الدراسات البحثيةالمتخصصة

أثر المتغيرات المحلية على مكانة مصر الإقليمية  2011 – 2022م

 

اعداد : أحمد نصر صلاح أحمد  , رحمة أيمن رجب الجزار –  إشراف : د. منى محمد –  المشرف العام على مشاريع التخرج :  أ.د. دلال محمود

  • المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمة

تتمتع مصر بموقع جغرافي مميز مكنها من لعب دور مهم في صياغة السياسات الإقليمية والدولية في فترات الحرب والسلام، ومنحها مكانة متفردة في العالم بملتقاه الأسيوي والإفريقي، وجعلها من اللاعبين الكبار بمنطقة الشرق الأوسط منذ عقود طويلة، هذا الموقع المتفرد حفز كثير من العلماء والمفكرين على شرحه وبيان أهميته وخصائصه وأثره وتأثيره على مصر في الداخل والخارج، من هذا المنطلق تبوأت مصر مكانتها الإقليمية والدولية المتميزة، والتي أتاحت لها القيام بدور مؤثر وفاعل؛ لا يمكن إغفاله أو التغاضي عنه.

وقد كان لمصر دور ومكانة إقليمية لا يغفل التاريخ ذكرها، فقد كان لموقع مصر وللقدرات العسكرية التي تتمتع بها مصر دورها في صد هجمات الغزاة والمعتدين على مر التاريخ، وفي الدفاع عن الإسلام والعروبة، كذلك ساندت مصر جميع حركات التحرر في الوطن العربي، ودافعت عن قضايا العرب ومشكلاتهم، ولعل العبء الذى تحملته مصر في الدفاع عن القضية الفلسطينية منذ بدايتها خير دليل على ذلك، كما تحملت مصر مسئولية نشر التعليم في معظم أجزاء العالم العربي، في الوقت نفسه اضطلعت بمسئولية السعي نحو الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، مجسدة قيم الاعتدال والتسامح والتعايش السلمي.

ولكن التواجد الإقليمي لأي دولة في العالم، وعلى مر التاريخ لا يستقر على وضع دائم، حيث تمر الدول بمراحل صعود إقليمي يجعلها ذات تأثير ونفوذ إقليمي ودولي كبير، كما قد تمر بمراحل وتحديات -داخلية أو خارجية- تعصف بها، وقد تجعل دورها يضمحل ويكاد يختفي تأثيره عن الساحة الإقليمية والدولية، ويحول وضع ومكانة الدولة من فاعل مؤثر إلى مفعول به ومتأثر بما يحدث بدون أن تحرك الدولة ساكنًا.

وقد كانت “مصر” أحد الدول التي مرت بهذه المراحل طوال تاريخها، وجاءت هذه الدراسة لتتناول أحد المراحل التي مرت بها مصر، والتي ضمت حزمة متنوعة من متغيرات وتحديات وأزمات داخلية أثرت على مكانتها الإقليمية، حيث بدأت مكانتها ودورها الإقليمي بالتراجع في بداية الفترة ثم تحول الوضع لمنحنى آخر في منتصف الفترة، وتبدأ فترة الدراسة منذ2011م لتمتد وتنتهي الدراسة عند عام 2022م، وتعد هذه الفترة أحد أكثر الفترات التي مرت بها مصر بالعديد من التحديات والمتغيرات -المحلية والإقليمية- والتي انعكس تأثيرها على مكانة ودور مصر الإقليمي، بدأت هذه الفترة بحدوث تغير محلي فارق في تاريخها وهو “ثورة 25 يناير 2011م”، والتي كان لها تأثير بالغ الأهمية على تراجع الدور المصري الإقليمي والدولي، ثم تلاها تغير رئاسي أثر على مكانتها الإقليمية، نظرًا لتوجهات السياسة الخارجية التي تبنتها السلطة التنفيذية في هذا التوقيت، والتي لم تكن واضحة، وبالتالي عد وضوح الهدف يؤدي بطبيعة الحال لحدوث خلل في التحرك وبالتالي الانزلاق في نفق مظلم، وما كاد يستقر هذا التغير في القيادة السياسية حتى حدث تغير محلي آخر تمثل في حدوث ثورة أخرى في 30 يونيو 2013م، والتي ترتب عليها بطبيعة الحال تغيير في الوضع الداخلي والخارجي لمصر، والذي أثر بدوره على المكانة الإقليمية لمصر، وتلى تلك الثورة تغير رئاسي آخر؛ والذي مثل نقطة فارقة في تحول الدور المصري إلى فاعل ذا تأثير بالغ في عودة وصعود مصر إقليميًا مرة أخرى، ولتعود مكانة مصر الإقليمية لسابق عهدها، كفاعل دولي وإقليمي مؤثر في جريان الأحداث من حوله، وليس كمتفرج في مسرح سينمائي ليس له دور سوا المشاهدة والتأثر بالدور الممثل أمامه، وقد تم إعادة صياغة السياسة الخارجية للدولة وتوجهاتها بالشكل الذي يلائم ظروف المرحلة وتحدياتها، مما ساهم بشكل واضح في تحديد الأهداف، والتي كان من شانها أن تحول الوضع لسابق عهده، وتعيد إرجاع الدولة المصرية لمكانتها الإقليمية المعهودة، وإرجاع الدور الفاعل والمؤثر في مجرى الأحداث.

وقد حدث بعد استقرار الوضع السياسي في الداخل المصري، وإعادة صياغة التوجهات والاستراتيجيات الخارجية تأثير قوي في معالجة هذه المتغيرات والتحديات، فقد كان للمكانة الإقليمية اهتمام بالغ في الرؤية الوطنية الاستراتيجية والتي تم صياغتها في 2016م، وهي رؤية مصر 2030، حيث وضعت الدولة المصرية هدف تمثل في حرص الأجندة الوطنية على ارتباط أهدافها التنموية بالأهداف الدولية من جهة، وبالأجندة الاقليمية من جهة أخرى، لاسيما أجندة أفريقيا 2063 فبعد النجاح في استعادة الاستقرار أصبح هدف تعزيز مكانة مصر وريادتها على المستويين الإقليمي والدولي ضرورة لدفع عجلة التنمية الشاملة ويتحقق ذلك من خلال العديد من الآليات من ضمنها دعم تعزيز الشراكات إقليميًا ودوليًا.[1]

كما أسهم دور القيادة السياسية في إضفاء مزيد من الحيوية والفاعلية على السياسة الخارجية المصرية، ما أدى إلى تغيير قواعد اللعبة وحدود التأثير خاصة في السنوات التي أعقبت يونيو 2014، وصولًا إلى الوضع الراهن الذي أصبحت فيه مصر رقمًا ثابتًا ومؤثرًا في مجمل التفاعلات، وهو الدور الذي يليق بالجمهورية الجديدة الرامية إلى توظيف قدرات مصر وما تتمتع به من نفوذ على كافة المستويات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية لإعادة تعريق دورها على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وتهدف هذه الدراسة بالأساس إلى تناول فترة التراجع نتيجة هذه المتغيرات والتحديات، وأيضًا التغيرات التي أدت إلى إحداث هذا التحول الملحوظ، والذي يهدف إلى تدعيم الدور الإقليمي وترسيخ ثبوت المكانة الإقليمية بعد عودتها، مع تقديم رؤية استشرافية لمكانة مصر الإقليمية مبنية على مجموعة من السيناريوهات الواقعية التي مرت بها مصر وشهدتها في رحلة صعودها، نوضح بها هل ستستمر مصر في لعب دور الموازن الإقليمي أم سيكون هناك ما هو أعلى من هذا كقيادة الإقليم؟، وهل هذا في مخيلة الدولة المصرية، أم جاء كنتيجة للظروف الإقليمية وهي ما وضعتها بها؟.

أولًا: المشكلة البحثية

تعد مصر من الدول التي تتمتع بمكانة متميزة في محيطها الإقليمي والخارجي، لذا فإن الشأن الخارجي لها يعد محط أنظار دول الإقليم والعالم كافة، وقد تأثر الوضع الخارجي والإقليمي لمصر بشكل كبير طوال مراحل تاريخها نتيجة التغير في الوضع الداخلي لها، وكان للتغير في السياسة الداخلية لمصر تأثير بالغ الأهمية على تغير سياستها الخارجية طوال تاريخها، بداية من محمد علي ومرورًا بأسرته، ومن ثم ظهر التغير والتحول الجلي في سياسة مصر الخارجية ووضعها الإقليمي بوصول جمال عبد الناصر للحكم، وتغير الأمر بمجرد رحيله وتولي محمد أنور السادات، وحدث تغير أيضًا برحيله وتولي محمد حسنى مبارك، ويظهر لنا أن التغير في القيادة السياسية أحدث بدوره تغير في السياسة الخارجية، ويظهر لنا من الاستقراء للتاريخ مدى تأثر مصر بأي تغيير في السياسة الداخلية والوضع الداخلي ليمتد تأثيره على سياستها الخارجية ومكانتها الإقليمية.

لنصل إلى مرحلة تعد من أهم المراحل التي أبرزت مدى تأثير المتغيرات المحلية والذي ينعكس على مصر في سياستها الخارجية ومكانتها الإقليمية، وتمثلت هذه المتغيرات في مظاهر متعددة أثرت بشدة على الوضع الخارجي لمصر، بدأت بحدوث ثورة 25 يناير 2011 وما أحدثته من تغيير كبير في الوضع الداخلي قبل الخارجي، وما ترتب عليها من تغيرات كالتغير في القيادة السياسية والتي جاءت بتوجه مختلف عن سابقيها في الملف الخارجي المصري، وحدث تغير في الدستور، وحتى من نمط الحكم العسكري إلى المدني، وما لبس أن استقر الوضع حتى حدثت اضطرابات داخلية أخرى ترتب عليها ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ واندلاعها في مصر أثر بشكل كبير على الاستقرار الداخلي، كما امتد التأثير ليزعزع مكانتها الإقليمية، هذا بالإضافة إلى التغيرات في القيادة السياسية التي ترتبت عليها، والتي بدورها كان لها تأثير على مكانتها الإقليمية، وجعل لها دور خارجي مختلف، مكنها هذا التغير من إرجاع دورها الخارجي الفعال، وإرجاع مكانتها على الساحة الإقليمية.

كل هذه المتغيرات وغيرها نتعرض لها في دراستنا لمكانة مصر الإقليمية، في بداية تلك الفترة، وماذا حدث لمكانة مصر الاقليمية تأثرا بها، وما وصلت إليه مع انتهاء الفترة محل الدراسة.

ونخرج من خلال هذا الطرح بالسؤال البحثي الرئيسي الآتي:

    إلى أي مدى أثرت المتغيرات المحلية على مكانة مصر الإقليمية في الفترة من ٢٠١١م وحتى ٢٠٢٢م، وإلى أين وصلت مكانتها الإقليمية بانتهاء تلك الفترة؟

وبناء على ما سبق يمكننا بلورة مجموعة من التساؤلات الفرعية لمشكلة الدراسة، وصياغتها على النحو الآتي:

  • ما المتغيرات والتحديات المحلية التي شكلت التغير في وضع مصر الإقليمي؟
  • ما هي مظاهر تراجع الدور المصري ومكانتها الإقليمية؟
  • ما الآليات التي اتبعتها القيادة السياسية لإرجاع الدور والمكانة الإقليمية المصرية؟
  • ما هي ملامح العودة الإقليمية لمكانة مصر الإقليمية؟
  • إلى أين وصلت مصر على الساحة الإقليمية بانتهاء هذه الأحداث؟

ثانيًا: الفترة الزمنية للدراسة

يقع مجال البحث لهذه الدراسة ما بين عامي ٢٠١١ – ٢٠٢٢.

يبدأ النطاق الزمني لهذه الدراسة في عام ٢٠١١م، ويعود سبب اختيار هذا التاريخ كبداية لفترة الدراسة إلى أنه في بداية هذا العام اندلعت ثورة ٢٥ يناير والتي بدورها أحدثت تغيير واضح في الداخل المصري، كما تبع هذا التغير تغير محلي تمثل في تولي قيادة سياسية أخرى عام ٢٠١٢م، ولحق هذا اعتراض في الشارع المصري ووجود معارضة شديدة للقيادة السياسية، وترتب على هذا حدوث ثورة أخرى وهي ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣م،  وتبعها تغير في القيادة السياسية ووصول وتغير في نظام الحكم عام ٢٠١٤، وتم تحديد عام ٢٠٢٢ كنهاية للنطاق الزمني للدراسة وسبب هذا يعود إلى العودة الواضحة للدور المصري الفاعل ومكانتها الإقليمية، كما أيضًا عاد السبب إلى عودة العلاقات بين مصر والدولة التي كان بينها توتر في العلاقات ونزاعات إقليمية، وظهر هذا في حدوث تصالح بينهم وعودة العلاقات، وحدوث زيارات متبادلة.

ثالثًا: أهمية الدراسة

  • الأهمية العلمية

تنبع الأهمية العلمية لهذه الدراسة من دراسة الاختلافات الزمنية للحالة المصرية في علاقاتها الإقليمية وسياساتها الخارجية، متأثرة بالمتغيرات المحلية التي مرت بها في هذه الفترة الزمنية محل الدراسة، وتوضيح تعاظم تأثير هذه المتغيرات المحلية على مكانة مصر الإقليمية، كما اتسم تأثير هذه المتغيرات بالتفاوت في تأثيرها على مكانة مصر الإقليمية ما بين متغيرات أدت إلى التراجع الواضح في بداية هذه الفترة الزمنية لمكانتها الإقليمية، ودورها الإقليمي الفاعل والمؤثر في الأحداث الإقليمية الواقعة في تلك الفترة، وذلك كنتيجة لتأثير تلك المتغيرات بشكل سلبي على الاستقرار السياسي بداخلها، بينما في منتصف تلك الفترة ظهرت بوادر العودة المصرية الإقليمية لاستعادة تأثيرها في الأحداث حولها واسترجاع مكانتها الإقليمية، وهذا نتيجة لعدد من المتغيرات المحلية منها تغير القيادة السياسية، والتي تبنت بدورها توجهات مختلفة في السياسة الخارجية المصرية، وطريقة تعاملها مع محيطها الخارجي الإقليمي، وتقدم الدراسة إثراء للمجال العلمي في هذا الشأن؛ من خلال الإلمام بهذه الفترة محل الدراسة بمكانة مصر الإقليمية، وإلى أين وصلت، بالإضافة إلى التنبؤ بمكانتها التي ستصل إليها في المستقبل.

  • الأهمية العملية

تنبع الاهمية العملية لهذه الدراسة من تقديم نموذج واضح يمتثل به صانع القرار لتحليل الأوضاع في دولته ودور ومكانة هذه الدولة إقليميا الذي يتأثر بالمتغيرات المحلية، حيث تغيير القيادة السياسية واستناده لباقي التغيرات المحلية الواقعة داخليا على مكانة مصر ودورها إقليميا، بالإضافة لتأثير البعد الثقافي السياسي على الشعب بما ساهم في حدوث العديد من المتغيرات المحلية وكما ذكرنا أهمها تغيير القيادة السياسية، الذي ساهم بشكل كبير في تفاوت دور مصر إقليميا ما بين التراجع ثم بداية العودة ثم العودة وذلك على مدار الفترة الزمنية محل الدراسة، كما تقدم هذه الدراسة لصانع القرار فهم واضح للتحولات في السياسة الخارجية المصرية، وتأثيرها على مكانتها، بما يوضح له أي اتجاه يسير عليه للمحافظة على هذه المكانة، وفي ذات الوقت تحقيق مكاسب سياسة إقليمية.

رابعًا: الأدبيات السابقة

هناك مجموعة من الأدبيات تناولت كلا من الاتجاهين؛ الاتجاه الأول المتمثل في الأسباب والمتغيرات المحلية وتأثيرها على تراجع مكانة مصر ودورها إقليميًا، وهذا متمثل في الجزء الأول من فترة الدراسة، واتجاه آخر يتناول مكانة مصر الإقليمية وعودتها، وهو الذي يشتمل عليه الجزء الثاني من فترة الدراسة.

  • الاتجاه الأول “يركز على الأسباب والمتغيرات المحلية وتأثيرها على تراجع مكانة مصر ودورها إقليميًا”

– في دراسة بعنوان “التطورات الداخلية في مصر وتداعيتها على مكانتها الإقليمية (٢٠١١-٢٠٢٠)”[2]، تناول الباحث محمد أبو ليلة تأثير المتغير المستقل المتمثل في التطورات الداخلية في مصر على مكانتها الإقليمية كمتغير تابع، حيث أوضحت نتائج الدراسة في جزءها الأول أن المكانة الإقليمية المصرية تأثرت سلبًا بسبب الأحداث الداخلية التي شهدتها البلاد منذ مطلع عام ٢٠١١، والذي أدى إلى تراجع المكانة الإقليمية المصرية، حيث ترجع أهم اسباب تراجع مصر إقليميًا إلى عدم استقرارها الداخلي وتعدد القيادات السياسية في فترة قياسية، في ظل عدم وضوح الرؤية المستقبلية المصرية لقضايا المنطقة، وخاصة في فترة تعاظم الأحداث الداخلية التي شهدتها البلاد مع استغلال المنافسين والقوى الدولية لمحاولة إزاحة مصر عن دورها المحوري في قضايا الإقليم.

– في دراسة بعنوان “التغير في السياسة الخارجية المصرية في أعقاب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١”[3]، قام الباحث نشأت عنتر أمين بتناول موضوع التغير في السياسة الخارجية المصرية في أعقاب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، من ثم فهي تغطي الفترة الممتدة منذ إعلان تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك من الحكم وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد وحتى حلول الذكرى الثالثة لثورة ٣٠ يونيو، قد حاولت الدراسة بحث تأثير الثورة (كمتغير مستقل) على التغير في السياسة الخارجية ( كمتغير تابع)، ذلك على المستويين: النظري والتطبيقي، وأثبت وجود علاقة ارتباطية بينهما، وإن كانت هناك عوامل أخرى تتداخل لتحديد مسار وشكل هذه العلاقة وتؤثر في فاعلية التغير المنشود وتحدد أشكاله ومستوياته، تناول تحليل للعلاقة بين الثورة وتغير السياسة الخارجية خلال أربعة مراحل مختلفة تلت الثورة؛ (فترة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة -فترة حكم محمد مرسي- فترة حكم عدلي منصور- العامين الأولين من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي)، تناولت الدراسة تأثير وانعكاسات ثورة ٢٥ يناير على السياسة الخارجية المصرية من حيث توجهاتها، أهدافها، أدواتها، قضاياها، دوائر حركتها ، بالإضافة الي تحليل السياسة الخارجية المصرية خلال فترة الدراسة بالتركيز على ثلاث قضايا رئيسية من قضايا السياسة الخارجية المصرية، من نتائج هذه الدراسة أن الحدث الثوري في ذاته أصبح في فترة من الفترات التي تلت الثورة محددًا وموجهًا للسياسة الخارجية المصرية، مثل النظام الدولي في تلك الفترة ضاغطًا على حركة السياسة المصرية إزاء سد النهضة فيما يتعلق بدعم القوى الكبرى لأثيوبيا في سعيها لتغيير موازين القوى في النظام الإقليمي لحوض النيل، السياسة الخارجية المصرية على الساحة الإقليمية في تلك الفترة خاصة تجاه الازمة في سوريا وليبيا واليمن كانت تستند لاعتبارات المصلحة الوطنية والأمن القومي العربي ذلك لأن الوضع لا يسمح بالدعم الغير مشروط، غلبة ملامح الاستمرارية في السياسة الخارجية المصرية تجاه قضية الصراع العربي-الاسرائيلي، وتفسير ذلك يرجع إلى هيمنة المحددات والقيود الداخلية على عملية صنع القرار المصري، فيما يتصل بقضية مياه النيل، كشفت الدراسة عن أمرين؛ الأول أن هذا الصراع بين إثيوبيا وبين مصر سواء فيما يتصل بالاتفاقية الإطارية أو ما يتعلق بأزمة سد النهضة هو في جوهره صراع سياسي استراتيجي على فرض النفوذ في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي، والرغبة الإثيوبية في تحويل موازين القوى في هذا النظام الإقليمي الفرعي، الثاني: هو حقيقة صعوبة الموقف المصري خلال عملية التفاوض المستمرة أمام تعنت الموقف الإثيوبي واستمراره في انتهاج سياسة “فرض أمر واقع يصعب تغييره”، وعدم إبداء القدر الكافي  من المرونة تجاه العديد من ” إجراءات بناء الثقة” التي اتخذتها مصر خاصة منذ وصول الرئيس السيسي للحكم في يونيو ٢٠١٤.

– في دراسة بعنوان “المتغير القيادي وأثره على السياسة الخارجية المصرية (٢٠١٢-٢٠١٦)”[4]، تناول الباحث محمد صابر حسن بيان أثر المتغير القيادي على السياسة الخارجية المصرية على الصعيد العربي والدولي، حيث أشار أنه يوجد علاقة تفاعلية ارتباطية ايجابية بينهم، حيث تلعب القيادة السياسية دورًا محوريًا في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية المصرية والمكانة الذي تصل إليها مصر إقليميًا ودوليًا، لذلك كانت المتغيرات المحلية المتمثلة في تغير القيادة السياسية في مصر في تلك الفترة أثره السلبي على مكانة ودور مصر الإقليمي الذي أدى بها الي التراجع.

– في دراسة بعنوان “توجهات السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١: دراسة في تقييم أداء السياسة الخارجية المصرية بعد الثورة”[5]، تناول الباحث أركان إبراهيم عدوان استعراض السياسة الخارجية المصرية تجاه بعض الأطراف، والقضايا الإقليمية، منذ ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وذلك من أجل تقييم ما إذا كان هناك أي تغيير أو تطور قد طرأ على أداء السياسة الخارجية المصرية، والدور الإقليمي المصري بعد الثورة، أو أنها مازالت على حالها إبان فترة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، أم تراجعت حتى عن المستوى المذكور، وذلك عن طريق استعراض ملامح وتوجهات السياسة الخارجية المصرية في عهد مبارك، ومقارنتها بالسياسة الخارجية المصرية في فترة ما بعد الثورة، من أجل ملاحظة ما إذا كان هناك أي تغيير أو تحول حقيقي في توجهات السياسة الخارجية والدور الإقليمي المصري من عدمه، توصلت الدراسة الي أن في الفترة التي تلت الثورة كانت السياسة الخارجية المصرية تفتقر إلى ( استراتيجية واضحة) تعبر عن الرغبة في تحقيق أهداف معينة، وآليات عملية واضحة لتحقيق تلك الأهداف، فضلًا عن استمرار الدور المهيمن لمؤسسة الرئاسة في عملية صنع قرار السياسة الخارجية، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تأثر التوجهات المصرية الخارجية بتوجهات (الرئيس) وانطباعاته تجاه الدول الأخرى.

– في دراسة بعنوان “الدور الإقليمي لمصر: سيناريوهات ما بعد الثورة”[6]، تناول الباحث محمد هادي النجداوي الدور المصري الإقليمي بعد الثورة، وأوضح ذهاب الدور المصري للانزلاق نحو الانحسار والتراجع وكذلك الخروج عن المألوف بشكل غير معهود في تلك الفترة، ويمكن أن يعزى هذا التراجع والضعف خاصة بما يتعلق بالملفات والقضايا الإقليمية إضافة إلى التغير المستمر في معطيات البيئة الإقليمية والدولية وما تفرضه معها من ضغوطات على صانع القرار المصري من جهة، ومن جهة أخرى الي الإشكالات والمتغيرات الداخلية، هذا دون إغفال إرادة التحرك نفسها التي وإن وجدت تستطيع مصر أن تجد لها هامشًا للتأثير في دوائر تحركها الخارجي.

– في دراسة بعنوان “البحث عن المكانة: إشكالية الدور الخارجي المصري”[7]، أوضح الباحث محمود جبر أن الثورة والتغيرات في القيادة السياسية والمجتمع السياسي في مصر كان له أثره الذي أنصب بشكل كبير على الدور الخارجي لمصر، حيث إن توجهات النظام السياسي الجديد في مصر وما يتبعه من أجندة معينة في السياسة الخارجية هو الذي يحدد دور مصر إقليميًا، الذي بدوره سيحدد مكانتها، حيث يرى أن التراجع في المكانة المصرية تعبيرًا عن حالة الضعف التي أصابت البيئة الداخلية للدولة المصرية جراء سياسات القيادات السياسية المتغيرة.

التعقيب

تناولت هذه الدراسات التي تم عرضها المتغيرات محل الدراسة بالتحليل العلمي، وأبرزت التأثير الذي ألحقته بالوضع في الداخل المصري بشكل كبير، كما أوضحت البعد الخارجي لهذه المتغيرات وتأثيرها، ولكن العرض لتأثير هذه المتغيرات على المكانة الإقليمية لم يكن بالشكل الكافي الوافي، ولم يتم تقديم حلول ومعالجة لهذه التأثيرات التي تركتها هذه المتغيرات خاصةً للمكانة الإقليمية المصرية، ولم يتم تقديم رؤية استشرافية للوضع، وهذا القصور هو ما سيتم تقديمه وتناوله بالتحليل في دراستناـ

  • الاتجاه الثاني “يركز على مكانة مصر الإقليمية وعودتها”

– في رسالة بعنوان “دور المشاركة المصرية في عمليات حفظ السلام في إفريقيا وأثرها على دورها الإقليمي بالقارة”[8]، تناول الباحث طارق أحمد حسن ما يلي، إن هذه الدراسة تقوم باختبار الفرض الرئيسي وهو أثر المشاركة المصرية في عمليات حفظ السلام على دور مصر الإقليمي بالقارة الإفريقية، وبيان الرؤية الاستشرافية لمصر في عمليات حفظ السلام، لمواكبة التحديات والمستجدات على الساحة الدولية في ضوء تغير متطلبات الأمم المتحدة والتهديدات التي تواجه الأمن والسلم الدوليين، وقد خلصت الدراسة  في تحليلها إلى أن المشاركة المصرية في عمليات حفظ السلام قد ساهمت في إبراز الدور المصري في القارة الإفريقية ومهدت لحصول مصر على العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، ثم رئاستها للاتحاد الإفريقي عام ٢٠١٩، كما أشارت الدراسة إلى أهمية قيام مصر بتطوير مشاركاتها من حيث التدريب الإعداد التجهيز، حتى تحافظ على مكانتها في صدارة الدول المساهمة بقوات على مستوى العالم، مع إلقاء الضوء على أهمية المشاركة بعناصر معاونة على حساب العناصر المقاتلة لما في ذلك من تفعيل الدور المصري، بين مواطن الدول التي تشارك مصر بقوات فيها، الأمر الذي يؤثر بالإيجاب على الدور المصري في القارة ويعيد لها مكانتها الإقليمية والدولية.

– في دراسة بعنوان “الدور المصري الإقليمي في الخليج العربي في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي”[9]، تناول الباحث رافع شريف توضيح طبيعة العلاقة المصرية الخليجية والتي كانت تدور في فلك التعاون بشكل كبير مع حدوث صراعات طفيفة بين مصر والدول الخليجية، وأنه في السنوات الأخيرة تصاعد جدل خاصة في دوائر الصحافة والإعلام، حول افتراض مؤداه تقلص الدور الإقليمي المصري في الدائرة العربية، وبصفة خاصة انكماش مساحة تواجدها في المحيط الخليجي، كنتيجة لتراجع مكانتها في الإقليم، إلا أن هذا التراجع بات ماضيا بتغير القيادة السياسية المصرية ووصول الرئيس عبدالفتاح السيسي للسلطة والذي سعى للقيام بدور اللاعب الذي يمكن أن يكون على قدر متوسط في إدارة لعبة السياسة الإقليمية في المنطقة، وذلك من خلال المشاورات الدائمة مع دول الخليج العربي، والحضور في القضايا كافة والتحديات التي تواجه المنطقة العربية ومنطقة الخليج للعربي على وجه الخصوص.

– وأوضحت دراسة بعنوان “السياسة الخارجية المصرية تجاه إفريقيا بعد ٣٠ يونيو”، أن هناك ثوابت ومحددات للسياسة الخارجية المصرية تجاه القارة الإفريقية، وهو ما يتضح من خلال المواقف المصرية بشأن القضايا والموضوعات الإفريقية، والتي تؤكد حرص مصر وقيادتها السياسية على العودة بقوة لمحيطها الإقليمي خاصة بعد ثورة ٣٠ يونيو.

فقد كان لمصر موقفها المؤثر والهام في بعض الأزمات التي عرفتها القارة السمراء مؤخرًا منها:

الأزمة الليبية، الأوضاع في الصومال، التحرك الحثيث بحل الصراعات السياسية في إفريقيا الوسطى ومالي وكوت ديفوار، مكافحة الأمراض المنتشرة في ليبيريا وسيراليون وغينيا، مكافحة الإرهاب وأمن الساحل والصحراء (التشاد – النيجر)

كما تشارك مصر في القمم المعنية بالشأن الإفريقي منها:

المشاركة المصرية في قمة إفريقيا – الولايات المتحدة بواشنطن في أغسطس ٢٠١٤، والمشاركة المصرية في اجتماعات التكتل الثلاث (الكوميسا – السادك – تجمع شرق إفريقيا) ببورندي في أكتوبر ٢٠١٤، والمشاركة في قمة (روسيا – إفريقيا) التي عقدت بمدينة سوتشي في روسيا الإتحادية، في أكتوبر ٢٠١٩، والمشاركة في القمة البريطانية الإفريقية للاستثمار – لندن – يناير٢٠٢٠

– في دراسة بعنوان “التحالفات الدولية والإقليمية المصرية في ضوء نظرية التحالف الدولي: الثوابت والمتغيرات”[10]، قام الباحث السعيد عزت السعيد بتناول التحالفات الدولية والإقليمية لمصر من عام ٢٠١١-٢٠١٨، وما طرأ عليها من تغيرات في ظل نظرية تحول القوة في العلاقات الدولية، حيث تتبنى الرسالة مفهوم التحالفات المرنة والذي من شأنه أن يتيح الكثير من الاختيارات أمام الدولة المصرية في بناء علاقاتها الخارجية وفقًا لمقتضيات المصلحة الوطنية، وفي ظل بيئة إقليمية يغلب عليها طابع الاضطراب، يركز الفصل الأول على التأصيل النظري للتحالفات المرنة ومؤشرات تحول القوة في المنطقة العربية، فضلًا عن توضيح المركب الإقليمي الذي تتواجد فيه مصر، والمخاطر الناتجة عن وجودها في منطقة بهذا التعقيد، كما يتناول الفصل الثاني من الرسالة العلاقات الإقليمية لمصر مع الدول الكبرى بالإقليم، كذلك أهم القضايا التي شكلت تحركات الدولة المصرية تجاه تلك الدول، والمحددات أمام صانع القرار المصري من أجل اتباع نمط معين في العلاقات لضمان الحفاظ على المصالح المصرية.

– في دراسة بعنوان “الدور المصري في إفريقيا بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣”[11]، تناول الباحث سامي السيد أحمد في هذا الدراسة توضيح أنه بعدما شهد الدور المصري في إفريقيا تراجعًا ملحوظًا في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وترتب على ذلك تداعيات سلبية على المصالح المصرية المتنوعة في إفريقيا، بعد ثورة ٣٠ يونيو باتت الدولة المصرية وقيادتها السياسية تتطلع لاستعادة دورها الفاعل في إفريقيا والتخلص من حالة الوهن التي أصابت العلاقات المصرية – الإفريقية، حيث سعت الدراسة لتوضيح الأهداف والمصالح المصرية في إفريقيا والتي من شأنها تساعد في تعزيز الجهود من أجل استعادة هذا الدور، وتوضيح الجهود والتحركات التي تم اتخاذها بعد ثورة ٣٠ يونيو لحماية وتعزيز هذه المصالح واستعادة الدور المصري الفاعل في القارة، بالإضافة لتوضيح آفاق الدور المصري في إفريقيا والسبل التي اتبعتها مصر للتغلب على المعوقات المختلفة التي واجهها الدور المصري في إفريقيا.

– في دراسة بعنوان “مصر ما بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣: مكانة إقليمية ودولية غير مسبوقة”  تناولت الباحثة إيمان أبو العطا نتائج ثورة 30 يونيو، وما استطاعت الدولة المصرية تحقيقه بعد هذه الفترة من التراجع والانهيار في المكانة الإقليمية، حيث كان ذلك بمثابة القاعدة الخرسانية الصلبة التي استندت عليها مؤسسات الدولة المصرية، من أجل الارتقاء بدور مصر الريادي، إقليميًا ودوليًا، ليس فقط لاستعادته، بل لرسم صورة غير مسبوقة أمام العالم، بدليل أن ما تحدث عنه الرئيس عبدالفتاح السيسي في خطاب تنصيبه لرئاسة مصر عام 2014 بشأن رسم مبادئ سياسة خارجية لمصر قوامها الاحترام المتبادل والدبلوماسية والحكومة والالتزام بالقانون الدولي وعدم التدخل في شئون الغير، تعزيز الجهود الرامية لإعادة صياغة طموحات الدولة على الصعيد الإقليمي والدولي، هو ما نجحت مصر في تحقيقه بالفعل.

التعقيب

نستخلص مما سبق أن مكانة مصر الإقليمية تأثرت تأثر بالغ نتيجة الأحداث التي تعرضت لها إبان ثورة يناير2011م، وما تلاها من سنوات بعدها، إلى الدرجة التي زعزعت مكانتها الإقليمية وجعلتها تتراجع بشكل واضح، على مستوى مكانتها ودورها الإقليمي، ثم وبعد استقرار الأوضاع السياسية -إلى حدٍ ما- تم معالجة هذا الوضع الإقليمي وبدأت رحلة الصعود من جديد، ذلك عن طريق اتباع العديد من الطرق المباشرة وغير المباشرة، وقد جاءت دراستنا لتجمع تأثيرات العوامل والمتغيرات المحلية على المكانة الإقليمية، وليس فقط الاقتصار على التأثير على السياسة الخارجية وتوجهاتها وتغييرها كما في غالبية الأدبيات، وفي مجال بحثنا في هذا الموضوع وجدنا قصور في تناول المكانة الإقليمية لمصر ووضعها داخل إقليمها خاصة في الفترة الممتدة من بعد ٢٠١١، وجاءت دراستنا لتسد هذه الخانة البحثية، كما أن الدراسات كانت تركز على البعد العربي أو الإفريقي ولكن بشكل غير مباشر بالتركيز على مفهوم المكانة الإقليمية، ولكن بشكل تابع وملحق لموضوع الدراسة، ولكن في دراستنا نركز على المكانة الإقليمية بشكل محدد وواضح، كما نركز على البعدين العربي والإفريقي وأيضًا على القوى الإقليمية غير العربية، ومع التفاعلات مع مختلف القضايا على الساحة الإقليمية، كما كان لتحركات مصر المتوازية على كافة الأصعدة دور هام وبارز في تناول كافة القضايا الإقليمية وهو ما أعادها للواجهة بشكل ملحوظ، وهذا بعد آخر سيتم تسليط الضوء عليه في دراستنا، مع تقديم رؤية استشرافية لمكانة مصر الإقليمية مبنية على سيناريوهات واقعية.

خامسًا: الإطار النظري والمفاهيمي

  • الإطار النظري

يمكننا النظر إلى تلك الدراسة بعدسة نظرية الدور، والتي تميزت في بحثها في السلوك السياسي الخارجي للوحدة الدولية، وذلك من أجل الوصول إلى تفسيرات لأسباب اختلاف السلوك الخارجي للدول والذي يمكن أن يقترن بمصادر قوة متساوية، ويمكن استخدامها في تحليل سلوكيات الدول على المستوى الداخلي والخارجي، كما أن نظرية الدور استخدمت في دراسة صنع القرار في السياسات الداخلية للدول، بالتركيز على تحليل سلوكيات الفاعلين الرسميين وغير الرسميين في الدولة، كدراسة وتحليل سلوكيات رؤساء الدول والوزراء، أو منظمات المجتمع المدني، وكذلك دراسة توقعات الرأي العام من خلال محاولة قياسه.[12]

وتقوم نظرية الدور أساسًا على افتراض أن أفعال الوحدات السياسية الدولية في غالبيتها تحكمها وتسيرها تصورات وتوقعات معينة حول ضرورة قيامها بدور أو مجموعة من الأدوار في النظامين الإقليمي والدولي.

نشأت نظرية الدور وتطورت في إطار علم الاجتماع الغربي منطلقة من أسس اجتماعية سيكولوجية بالدرجة الأولى، بغية فهم موقع الفرد وتأثيره في السياسة الداخلية والعالمية، فضلًا عن الرغبة في فهم وتطوير النسق السياسية، مما دعا علماء السياسة المعاصرين لوضع بُنْية نظرية لمفهوم الدور في إطار علم السياسة.

يعرف الدور في السياسة الخارجية بأنه: “الوظيفة أو الوظائف التي تقوم بها الدولة في الخارج إن كان على المستوى الدولي أو الإقليمي، والتي تسعى من خلالها لتحقيق أهدافها مع مراعاة ما تملكه الدولة من إمكانيات مادية وغير مادية في ذلك”.

ويعرفه الدكتور إسماعيل صبري مقلد “بأنه محصلة ما تقوم به الدولة من أفعال وممارسات على الصعيد الدولي، والتي تهدف منها إلى تحقيق ما تحدده لسياستها الخارجية من أهداف أو لما تحاول الدفاع عنه من قيم ومصالح عليا”، أو أنه في نظر صبري مقلد: الأداة التي تستخدمها الدولة في الدفاع عن أهدافها ومصالحها القومية، من خلال ما يوفره هذا الدور من قدرة على التفاعل المستمر مع النظام الدولي ووحداته المختلفة.

وعليه فإن لكل وحدة دولية دورًا تؤديه في النسق الدولي وبشكل مستمر، وهذا ما يعد من أهم ملامح وعلامات سياستها الخارجية.

وعرف كال هولستي – Kal Holsti الدور بأنه “تعريفات صناع القرار للأنواع العامة للقرارات والالتزامات والقواعد والسلوكيات التي تصدر عن دولهم، وللوظائف التي ينبغي على أية دولة أن تؤديها على أساس مستمر سواءً في النظام الدولي أو النظام الإقليمي الفرعي”.[13]

أما ستيفن والكر – Steven Walker فقد عرَّف مفهوم الدور على أنه: “تصورات واضعي السياسات الخارجية لمناصب دولهم في النظام الدولي”.

ولعل مفهوم الدور من المنظور السياسي أخذ أبعادًا مختلفة بين الدور الوطني والسياسي الخارجي والدولي، فالدور الوطني يشمل أنماط السلوك ومجموعة المواقف المتوقعة من الأشخاص الـذين يحتلون مناصب في هيكل صنع القرار، واصفًا أنواع الأعمال التي تؤدى ضمن كـل موقـف، والدور السياسي الخارجي يرتبط بالسلوك السياسي الخـارجي للدولـة وينصرف إلى الوظائف الرئيسية التي تقوم بها الدولة في الخارج عبر فترة زمنية طويلة وذلك في سعيها لتحقيق أهداف سياستها الخارجية، وبالتالي جمـود أو قصـور إدراك صانعي السياسة الخارجية في تحديد الدور المطلوب في الوضع أو المكانة أو الاتجاه الذي يتطلبه، من الممكن أن يُحدث فجوة أو حالة من عدم التوازن بين القوة والدور دون تعديل أو تكييف، والذي يشكل تهديدًا للنظام الدولي في حالة حدوث انقلاب مفاجئ فيما يتعلق بتوقعات الأمن مستقبلًا في دولة أخرى.

نظرية الدور في حقل العلاقات الدولية:

انطلاقًا من النجاح الذي حققته نظرية الدور في تحليل سلوك الفرد في الحياة الاجتماعية، حاول بعض الباحثين الاستعانة بها في دراسة الظواهر السياسية ونقلها إلى حقل العلاقات الدولية، فقد تم نقل مفهوم الدور إلى مجال السياسة لدراسة دور الدولة كفاعل ضمن مجموعة من الفواعل الأخرى، على اعتبار أن الدولة تُعَبِّرْ عن إرادتها ضمن سلوك سياسي خارجي.

فنظرية الدور من المنظور السياسي تهتم بدراسة سلوك الدول بوصفها أدوارًا سياسية تقوم بها الوحدات في المسرح السياسي الدولي، والدور هو “مجموعة من الوظائف الرئيسية التي تقوم بها الدولة في الخارج عبر فترة زمنية طويلة، وذلك في إطار تحقيق أهداف سياستها الخارجية”.

وعليه يمكن القول: إن الدور ليس مجرد قرار أو سلوك أو هدف، بل يُعبر عن مجموعة من وظائف محورية تقوم بها الدولة في فترة زمنية معينة، وهذا يتطلب منها مراعاة ثلاثة جوانب رئيسية:

تحديد مركزها في العلاقات الدولية ورسم مجال حركتها بدقة، وهذا انطلاقا من توصيفها لنفسها ضمن أي خانة من الدول تنتمي (عظمى – كبرى – إقليمية – صغرى) ومنه يتحدد توجهها هل إقليمي أو عالمي؟

تحديد وضبط دوافع سياستها الخارجية.

توقعها لحجم التغيير الذي يمكن أن تحدثه نتيجة أدائها لهذا الدور حتى تستطيع تقييم هذا الأداء.

وعليه فنظرية الدور تساعد على فهم السلوكيات الخارجية للدول تجاه بيئتها الدولية أو الإقليمية.

المتغيرات التفسيرية لنظرية الدور:

تُعد نظرية الدور من النظريات الجزئية في العلاقات الدولية والتي تختص بدراسة وتفسير السلوكيات الخارجية للدول، حيث يُوضح المفكر كال هولستي – Kal Holsti بأن الدول قد تتشابه في مصادر القوة لكنها تختلف في السلوكيات فلماذا هذا الاختلاف في السلوكيات؟

في الحقيقة هناك ثلاث متغيرات تفسيرية أساسية تعتمد عليها نظرية الدور في التفسير وهي:

مصادر الدور: والتي تتخذها كمتغيرات مستقلة في التفسير، ويقصد بها الخصائص الوطنية للدولة من مقومات وإمكانيات مادية وغير مادية.

تصور الدور: وتتخذها كمتغيرات وسيطة، والتي تُعنى بتصورات وإدراكات صناع القرار لأدوارهم سواءً كان إقليميًا أو دوليًا، فامتلاك الدولة لمقومات مادية أو غير مادية لا يعنى بالضرورة أنها سوف تُؤدي دور خارجي فعال، حيث يجب على صانع القرار أن تكون لديه خبرة وإرادة القيادة التي تتحدد من خلال الخصائص الشخصية التي يحوز عليها؛ فلهذه العوامل تأثير كبير في تحديد سلوك الدولة على المستوى الخارجي، فضلًا عن أنها قادرة على أن تلعب دورًا في عملية اتخاذ القرار، وفي التمييز بين سلوك الوحدة مع باقي الوحدات.

    أداء الدور: وهي مخرجات السياسة الخارجية من قرارات وسلوكيات، والتي تُعد متغيرات تابعة، حيث تتحكم فيها درجة الفاعلية الأداء.

وعليه فالدور يعتمد بالأساس على مدى رؤية وتصور صانع القرار لدوره – كمتغير وسيط -، انطلاقًا من تقييمه لقدرات وإمكانيات دولته والتي يُطلق عليها كذلك “مؤهلات الدور” حيث لا يمكنها تخطي هذه الإمكانيات حتى لا يتآكل الأساس المادي للدور من جهة، ومدى قدرته على تهيئة البيئة الخارجية لقبول هذا الدور والتجاوب معه عندما يدخل مرحلة التنفيذ أي أداء الدور من جهة أخرى.

بمعنى آخر، على الدولة حتى يكون دورها فعالًا التعرف على طبيعة الظروف الخارجية المصاحبة لأداء هذا الدور، ومدى انعكاساتها سلبًا أو إيجابًا على النتائج المحققة من هذا الأداء، كما يجب مراعاة حجم قدراتها التي تؤهلها لهذا الدور.[14]

  • الإطار المفاهيمي
  • المكانة الإقليمية

أولًا: التعريف الاسمي

عرفتها الباحثة أسماء قطاف في دراسة ” الدور الإقليمي في السياسة الخارجية: دراسة مفاهيمية نظرية”، أن المكانة الإقليمية تتمحور حول طبيعة الدور الذي تقوم به هذه الوحدة القومية في علاقتها بالنظم والوحدات الإقليمية المجاورة، ويُعد التغير في طبيعة هذا الدور المنوط بهذه الوحدة القومية استجابة لمعطيات متعددة تخضع لعامل الزمن أو التغير في قيم النظام السياسي وإدراك القائد للبيئة الخارجية وقدرة وحدته على إحداث تغيرات في المكانة الإقليمية لهذه الوحدة، حيث تعاظم الدور الذي تقوم به على الساحة الإقليمية وإيجابية هذا الدور يستتبعه بالضرورة تعاظم في مكانتها الإقليمية والعكس صحيح.[15]

عرفها الباحث مصطفى الفقي في مقالة “حيوية الدور الإقليمي”، إن المكانة الاقليمية لا تتعلق فقط بدور الدولة على الساحة الإقليمية، بل حتى وإن كانت الدولة غائبة الدور إقليميًا ودوليًا فإن قوتها الداخلية وتماسكها أفضل لها من الانتشار السياسي ومحاولة لعب دور خارج حدودها وهو ما يعطيها مكانة إقليمية، حيث يرى أنه يمكن للدولة محاولة القيام بدور على الساحة الاقليمية ويؤدي ذلك إلى نتيجة عكسية وإضعاف هذه الدولة وبالتالي تراجع مكانتها الإقليمية، حيث يرى أيضًا أن للدور تكاليف سياسية ومادية كبيرة.[16]

قام الباحث محمد هادي النجداوي بتعريف المكانة الإقليمية في مقالة “الدور الإقليمي”، هو تعريفا يجمع بين أن هذه المكانة الإقليمية تنبع وبشكل أساسي من الدور الذي تقوم به الدولة على الساحة الإقليمية ولكن لا تقتصر المكانة على هذا الدور فقط، بل إن الثقل الديموغرافي، المخزون الحضاري، الموقع الجغرافي، مركزها الثقافي والسياسي والأيدولوجية التي تحكم الدولة وهدفها من إقامة وحدة وتنمية على الساحة الإقليمية، كل ذلك يؤهل الدولة كي تكتسب مكانة إقليمية كبيرة وتلعب دور الدولة النموذج التي يجب أن تقتضي به باقي الدول وتحدد سياستها تبعا لعلاقتها مع هذه الدولة الرائدة ذات المكانة الإقليمية الراسخة.[17]

نظر العالم الأمريكي ديسترادي في مقالة بعنوان:

” To lead or not to lead: regional powers and regional leadership”

إلى المكانة والقيادة الإقليمية على أنها هدف ضمن الإستراتيجية الكبرى لقوة إقليمية، سيتم السعي لتحقيق هذا الهدف في غياب قيود هيكلية ومحلية معينة، كما تحدد منافسة القوى العظمى حوافز القيادة الإقليمية على المستوى الهيكلي، حيث كلما أرادت الدولة زيادة مكانتها دوليًا في منافسة القوى العظمى تضع لنفسها هدفًا محددًا في زيادة مكانتها الإقليمية أولًا، كما تؤثر القدرة على استخراج الموارد وتعبئتها للسياسة الخارجية على قرار متابعة القيادة على المستوى المحلي لتحقيق هذا الهدف.[18]

عرف العالم بارينهولد في مقالة بعنوان:

“Regional development as a mean for regional leadership”

أن المكانة الاقليمية تتحدد وفقا للجهود التي تبذلها الدولة من أجل تنمية هذا الإقليم، لا يقتصر ذلك على نواحي معينة فقط وإنما يدور حول جميع النواحي والمجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، بوجود مثل هذا الدور التنموي للدولة على الساحة الإقليمية تتحدد وفقا له مكانتها الإقليمية وقدرتها على تعظيم هذه المكانة وقيادة الإقليم، على عكس الدول التي لا تهتم بإحداث التنمية الإقليمية فتُثبت عدم قدرتها على القيادة وبالتالي تتحدد مكانتها الإقليمية بالتضاؤل.[19]

ثانيًا: التعريف الإجرائي

يتم التعريف الإجرائي من خلال عدة مؤشرات يمكن بها قياس المفهوم:

١- دور الدولة في الأحداث والقضايا الإقليمية: أن مكانة الدولة إقليميًا يمكن قياسه بمدى تدخل الدولة ودورها في الأحداث والقضايا الجارية على الساحة الإقليمية، لكن هذا الدور يتعلق بمدى قوته ومدى قدرة الدولة على توظيف مصادر وموارد القوة الشاملة بفاعلية، البعض يطلق عليها “قاعدة القوة” التي تبنيها الدولة من أجل استثمارها في السياسة الخارجية باعتبارها أحد المعايير النظرية للقوة الشاملة، إن هذا الدور يُعد انعكاسًا لكفاءة الدولة في تخصيص مواردها الطبيعية والبشرية وقدراتها النوعية وتماسك جبهتها الداخلية بالإضافة إلى دور السلطة في الإدارة، إن وجود دور إيجابي للدولة في التدخل في الأحداث والقضايا الإقليمية يبني لها مكانة كبيرة على الساحة، والعكس صحيح وجود دور ضعيف للدولة وعدم التدخل في الأحداث والقضايا الاقليمية أو حتى التدخل السلبي دون إحداث تأثير وتغيير يُضعف مكانتها.[20]

٢- التأثير على قرارات الدول على الساحة الإقليمية: واحدة من أهم مقاييس ومؤشرات وجود مكانة للدولة على الساحة الإقليمية هي قدرة هذه الدولة على إحداث تأثير على قرارات واتجاهات الدول في الساحة الإقليمية مستخدمة في ذلك أدوات سياستها الخارجية بفاعلية، مثال على ذلك كيفية قيام الدولة بإجبار أو تحييد طرف في صراع وإعادة توجيهه من مسار الحرب إلى مسار السلام عن طريق تأثيرات هذه الدولة على قرارات واتجاهات الدول الإقليمية الأطراف في هذا الصراع، أو التأثير على هذه الدول لاتخاذ قرارات اقتصادية أو سياسية أو عسكرية بما تراه يُناسب مصالحها، مستخدمة في ذلك أدوات القوة الناعمة والصلبة لإحداث هذا التأثير، بتحقيق ما سبق ذكره يمكن اعتباره دليل ومؤشر على وجود مكانة ودور إقليمي لهذه الدولة يمكن أخذه في الاعتبار، وعدم القدرة على إحداث التأثير يعد مقياسًا على تراجع مكانة ودور الدولة الإقليمي.[21]

٣- الدعم الاقتصادي التي تقدمه للدول على الساحة الإقليمية: يُعد مؤشر كبير على مكانة أي دولة على ساحتها الإقليمية هو مقدار الدعم الاقتصادي التي تقدمه للدول الموجودة في هذه الساحة، حيث يعد اعتماد الدول على دولة معينة في الساحة الاقليمية خاصة في الجانب الاقتصادي دليلًا على مكانة هذه الدولة وأهميتها الإقليمية بالنسبة للإقليم الموجودة فيه، حيث إن الموارد الاقتصادية عاملًا حاسمًا ومهمًا ومن أبرز الأمور التي تتحكم في علاقة أي دولة وباقي الدول في نطاقها الإقليمي، هنا تبرز أهمية محاولات التكامل القومي بين الدول على الساحة الإقليمية وتزعم دولة معينة هذا التكامل القومي الإقليمي مؤشرًا على ازدياد مكانتها الإقليمية، والعكس صحيح حيث يُعد طلب هذا الدعم الاقتصادي من دول اخرى أو الاعتماد على دول أخرى على الساحة الإقليمية اقتصاديًا دليلًا على ضعف الدولة وتراجع دورها ومكانتها الإقليمية، حيث إن الأداة الاقتصادية ثاني أهم وأكثر أدوات السياسة الخارجية استخدامًا للتأثير على وحدات النسق الإقليمي والدولي وتحقيق أهداف الدولة.[22]

٤- اللجوء للدولة في حل النزاعات على الساحة الإقليمية: إذا كانت الدولة لها مكانة كبيرة على الساحة الإقليمية عادة ما تلجأ إليها الدول للوساطة في حل النزاعات وتصفيتها فيما بينها، وتشير سرعة استجابة الأطراف للوساطة في النزاعات والصراعات أيضًا إلى مكانة هذه الدولة الإقليمية وأهميتها ويكون لها دور مركزي في تنسيق الأدوار الإقليمية خلال الأزمة، بالإضافة إلى تطوير الموقف من حالة حرب إلى حالة تسوية وتنجح في إحداث ردع استراتيجي لتفاقم الأزمات والنزاعات، كما تتمثل مكانتها أيضًا فيما يعرف ب “استراتيجية اليوم التالي” أي قدرتها على الحفاظ على استمرار الانخراط في مراحل ما بعد التسوية والحفاظ على مكتسبات ما تحقق من إنجاز.[23]

٥- التمثيل الدبلوماسي: يُعد التمثيل الدبلوماسي للدول جزء لا يتجزأ من سياستها الخارجية سواء كانت الإقليمية أو الدولية، وطبقًا لأهمية هذا السلوك الخارجي للسياسة الخارجية فإن له دور في تحديد أهمية ومكانة الدولة على الساحتين، يعد التمثيل الدبلوماسي من الدول الأخرى للدولة التي ترغب في تحديد مكانتها الإقليمية مثلا هو مقياسًا واضحًا على مدى أهمية ومكانة هذه الدولة على الساحة الإقليمية، كلما زاد تمثيل الدول الدبلوماسي لدى هذه الدولة كان ذلك مؤشرًا على أهمية ومكانة هذه الدولة إقليميًا ولذلك تسعى الدول الي تنمية العلاقات بينهم في شتى المجالات، كما أن التمثيل الدبلوماسي القائم على إرسال المبعوث الدائم للبعثة الدبلوماسية يعد أيضًا مؤشرًا على مدى أهمية ومكانة هذه الدولة على الساحة وبالنسبة للدول الأخرى، حيث على خلاف ذلك عند أهمية ومكانة الدولة الضعيفة يتم إرسال القائم بالأعمال المؤقت، لذلك مدى التمثيل الدبلوماسي أيضًا يُعد مقياسًا لمكانة الدولة.[24]

  • المتغيرات المحلية

أولًا: التعريف الاسمي

عرفها الباحث محمد أبو ليلة في رسالة الماجستير بعنوان: “التطورات الداخلية في مصر وتداعيتها على مكانتها الإقليمية”، بأن التغير يقصد به التطور التدريجي في ترطيب المجتمع، أو العلاقات، أو القيم أو النظم الموجودة فيه، أو في النواحي المختلفة الداخلية التي توجد داخل حدود الدولة.[25]

عرف الباحث عثمان السيد في مقالة: “البيئة الداخلية”، كذلك تعرف المتغيرات الداخلية بأنها هي: “العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، ذات الصلة الوثيقة داخل حدود الدولة، أو وحدة القرار التي تؤخذ بنظر الاعتبار عند التفكير في سلوكية اتخاذ القرار، ويمكن النظر إلى تحليل البيئة الداخلية بأنها العملية التي من خلالها يختبر الاستراتيجيون عوامل مختلفة وتغييرات هذه العوامل من أجل تحديد نواحي القوة الجوهرية أو الضعف؛ التي بناء عليها سيتم اتخاذ القرارات.[26]

ثانيًا: التعريف الإجرائي

١- تقع داخل حدود الدولة: المتغير المحلي هو متغير داخلي، أي يحدث داخل حدود الدولة، من قبل أي جهة مؤسسية، مجتمعية، قيادية، أي أن وقوعه داخل الدولة يجعله يتسم بالطابع المحلي.

٢- وجود تأثيرات: ينبغي وجود امتداد وتأثير للحدث الواقع داخليًا، سواء كان هذا التأثير يقتصر على الواقع الداخلي فقط أم يمتد للواقع الخارجي أيضًا، حتى يطلق عليه “متغير”، ووقوعه داخليًا يمكن من إطلاق مصطلح “محلي”.[27]

سادسًا: اقتراب الدراسة

التحليل السياسي

التعريف:

منهجية التحليل السياسي تقوم على الإدراك الفكري العميق والشامل للأحداث السياسية من خلال تحليل جذورها ومُدخلاتها ووصولًا إلى المخرجات أيضًا، كما يحلل هذا المنهج طبيعة هذه الأحداث ومساراتها بالإضافة إلى الدوافع التي تُساهم في صُنع هذه الأحداث مع مراعاة الإلمام بالشواهد التاريخية المماثلة كل ذلك وفقًا للفكر الاستراتيجي، كما بجانب هذا التحليل الدقيق للأحداث السياسية وطبيعتها ومساراتها ومدخلاتها ومخرجاتها يقوم أيضًا بالتنبؤ بالنتائج المترتبة على هذه الأحداث وتقديم توصيات.

أهمية منهج التحليل السياسي للأحداث:

إن أهمية منهج التحليل السياسي وتوظيفه للتحليل السياسي للأحداث أهمية كبيرة وضرورية للحياة السياسية والإعلامية وصناع القرار، وليس ذلك فقط بل ولعامة الناس المهتمين بالشئون العامة والمفكرين والكُتاب وغيرهم، حيث يعمق انتشار الوعي والحماية وتخطي الأزمات السياسية والظواهر الخطيرة، حيث يقوم المنهج على تحليل الأحداث والظواهر من خلال أسبابها مع تقديم حلول لها والوصول إلى القرارات الأنسب، وكل ذلك يُشكل مردودًا إيجابيًا خاصة على الدولة والمجتمع والاقتصاد والاستقرار السياسي، كما يُساعد التحليل السياسي النقدي على تقديم علاج للعديد من ظواهر الفساد والاستبداد الموجودة في المجتمع، حيث يعمل على وجود صلة وصل بين جميع الاطراف الفاعلة في الدولة والمجتمع.[28]

أدوات التحليل السياسي:

تقوم منهجية التحليل السياسي للأحداث على مجموعة من الأدوات ومن أهمها:

  • تقوم على العلمية والواقعية والبُعد عن تضخيم الأمور مع استخدام لغة بسيطة يفهمها غالبية الافراد.
  • معطيات الخارطة السياسية والواقع السياسي.
  • المخزون المعرفي الذهني.
  • الطرق العلمية والنظريات الأكاديمية.
  • أدوات البحث العلمي.
  • المعلومات الحديثة والمتاحة مثل التقارير والنشرات والتصريحات الرسمية.
  • المعلومات الخاصة التي يمكن أن يحصل عليها الباحث بحكم موقعه واتصالاته ومدى عمق خبرته في المجال.
  • مصادر التأصيل والإسناد الظرفي والزمني للأحداث والوقائع.[29]

استخدام المنهج:
بعد تعيين الظاهرة السياسية المراد تحليلها، وتوفير المستلزمات النظرية والمعرفية لعملية التحليل تبدأ الخطوات العملية التي ينبغي أن يقوم بها المحلل السياسي، وهذه الخطوات كالآتي:

  • الملاحظة الدقيقة للظاهرة والحدث السياسي المراد تحليله، ذلك لأن الظواهر السياسية سريعة التغير وشديدة التشابك ويرتبط بعضها بالبعض الآخر.
  • معرفة الظرف السياسي الذي وقع فيه الحدث؛ إذ من الضروري أن يلاحظ المحلل المحيط الذي وقع الحدث في أجوائه، ولذلك لأن لبنية المحيط ومشكلاته دورًا وتأثيرًا كبيرًا في حركة الحدث السياسي، ولا يمكن التحدث برؤية صائبة عن الحدث، بدون ملاحظة الظروف السياسية والاقتصادية التي وقع فيها الحدث.
  • التعرف على عناصر التأثير في الحدث (محليا – إقليميا – دوليًا) فمثلًا لا يمكن للمحلل أن يدرك حقيقة الأحداث المتلاحقة في منطقة ما دون معرفة العناصر والقوى ذات التأثير في المعادلة السياسية في المنطقة.
  • الربط بين الأحداث والظواهر السياسية لإظهار ومعرفة مراحل تطور الحدث: حيث إن أغلب الأحداث السياسية ليست منفصلة عن نظائرها، وإنما هي امتداد لمجموعة أحداث أو رد فعل لظاهرة سياسية ما، لذلك فإن الربط بين الأحداث والظواهر السياسية، يكشف للمحلل عن خبايا الحدث ومغازيه وأهدافه.
  • التحليل والتركيب؛ بمعنى أن المحلل السياسي يقسم الظاهرة السياسية أو الحدث السياسي، إلى أقسام، ومن ثم يخطو في التحليل خطوات منظمة بحيث تكون كل نقطة بالنسبة إلى التي تليها بمثابة المقدمة من النتيجة، ويقوم بتحليل الظاهرة السياسية (موضوع البحث والتحليل)، إلى أبسط عناصرها وأدق تفاصيلها، وهذه العملية تؤدي بالمحلل، بشكل طبيعي إلى تتبع نمو الظاهرة والحدث، والوقوف على تفرعاته، ومدى الصلات التي تربط هذه الظاهرة مع ما عداها.[30]

من خلال ما تم عرضه من تعريف وتوضيح لأهمية وأدوات وطريقة استخدام منهج التحليل السياسي، سيتم توظيف هذا المنهج في تناول الموضوع محل الدراسة، وهذا من خلال التوظيف الملائم لأدوات هذا المنهج  القائمة على التحليل العلمي المستند إلى أدوات بحثية تعتمد على مراجع علمية ومصادر قديمة وحديثة، والتفسير للأحداث والمتغيرات محل الدراسة، وأيضًا العمل على التنبؤ بشكل واقعي من خلال عرض السيناريوهات التي وصلت إليها الحالة جراء هذه الأحداث وآليات التعامل معها ونتيجة هذا، أيضا القيام بعملية ملاحظة تحليلية للتغيرات الواقعة في الفترة محل الدراسة والعمل على فهم العلاقة الترابطية بينها وبين المكانة الإقليمية لمصر، والعلاقة الناتجة عن العناصر المؤثرة في مجرى التغيير الذي تم وانعكس على المكانة الإقليمية لمصر.

تقسيم الدراسة:

  • الفصل الأول: طبيعة وماهية المتغيرات المحلية والتحديات.
  • المبحث الأول: الثورات
  • المبحث الثاني: التغير في القيادة السياسية
  • الفصل الثاني: آليات معالجة تأثير المتغيرات المحلية والتحديات.
  • المبحث الأول: تدعيم الاستقرار السياسي الداخلي
  • المبحث الثاني: إعادة صياغة التوجهات
  • المبحث الثالث: الدبلوماسية وسياسة القوة الناعمة
  • الفصل الثالث: العودة المصرية على الساحة الإقليمية.
  • المبحث الأول: المشاركة الدولية والإقليمية الفعالة
  • المبحث الثاني: إعادة العلاقات المصرية – الإقليمية وتعزيزها
  • المبحث الثالث: توصيات لتعزيز مكانة مصر الإقليمية.

الفصل الأول: طبيعة وماهية المتغيرات المحلية

تعرضت مصر في فترة وجيزة إلى عدة متغيرات كان لها تأثير بالغ على الأوضاع الداخلية، واختلفت هذه التغيرات في طبيعتها ما بين ثورات وما بين تغيرات في القيادات السياسية، كل هذه التغيرات المتباينة كان لها أثر امتد ليضم تأثيره الوضع الخارجي أيضًا، وينعكس على السياسة الخارجية والتحركات الخارجية المصرية، وكانت هذه التغيرات في السياسة الخارجية كبيرة ومتباينة، وفي فترات قليلة جدًا، ورغم هذا ظهرت الاختلافات في السياسات الخارجية بوضوح بين كل تغيير والأخر، وفي هذا الفصل سوف نلقي الضوء على هذه التغيرات، مع إظهار التوجهات الخارجية التي سارت عليها السياسة الخارجية المصرية، والتأثير الذي تركته هذه التغيرات على المكانة الإقليمية لمصر.

المبحث الأول: الثورات

شهدت الدولة المصرية العديد من المتغيرات خاصة في القرن الواحد والعشرين، تمثلت أهم هذه المتغيرات في عام 2011 و2013 وذلك بحدوث ثورتين، كان لهما تأثير كبير على المجتمع المصري، حيث أدت تلك المتغيرات إلى نهج متباين في أداء السياسة الخارجية المصرية، والتي أثر بدوره على امكانية تنفيذ أهداف الدولة، هاتين الثورتين هما ثورة 25 يناير2011، وثورة 30 يونيو 2013، وهما ما سيتم تناولهما في هذا المبحث، وتناول تداعياتهم على الدولة المصرية، وعلى سياستها الخارجية.

أولًا: ثورة 25 يناير 2011

تعتبر ثورة 25 يناير من أهم الثورات في تاريخ المجتمع المصري، اندلعت هذه الثورة في ظل فترة الربيع العربي وكانت العوامل الداخلية هي المحرك الرئيسي لها، حيث انطلقت الشرارة الأولى لها على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك اعتراضًا على الأوضاع المعيشية المتردية والقمع الاجتماعي، والتفاوت الكبير بين طبقات المجتمع مع ارتفاع معدلات الفقر، فانطلقت من أجل المطالبة بالعدالة الاجتماعية، والتمتع بالحقوق والحريات التي تم قمعها.

تعرف ثورة 25 يناير أيضًا باسم ثورة التحرير، حيث لم يكن ميدان التحرير الذي تم اختياره كموقع للثورة رمزًا لحريتهم وتحررهم فقط؛ بل رمزًا لتدهور الفضاء العام في ظل 30 عاما من حكم مبارك، وكان الوضع يزداد سوء خاصة في 28 يناير حين اشتبك الآلاف من الأشخاص مع الشرطة وقوات الآمن المركزي، حتى حاولوا الاستيلاء على وزارة الداخلية، اتجهت التطورات إلى تراجع الشرطة وتولي الجيش الوضع وهكذا كانت بداية فقدان مبارك سيطرته على البلاد، من أجل تهدئة الأوضاع أعلن مبارك في يوم 29 يناير أنه سيقوم بتعيين حكومة جديدة ولكنه سوف يبقى رئيسًا، بالفعل أقال الحكومة ولكن تم تعيين ضباط الشرطة وقوات الأمن المركزي كمدنيين حول وزارة الداخلية وكان ذلك تكتيكًا، استطاع الأفراد من جميع أنحاء مصر التجمع ثانية في ميدان التحرير والهتاف من أجل الكرامة والحرية، ازداد الأمر سوء وكان لإعلان نائب الرئيس في 31 يناير بإجراء انتخابات برلمانية جديدة وإعلان الرئيس في 1 فبراير بتعديل الدستور القدرة على كسب تعاطف الافراد، لكن لم يدم الأمر طويلًا وتولد غضب الأفراد مرة أخرى وزاد الوضع سوء وحدث اشتباك عنيف في 3 فبراير واستمرت المظاهرات في المطالبة بتنحي مبارك مع استمرار ازدياد الوضع سوء حتى يوم 11 فبراير بعد 18 يوما من المظاهرات والعنف قام مبارك بالتنحي.[31]

تداعيات ونتائج ثورة 25 يناير 2011:

تمثلت أول وأهم نتيجة لثورة يناير في تنحي مبارك بعد 30 عاما من الحكم وتولي المجلس العسكري إدارة شئون البلاد في فترة انتقالية تمتد إلى حين عقد انتخابات رئاسية جديدة، تم تعطيل مجلس الشعب والشورى تمهيدًا لإقامة انتخابات برلمانية وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة مهمة سن واصدار القوانين، التزمت الدولة بكافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي تعتبر طرفًا بها مع استمرار تمثيلها الدبلوماسي والقنصلي في الخارج، بالإضافة إلى تغير القيادة السياسية مما كان له الأثر الكبير في اتباع نهج مختلف في السياسة الخارجية المصرية، وأثر ذلك على العديد من القضايا التي كانت تتولاها الدولة المصرية والعجز والإخفاق في العديد منها، مثل تأجج أزمة مياه النيل، والتساهل في بعض القضايا المحورية بالنسبة للدولة المصرية مثل ملف الحدود وخاصة حلايب وشلاتين، والانفلات الأمني في شبه جزيرة سيناء خاصة في شمالها مع ظهور تنظيمات ارهابية هددت أمنها بسبب الإفراج عن المتطرفين بعفو رئاسي، واتخاذهم سيناء مقرا لهم، والتهديد بفتنة طائفية، والعديد من المشكلات الأمنية والغذائية مع الإخفاق الخارجي.

تميزت السياسة الخارجية المصرية في عهد الرئيس مبارك خاصة في العقد الأخير بالتذبذب والاتجاه في مسار واحد تجاه الغرب؛ مما أدى الي انحسار وتقلص علاقات مصر الخارجية وأصبحت السياسة الخارجية غير نشطة وغير فعالة، أما بعد ثورة 25 يناير كان هناك تحول جوهري في سياسة مصر الخارجية وتوجهاتها العامة وذلك أثناء تولي المجلس العسكري حيث ولى اهتمام كبير بالعديد من القضايا المحورية للدولة المصرية مثل حوض النيل والقارة الإفريقية، بالإضافة للملف الإيراني والعلاقة بدول الخليج، وهكذا مثلت ثورة يناير انفراجة في العديد من الملفات والقضايا الخارجية.[32]

ثانيًا: ثورة 30 يونيو 2013

اندلعت ثورة 30 يونيو 2013 بسبب تردي وسوء الأوضاع في داخل الدولة المصرية وأيضًا على الصعيد الخارجي، حيث إن القيادة السياسية الجديدة التي جاءت نتيجة لاندلاع ثورة 25 يناير لم تحقق أهداف الشعب المصري الذي نادى بها، واستمرت المشكلات الاجتماعية والغذائية والأمنية بل وتراجعت الدولة المصرية على الصعيد الخارجي، وخاصة الإقليمي نظرًا للعجز والإخفاق والتساهل مع العديد من القضايا المحورية الخارجية، بالإضافة إلى استمرار مركزية الرئيس في النظام المصري مع اتباع الرئيس سياسات تهدف إلى السيطرة على مؤسسات الدولة بهدف خدمة فكر جماعة الاخوان التي ينتمي إليها، ونفوذها السياسي، مع سعي رجال الأعمال الإخوان للسيطرة على الاقتصاد المصري، وبذلك كانت حقبة حكم 2012 ناتج عنها ظروف كارثية ومهددة لكيان الدولة، وكان بمثابة إنذار للقوى السياسية وللشباب بأن هذا الحكم لن يضيف إلى الدولة المصرية؛ بل يأخذ من تاريخها وكيانها ويدفعها نحو الهشاشة والفشل الكلي في مؤسساتها، تمثلت بداية ثورة 30 يونيو 2013 في تصاعد الدعوات للجيش لضرورة سحب الثقة من هذا النظام مع إنشاء حركة تمرد تقوم بجمع التوقيعات من المصريين للموافقة على سحب الثقة والدعوة لأجراء انتخابات رئاسية مبكرة، تصاعدت الاحتجاجات المنادية بتلبية هذه الطلبات، وبدأت هذه الاحتجاجات في 30 يونيو، وانتهت في 3 يوليو عند إعلان المجلس العسكري خارطة مستقبل جديد لا يتضمن النظام الذي خلفته انتخابات 2012 والرئيس الأسبق مرسي.[33]

نتائج وتداعيات ثورة 30 يونيو 2013

تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلي منصور إدارة شئون البلاد في المرحلة الانتقالية، حتى عقد الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تم عقدها في 2014، وتولي قيادة سياسية جديدة، ارتفعت ظاهرة العنف السياسي من قبل مؤيدي نظام 2012، ووصلت إلى حد الاعتصام والتهديد بالعمليات الإرهابية، وكان ذلك تحدٍ كبير للدولة المصرية، انتشار التنظيمات الإرهابية في سيناء ومثلت تهديد للأمن القومي المصري، تولت قيادة سياسية جديدة برئاسة عبدالفتاح السيسي الحكم في مصر، تم انتهاج سياسة الإصلاح الداخلي والخارجي من أجل الارتقاء والصعود بمصر، وحدثت العديد من التحولات والتغيرات في مسار مصر في كافة الأنحاء، مع الاتجاه نحو توسيع علاقات الدولة في الخارج.[34]

وكان الرئيس مرسي منتهجًا سياسة خارجية أدت الي تراجع دور الدولة المصرية في العديد من الملفات والقضايا الخارجية مما أدى إلى تراجع وانحسار دور مصر إقليميًا ودوليًا وتهديد مكانتها، أما بعد ثورة 30 يونيو بدأت السياسة الخارجية المصرية تتبع نهج تنموي وإصلاحي للدولة المصرية لتصعد بها وتسير نحو النشاط والتحرك الموسع نحو مختلف دول العالم، وهذا من أجل توضيح رؤية مصر في يونيو 2013، بعد انتخابات 2014 زادت فاعلية السياسة الخارجية المصرية أكثر في تحقيق أهداف وبرامج الدولة، استهدفت العديد من دول العالم لتحقيق التعاون، كما أعادت الاهتمام بالعديد من الملفات والقضايا الهامة؛ مثل الملف الإفريقي وحوض النيل والملف الإقليمي، والملف الحدودي، وملف الإرهاب، اتسمت السياسة الخارجية المصرية منذ تلك الفترة بانها وسيلة ربط الداخل المصري بالخارج، وعلى الرغم من مواجهاتها لبعض الصعوبات والتعثرات في ملفات مثل ملف المياه والتفاوض مع سد النهضة، وبعض العراقيل في الملف العربي، ولكنها اتسمت بالفاعلية.[35]

بذلك يتضح لنا أن الثورات الداخلية التي حدثت في مصر في تلك الفترة كان لها تأثير كبير داخليًا وخارجيًا، مما كان له الأثر على سياستها الخارجية التي تحدد بدورها دور ومكانة مصر الإقليمية، ومما له الأهمية الأكبر في هذا الخصوص أيضًا هو توجهات السياسة الخارجية المصرية المتباينة بتباين القيادات السياسية المتغيرة والتي حددت سياسة الدولة الخارجية والنهج المتبع الذي لعب دورًا مؤثر على مكانتها الإقليمية، وهو ما سوف نتناوله في المبحث التالي.

المبحث الثاني: التغير في القيادة السياسية

هناك العديد من العوامل التي تؤثر في السياسة الخارجية والمكانة الإقليمية لأي دولة، بعضها داخلي وبعضها خارجي، ومن أبرز ما يؤثر في السياسة الخارجية لأي دولة هو القائد السياسي الذي له التصرف النهائي، الذي بدوره إما أن يؤثر في السياسة الخارجية بالسلب أو الإيجاب، ومن المحددات التي تتعلق بالقائد السياسي (إدراكه للموقف، وشخصيته، وأسلوبه في اتخاذ القرار، ودوافعه الذاتية)، فالقائد السياسي يعتبر العنصر الأكثر أهمية في عملية القيادة.

هذا وإن أهمية هذا الموضوع في السياسة الخارجية تكمن في أن القائد السياسي يقع عليه عبء تحقيق مجموعة من الأهداف لدولته هذا وإن كان بعض هذه الأهداف داخلي إلا أنه يتعلق بدرجة كبيرة بالسياسة الخارجية لدولته ومكانتها بين الدول.

وتعد مصر أحد أكثر الدول التي تمارس فيها السلطة التنفيذية متمثلة في الرئيس دور محوري عن باقي السلطات، فالرئيس في مصر يمتلك زمام الأمور، ويبرز دوره بشكل كبير سواء على ساحة الحياة السياسية الداخلية أو الخارجية، وتنعكس قراراته وتحركاته وتؤثر بشكل كبير على طبيعة الدور الخارجي الذي تمارسه الدولة المصرية، وعلى مكانتها الإقليمية، وقد تعرضت مصر في الحقبة محل الدراسة إلى ثلاث تغيرات رئاسية، بعد ثورة يناير 2011 تولى الرئيس محمد مرسي وتلاه الرئيس عدلي منصور، وأخيرًا تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم حتى نهاية هذه الفترة وما بعدها.

وسيتم في هذا المبحث تناول طريقة الوصول للحكم لكل رئيس، وتوجهاته في السياسة الخارجية، وأخيرًا أثر التغير في القيادة السياسية وأثر الدور الذي لعبه كل رئيس على السياسة الخارجية المصرية ومكانتها الإقليمية.

  • فترة الرئيس محمد مرسي

بعد ثورة 25 يناير 2011، نتج عنها انتخابات رئاسية في عام 2012، وفاز مرشح الإخوان الدكتور محمد مرسي في هذه الانتخابات، ليصبح رئيسا لمصر، واتجه الرئيس محمد مرسي ووجه اهتمام بالغ للملف الخارجي المصري، واتسمت السياسة الخارجية المصرية في عهد الرئيس محمد مرسي بالتناقض بشكل واضح وجلي، ظهر هذا في التناقض بين الالتزامات الوطنية ودواعي الأمن القومي، وبين الالتزامات الدولية لجماعة الإخوان، وبرز هذا التناقض في العلاقة الملتبسة مع حركة “حماس”، والتوتر مع دول الخليج العربية، وأيضًا مشروع قناة السويس، وما تردد عن إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسودان وتنازل مصر عن حلايب وشلاتين، وكذلك التناقض بين شعارات رفض التبعية للولايات المتحدة وتحرير فلسطين، وبين التفاهم الاستراتيجي مع واشنطن والتعاون معها لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، كما كان للأزمة التي عانى منها النظام المصري تحت حكم الرئيس محمد مرسي والتي تمثلت في إعلان إثيوبيا البدء في بناء سد النهضة مباشرة بعد انتهاء زيارة الرئيس لأديس أبابا، وهذا أدى للتعجيل بالمطالبة بالثورة على النظام القائم.[36]

اتبع الرئيس محمد مرسي في علاقاته مع الدول العربية والإسلامية استراتيجية تقوم على مبدأ الندية والتكافؤ مع الدول الفاعلة في العالمين، وتكون علاقة تعود بالمنفعة والفائدة على مصر أولًا وعلى الدول المستهدفة ثانيًا، ولم تكن طريق مرسي وسعيه لإقامة علاقات ندية جديدة مع القوة الإقليمية العربية والإسلامية مفروشة بالورد، بل على العكس من هذا، فقد حالت الخلفية الإخوانية لمرسي ورؤيته الإسلامية للحكم الرشيد، والتي كانت تتناقض مع واقع وخلفيات أنظمة الحكم في العديد من الدول العربية والإسلامية دون توطيد علاقته مع كثير من هذه الدول، وإن كانت ظاهريًا تعلن ترحيبها ودعمها لمرسي، نظرًا لاختلاف الأساس العقدي السياسي بينهم، وخصوصًا أن مرسي جاء من خلال ثورة شعبية أطاحت بحكم استبدادي كان له علاقات متينة مع كثير من الأنظمة العربية المؤثرة في المنطقة.[37]

بعد تولي الرئيس محمد مرسي مقاليد الحكم عام ٢٠١٢ انتهجت مصر مسارًا مغايرًا لوضع الدولة بعد يناير، وأثناء تولي المجلس العسكري مقاليد البلاد، وظهر انعكاس هذا على السياسة الخارجية لمصر، حيث حدث بعد ثورة يناير انفراجة في العلاقات الخارجية وتغير في أداءها، وهذا الوضع لم يلبس على حاله في فترة الرئيس مرسي، حيث شهدت مصر تراجع في سياستها الخارجية، وهذا في العديد من القضايا والملفات، وهذا ما أدى إلى انحسار دورها إقليميًا ودوليًا، بل وتهددت مكانتها في مختلف المحافل الدولية، وقد كانت السياسة الخارجية يحكمها عدة اعتبارات أو أولويات في عد مرسي، أتى في مقدمتها؛ القيم والمعايير الأخلاقية ويتضاءل فيها التأثير الخارجي، أضف على ذلك أن المعايير التي كانت تحكمها سياسية لا أمنية، وظهر هذا خاصة بعد إبعاد الأجهزة المخابراتية والأمنية عن تحديد محدداتها ودوائر تحركها، واستبدالها بالظهير الديني أو الخلفية الدينية لشخص الرئيس، والمتمثلة في جماعة الإخوان المسلمين، كما أن تلك السياسة التي انتهجها مرسي اتسمت بالتبعية الغربية وحرص الدولة على التبعية للولايات المتحدة الأمريكية، فرغم التلويح في بداية الأشهر الأولى للحكم بأن تلك السياسة تحوي التغيرات الجذرية في علاقات مصر بالخارج، إلا أنها لم تختلف كثيرًا عن نظام ما قبل يناير، فقد كانت شعارات أكثر من أولويات وبرامج محددة، كل هذا أدى إلى تراجع السياسة الخارجية المصرية وعلى نحو غير معهود.[38]

  • فترة الرئيس عدلي منصور

بعد نشوب ثورة 30 يونيو 2013 تم عزل الرئيس محمد مرسي وتولى الرئيس عدلي منصور السلطة في مصر كرئيس مؤقت للبلاد، وكانت هذه المرحلة بمثابة تصحيح المسار لأخطاء الأنظمة السابقة، وتشكلت في فترة عدلي منصور خارطة الطريق للعبور بالدولة المصرية من مأزق الانهيار، خاصة على المستوى الخارجي، وعملت على تكريس امكانيات الدولة من أجل تحقيق غرض إرجاع المكانة الإقليمية لمصر، واتسمت السياسة الخارجية بالنشاط والتحرك الموسع الذي استهدف مختلف دول العالم، وبالتالي تعد فترة عدلي منصور المؤقتة بمثابة ظرفية راهنة في أداء السياسة الخارجية المصرية كونها تعد حلقة الوصل بين الأوضاع والمتغيرات الداخلية والعالم.[39]

  • فترة الرئيس عبد الفتاح السيسي

بعد انتهاء فترة الرئاسة المؤقتة للرئيس عدلي منصور وإجراء انتخابات رئاسية فاز عبد الفتاح السيسي بهذه الانتخابات، ليتولى زمام الأمور في مصر، ولم يخلُ خطاب التنصيب الذي ألقاه الرئيس المصري         عبد الفتاح السيسي يوم 8 يونيو 2014 من رسائل واضحة حول الاتجاهات الرئيسية للسياسة الخارجية للدولة المصرية عقب توليه السلطة، خلافًا للتوقعات المتداولة حول اتجاه الدولة المصرية للانكفاء على شؤونها الداخلية تحت وطأة تحديات استعادة الدولة المصرية، خاصة مكافحة الإرهاب والتصدي لتردي الأوضاع الاقتصادية وتحقيق الأمن والاستقرار، حيث تصدرت شعارات “العودة للمكانة التقليدية” و”نهاية التبعية” توجهات الرئيس السيسي تجاه الدور الخارجي لمصر في ظل التحولات الإقليمية المتلاحقة، والتحديات الأكثر خطورة على الأمن القومي المصري.

جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابه الأول برؤية واضحة حول مرتكزات السياسة الخارجية المصرية، وترتيبة دوائرها، والتي جاءت تعبيرا عن سعي الرئيس السيسي لاستعادة الدفاعية والاتساق في السياسة الخارجية المصرية، وتضمن الخطاب العديد من الرسائل كان من بينها بناء القوة الذاتية مشيرا إلى أن استقلال السياسة الخارجية المصرية واستعادة مصر دورها الرائد إقليميًا يتوقف على العمل والبناء في الداخل، وهذا بهدف تعظيم محصلة القدرة الشاملة للدولة المصرية لتقوية ركائز دورها الإقليمي، واستقلالية القرار في السياسة الخارجية المصرية عن الضغوط الخارجية، وذلك بالتأكيد على الندية في التحكم في نهج السياسة الخارجية المصرية، وذلك بالتوازي مع الالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأكد الرئيس السيسي على تدعيم مرتكزات المكانة وإعادة مصر لدورها العربي، واستعادة مكانتها التقليدية، وتتضح رؤية السيسي لمرتكزات الدور الإقليمي لمصر لأنها نقطة توازن واستقرار في الشرق الأوسط ومركز للإشعاع الديني، ويتسق ذلك مع تأكيد السيسي على الأمن القومي العربي باعتباره خط أحمر يستوجب الحماية.[40]

كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد وظف حالة الاستهداف والرفض وعدم التعاون التي اتبعتها معظم دول المنطقة، خصوصًا المتضررة من صعود التيار الإسلامي السني مع النظام المصري في عهد مرسي، ووظف السيسي هذا الواقع لينال دعم من الدول العربية والإسلامية في تثبيت دعائم حكمه، وعلى رأس هذه الدول جاءت المملكة العربية السعودية، وقد أكد على متانة العلاقة المصرية – السعودية، التصريحات والزيارات السعودية بمصر، سواء زيارة الملك سلمان لمصر بعد تولي السيسي الحكم، أو تصريح الأمير محمد بن سلمان خلال لقاءه بالسيسي في 15/12/2015، الذي أكد فيه على وحدة ومصير وقوة ومتانة العلاقات الاستراتيجية التي تربط الدولتين الشقيقتين، وأكد على حرص السعودية الدائم على تعميق التعاون والتنسيق المتواصل بين الدولتين، وأهمية دور مصر في توحيد الجهود العربية بالمرحلة الراهنة، وذلك بما يمكن الدول العربية من مواجهة التحديات القائمة، وإرساء الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط، وإنهاء الأزمات القائمة بالمنطقة.[41]

الخاتمة

يظهر من خلال هذا العرض السابق للفصل مدى تسارع الأحداث في التغيير وفي مدة قصيرة لم يلبس الوضع للاستقرار لمدة سنتين إلا ويحدث تغيير جلي في الأوضاع الداخلية المصرية، وهذه التغيرات بطبيعة الحال لم يقتصر تأثيرها على الوضع الداخلي فقط من عدم الاستقرار السياسي وتصاعد ظاهرة الإرهاب، بل امتد تأثير كل متغير ليضم معه تأثير على السياسية الخارجية، وحدث غياب لتواجد توجهات واضح في السياسة الخارجية، بالإضافة إلى زيادة تحجيم العديد من العلاقات بل وانقطاع بعضها، وظهر لنا أن كل متغير يأتي بتغير في وضع وتحرك الدولة المصرية في سياستها الخارجية، منذ أحداث يناير وحدوث انفراجة وتغير في الأداء عن العهد السابق، وهذا في فترة الرئيس محمد مرسى وما حدث بها من اهتمام كبير بالملف الخارجي، وحدوث تغيرات في طبيعة السياسة الخارجية وطريقة التعامل مع الدول الإقليمية، ومحاولة إرجاع الدور الفاعل والمؤثر لمصر، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقد نشبت ثورة أخرى، والتي أحدثت تغيير في الوضع السياسي القائم، شمل تغير آخر في القيادة السياسية أتت بأداء وتوجه مختلف في إدارة الملف الخارجي، والذي رسم الطريق للقيادة التي تلتها في تهيأت الأوضاع لطبيعة التوجهات الجديدة في إدارة الملف الخارجي للدولة المصرية، وإلقاء اهتمام أكبر لإعادة المكانة الإقليمية لمصر.

وكان لطبيعة السياسة الخارجية الندية لمصر في فترة الرئيس محمد مرسي دور في حدوث اضطراب في العلاقات الخارجية مع الدول المجاورة والإقليمية، على عكس التوجهات التي تبنتها قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي والتي كانت أكثر اتزانًا وتبعد عن إثارة الاضطراب في العلاقات، وعلى الرغم من هذا الاختلاف إلا أنه قد تلاقت التوجهات نحو إفريقيا في خلال فترة الرئيس الأسبق محمد مرسي والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في التوجه المصري وتنمية العلاقات المصرية الإفريقية، وذلك من خلال التزام السياسة الخارجية بالحضور الدائم والتواجد في كافة المحافل الإفريقية، والتأكيد الدائم على أهمية الدائرة الإفريقية، ودورها الرئيس في الأمن القومي المصري، وذلك نظرًا للترابط الوثيق بين الجانبين، الأمر الذي أدي إلى تبني خطابًا مصريًا رسميًا يتسم بالانفتاح تجاه دول القارة الإفريقية، وذلك خلافًا لفترة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وهذا التوجه نحو القارة الإفريقية من جانب الرئيسين أدى إلى تعزيز المكانة الإقليمية لمصر، هذا لأن الطرف الإفريقي في معادلة المكانة لمصر يثقلها ويعزز مكانتها، والتواجد المصري في إفريقيا بعد غيابه الكبير منذ محاولة اغتيال الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في إثيوبيا عام ١٩٩٥ قد غاب بشكل كبير وملحوظ، وأدى غياب التواجد إلى نقصان في المكانة الإقليمية، ومن ثم كان لمحاولة إرجاع هذا التواجد دور كبير في استعادة تلك المكانة الغائبة.[42]

الفصل الثاني: آليات معالجة تأثير المتغيرات المحلية والتحديات.

كان لهذه التغيرات المحلية التي تعرضت لها مصر تأثير بالغ على الوضع الإقليمي لها، ومنذ ما بعد ثورة 30 يونيو 2013 بدأت الدولة المصرية تتحرك من أجل وضع حد لهذا التغير المستمر الذي يحدث في البلاد، ومن أجل إيجاد طريقة لإرجاع حالة الاستقرار في البلاد، ومن ثم وبعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في البلاد سعت هذه القيادة إلى معالجة آثار هذه التغيرات برؤى جديدة ومختلفة عن القيادات السياسية السابقة، وفي هذا الفصل سوف يتم تناول الآليات التي اتبعتها الدولة المصرية لمعالجة هذه الآثار بخطى ثابتة وعزيمة قوية، لإعادة الاعتبار الخارجي لمصر وإرجاع مكانتها الإقليمية لسابق عهدها بل وأكثر، وهذا عن طريق السعي لوضع حد للأوضاع السياسية غير المستقرة في البلاد، ومن ثم إعادة صياغة التوجهات الخارجية في السياسة الخارجية المصرية، وإيلاء هذا الملف اهتمام بالغ من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع محاولة إيجاد طرق مختلفة لتنفيذ هذه الخطط والسير وفق تلك التوجهات.

المبحث الأول: تدعيم الاستقرار السياسي الداخلي

يؤدي الاستقرار السياسي دورًا فعالًا في السياسية الخارجية للدولة، ويساهم في تفرغ الدولة لصياغة سياسة خارجية تحقق برامجها، كما أن الاستقرار السياسي يعطي للدولة مكانة سياسية دبلوماسية لأهمية السياسة الخارجية في إرساء الاستقرار السياسي، وإن من نتائج هذه العلاقة المتبادلة حسن إدارة الدولة لعلاقاتها الخارجية، مما يساعد على انفتاح الدول الأخرى عليها، ومهما كان نمط وطبيعة النظام السياسية القائم في أي دولة فإن العامل المشترك هو تطلعات النظام السياسي في أن يكون حكمه مستقرًا؛ كي يستطيع الاستمرار، وهو لا يعني تجميد الأوضاع القائمة والحفاظ على بقائها وسكونها، بل يعني إيجاد الوضعية المناسبة للتداول على السلطة بين مختلف القوى السياسية.

أولًا: النظام الدستوري والسياسي

بعد ثورة 30 يونيو 2013، سعت الحكومة المصرية لوضع حد لما تمر به البلاد من اضطراب وأحداث عنف وعدم استقرار سياسي ودستوري، لهذا تم تعيين المستشار عدلي منصور كرئيس للجمهورية لحين إجراء انتخابات رئاسية، وهذا أملًا في حدوث استقرار سياسي نوعًا ما، ومن ثم قامت الحكومة المصرية بقيادة المجلس العسكري بوضع دستور للبلاد حتى يستقر النظام الدستور داخل الدولة، وتحديد شكل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل حدوثها، حيث تمثل هذه العوامل تحديد الوجهة التي ستسير عليها الحياة السياسية والدستورية في المستقبل القريب قبل البعيد، وعلى هذا النحو تم إجراء استفتاء دستوري وتم وضع دستور 2014 كدستور رسمي للبلاد، وتم إجراء انتخابات رئاسية وفاز بها المشير عبد الفتاح السيسي ليصبح رئيسًا للبلاد، لتبدأ مصر مرحلة جديدة في تاريخها السياسي الداخلي والخارجي.

وتشكلت النواة الأولى للجمهورية الجديدة وذلك بتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الأمور (يونيو 2014)، وقد مثل تغير القيادة السياسية تحولًا كبيرًا انعكست أصداؤه فيما بعد في مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة، وأسهمت الشعبية الجارفة والتأييد الواسع الذي تمتع به الرئيس السيسي منذ البداية وحيازة ثقة الجماهير في إضفاء شرعية شعبية ومجتمعية على مجمل تحركاته بشكل عام؛ وفي القلب منها السياسة الخارجية، ومن هنا أصبح أي تحرك مدعومًا باصطفاف شعبي يمنح متخذ القرار وصانع السياسة الخارجية دفعة قوية استنادًا إلى الظهير الشعبي المتماسك، وقد مهدت الثقة المتبادلة بين القيادة السياسية والشعب في دفع الأول إلى تبني سياسة خارجية أسهمت في إعادة تعريف دور مصر على المستويين الإقليمي والدولي، وهذا العامل أثر بطبيعته على النظام السياسي المصري حيث أدى إلى أحكام السيطرة السياسية على البلاد، وهذا بطبيعة الحال أدى إلى إحداث استقرار سياسي داخل الدولة، وسيطرة على الأوضاع في الداخل المصري، وهذا أدى إلى انعكاس النتائج على طبيعة التحركات الخارجية للدولة المصرية، وانعكس التأثير أيضًا ببداية عودة الدور الإقليمي لمصر، لنظرًا لقوة القيادة السياسية التي جاءت بخطة جديدة لاستعادة الدور والمكانة الإقليمية.

ثانيًا: مكافحة الإرهاب

      كان للإرهاب دور كبير في التأثير بالسلب على الأوضاع الداخلية للدولة المصرية، وفي زعزعة علاقاتها الخارجية، وتقديم صورتها للخارج بشكل سلبي أدى إلى التأثير الخطير على وضعها بشكل كبير.

ومن ثم منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للسلطة سعى بشكل دؤوب إلى القضاء على الإرهاب داخل الدولة المصرية من أجل تحسين الصورة الخارجية للدولة ومن أجل تدعيم الاستقرار في الاوضاع الأمنية والسياسية داخل مصر، واتبعت القيادة المصرية آليات مختلفة من أجل إتمام هذا الأمر، ووضع الرئيس استراتيجية لمكافحة الإرهاب جاءت بالآتي:

أ- دور المؤسسة العسكرية والأمنية في مكافحة الإرهابية:

قام الجيش المصري بوضع خطة استراتيجية موسعة يتم استبدالها بخطط بديلة لتأمين جميع المواقع التي يحتمل استهدافها من جانب التنظيمات الإرهابية، وارتكزت هذه الخطة على إحكام السيطرة الأمنية وسرعة الاستجابة لأية هجمات قد تتعرض لها، وقامت القوات العسكرية بتنفيذ عمليات عسكرية ضخمة في سيناء للقضاء على العناصر الإرهابية التي تم زرعها، فبعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ قام الجيش المصري بعدة عمليات موسعة لتعقب العناصر التكفيرية في محافظات عديدة من الجمهورية وخاصة سيناء، وتم ذلك عبر عدة ضربات في ٢٠١٤ و٢٠١٥ وعمليتين في ٢٠١٧، كما أطلقت مصر (العملية الشاملة سيناء ٢٠١٨) والتي تستهدف القضاء على الإرهاب ودحره نهائيًا، ومن هنا كان للمؤسسة العسكرية الدور الأكبر في القضاء على العناصر الإرهابية سعيًا إلى الوصول إلى وضع البلاد في مأمن وتدعيم استقراره.

ب- دور المؤسسة التشريعية في مكافحة الإرهاب:

انتهج المُشرع المصري نهجا قوامه التشديد لمواجهة الجرائم الإرهابية لخطورة هذه الجرائم وما يترتب عليها من أثار كارثية، فتنوعت العقوبات ما بين السجن المؤبد والسجن المشدد كحد أدنى له في الغالب الأعم، وعقوبة الإعدام بالنظر إلى جسامة النتائج المترتبة عليها، إلا أن المُشرع قرر شرطًا للتشديد هو حدوث الأثر الذي ورد في نص التجريم.

قانون مكافحة الإرهاب المصري رقم 94 لسنة 2015: صادق الرئيس المصري “السيسي” في 15 أغسطس 2015 على قانون مكافحة الإرهاب الذي اقترحته الحكومة، وقد وافق مجلس النواب على هذا القانون وذلك بعد أن راجعه البرلمان في غضون 15 يومًا من انعقاده وطبقا للدستور المصري؛ وفي الفصل الأول المادة 1 في القانون تنص على تعريف الجماعة الإرهابية والإرهابي والجريمة الإرهابية والأسلحة التقليدية وغير التقليدية، وفي المادة 5 يُعاقب على الشروع في ارتكاب أية جرائم إرهابية بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة وتناول الفصل الثاني الجرائم والعقوبات.

قانون الطوارئ: هو قانون ينظم حالة الطوارئ، وهو نظام استثنائي محدد في الزمان والمكان تعلنه الحكومة لمواجهة ظروف طارئة وغير عادية تهدد البلاد، وقد تم سن قانون الطوارئ في مصر قانون رقم 162 لسنة 1958، وتم فرض حالة الطوارئ في أغسطس 2013 خلال المرحلة الانتقالية التالية لثورة 30 يونيو، كما تم تمديد حالة الطوارئ في ظل حكم الرئيس “السيسي” حيث أعلن حالة الطوارئ في سيناء 3 مرات متتالية لمدة 35 شهر، بدأت في نوفمبر 2014 عقب الأحداث الإرهابية في الشيخ زويد بسيناء.

وكانت هناك نماذج للقوة الناعمة في مكافحة الإرهاب تمثلت في الآتي:

  • دور المؤسسة الدينية في مكافحة الإرهاب: قامت المؤسسة الدينية بآليات لمواجهة الإرهاب، وتزايد دورها وبخاصة الأزهر الشريف، ودار الإفتاء في المواجهة الفكرية في أكثر من اتجاه في هذا الشأن، ومن أهمها: مرصد الأزهر، وقوافل السلام، والمؤتمرات العالمية، ومرصد فتاوى التكفير والآراء المتشددة، وقامت دار الإفتاء بتدشين مجلة إلكترونية بعنوان “Insight” ونشرتها بعدة لغات للرد على مجلة “داعش” الإلكترونية “دابق” كما أصدرت فتاوى معتدلة بما يقدر بحوالي ” 18 فتوى” لنشر الفهم الصحيح للدين.
  • دور الإعلام في مكافحة الإرهاب: أثناء العمليات العسكرية في مصر لمكافحة الإرهاب قامت وسائل الإعلام بنقل الصورة كاملة وتم إذاعة جميع البيانات العسكرية عبر القنوات الرسمية والخاصة في مصر، ورصدت جميع النتائج لهذه العمليات العسكرية بالصوت والصورة، وهذا يعكس دور وسائل الإعلام المحوري في وضع خطة متكاملة وشاملة لمعالجة القضايا الأمنية، وأهمها الإرهاب.
  • دور المجتمع المدني: ويتمثل المجتمع المدني في المراكز البحثية والجمعيات غير الحكومية والمجالس القومية ومنها المركز المصري لمكافحة التطرف كجمعية معتمدة مقيدة برقم 81 لسنة 2015، ويهدف المركز إلى إعداد دراسات متخصصة في جميع المجالات لبحث سبل التغلب على الإرهاب، وعلاج أسباب انتشاره، وتم إنشاء المجلس القومي لمكافحة الإرهاب والتطرف بقرار جمهوري رقم 355 لسنة 2017، ويهدف إلى حشد الطاقات المؤسسية والمجتمعية للحد من الإرهاب ومعالجة آثاره ويتشكل المجلس من وزراء جميع الوزارات المصرية، ويضم بعض الشخصيات العامة، وقد عقدت مصر عدة مؤتمرات وطنية تحث على توافر منصة للحوار المباشر بين الدولة المصرية ومؤسساتها المختلفة والشباب المصري عبر إطلاق الرئيس السيسي لسياسة المؤتمرات، وفي المؤتمر الوطني الثامن استعرض تطور الإرهاب وتناميه في المنطقة، وعودة مقاتلين داعش وتوصيف أوضاع الإرهاب وتأثيرها على مصر والعالم، بالإضافة إلى التكتيكات الجديدة التي تواجهها مصر.[43]

ووفق الجهود التي اتبعتها الدولة المصرية وباستخدام الأدوات الصلبة والناعمة في مواجهة الإرهاب خرجت مصر من قائمة الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب، حيث جاءت في المرتبة الحادية عشر لعام 2018، مقارنة بما كانت عام 2017 في المرتبة التاسعة، وكان ذلك من المتوقع جراء جهود الجيش المصري في مواجهة الظاهرة بالأخص.[44]

المبحث الثاني: إعادة صياغة التوجهات

حدث تحول في اتجاهات السياسة الخارجية في عهد عبد الفتاح السيسي وظهرت هذه التحركات والتفاعلات الإقليمية والدولية، واتسمت هذه التوجهات بعدد من الصفات كالآتي:

تتمثل السمة الأولى في استخدام السياسة الخارجية كأداة لتعزيز شرعية النظام الجديد، فكما أن هناك بعد داخلي يتعلق بشرعية النظام السياسي، يتعلق بالانتخابات والالتزام بالدستور وقبول الشعب، هناك بعد خارجي يتعلق بقبول القوى الإقليمية والدولية لهذا النظام ودعمها له ولسياساته

وتنصرف السمة الثانية إلى أن السنة الأولى لحكم الرئيس السيسي تكشف فيها كون السياسة الخارجية للدولة متغيرًا مهمًا في علاقاتها بالعديد من الدول، سواء الولايات المتحدة أو دول الخليج، نظرًا لقدرة هذه السياسات على تحديد شكل الإقليمان تم تفعيلها.

وتعلقت السمة الثالثة بتنويع علاقات مصر الخارجية، بحيث لا تقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أصبح هناك توجه للانتشار الأفقي في تنويع العلاقات، فمنذ تولي الرئيس السيسي السلطة في يونيو ٢٠١٤ عمل على تنويع العلاقات الخارجية، بحيث لا تكون منحصرة في عدد محدود من الدول، واتجه مع محاولته الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة للتقارب عسكريا واقتصاديا مع روسيا، وحرص على تقوية العلاقات مع الصين، ومع عدد من الدول الأوروبية في مجال التعاون الأمني والاقتصادي.

وتمثلت السمة الرابعة في أن السياسة الخارجية المصرية اتخذت الطابع الواقعي البرجماتي، على نحو قد يمثل خروج عما استقر عليه الوضع المصري في عقود سابقة، لأسباب خاصة بالمرحلة التي تمر بها الدولة، حيث اتضح أن تحركات الدولة المصرية خالية من أي اعتبارات أيدولوجية على غرار النظام السابق، وإنما أصبحت تصاغ بما يخدم المصالح الوطنية للدولة، والتي تمثلت في هذه المرحلة بتحقيق التنمية الاقتصادية والأمن، وهذا ما يفسر حرص الرئيس السيسي على اصطحاب رجال الأعمال في الزيارات الرسمية التي قام بها طوال السنة الأولى لحكمه، وذلك من أجل عقد اتفاقيات اقتصادية تضمن نوعا من الانتعاش الاقتصادي.

وتذهب الصفة الخامسة إلى إضافة أبعاد جديدة للعلاقات الاستراتيجية التي تربط مصر بالسعودية ومأسسة تلك العلاقات، وتجنب إثارة مخاوف دول الخليج، والتي كانت مسؤولة عن توتر العلاقات معها طوال فترة حكم الإخوان، خاصة في حالة الإمارات.

وتتعلق السمة السادسة بتزايد الاعتماد على القوة العسكرية، حيث يلاحظ خلال عام ٢٠١٥ لم تعد مصر تعتمد على التحركات الدبلوماسية فقط، أو على عناصر القوة الناعمة، حيث كشفت التصريحات للرئيس السيسي في عدم التردد في استخدام القوة العسكرية خارجيا طالما يحقق ذلك المصالح الاستراتيجية للدولة، خاصة فيما يتعلق بحقيق الأمن.[45]

وشهدت هذه المرحلة عودة الدور المركزي لرئيس الجمهورية في توجيه السياسة الخارجية وفى تحديد مساراتها، مع إعادة تعريف أدوار وزارة الخارجية والمؤسسات الأمنية، والتي أصبحت تنفذ فقط ما يوكل إليها، وهو يكاد يكون الوضع الذي اعتادت عليه مصر لعقود سابقة على ثورة ٢٠١١ حيث ظل نمط صنع قرار السياسة الخارجية خارج وزارة الخارجية المصرية في عهد الإخوان، فضلا عن أن “نموذج نبيل فهمي” في السياسة الخارجية كان ذي طبيعة استثنائية.

بعد محاولات السعي لتدعيم الاستقرار الداخلي في مصر، كان للدولة المصرية والقيادة السياسية خطة واضحة لإدارة الملف الخارجي، والتعامل مع سلبيات المتغيرات التي تعرضت لها وأثرت على وضعها الإقليمي، ومن ثم أرسى الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد توليه السلطة مجموعة من المبادئ المركزية والثوابت الراسخة، في التعامل مع القضايا الإقليمية الشائكة، في هذا الإقليم الذي يعاني من عدم التوازن، وبات هذا هو القاعدة الرئيسية في تحديد ملامح السياسة الخارجية المصرية، وفي تحديد مساراتها، وهذه الاستراتيجية مكنت الدولة المصرية من التعامل بفاعلية في وسطها الإقليمي مع التحديات والمخاطر والتهديدات الموجهة صوب الأمن القومي المصري، حاولت مصر من خلالها إعادة رسم خريطة التوازن الاستراتيجي في منطقتها، هذا النهج الذي اتبعته الدولة المصرية جعلها تتحول من لاعب إقليمي مؤثر إلى شريك دولي فاعل لديه من الأدوات والسياسات والقدرات ما يمكنه من أن يصنع التأثير الدولي في الوقت المناسب، اعتمدت مصر في هذه على الاعتماد على منظومة المبادئ الأخلاقية في العلاقات الدولية التي التزم بها السيسي، وعلى تبني نهج للسلام والتعاون بغرض تحقيق التنمية والمكاسب للجميع سعيًا لتحقيق التوازن الاستراتيجي في الإقليم عبر مجموعة من السياسات والأدوات الابتكارية، مثلت الوسام الخاص بآليات عمل الاستثناء المصري.

ويمكن توضيح الإطار الذي اتبعته السياسة الخارجية المصرية لتنفيذ رؤية السيسي، ولإعادة الوضع الإقليمي لمصر ومكانتها الإقليمية، وجاء هذا الإطار متبني الخيار العقلاني الرشيد والأخلاقي.

وبعد أن كانت مصر منعزلة عن فاعلية التأثير الإقليمي منذ ٢٠١١ وحتى ٢٠١٣، بحكم ما وصفه الرئيس بأننا كنا نعيش في شبه دولة، انطلقت مصر لتقدم نموذج جديد في التفاعل الدولي يمكننا أن نطلق عليه “صناعة التأثير الدولي”، وقد تحقق هذا من خلال:

– استخدام الدبلوماسية الرئاسية في اعادة تنميط العلامة الوطنية المصرية الأخلاقية وفقا لثوابتها ومنطلقاتها الجديدة.

– إعادة الفاعلية لدوائر الأمن القومي القريبة والتي تعد الحاضن والامتداد الطبيعي للأمن القومي المصري، وعلى رأسها الدائرة الإفريقية والدائرة العربية، وقد حدث تغير واضع في السياسة الخارجية المصرية الموجهة إلى دائرتها الإفريقية، والتي ارتكزت على العامل الاقتصادي، التعاون والشراكة، نقل الخبرات المصرية، عملية التنمية العادلة، القضايا النوعية كالمناخ والبيئة والشح المائي، كل هذا بهدف تحقيق المكسب للجميع، أما الدائرة العربية فتم الاعتماد على العلاقات الاستراتيجية التي تجمع الدول الكبرى، مصر، والسعودية والإمارات، والأردن والبحرين لصياغة اقترابات ابتكارية، تضع الحلول المناسبة لقضايا وجودية باتت تهدد وجود الدولة الوطنية العربية، كقضية الإرهاب، ومنع تدخل القوى الإقليمية في شؤون الدول العربية، وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية.

– الانفتاح المتوازن مع القوى الدولية، وذلك عبر الانفتاح في العلاقات مع القوى الكبرى كالصين، روسيا، ألمانيا، الولايات المتحدة، وفرنسا، أو حتى على مستوى الحوار العربي – الإفريقي، بهدف دعم المشروعات التنمية المستدامة وفقا للحقوق العادلة للشعوب، مع إعلاء علاقات المصلحة القومية فوق كل اعتبار.

– تبني السياسات التوافقية الرشيدة، والحديث باللغة التي يفهمها العقل الغربي؛ بغرض طرح الرؤى اللازمة لتسوية الملفات الشائكة للإقليم والقارة.

– التوظيف الأمثل لأجهزة الأمن القومي والمعلومات.

ولإعادة رسم التوازن الاستراتيجي اعتمدت مصر على الأداة الدبلوماسية في التأثير الدولي وفي محيطها الإقليمي وذلك عن طريق:

– الثبات الانفعالي والاستفادة من التجارب التاريخية سواء المحلية أو الإقليمية التي قوضت فيها مشروعات التنمية نتيجة الاندفاع خلف نزاعات وصراعات دفعت الشعوب ثمنا غاليا بسببها.

– إقامة علاقات متوازنة مع كل القوى والفاعليين الدوليين والانفتاح على كل الدول والمنظمات، والتي ترغب في أن تقدم دعم لمشروعات التنمية المستدامة.

– الانفتاح على كل القوى والفصائل المتنازعة في البلدان العربية التي تعاني من أزمات، ومكن هذا مصر أن يكون لها اليد العليا في فرض رؤيتها في آليات تسوية هذه الأزمات سياسيا عبر إعمال أدوات التفاوض والوساطة المختلفة، ومن ناحية أخرى القدرة الكبيرة لأجهزة معلوماتها وفاعلية المؤسسات المنوط بها تنفيذها.

– الانطلاق بمشروعات التنمية بمعدلات تساعد على تحقيق الأمن والاستقرار الداخلي.

– تطبيق وإعلاء القيم الأخلاقية التي تعبر عن عمق الحضارة المصرية تلك التي تعكس هويتها الوطنية الشاملة.

– التعبير عن التجربة المصرية والمنهج الإصلاحي الذي تبنته وعدته معظم الدول في الإقليم والعالم “النموذج الملهم”، وأشادت به كافة التقارير الدولية، وآخرها تقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ٢٠١١ – ٢٠٢١.

دأبت مصر منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم عام ٢٠١٤ على إيلاء أهمية كبيرة لدعم الدول العربية الشقيقة، والتي تعرضت لمحاولة تقويض أركانها على مختلف الأصعدة، وعادت مصر وبقوة لدورها الريادي وقيادتها دفة المنطقة، ولعل هذا ما عكسه اهتمام الرئيس بالعراق، وهو ما رسخته زيارة سيادته التاريخية إلى بغداد في يونيو ٢٠٢١، والتي عدت أو زيارة لرئيس مصري للعراق منذ ٣٠ عاما، حيث سعت مصر إلى خلق أدوات وسياسات ابتكارية تدخلية جديدة بهدف لم شمل البيت العربي، وتسعى القيادة إلى إنشاء تكتل سياسي اقتصادي أمني عربي لمواجهة التحديات الداخلية والإقليمية والدولية.[46]

المبحث الثالث: الدبلوماسية وسياسة القوة الناعمة

كان الوضع المصر إيبان هذه الفترة يمر بالعديد من التحديات منها ما تم التعامل معه بالقوة كملف الإرهاب وهذه من أجل أن طبيعة المواجهة لابد لها من أداة تناسبها، لذلك كان لهذا الملف الخيار العسكري، ولكن استخدمت القيادة السياسية لمعالجة الملف الخارجي ومحاولة إرجاع العلاقات لمسارها الصحيح أدوات أخرى، ووجدت القيادة المصرية أن تبنى سياسة القوة الناعمة في التعامل مع هذا الملف هو الخيار الأنسب، ومن ثم وظفت الدولة المصرية العديد من الآليات للتعامل مع هذا الأمر ومحاولة إرجاع المكانة المصرية الإقليمية بالشكل الذي يليق بالدولة المصرية ومكانتها، وبطريقة تستند إلى الآليات الأخلاقية التي تبناها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفي هذا لمبحث سوف نقوم بتقديم الأطر التي اتبعتها الدولة المصرية في هذا الملف.

وواجه النموذج المصري تحديات، ويقع على رأس أبرز التحديات التي تواجه السياسة الخارجية المصرية، وترتبط ريادية النموذج المصري بعلاقة طردية مع (قوة مصر الناعمة)، سواء ما يرتبط منها بالتعليم، أو الفن، أو الثقافة، أو أدوار المؤسسات الدينية مثل (الأزهر والكنيسة المصرية)، وإذا كانت مصر قد نجحت في صياغة دورها الإقليمي في فترات سابقة عبر أدواتها النافذة من قوتها الناعمة، فإن إخفاق وتراجع دور هذه الأدوات في الفترة الحالية يمثل أحد أبرز تحديات السياسة الخارجية المصرية.

وعملت مصر على بناء شبكة علاقات إقليمية ودولية موظفة بذلك خبرتها في إطار الدبلوماسية التقليدية، ويمكن لنا تلمس ذلك على عدة أصعدة وقضايا منها ما يأتي:

  • عودة مصر إلى الاتحاد الإفريقي

جاء قرار عودة مصر إلى الاتحاد الإفريقي بعد تعليق عضويتها في أعقاب التغيير السياسي الذي حصل في 30 يونيو 2013، وتولى المشير عبد الفتاح السيسي مقاليد السلطة، تتويجًا لجهود الدبلوماسية المصرية الكبير لإعادة مصر إلى مكانتها في القارة الإفريقية بشكل عام، ودول حوض النيل بشكل خاص، وكانت المشاركات المتواصلة للقيادة السياسية في قمم الاتحاد الإفريقي والجولات الدائمة التي تقوم بها الدبلوماسية المصرية إلى دول القارة، حيث تضطلع مصر بدور ملموس على صعيد وضع أسس السلم والأمن بالقارة، ويعتبر توجه مصر في إفريقيا توجها استراتيجيًا فلا غنى لمصر عن إفريقيا ولا غنى لإفريقيا عن مصر، وهناك اهتمام وسعي لبناء علاقات إفريقية على أسس جديدة تقوم على تحقيق المصالح المشتركة دون الإضرار بمصالح أي طرف وتبني قضايا القارة دوليًا، كما سعت مصر لفتح صفحة مع أشقائها الأفارقة تعتمد روح التعاون، وتحركت مصر مع إثيوبيا وتوصلت الدولتان لتوقيع الاتفاق الإطاري، وهو ما أكد التوجه المصري، حيث وقعت كل من مصر وإثيوبيا والسودان اتفاقا إطاريًا بشأن سد النهضة، بالإضافة إلى التحضير لاتفاقات تعنى بقواعد تشغيل السد وتحفظ حقوق مصر المائية وحق إثيوبيا في التنمية على أساس مبدأ المكاسب المشتركة للجميع، كما تأسست الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في تموز 2014، لدفع علاقات الشراكة والتعاون مع الدول الإفريقية من خلال تقديم الخبرة الفنية في مختلف التخصصات، وعلى هامش القمة الإفريقية الأخيرة تم انتخاب مصر عضوًا في مجلس السلم والأمن الإفريقي لمقعد الثلاث سنوات (2016 – 2018)، عن إقليم الشمال، وذلك بتأييد 47 دولة من دول الاتحاد الإفريقي.

  • العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن

في أحد أهم النجاحات للدبلوماسية المصرية فازت مصر بمقعد غير دائم 2017، وهو ما عكس تأكيد ثقة المجتمع الدولي – في مجلس الأمن للفترة 2016 – 2017 في مصر وقدرتها علي تحمل مسئوليتها في حفظ السلم والأمن الدوليين، وعلى الدفاع عن القضايا الإفريقية والعربية وقضايا دول (العالم الثالث) داخل المجلس، حيث قاد وزير الخارجية سامح شكري حملة دبلوماسية لفوز مصر بمقعد شمال إفريقيا في مجلس الأمن الدولي للمرة الخامسة في تاريخ المجلس، وتتصدر اهتماماتها القضايا الإفريقية والإقليمية وتترأس ( 3 لجان في مجلس الأمن) وتتمثل اللجان الثلاث في (اللجنة المعنية بمكافحة الإرهاب، واللجنة المعنية بمتابعة نظام العقوبات الخاص بالعراق، واللجنة المعنية بمتابعة نظام العقوبات الخاص بالكونغو الديمقراطية)، كما ترأست مصر أعمال المجلس خلال شهر آيار/ ٢٠١٦، وقام وفد من أعضاء مجلس الأمن بزيارة لمصر.

  • العلاقات المصرية – العربية

علاقات مصر العربية تزداد يومًا بعد يوم قوةً وتناميًا، حيث عادت مصر لتحتل دورها العربي الإقليمي، وكان الالتفاف من جانب غالبية الدول العربية حول مصر ما بعد الثلاثين من حزيران 2013 والدعم المعنوي والمادي الهام الذي تم تقديمه عقب تولي الرئيس السيسي مقاليد الرئاسة، فقد شهدت بوادر عودة العلاقات السياسية والاقتصادية العربية بقوة منذ الدعم الذي قدمته السعودية والإمارات والكويت لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بجانب كافة أشكال الدعم الأخرى، كما ترأست مصر القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ 2015، في ظل التحديات التي تواجه الأمة العربية، وجاء مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في مارس 2015، ليعكس إقبال العالم على مصر واستعداده للتعاون معها، وبدأت مصر في الدخول في شراكات استراتيجية مع عدة دول عربية على رأسهم المملكة العربية السعودية والإمارات، وذلك على المستويين السياسي والاقتصادي، والمشاركة في القمم العربية مثل القمة المصرية – الأردنية – العراقية لمواجهة تحديات العمل العربي المشترك.

  • الدبلوماسية الشعبية

تعد الدبلوماسية الشعبية أحد أدوات القوة الناعمة التي استخدمها الحكومة المصرية من أجل استعادة دورها ومكانتها الإقليمية في محيطها العربي والإفريقي، وعليه تشير الدبلوماسية الشعبية إلى كل الجوانب والأنشطة التي تنخرط فيها الخارجية المصرية بهدف رعاية المصالح القومية المصرية على كافة الاصعدة الرسمية وغير الرسمية، بما في ذلك الإعلام، والفن، والدعم التنموي، والتبادل العلمي والثقافي، والمؤتمرات والندوات الحوارية، ونسوق مثلًا من الأمثلة الكثيرة التي تزخر بها الدبلوماسية الشعبية المصرية وآخرها المؤتمر الدولي الجماهيري الذي نظمته (دار الإفتاء المصرية) تحت عنوان “التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة ” عام 2016، وكانت تهدف إلى أمرين أساسيين هما:

  • دعم الريادة الاسلامية المصرية وتحسين صورة مصر وتوضيح سوء الفهم الذي قد ينشأ في الدول والمجتمعات المختلفة حول مكانة مصر العربية، والإسلامية، والإقليمية، والدولية.
  • تجديد الخطاب الديني وتنقيته من آثار الغلو والتطرف إقليميًا وعالميًا.

وضمن هذا الجانب دأب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في عدد من زياراته الرسمية على اصطحاب عددًا من الفنانين والإعلاميين والصحفيين المشهورين من أجل تحسين صورة مصر خارجيًا، فضلًا عن الترويج لأهداف السياسة الخارجية المصرية والفهم والاطلاع والتأثير على المواطنين وصناع الرأي الأجانب وتوسيع الحوار بين المواطنين المصريين والمؤسسات ونظرائهم في الخارج.

وعبر هذه الوسيلة تسعى مصر لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية وإعادة دورها الطليعي من خلال ايلاء الأهمية القصوى لتوسيع نفوذها الثقافي واللغوي والدبلوماسي بالمقدار الذي توليه لتعظيم قدراتها العسكرية وتحديث ترسانتها من الأسلحة التقليدية.[47]

الأداة الإعلامية

كانت الأداة الإعلامية هي المرآة التي تعكس تحركات الحكومة المصرية تجاه الدول الإفريقية وسعيها لبناء جسور تعاون بين كل دول القارة الإفريقية، ومن هذا المنطلق كان استخدام الدولة المصرية للشبكات الإعلامية استخدام فعال في تحقيق أهدافها في إعادة بناء علاقات وثيقة في محيطها الإفريقي، بالإضافة إلى ربط أواصل الثقة مع محيطها العربي، من ثم كانت الأداة الإعلامية أداة فعالة في هذا الصدد وفي الجانب الدبلوماسي في استخدام القوة الناعمة تجاه الدول الإفريقية والعربية.

الفصل الثالث: العودة المصرية للساحة الإقليمية

كان لكل الآليات التي اتبعتها الدولة المصرية والقيادة السياسية دور فعال في إحداث تأثير إيجابي على دور مصر الخارجي وبداية العودة لمكانتها الإقليمية، ومن ثم يظهر للباحثان أن الدور الأكبر لهذا التأثير وما ترتب عليه من عودة إقليمية يرجع إلى الدور الفعال الذي اتبعته القيادة السياسية في إدارة الملف الداخلي، وما اتبعته من آليات فعالة للعودة الخارجية وإعادة صياغة التوجهات للعودة المصرية للمسار الخارجي الصحيح وإعادة تواجدها الإقليمي ودورها ومكانتها، وفي هذا الفصل سوف نسرد نتائج الآليات التي اتبعتها القيادة السياسية في السياسة الخارجية وما ترتب عليها من إعادة واضحة لدور مصر الإقليمي ومكانتها بين دول الإقليم.

المبحث الأول: المشاركة الإقليمية والدولية الفعالة

شهدت المنطقة العربية العديد من التحولات الجذرية بعد ثورات الربيع العربي في ٢٠١١، ونتيجة لذلك كانت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ في مصر السبب في تغيير موقع مصر تدريجيًا من التوازن الإقليمي، كذلك غيرت نشاط الدور المصري الذي كان قد اصابه الجمود نتيجة توقيع اتفاقية السلام مع الجانب الإسرائيلي، والتي حجمت دور مصر العربي والإقليمي كما حجمت علاقتها بدول الإقليم، لذلك وفي إطار حرص مصر على استعادة دورها ومكانتها الإقليمية خاصة بتولي قيادة سياسية جديدة ترى ضرورة ارتكاز واتجاه السياسة الخارجية المصرية نحو تعزيز دورها دوليًا وإقليميًا، قامت مصر بالعديد من المساهمات والأدوار في النطاق الإفريقي، وعلى المستوى الإقليمي والدولي بشكل عام، وفي هذا المبحث سوف نركز على بعض هذه المساهمات.

أولا: دور مصر كقوة إقليمية في أفريقيا

قد كان لمصر دور مؤثر في حل قضايا القارة على مر التاريخ، ولكن ازداد دور مصر في تحقيق السلام وحل الصراعات في إفريقيا منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، أيضًا هناك ثوابت ومحددات للسياسة المصرية الخارجية تجاه القارة الإفريقية واتضح ذلك من خلال المواقف المصرية بشأن القضايا والموضوعات الإفريقية التي تؤكد حرص مصر وقيادتها السياسية على العودة بقوة لمحيطها الإقليمي خاصة بعد ثورة ٣٠ يونيو، فقد كان لمصر موقفها المؤثر والهام في بعض الأزمات التي عرفتها القارة السمراء مؤخرًا مثل:

  • الأزمة الليبية
  • الأوضاع في الصومال
  • التحرك لحل الصراعات السياسية في إفريقيا الوسطى ومالي
  • مكافحة الارهاب وأمن الساحل والصحراء (التشاد-النيجر)

كما شاركت مصر في القمم المعنية بالشأن الإفريقي منها:

  • المشاركة المصرية في قمة أفريقيا-الولايات المتحدة بواشنطن في ٢٠١٤.
  • المشاركة في القمة البريطانية الإفريقية للاستثمار -لندن-يناير٢٠٢٠.
  • المشاركة في قمة (روسيا-إفريقيا)، التي عقدت بمدينة سوتشي في روسيا الاتحادية ٢٠١٩.
  • المشاركة المصرية في اجتماعات التكتلات الثلاث (الكوميسا – السادك – تجمع شرق أفريقيا) ببورندي في ٢٠١٤.

من أجل تطوير أفاق وطموحات علاقة مصر مع الكيانات الإفريقية العملاقة وبخاصة (الكوميسا) “السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا”، (سادك) ” مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية”، (إياك) “مجموعة دول شرق أفريقيا”، وقد استضافت في ٢٠١٥ في شرم الشيخ فاعليات مؤتمر التكتلات الثلاث الكبرى لإقامة سوق حرة مشتركة وإلغاء التعريفات الجمركية بين تلك الدول، ووقع الرئيس عبد الفتاح السيسي وزعماء دول التكتلات الإفريقية الثلاث على وثيقتي اتفاق منطقة التجارة الحرة الثلاثية بين التكتلات الاقتصادية.

ما يبرز اهتمام القيادة المصرية بعد ثورة ٣٠ يونيو على العودة بقوة إلى قارتها الإفريقية أيضًا هي زيارات ولقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسي بالإضافة إلى العديد من الزيارات الرسمية وغير الرسمية للمسئولين المصريين إلى العديد من الدول الإفريقية، وتولي القيادة المصرية اهتمامًا كبيرًا بالحضور الإفريقي في العديد من المناسبات والمؤتمرات مثل المؤتمر الاقتصادي المصري.

هناك أهمية كبيرة للقارة الإفريقية بالنسبة لمصر وقد أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي لأهمية دور مصر المحوري في هذه القارة وأن ركائز سياستنا الخارجية لابد وأن تسعى لفتح قنوات اتصال دائمة مع إفريقيا، حيث تُعتبر العمق الاستراتيجي الأكبر لنا، بالإضافة إلى ذلك هناك تكالب وتنافس من جانب قوى دولية مثل الصين والولايات المتحدة وإسرائيل وغيرهم على القارة الإفريقية وهو ما أدركته القيادة المصرية، ونظرًا لكل ما سبق أصبح هناك توجه مصري جديد تجاه القارة الإفريقية يسعى لتعزيز وإعادة دورها الإقليمي الفعال.[48]

ثانيا: رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي في ٢٠١٩

تسلمت مصر رئاسة الإتحاد الإفريقي لمدة عام منذ عام ٢٠١٩، حيث إنه من ضمن أهم الأولويات لملفات السياسة الخارجية المصرية والتي تحظى بأهمية كبيرة هو التوجه الإفريقي، حيث في ظل تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي تم اتخاذ مجموعة من القرارات والاجراءات التي من شأنها تضمن استعادة الدور الاقتصادي المصري في إفريقيا، انطلاقًا من ذلك قامت مصر بتوقيع العديد من الاتفاقيات وإقامة المشروعات من أجل تعزيز الوجود المصري في إفريقيا مثل إنشاء شركة مساهمة باسم الشركة الوطنية المصرية للاستثمار الإفريقي التي تهدف إلى تعزيز الوجود المصري الفعال في الدول الإفريقية بصفة عامة ودول حوض النيل بصفة خاصة، حيث تم نقل التكنولوجيا والخبرة المصرية في المجال الزراعي وفتح أسواق الدول الإفريقية أمام المنتجات الزراعية المصرية، كما وقعت اتفاق على إنشاء خمسة سدود لحصاد مياه الأمطار في مناطق متفرقة في اوغندا، كما وضعت مصر استراتيجية لتنمية العلاقات التجارية المصرية – الإفريقية من أجل دفع عجلة التنمية الاقتصادية بشكل متوازن بين دول القارة وذلك في إطار سعيها الإقليمي نحو التكامل والتي يتبناها الإتحاد الإفريقي بالتعاون مع التكتلات الاقتصادية المقامة في القارة، أهتمت مصر في إطار تجارتها الخارجية بتعزيز التبادل التجاري بينها وبين دول إفريقيا حيث زادت نسبة هذا التبادل في ٢٠١٨ بمقدار ٢٦.١% عن عام ٢٠١٧، كما شاركت مصر في أهم حدث اقتصادي ومصرفي على مستوى القارة الإفريقية في ٢٠١٨ عندما استضافت لأول مرة الاجتماع السنوي لمجلس محافظي جمعية البنوك المركزية الإفريقية في دورتها الحادية والأربعين في شرم الشيخ.[49]

ثالثًا: المشاركة المصرية في قمة بغداد

وسط كل هذه الفوضى الإقليمية، رسخ الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه مجموعة من المبادئ الراسخة التي أوضحت استراتيجيته في الاهتمام بالقضايا الشائكة التي تمس إقليم يعاني من عدم التوازن، حاولت مصر من خلال هذه الإستراتيجية إعادة رسم خريطة للتوازن الإستراتيجي في الإقليم من أجل التصدي للأزمات التي هددت بنيان الدولة وأعاقتها عن ممارسة دورها في التفاعلات الإقليمية، لذلك كان لاهتمام الرئيس بالعراق وزيارته لبغداد في يونيو ٢٠٢١ بعد مرور ٣٠ عامًا على عدم زيارة أي رئيس مصري للعراق من ضمن سياسات واستراتيجيات الرئيس لدعم الدول العربية الشقيقة التي تعرضت لتقويض أركانها، حيث تم تأكيد حرص مصر على دعم العلاقات وتطوير المصالح المشتركة بين البلدين في إطار وحدة المصير والتحديات حيث سعت مصر بذلك إلى لم شمل  البيت العريي الأكبر الذي تمزق وسمح بتدخلات إقليمية ودولية قوضت من أركان الأمن القومي العربي من خلال أدوات تدخلية جديدة، بذلك بدأت مصر تعود لدورها الريادي للمنطقة وفق هذه الإستراتيجية وتسعى لتحقيق التوازن الإستراتيجي في الإقليم من خلال اتجاهها لأقصى الجناح الشرقي للوطن العربي والذي يعد اتجاهًا حيويًا للأمن القومي المصري في دائرة محورية ومركزية وفي قلب دوائر الأمن القومي المصري وهي الدائرة العربية.[50]

رابعًا: الاستضافة المصرية لقمة المناخ

قامت مصر باستضافة أكثر من مائة رئيس دولة وحكومة ومئات من الخبراء في عام ٢٠٢٢ في شرم الشيخ لمناقشة ومحاولة التكيف والتخفيف من أثار التغيرات المناخية، كانت تلك القمة العالمية هي الفريدة من نوعها لإنها حملت شعار “قمة التنفيذ” على عكس ٢٦ قمة عالمية سابقة، ومن المكاسب التي حققتها هذه القمة لمصر هو عقد عشرات الاتفاقيات في مختلف المجالات خاصة المتعلقة بالمناخ والبيئة ومن أبرزها ٨ عقود لإنتاج الوقود الأخضر، أعادت هذه المشاركة الفعالة لمصر العديد من المكاسب السياسية والاقتصادية، بترسيخ واستعادة مكانتها الدولية وبعث رسالة للعالم باستقرارها وتوجهها نحو التنمية، كما عكست قدرة مصر على تنفيذ الفعاليات الدولية الهامة بما شهدته من إشادات دولية بالتنظيم والتخطيطالمبحث الثاني: إعادة العلاقات المصرية – الإقليمية وتعزيزها

نتيجة لما شهدته المنطقة العربية من تحولات جذرية، في البداية بعد ثورات الربيع العربي كان هناك تراجع لدور الدول العربية الرئيسية، ومنهم مصر كما كان هناك تحجيم لعلاقات مصر بدول الإقليم، خاصة بعد اتفاقية السلام مع الجانب الإسرائيلي، حيث كان هناك تغيير للتحالفات والعلاقات بين مصر ودول الإقليم على مدار تلك الفترة حيث كانت قبل ثورات الربيع العربي تنتمي مصر إلى محور الاعتدال مع السعودية والاردن والكويت وغيرها من الدول العربية ولكن بعد اندلاع ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ وسقوط نظام مبارك خرجت مصر من محور الاعتدال ولكن منذ عام  ٢٠١٣ ظهرت خريطة تحالفات جديدة بالإقليم تضم مصر حيث بدأت مصر تعيد علاقاتها وتحالفاتها مع العديد من الدول حيث دخلت مصر في محور (٢+٤)، ويعتبر تحالف خليجي يضم السعودية والإمارات والكويت والبحرين بالإضافة إلى مصر والأردن وذلك سعيًا من مصر وقيادتها لاستعادة علاقاتها بدول الاقليم وتعزيزها، كما أصبحت مصر جزءً من تحالف البحر الأحمر الذي يعرف رسميًا “بمجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن” مقره السعودية ويضم ٨ دول عربية وإفريقية منهم مصر، لذلك محور اهتمامنا هنا هو التطرق إلى بعض العلاقات التي عملت مصر على استعادتها وتعزيزها وأهمهم علاقتها بدول الخليج ماعدا قطر، بالإضافة بعد ذلك لاستعادة علاقاتها بقطر بالإضافة إلى دولة تركيا.

أولًا: العلاقة بين مصر ودول الخليج

في إطار العلاقات المصرية الإقليمية كان الخليج العربي هو الشريك الأكبر لمصر في المنطقة، وكانت العلاقات بينهم تتسم بالطابع التعاوني بشكل كبير، لكن كان هناك تصاعد في قول أن الدور الإقليمي لمصر في الدائرة العربية وخاصة في المحيط الخليجي يتسم بالانكماش، بتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي بدأت بوادر عودة الدور المصري على الساحة الإقليمية خاصة المحيط الخليجي.

كان انقطاع العلاقات المصرية – العربية تعود إلى اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل والتي رسخت صورة ليست بجيدة عن مصر في ذهن الخليج العربي، وفرضت عليها قيودًا في دورها الإقليمي، في الخطاب الأول للرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن عن منظور القيادة السياسية المصرية لاستعادة دورها الإقليمي واستعادة التوازن خاصة في المحيط الخليجي وهو ما ظهر في الإعلان عن تماسك التحالف الاستراتيجي بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي خاصة السعودية والإمارات والكويت والبحرين وبدأت إعادة العلاقات بينهم في العديد من المحاور أهمهم:

المحور الاقتصادي

شهدت العلاقات المصرية – الخليجية مرحلة إعادة تأسيس العلاقات بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي وظهر ذلك خاصة بإعلان القاهرة في عام ٢٠١٥، وذلك بعد لقاء الرئيس مع ولي عهد السعودية وقد نص الإعلان على وضع مجموعة من الآليات التنفيذية فيما يلي:

  • تحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين والعمل على جعلهما محورًا رئيسيًا في حركة التجارة العالمية.
  • تعيين الحدود البحرية بين البلدين.[51]

المحور العسكري

بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي تمت إعادة التوجه ناحية دول الخليج خاصة السعودية والإمارات، وأصبحت العلاقات بينهم قائمة على خدمة مصالح محددة في قضايا محددة، وظهر ذلك من خلال الدعم المالي والسياسي الذي قدمته كلتا الدولتين لمصر في مقابل أن تساند مصر التوجهات الخليجية تجاه قضايا بعينها.

اتجهت مصر للعودة إلى لعب دور إقليمي من شأنه أن يجذب أنظار القوى الإقليمية الأخرى لذلك تميزت العلاقات بين مصر والدول الخليجية ماعدا قطر خلال تلك الفترة بالتالي:

  • التعاون العسكري بينهم خاصة في مجال بناء القدرات العسكرية من خلال المناورات العسكرية؛ حيث عقدت مصر مع الإمارات مناورات خليفة في عام ٢٠١٤، ومناورات سهام الحق في الإمارات في أكتوبر٢٠١٣، بالإضافة إلى مناورات برية بين مصر والسعودية ومناورات بحرية مع القوات السعودية في ٢٠١٥، ومناورات حمد مع البحرين.
  • الدعم الدبلوماسي للتوجهات الخارجية المصرية بما يضمن تثبيت أركان النظام الجديد وتدعيم التحركات الخارجية، وظهر ذلك في عدم اعتراض الدول الخليجية على الضربة الجوية التي نفذتها مصر في ليبيا ردًا على مقتل عدد من العمال المصريين على يد تنظيم داعش.

ثانيًا: العلاقات مع قطر وتركيا

ظلت العلاقات بين مصر وقطر وتركيا متوترة في تلك الفترة من الدراسة وحتى عام ٢٠٢٢، حيث استمر التوتر بينهما لعدة أسباب منها تبنّيهما مواقف رافضة لثورة ٢٠١٣ والنظام الجديد، مع تقديمهما الدعم لجماعة الإخوان المسلمين سواء الدعم المادي أو عن طريق استضافة العناصر الهاربة من الجماعة، بالإضافة إلى القنوات الفضائية المعادية للدولة المصرية لذلك تبنت الدولة المصرية سياسات تصعيدية تجاه تركيا وقطر في تلك الفترة واستمر التوتر بينهم، لكن في عام ٢٠٢٢ ظهرت بوادر استعادة العلاقات بين مصر وقطر وبين مصر وتركيا، والاتجاه نحو محاولات لتعزيز التعاون والتنسيق والاتصال.[52]

بالنسبة  لقطر كان هناك حاجة لعودة العلاقات بينهم لأسباب اقتصادية وسياسية تتعلق بخارطة التحالفات الإقليمية ودفع عجلة العمل العربي المشترك والحفاظ على السلم والأمن الإقليمي، بالإضافة إلى أنه قد زالت أهم عقبة في طريق عودة العلاقات بين البلدين بنجاح القاهرة في مواجهة جماعات الإسلام السياسي، لذلك شهدت العلاقات المصرية – القطرية تطورًا إيجابيًا ملحوظًا في عام ٢٠٢١، بتوقيع الدولتين على اتفاقية العلا في السعودية والتي أنهت الخلافات بين مصر والسعودية والبحرين والإمارات من جهة وقطر من جهة أخرى، حيث اتفقت على إنهاء مقاطعتها لقطر التي بدأت في عام ٢٠١٧ بتهمة دعم الجماعات الإرهابية، كما قامت كل دولة منهما بتعيين سفيرًا لدى الدولة الأخرى كمؤشر لعودة العلاقات، وبدأت تظهر توافقات مصرية قطرية حول قضايا إقليمية، وفي مارس عام ٢٠٢٢ التقى رئيس الوزراء المصري مع نائب رئيس الوزراء القطري وتباحثا في مجموعة من الاستثمارات القطرية والشراكات التي سوف تساهم بها قطر في الاقتصاد المصري، كما تم الإعلان عن أن البلدين سيشكلان لجنة مشتركة لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وبحلول شهر رمضان قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوجيه التهنئة لأمير قطر.[53]

بالنسبة لتركيا ظهرت رغبة بين مصر وتركيا في تجسير الفجوة بينهما وتحسين العلاقات والاستفادة من ذلك في بعض القضايا الإقليمية التي تمس بمصالح البلدين لذلك شهدت العلاقات المصرية – التركية تطورًا إيجابيًا في عام ٢٠٢٢ بلقاء الرئيسين المصري والتركي ببعضهما في افتتاح كأس العالم في قطر، وأشار الرئيس التركي أن في ذلك اللقاء اتفقوا على تبادل زيارات الوزراء على مستوى منخفض ولكن في خلال الأشهر المقبلة سوف تُستأنف العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين، كما صرح الرئيس التركي أردوغان بأن عودة العلاقات المصرية – التركية سوف تبدأ، كما أن هناك محادثات بين البلدين حول قضايا سياسية وتجارية وعسكرية بما في ذلك مشاريع الطاقة، واتفاق تركيا لترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، وهناك مبادرة بشأن إمكانية دخول تعاون جدي بينهم بشأن قضايا إقليمية خاصةً في إفريقيا.[54]

المبحث الثالث: توصيات لتعزيز مكانة مصر الإقليمية

بعد هذه العودة التي شهدتها مصر على الساحة الإقليمية كما أشرنا سلفًا، من مظاهر لعودة المكانة الإقليمية من عودة العلاقات المنقطعة كما في حالة قطر وتركيا، والمشاركات العديدة في القمم الدولية والإقليمية مثل مؤتمر بغداد، ومؤتمر المناخ ورئاسته، وقيادة الاتحاد الإفريقي عام 2019، وغيرها من مظاهر العودة من المشاركة الفعالة في الصراع السوري والصراع في ليبيا، والقيام بدور الموازن الإقليمي، كل هذا عن طريق دمج العديد من الأدوات واستخدامها في حل الآثار التي خلفته المتغيرات المحلية والتحديات التي تعرضت لها، ومن أجل الوصول للأهداف التي وضعتها القيادة السياسية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه السلطة في مصر،  لابد من إلقاء الضوء على مجموعة من الآليات التي سوف تزيد من صعود مصر إقليميًا وتزايد دورها الإقليمي، وتعزز هذا الدور ومكانتها، وهي كالآتي:

 

أولًا: القوة الناعمة

القوة الناعمة تبدأ بالمصداقية والمصارحة مع النفس في السياسة والاقتصاد والأمن، وبعد ذلك تأتي الأدوار للتاريخ والثقافة والحضارة والإبداع والتي رغم كل شيء لا يوجد ما يُماثلها في كل دول المنطقة، كلها تحتاج بعثًا جديدًا للحضارات المختلفة التي تعاقبت على مصر، وإلى مصالحة مع الحضارة العالمية المعاصرة، وإلى تجسير الفجوة بينها وبين المستقبل، كل ذلك يُوجد له مخزون ليس قليل من القوة الناعمة، وما علينا إلا بعثه والقدرة على إدارته واستخدامه.

عمليًا فإن مصر تحتاج إلى عملية جراحية لكي تُعيد تعريف نفسها، أو ما يُقال في مجال السوق (Rebranding) تنهل فيها من مواردها الناعمة، وتحدد فيه رسالتها إلى المنطقة والعالم التي تدور حول فكرتين: البعث، والتقدم، الأولى، تُحيي ما لدينا من تاريخ متواصل، وحضارات مترابطة، والثانية، تتطلع إلى مستقبل شجاع، في هذا وذاك توجد تفاصيل كثيرة، وندوات أكثر، وربما مركز أو عدة مراكز بحثية تُعيد النظر فيما نحن فيه وتتطلع إلى ما هو آت.

ونظرًا لما تتمتع به مصر من مكانة تاريخية وثقافية بين دول الإقليم سواء الإفريقية أو العربية فإن الدور الثقافي الذي تمتلكه مصر لا يجب إغفال الحديث عنه، واستغلاله في تحقيق مصر لأهدافها، وتوظيفه بجانب باقي الأدوات العسكري والاقتصادية والدبلوماسية، لذلك يجب أن تكثف مصر استخدام ثقافتها، والاتجاه نحو نشرها بشكل أكبر بين دول الإقليم كونها الدولة النموذج، ويجب أن تركز على نشر وتعميق ھویتها الإقليمية، ونشر التاريخ والإرث الحضاري المشترك بينها وبين دول الإقليم، والعمل على التواجد بقوة ضمن منظمات وتكتلات إقلیمیة، ودولیة مثل: الاتحاد الإفريقي-  الأمم المتحدة – منظمة التعاون الإسلامي – الإيجاد – تجمع الساحل والصحراء – الكومیسا.

في السیاق ذاته يجب أن ینھض التحرك الثقافي المصري في الإقليم على المرتكزات الآتیة:

  • التجاوب مع الاحتیاجات العلمیة للدول في الإقليم.
  • توثیق الصلات بین الجامعات والمعاھد ومراكز البحوث العلمیة والھیئات الثقافیة المصریة العاملة في النطاق الإقليمي.
  • محاولة إیجاد تقارب ثقافي بین دول الإقليم من خلال جمعیات الصداقة وتبادل الزیارات والوفود وغیر ذلك.

يجب أن تسعى مصر لدعم وتفعيل دور الجامعة العربية بما يُحقق الأهداف والمصالح المشتركة للدول الأعضاء بعيداً عن الهيمنة واحترام سيادة واستقلال هذه الدول وعدم التدخل في شئونها.

وتراجع نفوذ مصر الإقليمي ارتبط بتراجع قوتها الناعمة، وأن المطلوب هو استعادة مقومات هذه القوة الناعمة بما فيها مختلف الفنون والسينما، والمسرح، والموسيقى، والغناء.

يجب أن تقوم القيادة السياسية المصرية بالتوجيه السليم للمنصات الإعلامية، ووضع برامج محددة لها تتناول الملف الخارجي بشكل مركز أكبر على تحركات مصر وما تقوم به من أدوار إقليمية في المنطقة العربية وفي الداخل الإفريقي، وتكثيف استخدام الأداة الإعلامية في نشر الثقافة المصرية وتقديم الصورة المصرية للخارج في أبهى صورها حتى يحدث جذب خارجي.

ثانيًا: الآلية الاقتصادية

تمتلك مصر مقومات اقتصادية تؤهلها لجذب استثمارات غربية وإقليمية واستخدام الدور الاقتصادي لها في إفريقيا في محاولة بناء قوة إقليمية لها تزيد من دورها الفاعل في إفريقيا والإقليم بأكمله، يجب أن تهتم مصر بصياغة مشروعات اقتصادية مشتركة على الصعيد الإقليمي تكون لها الدور الريادي والمتحكم فيها من خلال جعل هذه المشروعات الاقتصادية ترتكز على موارد ومقومات اقتصادية ليست متوفرة بالشكل الكافي لدى دول الإقليم الأخرى لتمويل هذه المشروعات، أيضًا يجب على مصر العمل وفق مقوماتها المتميزة لجذب الاستثمارات الغربية، التي تصب في مصلحة الإقليم كله حتى تعبر عن مصداقية محاولاتها للريادة الفعلية والفعالة للإقليم.

في هذا الإطار التي تسعى مصر فيه لتعزيز مكانتها الإقليمية يجب أن تراعي النقاط التالية:

  • ضرورة سعي مصر لتعزيز مكانتها الإقليمية في قضايا المنطقة العربية لا سيما القضية

الفلسطينية، كونها القضية المحورية الأهم بعد محاولة دخول لاعبين جدد في هذا الملف،

كدولة قطر والدولة التركية، بعد أن كانت القضية الفلسطينية تحت المظلة المصرية والأردنية

كونهما دول الجوار والتأثير الأول على هذه القضية.

  • على مصر أن تصلح بشكل أعمق الآثار التي ترتبت على الأحداث الداخلية التي شهدتها البلاد خاصة في مجال الحريات وحقوق الإنسان والديموقراطية.
  • أن تحافظ الدولة المصرية على استقرار محيطها الخارجي، كونه يؤثر عليها بشكل مباشر

أو أن تستثمر علاقاتها مع حلفائها في دعم سياساتها الخارجية، واستغلال دورها في الإقليم

مما يخدم مصالحها القومية، ومثال ذلك الطلب من “إسرائيل” للتراجع عن دعمها لإثيوبيا في

ملف سد النهضة، مقابل محاولة مصر احتواء الفصائل الفلسطينية ومحاولة جلب الهدوء

“لإسرائيل”.

  • من الأهمية أن تحسن مصر علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية التي شهدت انقطاع

للعلاقات الدولية، بسبب ما شهدته الساحة الداخلية المصرية، ومحاولة إنشاء وسائل إعلامية قوية للدفاع عن مصر إعلاميًا.

على جانب أخر فإن عناصر القوة الأساسية، صلبة وناعمة، لدى مصر ليست قليلة، ولكن إدارتها واستخدامها بشجاعة وحصافة ورشد هي القضية.

وفيما يتعلق بالدور المصري، أكد أهمية استعادة هذا الدَور من خلال استكمال عملية البناء الداخلي، وأن هناك حاجة أيضًا لأن تصوغ مصر نموذج اقتصادي، لاقتصاد قوي قائم على الزراعة والصناعة والتصنيع العسكري، بدلاً من فكرة الاقتصاد الريعي، وأن تعمل الدولة على بناء منظومة سياسية جديدة وعدم الاكتفاء فقط بالمعالجة الأمنية للأزمات وبناء تعدديُة سياسيَة حقيقيَة للوقوف أمام التيار الإسلامي ومن ثم بناء القوة الصلبة، والناعمة، ومنظُومة التعليم والصحة، كما يجب على مصر السعي من جديد لبناء تحالف عربي /عربي والتأكيد على أن بناء السلام هو الخطوة الوحيدة التي يمكن من خلالها السماح لإسرائيل بأن تذوب في العالم العربي، والحذر من إعطاء مؤشرات لدولة الاحتلال بالتسليم بأن الأرض لهم وأن الاعتراف بشرعيتها لا يُمثل مُشكلة.

كما أن على مصر العمل على تأمين جوارها المباشر والمُساهمة الفعَالة في تحقيق السلام في السودان وليبيا وكذا الجوار الشرقي والحفاظ على أمن منطقة البحر الأحمر وتعزيز العلاقات وبناء تحالفات مع القوى الحضارية (العراق وسوريا) خاصة وأن هذا التحالف القديم هو أساس الهوية، ولم يهو هذا التحالف إلا في لحظة ضعف هذه الدول، سمحت لدول أخرى بالصعود.

كما تتطلب مصر حقًا دعمًا إقليميًا وعالميًا في قضايا مهمة مثل نضالها من أجل الأمن المائي – وهي مشكلة يجب أن تكون مصدر قلق أكبر وأكثر إلحاحًا بالنسبة لها، وكل المهتمين باستقرار المنطقة.

وبالنسبة لعلاقات مصر الإقليمية فيجب إدارة حوار رشيد وفعَال مع طهران ما يحقق المصالح المصرية، وينصرف الأمر أيضًا إلى العلاقات مع تركيا، وعلى الصعيد الدولي، فإن على مصر استمرار سياستها الراهنة القائمة على تنويع شراكاتها الاستراتيجية.

إعادة النظر في علاقات مصر وصياغة مفاهيم وأسس جديدة للعلاقات المصريَة مع عدد من الدول الخليجية الحليفة، مؤكدًا أن الأمر ليس مجرَد رد فعل بعد اتفاقيتي التطبيع الإماراتي والبحريني بل لأن ممارسات بعض هذه الدول تهدد المصالح المصرية، وأوضح السفير عبيد أن هذه الخطوة من مصر لا تعني الصدام مع الإمارات أو غيرها، بل إرساء أسس جديدة لهذه العلاقات وتوضيح المصالح المصرية وأولوياتها، وأضاف أنه حتى رغم ما يبدو من تحالف إماراتي / سعودي، إلا أن بينهما العديد من الخلافات بعضها يتعلق باتفاقيات تاريخية حول الحدود بينهما فضلًا عما بدا بشكلٍ واضح في الأجندة الإماراتية فيما يتعلق بالأزمة اليمنية، منوهًا في هذا السياق إلى أن التحرك الإماراتي يُحكم بعددٍ من الأسس منها: العداء الشديد لفصيل الإسلام السياسي، ومن هنا كانت نقطة الالتقاء مع مصر بعد ثورة يونيو 2013، ولكن لا يجب استمرار التماهي مع الموقف الإماراتي خاصةً وأن هذا قد يُؤثر سلبًا على الموقف المصري وعلاقات القاهرة الإقليمية.

الدور الإقليمي لمصر يرتبط بشدَة بموقفها من القضية الفلسطينية وضرورات الحل العادل لها (حل الدولتين على حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمةً للدولة الفلسطينية…إلخ). وأنه إذا كان الخليج يُريد أن يحشد ضد إيران ويتقي خطرها، فإن حل القضية الفلسطينية سيسلب إيران أهم الركائز التي تستند إليها لتدخلاتها في المنطقة. وكمثال فقط ما كان لحزب الله اللبناني أن تقوم له قائمة لولا المشكلة الفلسطينية، حيث إن سنده الأساسي مصطلح “سلاح المُقاومة” الذي صفق له الشعب العربي من المحيط إلى الخليج يوم أجبر إسرائيل على الانسحاب دون ثمن. وبالتالي مهم للغاية الحفاظ على الدور المصري في الشأن الفلسطيني حتى لا تسد جميع المنافذ أمام الفلسطينيين لإجبارهم على التوجه نحو حلفاء إسرائيل الجدد في الخليج علماً بان حل المشكلة الفلسطينية هي مسألة وثيقة الصِلة بالأمن المصري وترتبط بشدَة بتمرس وتجذُر الإرهاب في سيناء. ويعتقد البعض أن الترتيبات الأمنية خاصَة في المنطقة (ج) ضمن معاهدة السلام هي التي أدت إلى توطُن الإرهاب العالمي في هذه المنطقة.

كما أن استعادة دور مصر الإقليمي يبدأ بنفوذها في دول الجوار، ولا يجب في هذا السياق، تجاهل حقيقة أن موقف مصر عبر التاريخ ونفوذها الإقليمي كان ولازال يُقاس، ليس بعلاقات الصداقة مع أوروبا ولا حتى مع أمريكا، بل بمدى تأثيرها في مُحيطها الإقليمي، بما في ذلك التأثير على الفلسطينيين.

ومع ذكر كل ما سبق لا يجب أن نغفل الإشارة إلى هذه النقطة ألا وهي:

على المواطن المصري أن يدعم الإصلاحات الاقتصادية والتنموية التي تشهدها البلاد، كونها ستنعكس في حال نجاحها إيجابًا على المواطن في المستقبل، وعلى الجانب الآخر يجب على الدولة المصرية الاستمرار في مكافحة الفساد والإصلاح السياسي من أجل التخفيف عن كاهل المواطن المصري المنهك، ولدعم صموده وتعزيزه حتى تحقق الدولة المصرية أهدافها القومية وتعزز من مكانتها الإقليمية.

الخاتمة

من خلال عرضنا لأهم المتغيرات المحلية التي واجهتها مصر والتحديات التي نتجت عنها داخليًا وخارجيًا والتي حجمت من دور مصر الإقليمي، بالإضافة إلى آليات معالجة هذه التحديات، وتمكن مصر بقيادتها السياسية التي أعطت اهتمام كبير للساحة الإقليمية من السير نحو استعادة مكانتها الإقليمية واستعادة علاقاتها الجيدة بدول الإقليم، ومشاركتها الفعالة به والتي وصلت بمصر إلى مكانتها الحالية يمكن إجمال أهم النتائج التي توصلت إليها الدارسة فيما يلي:

  • تأثرت المكانة الإقليمية المصرية سلبًا بسبب الأحداث الداخلية التي شهدتها البلاد مع مطلع العام 2011، وتراجعت السياسة الخارجية المصرية بشكل واضح في قضايا الإقليم والمنطقة العربية، وكذلك القارة الإفريقية حتى قبل أحداث الثورة مطلع العام 2011.
  • شهدت مصر تطورات داخلية تمثلت في اندلاع ثورة 25 يناير التي نتج عنها تنحي الرئيس

محمد حسني مبارك، ودخول البلاد في نفق مظلم حيث شهدت مصر تولي أربعة رؤساء

للحكم في زمن قياسي لم تكن له سابقة في التاريخ الحديث.

  • تنامي دور الفاعلين المنافسين لمصر في الإقليم بسبب التراجع المصري من قضايا المنطقة،

وأبرز هؤلاء الفاعلين تمثل في (إيران، قطر، تركيا)، مع صعود متنام للدور الإقليمي للمملكة العربية السعودية والإمارات، وحتى يومنا هذا ظلت مصر تحت أطماع القوى الكبرى الإقليمية والدولية بسبب موقعها ودورها المتميز في المنطقة العربية.

  • تعاملت مصر وفق المعطيات التي أفرزتها الساحة الداخلية المصرية، حيث شهدت تراجعًا حادًا خلال فترة عدم وضوح الرؤية والمنعطف التي دخلت فيه البلاد، وحجمت مصر من دورها في الإقليم خلال الأحداث الداخلية، ومع بداية الاستقرار الداخلي بدأت باستعادة دورها الإقليمي تدريجيا بالشكل الذي يخدم مصالحها القومية.
  • شهدت الفترة الثانية لحكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، استقرار مصر في الساحة الداخلية

الذي انعكس إيجابًا على مكانتها الإقليمية، خاصة بعد دخول مصر في تنفيذ خطة الإصلاحات التي شملت معظم المجالات وفق التقارير الدولية، الأمر الذي سيدفع بالمكانة الإقليمية المصرية للتقدم والازدهار في المستقبل.

  • كان هناك دور بارز للجيش المصري في استعادة استقرار البلاد الداخلي من خلال سيطرته

على الحكم بعد فترة طويلة من الانقسام الشعبي الداخلي حول طريقة إدارة الإخوان للحكم

خلال الفترة التي سبقت الأحداث في 30 يونيو، بجانب مشاركته الفعالة في محاربة الإرهاب وتحجيم دوره.

  • تبين أن القيادة السياسية المصرية كانت تحركاتها مخططة وهادفة لتحقيق هذه الدور الخارجي وإعادة بناء دورها ومكانتها الإقليمية، من جديد ولم تكن تحركات تلقائية.
  • تبين أهمية الدور الكبير للقيادة السياسية في إحداث الفارق في السياسة الخارجية واستمرارا للتأكيد على أن الدور الكبير والمؤثر في الداخل المصري يعود دائما إلى القائد السياسي.

لذلك تبين لنا أن المتغيرات المحلية التي واجهتها مصر كان لها أثر على مكانتها الإقليمية سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر، والتي أدت بدورها لتعظيم تراجع هذه المكانة في البداية، لكن مع حدوث تغير محلي متمثل في ثورة 30 يونيو 2013 الذي كان له الأثر بدوره في تغيير القيادة السياسية، انعكس ذلك على توجهات السياسة الخارجية نحو السعي لاستعادة مكانة مصر الإقليمية، وبالفعل نجحت مصر باستعادة مكانتها، كما أن هناك توقع باهر ومشرق حول هذه المكانة الإقليمية التي سوف تتجه أكثر وأكثر نحو النمو والإشراق.

رؤية استشرافية

مصر تعود!! هي الرسالة التي يرغب مسؤولو السياسة الخارجية المصريون في إرسالها إلى نظرائهم في جميع أنحاء العالم، لقد دفعت الديناميكيات الإقليمية المتغيرة مصر إلى تبني سياسة خارجية أكثر نشاطًا، بدأت حكومتها تشعر بمزيد من الثقة في الوطن، وتتولى أدوارًا ومسؤوليات جديدة، وتستثمر في أشكال جديدة من التوافق الإقليمي.

وفقا لما وصلت إليه مصر على الساحة الإقليمية واستعادة مكانتها بين دول الإقليم والجهود الجسيمة التي بذلتها في هذا الإطار، فإن مصر قامت بنقلة قوية في محيطها الخارجي وفي وقت قياسي؛ حيث تحولت مصر من دولة فقدت مكانتها الإقليمية وتراجع دورها الإقليمي بسبب مجموعة من المتغيرات التي أدت لهذا، إلى دولة عادت في وقت قياسي مرة أخرى على الساحة الإقليمية؛ بفضل جهود بذلتها القيادة السياسية في الداخل انعكس تأثيرها للخارج، لتتحول مصر مرة أخرى لدولة مشاركة إقليميًا إلى دولة فاعلة ومؤثرة إقليميًا، ثم إلى دولة شكلت عامل موازن استراتيجي بجانب الفواعل الإقليمية الموجودة.

ومن خلال هذه التحولات التي مرت بها مصر بشكل متوالي فإن استمرار مصر على هذه الخطى، بجانب اتباع الآليات التي ذكرناها فإنها قد تتحول من دور الموازن إلى دور القائد إقليميًا،  بجانب المشاركات المصرية الفعالة في محيطها الإقليمي والتي سبق ذكرها كل ذلك يعطي دول الإقليم إمكانية إعطاء مصر الثقة الأكبر لتكون صاحبة الريادة والقيادة داخل الإقليم، كما أن سعي مصر لزيادة مكانتها دوليا بجانب المكانة الإقليمية يعطيها ثقل إقليمي وثقة أكبر، بالإضافة إلى سعيها لتحسين علاقاتها بدول الإقليم وبذلك  سوف تحظى بدعم أكبر منهم في مختلف القضايا الإقليمية، أيضا هناك جهود تبذلها مصر على المستوى الإقليمي مثل قمة بغداد ومحاولاتها للإعادة التوازن الاستراتيجي.

بعد عقد من الاضطرابات الداخلية، تتطلع مصر إلى استعادة دورها السابق كلاعب إقليمي رئيسي، وقد أدى تزايد الاستقرار في الداخل، وتحسين الآفاق الاقتصادية، والانفراج الأخير في جميع أنحاء الشرق الأوسط، إلى تعزيز مشاعر الثقة بالنفس.

في الماضي، كانت مصر لاعبًا رئيسيًا في السياسة الخارجية في الشرق الأوسط، بفضل حجمها وموقعها واستقرارها وثقتها المتميزة بالنفس بأهميتها الخاصة، تمكنت البلاد من التأثير على العديد من التطورات الإقليمية؛ لا يمكن قول الشيء نفسه عن مصر خلال العقد الماضي، كانت مصر غائبة نسبيًا عن الدبلوماسية الإقليمية في القضايا الرئيسية التي تتراوح من الحروب في اليمن وسوريا إلى الانتشار النووي الإيراني، كان هذا وقت اضطراب سياسي داخلي في أعقاب الانتفاضات العربية، التي حولت انتباه القاهرة بعيدًا عن السياسة الخارجية ونحو صراعات السلطة في الداخل.

بالإضافة إلى ذلك، بينما لا تزال هناك العديد من أضواء التحذير التي تومض على الاقتصاد المصري، فإن مصر لديها ثقة متزايدة في قدرتها على تكوين مجموعة جديدة من العلاقات الدبلوماسية بشروطها الخاصة، من خلال الاستفادة القصوى مما تعتقد أنه موقف مصر كمستقبل، مركز إقليمي للطاقة لجيرانها الأوروبيين والعرب، وقد ترافق ذلك مع شعور النظام المتزايد بالأمن الداخلي، وهو ما يشجعه الآن على تحويل انتباهه إلى السياسة الخارجية مرة أخرى – بهدف استعادة موقعه التاريخي كلاعب إقليمي هائل.

من الخارج، يمكن للمرء أن يستنتج أن مصر لا تزال تلعب دور الكمان الثاني للقوى الأخرى في منطقتها، ولكن إذا حكمنا من خلال وجهات نظر من هم داخل النظام ومن حوله – ودبلوماسي الشرق الأوسط الذين يتعاملون مع مصر – يبدو أن البلاد تزداد ثقة بالنفس وتصبح حريصة على تولي دور قيادي إقليمي مرة أخرى.

  • قائمة المراجع

أولًا: المراجع باللغة العربية

  • الكتب
  • التطورات المعاصرة لدور مصر الإقليمي، مركز البحوث والدراسات السياسية، مكتبة الشروق الدولية، الطبعة الأولى، ٢٠١١.
  • هيكل، محمد حسنين، “مصر إلى أين؟ ما بعد مبارك وزمانه”، (دار الشروق، ط ٣، ٢٠١٣).

 

  • الدوريات العلمية
  • أحمد سلطان، دبلوماسية التحول الي مركز إقليمي للطاقة: منتدى دول غاز شرق المتوسط والأهمية الاستراتيجية لمصر، السياسة الدولية، ٢٠٢٢.
  • عدوان، أركان ابراهيم، توجهات السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة ٢٥ كانون الاول ٢٠١١: دراسة في تقييم اداء السياسة الخارجية المصرية بعد الثورة، ع ٥٥، مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية، ٢٠٢٠.
  • الهلالي محمد، القيادة السياسية والسياسة الخارجية، المركز الديموقراطي العربي، يوليو ٢٠٢٢.
  • أبو بكر دسوقي، عالم مختلف..الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد الثورات، السياسة الدولية، عدد ١٨٤، ٢٠١١.
  • الليلة، شيماء عبد الستار، وسالم، شيماء، أثر الثورة على الدستور والعلاقات الدولية: ثورة ٢٥ يناير/كانون ثاني في مصر نموذجًا، مجلة دارسات إقليمية، العدد ٣٩، مركز الدارسات الإقليمية، ٢٠١٩.
  • أيمن السيد، القوة الناعمة: دور المجتمع المدني المصري تجاه حوض النيل، السياسة الدولية، ع22.
  • إسلام حجازي، ثورة ٢٥ يناير ومستقبل السياسة الخارجية تجاه دول حوض النيل، آفاق إفريقية، ع٣٦، ٢٠١٢.
  • إيمان رجب، السياسة الخارجية المصرية والمجتمع الدولي بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١3، المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، ٢٠١٣.
  • إيمان أحمد، الموقف المصري والتدخل العسكري في اليمن، المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، يناير٢٠١٧.
  • آية خطيب، العلاقات المصرية – الإسرائيلية وأثرها على القضية الفلسطينية منذ قيام ثورة يناير “٢٠١١”، المركز الديموقراطي العربي، أغسطس ٢٠١٧.
  • بري، ممدوح غالب، دور المؤسسة العسكرية في إدارة النظام السياسي ٢٠١٤: (دراسة في تاريخ مصر المعاصر- المصري بعد الثورة 2011)، مجلة الدراسات الإفريقية، المجلد الأول، العدد الثاني، المركز الديموقراطي العربي، ٢٠١٨.
  • بلال المصري، كعب أخيل، العلاقات المصرية – السودانية: حلايب، المركز الديموقراطي العربي، مايو ٢٠١٧.
  • حبيبة زلاقي، نظرية الدور بين الأصول الاجتماعية والتوظيف في التحليل السياسي، مجلة العلوم القانونية والسياسية، ع17، يناير 2018
  • حسن أبو طالب، الدبلوماسية الشعبية وإعادة الاعتبار للمكانة المصرية، السياسة الدولية، ع ١٨٦، ٢٠١١.
  • عباس، جيهان عبد السلام، رئاسة مصر للاتحاد الافريقي ومستقبل العلاقات الاقتصادية، السياسة الدولية، ع ٢١٨، ٢٠١٩.
  • حسن، محمد صابر، المتغير القيادي وأثره على السياسة الخارجية المصرية (٢٠١٢-٢٠١٦)، المنظومة، 2018.
  • محمود جبر، “البحث عن المكانة: إشكالية الدور الخارجي المصري”، المركز العربي للبحوث والدراسات، أكتوبر 2014.
  • حبيطة، خضر، الدور السياسي للمؤسسة العسكرية وتأثيره على التحول السياسي في مصر بعد ٢٥ يناير (٢٠١١-٢٠١٥)، مجلة مدارات سياسية، ٢٠١٧.
  • رشا عطوة، السياسة الخارجية المصرية تجاه دول حوض النيل، المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية، مج ٧، ع ٤، ٢٠١٦.
  • ذنون، رافع شريف، الدور المصري الإقليمي في الخليج العربي في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية، مج ١٠، ع ٣٧، ٢٠٢١.
  • رباب شعبان، رضوى جابر، وآخرون، السياسة الخارجية المصرية تجاه الصراعات في المنطقة “سوريا-اليمن-ليبيا”، المركز الديموقراطي العربي، يوليو ٢٠١٧.
  • سامي السيد، الدور المصري في إفريقيا بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، السياسة الدولية، ع ٢١٣، ٢٠١٨.
  • عزمي خليفة، سياسة مصر الخارجية في عهد الرئيس السيسي، المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، ٢٠١٥.
  • عصام الشافي، السياسة الخارجية المصرية للرئيس محمد مرسي، السياسة الدولية، مؤسسة الاهرام، ٢٠١٦.
  • حميد، علي حسين، استراتيجية توظيف القوة الناعمة في الشؤون الخارجية (مصر ما بعد نظام مبارك: دراسة تحليلية)، مجلة العلوم السياسية.
  • قمحة، أحمد ناجي، مصر وصناعة التأثير الدولي: إعادة صياغة العلامة الوطنية لتحقيق المكسب للجميع، مؤسسة الأهرام، مجلة السياسة الدولية، ع٢٢٥، يوليو ٢٠٢١.
  • كاظم، أحمد عدنان، تغيير مؤسسة الحكم في مصر، مجلة المستنصرية للدارسات العربية والدولية، العدد ٣٣، ٢٠١١.
  • العليمي، محمد بيلي، العودة: الدور الإقليمي لمصر بعد ثورة ٢٥ يناير، السياسة الدولية، عدد ١٨٥، ٢٠١١.
  • محمد محمود، قراءة في ملامح العلاقات المصرية العربية في عهد السيسي، إضاءات مصر العربية، ٢٠١٤.
  • محمد برهومة، التحالفات المتغيرة: العلاقات الإقليمية في مرحلة ما بعد الثورات العربية، السياسة الدولية، ع ١٨٦، ٢٠١١.
  • ميرال مصطفى، أطر معالجة العلاقات المصرية الافريقية في مواقع القنوات الاخبارية التليفزيونية المصرية، مجلة البحوث الإعلامية، ع ٥٥، ٢٠٢٠.
  • محمد كمال، علاقة مصر بدول مجلس التعاون الخليجي: دراسة حالة المملكة العربية السعودية، المركز الديموقراطي العربي، ٢٠١٥.
  • محمد جابر، العلاقات المصرية الافريقية من التهميش إلى الاندماج: دراسة حالة العلاقات المصرية الاثيوبية، المركز الديموقراطي العربي، ٢٠١٨.
  • محمد خليل، التطورات الداخلية في مصر وتداعيتها على مكانتها الاقليمية (٢٠١١-٢٠٢٠)، (جامعة الاقصى، كلية الآداب والعلوم الانسانية، ٢٠٢١).
  • ماضي، عبد الفتاح، تحولات الثورة المصرية في خمس سنوات، مجلة سياسات عربية، العدد ٨١، دارسات وأوراق تحليلية، المركز العربي للدراسات وأبحاث السياسات، بيروت، ٢٠١٦.
  • السباعي، مهيرة عماد، معالجة الخطاب الصحفي للعلاقات المصرية الأفريقية، المركز العربي للبحوث والدراسات، يناير ٢٠٢٠.
  • محمد السيد سليم، “مفهوم الدور الإقليمي”، د. هدى ميتيكس (محرر)، التطورات المعاصرة لدور مصر الإقليمي، (القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، ٢٠١١).
  • مايسة خليل، محددات السياسة الخارجية المصرية تجاه دول حوض النيل منذ ٢٠١٤: إثيوبيا نموذجًا، المركز الديموقراطي العربي، مايو ٢٠٢٢.
  • مصطفى كمال، السياسة الخارجية المصرية تجاه الصراع السوري، دورية بدائل، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد ١٩، نوفمبر ٢٠١٦.
  • نورهان الشيخ، السياسة الخارجية المصرية وتحديات ما بعد الثورة، المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، ع ٧٩، ٢٠١١.
  • نجم، أحمد مشعان، مكانة الدولة وعلاقتها بمفهوم القوة في العلاقات الدولية، مجلة العلوم السياسية، العدد ٣٥، ٢٠١٧.
  • نصر محمد، السياسة الخارجية المصرية بين محددات الداخل وتحديات الخارج، مركز المستقبل، ١٨، ٢٠١٦.
  • ياسمين حلمي، السياسة الخارجية لمصر تحت حكم الإخوان، المركز الديموقراطي العربي، يناير ٢٠١٩.
  • ياسمين عادل، أثر الدور الإقليمي المصري على التوجه الأمريكي لمصر بين الاستمرارية والتغير”٢٠٠٩-٢٠١٦”، المركز الديموقراطي العربي، أغسطس ٢٠١٦.
  • المرسي، رباب وآخرون، السياسة الخارجية المصرية تجاه الصراعات في المنطقة: سوريا، اليمن، ليبيا، المركز الديموقراطي العربي، ٢٠١٧.
  • أبو زيد، أحمد محمد، محددات السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة ٢٥ يناير، المستقبل العربي، مج٣٤، ع ٣٩١، ص ١٤٦:١٢٩، ٢٠١١.
  • الزواوي، محمد سليمان، مستقبل النظام الإقليمي العربي في عصر الثورات، البيان، ع ٢٨٨، ٢٠١١.
  • رمضان قرني، آفاق التعاون الثقافي والإعلامي بين مصر وقارة إفريقيا، الهيئة العامة للاستعلامات، ع ٤٣، ٢٠١٥.
  • النجداوي، محمد هادي، الدور الإقليمي لمصر: سيناريوهات ما بعد الثورة، مجلة البحثية للعلوم الانسانية والاجتماعية، ع ٢، ٢٠١٤.
  • أحمد جمعة، مصر تؤكد موقفها الداعم للشرعية في اليمن ودعمها للمبادرة الخليجية، اليوم السابع، 3 يونيو٢٠١٥.
  • أحمد يوسف، السياسة المصرية والصراعات العربية، الأهرام اليومي، ٢٥ أغسطس٢٠١٦.
  • أماني الطويل، الاقتصاد يقود القاطرة المصرية في إفريقيا، مجلة السياسة الدولية، ديسمبر ٢٠١٨.
  • إيمان زهران، رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي.. استعادة الدور والمكانة في ٢٠١٩، مجلة السياسة الدولية، يناير ٢٠١٩.
  • أحمد عسكر، استعادة الدور: مؤتمر الملامح المستقبلية للسياسة الخارجية المصرية، مجلة السياسة الدولية، ١١ مارس ٢٠١٤.
  • أحمد سلطان، دبلوماسية التحول إلى مركز إقليمي للطاقة (٢) منتدى دول غاز شرق المتوسط والأهمية الاستراتيجية لمصر، مجلة السياسة الدولية، يوليو ٢٠٢٢.
  • السياسة الخارجية المصرية بين محددات الداخل وتحديات الخارج، مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية، ٢٠١٦.
  • بلال عبد الله، الثورة والسياسة الخارجية المصرية، الواقع والمحتمل، معهد العربية للدراسات، ١١مارس ٢٠١٤.
  • جمال رائف، المكتسبات المصرية من الترويكا الإفريقية، مجلة السياسة الدولية، فبراير ٢٠٢١.
  • جمال رائف، مصر: جمهورية جديدة تثبت دعائم الأمن القومي الإقليمي، مجلة السياسة الدولية، مايو ٢٠٢١.
  • جمال رائف، التحالفات المصرية.. بناء دبلوماسي لمجابهة التحديات، مجلة السياسة الدولية، فبراير ٢٠٢١.
  • حمدي عبد الرحمن، الصعود المصري وأمن القرن الافريقي، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، ع ٣، ٢٠٢١.
  • رضوى عمار، تأثيرات الأزمة المصرية في موازين القوى الإقليمية، مجلة السياسة الدولية، أغسطس ٢٠١٣.
  • زاهر طلب، ما هو التحليل السياسي؟، سراج، (ع٢٢)، ٢٠١٧.
  • سليمان شفيق، من اليمن الى سوريا.. الموقف المصري صائب، اليوم السابع، ١/اكتوبر/٢٠١٦.
  • سليم الدليمي، التوجه المصري نحو العراق من منظور عراقي، مجلة السياسة الدولية، مارس ٢٠٢١.
  • مبارك أحمد، السياسة الخارجية المصرية بعد عام من حكم السيسي، Rcssmideast، ٢٠١٥.
  • محمد محفوظ، منهج التحليل السياسي: مقاربة نظرية، الرياض، العدد 15437، سبتمبر 2010م.
  • العربي، محمد مسعد، ما بعد مرسي:|أبعاد التغيرات السياسية في مصر بعد ٣٠ يونيو، مجلة السياسة الدولية، أغسطس ٢٠١٣.
  • معتز سلامة، إعادة بناء العلاقات المصرية- الخليجية بعد عزل مرسي، مجلة السياسة الدولية، يوليو ٢٠١٣.
  • منى سليمان، الأبعاد الإقليمية والدولية لرئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، مجلة السياسة الدولية، فبراير ٢٠١٩.
  • العرب، محمد عز، تحركات متوازية: كيف تتعامل الدولة المصرية مع التفاعلات الإقليمية في عام ٢٠١٨؟، مجلة السياسة الدولية، ديسمبر٢٠١٩.
  • مسارات مصرية لإعادة الثقة مع حوض النيل بعد قمة “كمبالا”، مجلة السياسة الدولية، يونيو ٢٠١٧.
  • مهند العزاوي، منهجية التحليل السياسي وأدواته، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية، (ع٤)، ٢٠١٤.
  • ميرة البربري، مؤتمر “مصر والعالم في مرحلة جديدة”، السياسة الدولية، ١٨ ديسمبر ٢٠١٤.
  • نبيل عبد الفتاح، الدور الثقافي المصري في عالم مختلف، مجلة السياسة الدولية، يونيو ٢٠٢١
  • لماذا تراجع الدور الثقافي المصري في الإقليم؟
  • نهى شريف، السياسة الخارجية في عهد الرئيس السيسي .. سنوات الازدهار الحقيقية، مجلة السياسة الدولية، أكتوبر ٢٠٢١.
  • نهى شريف، العلاقات المصرية – اليونانية في عهد الرئيس السيسي، مجلة السياسة الدولية، أكتوبر ٢٠٢١.
  • هدى رؤوف، كيف استعادت مصر الثقة الدولية بعد ثورة ٣٠ يونيو؟، مجلة السياسة الدولية، يوليو ٢٠١٧.
  • الرسائل
  • محسن، آلاء محمد، “دور القائد السياسي في صنع السياسة الخارجية الرئيس فلاديمير بوتين نموذجا”، (رسالة ماجستير، جامعة دمشق، كلية العلوم السياسية)، ٢٠١٤.
  • السعيد، السعيد عزت، “التحالفات الدولية الإقليمية المصرية في ضوء نظرية التحالف الدولي: الثوابت والمتغيرات”، (رسالة ماجستير، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، ٢٠٢٠).
  • مصطفى، نادية محمود، الثورة المصرية والتغيير الحضاري والمجتمعي، (القاهرة، مركز الحضارة للدراسات السياسية، ٢٠١٢).
  • راشد، شيماء عبد الفتاح، “تأثير الدور المصري في مبادرة الشراكة الجديدة لنخبة أفريقيا (نيباد) على المكانة المصرية في أفريقيا”، رسالة ماجستير، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، القاهرة، ٢٠١٣.
  • حسن، طارق أحمد، “دور المشاركة المصرية في عمليات حفظ السلام في إفريقيا وأثرها على دورها الإقليمي بالقارة: دراسة حالة إفريقيا الوسطى ودارفور”، (رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ٢٠٢٠).
  • عرفات، إسراء جمال، “الحركات الاحتجاجية ودورها في مخرجات التغيير السياسي العربي- دارسة مقارنة بين مصر وتونس والبحرين”، (رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، ٢٠١٧).
  • الرفوع، فيصل عودة، “أثر الثورات العربية على مستقبل النظام الاقليمي العربي بعد عام “٢٠١١، (رسالة ماجستير، الجامعة الاردنية، كلية الدراسات العليا، ٢٠١٣).
  • أحمد، محمود حسين، “اكتشافات الغاز وتأثيرها على السياسة الخارجية المصرية تجاه دول شرق المتوسط خلال الفترة من ٢٠١٥وحتى ٢٠٢٠”، (رسالة ماجستير، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، ٢٠٢٢).
  • أمين، نشأت عنتر، “التغير في السياسة الخارجية المصرية في أعقاب ثورة ٢٥ يناير “٢٠١١، (رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ٢٠١٧).

أبحاث المؤتمرات

  • توفيق، أماني مصطفى، ثورة ٢٥ يناير والدور الاقليمي لمصر في الصراع العربي الاسرائيلي، المؤتمر العلمي الدولي: الثورة والقانون، ص ٥٨٩-٦٢٧، ٢٠١١.
  • ميرة البربري، مؤتمر “مصر والعالم في مرحلة جديدة”، السياسة الدولية، ١٨ ديسمبر ٢٠١٤.
  • خطابات

رئيس البرلمان الإفريقي: أكد أن مصر عائدة بقوة لإفريقيا، اليوم السابع، الأربعاء ٢٤ نوفمبر ٢٠١٦.

  • مواقع الكترونية
  • أسماء طارق، دور مصر القيادي في رئـــــاسة الاتحـــاد الأفريقــي ٢٠١٩-٢٠٢٠، المركز العربي للبحوث والدراسات، مايو ٢٠٢١.
  • عادل محمد، الدور المصري تجاه أفريقيا الفرص والتحديات، دنيا الوطن، سبتمبر 2019، https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/502829.html
  • بسمة سعد، العلاقات الاقتصادية المصرية الإفريقية الواقع والتحديات والسياسات المقترحة، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، دورية بدائل، ع47، أغسطس 2021، https://acpss.ahram.org.eg/News/17291.aspx
  • بسمة سعد، السياسة المصرية تجاه إقليم شرق أفريقيا.. المحددات والآليات والتحديات، تريندز للبحوث والاستشارات، 2 سبتمبر 2021، https://2u.pw/8zRz6
  • الدبلوماسية المصرية..8 سنوات من حرية واستقلالية القرار وسياسة خارجية تحكمها المصالح الوطنية، وكالة أنباء الشرق الأوسط، يونيو 2022، https://www.mena.org.eg/news/dbcall/table/webnews/id/9609977
  • محمد العرابي، العلاقات المصرية الإفريقية: فرص وتحديات استعادة الدور، أغسطس 2016، https://2u.pw/p9ZKP
  • السياسة الخارجية المصرية والتوازنات الإقليمية والدولية، مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، http://www.akhbar-alkhaleej.com/13096/article/4738.html
  • أميمـــة ســعودي، مصر وإفريقيا.. مشروعات تنموية واعدة، الهيئة العامة للاستعلامات، مارس 2019، https://2u.pw/rGf2C
  • محمد الجزار، ملامح السياسة الخارجية المصرية تجاه إفريقيا منذ عام 2014، مركز دراسات الوحدة الإفريقية، https://2u.pw/p593K
  • ربيع محمد الدنان، سلسلة مصر بين عهدين السيسي ومرسي: دراسة مقارنة، مركز الزيتون للدراسات والاستشارات، https://2u.pw/ZdIyc
  • غادة الشرقاوي، الدبلوماسية المصرية و30 يونيو في الداخل والخارج، مجلة الأهرام، العدد 46593، السنة 138، متاح على: http://www.ahram.org.eg/NewsQ/301231.aspx تاريخ الاطلاع:

ثانيًا: المراجع باللغة الإنجليزية

  • Books
  • Rania Ahmed Hamed, Egyptian foreign policy (special reference after 25th of January Revolution, UNIVERSIDAD COMPLUTENSE DE MADRID, 2018.

Articles

  • Adel Abd Ghaffar, A stable Egypt for a stable region: socio-economic challenges and prospects, Directorate-general for external policies, 2018
  • Amr Adly, too big to fail: Egypt’s large enterprises after the 2011 uprising, Carnegie middle east center, 2017.
  • Bhai, Riham Ashraf (2016), Egypt as a Leading Nation: Regional Imperatives and Domestic Constraints, Diplomatic Strategies of Nations in the Global South, The Search for Leadership, p.p (155 –(179
  • Charles W.Dunne, Egypt’s role in the Arab politics: punching Below its weight, Arab center Washington dc, 2017 .
  • Egypt’s use of solid power and its use of soft power in the middle east region, employment strategy, soft power, January 25 events in Egypt, techno-information revolution, diplomacy, Egyptian foreign policy.
  • Egypt timeline: since the Arab spring, united states institute of peace, 2019 .
  • Egypt in the aftermath of the Arab spring, accord, 2015 .
  • Egypt’s 2011: voluntary national review, ministry of planning and economic development.
  • Hafsa Halawa, burning ambition: Egypt’s return to regional leadership and how Europe should respond, European council on foreign relations, 2021.
  • Hafsa Halawa, Egypt after 2011 revolution: divisions in post protest pathways, Carnegie, 2019 .
  • Hager Ali, Egypt after the Arab spring : a legacy of no advancement , German institute for research , 2020.
  • Michele Dunne, Egypt: trends in politics, economic and human rights, Carnegie, 2020
  • Mahmoud Hussein, Egypt’s bleak reality, politics: middle east, 2021.
  • Doaa s. Abdou and zainab zaazou, the Egyptian revolution and post socio-economic impact, topics in middle eastern and African economics, vol 15, no1, 2013.
  • Gamal M.Selim, Egyptian foreign policy after the 2011 revolution: the dynamics of continuity and change, British journal of middle eastern studies, Vol14,No5, 2022 .
  • Jeff martini and Julie Taylor, commanding democracy in Egypt, foreign affairs 90, no 5, 2011.
  • Kateryna Kadabashy and Robert Edwards, How Egypt turned the page with a comback on the regional stage, Arab news, Vol17, No3, 2021.
  • Shinta Puspitasari, Arab spring: A case study of Egyptian Revolution 2011, Andalas Journal of International studies, vol 6, 2017.
  • Shana Marshall, The Egyptian Armed forces and the remaking of an economic Empire, CARNEGIE, Vol4, No1, 2015.
  • Sherene F.Hamdy, strength and vulnerability after Egypt Arab spring uprisings, jester, vol 19, no1, 2012 .

Websites

  • Amr Adly. “What’s Egypt’s politics all about”, Egypt Independent, 13 March 2013, available at

http://www.egyptindependent.com/opinion/what-egypt-s-politics-all-about

  • Elisabeth Callejon, A Comparative Analysis of the Foreign Policies of Egypt and Saudi Arabia after the Arab Spring, central college, 2016, https://2u.pw/BSykm

“- More face charges in Egypt’s escalating free speech and dissent crackdown”, Amnesty International, 4 April 2013, available at http://www.amnesty.org.au/news/comments/31474/

  • Nadeen Ebrahim, Egypt caps bread prices as shockwaves of Ukraine war hit middle east, CNN, 2022.
  • Rabie, Dalia. “Military denies interest in intervening in presidential affairs, but remains ” The Egypt Independent, 4 April 2013. Available at

http://www.egyptindependent.com/news/military-denies-interest-intervening presidential-affairs-remains-cautious

[1]https://www.presidency.eg/ar/%D9%85%D8%B5%D8%B1/%D8%B1%D8%A4%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%B1-2030/

[2] – محمد خليل عبد القادر، التطورات الداخلية في مصر وتداعيتها على مكانتها الاقليمية (٢٠١١-٢٠٢٠)، (جامعة الاقصى، كلية الآداب والعلوم الانسانية، 2021.

[3] – نشأت عنتر أمين، التغير في السياسة الخارجية المصرية في أعقاب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، (رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ٢٠١٧).

[4] – محمد صابر حسن، المتغير القيادي وأثره على السياسة الخارجية المصرية (٢٠١٢-٢٠١٦)، المنظومة، 2018.

[5] – أركان ابراهيم عدوان، توجهات السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة ٢٥ كانون الاول ٢٠١١: دراسة في تقييم اداء السياسة الخارجية المصرية بعد الثورة، ع ٥٥، مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية، ٢٠٢٠.

[6] – النجداوي، محمد هادي، الدور الإقليمي لمصر: سيناريوهات ما بعد الثورة، مجلة البحثية للعلوم الانسانية والاجتماعية، ع ٢، ٢٠١٤.

[7] – محمود جبر، “البحث عن المكانة: إشكالية الدور الخارجي المصري”، المركز العربي للبحوث والدراسات، أكتوبر 2014.

[8] – طارق أحمد حسن، دور المشاركة المصرية في عمليات حفظ السلام في إفريقيا وأثرها على دورها الإقليمي بالقارة: دراسة حالة إفريقيا الوسطى ودارفور، (رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ٢٠٢٠).

[9] – رافع شريف ذنون، الدور المصري الإقليمي في الخليج العربي في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية، مج ١٠، ع ٣٧، ٢٠٢١.

[10] – السعيد عزت السعيد، التحالفات الدولية الإقليمية المصرية في ضوء نظرية التحالف الدولي: الثوابت والمتغيرات، (رسالة ماجستير، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، ٢٠٢٠).

[11] – سامي السيد أحمد، الدور المصري في إفريقيا بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، السياسة الدولية، ع ٢١٣، ٢٠١٨.

[12] – حبيبة زلاقي، نظرية الدور بين الأصول الاجتماعية والتوظيف في التحليل السياسي، مجلة العلوم القانونية والسياسية، ع17، يناير 2018، ص771.

[13] – المرجع السابق، ص780.

[14] – ريم مخلوف، نظرية الدور في العلاقات الدولية، الموسوعة السياسية، 2020، https://political-encyclopedia.org/dictionary/%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%B1%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9 ، تاريخ الاطلاع 13/ 12/ 2022.

[15] أسماء قطاف، الدور الإقليمي في السياسة الخارجية: دراسة مفاهيمية نظرية، مجلة الحقوق والحريات،٢٠١٧.

[16] مصطفى الفقي، حيوية الدور الإقليمي، المجلة العربية،٢٠٢١.

[17] محمد هادي النجداوي،الدور الإقليمي،المنظومة،(ع٢)،٢٠١٣.

[18] Dèsteadi,To lead or not to lead : regional powers and regional leadership,ec.europa,2021.

[19] Barenhold,Regional devolobment as a mean for regional leadership,OECD,2016

[20] أحمد عليبه، تنامي الدور الإقليمي، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،٢٠٢١.

[21] أحمد عليبه، المرجع السابق.

[22] عمرو هشام ربيع، الدور الإقليمي، مجلة الشروق،٢٠٢٢.

[23] أحمد عليبه، مرجع سبق ذكره.

[24] Paul sharp,Definition of diplomatic representation and its importance to countries,Diplofoundition,2015.

[25] محمد ابو ليلة، التطورات الداخلية في مصر وتداعيتها على مكانتها الإقليمية (٢٠١١-٢٠٢٠)، جامعة الاقصى،٢٠٢١.

[26] عثمان السيد، البيئة الداخلية، مركز البحوث والدراسات،٢٠٢١.

[27] محمد أبو ليلة،مرجع سبق ذكره

[28] – زاهر طلب، ماهو التحليل السياسي؟، سراج، (ع٢٢)، ٢٠١٧.

[29] – مهند العزاوي، منهجية التحليل السياسي وأدواته، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية، (ع٤)، ٢٠١٤.

[30] – محمد محفوظ، منهج التحليل السياسي: مقاربة نظرية، الرياض، العدد 15437، سبتمبر 2010م.

[31] – Shinta puspitasari,Arab spring:a case study of Egyptian revolution 2011,andalas journal of international studies,vol6,no2,2017.

[32] – مهاب حسني النحال, المتغيرات الداخلية والخارجية وتأثيرها على السياسة الخارجية المصرية في ضوء التحولات الاستراتيجية في المنطقة العربية بعد 2011، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، ع (8)، 2020.

[33] – مهاب حسني النحال، المرجع السابق.

[34] – علي الدين هلال وأخرون، تطور النظام السياسي في مصر بعد 30 يونيو، الدار المصرية اللبنانية، (ع59)، 2015.

[35] – مهاب حسني النحال، مرجع سبق ذكره.

[36] – شرين فهمي، إخوان مصر بين الصعود والهبوط ٢٠١١ – ٢٠١٧، (القاهرة، العربي للنشر والتوزيع، ٢٠١٩)، ص١٩٤.

[37] – باسم القاسم، ربيع الدنان، مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة، مركز الزيتون للدراسات والاستشارات، ٢٠١٦، ص٦٣.

[38] – مهاب النحال، المتغيرات الداخلية والخارجية وتأثيرها على السياسة الخارجية المصرية في ضوء التحولات الاستراتيجية في المنطقة العربية بعد ٢٠١١، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، ع (٨)، أكتوبر ٢٠٢٠، ص١٨٥-١٨٦.

[39] – المرجع السابق، ص186.

[40] – محمد عبد الله، استعادة التوازن: توجهات سياسة مصر الخارجية في عهد السيسي، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ١١ يونيو ٢٠١٤.

[41] – المرجع السابق، ص63 – 72

[42] – أركان عدوان، توجهات السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة كانون الأول ٢٠١١ دراسة في تقييم أداء السياسة الخارجية المصرية بعد الثورة، مجلة المستنصر للدراسات العربية والدولية، ع (٥٥)، يناير ٢٠٢٠، ص٦٥.

[43] – هند عثمان، الاستراتيجية المصرية في مكافحة الإرهاب في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي (2014 -2018)، المجلة العلمية لكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، المجلد الخامس، ع (15)، يناير 2023، ص 479-485.

[44] – المرجع السابق، ص491.

[45] – إيمان رجب، التحولات السياسية في مصر منذ ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ حتى ٢٠١٥، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، المجلد السادس، ٢٠١٦، ص ٦٨١ – ٦٨٨.

[46] – قمحة، أحمد ناجي، مصر والتوازن الاستراتيجي في الإقليم، “قمة بغداد” نموذجًا، السياسة الدولية، م (٥٦)، ع (٢٢٦)، أكتوبر ٢٠٢١، ص ٦-٩.

[47] – علي حسين حميد، استراتيجية توظيف القوة الناعمة في الشؤون الخارجية: مصر يعد حكم مبارك، مجلة العلوم السياسية، ص 205 – 215.

[48] – سليمان، طارق أحمد، دور المشاركة المصرية في عمليات حفظ السلام في إفريقية وأثرها على دورها الإقليمي بالقارة، (رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية،٢٠٢٠).

[49] – عباس، جيهان عبد السلام، رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي ٢٠١٩ ومستقبل العلاقات الاقتصادية، السياسة الدولية، مجلد٥٤، ع٢١٨، اكتوبر٢٠١٩.

[50] – قمحة، أحمد ناجي، مصر والتوازن الاستراتيجي في الإقليم، “قمة بغداد” نموذجًا، السياسة الدولية، م )٥٦(، ع )٢٢٦(، أكتوبر ٢٠٢١.

[51] –  ذنون، رافع شريف، الدور المصري الإقليمي في الخليج العربي في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية، مجلد١٠، ع٣٧، عام٢٠٢١.

[52] – السعيد، السعيد عزت، التحالفات الدولية والإقليمية المصرية في ضوء نظرية التحالف الدولي، (رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ٢٠٢٠).

[53] – حسنين، محمد عبده، العلاقات المصرية القطرية تدخل مرحلة متطورة من المصالحة، الشرق الأوسط،٢٠٢٢.

[54] – السعيد، أسامة، مسار سياسي جديد بين مصر وتركيا، الشرق الاوسط، ٢٠٢٢

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى