القوانين الأساسية ودورها في تنظيم المسائل الدستورية
Basic laws and their role in regulating constitutional issues
اعداد : د. حمود محمد القديمي – عضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة – أستاذ القانون العام المشارك –بكلية الشرطة وكلية الدراسات العليا
المركز الديمقراطي العربي –
- مجلة القانون الدستوري والعلوم الإدارية : العدد عشرون آب – أغسطس 2023 – المجلد 5 ، مجلة دولية محكمة تصدر عن #المركز_الديمقراطي_العربي المانيا- برلين.
- تعنى المجلة في مجال الدراسات والبحوث والأوراق البحثية في مجالات الدراسات الدستورية والعلوم الإدارية المقارنة – نشر البحوث في اللغات ( العربية – الفرنسية – الإنجليزية )
للأطلاع على البحث “pdf” من خلال الرابط المرفق :-
ملخص :
تم اختيار هذه الدراسة بعنوان: “القوانين الأساسية ودورها في تنظيم المسائل الدستورية”، كونها تعالج القوانين ذات الطبيعة الدستورية؛ كالحقوق والحريات، ونظام الحكم، وسلطات الدولة ومؤسساتها، ولأن الالتزام الدستوري عند سَن هذه التشريعات من شأنه أن يحافظ على الحقوق والحريات ويصونها، وهدفت الدراسة إلى التعريف بهذه القوانين، وتوضيح المعيار الشكلي والموضوعي لتمييزها، مع تحديد القيمة القانونية لها، ومن ثم تصنيفها من حيث القوانين المتعلقة بشؤون الحكم في الدولة، والقوانين المتعلقة بالحقوق والحريات العامة.
واتبعنا في هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي، كونه يعتمد على الدراسة التفصيلية للقواعد القانونية بشأن القوانين الأساسية، وعرض النصوص الدستورية والتشريعية والأحكام القضائية والآراء الفقهية المتعلقة بتفسير هذه القوانين؛ بهدف الوصول إلى نتائج موضوعية مُرضية.
وتوصلت الدراسة عدة نتائج، أهمها:
- عدم تحديد مفهوم القوانين الأساسية في صلب الدساتير؛ لأنها تتعلق بكيفية ممارسة السلطة وكيفية انتقالها والعلاقة بين السلطات.
- القوانين الأساسية نوع من أنواع التشريعات التي تصدر من قبل السلطة التشريعية، فبعض الدساتير أشارت إلى هذه التشريعات، والبعض الآخر لم يُشر إليها، وإنما صدرت من قبل السلطة التشريعية.
- وجود تسميات عديدة للقوانين الأساسية؛ ومنها القوانين المكملة للدستور، والقوانين العضوية، والقوانين الأساسية؛ ولكنها قوانين من نوع خاص تتعلق بممارسة السلطة.
- تختلف القيمة القانونية للقوانين الأساسية من دستور مرن إلى دستور جامد، فتتمتع بمرتبة التشريع العادي في الدول ذات الدساتير المرنة؛ وتتمتع بقيمة أعلى من التشريع العادي في الدول ذات الدساتير الجامدة؛ لأنه أحاطتها بإجراءات خاصة لتعلقها بمسائل ذات طبيعة دستورية.
Abstract
This study was chosen under the title: “Basic Laws and their Role in Regulating Constitutional Issues”, as it deals with laws of a constitutional nature; such as rights and freedoms, the system of government, and the state’s authorities and institutions, and because the constitutional commitment when enacting these legislations would preserve and preserve rights and freedoms, and the study aimed to define these laws, and clarify the formal and objective criterion for their distinction, while determining their legal value, and then classifying them in terms of Laws related to government affairs in the state, and laws related to public rights and freedoms.
In this study, we followed the analytical descriptive approach, as it relies on the detailed study of legal rules regarding basic laws, and the presentation of constitutional and legislative texts, judicial rulings, and jurisprudential opinions related to the interpretation of these laws. In order to reach satisfactory objective results.
The study reached several results, the most important of which are:
- Not defining the concept of basic laws in the core of constitutions; Because it relates to how power is exercised, how it is transmitted, and the relationship between powers.
- Basic laws are a type of legislation issued by the legislative authority. Some constitutions referred to these legislations, while others did not refer to them, but were issued by the legislative authority.
- There are many names for basic laws; These include laws complementing the constitution, organic laws, and basic laws; But they are laws of a special kind related to the exercise of power.
- The legal value of basic laws varies from a flexible constitution to a rigid constitution, so that it enjoys the rank of ordinary legislation in countries with flexible constitutions. It has a higher value than ordinary legislation in countries with rigid constitutions; Because it surrounded it with special procedures because it relates to issues of a constitutional nature.
المقدمة:
إن القوانين الأساسية في التشريع الفرنسي وبعض الدول العربية، وبقية تشريعات دول المغرب العربي يطلق عليها مصطلح القوانين العضوية، أو التنظيمية، أو النظامية، في حين أن الدستور المصري استخدم مصطلح القوانين المكملة للدستور، وأستخدم الدستور القطري مُصطلح قانون خاص، أو قانون لأحكامه صفة دستورية، وإطلاق مُسمّى “القوانين الأساسيّة“؛ جاء تمييزًا لها عن القوانين العادية؛ التي تعتبر مصدر للنظام الدستوري في الدولة؛ متى ما كانت متعلقة بنظام الحكم، وتؤدي دوراً مهماً في الحياة الدستورية ([1]).
وتعرف القوانين الأساسية حسب المعيار الشكلي بأنها: “مجموعة من القواعد القانونية التي تصدر عن البرلمان، وتخضع في وضعها وتعديلها لإجراءات خاصة؛ تختلف عن إجراءات القوانين العادية، وهو أمر يدعو -فيما نرى -إلى القول: بانحسار هذه القوانين بتلك القوانين التي نصّ الدستور على إصدارها”.
وبحسب المعيار الموضوعي تعرف بأنها: “مجموعة من القواعد القانونية الصادرة عن البرلمان؛ تُنظِّم مسائل دستورية بطبيعتها، وجوهرها؛ رغم أنّ الدستور يُحدّد أهمّ القواعد المنظّمة للسلطة السياسّية في الدولة”.
فإذا كانت القوانين الأساسية بمثابة تشريعات صادرة عن البرلمان؛ لكونها قواعد عامة ومجردة، والسلطة التشريعية هي المناط بها إصدار مثل هذه القوانين؛ فضلاً عن ذلك دخول القوانين الأساسية في نطاق الاختصاص التفسيري للمحكمة الدستورية العليا؛ فإن الوثيقة الدستورية تعتبر المصدر الأول للقاعدة الدستورية في الدول ذات الدساتير المكتوبة؛ وليست المصدر الوحيد لتلك القواعد؛ كونها تتضمن أحكام عدة؛ جوهرها غير دستوري؛ كتلك التي تُعالج عادةً بقوانين عادية؛ لا يكون الهدف من تدوينها في الدساتير؛ أن تصبح ذات صبغة دستورية من الناحية الموضوعية؛ بل لتكتسب حصانة الدساتير وسموها على القوانين العادية؛ بما يخرجها عن الأغلبية البرلمانية المتقبلة، وعن رقابة القضاء؛ الذي يتصدى لبحث دستورية القوانين ([2])، ويعتبر الدستور الوثيقة القانونية والسياسية الأسمى في الدولة، والإطار العام؛ الذي يحدد نظام الدولة، وينظم عمل السلطات فيها، ويكفل حقوق الأفراد والجماعات، ويجسد تطلعات الشعب.
لذلك؛ فإن أي تغيير أو تبديل يطرأ على البنية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية للدولة، يقتضي وجوباً؛ تعديل دستورها أو تبديله؛ بما يتلاءم مع تلك التغيرات والتبديلات؛ لأن جميع التشريعات التي تصدر في الدولة يجب أن تخضع لأحكامه.
وبالتالي يمكننا القول بإن القوانين الأساسية، هي: “مجموعة من القوانين؛ التي تصدر عن البرلمان، سواءً من تلقاء نفسه أم بتكليف من المشرع الدستوري، والمتعلقة بتنظيم السلطات العامة في الدولة واختصاصاتها وكيفية ممارستها لوظيفتها؛ أي أن جوهر مواضيعها دستوري”([3])؛ مثل القوانين المتعلقة بكيفية مباشرة الحقوق السياسية، والقوانين الخاصة بتنظيم الأحزاب السياسية، ولا شك إن هذه الطائفة من القوانين؛ تعتبر ضمن مصادر القانون الدستوري ([4])، وتكون على نوعين:
النوع الأول: القوانين التي تصدر تلقائياً عن البرلمان، حيث يقوم البرلمان بإصدار قانون متعلق بتنظيم إحدى السلطات العامة، من تلقاء نفسه ودون أن يتطلب المشرع الدستوري مثل هذا التنظيم ([5]).
النوع الثاني: القوانين التي تصدر نتيجة تكليف من المشرع الدستوري، وهذه الطائفة تمثل النوع الغالب من القوانين الأساسية، حيث تحيل الوثائق الدستورية كثيراً من المسائل المتعلقة بتنظيم السلطات العامة إلى قانون يصدر من البرلمان ([6]).
ومما سبق، فإن دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة الصادر في 14 أكتوبر 1958م؛ كان له الفضل في إبراز الدور الهام لهذه القوانين بين مصادر القاعدة الدستورية، وتأثرت به بعض الأنظمة الدستورية الأخرى، واستخدمت عدة مصطلحات لهذه القوانين منها: القوانين الأساسية أو التكميلية أو العضوية أو التنظيمية، أو النظامية.
مشكلة الدراسة:
تكمن مشكلة الدراسة في التساؤل الرئيسي التالي:
ما دور القوانين الأساسية في تنظيم المسائل الدستورية؟
ويتفرع عن التساؤل الرئيس؛ العديد من التساؤلات الفرعية ومنها:
- ما هو مفهوم القوانين الأساسية؟
- ما هي معايير تمييز القوانين الأساسية؟
- ما هي القيمة القانونية للقوانين الأساسية؟
- كيف يتم تصنيف القوانين الأساسية؟
أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى تحقيق العديد من الأهداف أهمها:
- التعريف بالقوانين الأساسية.
- توضيح معايير تمييز القوانين الأساسية.
- بيان القيمة القانونية للقوانين الأساسية.
- تصنيف القوانين الأساسية.
أهمية الدراسة:
تكمن أهمية الدراسة من كونها تعالج القوانين الأساسية، والتي تُعد إحدى التشريعات المتعلقة بمسائل ذات طبيعة دستورية، كالحقوق والحريات، ونظام الحكم، وسلطات الدولة ومؤسساتها، وإن الالتزام الدستوري عند سَن هذه التشريعات من شأنه أن يحافظ على الحقوق والحريات وصونها، وكذلك يؤثر تأثيراً إيجابياً في الحفاظ على ديمقراطية نظام الحكم، وإن عدم الالتزام بأحكام الدستور عند سَن القوانين الأساسية، يوصف القانون بأنه مخالفاً للدستور ويحكم ببطلانه؛ فضلاً عن أن وجود مثل هذه القوانين يؤدي إلى تغيير حتمي في ترتيب مختلف القواعد القانونية داخل الهرم القانوني.
منهجية الدراسة:
سنعتمد في هذه الدراسة على المنهج التحليلي الوصفي، كون هذا المنهج يعتمد على الدراسة التفصيلية للقواعد القانونية بشأن القوانين الأساسية، وعرض النصوص الدستورية والتشريعية والأحكام القضائية والآراء الفقهية المتعلقة بتفسير هذه القوانين آملين الوصول إلى نتائج موضوعية مرضية.
خطة الدراسة:
يقتضي أن نتناول هذه الدراسة في ثلاثة مباحث يسبقها مطلب تمهيدي، ويمكن تقسيم هذه الدراسة على النحو التالي:
- المطلب التمهيدي: مفهوم القوانين الأساسية.
- المبحث الأول: معيار تمييز القوانين الأساسية.
- المطلب الأول: المعيار الشكلي في تمييز القوانين الأساسية.
- المطلب الثاني: المعيار الموضوعي في تمييز القوانين الأساسية.
- المبحث الثاني: القيمة القانونية للقوانين الأساسية.
- المطلب الأول: قيمة القوانين الأساسية في الدستور المرن.
- المطلب الثاني: قيمة القوانين الأساسية في الدستور الجامد.
- المبحث الثالث: تصنيف القوانين الأساسية.
- المطلب الأول: القوانين الأساسية المتعلقة بشؤون الحكم في الدولة.
- المطلب الثاني: القوانين الأساسية المتعلقة بالحقوق والحريات العامة.
وسنختم هذه الدراسة بخاتمة تتضمن أهم النتائج والتوصيات التي توصلنا إليها، راجين من الله سبحانه وتعالى التوفيق في إكمال هذه الدراسة.
المطلب التمهيدي
مفهوم القوانين الأساسية
القوانين الأساسية هي القواعد المتعلقة – بصفة عامة – بنظام الحكم، ومحلها الدستور؛ إلا أن السلطة التأسيسية تركت أمر إصدارها للسلطة التشريعية متمثلةً في البرلمان؛ لتحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقرار للنصوص الدستورية، وتلاشى تعديل هذه النصوص بصورة متلاحقة؛ كونها قابلة للتعديل والتغيير، وكل ذلك يحسن معه إسناد سلطة إصدار القوانين الأساسية للبرلمان؛ مع ملاحظة أن عبارة القوانين الأساسية مترادفة مع اصطلاح “القوانين المكملة للدستور”؛ كما قد يُطلق عليها اصطلاح القوانين العضوية كما في فرنسا ([7]).
وبناء على ذلك؛ فقد أورد الفقها العديد من التعريفات للقوانين الأساسية، وبالنظر إلى هذه التعريفات نجد أن البعض يعتمد على (المعيار الشكلي)، والبعض الآخر على (المعيار الموضوعي)، وآخرين جمعوا بين المعيارين؛ أي بالنظر إلى الإجراءات التي تتبع بشأن إصدار وتعديل هذه القوانين؛ فضلاً عن كون ذلك القانون يعالج الموضوعات المتعلقة بالسلطات العامة والحريات الفردية وهو ما يسمى بـ (المعيار المختلط).
وعلى هذا الأساس؛ يقتضي أن نتناول هذا المطلب في ثلاثة فروع نوجزها على النحو التالي:
- الفرع الأول: تعريف القوانين الأساسية وفق المعيار الشكلي.
- الفرع الثاني: تعريف القوانين الأساسية وفق المعيار الموضوعي.
- الفرع الثالث: تعريف القوانين الأساسية وفق المعيار المختلط.
الفرع الأول
تعريف القوانين الأساسية وفق المعيار الشكلي
يقصد بالقوانين الأساسية وفق المعيار الشكلي بأنها عبارة عن: ” اجراءات وطرق إعداد وتعديل القانون”؛ بغض النظر عن مضمون وجوهر موضوعاته؛ حتى إذا لم تكن متعلقة بالحريات والسلطات العامة في الدولة.
وتعرف القوانين الأساسية وفقاً للمعيار الشكلي بأنها: “مجموعة القواعد القانونية؛ الصادرة من البرلمان، وتخضع في وضعها وتعديلها لإجراءات خاصة؛ تختلف عن الإجراءات؛ التي تخضع لها القوانين العادية”.
ويعاب على هذا التعريف؛ كونه يُخرِج من دائرة القوانين الأساسية موضوعات متعلقة بطبيعتها بموضوعات مكملة للدستور وتُنظم بقوانين عادية؛ ومنها على سبيل المثال الأحكام المتعلقة بانتخاب مجلس النواب في فرنسا والصادر بها قانون 2 أغسطس 1975م([8]).
ويُخرج من نطاق القوانين الأساسية؛ تلك القوانين التي تصدرها السلطة التنفيذية بقرارات لها قوة القانون، وتكون متعلقة بتنظيم السلطات العامة في الدولة؛ ويتحقق ذلك عندما تمارس الوظيفة التشريعية طبقاً لنصوص الدستور، ومنها على سبيل المثال؛ القوانين التي أصدرتها السلطة التنفيذية بقرارات لها قوة القانون؛ طبقاً لنص المادة (92) من الدستور الفرنسي الصادر عام 1958م ([9]).
الفرع الثاني
تعريف القوانين الأساسية وفق المعيار الموضوعي
إن القوانين التي تعالج موضوعات متعلقة بالسلطة العامة وفق المعيار الموضوعي للقوانين الأساسية؛ تكون اساسية “ذات طابع دستوري”([10])، وإن كانت عادية؛ لأنها تناولت من حيث الجوهر والمضمون موضوعات متعلقة بالمؤسسات الدستورية([11])؛ كتحديد من سيمارس السلطة في الدولة، وضمان الحقوق السياسية للمواطنين([12]).
ويمكن تعريف القوانين الأساسية – وفقاً لهذا لمعيار – بأنها: ” القواعد القانونية الصادرة من السلطة التشريعية؛ التي تتناول موضوعات متعلقة بتشكيل وتنظيم السلطات العامة في الدولة وكيفية سير العمل بها”([13]).
وعرفها البعض الآخر بأنها: “القوانين التي تصدر عن البرلمان وتكون متعلقة بنظام الحكم في الدولة”([14]).
ومما سبق، فإن القواعد القانونية التي تتضمنها قوانين الانتخابات هي قواعد قانونية أساسية، سواء تلك المتعلقة بانتخابات مجلس النواب أو مجلس الشيوخ أو انتخابات رئيس الجمهورية، فكل منها قوانين ذات طبيعة خاصة، لأنها تحدد من سيمارس السلطة في الدولة، فضلاً عن تعلقها بضمان الحقوق السياسية للمواطنين([15]).
ويعاب على هذا المعيار؛ بأنه ضم إلى نطاق القوانين الأساسية موضوعات تنظم بقوانين عادية؛ لا تتعلق بتشكيل وتنظيم السلطات العامة في الدولة؛ كترتيب الوظائف العامة، وفي نفس الوقت؛ استبعد موضوعات ذات “طابع دستوري” وتنظم بقوانين عادية؛ كالحريات والحقوق الفردية؛ بحجة أنها لا تتعلق بتشكيل وتنظيم السلطات العامة في الدولة.
كما أن تطبيق المعيار الموضوعي يعني شمول القوانين الأساسية لبعض الموضوعات؛ رغم أن المشرع قد نص على تنظيم هذه الموضوعات بقوانين عادية، ومثال ذلك تنظيم وترتيب الوظائف العامة.
وبالتالي؛ فإن الاعتماد على معيار واحد دون الآخر لن يصل بنا إلى تعريف دقيق ومحدد للقوانين الأساسية، وهو ما دفع إلى ضرورة الأخذ بمعيار ثالث يمزج بين الإجراءات المتبعة لإصدار القانون (المعيار الشكلي)، وبين جوهر ومضمون القاعدة القانونية (المعيار الموضوعي)، وهو ما سنعرض له في الفرع التالي والمخصص للمعيار المختلط”.
الفرع الثالث
تعريف القوانين الأساسية وفق المعيار المختلط
ونقصد بالمعيار المختلط في تعريف القوانين الأساسية، ذلك المعيار الذي يعتمد على المزج بين إجراءات إصدار القانون، وبين طبيعة وجوهر القاعدة القانونية التي يتضمنها ذلك القانون، وتبعاً لذلك يمكن تعريف القوانين الأساسية بأنها: “مجموعة القواعد القانونية التي تعمل على تطبيق النصوص الدستورية المتعلقة بتنظيم السلطات العامة والحريات الفردية، ويتبع في إقرارها إجراءات خاصة ومتميزة عن إجراءات إقرار القوانين العادية”.
ويمكن تعريف القوانين الأساسية وفقاً للمعيار المختلط بأنها: “مجموعة القواعد القانونية؛ التي تعمل على تطبيق النصوص الدستورية المتعلقة بتنظيم السلطات العامة والحريات الفردية، ويتبع في إقرارها إجراءات خاصة ومتميزة عن إجراءات إقرار القوانين العادية”([16]).
ويتميز المعيار المختلط عن الشكلي والموضوعي؛ بالجمع بين إيجابيات المعيارين في معيار واحد، وهو المعيار المختلط؛ الذي تبنته المحكمة الدستورية العليا في العديد من أحكامها وقراراتها، منها حكمها الصادر بجلسة 13/ 10/ 2018م، والذي جاء فيه: “… وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن هناك شرطين يتعين اجتماعهما معاً لاعتبار مشروع قانون معين؛ مكملاً للدستور على النحو الآتي:
الشرط الأول:
أن يكون الدستور ابتداءً قد نص صراحة في مسألة بعينها؛ أن يكون تنظيمها بقانون أو وفقاً لقانون أو في الحدود التي يبينها القانون، أو طبقاً للأوضاع التي يقررها، وبالتالي لا يجوز أن تنظم هذه المسألة بأداة أدنى من تلك التي نص عليها الدستور صراحةَ.
الشرط الثاني:
أن يكون هذا التنظيم متصلاً بقاعدة كلية احتوتها الوثائق الدستورية وأدرجت تحت نصوصها القواعد الدستورية؛ التي لا تخلو منها في الغالب أية وثيقة دستورية، ولكي يكون التنظيم التشريعي مكملاً لها؛ يجب أن يكون محدداً لمفهومها، ومفصلاً لحكمها ومبيناً لحدودها.
وبالتالي؛ فإن أي مشروع قانون لا يتوفر فيه الشرطين معاً؛ لا يُعد مكملاً للدستور، ويتعين لاعتبار مشروع القانون المعروض مكملاً للدستور؛ أن يقوم الشرطان معاً متضافرين، ولا يجوز أن يكون شكلياً صرفاً، ولا موضوعياً بحتاً([17])؛ ونجد ذلك جلياً في حكم المحكمة الدستورية العليا.
وبناء على ذلك؛ هل يمكن اعتبار القوانين الأساسية؛ مصدراً للقواعد الدستورية؟
يرى بعض فقهاء القانون أن القوانين الأساسية لا تعتبر مصدراً للقواعد الدستورية؛ للأسباب الآتية([18]):
- أن الإجراءات الشكلية المُتبعة في إعداد وإصدار القوانين الأساسية تجعلها بنفس مرتبة القوانين العادية.
- أن الدستور بالنسبة لسائر القوانين؛ يتمتع بالسمو الشكلي والموضوعي؛ وبالتالي لا يمكن اعتبار كل القوانين الأساسية؛ مساوية للدستور، ويؤخذ على هذا الرأي ما يلي:
- جواز مخالفة القانون الأساسي لأحكام وقواعد القانون العادي وتناوله بالتعديل لا سيما وهما في مرتبة واحدة “مرتبة القوانين العادية” وفق هذا القول.
- عدم جواز مخالفة هذه القوانين للأحكام الدستورية.
- عدم جواز إدخال أي تعديلات عليها.
ويرى أخرون أن القوانين الأساسية مصدر للقواعد الدستورية للأسباب الآتية:
- إن هذه القوانين تخضع في إعدادها، وإصدارها لإجراءات خاصة، تكسبها قدراً من السمو، يُوجب عدم مخالفة أحكامها من قبل القوانين العادية([19]).
- إن المفهوم الموضوعي للدستور لا يقتصر على القواعد المكتوبة داخل الوثيقة الدستورية؛ بل يشمل القواعد المتعلقة بنظام الحكم في الدولة؛ سواء كانت مكتوبة أم غير مكتوبة، أو كانت صادرة من المشرع العادي مباشرة وفق اختصاصه؛ أو كانت صادره بناءً على تكليف للسلطة التشريعية من قبل الدستور([20])، ويؤخذ على هذا الرأي ما يلي:
- لا يجوز للقانون العادي مخالفة الدستور أو تناوله بالتعديل.
- من المبالغ فيه أن تحتل القوانين الأساسية مرتبة مقاربة للقواعد القانونية الواردة في الوثيقة الدستورية، ومكانة أعلى من القوانين العادية في الهرم القانوني؛ لأنها وفق هذا القول؛ تعتبر بمنزلة أقل من القواعد القانونية الواردة في الوثيقة الدستورية، ومنزلة أعلى من القوانين العادية.
ونحن نعتقد؛ بأن القانون إن تضمن عدة مواد بعضها مكمل للدستور والبعض الآخر منها غير مكمل له، فإنه ينبغي النظر إلى مشروع القانون برمته على أنه مكمل للدستور، وبالتالي يستوجب الأمر أخذ رأي مجلس الشيوخ بشأن المشروع بكل نصوصه وباعتباره مكمل للدستور في مجموعه، وذلك التزاماً بنص المادة (249/ 4) من الدستور 2014م وتعديلاته، وكذلك نص المادة (3/ 4) من قانون مجلس الشيوخ رقم (141) لسنة 2020م، وهذا بالطبع فضلاً عن موافقة ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب بشأن هذا المشروع تفعيلاً لنص المادة (121) من الدستور ذاته([21]).
ويرجع سبب تأييدنا لهذا الاتجاه؛ أن المشرع الدستوري قد استهدف إضفاء المزيد من الحماية والضمان على الحقوق والحريات الواردة في صلب الوثيقة الدستورية، واتخذ إلى ذلك سبيلاً من خلال اقراره للإجراءات التي تُتبع بشأن إصدار القوانين المنظمة لهذه الحقوق وتلك الحريات (القوانين الأساسية).
كما أن النصوص التشريعية لا تصاغ في الفراغ، ولا يجوز انتزاعها من واقعها محدداً بمراعاة المصلحة المقصودة منها، ويتعين أن تدور هذه النصوص في فلكها، ويفترض دوماً أن المشرع قد رمى إلى بلوغها، متخذاً من هذه المصلحة غاية نهائية لكل نص تشريعي، وإطاراً لتجديد معناه، وموطئًا لضمان الوحدة العضوية للنصوص التي ينتظمها العمل التشريعي، بما يكفل اتصال أحكامها، وتكاملها وترابطها فيما بينها، لتغدو جميعها منصرفة إلى الوجهة عينها، التي اتبعها المشرع من وراء تقريرها([22]).
وبناء على ذلك، يكون من الأفضل – في مجال صياغة التشريع – النظر إلى القانون كله على اعتبار أنه مكمل للدستور، ولأن الأصل في نصوص القانون – أي قانون – أنها متكاملة ومتناسقة في إطار الوحدة العضوية التي ينظمها ([23]).
المبحث الأول
معيار تمييز القوانين الأساسية
بداية أشرنا إلى أن القوانين الأساسية، هي قوانين صادرة عن البرلمان؛ لكن موضوعها يكون متعلقاً بالنظم والهيئات الدستورية، ولأجل وضع معيار لتمييز هذه القوانين؛ فإن الأمر يتوقف على المعيار الذي يؤخذ به لتعريف القانون الدستوري.
وإذا رجعنا إلى التعريفات المختلفة للقانون الدستوري، نجد أن أهمها، المعيار الشكلي والمعيار الموضوعي؛ إذ يقتضي المعيار الشكلي التطابق بين نصوص الدستور وبين قواعد القانون الدستوري، ويعتبر القانون الدستوري هو المطبق فعلاً في وقت معين وفي دولة معينة.
بينما لا يعني الأخذ بالمعيار الموضوعي، التطابق بين الدستور وقواعد القانون الدستوري؛ مما يؤدي إلى أن هناك موضوعات دستورية منصوص عليها في قوانين صادرة من البرلمان، وموضوعات ليست في جوهرها من الموضوعات الدستورية منصوص عليها في الوثيقة الدستورية، بهدف إعطائها ضماناً دستورياً ومنحها حصانة الدستور من حيث الثبات والاستقرار ([24]).
وبناء على ذلك، سنتناول المعيار الشكلي في تمييز القوانين الأساسية، والمعيار الموضوعي، في مطلبين نوجزهما على النحو التالي:
المطلب الأول: المعيار الشكلي في تمييز القوانين الأساسية.
المطلب الثاني: المعيار الموضوعي في تمييز القوانين الأساسية.
المطلب الأول
المعيار الشكلي في تمييز القوانين الأساسية
بما أن القوانين الأساسية تعني: مجموعة القواعد القانونية؛ التي نص الدستور على أن يصدر قانون عادي بشأنها من البرلمان بإجراءات خاصة من حيث الوضع أو التعديل؛ تختلف عن إجراءات وضع وتعديل القوانين العادية ([25])، وهو ما ورد في المادة (46) من دستور 1958م([26])؛ التي حصرت هذه القوانين بصفة أساسية، وبإجراءات خاصة”، وخير مثال للقوانين الأساسية؛ القوانين الخاصة بانتخاب وتشكيل البرلمان في مصر؛ التي تصدر بناء على تكليف من المشرع الدستوري، فبعد أن نص دستور1971م على تشكيل مجلس الشعب أحال إلى قانون يصدر من السلطة التشريعية، بتحديد عدد أعضائه المنتخبين، والشروط الواجب توفرها فيهم، وطريقة الانتخاب وأحكامها، وكذلك الاستفتاء([27]).
وكذلك نصت المادة (192) من الدستور، على أن: “تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتفسير النصوص التشريعية والفصل في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها، وأحالت هذه المادة على القانون العادي تنظيم وتعيين الاختصاصات الأخرى للمحكمة، والإجراءات التي تتبع أمامها”.
ونصت المادة (193، 194) من الدستور على أن: “تؤلف المحكمة من رئيس وعدد كافي من نواب الرئيس”، وأحال إلى القانون العادي، كيفية تنظيم وتشكيل المحكمة الدستورية العليا، والشروط الواجب توفرها في أعضائها، والحقوق والواجبات والضمانات المقررة لأعضائها([28]).
وفي فرنسا؛ حدد الدستور الفرنسي نطاق تطبيق القوانين الأساسية بالموضوعات المتعلقة بتنظيم السلطة التنفيذية، في المواد (6، 13، 23)، وتنظيم السلطة التشريعية، في المواد (24، 27، 25، 34)، وتنظيم المجلس الدستوري المادتان (57، 63)، وتنظيم السلطة القضائية المادتان (64، 65) وما يتعلق ببعض المجالس والتنظيمات الخاصة في المادتان (71، 82)([29]).
أما بخصوص دستور الجمهورية اليمنية الصادر سنة 1991م المعدل، فعلى الرغم من أنه أحال أكثر من (168) مسألة على القانون العادي لتنظيمها؛ إلا أنه لم يميز بين هذه القوانين وبين غيرها من القوانين التي يسنها مجلس النواب، لا من حيث الإجراءات ولا من حيث التسمية.
وبالتالي، فإن المعيار الشكلي في تمييز القوانين الأساسية؛ يعتمد على المظهر الخارجي للقاعدة، أو على الجهة التي أصدرتها؛ واستناداً إلى هذا المعيار؛ يعني الدستور بأنه: “الوثيقة الأساسية التي تحدد النظام السياسي والقانوني للدولة، ويحدد حقوق وواجبات المواطنين، ويحدد صلاحيات الهيئات والمؤسسات الحكومية في الدولة، ويتم تعديله في النادر؛ وفق إجراءات خاصة؛ تستوجب استفتاء شعبي”.
واستناداً لهذا المعيار؛ فإن القانون الدستوري هو: “فرع من فروع القانون العام؛ الذي يحافظ على سيادة الدستور، وينظم عملية تطبيق أحكامه في الواقع العملي، وتكون القوانين الأخرى مرجعية له”.
وبناءً على ما سبق؛ فإن القانون الدستوري وفق المعيار الشكلي يعني” التطابق بين نصوص الدستور وبين قواعد القانون الدستوري”، بحيث يعتبر القانون الدستوري هو الدستور المطبق فعلاً في وقت معين، وفي دولة معينة.
المطلب الثاني
المعيار الموضوعي في تمييز القوانين الأساسية
يعتمد المعيار الموضوعي على جوهر القاعدة القانونية وموضوعها، دون النظر إلى الشكل والإجراءات التي تتبع في وضعها؛ فالقانون الدستوري وفق المعيار الموضوعي يعني؛ التوسع في تحديد مصادر النظام الدستوري([30])؛ ليشمل جميع القوانين التي تتعلق بتنظيم السلطات العامة، سواء نص الدستور لإقرارها على إجراءات خاصة؛ تختلف عن إجراءات القوانين العادية أو لم ينص على ذلك وأخضعها لإجراءات القوانين العادية، وهذه القوانين وفقاً لهذا المعيار؛ قد تصدر تلقائياً من السلطة التشريعية، مثل القانون رقم (40) لسنة 1977م الخاص بنظام الأحزاب السياسية في مصر، والمعدل بالقانون رقم (144) لسنة 1980م([31])، والقانون رقم (66) لسنة 1991م بشأن الأحزاب والتنظيمات السياسية في اليمن.
وبالتالي؛ فإن المعيار الموضوعي للقانون الدستوري يعني: “عدم التطابق بين نصوص الدستور وبين قواعد القانون الدستوري؛ إلا أن أغلبية فقها القانون رجحوا عملية الدمج بين المعيارين (الشكلي والموضوعي)، بحيث يكون القانون الأساسي، هو: “ذلك القانون؛ الذي نص عليه الدستور ويتعلق بمواضيع ذات مضامين دستورية متصلة بنظام الحكم”.
وهذا ما أخذت به المحكمة الدستورية العليا في مصر، حيث بينت في حكمها الصادر في 15 مايو 1993م؛ الضوابط التي تحدد المقصود بعبارة القوانين المكملة للدستور، والتي تتمثل بضرورة أن تكون:
- من الموضوعات التي نص الدستور صراحة على تنظيمها بقانون، أو وفقاً لقانون، أو طبقاً للأوضاع التي يقررها القانون، أو في الحدود التي بينها القانون.
- أن تكون متصلة بقاعدة من القواعد الدستورية بطبيعتها، والتي تدخل عادة تحت إطار القانون الدستوري وفقاً للمعيار الموضوعي ([32]).
أما بالنسبة لليمن، فقد أصدرت المحكمة العليا الحكم الصادر في الدعوى الدستورية رقم (1) لسنة 2001م في الدعوى المتعلقة بالطعن بعدم دستورية قانون الإدارة المحلية رقم (4) لسنة 2000م لأتباعه التعيين طريقاً للوصول إلى منصب المحافظ، وأن هذا مخالف للدستور ومقاصده، حيث يعتبر هذا القانون من القوانين الأساسية؛ لأنه يبين طريقة ممارسة السلطة في المادة (4) من الدستور وفي الفصل المتعلق بالأسس السياسية ومتعلقها تقرير ملكية الشعب للسلطة وطرق ممارستها ومنها بالطبع المجالس المحلية المنتخبة؛ فالمجالس المحلية تعتبر من وسائل ممارسة السلطة.
وقضت المحكمة برد الدعوى لأن المدعي يدعي مخالفة قانون الإدارة المحلية للدستور لأن الدستور قد حدد اختيار أعضاء المجالس المحلية بأن يكون بالانتخاب الحر المباشر حسب المادتين (4، 144) وحسب هذين النصين يجب أن يكون اختيار المحافظ بالانتخاب الحر المباشر، ولكن قانون الإدارة المحلية شرع بأن يكون اختيار المحافظ بالتعيين وهذا ما جعله مخالف للدستور، وقد وجدت المحكمة أن دعوى المدعي غير صحيحة لأن المادة (144) نصت فعلاً على وجوب انتخاب المجالس المحلية لكن هذه المادة لم تنص على وجوب انتخاب المحافظ؛ فليس في المادة ما يدل على ذلك لا منطوقاً ولا مفهوماً، لذا، فإن دعوى المدعي بعدم دستورية قانون الإدارة المحلية رقم (4) لسنة 2000م لاتباعه التعيين طريقاً للوصول إلى منصب المحافظ هي دعوى مردودة.
فالمحكمة العليا هنا راقبت مدى دستورية القانون من الناحية الموضوعية باعتبار أن هذا القانون من القوانين الأساسية المتعلقة بممارسة السلطة؛ لذا فإن على المحكمة أن تراقب مدى مطابقة القانون للدستور من الناحية الموضوعية([33]).
المبحث الثاني
القيمة القانونية للقوانين الأساسية
يتكون البناء القانوني للدولة من مجموعة من القواعد القانونية المتدرجة، حيث يقف على قمتها الدستور، وتكون القواعد القانونية الأخرى قاعدة للهرم القانوني في الدولة، وهو إما أن يكون تدرجاً شكلياً أو يكون تدرجاً موضوعياً([34]).
كما أن مكانة القوانين والأنظمة الأساسية في النظام القانوني للدولة ترتبط بنوع الدستور، حيث تختلف مرتبة القوانين الأساسية من دولة إلى أخرى؛ فنجد أن مرتبة القوانين الأساسية في الدول ذات الدساتير المرنة تختلف قيمتها عن الدول ذات الدساتير الجامدة([35]).
وعلى هذا الأساس، يقتضي أن نستعرض القيمة القانونية للقوانين الأساسية، في الدساتير المرنة، ثم الدساتير الجامدة، في مطلبين نوجزهما على النحو التالي:
المطلب الأول: قيمة القوانين الأساسية في الدستور المرن.
المطلب الثاني: قيمة القوانين الأساسية في الدستور الجامد.
المطلب الأول
قيمة القوانين الأساسية في الدستور المرن
يعرف الدستور المرن بأنه: “الدستور الذي تعدل نصوصه بنفس طرق تعديل القوانين العادية، وبنفس الأغلبية اللازمة لتعديل تلك القوانين”([36])؛ ومن التعريف يتضح بأن القيمة القانونية للقوانين والأنظمة الأساسية ومكانتها في النظام القانوني للدولة ذات الدستور المرن لا تثير إشكاليات، وذلك، لأن المشرع يتمتع بصلاحيات واسعة في ميدان سن إصدار التشريعات، دون قيود مرتبطة بنوع أو موضوع التشريع، فله إصدار تشريعات ذات طبيعة دستورية تتعلق بنظام الحكم في الدولة أو بالسلطات العامة فيها ونشاطها دون أن يتقيد بالدستور نفسه، لذلك يستطيع المشرع العادي أن يصدر قوانين وتشريعات قد تعدل ما جاء من أحكام وقواعد في الوثيقة الدستورية، وهو ما يعد بمنزلة التعديل الدستوري لما سبق أن أقرته الوثيقة الدستورية([37]).
لذلك، فإن مكانة القوانين والأنظمة الأساسية لا تختلف عن مكانة التشريعات الدستورية بالدول التي يكون دستورها يتميز بالمرونة، وهنا يكون في مقدور السلطة التشريعية أن تعدل أحكام الدستور باتباع ذات القواعد التي يتم بها تعديل القوانين العادية، ولا شك أن أكثر الدساتير مرونة هي:
الدساتير العرفية، لأنها تكونت عن طريق العرف؛ وبالتالي؛ فإن تعديلها يتم ايضاً بمعرفتها، وإذا أراد المشرع أن يعدلها؛ فإنه يسلك الإجراءات التشريعية العادية.
وفي مثل هذا النوع من الوثائق الدستورية “العرفية”، يمكن تعديل أحكام القوانين الأساسية؛ طالما أن تلك الدساتير تعدل بإجراءات القوانين العادية، وبالتالي؛ لا يمكن التمييز بين الوثيقة الدستورية المرنة” العرفية”، وبين القوانين الأساسية من حيث الشكل؛ لأن كليهما يتربع في مكانة واحدة كمصدر للنظام الدستوري ([38]).
وعلى هذا الأساس؛ فإن القوانين الأساسية؛ التي تصدرها السلطة التشريعية في دول الدساتير المرنة، سواء من تلقاء نفسها، أو بناء على تكليف من الدستور لتنظيم السلطات العامة، تحتل ذات المرتبة؛ التي تحتلها الوثيقة الدستورية.
المطلب الثاني
قيمة القوانين الأساسية في الدستور الجامد
يُعد الدستور جامداً إذا كان لا يمكن تعديله بذات الطريقة التي تعدل بها القوانين العادية، وإنما يتطلب إجراءات أشد تعقيداً، وشروطاً أكثر صعوبة، تحددها الوثيقة الدستورية ذاتها، هادفة من وراء ذلك كفالة نوع من القدسية والاستقرار لأحكامها، وبذلك لا تجرؤ السلطة التشريعية على التطاول أو النيل من أحكام الدستور.
وبناء على ذلك، وقبل الولوج في معرفة القيمة القانونية للقوانين والأنظمة الأساسية؛ لا بد أن نفرق بين ثلاثة فروض هي:
- ألا يحدد الدستور إجراءات معينة أو خاصة لإصدار أو تعديل القوانين والأنظمة الأساسية، بحيث تتولى السلطة التشريعية إصدار وتعديل هذه القوانين والأنظمة طبقاً لذات الإجراءات المتبعة في التشريعات العادية، ويترتب على ذلك أن تحظى القوانين والأنظمة الأساسية بذات المكانة والمرتبة التي تتمتع بها القوانين العادية، سواء كانت هذه القوانين صادرة بناء على تكليف من المشرع الدستوري أو صدرت عن المشرع العادي دون نص في الدستور.
- أن يحدد الدستور إجراءات خاصة ومعينة لإصدار وتعديل القوانين والأنظمة الأساسية، فيتم إصدار وتعديل هذه القوانين بإتباع الإجراءات الخاصة التي حددها الدستور، وبالتالي تختلف عن ذات الإجراءات المتبعة في إصدار وتعديل التشريعات العادية([39]).
- أن يحدد الدستور بشكل صريح في صلب القانون على مكانة القوانين والأنظمة السياسية، حيث تضمن دستور الجمهورية الخامسة 1958م، تنظيماً خاصاً للإجراءات اللازمة لصدور القوانين الأساسية؛ إذ نصت المادة (46) منه على أن: “يجري التصويت على القوانين التي ينعتها الدستور بالقوانين الأساسية وتعديلها، وفق الشروط الموضحة في الدستور”([40]).
وإذا كانت القوانين الأساسية من مصادر الدستور في تلك البلاد؛ إلا أنها تقف عند القيمة القانونية؛ التي تحتلها القوانين العادية، لأن السلطة التشريعية هي التي تضع النوعين من القواعد، وخاصة إذا اتبعت ذات الإجراءات في وضعها؛ فمن المنطقي أن يكون لها ذات القيمة القانونية، على الرغم من اعتبار القوانين الأساسية مصدراً لقواعد القانون الدستوري أسوة بالقواعد الدستورية؛ فإن هذا لا يعني أنها جميعاً في مرتبة واحدة من حيث القوة والقيمة القانونية، ومن ثم تكون القوانين الأساسية اقل مرتبة من الدستور؛ لذلك، فإن البرلمان وان استطاع أن يتصدى لبعض الموضوعات التي تتعلق بنظام الحكم؛ إلا أنه لا يستطيع أن يضع قاعدة تخالف أحكام الدستور([41]).
المبحث الثالث
تصنيف القوانين الأساسية
تختلف وتتنوع المواضيع التي تتناولها القوانين الأساسية، وإن كانت فــي جوهرها تهدف إلى تنظيم السلطات العامة في الدولة؛ فإنها تعتبر في رأي البعض امتداداً لأحكام الدستور، وفي إطار بحثنا عن القوانين الأساسية ودورها في تنظيم المسائل الدستورية؛ فإنه يتطلب الإشارة إلى نماذج معينة لبعض الدساتير التي أحال المشرع الدستوري مسألة تنظيمها إلى قانون؛ كالدستور الفرنسي لعام 1958م، والدستور المصري لعام 2012م([42])، والدستور اليمني لسنة 1991م المعدل.
ويمكن تصنيف القوانين الأساسية إلى قسمين رئيسيين هما: القوانين الأساسية المتعلقة بنظام الحكم في الدولة، والقوانين الأساسية المتعلقة بالحقوق والحريات العامة، وسنتناول ذلك في مطلبين نوجزهما على النحو التالي:
المطلب الأول
القوانين الأساسية المتعلقة بنظام الحكم في الدولة
يمكن تقسيم القوانين الأساسية التي تتعلق بشؤون الحكم في الدولة، إلى القوانين المتعلقة بالمبادئ الأساسية، والقوانين المتعلقة بالسلطات العامة، ويمكن تفصيل ذلك في فرعين نوجزهما على النحو التالي:
الفرع الأول: القوانين المتعلقة بالمبادئ الأساسية.
الفرع الثاني: القوانين المتعلقة بالسلطات العامة.
الفرع الأول
القوانين المتعلقة بالمبادئ الأساسية
من خلال الاطلاع على الدستور الفرنسي الصادر عام 1958م، لم نجد أي إشارة إلى القوانين الأساسية التي تتعلق بما ورد في المبادئ الأساسية؛ إلا أن واقع الحال يختلف في دستور الجمهورية اليمنية الصادر سنة 1991م المعدل؛ إذ وردت فيه العديد من الأمثلة على تلك القوانين ومنها:
ما ورد في المادة (5) منه على أن: “يقوم النظام السياسي للجمهورية على التـعددية السياسية والحزبية، وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً، وينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي، ولا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصة بحزب أو تنظيم سياسي معـيـن”.
ما ورد في المادة (7/ ج) على أن: ” حـماية واحترام الملكيـة الخـاصة فلا تمس إلا للضرورة ولمصلحـة عامة وبتعويض عادل وفقـاً للقان”.
والمادة (18) التي بينت إلى أن: ” عقد الامتيازات المتعلقة باستغلال موارد الثروة الطبيعية والمرافق العامة لا يتم إلا بقانون، ويجوز أن يبين القانون الحالات محدودة الأهمية التي يتم منح الامتيازات بشأنها وفقاً للقواعد والإجراءات التي يتضمنها، ويبين القانون أحوال وطرق التصرف مجاناً في العقارات المملوكة للدولة والتنازل عن أموالها المنقولة والقواعد والإجراءات المنظمة لذلك، كما ينظم القانون كيفية منح الامتيازات للوحدات المحلية والتصرف مجاناً في الأمـوال العامـة”.
ما ورد في المادة (19) من أن: “للأموال والممتلكات العامة حرمة، وعلى الدولة وجميع أفراد المجتمع صيانتها وحمايتها، وكل عبث بها أو عدوان عليها يعتبر تخريبا وعدوانا على المجتمع، ويعاقب كل من ينتهك حرمتها وفقـاً للقانـون”.
ما ورد في المادة (34) بأن: “على الدولة وجميع أفراد المجتمع حماية وصيانة الآثار والمنشآت التاريخية، وكل عبث بها أو عدوان عليها يعتبر تخريباً وعدواناً على المجتمع، ويعاقب كل من ينتهكها أو يبيعهـا وفقـاً للقانـون”.
ما ورد في المادة (26) على أن: “الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن يحافظ القانون على كيانـها ويقـوي أواصرهـا”.
أما الدستور المصري الصادر سنة 2012م، فقد ورد في المادة (4) منه إلى أن: ” الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم؛ ويؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية”.
كما حدد القانون استقلال شيخ الأزهر وأن يكون غير قابل للعزل وطريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء؛ وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، وكل ذلك على النحو الذي ينظمه القانون.
كما ورد في المادة (10) منه إلى أن: “الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون، فيما أشارت المادة (11) إلى أن: “ترعى الدولة الأخلاق والآداب والنظام العام، والمستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية، والحقائق العلمية والثقافة العربية والتراث التاريخي والحضاري للشعب؛ وذلك وفقًا لما ينظمه القانون”.
وأشارت المادة (19) أيضاً إلى أن: “نهر النيل وموارد المياه ثروة وطنية، تلتزم الدولة بالحفاظ عليها وتنميتها، ومنع الاعتداء عليها، وينظم القانون وسائل الانتفاع بها”.
كما أشارت المادة (21) إلى أن: “تكفل الدولة الملكية المشروعة بأنواعها العامة والتعاونية والخاصة والوقف، وتحميها؛ وفقًا لما ينظمه القانون”.
فضلاً عن ذلك، أشارت المادة (24) إلى أن: “الملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون، ولا تنزع إلا للمنفعة العامة، ومقابل تعويض وفقًا لما ينظمه القانون”؛ ونجد كذلك المادة (28) التي أشارت إلى أن: “تشجع الدولة الادخار، وتحمي المدخرات وأموال التأمينات والمعاشات وينظم القانون ذلك”، وأكدت على ذلك المادة (29) على أنه: “لا يجوز التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام، وبقانون ومقابل تعويض عادل([43]).
الفرع الثاني
القوانين المتعلقة بالسلطات العامة في الدولة
إن الدستور الفرنسي لعام 1958م وردت فيه إشارات عديدة إلى أن القوانين الأساسية ومنها: ما ورد في المادة (63) والتي أشارت إلى أنه: “ينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمس سنوات بالاقتراع العام المباشر، ولا يجوز لأي رئيس جمهورية أن يتقلد أكثر من ولايتين متتابعتين، وتحدد طرق تطبيق هذه المادة بواسطة قانون أساسي.
ويبدو أن المشرع اليمني قد أخذ بما ذهب إليه الدستور الفرنسي؛ حيث نصت المادة (112) من دستور الجمهورية اليمنية لسنة 1991م المعدل على أن: ” مدة رئيس الجمهورية سبع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ أداء اليمين الدستورية، ولا يجوز لأي شخص تولي منصب الرئيس لأكـثـر من دورتين مدة كل دورة سبع سنوات فقط”.
كما ورد في المادة (77) منه على أن: “يتقاضى رئيس مجلس النواب وأعضاء هيئة الرئاسة وبقيـة أعضاء المجلس مكافأة عادلة يحـددها القانون، ولا يستحق رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء المكافأة المذكورة إذا كانوا أعضـاء في مجلـس النواب”.
ما ورد في المادة (146) منه على أن: “تتمتع الوحدات الإدارية بالشخصية الاعتبارية، ويكون لها مجالس محلية منتخبة انتخاباً حراً مباشراً ومتساوياً على مستوى المحافظة والمديرية، وتمارس مهماتها وصلاحياتها في حدود الوحدة الإدارية، وتتولى اقتراح البرامج والخطط والموازنات الاستثمارية للوحدة الإدارية، كما تقوم بالإشراف والرقابة والمحاسبة لأجهزة السلطة المحلية وفقاً للقانون، ويحدد القانون طريقة الترشيح والانتخاب للمجالس المحلية ونظام عملها ومواردها المالية، وحقوق وواجبات أعضائها ودورها في تنفيذ الخطط والبرامج التنموية وجميع الأحكام الأخرى المتصلة بها، وذلك بمراعاة اعتمـاد مبـدأ اللامركزيـة الإداريـة والماليـة كأسـاس لنظـام الإدارة المحليـة.
كما ورد في المادة (39) على أن: “الشرطة هيئة مدنية نظامية تؤدي واجبها لخدمة الشعب وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن وتعمل على حفظ النظام والأمن العام، والآداب العامة، وتنفيذ ما تصدره إليها السلطة القضائية من أوامر، كما تتولى تنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات، وذلك كله على الوجه المبيـن فـي القانـون”.
فضلاً عن ذلك، ما ورد في المادة (48/ أ) على أن: ” تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم، ويحدد القانون الحالات التي تقيد فيها حرية المواطن، ولا يجوز تقييد حرية أحد إلا بحكـم من محـكـمـة مختــصـة.
والمادة (48/ ب) لا يجوز القبض على أي شخص أو تفتيشه أو حجزه إلا في حالة التلبس أو بأمر توجبـه ضرورة التحـقيق وصيانة الأمن يصدره القاضي أو النيابة العامة وفقًا لأحكام القانون، كما لا يجوز مراقبـة أي شخص أو التحري عنه إلا وفقـاً للقانون.
كما لا يجوز مراقبة أي شخص أو التحري عنه إلا وفقاً للقانون، وكل إنسان تقيد حريته بأي قيد يجب أن تصان كرامته ويحظر التعذيب جسدياً أو نفسياً أو معنوياً، ويحظر القسر على الاعتراف أثناء التحقيقات، وللإنسان الذي تقيد حريته الحق في الامتناع عن الإدلاء بأية أقوال إلا بحضور محاميه ويحظر حبس أو حجز أي إنسان في غير الأماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون ويحرم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية عند القبض أو أثناء فترة الاحتجاز أو السجن.
والمادة (48/ ج) كل من يقبض عليه بصفة مؤقتة بسبب الاشتباه في ارتكابه جريمة يجب أن يقدم إلى القضاء خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ القبض عليه على الأكثر، وعلى القاضي أو النيابة العامة تبليـغه بأسبـاب القبض واستجوابه وتمكينه من إبداء دفاعه واعتراضاته، ويجب على الفور إصدار أمر مسبب باستمرار القبض أو الإفراج عنه، وفي كل الأحوال لا يجوز للنيابة العامة الاستمرار في الحجز لأكثر من سبعة أيام إلا بأمر قضائي، ويحدد القانون المدة القصـوى للحبـس الاحتياطـي.
أما دستور مصر لعام 2012م؛ فإن المادة (84) منه قد أشارت إلى أنه: “فيما عدا الحالات الاستثنائية التي يحددها القانون، يتفرغ عضو أي من مجلسي النواب والشورى لمهام العضوية، ويحتفظ له بوظيفته أو عمله؛ وذلك وفقًا لما ينظمه القانون”، كما أن المادة (91) أكدت على أن يتقاضى عضو مجلس النواب والشورى مكافأة يحددها القانون، أما المادة (114) فقد أشارت إلى أن مجلس النواب يتكون من عدد لا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوًا، ينتخبون بالاقتراع العام السري المباشر …….. ويبين القانون شروط العضوية الأخرى، ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية بما يراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات؛ وكذلك المادة (116) التي أكدت على أن يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية؛ وذلك كله على النحو المبين في الدستور، ويحدد القانون طريقة إعداد الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعرضها على مجلس النواب.
المطلب الثاني
القوانين الأساسية المتعلقة بالحقوق والحريات العامة
غالباً ما تنص الدساتير على الحقوق والحريات العامة للأفراد؛ بتحديد الإطار العام لها تاركاً تفاصيل الأمور التي تتعلق بتنظيمها على وجه الدقة والتفصيل إلى المشرع العادي، لذا يمكن تقسيم القوانين الأساسية التي تتعلق بالحقوق والحريات العامة إلى فرعين، نوجزهما على النحو التالي:
الفرع الأول: القوانين الأساسية المتعلقة بالحقوق.
الفرع الثاني: القوانين الأساسية المتعلقة بالحريات العامة.
الفرع الأول
القوانين الأساسية المتعلقة بالحقوق
إن الدستور الفرنسي لعام 1958 أشار في المادة (61) منه إلى أنه: “إذا ثبت أثناء النظر في دعوى أمام جهة قضائية أن نص تشريعي يمثل اعتداء على الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور، جاز إشعار المجلس الدستوري …….. ويحدد قانون أساسي شروط تطبيق هذه المادة.
أما الدستور اليمني الصادر سنة 1991م المعدل، فقد وردت فيه الإشارة إلى القوانين المتعلقة بالحقوق والحريات العامة؛ ومنها ما ورد في المادة (44) منه التي نصت على أن: “ينظم القانون الجنسية اليمنية، ولا يجوز إسقاطها عن يمني إطلاقاً ولا يجوز سحبها ممن اكتسبها إلاً وفقاً للقانـون”.
ما ورد في المادة (29) على أن: “العمل حق وشرف وضرورة لتطوير المجتمع، ولكل مواطن الحق فـي ممارسـة العمل الذي يخـتاره لنفسه في حدود القانون، ولا يجـوز فرض أي عمل جبراً على المواطنين إلا بمقتضى قانون ولأداء خـدمة عامـة وبمقابل أجـر عادل، وينظم القانون العمل النقابـي والمهني والعلاقة بين العمال وأصحـاب العمـل”.
كما نصت المادة (7/ ج) على أن: “حـماية واحترام الملكيـة الخـاصة فلا تمس إلا للضرورة ولمصلحـة عامة وبتعويض عادل وفقـاً للقانــون”.
ونصت المادة (10) على أن: “ترعى الدولة حرية التجارة والاسـتـثـمـار وذلك بما يخـدم الاقـتـصـاد الوطنـي، وتصـدر التشريعات التي تكفل حماية المنتجين والمستهلكين وتوفيـر السلع الأساسية للمواطنـين، ومنـع الاحتكار وتشجـيـع رؤوس الأموال الخـاصة على الاستـثـمار فـي مختلف مجـالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفقـاً للقانـون”.
ما ورد في المادة (8) على أن: “الثروات الطبيعية بجـميع أنواعها ومصادر الطاقة الموجودة في باطن الأرض أو فوقها أو في المياه الإقليمية أو الامتداد القاري والمنطقة الاقتصادية الخـالصة ملك للدولة، وهي التـي تكفل استغلالها للمصلحـة العامـة”.
مادة (13) التي تنص على أن: أ “إنشاء الضرائب العامة وتعديلها وإلغاؤها لا يكون إلا بقانون ولا يعفى أحد من أدائها كلها أو بعضها إلا في الأحوال المبينة في القانون، ولا يجوز تكليف أحد بأداء غير ذلك من الضرائب والرسوم والتكاليف العامة إلا بقانون.
ب- إنشاء الرسوم وجبايتها وأوجه صرفها وتعديلها والإعفاء منها لا يكون إلا بقانون”.
ما ورد في المادة (55) التي نصت على أن: “الرعاية الصحية حق لجميع المواطنين، وتكفل الدولة هذا الحق بإنشاء مختلف المستشفيات والمؤسسات الصحية والتوسع فيها، وينظم القانون مهنة الطب والتوسع في الخـدمات الصحية المجـانية ونشر الوعي الصحـي بيـن المواطنيــن”.
الفرع الثاني
القوانين الأساسية المتعلقة بالحريات العامة
أشار دستور الجمهورية اليمنية لسنة 1991م المعدل، على إلزام السلطة التشريعية ممثلة بمجلس النواب بإصدار قوانين تتعلق بالحريات العامة؛ ومن أبرزها ما ورد في المادة (48) أ- تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم ويحدد القانون الحالات التي تقيد فيها حرية المواطن، ولا يجوز تقييد حرية أحد إلا بحكـم من محـكـمـة مختــصـة.
ب- لا يجوز القبض على أي شخص أو تفتيشه أو حجزه إلا في حالة التلبس أو بأمر توجبـه ضرورة التحـقيق وصيانة الأمن يصدره القاضي أو النيابة العامة وفقًا لأحكام القانون، كما لا يجوز مراقبـة أي شخص أو التحري عنه إلا وفقـاً للقانون.
كما لا يجوز مراقبة أي شخص أو التحري عنه إلا وفقاً للقانون، وكل إنسان تقيد حريته بأي قيد يجب أن تصان كرامته ويحظر التعذيب جسدياً أو نفسياً أو معنوياً، ويحظر القسر على الاعتراف أثناء التحقيقات، وللإنسان الذي تقيد حريته الحق في الامتناع عن الإدلاء بأية أقوال إلا بحضور محاميه ويحظر حبس أو حجز أي إنسان في غير الأماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون ويحرم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية عند القبض أو أثناء فترة الاحتجاز أو السجن.
ج- كل من يقبض عليه بصفة مؤقتة بسبب الاشتباه في ارتكابه جريمة، يجب أن يقدم إلى القضاء خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ القبض عليه على الأكثر، وعلى القاضي أو النيابة العامة تبليـغه بأسبـاب القبض واستجوابه وتمكينه من إبداء دفاعه واعتراضاته، ويجب على الفور إصدار أمر مسبب باستمرار القبض أو الإفراج عنه؛ وفي كل الأحوال لا يجوز للنيابة العامة الاستمرار في الحجز لأكثر من سبعة أيام إلا بأمر قضائي، ويحدد القانون المدة القصـوى للحبـس الاحتياطـي.
هـ- يحدد القانون عقاب من يخـالف أحكام أي فقره من فقرات هذه المادة، كـما يحـدد التعويض المناسب عن الأضرار التي قد تلحق بالشخص من جراء المخالفة، ويعتبر التعذيب الجـسدي أو النفسي عند القبض أو الاحتجاز أو السجن جريمة لا تسقط بالتقادم، ويعاقب عليها كل من يمارسها أو يأمر بها أو يشـارك فيهــا.
ما ورد في المادة (41) على أن: ” المواطنين جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة”، والمادة (42) نصت على أن: “لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حـدود القانـون”.
كما ورد في المادة (58) التي أكدت على أن: “للمواطنين في عموم الجمهورية – بما لا يتعارض مع نصوص الدستور- الحق في تنظيم أنفسهم سيـاسياً ومهنياً ونقابياً والحق فـي تكوين المنظمـات العلميـة والثقافية والاجتماعية والاتحادات الوطنيـة بما يخدم أهداف الدستور، وتضمن الدولة هذا الحق، كما تتخذ جـميع الوسائل الضرورية التي تمكن المواطنين من ممارسته، وتضمن كافة الحريات للمؤسسات والمنظمات السياسيـة والنقابيـة والثقافيـة والعلميـة والاجتماعيـة”.
ما ورد في المادة (146) التي نصت على أن: “تتمتع الوحدات الإدارية بالشخصية الاعتبارية ويكون لها مجالس محلية منتخبة انتخاباً حراً مباشراً ومتساوياً على مستوى المحافظة والمديرية وتمارس مهماتها وصلاحياتها في حدود الوحدة الإدارية، وتتولى اقتراح البرامج والخطط والموازنات الاستثمارية للوحدة الإدارية، كما تقوم بالإشراف والرقابة والمحاسبة لأجهزة السلطة المحلية وفقاً للقانون، ويحدد القانون طريقة الترشيح والانتخاب للمجالس المحلية ونظام عملها ومواردها المالية وحقوق وواجبات أعضائها ودورها في تنفيذ الخطط والبرامج التنموية، وجميع الأحكام الأخرى المتصلة بها، وذلك بمراعاة اعتمـاد مبـدأ اللامركزيـة الإداريـة والماليـة كأسـاس لنظـام الإدارة المحليـة”.
ما ورد في المادة (159) التي تنص على أن: “تتولـى الإدارة والإشراف والرقابة على إجـراء الانتخـابات العامـة والاستفتـاء العـام لجـنـة عليـا مستقلـة ومحايـدة، ويحدد القانون عدد أعضاء اللجنة والشروط اللازم توفرها فيهم وطريقة ترشيحهم وتعيـينهم، كـما يحـدد القانون اختصاصات وصلاحيات اللجنة بما يكفل لها القيـام بمهامهـا علـى الوجـه الأمثــل”.
الخاتمة:
تعتبر القوانين الأساسية؛ بمثابة تفويض يصدر من قبل المشرع الدستوري إلى المشرع العادي في بعض المسائل التي تذكر في صلب وثيقة الدستور، لذا نجد أن القوانين الأساسية تعتبر أساساً ومرتكزاً مهماً للوثيقة الدستورية.
ويتفق بعض فقهاء القانون الدستوري أن تلك القوانين تتعلق بأنشطة مكملة للدستور أو بوظيفة من وظائف الدولة، ولعل أبرز أمثلتها القوانين المنظمة للسلطة القضائية، وقوانين ممارسة الحقوق السياسية فيقوم المشرع الدستوري بتفويض المشرع العادي لتنظيم أحكامها، ويجب أن تبقى هذه القوانين منسجمة مع مبادئ وأحكام الدستور.
النتائج:
- القوانين الأساسية هي القوانين التي أشار إليها الدستور بعبارة (وينظم ذلك بقانون) أو ما يماثل هذه العبارة عند ذكره في الحكم الدستوري.
- تبين عدم تحديد مفهوم القوانين الأساسية في صلب الدساتير؛ لكي يتم التعرف عليها من قبل الأفراد والسلطات بأنهم يتعاملون مع قوانين غير عادية لأنها تتعلق بكيفية ممارسة السلطة وكيفية انتقالها والعلاقة بين السلطات.
- إن القوانين الأساسية نوع من أنواع التشريعات التي تصدر من قبل السلطة التشريعية، فبعض الدساتير أشارت إلى هذه التشريعات والإجراءات التي يجب اتباعها لتشريعها في نصوص معينة، والبعض الآخر لم يشير إلى هذه التشريعات وإنما صدرت من قبل السلطة التشريعية.
- تبين وجود تسميات عديدة للقوانين الأساسية؛ فبعض الدساتير تسميها بالقوانين المكملة للدستور، والبعض يطلق عليها القوانين العضوية، وبعضها يسميها القوانين الأساسية؛ ولكن أيا كانت التسمية التي تطلق على هذه القوانين فهي قوانين من نوع خاص تتعلق بممارسة السلطة.
- تختلف القيمة القانونية للقوانين الأساسية من دستور مرن إلى دستور جامد، فتتمتع بمرتبة التشريع العادي في الدول ذات الدساتير المرنة؛ نظراً لتشابه إجراءات تعديلها مع التشريعات العادية، وتتمتع بقيمة أعلى من التشريع العادي في الدول ذات الدساتير الجامدة؛ لأنه أحاطها بإجراءات خاصة لتعلقها بمسائل ذات طبيعة دستورية.
التوصيات:
- ينبغي أن تشير الدساتير إلى القوانين الأساسية في صلب الدستور أيا كانت التسمية التي تطلق عليها، سواء كانت تسميها قوانين أساسية أو قوانين تنظيمية أو قوانين مكملة للدستور.
- أن تكون إجراءات تشريع هذه القوانين من خلال إجراءات شكلية معينة ينص عليها الدستور وهذه القوانين بأغلبية خاصة أو وجوب صدورها خلال مدة معينة.
- لم يتطرق أي من دساتير الجمهورية اليمنية، حتى دستور 1991م وتعديلاته، إلى هذه القوانين قط، وبذلك تعدّ جميع القوانين التي يصدرها البرلمان في اليمن من فئة القوانين العادية، ويُقصد بالقوانين الأساسية القوانينُ الناظمة للانتخابات، والأحزاب، والسلطة القضائية، ومجلس الدولة، والمحكمة الدستورية العليا، والإدارة المحلية؛ ولا شك أن هذه النص غير دستوري، بسبب عدم النص على هذا التصنيف بمتن الدستور، ولا يجوز للسلطة أن تقيد صلاحيتها بقيود لم ترد في الدستور.
- نوصي المشرع اليمني عند أي تعديل دستوري مرتقب، أن يقر هذا النوع من القوانين في صلب الدستور، وإحاطتها بضمانات كافية، من حيث نسبة التصويت العالية، والرقابة القضائية المسبقة من المحكمة العليا، والتوسع في إقرار هذا الصنف من القوانين على كامل مساحة الدستور، أسوة بدساتير فرنسا ومصر، حتى لا تستطيع كتلة سياسية، تهيمن على البرلمان وتسيطر على وظيفة التشريع فيه، والعبثَ بمنظومة التشريعات ذات الطبيعة الحساسة في الدولة، ونرى أن يتم ذلك على الوجه الآتي:
- أسلوب تحديد القوانين الأساسية:
بما أنه لم يسبق في أي دستور يمني أن تبنى هذا التصنيف من القوانين سابقًا، يقتضي الحال أن يفعل ذلك في أي تعديل دستوري مرتقب، وأن يضمن الدستور سرد المواضيع التي يتناولها، وكلما ارتأى أن هذا الموضوع يجب أن يصدر به قانون أساسي؛ ذكر ذلك صراحة في موضعه، ثم يشير صراحة في مادة مستقلة إلى القوانين التي تعدَّ أساسية.
- إجراءات إصدار القوانين الأساسية:
نرى أن يتبنى الدستور في إصدار القوانين الأساسية الضمانات والإجراءات الآتية:
- قصر إصدارها على السلطة التشريعية حصرًا، دون أن تُخوّل السلطة التنفيذية ذلك عبر مراسيم تشريعية.
- أن يتم الاقتراع عليها بنسبة أغلبية تتجاوز نصف عدد النواب (الأغلبية المطلقة للمجلس)، وفي حال اعتُمد نظام البرلمان بغرفتين لمراعاة تمثيل كل المناطق، فبأغلبية 75% من نواب الغرفة الثانية التي تمثل المناطق.
- أن يسبق التصويت على القانون أخذ رأي المحكمة العليا، وأن يكون رأيها ملزمًا للسلطة التشريعية.
- نرى ضرورة التوسع في إصدار هذه الفئة من القوانين.
( [1]) د. محمد عبد الحميد أبو زيد: سيادة الدستور وضمان تطبيقه، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989م، ص 40.
( [2]) د. رمزي طه الشاعر: النظرية العامة للقانون الدستوري، دار النهضة العربية، القاهرة، ط 5، 2005م، ص 269.
( [3]) د. عبد الغني بسيوني عبد الله: الوسيط في النظم السياسية القانون الدستوري، منشأة المعارف الإسكندرية، 2004م، ص 445.
( [4]) د. صلاح الدين فوزي: الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1995م، ص 507.
( [5]) كالقانون رقم (81) لسنة 1996م، في مصر، الخاص بإنشاء المحكمة العليا المصرية، للمزيد ينظر د. رمزي طه الشاعر: النظرية العامة للقانون الدستوري، مرجع سابق، ص 276.
( [6]) ومن امثلتها القوانين التي تتعلق بمجلس الشعب الرسمي ابتداءً بالقانون رقم (38) لسنة 1972م، وانتهاء بالقرار بقانون رقم (201) لسنة 1990م، للمزيد ينظر د. رمزي طه الشاعر: النظرية العامة للقانون الدستوري، مرجع سابق، ص 280.
([7]) د. فتحي فكري: اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالطلب الأصلي بالتفسير – دار النهضة العربية- 2011م، ص 69.
([8]) د. رمزي طه الشاعر: النظرية العامة للقانون الدستوري، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الخامسة، 2005م، ص 270.
([9]) د. علي عبد العال سيد أحمد: فكرة القوانين الأساسية، دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، 1998م، ص 20.
([10]) القوانين الأساسية هي التي يحيلها المشرع الدستوري وينظمها البرلمان وتتعلق بنظام الحكم أو عمل السلطات الثلاث “التشريعية والتنفيذية والقضائية” أو الحقوق والحريات؛ فإن هذه المسائل والقوانين هي قوانين أساسية لاحتوائها على موضوعات ذات طبيعة دستورية، فعلى سبيل المثال قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002م هو قانون أساسي.
([11]) د. إسماعيل الغزال: القانون الدستوري والنظم السياسية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، بيروت، 1982م، ص 30.
([12]) د. منذر الشاوي: القانون الدستوري العاتك لصناعة الكتب، القاهرة، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، 2007م، ص 154.
([13]) د. دعاء الصاوي يوسف: القوانين الأساسية وعلاقاتها بالسلطة والحريات، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، 2007/ 2008م، ص 33 وما بعدها.
([14]) د. رمزي طه الشاعر: القضاء الدستوري في مملكة البحرين، 2003م، بدون دار نشر، ص 322 وما بعدها.
([15]) د. منذر الشاوي: المرجع السابق، ص 154.
([16]) د. عادل عمر شريف: قضاء الدستورية، رسالة دكتوراه، حقوق عين شمس، 1988م، ص 188.
([17]) الدعوى رقم 17 لسنة 28 قضائية “دستورية” بجلسة 13/ 10/ 2018م الموسوعة الذهبية للقضاء الدستوري المصري 1969/ 2019م، المجلد الثالث، ص 2304 وما بعدها.
([18]) د. عادل عمر شريف: قضاء الدستورية، رسالة دكتوراه، جامعة حقوق عين شمس، 1988م، ص 190.
([19]) د. رمزي طه الشاعر: النظرية العامة للقانون الدستوري، ط 3، سنة 1983م، ص 567.
([20]) د. محمد حسنين عبد العال: القانون الدستوري، دار النهضة العربية، 1992م، ص 69 وما بعدها.
([21]) دستور جمهورية مصر العربية لسنة 2014م.
([22]) الطلب رقم (1) لسنة 26 قضائية “تفسير تشريعي” بجلسة 7/ 3/ 2004م، الموسوعة الذهبية للقضاء الدستوري المصري 1969/ 2019م، ص 3821.
([23]) إدوار غالي الذهبي: العملية التشريعية في مصر، “القوانين المكملة للدستور”، مقالة بجريدة الأهرام بتاريخ 7/ 5/ 2001م، ص 32.
([24]) د. محمد إبراهيم درويش: القانون الدستوري، “النظرية العامة – الرقابة الدستورية”، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007م، ص 17؛ د. طعيمه الجرف: النظرية العامة للقانون الدستوري وتطور النظام السياسي المصري، دار النهضة العربية، القاهرة، ط 3، 2001م، ص 24.
([25]) د. فتحي فكري: القانون الدستوري، المبادئ الدستورية العامة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001م، ص 247.
([26]) دستور فرنسا الصادر سنة 1958م المعدل سنة 2008م، حيث تضمن تنظيماً خاصاً للإجراءات اللازمة لصدور القوانين الأساسية؛ إذ نصت المادة (46) منه إلى ما يأتي: ” يجري التصويت على القوانين التي ينعتها الدستور بالقوانين الأساسية وتعديلها، وفق الشروط التالية:
- لا يجوز عرض المشروع أو الاقتراح على المجلسين في قراءة أولى للمناقشة والتصويت عليه إلا بعد انقضاء الآجال المنصوص عليها في المادة (42/ 3)، غير أنه في حالة مباشرة الإجراء العاجل وفق الشروط المنصوص عليها في المادة (45) لا يجوز عرض المشروع أو الاقتراح على المجلس الأول المختص للمناقشة إلا بعد انقضاء مدة خمسة عشر يوم من تأريخ إيداعه.
- ويطبق الإجراء المذكور في المادة (45)؛ غير أنه في حالة غياب اتفاق بين المجلسين لا يجوز أن تصادق الجمعية الوطنية على النص في قراءة أخيرة إلا بالأغلبية المطلقة لأعضائها.
- ويجب أن يتم التصويت على القوانين الأساسية المتعلقة بمجلس الشيوخ بنفس الصيغة من قبل المجلسين.
- ولا يجوز إصدار القوانين الأساسية إلا بعد إقرار المجلس الدستوري بمطابقتها للقوانين”.
([27]) وقد صدر القانون رقم (38) لسنة 1972م بشأن مجلس الشعب الذي تم تعديله أكثر من مرة بعد ذلك تطبيقاً لهذه الإحالة.
([28]) الدستور المصري الصادر عام 2014م.
([29]) د. أحمد فتحي سرور: الحماية الدستورية للحقوق والحريات العامة، دار الشروق، القاهرة، 2000م، ص 45.
([30]) د. محمد عبد الحميد أبو زيد: سيادة الدستور وضمان تطبيقه، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989م، ص 43.
([31]) ومن أمثلة هذه القوانين في المغرب وهي تسمى “القوانين التنظيمية”، ومن أمثلتها القانون التنظيمي الصادر في 31 تموز عام 1970 الخاص بتنظيم تأليف مجلس النواب وانتخابه، أشار إليه د. عبد الغني بسيوني عبدالله: الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2004م، 447.
([32]) المحكمة الدستورية العليا، المجموعة الرسمية، الجزء الخامس، المجلد الثاني، ص 290، ينظر في شرح مضمون الحكم د. رمزي طه الشاعر: الرقابة على دستورية القوانين، مصدر سابق، ص 342. وكذلك د. فتحي فكري، القانون الدستوري، مصدر سابق، ص 247. وكذلك د. احمد فتحي سرور، الحماية الدستورية، مصدر سابق، 54. وكذلك د. هشام محمد فوزي، الرقابة على دستورية القوانين بين أمريكا ومصر، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006، ص 199.
([33]) د. مطهر محمد اسماعيل العزي: المبادئ الدستورية العامة والنظام الدستوري في الجمهورية اليمنية، دار الشرعي للنشر والتوزيع، صنعاء، 2002م، ص 22 وما بعدها.
([34]) د. أنور حمدان الشاعر: محاضرات في القضاء الإداري، الجامعة الإسلامية، غزة، بدون تاريخ الطبعة، 2009/ 2010، ص 6.
([35]) د. محمد عبد الله أبو مطر: النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني ونطاق دستوريته، جامعة الأزهر، غزة، ص 107 وما بعدها.
([36]) د. محمد نعمان النحال: محاضرات في القانون الدستوري والنظم السياسية، دون طبعة، الجامعة الإسلامية، غزة، 2008/ 2009م، ص 44.
([37]) د. فتحي فكري: القانون الدستوري “المبادئ الدستورية العامة”، شركة تاس للطباعة، القاهرة، 2004م، ص 55.
([38]) د. عبد الغني بسيوني عبد الله: الوسيط، مرجع سابق، ص 448.
([39]) د. جابر جاد نصار: الوسيط في القانون الدستوري، دار النهضة العربية، القاهرة، دون سنة النشر، ص 68.
([40]) د. محمد عبد الله أبو مطر: القانون الدستوري والأنظمة السياسية “الجزء الأول”، دون سنة الطبعة، دار النهضة العربية، القاهرة، دار النهضة العلمية، الإمارات، 2018م، ص 113.
([41]) د. محمد عبد الحميد أبو زيد: القضاء الدستوري، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، القاهرة، 2001م، ص 225.
([42]) د. عبد الغني بسيوني عبد الله: الوسيط، مرجع سابق، ص 448.وردت الإشارة الى القوانين المكملة للدستور في الدستور الفرنسي لعام 1958 في المواد 6 ، 7 ، 11 ، 23 ، 25 ، 27 ، 44 ، 47 ، 61 ، ،63 ، 64 68 ، 71 ، 76
( [43]) كما وردت الإشارة الى القوانين المكملة للدستور في الدستور المصري لعام 2012م، في المواد 32، 39، 41، 43، 49، 50، 51، 55، 57، 63، 64، 66، 84، 88، 91، 114، 116، 117، 119، 129، 135، 138، 142، 147، 149، 158، 169، 174، 175، 179، 180، 181، 184، 18، 187، 188، 189، 191، 192، 193، 194، 197، 199، 200، 201، 207، 208، 209، 210، 220.