختباره على حافة الحيرة والتردد، ذلك أن العجائبي يهدف، فيما لم يستطعه السرد المباشر، إلى مناوشة الواقع والإطاحة به، قصد تحريره من أوهامه، وليس بهدف تقديم أجوبة جاهزة . يعمل العجائبي كما نلاحظ، على تغذية التصور العام للنص برؤيا عن العالم، أي تعبير عن بنية فكرية وشعورية تتحكم، عبر بنية السرد، بمصائر الشخصيات، حيث يقوم السرد بشكل موجه من الحدث الواقعي نحو الحدث العجائبي.

الخاتمة :

يتموقع الحدث السردي المتخيل بين إيقاعين عجائبيين، أو بين إيقاع عجائبي وآخر واقعي. حينما يكون المتلقي والحدث على تماس وترقب في تحديد سيرورة العمل برمته. فإذا ما انتهينا من معنى النص الى تفسير ونتيجة طبيعيتين، كنا إزاء أدب ذي صبغة غرائبية، بعدما نكون قد صادفنا أحداثا ذات بعد فوطبيعي. غير أنها تجد لها حلا طبيعيا، سرعان ما يدخل في سيرورة رمزية أخرى لتتفتق ثانية مسارات السرد في رحلة الغريب والعجيب فنكون مع حدوث أحداث ووقائع غير طبيعية، تنتهي بتفسير فوطبيعي، وحينها إما أن يقبل القارئ بأن هذه الأحداث فوق طبيعية، وإما أن يقبل بوجود هذه الأحداث كما هي، وعندئذ سيجد نفسه في العجيب كما يقول تودوروف.

انطلاقا من هذا التحديد، الأولي، يمكن الوقوف على تجذر العجائبي في النص القرآني، وطرق اشتغاله، وتطعيمه بألوان المتخيل الزاهية. من هنا تكمن أهمية العجائبي وهو يتحرك في دائرة السرد لإغناء المتخيل بكل عناصره، حيث يؤسس عبر الأحداث المتلاحقة، وسط بنية سردية تتميز بسارد متقن للعبة الغواية ومتمكن من أدواته وفق شروط وغاية مصممة بدقة متناهية، نصا كثيفا، يتخذ هيئات  مختلفة، وهو يرتحل من برزخ إلى آخر، تجعله مكونا دلاليا يتموقع بشكل يراوح بين الغموض والتجلي، ويستمد راهنيته من المواقف والعلاقات و البنى ومن الهوية الإلهيه إلى الهوية الإنسانية ليكتسب العجائبي في النص الدين العربي الإسلامي بعدا قدسيا يحمل على تعجّب المروي له، أو المتلقي، من كل حديث هو علامة قبول للدخول في لعبة السرد، أو الرحلة التي يقترحها المؤلف أو السارد (الأصل) باعتبارها، متفردة ومتخمنة لأشياء جديدة، عبر تضمن لحظات السرد على لعبة التأكيد والإظهار وتعددية وتنوع المحكي في تصوير الكائنات بشكل مفارق. وأخيرا على التشارك، حيث ينهض السرد على إضفاء صفات فوطبيعية على كائنات طبيعية في نفس سردي يمتد في المغامرات الكبرى ويتقارب متسارعا في أشد الفترات حيرة وتأزم، حتى ترد الحوادث بتعدد رواتها من زوايا نظر بعيدة وقريبة من داخل العالم وخارجه ومن قبل أو من بعد، قصة مضمرة تترك  لك حرية تخيل تفاصيلها وهي قصة ظروف رواية الخبر وتشتمل عليه كإطار له، كما يقول توفيق بكار، كل متن في الخبر يندرج في إسناده كقصة داخل قصة ودائرة في دائرة أوسع ولا تنقفل آخر دائرة في النص إلا انفتحت أخرى لأن سلاسل الرواة تفضي إلى المؤلف (الأصل) ومنه إلينا فيصبح القارئ بدوره من المحدثين وحلقة في إسناد الرواية، أو بمعنى أدق القصة.

لائحة المصادر والمراجع:

عربية وأجنبية

  1. القرآن الكريم
  2. ” فضل، صلاح : إشكالية التخيّل (من فئات الأدب والنقد)، الشركة المصرية العالمية للنشر، لونجمان، القاهرة، ط1، سنة 1996،.
  3. الإمام أبي بكر عبد القاهر بن عبد الرحمان بن محمد الجراجاني النحوي، أسرار البلاغة، تحقيق : محمود محمد شاكر، دار المدني بجدة، جمادي الأولى سنة 1412، 23 نوفمبر سنة 1991.
  4. سليم الشريطي: الأسطورة في مسرحية السد للمسعدي، مجلة الحياة الثقافية، 2002، عدد 176 .
  5. بورا، س. موريس : الخيال الأسلوب الحداثة، ترجمة وتقديم جابر عصفور، المركز القومي للترجمة، القاهرة، ط 2 ، سنة 2009.
  6. تودوررف، تزفيتان، مدخل إلى الأدب العجائبي (ترجمة الصادق بوعلام) القاهرة سنة 1994، دار شرقيات للنشر والتوزيع، .
  7. الحسين ابن علي ابن سينا : كتاب النجاة – في الحكمة المنطقية والطبيعة الالهية، نقحه وقدّم له ماجدم فخري، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، بلا ، ص 207.
  8. السعفي وحيد ، العجيب والغريب في كتب تفسير القرآن، صفحات للدراسات والنشر الطبعة الأولى، سنة 2007 .
  9. السعفي وحيد، في قراءة الخطاب الديني، مؤسسة الانتشار العربي- لبنان، الطبعة الأولى، سنة 2008.
  10. سعيد يقطين، السرد العربي، مفاهيم وتجليات، منشورات الاختلاف/ دار الأمان الرباط، الطبعة الأولى، سنة 2012.
  11. عصفور جابر : الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي عند العرب، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الثانية، 1983 .
  12. محمج عزام : المصطلح النقدي في التراث الأدبي العربي، دار الشرق العربي، بيروت- لبنان .
  13. موافي، عثمان : “في نظرية الأدب”، من قضايا الشعر والنثر في النقد العربي القديم، ج 1، دار المعرفة الجامعية للطباعة والنشر القاهرة، مصر، سنة 2000.
  14. معجم السرديات، تأليف القاضي محمد و مجموعة ، إشراف القاضي محمد، ناشرون، ط 1 سنة 2010 .
  15. Todorov, Tzvetan : Intoduction à la littérture fantastique, Ed.Seuil, Paris, 1970, p. 29
  16. -Roger, Caillois : Obliques, Ed. Stork, France, 1975, pp. 14-15
  17. السعفي وحيد ، في قراءة الخطاب الديني، مؤسسة الانتشار العربي- لبنان، الطبعة الأولى، سنة 2008، ص 103.
  18. السعفي وحيد ، العجيب والغريب في كتب تفسير القرآن، صفحات للدراسات والنشر الطبعة الأولى، سنة 2007 ، ص ص 106 – 107
  19. المرجع نفسه ، ص 62.

* اعتمدنا في كتابة هذا المبحث بالخيال في الإسلام على المرجع الآتي : محمد أركون، نزعة الأنسنة في الفكر العربي، جيل مسكويه والتوحيدي، ترجمة : هاشم صالح، دار الساقي، بيروت/لندن، الطبعة الأولى، سنة 1987، ص 58.

  • الحسين ابن علي ابن سينا : كتاب النجاة – في الحكمة المنطقية والطبيعة الالهية، نقحه وقدّم له ماجدم فخري، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، بلا ، ص 101
  1.  سورة طه، آية 66.
  2. الإمام أبي بكر عبد القاهر بن عبد الرحمان بن محمد الجراجاني النحوي، أسرار البلاغة، تحقيق : محمود محمد شاكر، دار المدني بجدة، جمادي الأولى سنة 1412، 23 نوفمبر سنة 1991، ص 121.
  3. عبد القاهر الجرجاني : أسرار البلاغة، ص 121.
  4. عصفور جابر : الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي عند العرب، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الثانية، 1983، ص 28.
  5. الحسين ابن علي ابن سينا : كتاب النجاة – في الحكمة المنطقية والطبيعة الالهية، نقحه وقدّم له ماجدم فخري، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، بلا ، ص 207
  6. موافي، عثمان : “في نظرية الأدب”، من قضايا الشعر والنثر في النقد العربي القديم، ج 1، دار المعرفة الجامعية للطباعة والنشر القاهرة، مصر، سنة 2000، ص، ص 135 – 136.
  7. محمج عزام : المصطلح النقدي في التراث الأدبي العربي، دار الشرق العربي، بيروت- لبنان، ص 180.
  8. المرجع نفسه، ص 180.
  9. المرجع نفسه، ص 180
  10. الحسين ابن علي ابن سينا : كتاب النجاة – في الحكمة المنطقية والطبيعة الالهية، نقحه وقدّم له ماجدم فخري، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، بلا ، ص 207.
  11. معجم السرديات، ناشرون، ط 1 سنة 2010، مرجع السابق، ص 75.
  • ” Cocking ”  شاكر عبد الحميد،  الأدب والجنون، مرجع سابق  ص، ص 76 – 80.
  1. ” فضل، صلاح : إشكالية التخيّل (من فئات الأدب والنقد)، الشركة المصرية العالمية للنشر، لونجمان، القاهرة، ط1، سنة 1996، ص2.
  2. بورا، س. موريس : الخيال الأسلوب الحداثة، ترجمة وتقديم جابر عصفور، المركز القومي للترجمة، القاهرة، ط 2 ، سنة 2009، ص 70.
  3. المرجع نفسه، ص 70.
  4. محمد عزام : المصطلح النقدي في التراث الأدبي العربي، مرجع سابق ص 389.
  5. هنريك إبسن شاعر ومسرحي نرويجي، ت (1906) يعرف ب “أبو المسرح الحديث” له أكثر من 26 مسرحية أشهرها : البطة البرية، عندما نبعث نحن الموتى، ذكره محمود المسعدي، “حدث أبو هريرة قال”، المصدر نفسه، ص 12.
  6. حديث: الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا جاء في :

لحديث المذكور ذكره الغزالي في بعض كتبه؛ مثل: الإحياء (4/23)، والمنقذ من الضلال (10)، وفضائح الباطنية (45)؛ كذلك البطليوسي في الحدائق في المطالب العالية (72 و125) وورد عن السبكي في الطبقات (6/357) ضمن أحاديث الإحياء التي لم يجد لها إسنادًا. ونص السخاوي في المقاصد الحسنة (1240)، والسيوطي في الدرر المنتثرة (427) فمَن بعدهما من المصنفين في الأحاديث المشتهرة أنه من كلام علي – رضي الله عنه –

  • سعيد يقطين، السرد العربي، مفاهيم وتجليات، منشورات الاختلاف/ دار الأمان الرباط، الطبعة الأولى، سنة 2012 ص 61.
  • تودوررف، تزفيتان، مدخل إلى الأدب العجائبي (ترجمة الصادق بوعلام) القاهرة سنة 1994، دار شرقيات للنشر والتوزيع، ص 17.
  • المرجع نفسه ص 59

 

  • “مدخل إلى الأدب العجائبي” ، المرجع السابق، ص 59.

* مبدا هايزنبرج : هومبدأ عدم التأكد، أو عدم اليقين معناه أن علم الفيزياء لا يستطيع أن يفعل أكثر من أن تكون لديه تنبؤات إحصائية فقط. فالعالم الذي يدرس النشاط الإشعاعي للذرات مثلا، يمكنه أن يتنبأ فقط بأن من كل ألف مليون ذرة راديوم مليونان فقط سوف يصدران أشعة جاما في اليوم التالي، لكنه لا يستطيع معرفة أي ذرة من مجموع ذرات الراديوم سوف تفعل ذلك. ويمكننا القول أنه كلما زادت عدد الذرات كلما قل عدم التأكد وكلما نقص عدد الذرات كلما زاد عدم التأكد. وكانت هذه النظرية مـُقلقة للعلماء في وقتها لدرجة أن عالماً كبيراً مثل أينشتاين قد رفضها أول الأمر. وهو الذي قال ” إن عقلي لا يستطيع أن يتصور أن الله يلعب النرد بهذا الكون” متناسياً إدراكه الشخصي. ومع ذلك لم يجد العلماء أمامهم إلا قبول هذه النظرية التي اهتدى إليها هايزنبرج والتي وضحت للإنسان خاصية هامة من خواص هذا الكون.

[27] -Todorov, Tzvetan : Intoduction à la littérture fantastique, Ed.Seuil, Paris, 1970, p. 29

[28] -Roger, Caillois : Obliques, Ed. Stork, France, 1975, pp. 14-15

  1. أنظر: سليم الشريطي: الأسطورة في مسرحية السد للمسعدي، مجلة الحياة الثقافية، 2002، عدد 176،
    ص 76-85.
5/5 - (5 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى