الدراسات البحثيةالمتخصصةالمرأة

تطور مشاركة المرأة العربية سياسيا منذ 2011: دراسة حالة المشاركة السياسية للمرأة في مصر

إعداد : مايسة خليل حسن السيد – باحثة دكتوراة في العلوم السياسية_ كلية السياسة والاقتصاد_ جامعة السويس – مصر 

  • المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمة :

تعد قضية المشاركة السياسية للمرأة العربية من أبرز القضايا المثارة ذات الاهتمام الأكاديمي والحكومي في أعقاب الاحتجاجات الشعبية التي عمت عدة دول عربية منذ 2011, كما كان الحال في تونس مرورا بمصر وسوريا واليمن وليبيا, الأمر الذي لم يكن على تلك الوتيرة في فترات حكمت فيها الأنظمة السياسية التي استأثرت بالحكم, وهمشت دور المرأة وساهمت في ضعف استغلال قوة المرأة وتفعيل قدراتها ضمن موارد المجتمع, وتفاوتت الانظمه السياسية العربية حينها من اعتماد أسلوب المشاركة السياسية للمواطنين بإرادة حرة طوعيه وقانونية, وبعض الانظمه السلطوية التى قد تتحمل بعض انماط المشاركة السياسية, من اجل استيعاب الاحباط المكبوت لدى المواطنين أو لتجميل صورتها أمام العالم, ولم يكن لتسهيل الأوضاع على المرأة اجتماعيا واقتصاديا للنهوض بمستويات مشاركتها سياسيا بمعدلات تضمن ادماجها في مؤسسات الدول في ضوء التوزيع العادل للموارد السياسية.

تعتبر قضية مشاركة المرأة العربية سياسيا لما لها من أبعاد ثقافية واجتماعية خاصة, تبدو أنها تقف حائلا بين زيادة معدلات المشاركة السياسية للمرأة العربية وبين تقبل المجتمع العربي من ناحية والانظمة السياسية من ناحية أخرى لتلك المشاركة بالأساس, وهو ما شكل حقلا خصبا لدى الباحثين لدراسة تلك المعوقات, وطرح العديد من التوصيات البحثية التي تساعد على فهم طبيعة وخصوصية التحولات السياسية للأنظمة العريبة, وتقبلها للتغيير بالأساس وربطه بمدى تطور إدراك الأنظمة السياسية العربية نحو الدفع بمشاركة المرأة سياسيا ضمن قوى وموارد الدول التي من الممكن أن تحقق تغييرا في التطور السياسي والاقتصادي ككل, حيث تعكس مشاركة المرأة في الحياة السياسية طبيعة النظام السياسي والاجتـمـاعي لأية دولة، وتعد دليلاً على انفتاحه ومدى تمسكه بمـبادئ العدالة والمساواة.

شهدت المرأة المصرية تغيرا إيجابيا نحو تبني النظام السياسي قضية الدفع بالمرأة نحو العمل العام منذ 2014, وذلك على المستوى التشريعي وعلى مستوى الآليات التنفيذية, وذلك إيمانا من النظام السياسي بدور المرأة المصرية الفاعل بصفة دائمة مع الدولة والسياسة, والقوى السياسية و الاجتماعية والتيارات الفكرية والسياسية، كما  برز تفاعل المرأة المصرية مع مشكلات وهموم الوطن والمجتمع ككل، منذ ان انتظمت في أطر تطوعية, من خلال الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني منذ فترات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى، مرورا بثورتين مجيدتين في 2011, 2013, حيث تصدرت المرأة الصفوف بجانب الرجل مطالبة بحقوقها وحرياتها وتفعيل دورها السياسي.

الإشكالية البحثية.

تعد درجة ومستوى المشاركة السياسية للمرأة أحد أبرز صور نمو الأنظمة السياسية والمجتمعات, وهي احدى النداءات المتكررة لأصوات الشعوب العربية بصفة عامة التي خرجت في احتجاجات واسعة في 2011, وبخاصة مصر التي تلاحقت عليها جملة من التغييرات السياسية المتلاحقة منذ 2011, حتى تبلورت ملامح دستورية وتشريعية شكلت دافعا فعالا نحو تبني خطط قومية شاملة للدفع بالمرأة المصرية في مجال الحياة السياسية والعامة بصورة أكثر صدقا, دون استخدام ملف المرأة كصورة ديكورية لتجميل وجه النظام السياسي كما فيما قبل 2011, وحتى مرحلة الإقصاء شبه التام في مرحلة صعود التيارات الدينية ذات الفكر المتشدد للحكم في 2012.

يمكن بلورة التساؤل الرئيس كالتالي:

ما طبيعة تطور مستويات المشاركة السياسية للمرأة العربية منذ 2011؟ وإلى أي مدى وصلت نسب المشاركة السياسية للمرأة المصرية منذ 2014 في ضوء مؤشرات التمثيل النيابي وتقلد الوظائف العليا؟

وللإجابة على التساؤل الرئيس تتفرع الأسئلة الفرعية التالية:

أولا: ما دوافع اهتمام النظم السياسية العربية بقضية المشاركة السياسية للمرأة منذ 2011؟

ثانيا: كيف تفاعل النظام السياسي المصري مع قضية المشاركة السياسية للمرأة منذ 2011؟

ثالثا: ماذا حققت الدولة المصرية على مستوى درجة المشاركة السياسية للمرأة في التمثيل البرلماني والصعود للمناصب السياسية العليا منذ 2014؟

أهمية الدراسة.

تحقق الدراسات الأكاديمية لقضايا تنمية المجتمع خاصة قضايا المرأة ثراء فكريا, نحو توجبه الطاقات البحثية لتحليل أوضاع المجتمعات التي تمر بظروف استثنائية في مقتبل عملية التحول نحو الديمقراطية, خاصة مع محدودية الدراسات العلمية التي تطرقت لمعالجة إشكاليات التنمية السياسية في المجتمعات العربية حتى الآن, بعيدا عن الأطر النظرية الغربية التي قد لاتنسجم مع خصوصية المجتمعات العربية ثقافيا وفكريا ودينيا.

على المستوى العملي, استطاعت بعض الدول العربية التي طالتها تغيرات سياسية ما بعد الفوران الشعبي الثوري ومنها الدولة المصرية منذ 2014, من احداث حراكا مجتمعيا وثقافيا نحو الدفع بالمرأة نحو المشاركة السياسية الفعالة, الأمر الذي انعكس إيجابيا على تحقيق نسب ومستويات غير مسبوقة تاريخيا على مستوى التمثيل النيابي للمرأة وتقلد المناصب السياسية العليا, مما يعطي نموذجا متفائلا نحو التوجه المصري الذي يتبنى مباديء العدالة والمساواة, بصورة أفقية ورأسية توفر مناخا صحيا بصورة نسبية لتقبل أكبر للدور الهام للمرأة في تنمية المجتمعات سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا, إلا ان الاهتمام الأكبر يجب أن ينحصر في تكوين كوادر نسوية فاعلة ومؤثرة داخل المجتمع لتكون أكثر قبولا في العملية التنافسية لتبوأ المناصب السياسية.

أهداف الدراسة.

تهدف الدراسة إلى بحث درجة اهتمام النظم السياسية العربية بقضايا المرأة منذ 2011, وطبيعة التفاعلات الدينامية التنظيمية التي أثرت على ذلك الاهتمام؟

تبحث الدراسة التطور الدستوري والتشريعي للدفع بمستويات المشاركة السياسية للمرأة المصرية منذ 2011.

كما تهدف الدراسة إلى بحث معدلات نسب التمثيل البرلماني للمرأة في مصر منذ 2014, بالإضافة إلى مستويات صعودها إلى المناصب السياسية العليا, والخروج بتوصيات عملية تساهم في تحقيق التغيير المطلوب بصورة نوعية وكمية على السواء.

منهج الدراسة.

يمكن فى هذه الدراسة الاستعانه بكل من المناهج التالية:

أولاً:المنهج المؤسسي-القانوني: حيث تكون الدولة هي وحدة التحليل السياسي باعتبارها مجموعة من المؤسسات الدستورية والسياسية, ويبين الدستور أسلوب ممارسة السلطة من خلال تلك المؤسسات،كما يبين الكيفية التي تتشكل على وفقها تلك المؤسسات وطبيعة الاختصاصات التي تمارسها وعلاقتها مع بعضها وعلاقاتها مع المواطنين وكل ذلك يحدد شكل نظام الحكم،والمرجع في ذلك كله القواعد الدستورية- مدونة أو عرفية-وبالتالي تنحصر الدراسة وفق هذا المنهج في إطار دستوري وقانوني ،ولكن هذا هو المنهج المؤسسي التقليدي،أما المنهج المؤسسي الحديث فهو منهج يهتم بجوانب أخرى يتعلق بتفاعل المؤسسة مع بيئتها ومن ثم أدخلت في حساباتها السياقات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والتاريخية التي تعمل فيها المؤسسة،والأخيرة هي جوهر التقدم.

ويهتم هذا المنهج بـ:1-الهدف 2-التوظيف 3- البنية-4-الاختصاصات 5-العلاقة 6-الثقل النسبي 7-الأدوار 8-التغير.[1]

ثانيا-المنهج النظمي(System): يعد هذا المنهج من أكثر المناهج شيوعاً في دراسة النظم السياسية، كما أن المناهج الأخرى مثل منهج الاتصال والمنهج المؤسسي والمنهج البنائي/ الوظيفي- تعتمد على الكثير من الأفكار والتصورات المستعملة في هذا المنهج, والنظام هو وحدة التحليل،وعلى ذلك استعمل (ديفيد ايستون) هذا المفهوم (System) باعتباره مجموعة من العناصر المتداخلة والمترابطة والمتفاعلة بنائياً ووظيفياً وبشكل منتظم وأي تغير يطرأ على أي عنصر يؤثر على سائر عناصر النظام،وعلى ذلك عرف النظام السياسي على أنه:(مجموعة من التداخلات أو التفاعلات السياسية المستمرة في مجموعة سياسية معينة،فالنظام هو جزء من كل اجتماعي يدخل في علاقات معقدة مع البناء الاجتماعي المتكامل), استعمل ديفيد ايستون لفظ النظام “system”بإعتباره مجموعة من العناصر المتداخلة المتفاعلة بنائيا ووظيفيا وبشكل منتظم وأي تغير يطرأ على أي عنصر يؤثر في سائر عناصر النظام, وبهذا نستنتج إن لفظ نظام تطرأ على كل ما هو سياسي وغير سياسي (نظام سياسي_نظام إقتصادي…وهكذا)وبهذا يمكن الحديث عن  الحياة السياسية الداخلية كنظام للسلوك وأيضا على التفاعلات السياسية الدولية.تشير فكرة النظام ذاتها إنه يمكن فصل النشاط السياسي عن بقية النشاطات الاجتماعية على الإقل لأغراض التحليل وبتالي فإن  حدود النظام السياسي تتمثل في كل إجراء يرتبط بشكل أو بأخر بإتخاذ إجراءات ملزمة وما دون ذلك يعتبر متغير خارجي عن النظام.[2]

والنظام السياسي  المصري لا يحيا في فراغ بل مغمور دائما في بيئة يتفاعل معها بموجب قانون الفعل ورد الفعل وهذا لا يتعارض مع النقاط التصورية لحدود النظام والطريقة التي يعمل بها النظام التي ستكون جزء منها وظيفة لإستجابة البيئة الاجتماعية والبيولوجية والفزيائية الكلية, كما حدث إبان تلك التطورات السياسية والثقافية والاجتماعية المتلاحقة منذ 2011, كما ان التفاعل سواء فيما بين الوحدات المكونة للنظام السياسي المصري أو بين النظام ومحيطه يصل إلى درجة الإعتماد المتبادل بمعنى أن أفعال وحدة ما بداخله تؤثر على باقي الوحدات, وأن التغيير في البيئة يؤثر على النظام وأن أفعال النظام تؤثر في البيئة.[3]

إن الهدف الأعلى لأي نظام سياسي هي البقاء والإستمرار, وهو ما فطن إليه النظام السياسي المصري منذ 2014, وبذلك عندما يتلقى ضغوط مختفلة من البيئتين الداخلية والخارجية فإنه يحاول إتخاذ قرارات وسياسات للتأثير عليها وإخضاعها لإحتياجاته ومصالحه وأهدافه وهو في ذلك يقوم بعملية شبه ديناميكية للتكيف مع الضغوط المختلفة ونصل إلى أن الاستقرار لا ينفي التغير بل التغير مرادف للتكيف, لذا يتكون النظام السياسي– لدى ايستون- من:

  • المدخلات:وهي الضغوط والتأثيرات التي يتعرض لها النظام السياسي وتدفعه للنشاط والحركة،وهذه المدخلات تنبع من البيئة الداخلية،فحصول أزمة اقتصادية أو تغير في القيم الثقافية يؤثر حتماً على النظام السياسي،والمدخلات تقسم إلى:مطالب(عامة أوخاصة) ومساندة(تأييد وولاء وتمويل وما إلى ذلك).
  • عملية التحويل: وهي عملية استيعاب للمطالب في أبنية النظام التشريعية والتنفيذية، ومن ثم غربلتها لتحويل البعض منها إلى قرارات.
  • المخرجات:وهي عملية استجابة للمطالب الفعلية أو المتوقعة ومن ثم اصدار قرارات أو تبني سياسات، وقد تكون بشكل ايجابي أو سلبي أو رمزي،ايجابياً من خلال تلبية المطالب،وسلبياً اللجوء لأساليب قمعية لردع المطالبين،ورمزياً من خلال تقديم الوعود أو إثارة مشاعر الخوف من مخاطر تهديد خارجي أو داخلي.
  • التغذية الاسترجاعية:وتشير إلى عملية تدفق المعلومات من البيئة إلى النظام السياسي عن نتائج سياساته وقراراته،وبالتالي فهي عملية تفاعل بين المدخلات والمخرجات،ومن ثم تصحيح مسار النظام السياسي.

قدم نموذج إيستون لتحليل النظم منهجا قادرا على تفسير السلوك السياسي للنظام السياسي بناء على آلية ميكانيكية مدخلات المطالب.

تعتبر المطالب الداخلة إلى النظام السياسى واحدة من أبرز مصادر الضغط عليه، حيث أنه من الممکن أن تمثل المطالب خطرا محتملا على بقاء أى نوع من أنواع الأنظمة, وتؤثر المطالب بشکل مباشر على قدرة النظام على توزيعه السلطوى للقيم، وفى هذا الإطار هناك نقطتان أساسيتان: أولا: يتوقف حجم الضغط المتولد عن المطالب على نوع النظام. حيث تتفاوت قدرة النظم على مقاومة الضغط والاستجابة للمطالب، وثانيا: طريقة استجابة النظام للمطالب تحدد طبيعة المخرجات اعتمادا على حجم الضغط المتولد عن المطالب. [4]

وفي حالة النظام السياسي المصري, تعالت المطالبات والضغوط الخارجية والداخلية للدفع قدما بمعدلات مشاركة سياسية مقبولة للمرأة منذ 2011, مع تبلور دفع حقيقي وداعم بشكل كبير منذ 2014, في وجود قيادة سياسية متبنية تلك المطالبات, وإيمانا بقدرة المرأة على إحداث تغيير في المجتمع, وكرد لجميل المرأة على مواجهة العديد من التحديات التي خاضتها مصر الذي وصل ذروة الإقصاء والتهميش إبان صعود التيارات الدينية المتشددة للحكم في 2012.

ثالثا: اقتراب دراسة الحالة

اتفق علماء الاجتماع في الولايـات المتحـدة الأمريكيـة علـى أن دراسـة الحالـة تعتـبر مـنهج مـن منـاهج البحـث ولا يختلـف مـن حيـث إجراءاتـه عـن المنـاهج الأخـرى، وهـذا المـنهج يقـوم علـى جمـع البيانـــات بشـــكل متعمـــق عـــن أي وحـــدة اجتماعيـــة ســـواء كانـــت هـــذه الوحـــدة فـــرد أو جماعـــة مؤسسة.[5]

تفيـد دراسـة الحالـة في الحصـول علـى معلومـات تفصـيلية وشـاملة عـن المؤسسـات أو النظـام أو الأفـراد, وهذا ما سيتم تطبيقه على مصر.

ب. لا يقتصر دراسة الحالة المصرية على تقريـر مـا هـو واقـع أو دراسـة الحالـة الراهنـة  للنظام السياسي المصري, لكنهـا تعتمـد أساسـا علـى التعمق في تفصيلات الحالة يساعد على اختيار التساؤلات وتقديم النتائج بشكل أدق, بالإضافة إلى استرجاع تاريخ الحالة وتتبع مراحلها المختلفة.

تنقسم الدراسة إلى ثلاثة محاور رئيسية:

أولا: الإطار التنظيمي للرؤية العربية تجاه قضية المشاركة السياسية للمرأة منذ 2011.

ثانيا: المشاركة السياسية للمرأة المصرية بين الدعم الدستوري وتحديات المعالجات التشريعية منذ 2011.

ثالثا: نتائج الرؤية العملية لمعالجة النظام السياسي المصري لمستويات المشاركة السياسية للمرأة في ضوء نسب التمثيل البرلماني وتقلد الوظائف العليا منذ 2014.

  • أولا: الإطار التنظيمي للرؤية العربية تجاه قضية المشاركة السياسية للمرأة العربية منذ 2011.

لا يخلو تاريخ الحركة النسوية العربية والنضالات الديمقراطية منذ 2011 من التداخل وربما أيضا التقاطع, فالحركة النسوية العربية تعتبِر أن مطالبها متطابقة مع النضال الذي يدعو إلى التحول نحو الديمقراطية، لكن يبدوا أن العكس ليس صحيحاً, من الملاحظ في الأوساط التي توصف بالديمقراطية، أن مسألة النسوية لم يفصل فيها بشكل واضح تمامًا, وإذا كانت التصريحات الرسمية للأنظمة السياسية العربية تتجه نحو دعم المطالبات النسوية، فإن هذا الدعم يبدو متواضع وخافت ميدانيا تاريخيا وشواهده لا يمكن انكارها، كونه يضر بذلك الاتحاد التاريخي بين القوى المعارضة للأنظمة، بمختلف اتجهاتها الأيديولوجية، بل حتى بين الفئات التي يفترض أنها تشكل حلفائها الطبيعيين، في إطار مفهوم مشترك للتقدم الاجتماعي العربي، فتجد الناشطات النسويات صعوبة كبيرة في تبني قضيتهن, وسواء كان نشاطهن داخل هياكل الأحزاب أو مستقلات، وسواء يفضلن نهجًا إصلاحيًا أو يدافعن عن موقف ثوري، فلا خيار أمامهن، ولا مناص من تعاملهن باستمرار مع فاعلين سياسيين، لا يمكن اعتبارهم متعاطفين فعليا مع قضيتهن أو ملتزمين بها. [6]

أفرزت مرحلة الثورات العربية منذ 2011 حالة فريدة وشديدة التعقيد, بلغت مبلغا من انتاج مفرداتها الخاصة من الناحية القانونية والتنظيمية, كما هيأت المناخ لإشراك فاعلين جدد في الحياة العامة والسياسية والثقافية, ومنهم المرأة العربية التي تصدرت المشهد حينها, ونحن بصدد تلك المرحلة كان من الضروري إدراك الأنظمة السياسية العربية من أن الديمقراطية الفعلية تحتاج خلال مراحلها التأسيسية والانتقالية إلى تعزيز مشاركة كل الفئات والطوائف في المجتمع وبخاصة الفئات المهمشة كالمرأة.

يتناول المحور رؤية جامعة الدول العربية باعتبارها المنظمة الجامعة للأنظمة السياسية العربية التي تتحرك وفق إرادة الدول العريبة فيما يخص قضية المشاركة السياسية للمرأة وبحث تجاهل النساء في الترتيبات السياسية، وكيف كان وجودهن في أعلى المستويات الحكومية أقل مما ينبغي,  والذي وضح جليا في المشاركة المنخفضة جداً للنساء في الحكومات الانتقالية كما في مصر, بالرغم من بذل المرأة العربية أقصى جهدها لدعم التحولات الديمقراطية وشاركت بأعداد كبيرة في جميع الانتخابات, ومع ذلك لم تلق النتيجة المرجوة فيما بعد المراحل الانتقالية.

أ_ المشاركة السياسية للمرأة العربية بين القانون وعوائق الفعالية.

على المستوى السياسي ظلت المرأة العربية ولفترة طويلة بعيدة عن هذا المجال، حيث لم يسمح بالمشاركة السياسة للمرأة وتحديدا التصويت إلا في خمسينات وستينات القرن الماضي. ونفس الوضع عاشته حتى بعض الدول الغربية، ولكن في الوقت الذي تطورت فيه مشاركة المرأة السياسية في الغرب، تأخرت المرأة العربية كثيرا في الحصول على العديد من الحقوق كالحق في الترشح. وظل ينظر إليها على أنها كائن غير سياسي، ولا يتم الاهتمام بها إلا في فترة الاستحقاقات الانتخابية من أجل الحصول على صوتها مع إقصائها من طرف الأحزاب وأيضا من طرف المنتخبين، ولم تتمكن المرأة من الوصول إلى مناصب مهمة في المجالس المنتخبة ولا في المراكز القيادية إلا مؤخرا، وهو ما ستحاول عدد من الدول العربية تجاوزه بالاعتماد على نظام الحصص أو ما يعرف بالكوتا بدول كالمغرب والأردن والعراق ومصر, وهي التقنية التي سمحت للمرأة الدخول إلى المعترك السياسي. ولكن استمرار غياب المرأة عن المشاركة السياسية سواء بالتصويت أو الترشح أو تقلد المناصب السياسية ظل حاضرا إلى يومنا هذا.

ويمكن القول أن المعضلة لا تكمن فقط في وجود قوانين أو التصديق على توصيات ومعاهدات دولية. ولكن المشكلة أكبر من ذلك, فهي تكمن في أنماط السلوك التقليدية والعقلية التقليدية السائدة والمسيطرة على البنيات الاجتماعية العربية، والتي تعتبر حتى الحديث عن موضوع وضعية المرأة وحقوق المرأة من الأمور التي لا تستحق الدراسة أو حتى الحديث عنها.[7]

تمتعت المرأة العربية بالحقوق السياسية التي تكفلها دساتير الدول وتشريعاتها, التي وجدت بعضها الضرورة لنص ملزم بوجوب تخصيص نسبة معينة من المقاعد البرلمانية للمرأةكما ينص دستور العراق ومصر والأردن والجزائر وسوريا, وهوما يعد اتفاقا جمعيا بين الدول العربية على حماية حقوق المرأة سياسيا والتشديد على تفعيل دورها الحقيقي في الممارسة السياسية لكل أوجه أنشطة المشاركة السياسية مثل الحق في الاقتراع والترشح وحق تولي المناصب والوظائف العامة.

كما خصت المرأة بكفالة الدساتير العربية وتشريعاتها بحق المشاركة السياسية بجانب الحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي أقرتها الاتفاقيات الدولية, وأضحت المشاركة السياسية معيار حقيقي لقياس الديمقراطية لأنظمة الحكم في أي دولة, إذ يعبر عن الواجهة الحقيقية لأي نظام, ومدى تناغمه أو تنافره مع مباديء الحرية والمساواة, فلا حرية بلا مساواة ولا مساواة بدون مشاركة فعلية وفعالة, حسبما اتفقت المفاهيم التي تناولت المشاركة السياسية كأحد مؤشرات الديمقراطية.[8]

والقاعدة الأساسية أن الأحكام المتساوية تصلح لإقامة العدل بين المتساوين, لكن الأحكام المتساوية لا تحقق النتيجة نفسهخا اذا ما طبقت على غير المتساوية أصلا بحكم عوامل واقعيةذات تأثير لا يمكن إغفاله مما اقتضى معالجات خاصة أباح اتخاذ تدابير استثنائية تهدف إلى معالجة الخلل ووضع المرأة والرجل في حلة مساواة واقعية وليست مفترضة.[9]

واذا انطلقنا من المفهوم العام للمشاركة السياسية بأنها” هي المشاركة في صنع القرار السياسي والإداري والتحكم في الموارد على كافة المستويات, وهي سلوك مباشر او غير مباشر يلعب بمقتضاه الفرد دوراً في الحياة السياسية لمجتمعه بهدف التأثير في عملية صنع القرار، كما انها من آليات الديمقراطية في المجتمع التي تتيح إعادة تركيب بنية المجتمع ونظام السلطة فيه.لذلك هي أساس الديمقراطية وتعبير عن سيادة الشعب، وترتبط المشاركة السياسية بالإهتمام بالشأن العام وبمشاركة المواطنين والمواطنات في إنجازه، وبالتالي فهي تعبير للمواطنة ويجب ان تقوم على الحقوق المتساوية للجماعات وللنساء وللرجال على قدم المساواة وبإمكانية التمتع وممارسة هذه الحقوق.

ان مشاركة النساء في الحياة السياسية من أهم عناصر العملية الديمقراطية في بلد ما وهي تعكس طبيعة النظام السياسي والإجتماعي في الدولة ، وعليه فإن ضعف الآليات والقوى الديمقراطية في المجتمع يساهم في تهميش مشاركة المرأة السياسية ؛كما تقاس درجة نمو المجتمعات بمقدار قدرتها على دمج النساء في قضايا المجتمع العامة والخاصة،وتعزيز قدراتهن للمساهمة في العملية التنموية فيه.

الجدير بالذكر ان المجتمعات التقليدية كالمجتمعات العربية أكثر ميلاً للإعتراف بحقوق المرأة السياسية مقارنة بإمكانية اعترافها بحقوق المرأة الإجتماعية والإقتصادية، مما يعني إن هناك إمكانية لوصول المرأة الى مراكز صنع القرار ولكن قد يترافق مع فرض حصار عليها ليكون وجودها شكلي أكثر مما هو عملي إذ ما ان تدخل المرأة في الحياة السياسية حتى تبدأ القيود تزداد عليها لتحافظ على منظومة العادات والتقاليد وسطوة المجتمع الذكوري.

وتتحقق المشاركة السياسية على المستويات التالية:

المستوى الفردي, مستوى العائلة, مستوى المجتمع الأهلي, مستوى المجتمع المدني, مستوى السلطات المحلية,مستوى السلطات الوطنية, المستوى الدولي.

أما على مستوى الحياة العامة (تدبير الشأن العام) تتخذ المشاركة السياسية عدة مستويات:

المستوى الأول: هو المستوى المنوط بالسلطة بموجب قوانين وتشريعات ولوائح محددة فإن بعض الأشخاص يتمتعون بحقوق معينة تتيح لهم التدخل مباشرة في صنع القرار ورسم السياسات.

المستوى الثاني: مهو مستوى الذي يستطيع ان يؤثر في عملية صنع القرار من خلال نفوذ معين(إقتصادي او سياسي اوأحزاب).

المستوى الثالث: وهو مستوى المواطن العادي الذي يؤثر في القرار من خلال صوته الإنتخابي(المشاركة بشكل غير مباشر والتأثير والضغط على واضعي السياسات والقرارت) ،لذلك لا بد لأفراد من تنظيم انفسهن في تجمعات او هيئات لتشكيل قوى ضاغطة, مع الإشارة إلى إنه لا بد من توفير أجواء من الحرية والديمقراطية قادرة على ضمان مشاركة الجميع.

مراحل المشاركة السياسية:

تمر المشاركة السياسية بدرجات او مراحل تبدأ بالإهتمام بالشأن العام او السياسي, ثم تتطور الى الإنخراط السياسي, ثم تتحول الى القيام بنشاط سياسي, وأخيراً تنتهي بالوعي بضرورة تحمل المسؤوليات السياسية وتعاطي النشاطات السياسية وكل أشكال العمل والنظال السياسي, هذه المراحل هي تعبيرات مختلفة للمواطنة وتتطلب تطوير المعرفة والإعتقادات السياسية وتدعيم “الثقافة السياسية” والعمل على التنمية السياسية في المجتمع.[10]

ب_  نشأة منظمة المرأة العربية واستراتيجية النهوض بالمرأة العربية 2030.

انطلقت وتأسست منظمة المرأة العربية باعتبارها الآلية التي ارتضاها العرب التي تختص بشئون المرأة العربية, من أجل تحقيق تكامل واندماج الرؤى العربية مع المنظومة الأممية, وهي منظمة حكومية تعمل في إطار جامعة الدول العربية ومقرها جمهورية مصر العربية. ولقد وافق مجلس الجامعة على إنشاء المنظمة انطلاقاً من “إعلان القاهرة” الصادر عن مؤتمر قمة المرأة العربية الأول المنعقد في نوفمبر 2000 استجابة لدعوة من السيدة سوزان مبارك، وبتنظيم مشترك بين المجلس القومي للمرأة بمصر ومؤسسة الحريري بلبن فإن حكومات الدول أعضاء جامعة الدول العربية الموقعة على هذه الاتفاقية 19 دولة.[11]

يعد انشاء المنظمة العربية للمرأة  إدراكا للمكانة التي تتمتع بها المرأة صانعة الأجيال ومربيتها، وللدور الهام الذي تلعبه في إطار الأسرة باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع العربي, ورغبة في تعزيز التعاون فيما بين تلك الدول في مجال تطوير وضع المرأة العربية والارتقاء به, واقتناعا بأن تعزيز وضع المرأة العربية يعد ركيزة أساسية وعنصرا ضروريا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية للدول العربية وأهدافها القومية, وتأكيدا لأهمية التنسيق بين جهود وسياسات وخطط الدول العربية الرامية لتطوير وضع المرأة العربية وتعزيز إسهاماتها، وتحقيقا للتعاون والعمل العربي المشترك في هذا المجال الهام في إطار جامعة الدول العربية , وتمشيا مع ما يقضي به ميثاق جامعة الدول العربية من تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في كافة المجالات.

تهدف المنظمة بالأساس إلى المساهمة في تعزيز التعاون والتنسيق العربي المشترك في مجال تطوير وضع المرأة وتدعيم دورها في المجتمع , فضلا عن تحقيق تضامن المرأة العربية باعتباره ركنا أساسيا للتضامن العربي, تنسيق مواقف عربية مشتركة في الشأن العام العربي والدولي ولدى تناول قضايا المرأة في المحافل الإقليمية والدولية, وتهدف المنظمة إلى تنمية الوعي بقضايا المرأة العربية في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية والإعلامية, بجانب دعم التعاون المشترك وتبادل الخبرات في مجال النهوض بالمرأة, عبر إدماج قضايا المرأة ضمن أولويات خطط وسياسات التنمية الشاملة, وتنمية إمكانات المرأة وبناء قدراتها كفرد وكمواطنة على المساهمة بدور فعال في مؤسسات المجتمع وفي ميادين العمل والأعمال كافة وعلى المشاركة في اتخاذ القرارات, وذلك دون إغفال النهوض بالخدمات الصحية والتعليمية الضرورية للمرأة.[12]

  • استراتيجية النهوض بالمرأة العربية 2030.

أصدرت هيئة الأمم المتحدة أجندة التنمية 2030 فى سبتمبر 2017، وتتضمن 17هدف، ينص الهدف الخامس على تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات، ويتضمن الهدف تحقيق خمسة مقاصد من بينها كفالة مشاركة المرأة مشاركة كاملة وفعالة وتكافؤ الفرص المتاحة لها للقيادة على قدم المساواة مع الرجل على جميع مستويات صنع القرار فى الحياة السياسية والاقتصادية والعامة, وعليه تلتزم كل دول العالم بالأعلان عن خطط وطنية من أجل العمل على تحقيق أهداف التنمية.

وبناء على خطوة الأمم المتحدة أطلقت منظمة المرأة العربية استراتيجية النهوض بالمرأة العربية 2030, التي تقوم على المبادئ والأسس المشتركة بين الدول العربية ومن أهمها القيم الدينية والروحية التي توفر الكرامة الإنسانية والعدالة والحرية والمسؤولية للرجل والمرأة في المشاركة الفعالة في صناعة الحاضر والمستقبل.

تؤكد الإستراتيجية على اعتماد القيادات السياسية في كافة الدول العربية خططا للتنمية الشاملة تركز على الإنسان العربي باعتباره هدف التنمية النهائي ومحركها وصانعها والمستفيد منها, وهذا بمثابة إقرار الحكومات العربية بدور المرأة العربية باعتبارها شريكا أساسيا في التنمية وعائداتها فهي تمثل نصف الطاقة البشرية للمجتمع والتي لم يتم استثمارها بعد بشكل تام والاستفادة من مساهمتها , كما تعتبر مهام النهوض بالمرأة العربية جزءا لا يتجزأ من السعي نحو التكامل والتضامن العربي لمواجهة التحديات الصعبة التي يواجهها الوطن العربي.

تستند الإستراتيجية على أن التنمية الشاملة لا يمكن أن تتحقق أهدافها دون تكاتف وتكامل جميع جهود المجتمع بكافة قطاعاته الحكومية والخاصة والأهلية, فالنهوض بأوضاع المرأة العربية لا يمكن أن يتحقق بمجرد وضع استراتيجيات بل يجب أن يقترن بتوفير الإرادة السياسية التي تنشد التغيير وتوفر الإمكانات المادية والبشرية والأطر القانونية الكفيلة لتحقيقه وتذليل الصعوبات والمعوقات التي تواجهه.

تؤكد الإستراتيجية أن النهوض بالمرأة العربية يتطلب تمكين منظمة المرأة العربية كآلية إقليمية وتحت مظلة جامعة الدول العربية من تحقيق أهدافها الرامية الى تعزيز تضامن المرأة العربية باعتباره ركنا أساسيا للتضامن العربي وإدماج قضايا المرأة ضمن أولويات خطط وسياسات التنمية الشاملة وتنسيق المواقف العربية المشتركة في الشأن العام العربي والدولي ودعم التعاون المشترك وتبادل الخبرات في مجال النهوض بالمرأة.[13]

  • تونس كأبرز الأمثلة منذ ثورة الياسمين 2011.

قبل الثورة التونسية فى ٢٠١١، كانت النظرة السائدة إلى الحركة والتنظيمات النسائية على أنها جزء من النظام القائم, وبعد الثورة ازداد عدد وتأثير الحركات والتنظيمات النسائية، إلا أنها أصبحت تعانى من التنوع والانقسامات وغياب رؤية متسقة عن مكانة النساء فى المجتمع التونسى, ورغم مشاركة النساء بفاعلية فى ثورة الياسمين, إلا أن الرأى العام يرى التنظيمات النسائية بشكل إيجابى، وهذه الرؤية منتشرة أيضا بين قطاع من النساء التونسيات.[14]

وعربيا، تعتبر تونس نموذجا رائدا فى تحقيق المساواة النوعية وتمكين النساء, كما تحظى المرأة فى تونس بوضع حقوقى فريد من نوعه فى العالم العربى بفضل قانون الأحوال الشخصية الذي أصدره الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة سنة 1956, وسحبت القوامة من الرجل وجرمت الزواج العرفى وإكراه الفتاة على الزواج من قبل ولى أمرها، وتعدد الزوجات، وجعلت الطلاق بيد القضاء بعدما كان بيد الرجل ينطق به شفويا متى يشاء.

فى ٢٠١٤ صادق البرلمان التونسى بأغلبية ساحقة؛ ١٥٩ صوتا من أصل ١٦٩ ، على مادة فى دستورها الجديد تقر المساواة بين التونسيات والتونسيين فى الحقوق والواجبات, وأمام القانون, وفى الانتخابات التشريعية ارتفع تمثيل المرأة فى البرلمان من ٤٪ فى عام ١٩٩٠ إلى ٣١ ٪ فى عام ٢٠١٤, وهى النسبة الأعلى من مثيلاتها فى بريطانيا وفرنسا والواليات المتحدة, فعكست الإنجازات التى تم تحقيقها فى تونس صفات التدرج واالستمرارية والصمود أمام التحديات السياسية, وكل هذا يجعل من تونس نموذجا يستحق الدراسة فى مجال تمكين النساء.

وبالعودة لإحصاءات الانتخابات التشريعية التونسية عام 2014، تشير الأرقام إلى ترشح 5502 امرأة من بين 11 ألفا و686 مرشحا، أي بنسبة 47%، إلا أن ترأس النساء للقائمات بلغ 178 امرأة فقط من جملة 1327 قائمة مترشحة، أي بحوالي 12%، وكانت هذه النسبة نحو 7% في الانتخابات التشريعية عام 2011, مثلت المرأة التونسية بنسبة 29% في المجلس التأسيسي عام 2011، وبنسبة 31% في مجلس نواب الشعب عام 2014، في حين كانت نسبتها في برلمان عام 2019 نحو 24%.[15]

في أول انتخابات بعد الثورة سنة 2011 شاركت المرأة التونسية في الحياة السياسية وفي المرحلة الانتخابية بشكل كبير، وقد بلغت نسبة النساء الناخبات المسجلات إراديا 46 بالمئة, أما نسبة المترشحات على القائمات فقد بلغت 48 بالمئة, لكن رغم تقارب نسبة المترشحات من المترشحين فإنّ النساء شغلن فقط نسبة 27 بالمئة من المقاعد البرلمانية أي في حدود الربع،ورغم أنهن ساهمن بشكل كبير في صياغة الدستور الجديد للبلاد، ورغم إقرار مبدأ المساواة بين الجنسين في الدستور التونسي، إلا أن انتخابات 2014 بلغت نسبة النساء المسجلات في الانتخابات أكثر من 50 بالمئة، فيما بلغ عدد المترشحات حوالي 47 بالمئة، 12 فقط منهن ترأسن قائمات انتخابية، كما شاركت تونسية واحدة فقط 26 مترشحا في السباق نحو قصر قرطاج، وعلى الرغم من أن النساء يمثلن نسبة 47 بالمئة من المسجلين في قوائم الناخبين، إلا أنهن استبعدن من رئاسة القائمات الانتخابية لتمثل النساء فقط نصف القوائم الانتخابية، ولكن تحت رئاسة تكون في أغلبها لفائدة العنصر الرجالى، فالمتابع للترشحات للعملية الانتخابية وتحديد القوائم الانتخابية التي أعلن عنها خلال انتخابات 2014 يلحظ إقصاء المرأة التونسية من المعركة السياسية، سواء لدى الأحزاب التي طالما نادت بمبدأ المناصفة أوتلك الرافضة لتواجد المرأة.

فيما كان تواجد المرأة حتى في مناصب المديرين العامين للمؤسسات والإدارات لا يفوق نسبة ال5 بالمئة وهي نسبة ضئيلة جدا، إلى جانب غياب العنصر النسائي في قيادة الأحزاب، فقط حزب واحد قيادته نسوية، والاتحاد العام التونسي للشغل أكبر نقابة شغلية في البلاد لا يحتوي مكتبه التنفيذي  على العنصر النسائي أيضا، بل بقي حضورها قاعدي فقط ،و كان تمثيل النساء في القضاء تبلغ نسبتهنّ 42 بالمئة، لذا يجب أن تكون القوانين متناغمة مع نص الدستور وما نص عليه في فصوله (46) و(34 ) و(21) من ضرورة ضمان تمثيلية متناصفة بين الرجل والمرأة في جميع الهيئات المنتخبة التي يخلو بعضها من العنصر النسائي.[16]

ضربت الانتخابات التشريعية التونسية 2023 أكبر الأمثلة السلبية للمشاركة السياسية الشعبية التي عكست عزوف جماعي لأغلب التونسيين ممن يحق لهم التصويت, حيث انتهت الانتخابات التشريعية في تونس في الجولة الأولى ديسمبر 2022 بمشاركة هي الأضعف بعد الثورة، فمن جملة نحو 9 ملايين و100 ألف ناخب، لم يشارك -وفق معطيات هيئة الانتخابات- سوى نحو 11%, وقد نص القانون الانتخابي الجديد الذي أقره الرئيس التونسي قيس سعيد قبل شهرين من الانتخابات، على ضرورة ألا يكشف المرشحون عن انتماءاتهم السياسية، الأمر الذي أدى إلى غياب كامل لمشاركة الأحزاب,    بالإضافة إلى انعكاس مظاهر الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى تباطؤ النمو بنحو أقل من 3%، وارتفاع البطالة إلى أكثر من 15%، فيما تزداد مستويات الفقر الذي دفع 32 ألف تونسي إلى الهجرة بحرًا نحو إيطاليا بشكل غير قانوني عام 2022.

أعلنت الهيئة العليا للانتخابات في تونس في يناير 2023 ان نسبة المشاركة في الدورة الثانية للانتخابات النيابية لم تتجاوز 11,3% في استحقاق تعد نسبة المشاركة فيه المقياس الأساسي لنجاح مشروع الرئيس قيس سعيد ,وأدلى 887,638 شخصا بأصواتهم من مجموع 7,8 ملايين ناخب مسجلين بحسب النتائج الرسمية المعلنة وسيكون للمجلس النيابي الجديد عدد قليل جدًا من الصلاحيات، إذ لا يمكنه على سبيل المثال عزل الرئيس ولا مساءلته ويتمتع الرئيس التونسي بالأولوية في اقتراح مشاريع القوانين, ولا يشترط الدستور الجديد أن تنال الحكومة التي يُعيّنها الرئيس ثقة البرلمان, وبالتالي تعتبر نسبة الامتناع عن التصويت المرتفعة، هي تعبيرا صريحا لرد الفعل الشعبي نتيجة انحراف البلاد عن مسار الانتقال الديموقراطي بعد أن كانت مهدا لتجربة فريدة في المنطقة., [17]

  • في لبنان:

رصدت “الهيئة الوطنية اللبنانية” بين عام 2010 و 2016 تقدّماً في نسب ترشح المرأة وفوزها في محافظتي الجنوب وجبل لبنان، وتراجعاً في محافظتي عكار ولبنان الشمالي. ففي الجنوب ارتفع عدد المرشحات من 101 إلى 185، والفائزات من 59 إلى 80, و كذلك ارتفع عدد المرشحات في جبل لبنان من 367 إلى 164، والفائزات من 164 إلى 227, في حين شهدت مشاركة النساء في عكار ولبنان الشمالي انخفاضاً حاداً، على صعيد الترشح من 449 إلى 279، وعلى صعيد الفوز من 229 إلى 138, وسجلت بيروت بين المحافظات، النسبة الأعلى لجهة ترشح النساء (19.3% من إجمالي المرشحين)، وفوزهن (12.5% من إجمالي المقاعد), وبالتالي تفوز العاصمة، بشكلٍ غير مفاجئ، بالنسبة الأعلى لتمثيل المرأة في المجلس البلدي، تليها، من حيث نسب الفوز، محافظة الشمال (7.7%)، ثمّ جبل لبنان (6.4%)، والجنوب (4.8%)، والبقاع (2.5%)، لتسجل محافظة النبطية النسبة الأدنى من الفائزات في الانتخابات البلدية والبالغة 1.87%.[18]

على المستوى العام عربيا: رغم الجهود المبذولة لتعزيز المشاركة السياسية والانتخابية للمرأة لدى الدول العربية إلا أن الفجوة بين النصوص القانونية ومستويات مؤشرات حضور المرأة في هاذين المجالين واضحين بقوة، إلا أن هناك اختلاف بين الدول ونسب ومعدلات مشاركة المرأة في الحياة السياسية التي لا تزال جلية بعد أن أقرتها النظم والحكومات خاصة كلما اقتربنا من مواقع القرار, وما من شك أن الإصلاحات القانونية والتدابير التي تم اتخاذها في المنطقة العربية كمنح المرأة نسب الكوتا، ساهم في تحقيق تقارب في نسب مشاركة النساء والرجال في العملية الانتخابية خاصة في مرحلتي التسجيل والاقتراع، إذ بلغ معدل المشاركة النسائية إلى 42 بالمائة في عملية الاقتراع, وبالنسبة للترشح فإن التسجيل في الدول العربية وصلت نسبة مشاركة المرأة فيه إلى ما لا يزيد عن 29 بالمائة، أي أن عدد النساء المترشحات يتجاوز الثلث من المجالس التشريعية في المنطقة العربية, وبالنسبة إلى التمثيل النيابي في المجالس التشريعية وصلت النسبة إلى 24.3%, وبالرغم من هذا التحسن الملحوظ في مجال التامثيل النيابي، فإن هذه النسبة تظل مخيبة للآمال بالرغم من ارتفاعها من 6% في عام 2004 إلى 16% قي 2021, ويرجع هذا التحسن إلى انخراط معظم الدول العربية في سياسات تعزيز دور المرأة ومصادقتها على الالتزامات والاتفاقيات منها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ( السيداو)، فضلا عن اعتماد 14 دولة عربية لنظام الحصص والكوتا في نظام الترشيحات السياسية للمرأة.[19]

ورغم جهود قياس تطور نسب مشاركة المرأة في المنطقة العربية من قبل الشبكة العربية للمرأة والمنظمة العربية للانتخابات، فإن متابعة هذا التطور تبقى محدودة نظرا للعديد من الاعتبارات أهمها عدم دورية وانتظام عملية قياس نسبة مشاركة المرأة في العملية الانتخابية مما جعلها لا تستوعب كل التغيرات الطارئة, عدم تطابق بعض الأسئلة المتعلقة بالمؤشرات المعتمدة لقياس نسبة مشاركة المرأة في العملية الانتخابية التي تم تنفيذها من خلال استبيان سنة 2016 وسنة 2019 مع المؤشرات الكمية للمنظمة العربية للإدارات الانتخابية، مما حول مشاركة المرأة في الانتخابات غير موحدة وتعيق القياس واملقارنة لبناء المعطيات المجمعة في كل من االاستبيانيّن, كما ان المؤرشات الكمية وحدها غير كافية لبيان الحواجز الواقعية والاجتماعية والممارسات التمييزية أمام مشاركة المرأة في الانتخابات في الدول العربية, بالإضافة إلى التفاوت في تفاعل الإدارات الانتخابية بالإجابة بالدقة المطلوبة لعمل استبيانات الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات, وعدم توفر دراسات كافية حول مستوى تطور مشاركة المرأة في المنطقة العربية, كما شكل تعدد وتداخل الهياكل العاملة في عمل المشاركة السياسية للمرأة على المستوى الوطني من )مجالس قومية للمرأة ، الإدارات الانتخابية، الهياكل الحكومية، منظمات المجتمع المدني  ( أكبر عوامل تشتيت مصادر المعلومات , فضلا عن الافتقار إلى وجود آليات تواصل ذات طابع مؤسسي ومستدامة لتبادل المعلومات بصفة دورية وآلية.[20]

ثمة تطورات قد حدثت في بعض الدول العربية منذ 2011 لا يمكن إغفالها, فهناك بعض المجتمعات التي لم تكن تعترف بأي دور سياسي للمرأة بدأت تعين النساء في بعض المجالس والهيئات كذلك البرلمانات بدأت تفسح المجال للمرأة ولو بصورة رمزية ونخبوية, ويمكن القول بصورة عامة أن بعض الحواجز التي كانت قائمة منذ ما يقرب من عقدين قد شهدت تحسنا نسبيا, لكن ما سبق لا يعني أن الوضع الحالي يدعو للتفاؤل بل على العكس فإن الوضع الحالي يطرح تساؤلات من نوع جديد بشأن نسبة مشاركة المرأة ومستوى ادائها وكيفيته، ومدى قدرتها على التأثير في الحياة السياسية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني, ومدى صلتها بالنضال القائم من أجل الحريات العامة وحقوق الإنسان في المجتمعات العربية, وهل يمكن تأطير عمل النساء كي يمثلن نصف الهيئة الناخبة, هل المجتمع المدني لديه القدرة على تعبئة النساء والرجال المؤيدين لحقوق النساء لإحداث تغيير في النظرة لأهمية الاستفادة ممن يشكل نصف المجتمع, ان متداخلات المحاور لقضية المشاركة السياسية مرهون نجاحها بمدى إيمان الأنظمة السياسية والمجتمعات وكل الفئات الفاعلة تحت مظلة تلك الأنظمة بالقضية على أنها قضية حق وقضية تنمية وقضية عدالة.

ثانيا: المشاركة السياسية للمرأة المصرية بين الدعم الدستوري وتحديات المعالجات التشريعية منذ 2011.

لا يمكن إغفال واقع تأثير محركات التغيير على إحداث التحول الديمقراطى في أى مجتمع،  فقد يأتي بعضها من أعلى سواء عبر تعديل التشريعات أو إرساء بعض الإجراءات المؤسسية أو تعديل السياسات، ويأتى البعض الآخر من أسفل من خلال التغيير المجتمعى عبر تنظيم الناس حول مصالحهم أو عبر نشر الوعى أو إثارة النقاش العام حول القضايا التى تهم المواطنين والمرتبطة بكافة متطلبات الحياة, وهو أمر ليس بسهل، فعملية التحول الديمقراطى فى المنطقة العربية موصومة بشغفها نحو إعادة إنتاج النظم السلطوية, مما يقتضى أن تتوازى وتتقابل محركات التغيير, سواء القادمة من أعلى أو من أسفل من أجل حركة تراكمية دافعة لهذا التحول وقادرة على مأسسته وضمان استدامته أو توطيده على المدى الطويل, ويقتضى تحقيق هذا الهدف عدد من  الأمور تحديد المتغيرات الأكثر أهمية فى التمكين السياسى للنساء، فضلا عن فحص التحديات سواء كان مصدرها من مؤسسات الدولة أو من المجتمع وثقافته، بالإضافة إلى البحث عن بواطن ومحركات تفعيل المشاركة السياسية للنساء عبر العديد من العمليات البحثية والإجرائية.[21]

يبحث  هذا المحور واقع وضع المرأة والمعالجات الدستورية المحفزة للمشاركة السياسية للنساء في مصر منذ 2011, وتجربة الفترة الانتقالية, ثم فترة ما بعد صعود التيارات الدينية ذات الفكر المتشدد في 2012, وصولا إلى ما بعد 2014 وانعكاسات ذلك على واقع المشاركة السياسية للمرأة المصرية.

أ_ وضع المرأة دستوريا فيما يخصص المشاركة السياسية منذ 2011 حتى 2014.

تعرضت البيئة الدستورية والتشريعية في الفترة من عام 2011 وحتى2014 إلى العديد من التحولات, فقد تعطل الدستور المعمول به منذ عام 1971، في فترة ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، وتم إقرار دستور 2012 ،وذلك في فترة صعود جماعة الاخوان السياسي، ثم ما لبث أن تم تعديله بعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013، بعد المطالبات الشعبية الجارفة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، والتي لم ترضخ لها جماعة الإخوان، وتم عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013 ،وتم إقرار دستور 2014 بعد التوافق عليه من الشعب، ثم تم إدخال تعديلات دستورية أخرى في عام 2019.[22]

وبالرغم من تصدر المرأة المصرية المشهد الثوري عام 2011، وتحملت الانتهاكات الجسدية والتعذيب منذ بداية المشهد، إلا أن التهميش والاقصاء كان عنوان المرحلة الانتقالية التي تلت تنحي الرئيس االسبق حسني مبارك في الحادي عشر من فبراير 2011، مع بروز القوى ذات المرجعية الدينية من الإخوان والسلفيين وأذرعهما السياسية، واستحواذها المشهد السياسي، وسيطرة الأفكار الرجعية على عملية اتخاذ وصنع القرار السياسي تعالت الأصوات لاستبعاد المرأة من المشهد السياسي، وهو ما انعكس على ندرة تمثيلية للمرأة في تلك الفترة وانحصرت مشاركة المرأة السياسية في تلك الفترة على الإدلاء بأصواتهن كناخبات، وكقوة تصويتية بالغة التأثير في الانتخابات البرلمانية, حيث شاركت المرأة في تصويت 2011 بنسبة 64 ،%وفي الانتخابات الرئاسية بنسبة83.%.[23]

أقرت ديباجة دستور 2012 في بندها الثالث، أن كرامة الفرد من كرامة الوطن، وال كرامة لوطن ال تكرم فيه المرأة، فالنساء شقائق الرجال، وشريكات في المكتسبات والمسئوليات الوطنية. كما أقر البند الخامس من الديباجة أن المساواة وتكافؤ الفرص بين الجميع مواطنين ومواطنات، دون تمييز، أو وساطة، والمحاباة.

وأبقى دستور 2012 على المادة الثانية، والتي أكدت على أن اإلسالم دين الدولة، وأن مباديء الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع, وعلى الرغم من إقرار المادة السادسة عدم وجوب قيام أحزاب سياسية على أساس التفرقة بين المواطنين، بسبب الجنس أوالاصل أوالدين، ومع ذلك خرجت أحزاب ذات المرجعية الدينية وسيطرت على أغلبية مقاعد برلمان 2011 في التشريعات التي صدرت من البرلمان, وهو ما كان له تداعياته الخطيرة على أوضاع المرأة بشكل عام.[24]

فتحت المادة 10 في دستور 2012 باب للتأويل حيث تركت القانون هو المنظم الأول لحماية الاسرة المصرية والعمل على تماسكها، إذ أن أي تيار سياسي يستحوذ على أغلبية المقاعد البرلمانية يستطيع أن يتحكم في صياغة القوانين التي قد تحد من عمل المرأة، وتقلدها المناصب السياسية.[25]

وبالرغم من اقرار المادة 33 في دستور 2012 أن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات العامة دون تمييز بينهم، تركت المادة 55 من دستور 2012 القانون لينظم مباشرة الحقوق السياسية، وكل ذلك ساهم في المزيد من التهميش والاقصاء للمرأة سياسيا, إبان فترة عمل دستور 2012 ،كنتيجة طبيعية لسيطرة أحزاب ذات المرجعية الدينية من إخوان وسلفيين على المشهد السياسي، على البرلمان المصري.[26]

كان نص المادة 46 من دستور 2012 ضرورة اعتماد مباديء المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص الذي تكفله الدولة في حقوق العمل، وكل ذلك كان من الناحية النظرية، وفي واقع التطبيق الفعلي لمواد الدستور شهدت تلك الفترة أسوأ مرحلة عانت فيها المرأة المصرية من التمييز والتهميش الإقصاء في كل مجالات الحياة العامة.[27]

  • التهيئة الدستورية لتحفيز المشاركة السياسية للمرأة المصرية منذ 2014.

انطلقت الدولة المصرية نحو تصحيح الأوضاع الدستورية والقانونية إبان ثورة الثلاثين من يونيو 2013، والتي تصدرت فيها المرأة المصرية بكل قوة وجسارة ضد النظام الذي انقلب على الديموقراطية في مهدها، وعانت المرأة من تلك الاوضاع، ومن ممارسات التهميش والاقصاء المخزي الذي طالها نتيجة الصعود السياسي للقوى ذات المرجعية الدينية من إخوان وسلفيين، ومع عزل الرئيس الاسبق محمد مرسي ممثل جماعة الإخوان في الرئاسة المصرية في الثالث من يوليو 2013 بعد خروج جموع الشعب المصري بكل أطيافه، ليطالب جماعة الإخوان ضرورة اجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتعيين المستشار عدلي منصور الرئيس الأسبق للمحكمة الدستورية العليا رئاسة الجمهورية، تم تشكيل لجنة الخمسين لتعديل دستور 2012 ،لتخرج وثيقة دستور2014 المعمول به حتى الآن.[28]

تعتبر وثيقة دستور عام 2014 من أفضل الوثائق القانونية التي قدمت الدعم للمرأة الذي لم تشهده الدساتير المصرية, للقضاء على التمييز ضد النساء في مختلف المجالات، وخاصة محور المشاركة السياسية للمرأة، كما رسخت لمباديء المساواة على أسس حقيقية يمكن لها أن تتحقق على أرض الواقع،  ص الدستور المصرى الصادر في عام 2014 لأول مرة، على الاهتمام بقضايا المرأة بدءاً من ديباجة الدستور ويتضمن أكثر من 20 مادة تخاطب المرأة بشكل مباشر بما يكفل للمرأة الفرص المتكافئة ومشاركتها في المجتمع والمساواة بينها وبين الرجل في الحقوق بدون تمييز, حيث نصت المادة 11 من دستور 2014 على أن تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية, والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وتعمل الدولة المصرية على اتخاذ التدابير التشريعية في المجالس النيابية على النحو المناسب لضمان تمثيل عادل للمرأة الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها، وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، كما تكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل.[29]

  • على مستوى المجالس المحلية.

لأول مرة فى الدساتير المصرية نص دستور 2014 ,وكان نص المادة 180 الذي يعنى بنظام الإدارة المحلية أن تنتخب كل وحدة محلية مجلس لمدة أربع سنوات، ويشترط ألا يقل عن واحد وعشرين سنة ميلادية، على أن يخصص ربع المقاعد للشباب دون سن الخامسة والثلاثين، وربع العدد للمرأة، …إلخ. وهو ما يعد من أعظم إنجازات الدستور المصري، وصراحة النص الدستوري على تخصيص نسبة محددة للمرأة وهي ربع المقاعد في تشكيل المجالس المحلية، وهو ما رسخ لتطورات إيجابية نحودعم المشاركة السياسية للمرأة في التعديلات الدستورية 2019, حيث جاء في نص مادة 102 الفقرة الأولى مستبدلة في تعديلات 2019على “أن يشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن أربعمائة وخمسين ينتخبون بالاقتراع السري المباشر على أن يخصص للمرأة ما لا يقل عن ربع إجمالي عدد المقاعد”, وهو ما  يعد من الإنجاازت التي حققتها تعديالت الدستور الأخيرة استمرارا لتوجهات الدولة نحو الدعم الحقيقي لمشاركة نسائية فعالة.[30]

مما سبق نخلص إلى أنه بما أن الدستور هو الإطار الحاكم لواضعى التشريعات والسياسات، وبالتالى تكتسب الإجراءات والتدابير والحقوق، التى نص عليها دستور 2014 ،أهمية بالغة، ومنها ما هو وثيق الصلة بتحقيق المساواة بين الجنسين، وزيادة المشاركة السياسية للنساء، وتمكينهن من شغل المناصب القيادية التى نص عليها الدستور فى مواده: 93 و53 و11 و180 ،وقامت الدولة بتفعيل بعض هذه المواد، مثل تخصيص المقاعد للنساء فى قانون مجلس النواب لعام 2014 , وشهدت الدورة البرلمانية لعام 2020 أكبر نسبة تمثيل للنساء.

ومن المنتظر كذلك أن يتم إقرار قانون جديد للمحليات يتضمن نص صريح بموجب المادة 180 بشأن تمثيل النساء بنسبة 25 %فى المجالس الشعبية المنتخبة، مما سيحقق ارتفاعا كبيرا فى تمثيل النساء فى هذه المجالس، فقد يصل الحد األدنى لتمثيل النساء إلى ما ال يقل عن 12 ألف عضوة فى المجالس الشعبية المحلية, ومن الدروس المستفادة من تجارب تطبيق نظام الكوتا, وجوب توافر شروط تتعلق بالبيئة السياسية الملائمة التى تجرى فيها الانتخابات وسير العملية االنتخابية ونزاهتها، كذلك دعم ومساندة النائبات أثناء الدورة البرلمانية. كل ما سبق شروط مهمة تعظم من فائدة الكوتا وتحسن على المستوى الكمى والكيفى من مشاركة النساء فى العملية السياسية.

ثالثا: نتائج الرؤية العملية لمعالجة النظام السياسي المصري في ضوء نسب التمثيل البرلماني وتقلد الوظائف العليا منذ 2011.

يولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ 2014 اهتماما فعليا بشأن تمكين المرأة المصرية في عدد من المشروعات والوظائف ورفع نسبة مشاركتها في المناصب القيادية للدولة المصرية, وهو اهتمام رئاسي لم يتكرر في العصر الحديث,وعلى مدار التاريخ المصري الطويل أثبتت المرأة المصرية، أنها طرف أساسي في معادلة الوطن، وشريك مكتمل في جميع معاركه وحروبه وتحدياته, فاستطاعت الرؤية التنفيذية للدولة المصرية ان تترجم حلولا واستراتيجيات أكثر وعيا بالقضايا التي تدفع بعملية التنمية ككل ومنها التنمية السياسية لموارد المجتمع ومنها المرأة  باعتبارها العنصر الشريك للرجل, وأبرز القوى الدافعة لمحركات التغيير الاقتصادي والسياسي.

  • معدلات المشاركة السياسية للمرأة منذ 2011: آفاق وتحديات.

أ_  نسبة مشاركة المرأة انتخابا. ترشيحا. وتمثيلا.

  • انتخابات الرئاسة للعام 2012.

تعد انتخابات الرئاسة المصرية للعام 2012 ثاني انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ مصر، وأول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير، أقيمت الجولة الأولى من الإنتخابات يومي 23 و24 مايو من عام 2012 وكانت نسبة مشاركة المرأة 50%.

  • الانتخابات الرئاسية للعام 2014.

الانتخابات الرئاسية المصرية للعام 2014 هي ثالث انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ مصر وثاني انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير، وقد تم تحديد مواعيد الانتخابات طبقا لما أعلنته اللجنة العليا للانتخابات، تنفيذا لخارطة الطريق التي أعلنت عقب عزل على محمد مرسي بعد المظاهرات التي طالبت برحيله وإنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين ووصلت نسبة مشاركة المرأة بعد ثورة 30 يونيو 70%.[31]

  • الانتخابات البرلمانية.

شهدت الانتخابات البرلمانية الأولي بعد ثورة 30 يونيو زيادة ملحوظة في نسبة النساء اللآئي يرغبن في خوض المعركة حيث قدرت نسبتهن بحوالي 19.17 %حيث خاضت المعركة الانتخابية 949 مرشحة من أصل 5518.

أعلن الرئيس المصري عام 2017 عامة للمرأة المصرية، لأول مرة في تاريخ مصر تم اعتماد الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030, وهي سابقة تاريخية تبلورت ملامحها في نتائج المؤشرات العامة لمعدلات المشاركة السياسية للمرأة وفق البيانات الرسمية الصادرة لما شهدته نسب التمثيل البرلماني وتقلد المناصب العليا.

تشتمل الاستراتيجية على أربعة محاور عمل متكاملة وهي التمكين السياسي وتعزيز الأدوار القيادية للمرأة، والتمكين الاقتصادي، والتمكين الاجتماعي، والحماية، فضلاً عن العمل الجاد على تغيير ثقافة المجتمع نحو المرأة، وتعزيز سبل حصولها على حقوقها القانونية.

كانت أولى خطوات التمكين السياسي للمرأة زيادة تمثيل المرأة في مجلس الشيوخ من 12 نائبة إلى 40 نائبة، بنسبة 30.3% من عدد أعضاء المجلس, وقد أعطي الدستور تميز الي حد كبير للمرأة مما ساعد في أن يصبح برلمان 2015 هو أول النتائج الفعلية في تطبيق الرؤية التنفيذية السياسية للمرأة الشاملة لدفع نسب المشاركة السياسية للمرأة في مواقع صنع القرار من حيث عدد النائبات فيه حيث: بلغ عدد النائبات 90 نائبة منهن 76 منتخبة بالإضافة إلى 14 سيدة معينة، بنسبه 15 %من جملة الأعضاء.

وفي مقارنة لنسب التمثيل البرلماني للمرأة بين 2012, 2021, شهدت زيادة تمثيل المرأة فى مجلس الشيوخ من 12 نائبة عام 2012؛ لتصل إلى 40 نائبة فى 2021، كما زادت نسبة تمثيل المرأة فى مجلس النواب من 9 نائبات فقط فى 2012؛ لتصل إلى 162 نائبة فى2021 , تم تعيين 14 سيدة يمثلن 50% من إجمالي المعينين وعددهم 28 نائبا، في الوقت الذي تمكنت فيه المرأة من حصد 148 مقعدا بالانتخاب من خلال نظامي القائمة، والفردي؛ بينها 142 مقعداً وفقا لنظام القائمة، و6 سيدات اقتنصن المقاعد بالنظام الفردي وهو يعكس تحولا في الرؤية السياسية للنظام المصري التي يتبناها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه الحكم لتمكين المرأة المصرية في عدد من المشروعات والوظائف والمناصب القيادية للدولة المصرية.[32]

  • المرأة في المناصب العليا والقضاء.

زادت نسبة الوزيرات فى الحكومة من وزيرتين فقط فى 2012 إلى 8 وزيرات فى 2021 بنسبة 24%، من بين المناصب التي تقلدتها المرأة منصب المحافظ ونواب المحافظين، حيث ضمت حركة المحافظين التي تم إعلانها في 27 نوفمبر 2019، 7 سيدات، لتكون المرة الأولى التي تضم فيها نسبة كبيرة من السيدات، مقارنة بالحركات السابقة.[33]

ظلت المرأة المصرية تناضل لعقود بشأن تولي المناصب القضائية، على الرغم من عدم نص القانون على حظر تعيين المرأة،  لكن فلم يتم السماح بتعيين أي امرأة في النيابة العامة، منذ تسمية أول نائب عام في مصر عام 1881، كما رفض القضاء الإداري تعيين السيدات، على الرغم من الدعاوى القضائية التي رفعنها، في محاولة للتقدم لوظائف قضائية في مجلس الدولة، أشهرهن عائشة راتب التي شغلت لاحقاً منصب وزيرة الشؤون الاجتماعية، والتي تقدمت بدعوى قضائية لتمكينها من التعيين كقاضية في مجلس الدولة، لكنها رُفضت عام 1952, وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن “قصر بعض الوظائف كوظائف مجلس الدولة أو النيابة أو القضاء على الرجال دون النساء لا يعدو هو الآخر أن يكون وزناً لمناسبات التعيين في هذه الوظائف، تراعي فيه الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية الاعتبارات شتى وأحوال الوظيفة وملابساتها وظروف البيئة وأوضاع العرف والتقاليد”. وقال رئيس الوزراء حينها إن “تعيين المرأة في القضاء ضد تقاليد المجتمع”.

 

وعام 2010، رفضت الجمعية العمومية لمجلس الدولة المصري، بغالبية ساحقة تعيين المرأة قاضية في المجلس، رداً على قرار رئيس مجلس الدولة الأسبق محمد الحسيني فتح التعيين للإناث، لتندلع الأزمة داخل المجلس، ويتم وقف القرار بعد تصويت الجمعية العمومية برفضه، انطلاقاً مما نصت عليه المادة 186 من لائحة مجلس الدولة على أنه “لا يجوز اتخاذ أي إجراءات بشأن تعيين أعضاء في مجلس الدولة على خلاف رأي الجمعية العمومية للمجلس”.

وخلال إعداد دستور مصر عام 2014، تجدد الحديث عن تعيين الإناث في جميع الوظائف القضائية، ليتم استحداث المادة 11 التي نصت على أن “تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق، وكذلك تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية من دون تمييز ضدها”.[34]

وبالمقارنة:

يعد وضع المرأة أفضل حالياً في الهيئات القضائية، فهناك 1980 قاضية في النيابة الإدارية بنسبة 43 في المئة من أعضاء الهيئة، و670 سيدة في هيئة قضايا الدولة بنسبة 20 في المئة من أعضائها, كما زادت نسبة تمثيل المرأة من 42 قاضية عام 2012 إلى 66 قاضية فى 2021، كما تم تعيين 3 سيدات بمنصب رئيس هيئة النيابة الإدارية على التوالى منذ 2017، و37 مستشارة تم تعيينهن فى منصب نائبات لرئيس هيئة قضايا الدولة منذ أكتوبر 2013، كما بلغ عدد المستشارات بهيئة قضايا الدولة 677 مستشارة, وبعد 72 عاما على إنشاء مجلس الدولة دون تعيين به للمرأة، منذ إنشائه عام 1946، لم يشهد مجلس الدولة المصري، وهو جهة قضائية مستقلة تتولى الفصل في المنازعات الإدارية، ظهور قاضيات على منصات محاكمه، إذ ارتبط ذلك باتجاه المجلس لرفض تعيين الإناث قاضيات فيه، واستمر ذلك حتى صدور أول قرار جمهوري بتعيين 98 قاضية بالنقل من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة (هيئتين قضائيتين) في 3 أكتوبر2021, كما وافق المجلس الأعلى للقضاء في جلسته المنعقدة في 22 أغسطس 2021 على طلب النائب العام بنقل 11 قاضية للعمل بالنيابة العامة لأول مرة تاريخيا بدرجاتهن المقابلة بالقضاء للعمل بالنيابة العامة للعام القضائي 2022 وذلك بعد تدخل وتوجيه رئاسي مباشر.[35]

الخاتمة.

بالرغم من تصديق معظم البلدان العربية على الاتفاقيات الدولية التي تكفل وتضمن مباديء العدالة والمساواة، كما أولت النظم السياسية العربية قضية دمج المرأة سياسيا, بل وقامت بترجمة ذلك في دساتير داعمة، بالإضافة إلى انشاء آليات وطنية لدعم مشاركة المرأة في شتى المجالات كالمجالس القومية للمرأة، في ضوء سعي النظم السياسية العربية لدمج جهود المرأة بصورة أكثر فعالية في خطط التنمية الشاملة, لكن لايزال تمثيل المرأة في الهيئات التشريعية والتنفيذية، الحكومية والمحلية، وفي مواقع صنع القرار دون مستوى التوقعات, ولا يضاهي الجهود والخطط المعلنة, حيث يرفضن نحو 40 في المائة من النساء العربيات المشاركة في الانتخابات كمرشحات أو ناخبات، حسب العديد من الدراسات الحديثة.

النتائج.

على المستوى القومي العربي.

أيقنت النظم السياسية العربية منذ ثورات التغيير2011 ان الضغوط الشعبية هي مرآة الحقيقة, وانها يجب ان تعي كيفية التفاعل بإيجابية مع المطالبات الشعبية, وادراجها ضمن خطط التنفيذ, كأحد أبرز الضمانات على التمتع باستقرار سياسي يسمح باستمرار تلك الأنظمة, بل وفطنت النظم السياسية التي لم يمتد إليها ثورات الكرامة والحرية إلى التعجيل بالتغيير في ذلك المسار, كالمملكة السعودية التي قامت بالعديد من الخطوات الايجابية نحو قضية المرأة بالمملكة باعتبارها قضية شائكة حيث وجدت المرأة السعودية نفسها عام 2011 تمثل بنسبة 20 في المائة من مجلس الشورى، ولها حق الانتخاب والترشح في المجالس البلدية, لم يحدث ذلك دفعاً من الوعي المجتمعي بل بقرار سياسي, حيث صدرت توجيهات وأوامر من الملك سلمان بن عبد العزيز، بتشريعات تمس مباشرة حق المرأة الإنساني بأن تكون مواطناً مستقلاً، لديها أهلية قانونية كاملة.

لا يقل دور منظمة المرأة العربية كإطار تنظيمي جامع بكل ما يخص المرأة العربية, عن دور النظم السياسية العربية في النهوض بمستويات المشاركة السياسية للمرأة العربية, لكنه يحتاج إلى آليات أكثر فعالية لتحقيق التكامل بين استراتيجياتها, وبين أهداف وخطط النظم السياسية العربية.

على مستوى الدولة المصرية.

يمكن القول بأن هناك حالة فريدة و طفرة إيجابية فيما يخص استجابة النظام السياسي المصري نحو التعامل قضية المرأة بصفة عامة, ودمجها سياسيا بصورة خاصة, تمت ترجمته عمليا في دستور 2014, وما تلاه من تعديلات في 2019, كما طرأ تغييرا نوعيا جراء هذا الاهتمام التنفيذي غير المسبوق فيما يخص الموروث الثقافى والاجتماعى المؤطر لوجود حركة المرأة المصرية فى المجال العام، وهو ما يمكن تفسيره بشكل ما فى ضوء التغيرات التى طرأت على المجتمع المصرى منذ ثورة 2011 وما تلاها من أحداث, وهو ما ترجمته المؤشرات ونسب التمثيل النسائي في برلماني 2015, 2021, وانتزاع حقوق التعيين المتعنتة في بعض الهيئات القضائية.

التوصيات.

يلزم دراسة الأسباب التي تعوق وتمنع امتداد وتعظيم الخطط الدافعة لتعظيم نسب المشاركة السياسية للمرأة على مستوى البلدان العربية, حيث تقف حائلا مجموعة من المعوقات والتحديات الثقافية والمجتمعية، والاقتصادية والسياسية، والإجرائية القانونية والحكومية, بالإضافة إلى نحت مقاربات علمية واقعية تعالج بصورة فعالة النتائج السلبية لتلك المعوقات.

ضرورة تعظيم الاستفادة من مشاركة النساء فى السياسات العامة المحلية, باعتباره مفرخة انتاج الكوادر السياسية النسائية الفاعلة; نظرا لقدرة تلك القيادات على التفاعل مع احتياجات مجتمعاتها المحلية بشكل كبير, مما يخلق ايمانا مجتمعيا بالتمسك بدور المرأة في تحسين الأوضاع في مجتمعها.

الاهتمام باستخلاص الدروس المستفادة من التجارب الدولية التي حققت طفرة في نسب المشاركة السياسية للمرأة سواء بصورة عددية أو بالصورة المحركة الفاعلة, وتطويع تلك الدروس ضمن الأطر المجتمعية العربية والخصوصية الثقافية لها.

[1] 4.       جيوفري روبرتس وآخرون، القاموس الحديث للتحليل السياسي، ترجمة:سمير عبد الرحيم الجبلي،الدار العربية للموسوعات، بيروت،1999

[2] .كمال المنوفي :نظريات النظم السياسية ,الكويت وكالة المطبوعات 1985,ص93وايضا

See;An Approach to the Analysis of political Systems <David Easton,world politics ,Vol .No.3.(Aprl..,1975)pp384

[3] .كمال المنوفي ,مقدمة في مناهج وطرق البحث في علم الساسة ,جامعة القاهرة 2006,ص34-36 .وكذلك

د.حسان العاني :الأنظمة السياسية والدستورية ,كلية القانون والسياسة بجامعة بغداد ,1986,ص21 .

See;An Approach to the Analysis of political Systems <David Easton,world politics ,Vol

No.3.(Aprl..,1975)pp384-386.

للمزيد ينظر الى د.كمال المنوفي :نظريات النظم الساسية ,مرجع سابق ص97-99.

[4]مي مجيب. إعادة قراءة “إيستون”: قدرة نظرية تحليل النظم على التجدد. مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية., جامعة القاهرة, المقالة 5، المجلد 22، العدد 1 – الرقم المسلسل للعدد 86، يناير 2021، الصفحة 123-164.

[5] حفيظـي سـليمة، محاضـرات فـي منهجيـة وتقنيـات البحـث :مطبوعـة بيداغوجيـة لطلبـة السـنة الثانيـة مكتبـات ومعلومـات،

جامعة محمد خيضر، بسكرة، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، 2014-2015.

[6] كبرياء الساعور.النظرية النسوية التقاطعية, الحركة السياسية النسوية السورية. متاح على الرابط: https://syrianwomenpm.org/ar/

[7] إكرام عدنني المشاركة السياسية للمرأة: عوائق وتحديات, متاح على الرابط: https://pomed.org/

[8] داوود الباز. حق المشاركة في الحياة السياسيةدراسة تحليلية للمادة 62 من الدستور المصري مقارنة مع النظام السياسي في فرنسا, الاسكندرية , ط 1, 2006.

[9] المعهد العربي لحقوق الانسان, المشاركة السياسية للمرأة العربية: تحديات أمام تكريس المواطنة, القاهرة, 2018.

[10] ام العز على الفارسي،المرأةوالمشاركة السياسية في ليبيا (1977-2005)(القاهرة : مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان ، جامعة القاهرة ، 2008).

[11] http://arabwomenorg.org/Content.aspx?ID=33

[12] “اتفاقية إنشاء منظمة المرأة العربية”. أخبار مصر. 2010-03-20. Retrieved 2013-01-30.

[13] http://arabwomenorg.org/WomenStrategy.aspx

[14]https://www.unwomen.org/en/news/stories/2016/6/tunisia-moves-closer-to-achieving-gender-equality-in-politics.

[15] https://1-a1072.azureedge.net/politics/2022/10/28

[16] ]برنامج الأمم المتحدة  الإنمائي  ,تقريرا لتنمية البشرية ,لعام 2013.

المرأة العربية والمشاركة البرلمانية,أسماء السيد,I know politics الالكترونية.نشرت بتاريخ 6/9/2014

[17] SARAH YERKES,  MOHAMMAD AL-MAILAM Tunisia’s New Electoral Law Is Another Blow to Its Democratic Progress, OCTOBER 11, 2022

COMMENTARY, متاح على:

https://carnegieendowment.org/2022/10/11/tunisia-s-new-electoral-law-is-another-blow-to-its-democratic-progress-pub-88127

تونس: نسبة المشاركة في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية وصلت إلى 11,3%

متاح على: https://arabic.euronews.com/2023/01/29/polls-open-in-second-round-of-tunisia-legislative-elections

[18] جريدة المدن الالكترونية المستقلة  في   مقال بقلم الصحفية يارا نحلة، بتاريخ 2\6\ 2016.

[19] خارطة طريق الشبكة العربية للمرأة في الانتحخابات 2021_ 2023, الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات., هيئة الأمم المتحدة.

[20] https://www.idea.int/sites/default/files/publications/the-arab-network-for-women-a-road-map-for-the-years%202021-2023-ar.pdf

[21] هويدا عدلى. المشاركة السياسية للمرأة, مؤسسة فريدريش إيبرت , مكتب مصر, 2017.

يحي الجمل. أنظمة الحكم في الوطن العربي في أزمة الديمقراطية في الوطن العربي، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1987.

أحمد حسيني. التحول الديمقراطي في دول المغرب العربي، القاهرة، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية،2004.

[22] جورج إيليا. ثورة 30 يونيو.. المرأة المصرية تسطر عصرها الذهبي, موقع العين الإخبارية, القاهرة.متاح على الرابط: https://al-ain.com/article/women-revolution-current-egypt-sisi

[23] مايسة خليل حسن. دور المجلس القومي للمرأة في التمكين السياسي للنساء في مصر من عام 2000حتى 2020, رسالة ماجستير, كلية السياسة والاقتصاد, جامعة السويس, مصر, 2021.

[24] التعديلات الدستورية لا تحقق الديمقراطية الداعمة لتواجد النساء في الحياة السياسية, نظرة للدراسات النسوية. متاح على: https://nazra.org/2019/02/

[25] مايسة خليل. مرجع سابق.

[26] مايسة خليل حسن, مرجع سابق.

[28] الموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات. متاح على الرابط: https://www.sis.gov.eg/Story/206182/

[29] التشريعات والقوانين الصادرة لصالح المرأة المصرية خلال الاعوام الماضية, الموقع الرسمي للمجلس القومي للمرأة: http://ncw.gov.eg/

نيبال عزالدين جميل. التمكين السياسي للنساء في مصر في ضوء تقلد المناصب السياسية العليا: من 2005 حتى 2020, المجلة العلمية كلية الساسة والاقتصاد, جامعة بني سويف, العدد(5), 2020.

[30] هويدا عدلي. المشاركة السياسية للمرأة, مرجع سابق.

[31] https://www.dostor.org/2078617

[32] https://al-ain.com/article/golden-egyptian-women-parliament-2021

[33] https://gate.ahram.org.eg/daily/News/203218/8/739584

[34] woman has been appointed to the Public Prosecution Office.

https://gate-ahram-org-eg.translate.goog/News/2947794.aspx?_x_tr_sl=ar&_x_tr_tl=en&_x_tr_hl=en&_x_tr_pto=sc

[35] https://www.independentarabia.com/node/309021/

5/5 - (3 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى