الاحتفال بمرور 50 عاماً على يوم الملاحة البحري العالمي الاتفاقية الدولية لمنع التلوث من السفن (MARPOL)
إعداد : أ. نشوى عبد النبي سيد – باحث بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار / مجلس الوزراء
- المركز الديمقراطي العربي
يسلط موضوع احتفالية هذا العام تحت شعار: “التزامنا يتواصل.. اتفاقية ماربول في عامها الخمسين”، الضوء على اتفاقية “ماربول”، التي تشمل تجنب تلويث السفن، لأسباب تشغيلية أو عرضيةمما يبرز تاريخ المنظمة البحرية الطويل في حماية البيئة من تأثير الشحن، عبر إطار تنظيمي قوي يؤكد التزامها المستمر بهذا العمل المهم. ويهدف الموضوع، حسب المنظمة الأممية، إلى تعزيز المزيد من النقاش بشأن المرحلة التالية من عملها، لزيادة تعزيز الاستخدام المستدام وحماية الأرض والمحيطات، بما يتماشى مع جدول أعمال التنمية المستدامة 2030، وكذلك أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، بما في ذلك إتاحة الطاقة النظيفة بأسعار معقولة، والصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، والعمل المناخي والاستخدام المستدام للمحيطات والبحار والموارد البحرية، وأهمية إقامة الشراكات لتنفيذ ولتحقيق تلك الأهداف. وفي هذا الصدد، اعتبر تقرير للمنظمة البحرية الدولية أصدرته، بهذه المناسبة، أنه يقع على عاتق الشحن البحري الدولي نقل ما يزيد عن 80% من مجمل التجارة العالمية في كل أنحاء العالم، باعتباره أكفأ السبل وأقلها كلفة لنقل البضائع، على الصعيد العالمي، ذلك أنه يتيح خدمات يعتمد عليها، ومنخفضة الكلفة، للنقل بين البلدان؛ مما ييسر التجارة ويساعد على نشر الرخاء بين الأمم والشعوب.
واعتبرت المنظمة أن تعزيز الشحن المستدام والتنمية المستدامة للملاحة البحرية هو من أولوياتها للأعوام المقبلة، مؤكدة أن الكفاءة في استخدام الطاقة، والتكنولوجيات الجديدة والابتكارات، والتثقيف والتدريب، متصلان بالملاحة البحرية، والأمن البحري، وإدارة حركة الملاحة البحرية، وتنمية الهيكلية الأسياسية للملاحة البحرية، من حيث تطوير معايير دولية لهذه القضايا، بما يبرز التزام المنظمة البحرية الدولية بتقديم إطار عمل مؤسسي ضروري لنظام النقل البحري العالمي المستدام والأخضر.
ونظراً لأن المنظمة البحرية الدولية (IMO) هي هيئة تابعة الأمم المتحدة، ويقع على عاتقها مسؤولة وضع واعتماد إجراءات لتحسين سلامة وأمن الشحن الدولي، والحيلولة دون حدوث تلوث من السفن، فإنها تقوم بدور حيوي في تلبية الأهداف الواردة في هدف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDG) رقم 14: وهو المحافظة بشكل مستدام على المحيطات والبحار والموارد البحرية لتحقيق التنمية المستدامة.
لقد تواكبت الزيادة في عدد وحجم السفن، وكذلك حجم الشحنات التي تم نقلها خلال العقود الخمسة الماضية، مع عمل المنظمة البحرية الدولية، وذلك من خلال الدول الأعضاء البالغ عددها 172 دولة، لإنشاء إطار عمل قانوني وفني، والذي أصبح الشحن من خلاله أكثر نظافة وأكثر أمناً بشكل متصاعد. إلا أنه مازال هناك بالطبع أعمال ينبغي القيام بها. وستواصل المنظمة البحرية الدولية جهودها، بالتعاون مع الدول الأعضاء وغيرها من المنظمات، لتنفيذ ودعم تنفيذ لوائحها.
تأسست المنظمة البحرية الدولية بموجب اتفاقية عام 1948، وركزت في البداية على السلامة والملاحة البحرية. ثم في الستينات، أصبح العالم أكثر دراية بحالات انسكاب النفط في المحيطات والبحار من خلال الحوادث، أو كنتيجة لممارسات التشغيل الرديئة. ونتيجة أحداث التلوث النفطي الرئيسية، مثل كارثة توري كانيون (Torrey Canyon) قبالة الساحل الجنوبي الغربي للمملكة المتحدة في عام 1967، بدأت المنظمة البحرية الدولية في تنفيذ برنامج عمل طموح يتعلق بمنع التلوث البحري والاستجابة له، وكذلك بجوانب المسؤولية والتعويض. وكان من النتائج الرئيسية التصديق على الاتفاقية الدولية لمنع التلوث الناجم عن السفن في عام 1973، المعروفة عالمياً باسم اتفاقية (MARPOL).
ومنذ البداية، لم يقتصر عمل الاتفاقية على التلوث الناجم عن السفن فقط (الوارد في الملحق الأول)، بل تناول أيضاً المواد السائلة الضارة، مثل المواد الكيميائية، التي تُحمل بكميات ضخمة (الملحق الثاني)؛ والمواد الضارة التي تُحمل في طرود مغلفة (الملحق الثالث)؛ وتصريف مياه المجاري في البحر (الملحق الرابع)؛ والتخلص من القمامة الناتجة عن السفن في البحر (الملحق الخامس). وبموجب الملحق الخامس، ينطبق الحظر العام على تصريف جميع أنواع القمامة من السفن، بينما يخضع التخلص من المواد البلاستيكية لحظر كامل قابل للتطبيق عالمياً.
وفي وقت لاحق، في عام 1997، أضافت المنظمة البحرية الدولية (IMO) مرفقاً سادساً للاتفاقية الدولية لمنع التلوث الناجم عن السفن (MARPOL)، وهو يتناول التلوث الجوي الناجم عن السفن. واليوم، يتناول المرفق السادس اليوم تلوث الهواء الناجم عن الكبريت والانبعاثات الضارة الأخرى، مثل أكاسيد النيتروجين ومواد الجسيمات. وفي عام 2011، أصبحت المنظمة البحرية الدولية (IMO) أول هيئة رقابية دولية في قطاع النقل تقوم باعتماد متطلبات ملزمة لكفاءة استخدام الطاقة، تنطبق على جميع السفن عالمياً، بصرف النظر عن نمط التجارة أو دولة العلم، وتهدف إلى الحد من انبعاثات غازات الدفيئة في أنشطة الشحن الدولي.
كما يتضمن المرفق السادس للاتفاقية أيضاً اللوائح المتعلقة بالمواد المستنفدة للأوزون، والمركبات العضوية المتطايرة، ومحارق السفن، ومرافق الاستقبال، ونوعية نفط الوقود. جميع واليوم، فإن اتفاقية (MARPOL) بعد أن خضعت للتوسيع والتنقيح والتحديث، لا تزال أهم معاهدة دولية، وأكثرها شمولاً، تتناول منع التلوث البحري والتلوث الجوي الناتج عن السفن لأسباب تشغيلية أو عرضية. ومن خلال توفير أساس متين للتناقص الكبير والمستمر في التلوث الصادر عن السفن، لا تزال الاتفاقية ملائمة للهدف منها حتى اليوم.
وتدرك اتفاقية (MARPOL) أيضاً الحاجة إلى متطلبات أكثر صرامة لإدارة ما يسمى بالمناطق الخاصة وحمايتها، وذلك بسبب بيئتها وحركة المرور البحري فيها. فقد تم تحديد إجمالي 19 منطقة خاصة، وهي تشمل البحار المغلقة أو شبه المغلقة، مثل مناطق البحر الأبيض المتوسط، وبحر البلطيق، والبحر الأسود، والبحر الأحمر، ومساحات أوسع بكثير من المحيطات مثل المياه الجنوبية لجنوب أفريقيا ، ومياه أوروبا الغربية. ويمثل هذا التقدير للمناطق الخاصة، واللوائح العالمية، دليلاً واضحاً على إدراك المنظمة البحرية الدولية (IMO) ، والتزامها الكامل، بالأهمية القصوى لحماية بحار ومحيطات العالم والحفاظ عليها باعتبارها نظم حيوية لدعم الحياة لجميع الشعوب.
حظيت منطقة القطب الجنوبي بوضع “المنطقة الخاصة” منذ عام 1992، حيث تم تماماً حظر تصريف الفضلات الزيتية في البحر والتخلص من القمامة من سطح السفن إلى البحر. وبالإضافة إلى ذلك، بدأ تفعيل الحظر الكامل على نقل أو استخدام زيوت الوقود الثقيلة في 1 آب/ أغسطس 2011، بموجب لائحة جديدة من الملحق الأول لاتفاقية (MARPOL). وتستفيد المياه القطبية أيضاً من الإجراءات الخاصة التابعة للقانون القطبي للمنظمة البحرية الدولية (IMO)، والذي دخل حيز التنفيذ في 1 كانون الثاني/ يناير 2017، والخاص بالسفن العاملة في كل من مياه القطب الجنوبي والقطب الشمالي.
ويوجد لدى المنظمة البحرية الدولية (IMO) أيضاً عملية لتحديد “المناطق البحرية الحساسة بوجه خاص” (PASSA)، والتي تخضع لإجراءات الحماية المرتبطة بها، مثل النظم الإلزامية لمسارات السفن. وتوجد حالياً 14 منطقة (بالإضافة إلى حالتي توسع) تتمتع بالحماية بموجب هذه الطريقة، بما يشمل المناطق التي تغطي المواقع البحرية للتراث العالمي لليونسكو، مثل الحاجز المرجاني العظيم (أستراليا)، وأرخبيل جالاباجوس (الإكوادور)، والنصب الوطني البحري باباهاناوموكواكيا (الولايات المتحدة الأمريكية)، وبحر وادن (الدانمرك، وألمانيا، وهولندا). إن هذه العملية المتأصلة منذ القدم لتحديد المناطق الخاصة، وتحديد المناطق البحرية الحساسة بوجه خاص، تدعم بالكامل الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في زيادة تغطية المناطق البحرية المحمية.
وبينما تستهدف اتفاقية (MARPOL) عمليات التصريف العرضية والتشغيلية من أعمال السفن، فإن المنظمة البحرية الدولية (IMO) تتناول أيضاً التلوث البحري من المصادر البرية بشكل نشط، وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة، من خلال اتفاقية لندن لمنع التلوث البحري الناجم عن إلقاء النفايات والمواد الأخرى، لعام 1972، والبروتوكول التابع لها والصادر في 1996. وينتهج البروتوكول أسلوباً وقائياً يحظر تصريف النفايات في البحر، فيما عدا بنود قليلة محددة على قائمة النفايات المسموح بها، مثل المواد المجرفة.
هذه الإجراءات لها أثر ملموس ومفيد على البيئة الجوية، وكذلك على صحة الإنسان بالنسبة للأشخاص المقيمين في المدن القريبة من الموانئ، والمجتمعات الساحلية، أو بالقرب منها.
وفي مصر، أضاءت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، منشآتها ومباني موانئها التابعة باللون الأزرق، تزامنا باحتفالات اليوم العالمي للبحرية ومشاركة موانئ الهيئة الاقتصادية موانئ العالم في هذه الاحتفالية.
وأوضح المكتب الإعلامي للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس أنه تم إضاءة مبنى ديوان عام الهيئة ببورسعيد، الكائن في حي الشرق والمطل على المجرى الملاحي للقناة بالأضواء الزرقاء الساطعة، تزامنا مع احتفالات اليوم العالمي للبحرية ومشاركة الهيئة الاقتصادية موانئ العالم في هذه الاحتفالية.