الصراع في إقليم تيغراي بين الماضي والحاضر ووساطة لحل النزاع
اعداد : د. أسماء حجازي – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر
أولا: خلفية الصراع في تيغراي
إقليم تيجراي يقع في شمال إثيوبيا ويحده من الشمال إريتريا ومن الغرب السودان ومن الشرق عفر ومن جنوبها إقليم أمهرة، ويبلغ عدد سكانه 5 ملايين نسمة، ويشكل تيغراي نحو ثلاث أرباع السكان بالإضافة إلى اليوروب المتحدثين بلغة الساهو والامهرا والكوناما وبني شنقول والرايا، تعود جذور الصدام المثير للقلق في إثيوبيا بين الحكومة الفيدرالية والحزب الحاكم في منطقة تيغراي الشمالية إلى احتجاجات الشارع التي أطاحت بالحكومة السابقة التي كانت تهيمن عليها “جبهة تحرير شعب تيغراي” في عام 2018.
ورغم أن التيجراي يشكلون 6% فقط من سكان إثيوبيا، فقد هيمنوا على مقاليد السياسة الوطنية بالبلاد لما يقرب من ثلاثة عقود وحتى اندلاع الاحتجاجات، كل ذلك تغير عندما أصبح آبي أحمد رئيساً للوزراء في أبريل 2018، وهو أول رئيس حكومة من عرقية أورومو، الأكبر في البلاد، وفقد التيغراي مناصب وزارية وبعض المناصب العسكرية العليا، شكت عرقيات الأورومو والأمهرة، ثاني أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا، إضافة إلى مجموعات أخرى من التهميش في ظل حكم التحالف الاستبدادي القديم، وخلال الأشهر الأخيرة، اندلعت أعمال عنف عرقية ودعوات لمزيد من الحكم الذاتي في عدة أجزاء من البلاد، جائزة نوبل للسلام حاز آبي جائزة نوبل للسلام في أكتوبر 2019 لدوره في إحلال السلام مع إريتريا، وإنهاء حالة الجمود المريرة التي تعود إلى حرب حدودية من 1998 إلى 2000.(1)
لكن الأمور كانت أقل هدوءًا على الصعيد الداخلي فبعد أسابيع من فوزه بجائزة نوبل، رفضت جبهة تحرير شعب تيغراي الانضمام إلى الحزب الحاكم الجديد لآبي، متذمرة مما اعتبرته تهميشا واستهدافا غير عادل عبر تحقيقات في شأن الفساد وعاد قادة جبهة تحرير شعب تيغراي إلى منطقتهم، ليتهمهم آبي بمحاولة زعزعة استقرار البلاد وعلى ضوء خلاف انتخابي قررت الحكومة المركزية تأجيل الانتخابات التي كان مقررا إجراؤها في أغسطس 2020 على خلفية فيروس كورونا رغم احتجاجات المعارضة، دون تحديد موعد جديد، وقرر إقليم تيغراي تحدي سلطات آبي من خلال المضي في إجراء الانتخابات الخاصة به في 9 سبتمبر، وصنفت أديس أبابا حكومة تيغراي بأنها غير قانونية، بينما لم يعد قادة تيغراي بدورهم يعترفون بإدارة آبي وكذلك قررت الحكومة تقليص الأموال الفيدرالية المخصصة للمنطقة، وهو ما عدته “جبهة تحرير شعب تيغراي” بمثابة “عمل حرب”.
وبعد انتخابه بوصفه “زعيما إصلاحيا”، اتهم رئيس الوزراء المسؤولين في الحكومات السابقة بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، فأقال شخصيات بارزة في الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي من المناصب التي كانوا يشغلونها في الحكومة المركزية. وشمل ذلك رئيس المخابرات السابق والمسؤول البارز في جبهة تحرير تيغراي، غيتاشيو آسفا، الذي أفلت من الاعتقال وفرّ إلى تيغراي، حيث لا يزال هارباً من العدالة حتى الآن.(2)
وعمق قرار آبي عام 2020 بدمج الأحزاب القائمة على أسس عرقية التي شكلت تحالف الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الحاكم لتأسيس حزب الازدهار هذه التوترات. فعارضت جبهة تحرير شعب تيغراي القرار قائلة إنه سيقسم البلاد، ورفضت الانضمام إلى حزب الازدهار، وفي وقت سابق من هذا العام، اتسع الخلاف بعد أن أجلت الحكومة الفيدرالية الانتخابات على مستوى البلاد. وكان قرار إقليم تيغراي بإجراء انتخابات خاصة بالإقليم وحده في سبتمبر/أيلول، بمثابة تحدي غير مسبوق للحكومة الفيدرالية، ووصف البرلمان الاتحادي العملية بأنها “غير قانونية”، ومنذ ذلك الحين، بدأت كلتا الحكومتين بنعت بعضهما البعض بأوصاف: “غير شرعية وغير دستورية”.
ولم ينتهي الصراع عند ذلك ولكن استمر الصراع في ظل اجراء الانتخابات الاثيوبية حيث اشتد الامربعد أن أمر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على بالتوغل في المنطقة الشمالية، واعتبر ابي احمد ان هذا ردا على هجمات قامت بها جبهة تحرير شعب تيجراي، متعهدة بأنها لن تأخذ وقتا كبيرا، ووصل الامر إلي غارة جوية على سوق في تيجراي واغلب المناطق في الإقليم بتاريخ 23 يونيو 2021 التي نتج عنها مقتل عدد كبير من المدنيين والمصابين حيث قامت القوات المسلحة الاثيوبية بإغلاق الطرق ومنع سيارات الإسعاف من إخلاء الجرحى لتلقي العلاج الطبي.(3) ونتج عن تلك الغارات أيضا فرار أكثر ألف الإثيوبيين إثيوبي إلى السودان خوفا من القتل والاغتصاب الذي تمارسه القوات الإثيوبية والجيش الإريتري الذي شارك في الهجوم على إقليم التيجراي.
بعد إعلان آبي أحمد، رئيس الحكومة الإثيوبية 27 يونيو 2021، السيطرة على إقليم تيجراي بالكامل من قبضة جبهة تحرير تيجراي، وانتهاء القتال هناك، تمكن مقاتلو جبهة تحرير تيجراي من قلب الطاولة والسيطرة على مدينة ميكيلي- عاصمة الإقليم وطرد القوات التابعة للحكومة الاثيوبية منها، ومن ثم طالب ابي أحمد بوقف إطلاق النار المزعم استمراره في جميع أنحاء المنطقة حتى نهاية موسم الزراعة الحاسم في تيجراي، الذي ينتهي في نهاية سبتمبر.
عقب انسحاب القوات الفيدرالية من عاصمة الإقليم (مقلي) 28 يونيو/حزيران 2021، عادت حكومة الإقليم على أساس نتيجة الانتخابات الخاصة التي كانت سلطات الإقليم قد أجرتها في سبتمبر/أيلول 2020، والتي كانت أحد أسباب الخلاف “الدستوري” بين الحكومة الإقليمية في تيغراي والحكومة الفيدرالية. وأصدرت حكومة الإقليم بيانًا ذكرت فيه أن حكومة الإقليم المنتخَبة قد عادت لتباشر مهامها، ولاحقًا أصدرت أيضًا بيانًا تضمن شروطها للموافقة على وقف إطلاق النار الذي أعلنته الحكومة الفيدرالية من جانب واحد، حيث تضمن سبعة شروط قاسية.
رغم سيطرة أجواء الحرب والمواجهات المسلحة استطاعت قوات تيغراي، على وجه السرعة، إعادة السيطرة على العاصمة (مقلي) وبقية المدن الرئيسية وفرض الأمن وإرساء الاستقرار فيها إلى حد كبير، إذ لم تسجل أي مظاهر لغياب القانون والنظام، رغم شيوع أنباء، يصعب التحقق منها، عن ملاحقة سلطات الإقليم المتعاونين مع الإدارة المؤقتة أو اللاجئين الإريتريين.(4)
وفي نهاية المطاف توصل الوضع إلى إجراء محادثات سلام بين الأطراف دعا لها الاتحاد الأفريقي حيث وافقت الحكومة وأعلنت استعدادها للدخول في محادثات سلام مع “جبهة تحرير تيغراي”، وهي متمسكة “بمواقفها السابقة” في أن تتم المحادثات من دون شروط مسبقة.
وكذلك أعلنت “جبهة تيغراي” استعدادها للمشاركة في محادثات السلام في جنوب أفريقيا، معربة عن التزامها “بحل سلمي للصراع الحالي”. لكنها طلبت إيضاحات بشأن بعض القضايا، نظراً لعدم التشاور معها قبل توجيه الدعوة، وفق بيان صحافي للجبهة.
وتأتي استجابة الجبهة، بعد إعلانها في سبتمبر 2021 عن هدنة مشروطة من جانب واحد، واستعدادها للدخول في محادثات سلام برعاية الاتحاد الأفريقي بعدما كانت تتحفظ على رعاية الاتحاد لهذه المفاوضات. وأوضح زعيم “جبهة تيغراي”، في رسالة مفتوحة وجهها إلى مجلس الأمن الدولي في سبتمبر 2022 أن رفع الحصار عن الإقليم وسحب جميع القوات الإريترية هو أمر أساسي للوقف المستدام لإطلاق النار، وكذلك السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى الإقليم، وإرجاع الأراضي.
ثانيا: الأطراف المزعم تدخلها في تأجج في الصراع
وفي ظل هذا التأجج الذي شهده إقليم تيغراي الإثيوبي كانت هناك العديد من العناصر والقوات الخارجية التي تتدخل لصالح رئيس الوزراء الإثيوبي ومن أبرزها تدخل إريتريا والتي تقع على حدود تيغراي الشمالية، منذ الأشهر الأولى دعما للجيش الإثيوبي في العملية التي شنها على السلطات المحلية السابقة في الإقليم.(5)
واتهمت إريتريا بارتكاب فظاعات بحق المدنيين في تيجراي من إعدامات سريعة وعمليات اغتصاب وغيرها. وظهر ذلك من خلال اقرار رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد بوجود قوات إريترية معلنا أنها ستنسحب، وبالرغم ذلك لم تنسحب القوات الاريترية من الإقليم حيث اتهمت أيضا مؤخرا بتعاونها مع اثيوبيا في عرقلة وصول المساعدات مما يؤدي إلي تزايد المجاعة في الإقليم، كما وصلت 40شاحنة عسكرية محملة بالجنود من إريتريا إلى مدينة الحمرة الإثيوبية لمساعدة ابي أحمد.
المشاركة الإريترية في الصراع في إقليم تيغراي يمكن تفسيرها بتقاطع المصالح بين الأطراف المتحاربة. فلطالما كانت الحدود بين إريتريا واقليم تيغراي ساحة صراع مفتوحة لسنين عقب استقلال إريتريا عن إثيوبيا مطلع التسعينيات.
وعلى ضوء الصراع التاريخي القديم، وجدت إريتريا في الحرب المشتعلة في إثيوبيا فرصة لاستعادة ما خسرته أمام جبهة تحرير تغراي في عام 2000. وهذا ما يتضح جليًا من مشاركتها في الحرب ودخولها لعمق إقليم تغراي وتخفيف الضغط على الجيش الإثيوبي الذي تكبد خسائر كبيرة في الحرب.
أما فيما يتعلق بالدور الصومالي يمكن تقسيم المشاركة الصومالية في الصراع الإثيوبي إلى قسمين: أولها جمهورية الصومال الفيدرالية والأخرى الإقليم الصومالي بإثيوبيا. وبالرغم من عدم ثبوت مشاركة حقيقة للجيش الوطني الصومالي في الصراع لدعم الحكومة الإثيوبية، إلا أن موقف الحكومة الصومالية السابقة برئاسة محمد عبد الله فرماجو كان واضحًا من تأييد سياسي لموقف الحكومة الإثيوبية في الحرب.(6)
وبعيدًا عن موقف جمهورية الصومال الفيدرالية، فقد أعلنت سلطات الإقليم الصومالي بإثيوبيا عبر لسان رئيسها مصطفى عمر عغجر عن مشاركة قوات الإقليم في الحرب إلى جانب الحكومة الإثيوبية والجيش الإثيوبي أسوة ببقية الأقاليم التي لبت نداء رئيس الوزراء آبي أحمد للمشاركة في الحرب.
ثالثا: الدوافع وراء الصراع الإثيوبي في تيغراي
- سيتسبب الانسحاب من تيغراي في نتائج سياسية داخل إثيوبيا، وفي العلاقات بين نظام أفورقي والفاعلين في إثيوبيا أيضا. وبالتالي يتوقع أن يتفكك التحالف السياسي بين أسياس أفورقي وأبي أحمد. وسيسرعه طرح الحوار مع جبهة تيغراي وعودتها إلى حكم الإقليم (إقليم تيغراي)، فضلًا عن الدعوات لعقد حوار وطني جديد للخروج من الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، وهو ما سيقود إلى اصطفاف وصراع بين معسكري الوحدويين والقوميين بالبلاد.
- نزع سلاح المجلس العسكري للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، حيث تُتهم حكومة الإقليم من قبل الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا بأنها قامت بتدريب قوات عسكرية خاصة تابعة للإقليم، وتعرف هذه القوات بـ(أقازيان) ويقدر عددها بنحو 250 ألف عنصر، وهي مدربة تدريبا عاليا وذات تسليح متطور أيضا، فضلا عن مراكمة أسلحة ثقيلة وفتاكة.(7)
- إخضاع حكومة الإقليم لسلطات الحكومة الفيدرالية والامتثال للدستور، وإزالة الحكومة التي تشكلت على أساس الانتخابات التي أُجريت بالإقليم في سبتمبر 2020، على الرغم من معارضة المجلس الوطني للانتخابات في إثيوبيا والحكومة الفيدرالية عقد الانتخابات ووصفها بأنها “غير دستورية”، وبالتالي فلن يتم الاعتراف بها أو بما سيترتب عليها.
- استعادة السيطرة على قدرات القيادة الشمالية، التي كانت كبرى وحدات الجيش الإثيوبي، تسليحًا وأفرادًا، منذ الحرب الإثيوبية الإريترية حول مثلث “بادمي” (1998-2000) ، الذي يقع ضمن الحدود الإدارية لإقليم تيغراي، بجانب تحرير الضباط والجنود الذين جرى احتجازهم بعد هجوم قوات تيغراي على تلك القيادة في بداية نوفمبر 2020 والذي يعتبر السبب المباشر لاندلاع الحرب في الإقليم.(8)
رابعا: الموقف الإقليمي والدولي من الصراع
- الموقف الإقليمي
استمرت جهود الوساطة الأفريقية لنزع فتيل الصراع العسكري المحتدم منذ عامين في إقليم تيغراي في شمال إثيوبيا، والذي أدى إلى مقتل الآلاف من سكان الإقليم وتشريد الملايين، فضلاً عن تدمير البنية التحتية لإقليم تيغراي، الذي يعاني من أوضاع إنسانية قاسية بفعل غياب الخدمات الأساسية. ولكن السؤال المطروح اليوم هو إلى أي مدى يمكن أن تتمخض هذه الجهود عن نتائج تنهي النزاع، خصوصاً في ظل معطيات برزت في الأيام الأخيرة أضفت مزيداً من الشكوك حول مآل محادثات السلام.
وكان الاتحاد الأفريقي قد دعا طرفي النزاع إلى محادثات في جنوب أفريقيا بوساطة مبعوث الاتحاد للقرن الأفريقي أولوسيجون أوباسانجو. وأنعشت وساطة الاتحاد الأفريقي، بعد نحو عامين من اندلاع الصراع في نوفمبر 2020، الآمال بوجود فرصة لإنهاء القتال بين الحكومة الإثيوبية الاتحادية و”جبهة تحرير شعب تيغراي”، وجلوس الطرفين على طاولة المفاوضات في جنوب أفريقيا.
بالنسبة لإريتريا، وعلى الرغم من استفادتها من إنهاك الطرفين في حرب استنزاف طويلة الأمد فإن خياراتها الاستراتيجية لا تبدو سهلة؛ فقد وقّع الرئيس “أسياسي أفورقي” -الذي يُعد من ألد أعداء الجبهة الشعبية لتحرير التيجراي- اتفاق سلام أشبه بالتحالف العسكري مع إثيوبيا عام 2018. ومنذ ذلك الوقت يعمل مع حليفه “آبي أحمد” على عزل واحتواء نفوذ منطقة التيجراي من أجل استئصال قواعد السلطة التي يتمتع بها حزبها الحاكم(9)
وفي الوقت الحالي، اقتصر الرئيس “أسياس” على تقديم بعض الدعم اللوجيستي، مثل السماح لبعض القوات التابعة للقيادة الشمالية التي ظلت موالية للحكومة الفيدرالية بالانسحاب إلى إريتريا من منطقة تيجراي. ومن هناك أعادوا تجميع صفوفهم لشن هجمات على قوات إقليم التيجراي انطلاقًا من بادمي وما حولها. كما حشد “أسياس” قواته على طول الحدود في بادمي داخل إريتريا، وقدم دعمًا مدفعيًّا للهجوم الفيدرالي على حميرة في 9 نوفمبر 2020. لكن لا توجد أي مؤشرات على تورط إريتري مباشر داخل تيجراي، ومن المرجح أن ثمة تحذيرات من قادة الجيش للرئيس “أفورقي” من مغبة الدخول في صراع طويل الأمد داخل تيجراي.
أما جيبوتي التي تقع على حدود إريتريا وإثيوبيا والصومال، فإنها تمثل الشريك الاقتصادي الأكبر لإثيوبيا في المنطقة، وتعد المنفذ الوحيد لها على البحر. ومن المقرر أن تستضيف جيبوتي مركز البحرية الإثيوبية، كما سيكون مقر قيادة البحرية في بحر دار عاصمة إقليم أمهرة شمال غرب إثيوبيا. وتساعد فرنسا الحكومة الإثيوبية في إعادة بناء أسطولها البحري، ويتلقى بعض أفراد البحرية تدريبًا في فرنسا. وعليه فإن جيبوتي تعد الحليف الإقليمي الأبرز لإثيوبيا في حربها ضد جبهة التيجراي. وقد اتضح ذلك من قبل في اتخاذها موقفًا محايدًا في أزمة سد النهضة بين كل من إثيوبيا ومصر والسودان.
- الموقف الدولي
تمثل الموقف الأمريكي من الصراع في البداية بتجاهل ومن غير المعروف إذا كان ذلك موقفاً منحازاً لأديس أبابا أم أنه مجرد انشغال بالتنافس الانتخابي. وكان لافتاً أن أول إشارة أميركية بشأن تيغراي أعلنت مع اقتراب آبي أحمد من حسم المعركة لصالحه، إذ دعت واشنطن في نهاية يناير 2021 إلى ضرورة وقف الحرب والانتهاكات، وهو ما يمكن تفسيره بأنه انحياز لصيغ حكم شبه مركزي في إثيوبيا.
بدت جهود سرية قامت بها الولايات المتحدة في الأشهر الماضية لعقد محادثات سلام غير مجدية. حيث توجه مسؤولين أميركيين توجهوا في شهر سبتمبر 2022، في مهمة سرية إلى إقليم تيغراي الإثيوبي ثم إلى جيبوتي بهدف إجراء محادثات سلام إثيوبية، وتم التوجه في البداية إلى تيغراي ثم إلى جيبوتي بهدف إجراء جولة من محادثات السلام.
ويختم بالقول “في النهاية، الوصول إلى حل نهائي تفاوضي يبدأ من اقتناع أطراف الصراع بذلك، ولا سيما الطرف الحكومي، وعدم وجود هذه القناعة هو ما حال دون تحقيق أي إنجاز ملموس في هذا المضمار خلال قرابة عامين من الحرب.
وأخيرا يمكن استنتاج ان حالة الصراع في تيجراي مشترك فيها أكثر من طرف من باروهم اريتريا والحكومة الاثيوبية ولكن المسئول الأول والأخير هو ابي احمد وذلك لأنه هو المسئول عن حماية بلادة ونشر الامن والاستقرار بها وبناء على ذلك فإن سيناريو الحسم العسكري لصالح الجيش الفيدرالي يعني تعزيز السيطرة الفيدرالية على حساب سلطة حكومات الأقاليم.
ومن الواضح أن الوضع في تيجراي بالغ التعقيد، حيث توجد أيضًا أحزاب سياسية أخرى في تيجراي تعارض جبهة تحرير تيجراي، بعضها يدعو إلى الاستقلال، وأخرى بما في ذلك قادة سابقون في جبهة تحرير تيجراي على استعداد للعمل مع “آبي” وحزب “الازدهار”.
الراجح في ضوء الوساطة المطروحة، أنه من الصعب عدم تحقيق المطالب الخاصة بجبهة تيغراي، والمتمثلة في الإنهاء الفوري لحصار الإقليم، والسماح بمرور المساعدات من دون قيود وإعادة الخدمات، وكذلك لا يبدو أنها ستتحقق كشروط مسبقة، وحتى في أي مفاوضات مباشرة ستكون أيضاً هذه القضايا محل خلاف قد تعرقل التوصل لتسوية أو تطيل أمد المباحثات بين الجانبين.
وانه في حال لم تتحقق تسوية (عبر الوساطة الأفريقية) توفر للإقليم ضمانات مستقبلية وحماية من أي تهديدات لكيانه، سيكون الخيار الوحيد أمام قيادته هو الاستمرار في حرب استنزاف طويلة، والتكيّف مع هذا الخيار على الرغم من تكلفته الباهظة على كافة المستويات.
المراجع
- المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، النزاع بين إقليم تيغراي والحكومة الفدرالية الإثيوبية: أسبابه ومآلاته، متاح علي الرابط التالي: https://2u.pw/uKVQV
- موقع دفاع العرب، أبي احمد تحول إلي زعيم مستبد، 2021، متاح علي الرابط التالي: https://2u.pw/OCV7K
- المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مرجع سبق ذكره.
- Josen, Postponement of Tigray peace talks latest blow in Ethiopia’s hidden war, the gardien, at: https://2u.pw/C6OOO
- RODNEY MUHUMUZA, In Tigray, food is often a weapon of war as famine loom, June 11, 2021, at: https://2u.pw/rMBUB
- The New York times, Why Is Ethiopia at War With Itself?, at: https://2u.pw/d8Ymt
- محمد عبد القادر، مع تجدد المعارك في شمال البلاد.. ما حقيقة الدور الاريتري والصومالي في الصراع الدائر في إثيوبيا؟، متاح على الرابط: https://2u.pw/rtcNd
- محمد عباس، النزاع في إقليم تيغراي.. النتائج والتداعيات، متاح على: https://2u.pw/KyjO0
- بوابة الاهرام، حسابات دولية وإقليمية في ازمة تيغراي، 2020، متاح علي الرابط التالي: https://2u.pw/wp5R7