الشرق الأوسطتقارير استراتيجيةعاجل

التغير المناخي والأوضاع الحقوقية للمرأة في أفريقيا: التأثيرات والحلول المقترحة

بقلم : د.أسماء حجازي – المركز الديمقراطي العربي

 

تمهيد

يمثل تغير المناخ في إفريقيا تهديدا خطيرا حيث تعد أفريقيا من بين أكثر القارات عرضة لتأثيرات تغير المناخ وذلك نتيجة للضعف والفقر الذي تعاني منه تلك القارة وعددم القدرة على الصمود في مواجهة تحديات التغير المناخي كما أن هذا الضعف ناتج عن مجموعة من العوامل التي تشمل ضعف القدرة على التكيف، والاعتماد الكبير على سلع النظام الإيكولوجي لسبل العيش وأنظمة الإنتاج الزراعي الأقل تطوراً.

وبالتالي فإن التغير المناخي يؤثر على كافة عوامل التنمية المستدامة وأهدافها الأساسية والتي من بينها الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي وموارد المياه وخدمات النظم الإيكولوجية عواقب وخيمة على الأرواح وكذلك المرأة التي يعد النهوض بها هدفا أساسيا من أهداف التنمية في القارة الأفريقية، وفيما يلي عرض مختصر لتلك التأثيرات:

  1. التأثيرات الصحية

في إطار امتلاك البلدان الأفريقية أنظمة الصحة العامة أقل كفاءة في العالم كما أن أعباء الأمراض المعدية مثل الملاريا وداء البلهارسيات وحمى الضنك والتهاب السحايا، وهي حساسة لتأثيرات المناخ هي الأعلى في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء فبالتالي تتفاقم حدة تلك الأمراض في ظل التغيرات المناخية.

وفقًا لتقرير التقييم للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC فإن تغير المناخ يشكل تهديدًا كبيرًا على صحة عشرات الملايين من الأفارقة ، حيث يعرضهم لدرجات حرارة غير مثالية وطقس متطرف وزيادة نطاق ومعدل انتقال الأمراض المعدية.

  1. الآثار على النزاعات والهجرة

نتيجة للتغيرات المناخية وعدم القدرة على مواجهتها في أغلب الدول الأفريقية فيضطر عدد كبير من السكان الهجرة إلى البلدان الأخرى لتفادي اضرار التغيرات المناخية مما يشكل عبء كبير على الدول المجاورة وغيرها من الدول الأخرى وخير دليل ومثال على ذلك ان  الضغوط البيئية في السودان ترتبط بقضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية أخرى مثل نزوح السكان والتنافس على الموارد الطبيعية. بالإضافة إلى تأثير  انخفاض هطول الأمطار والذي كان أحد العوامل التي ساهمت في الصراع في دارفور.(1)

وعلي سبيل المثال وليس الحصر تعاني دولة مثل كينيا من قابلية عالية للتأثر بتأثيرات تغير المناخ حيث تشمل المخاطر المناخية الرئيسية حالات الجفاف والفيضانات حيث تتوقع المشاريع الحالية هطول أمطار أكثر كثافة وأقل قابلية للتنبؤ. وفي المستوطنات الحضرية المزدحمة في نيروبي، قد تؤدي ظروف المستوطنات أو “الأحياء الفقيرة” إلى تفاقم آثار تغير المناخ والمخاطر المرتبطة بالكوارث.

أولا: الأوضاع الحقوقية للمرأة في أفريقيا

أظهرت القارة الأفريقية التزامها بتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. وصدقت جميع البلدان تقريبا على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وقد صادق أكثر من نصفهم على بروتوكول الاتحاد الأفريقي بشأن حقوق المرأة في أفريقيا. ومع ذلك لا تزال القارة متأخره في تحقيق الأهداف المحددة في مختلف الأطر القانونية القارية بما في ذلك الميثاق الأفريقي لحقوق المرأة في أفريقيا والميثاق الأفريقي لحقوق ورفاهية الطفل مما أدى إلى عدم تمتع النساء والفتيات بحقوقهن.

كما أن العديد من البلدان الأفريقية تتفاقم فيها الفجوات في حماية حقوق المرأة بسبب عدم الاستقرار السياسي والصراع. وبالتالي لا ينبغي النظر إلى النساء على أنهن ضحايا فقط ولكن  يجب أن يُنظر إليهن كعناصر فاعلة في عمليات بناء السلام الرسمية وغير الرسمية.

وعلى الرغم من أن أفريقيا تضم كلاً من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، إلا أن معدلات الفقر لا تزال مرتفعة حيث أن غالبية النساء تعمل في وظائف غير آمنة وذات أجور زهيدة، كما أن المرأة  في أفريقيا تعاني من انتهاكات واضحة وصريحة خاصة انتهاكات ملكية الأرض وتنطوي الانتهاكات لحقوق ملكية المرأة للأرض وعدم مساواتها بالرجل في إفريقيا على سلبيات عديدة، فنتيجة تعرّض المرأة الإفريقية لانتهاك حقوقها وعدم تملكها للأراضي يؤدي ذلك إلى معاناتها الفقر واعتمادها على الرجل. وفي الدول التي تواجه معدلات مرتفعة للإصابة بمرض الإيدز، كما هي الحال في إفريقيا، فسيكون هناك مزيد من الشابات الأرامل، اللواتي يواجهن انتهاك حقوق تملكهن للأرض، وسيفقدن المأوى الذي يُعد أساسياً لاستمرار حياتهن. (2)

بالإضافة إلى العنف الجنسي الذي يتعرضن له النساء فإن حوالي 44٪ من النساء الأفريقيات يتعرضن للعنف القائم على النوع الاجتماعي. يبلغ المتوسط العالمي حوالي 30٪ ، ويشمل العنف القائم على النوع الاجتماعي العديد من أنواع الإساءة – من العنف الجسدي والجنسي والعاطفي إلى تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والاتجار بالبشر.

وعلى مستوي القيادة في المجتمع الأفريقي فالمرأة لا تزال المرأة تشغل فقط 25.7 في المائة من المناصب البرلمانية المتاحة، و 7.2 في المائة من المناصب على رأس الدولة، و 6.2 في المائة من المناصب على رأس الحكومة، و 21.3 في المائة من المناصب البرلمانية. مناصب مجلس الوزراء. في أفريقيا، وتشغل النساء حوالي 24 في المائة من المقاعد البرلمانية ويمثلان كلا الجنوب الأفريقي وشرق إفريقيا إلى حد كبير المعدلات المرتفعة لتمثيل المرأة في إفريقيا ، حيث تضم تمثيل المرأة في البرلمان 31 في المائة و 32.4 في المائة على التوالي. أما المناطق الفرعية الثلاث الأخرى فتتأخر بأكثر من 10 نقاط مئوية.

ثانيا: أثر التغير المناخي على المرأة في أفريقيا

تعني الطبيعة الشمولية لتغير المناخ أن كل شخص يتأثر على الرغم من أن البعض يتأثر أكثر من البعض الآخر. وفي القارة الأفريقية على وجه الخصوص فإن الأبعاد الجنسانية لتغير المناخ لها آثار تمتد خارج الحدود الريفية الحضرية لتؤثر على سبل العيش والأمن الغذائي للجميع وبالتالي ستساعد السياسة الجنسانية في هذا المجال في التخفيف من المخاطر التي تهدد سبل العيش والأمن الغذائي لكل من المزارعين وسكان الحضر المتزايدين.

وفي ظل الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في أفريقيا مما يضعف من مكانتها الاجتماعية وقجرتها على مواجهة التحديات كما تم التطرق إليه في الوضع الحقوقي لها في الدول الأفريقية وهذا جزءا لا يذكر من حجم الانتهاكات الأخرى التي تعاني منها مما يحد من قدرتها على النهوض ومواجهة التغيرات المناخية.

ونظرا للفقر الذي تعاني منه الأسر الأفريقية فعندما تضرب الكوارث المناخية يهاجر الرجال في الأسرة إلى المدن بحثًا عن عمل تاركين النساء وراء دور الرعاية الأولية. ففي جنوب إفريقيا تضم معظم المقاطعات الريفية في الكاب الشرقية وليمبوبو غالبية الأسر المعيشية التي تعولها نساء – وهو ما يعكس الحركة المحدودة للمرأة. (3)

وفي دولة شمال مالي ثبت أن ضعف المرأة يزداد عندما يهاجر الرجال من أجل العمل وهي حقيقة تتفاقم بسبب حقيقة أن النساء المتروكات لم يكن لديهن حقوق الرجال في ضمان حيازة السيطرة على الموارد القابلة للاستبدال. علاوة على ذلك يمكن أيضًا تضخيم آثار الكوارث بسبب الافتقار إلى المنظور الجنساني في الاستجابة الإنسانية وعمليات التعافي حيث تواجه النساء على سبيل المثال صعوبات في إثبات ملكية الممتلكات أو التمييز عندما تطالب السلطات بتوزيع الممتلكات والأصول من خلال أرباب الأسر الذكور.

كما تهيمن النساء في إفريقيا على الاقتصاد غير الرسمي في تصنيع الأغذية على نطاق صغير ، وزراعة الكفاف ، وتجارة المواد الغذائية الصغيرة. في 46 من أصل 53 دولة أفريقية ، تمثل النساء 40٪ أو أكثر من القوى العاملة الزراعية، بينما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تشكل النساء 60-80٪ من المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة. هذه وظائف محفوفة بالمخاطر – غير رسمية، بدون عقود أو ضمان للدخل – ذات دخل منخفض و / أو مكاسب إنتاجية في ضوء ضعف القدرات على التكيف مع تأثيرات تغير المناخ. نظرًا لأن المرأة مسؤولة إلى حد كبير عن الاهتمام بالبيئة الطبيعية حيث تؤثر أنماط هطول الأمطار ودرجات الحرارة المتغيرة على أنماط الإنتاج فإن مستويات الفقر وانعدام الأمن الغذائي في المناطق الريفية آخذة في الازدياد.(4)

ولا شك أن النساء والفتيات يحتلن أدنى المستويات الاقتصادية في جميع أنحاء أفريقيا ومن المرجح أن تعمل النساء في إفريقيا لحسابهن الخاص في القطاع غير الرسمي مما يعني أنه من غير المرجح أن يحصلن على أجر منتظم. النساء اللائي يحصلن على أجر منتظم من خلال العمل الرسمي يشغلن 4 من كل 10 وظائف لكنهن يكسبن في المتوسط ​​ثلثي راتب زملائهن الذكور. كما أن الشابات الأفريقيات أكثر عرضة للبطالة من الشباب الأفريقي. علاوة على ذلك تقوم النساء في إفريقيا بأكثر من ثلاثة أضعاف حجم أعمال الرعاية التي يقوم بها الرجال.(5)

وبعد وقوع كارثة طبيعية يقع عبء المسؤولية أيضًا بشكل غير متناسب على عاتق النساء. وغالبًا ما يُتوقع من النساء رعاية المرضى والجرحى مع الحفاظ على الأعمال اليومية. أثناء نقص الإمدادات الغذائية، قد يُتوقع من النساء والفتيات أن يأكلن أخيرًا مما يؤدي إلى سوء التغذية في أحسن الأحوال والمجاعة في أسوأ الأحوال، وعندما يتم إيواء اللاجئين في ملاجئ مؤقتة يمكن أن تواجه النساء مخاطر متزايدة من العنف القائم على النوع الاجتماعي والاعتداء الجنسي والاتجار بالبشر.(6)

كما انه في أعقاب الكارثة تتعطل أنظمة الإبلاغ أو الدعم للنساء مثل العيادات الصحية والملاجئ (عادة ما تكون غير كافية في أفضل الأوقات). ولذلك فإن الأمهات الحوامل والمرضعات معرضات بشكل خاص أثناء وبعد أي صدمة طبيعية أو كارثة طويلة الأمد إلى جانب الأطفال الرضع.

ثالثا: مقترحات الحد من مخاطر التغير المناخي على المرأة

  1. تتطلب معالجة القضايا الملحة في إفريقيا وضمان النجاح المستقبلي للقارة المشاركة مع النساء وإشراكهن في جميع مستويات القيادة على مستوى العالم.
  2. في جميع أنحاء أفريقيا تمثل النساء والفتيات نصف مليار من فقراء الريف مع فرص ضئيلة أو معدومة لملكية الأراضي والائتمان المالي والتكنولوجيا والبنية التحتية. وعلى الرغم من هذه التحديات فإنها تلعب دورًا كبيرًا في إنتاج الغذاء والحفاظ على التنوع البيولوجي والابتكار الزراعي وكحافظين على أنظمة المعرفة التقليدية، لذلك من الأهمية بمكان أن تقوم الحكومات الأفريقية والمنظمات غير الحكومية بتطوير واعتماد سياسات الإنذار المبكر وآليات التمويل التي تعترف بالتأثيرات غير المتكافئة للكوارث الطبيعية على النساء.
  3. المساواة بين الجنسين هي قضية رئيسية لإدارة مخاطر الكوارث حيث أن المساواة بين الجنسين أمر بالغ الأهمية لأن النساء هن الأكثر ضعفاً ولكنهن أكثر مسؤولية عند وقوع الكارثة.
  4. يجب على الحكومات والمخططين والاستراتيجيين اعتماد تدابير التخطيط التي تقر وتضفي الطابع الرسمي على مشاركة المرأة في إدارة الكوارث واستراتيجيات المخاطر. ويجب عليهم تعزيز جمع البيانات التي تهدف إلى تصنيف العمر والجنس لفهم ما يصلح وما لا يصلح.
  5. يجب أن تدرك الحكومات الأفريقية أهمية وجود تأمين ومحاسبة للأمن الغذائي ومخاطر الكوارث في ميزانياتها. والنساء الأفريقيات أيضا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لإيجاد طرق مستدامة لتوفير تمويل أقساط للبلدان والشعوب – لا سيما النساء والفتيات – التي لا تزال تتأثر بشكل كبير بتغير المناخ.

المراجع

  1. Makayla Collins, Women’s Issues and Development Issues – One and the Same, at: https://2u.pw/XfCFC
  2. Relief web, Women’s Rights in Africa, at: https://2u.pw/rKbn8
  3. HRW, Africa: End Rights Abuses Against Girls, at: https://2u.pw/Bcb7S
  4. UN Women, African women to play key roles in mitigating impacts of climate change, at: https://2u.pw/Q8LUg
  5. International Growth Center, Where are African women in climate change policy?, at: https://2u.pw/f9GL6
  6. Frontiers, Climate Change and Gender in Africa: A Review of Impact and Gender-Responsive Solutions, at: https://2u.pw/21N4U
5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى