القطاع الخاص والقطاع العام فى مصر ما بين الهيمنة والتكامل
إعداد: تقى خالد العربي – محلل استثمار مباشر- وباحثة متخصصة في الدراسات الاقتصادية
- المركز الديمقراطي العربي
فى الآونة الحالية تداول الحديث عن زيادة مزاحمة دخول الاستثمارات العامة فى عجلة التنمية منافسة للقطاع الخاص مما يتطلب الحد منها واتخاذ المزيد من الإجراءات لانسحاب الدولة من النشاط الاقتصادي لإعطاء رصَة لزيادة مساهمة القطاع الخاص ومن هذا المنطلق أصدرت الحكومة المصرية وثيقة سياسة ملكية الدولة معلنة فيها عن خطتها فى هذا المجال، وحددت خريطة وجودها فى النشاط الاقتصادى وملكيتها للشركات العامة.
ولكن السؤال الهام هنا لماذا تسعى الدولة للتخارج فى الكثير من القطاعات بالرغم من ان الاستثمار العام يحفز استثمارات البنية التحتية والذى من خلاله يساهم فى رفع الإنتاجية الحدية لعوامل الإنتاج كما يساهم الاستثمارات العام للدولة على زيادة الطلب على منتجات القطاع الخاص من خلال التعاقد من الباطن والتوريدات الحكومية، مما يؤثر بشكل إيجابى على الأرباح المستقبلية للقطاع الخاص بشكل غير مباشر .
بالاضافة الى ان استثمارات القطاع العام توفر خدمات تكميلية للقطاع الخاص من خلال إزالة الاختناقات فى مجالات التعليم والاتصالات والنقل. حيث يؤدى وجود شبكة من الطرق إلى تخفيض التكاليف المرتبطة بإنشاء مصنع فى منطقة ما أو تيسير نقل مدخلات الإنتاج إلى موقع إنتاجى جديد، مما يؤثر على تكلفة وحدة الانتاج بالنسبة للمشروع الخاص.
واذا تطرقنا ايضا فى التحدث عن الاستثمار العام فى مجال التعليم والصحة فانه له تأثير إيجابى واضح على الأنتاجية كما يؤدى دورا محوريا فى المساهمة فى النمو الاقتصادي. وهذا مع تأكيد على ضرورة مراعاة فعالية هذا الإنفاق.
فى الكثير من الاحيان يكون للاستثمار العام فى دورا جوهريا بارزا فى العديد من القطاعات يأتى على رأسها القطاع الزراعى فالاستثمار العام فى قطاع الزراعة والمناطق الريفية يسهم بشكل كبير فى زيادة معدلات نمو القطاع وخفض معدلات الفقر، ولذلك فان العمل على وصول ثمار النمو الى الفقراء والطبقات الوسطى يحتاج الى تصميم جيد للإنفاق من خلال زيادة مساهمة القطاع الخاص فى هذه الجهة .
الملخص التنفيذى الانفاق العام يعد إحدى الأدوات الأساسية لسياسة التنمية الاقتصادية فى الكثير من الدول ومن ضمنها مصر ، نظرا لما يحدثه من آثار على الطلب الفعلى ومستويات التشغيل والدخل القومي ، ويتمثل التحدى الذى يواجه فى ضمان مستوى للإنفاق يتسق مع الاستقرار الكلى ولكن فى الكثير من الاحيان ينتج عن دخول القطاع العام مزاحمة القطاع الخاص كالذى حدث فى مصر مؤخرا وجعل من أهم اولويات مجلس الوزراء إصدار وثيقة ملكية الدولة فى 13-6-2022 والتى تضم تخارج الدولة من العديد من القطاعات والصناعات مما يتيح للقطاع الخاص زيادة المشاركة فى الاقتصاد مما يترتب عليه جذب للاستثمار الأجنبي، كما تسهم في تعزيز ثقة المؤسسات الدولية، بما يجعلها خطة متكاملة تستهدف تمكين القطاع الخاص وتنظيم تواجد الدولة في النشاط الاقتصادي، وذلك استكمالا للإصلاحات الحكومية التي تتبناها الدولة المصرية .
ستقوم الورقة باستعراض الآتى:
- المحور الأول : مراحل تطور العلاقة بين القطاعين العام والخاص
- المحور الثانى: مؤشرات استدلالية على حجم مساهمة القطاع الخاص فى التنمية الأقتصادية
- المحور الثالث: المعوقات و التحديات التي تواجه القطاع الخاص والتعامل معها
- المحور الرابع: دور القطاع العام فى التوسع الاقتصادى
- المحور الخامس: الاجراءات التى اتخذتها الدولة لتعزيز دور القطاع الخاص
أولا: مراحل تطور العلاقة بين القطاعين العام والخاص :
لقد مرت العلاقة بين قطاعي الاستثمار العام والخاص بمراحل عديدة، كانت مراحل التباين والتنافس من أهم المراحل في العلاقة بين القطاعين. فمنذ عام 2000، تقاربت مستويات الاستثمار العام والخاص. ومنذ ذلك الحين، زادت مساهمة القطاع الخاص تدريجياً واتخذ موقعاً مهيمناً في التنمية الاقتصادية.
ومنذ ذلك الحين أطلقت البلاد خطة للإصلاح الاقتصادي، واستثمرت الدولة (الاستثمار العام) في مشاريع البنية التحتية واستثمرت أيضًا في المشاريع الوطنية الكبرى لتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة. 2016/2017 و 2017/2018. وأدت هذه الزيادة إلى تفوق الاستثمار العام على الاستثمار الخاص خلال هذه الفترة
ومن ثم، ارتفعت الاستثمارات الخاصة بشكل كبير مرة أخرى في 2018/2019 وانخفضت في عام 2020 بسبب تأثير وباء كوفيد 19، لذلك كان على الدولة زيادة الاستثمار وزيادة الاستثمار العام مرة أخرى في محاولة لمواصلة عجلة التنمية. وتوفير الحلول لتراجع الاستثمار الخاص.
مساهمة القطاع الخاص فى الناتج المحلى الاجمالى :
على الرغم من تأثر معدل النمو الاقتصادى ببعض المتغيرات الاقتصادية والسياسية بسبب الاضطرابات السياسية والاقتصادية والتى ادت بدورها الى تراجع مساهمة القطاع الخاص فى العديد من السنوات كما ذكرنا سابقا ، الا أن عاد القطاع الخاص ليشارك بنصيب اكبر فى نمو الناتج المحلى الاجمالى مقارنة بمساهمة القطاع العام منذ بداية العام المالى 2016/2017
المصدر: وزارة التخطيط و التنمية الأقتصادية |
-كما تطورت حصة القطاع الخاص فى الناتج المحلى الاجمالى (بتكلفة الانتاج) بمرور الوقت الى ان وصلت الى 73.3% فى السنة المالية 2020/2021 محققة ارتفاع عن عام 2019/2020 الذى سجل 73.3% .
– ركز القطاع الخاص على قطاعات الأنتاج والخدمات والذى تم ترجمته من خلال أخذ القطاع الخاص نسبة المساهمة من الاستثمارات فى قطاعات تجارة الجملة والتحزئة و تجارة المطاعم والفنادق وانشطة الغاز الطبيعي و انشطة السوق العقارى .
المصدر: وزارة التخطيط و التنمية الأالأقتصادية |
المصدر: وزارة التخطيط و التنمية الأالأقتصادية |
– يوضح الشكل الآتى حجم استثمارات القطاعين العام والخاص من اجمالى الأستثمارات فى الأنشطة الاقتصادية خلال السنة المالية 2020/2021 ، وكما هو موضح جائت تجارة الجملة والتجزئة فى المرتبة الاولى فى استثمارات القطاع الخاص بحصة 95% من اجمالى الاستثمارات ويليها فى المرتبة الثانية ساهم
القطاع استثمارات المطاعم والفنادق بنسبة 93% ،واحتل الغاز الطبيعي المركز الثالث يليه الانشطة العقارية . والجدير بالذكر ان اول ثلاثة قطاعات ذو النسبة الاكبر من امساهمة القطاع الخاص من اجمالى الاستثمارات هما فى برنامج الأصلاحات الهيكلية .
حصة القطاعين العام والخاص من الاستثمارات المنفذة فى القطاع السياحى:
تطورت نسبة مشاركة القطاع الخاص فى القطاع السياحي الى ان وصلت الى 93% فى العام المالى 2020/2021 .
المصدر: وزارة التخطيط و التنمية الأقتصادية |
حصة القطاعين العام والخاص من الاستثمارات المنفذة فى القطاع الزراعى
كان القطاع الخاص يهيمن على الاستثمارات المنفذة فى القطاع الزراعى حتى 2016/2017 ثم تم توجيه الاستثمارات العامة نحو الاستثمار فى القطاع الزراعى بهدف تحفيز انتاجية الصادرات الزراعية 2020/2021 حيث تأثر الاقتصاد بأكملة بأزمة كرونا وسجلت الاستثمارات العامة 74% من اجمالى الاستثمارات وسجلت الاستثمارات الخاصة 26% من اجمالى الاستثمارات .
المصدر: وزارة التخطيط و التنمية الأقتصادية |
حصة القطاعين العام والخاص من الاستثمارات المنفذة فى القطاع التصنيع:
المصدر: وزارة التخطيط و التنمية الأقتصادية |
فيما يتعلق بححصة القطاعين العام والخاص من اجمالى الاستثمارات فى الصناعات التحويلية ، فقد كانت الاستثمارات الخاصة تحتل النسبة الاكبر حتى السنة المالية 2016/2017 ، وبعدما اتخذت مصر اجراءات لتحرير سعر الصرف وبعد ان بلغ معدل التضخم مستويات غير مسبوقى وتدخلت الحكومة لتعزيز انتاجية القطاع فى السنة المالية 2017/2018 وحتى السنة المالية 2020/2021 ارتفعت حصة مشاركة القطاع العام فى الاستثمارات فى قطاع التصنيع بحصة 64% مقبال مشاركة القطاع الخاص بنسبة 36%.
حصة القطاعين العام والخاص من الاستثمارات فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات:
المصدر: وزارة التخطيط و التنمية الأقتصادية |
بلغت حصة القطاع الخاص من اجمالى الاستثمارات فى مجال تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات النسبة الاكبر على مر السنين و لكن فى 2020/2021 استحوذ القطاع العام على 50.5% من اجمالى استثمارات القطاع بعد ان ضخت مصر استثمارات فى هذا القطاع وهذا فى اطار برنامج الاصلاحات الهيكلية وخطة الرقمنة الخاصة به .
دور القطاع الخاص فى مواجهة التضخم :
المصدر: البنك المركزى المصرى |
فى ظل عدم استقرار الاوضاع الاقتصادية الحالية وارتفاع مستويات التضخم الحالية يخلق ارتفاع مستويات التضخم حالة من عدم اليقين ، وهذا الامر من جانبه يؤثر بشكل مباشر على القرارات الاستثمارية وبالتالى يكون له بالتالى دور فى زيادة الادخار وانتاجية العمال نتيجة انخفاض دخولهم الحقيقية و انخفاض القوة الشرائية .
ومن هنا ظهرت الأهمية الكبرى فى الحاجة الى زيادة مساهمة القطاع الخاص فى الانتاج بانشطته المتعدده لقدرته على استيعاب عدد كبير من العمالة وبالتالى زيادة الانتاجية وكلما زادت الانتاجية كلما قلت تكاليف الوحدات المنتجة مما يؤدى فى الزيادة الى انخفاض اسعارها مما يساعد فى النهاية الى حل مشكلة التضخم
و من هنا جاب اهتمام الدولة بالعمل على تشجيع القطاع الخاص فى زيادة استثماراته وضح نهج الدولة فى هذا الصدد عقب اصدارها وثيقة ملكية الدول والعمل على تخارج الدولة فى الكثير من الاستثمارات لزيادة مساهمة القطاع الخاص الذى يساعد بدوره على كبح زمام التضخم.
المعوقات التي تواجه القطاع الخاص والتعامل معها:
أثرت الأزمات العالمية المتعاقبة على الأوضاع الاقتصادية المحلية، مما أدى إلى ظهور سلسلة من التحديات أمام القطاع الخاص تمنعه من تعزيز دوره في الاقتصاد الوطني، بما في ذلك التحديات المالية والنقدية التي فرضتها أزمة جائحة كورونا. واعتمدت الدولة خلال هذه الفترة سلسلة من السياسات النقدية والمالية المحفزة لدعم الاقتصاد الخاص.
فعلى صعيد السياسات النقدية، عمل البنك المركزى على اتخاذ اجراءات للمساعدةمنذ 2016 لتحفيز الانتاج وزيادة مساهمة القطاع الخاص فى عملية الأنتاج وعلى رأس هذه الاجراءات اصدار حزمة من القراترات من بينها اصدار مبادرات البنك المركزي، وتأجيل كافة المستحقات الائتمانية للعملاء من مؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة والأفراد، وإتاحة التمويل اللازم لاستيراد السلع الاستراتيجية ومستلزمات الإنتاج، وغيرها من الإجراءات الداعمة.
أما على صعيد السياسات المالية، فقد انخفضت أسعار الغاز والكهرباء للقطاع الصناعي منذ عام 2016، ومن المرجح أن يتم تمديد المواعيد النهائية لتقديم الإقرارات الضريبية. هذا بالإضافة إلى تنفيذ الدولة لمشروع تحديث وميكنة المنظومة الوطنية لإدارة الضرائب والذي يهدف إلى تبسيط وميكنة وتوحيد الإجراءات الضريبية. مما يساعد على تسهيل الأمر على الممولين وزيادة الإيرادات الضريبية وتحقيق العدالة الضريبية ودمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي. وتعمل الدولة على أتمتة وتطوير المنظومة الجمركية المصرية وتقليل زمن التخليص الجمركي. ولتحقيق هذه الغاية، تم سن قانون جمركي جديد، وتطوير البنية التحتية التقنية، والترويج لـ “مشروع النافذة الواحدة”. تم تنفيذه في مطار القاهرة مارس 2019، وفي غرب بورسعيد في مايو 2019، وفي ميناء العين السخنة في يونيو 2020، وفي شرق بورسعيد في يوليو 2020، وفي نوفمبر 2020 يبدأ التشغيل التجريبي في الإسكندرية. وينعكس ذلك في اختصار زمن الإفراج الجمركي، فبالنسبة لجميع الموانئ والمنافذ الجمركية المصرية، استغرق الأمر في المتوسط نحو 5.2 يوم في نوفمبر 2020، ومع ذلك، فقد استغرق الأمر في المتوسط 6.5 يومًا في يناير 2020 وحوالي 28 يومًا في عام 2018. إن تطوير النظام الجمركي لتسهيل إجراءات التجارة وزيادة الرقابة، مما يؤدي إلى سهولة تدفق التجارة المشروعة، وجذب المزيد من الاستثمارات وزيادة إيرادات خزانة الدولة و الحد من الممارسات غير القانونية فى القطاعات العامة والخاصة .
اصدار وثيقة ملكية الدولة: من منطلق حرص الدولة على تعزيز مشاركة القطاع الخاص فى التنمية الاقتصادية عن طريق مشاركته فى المشروعات التنميوة الى تنتهجها الدولة عملتى الحكومة على تبنى برنامج الطروحات الحكومية والذى يعد أحد أشكال الشراكة بين القطاعين العام والخاص .
وتستهدف الحكومة فى الوقت الحالى زيادة مساهمة القطاع الخاص بنحو 65% من أجمالى الاستثمارات ، أعلنت الحكومة فى التقرير الاول لمتابعة الموقف التنفيذى لبرنامج الطروحات الحكومية مستهدف الدولة فى الخروج من العديد من القطاعات بنسب متفاوتة ففى الزراعة على سبيل المثال من المتوقع ان تتخارج الدولة بنسبة 83% ، وفى قطاع المعلومات و الاتصالات من المتوقع ان تتخارج الدولة بنسبة 11% ، وفى قطاع المياه والصرف من المتوقع ان تبلغ نسبة التخارج على نحو 14.
وفى دور الصندوق السيادى فى تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة قام الصندوق بطرح 13 شركة تساهم فيها الدولة فى الفترة مابيه (مارس 2022-يوليو2023) بأجمالى 5مليار دولار ، وكان التخارج من خلال بيع حصص مملوكة للدولة فى 5شركات مدرجة فى البورصة .
الجدير بالذكر ان وثيقة ملكية الدولة لا تعنى ان الدولة تتنازل عن دورها فى عجلة التنمية الاقتصادية بل ان الدولة تعمل على انجاح خطة استثمارات القطاع الخاص لتحقيق اهداف التنمية فى رؤية مصر 2030 . وتتم هذه الرؤية عن طريق توجيه جهود القطاع الخاص فى ضح المزيد من الاستثمارات
تقليل الحواجز التجارية : ان العملية التجارية فى مصر خاصة تلك العابرة للحدود تتسم بالتعقد الشديد وطول وقت الإجراءات ، أمر آخر تم الحديث عنه في مؤتمر الوكالة الأمريكية للتنمية عند حديثها عن كيف تمول مصر سياسات أجندة التنمية المستدامة، وهو زيادة العدالة التجارية، حيث أشارت إلى أن مسألة اليقين والوضوح فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية هو أمر هام لجذب استثمارات القطاع الخاص.
أبرز التحديات التى واجهت القطاع الخاص:
يعد قرار البنك المركزي المصري بإيقاف معالجة مستندات تحصيل الديون في جميع عمليات الاستيراد والاكتفاء باستخدام خطابات الاعتماد المستندية اعتبارًا من مارس 2022، أحد أهم التحديات التي واجهت القطاع الخاص فى هذه الفترة. وكان الهدف من هذا القرار هو تنظيم عملية الاستيراد وإدخال نظام التسجيل المسبق للشحنات ومع ذلك، أثارت هذه الخطوة معارضة من مجتمع الأعمال ودعوات إلى التراجع عنها بسبب تأثيرها السلبي على الصناعات المحلية خاصة في ظل عد استقرار الاوضاع الاقتصادية الذى من ضمنها انخفاض قيمة العملة المصرية
واستجابة لهذه الطلبات أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي توجيها بإعفاء مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية من الإجراءالمطبق مؤخرا على عملية الاستيراد، واستعادة النظام القديم من خلال استلام المستندات.
ثانيا : دور القطاع العام فى التوسع الاقتصادى :
كان من اولويات الدولة عقب فترة الاضطرابات الداخلية التى أعقبت ثورة يناير 2011 وما تلاها خلال هذه الفترة من حرص الدولة على إعادة بناء البنية التحتية ولهذا كان للقطاع الخاص دورا هاما فى هذا الوقت لعودة الاستقرار الاقتصادى .
ثم خلال فترة أزمة جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية، وبعد أن تأثرت الاستثمارات الخاصة من كثرة منافسة القطاع العام فى الاقتصادة ،
رأت الدولة ان هذا هو الوقت الانسب للتخارج الكلي أو الجزئي من عدد كبير من القطاعات الاقتصادية لأتحاة فرصة للاستثمار الخاص بالتواجد بقوة وحاولة جذب الاستثمارات الاجنبية لضخ العملة الاجنبية مما يساهم فى رجوع الاستقرار الاقتصادى.
ومن هذا المنطلق فأعلنت الدولة وثيقة ملكية الدولة وبرنامج الطروحات العامة الذي تم إعلانه فى عام 2018ومن خلاله قام مجلس الوزراء بطرح على نحو 4.5% من أسهم شركة الشرقية للدخان “إيسترن كومباني” في مارس 2019، ثم شهد البرنامج هدوءًا نسبيًا لنحو عامين نتيجة تأثر الاقتصاد بأزمة جائحة كورونا، ومع بدء حالة التعافي وعودة الحياة الاقتصادية أعلنت الدولة عودة العمل بقوة مرة أخرى في برنامج الطروحات الحكومية، وتم طرح شركة أي فينانس، وشركة أبو قير للأسمدة وشركة نادي غزل المحلة.
ثالثا : الاجرارات التى اتخذتها الدولة لتعزيز دور القطاع الخاص :
حاليا تستهدف الدولة تعزيز دور القطاع الخاص في المساهمة فى النشاط الاقتصادي وهذا من خلال برنامج الاصلاحات الهيكلية، بحيث تصل نسبة مشاركته إلى 65% من إجمالي الاستثمارات المنفذة خلال ثلاث سنوات، ويصبح قادرًا على خلق المزيد من فرص العمل ورفع معدلات النمو الاقتصادي والمشاركة في إقامة البنية التحتية والمنافسة الدولية. وتتمثل خطوات الدولة في هذا الشأن في ثلاثة محاور رئيسية تتمثل في: تحسين مناخ الأعمال، وإطلاق حزمة من الحوافز المتنوعة، وفتح قنوات تواصل مباشر مع القطاع الخاص.
تتضمن الاجراءات التى اتخذتها الدولة لدعم دور القطاع الخاص :
اطلاق وثيقة ملكية الدولة :
في إطار جهود الدولة لتحسين مناخ الأعمال تم الإعلان عن وثيقة سياسة مليكة الدولة، والتي يتم فيها تحديد الأنشطة الاقتصادية التي تتخارج منها الدولة تخارجًا كليًا، والقطاعات التي تشهد تخفيض أو تثبيت الاستثمارات الحكومية الموجهة إليها، والقطاعات التي تستمر بها الدولة بجانب القطاع الخاص، وذلك خلال العشر سنوات المقبلة، مع الإعلان عن المراجعة الدورية للقطاعات التي تتواجد بها الدولة.
أعلنت الهيئة العامة للتنمية الصناعية عن إطلاق المرحلة الخامسة من الخريطة الإلكترونية للاستثمار الصناعي، والتي تضم طرح فرص استثمارية جديدة على قطع أراضي كاملة المرافق في القطاعات الصناعية ذات الأولوية التي تستهدفها الهيئة لتشجيع الاستثمار الصناعي المحلى والأجنبي، في ضوء إستراتيجية وزارة التجارة والصناعة وتلبيةً للطلبات المتزايدة على الأراضي الصناعية.
و الجدير بالذكر ان الهيئة العام للتنمية الصناعية تهدف من خلال تلك الطروحات المتتالية إلى إتاحة فرص استثمارية جديدة ومتنوعة، وتوطين الصناعة وتعميق المنتج المحلي لتحقيق التكامل بين سلاسل التوريد المحلية، والاندماج في سلاسل التوريد العالمية بما يسهم في سد الفجوات السوقية المحلية ودعم الصادرات المصرية. مضيفا انه تيسيراً على السادة المستثمرين وتخفيفاً للأعباء المالية عليهم تم طرح أسعار الأراضي بالتكلفة الفعلية للمرافق، كما تقرر ان يكون مقابل حق الانتفاع السنوي بواقع ٥٪ من سعر متر التمليك وذلك طبقًا لقرار دولة رئيس مجلس الوزراء رقم 3308 /2022 المنشور بالجريدة الرسمية في ضوء توجيهات القيادة السياسية التي لا تدخر وسعاً في توفير كافة سبل الدعم للصناعة المصرية.
كم أعلن مجلس الوزراء عن إتاحة مشاركة القطاع الخاص في عدد من أصول الدولة بما يقدر بنحو 10 مليارات دولار سنويا لمدة 4 سنوات في عدد من القطاعات الواعدة كمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، والأصول العقارية بالمدن الجديدة، وقطاع الاتصالات، وتحلية المياه، والتعليم. وتضمن جهود تحسين بيئة الأعمال تطوير منظومة الحصول على الأراضي للمشروعات الصناعة من خلال التحول إلى نظام حق الانتفاع في الأراضي الصناعية، وتسعير الأراضي وفقًا لقيمة المرافق. بالإضافة إلى صياغة استراتيجية قومية متكاملة للملكية الفكرية، وتحسين مناخ التنافسية، وتيسير إجراءات إصدار التراخيص والموافقات، وميكنة الإجراءات الضريبية والتراخيص، وتطوير الخريطة الاستثمارية لمصر.
إطلاق حزمة من الحوافز المتنوعة:
أما بالنسبة لحزمة الحوافز المعلن عنها لتعزيز مساهمة القطاع الخاص المحلي والاجنبي فتشمل: الحوافز الخاصة بقانون الاستثمار والتي تتضمن نسبة 50% خصمًا من التكاليف الاستثمارية للقطاع (أ) والذي يشمل المناطق الجغرافية الأكثر احتياجًا للتنمية، ونسبة 30% خصمًا من التكاليف الاستثمارية للقطاع (ب) والذي يشمل باقي أنحاء الجمهورية. وكذلك الحوافز الخضراء التي تمنح لمشروعات الهيدروجين الأخضر، وحوافز الاستثمار في القطاع الصحي وحوافز في المدن الجديدة، والرخصة الذهبية المعروفة باسم “الموافقة الواحدة” والتي تمنح كموافقة واحدة على كل من إقامة وتشغيل وإدارة المشروع في بعض المجالات الرائدة كالهيدروجين الأخضر، وصناعة المركبات الكهربائية والبنية التحتية.
وختاما فقد بدا واضحًا تباين مساهمة القطاع الخاص فى الاقتصاد المصرى عبر الفترات المختلفة نتيجة تأثر بالاحداث الاقتصادية العالمية و المحلية ومن هنا عزمت الدولة على أن تولى اهتماما كبيرا تبعميق مساهمة القطاع الخاص من خلال العديد من الادوات منها اطلاق مبادرة للإصلاحات الهيكلية ببرنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2016، والذى دعمت الدولة من خلاله القطاع الخاص خاصة بعد ازمة كرونا وتأثير القطاع الخاص بنسبة كبيرة عقب الأزمة ، و تم أبراز ايضا جهود الدولة فى دعم القطاع الخاص فى للتعامل مع أزمة الصراع في أوكرانيا وروسيا بعد ان تأثر القطاع الخاص فى مصر نتيجة نقص سلاسل الامداد ، و من هنا حرصت الدولة على وجود حوار وطنى يضم ممثلين عن القطاع الخاص ليساهموا فى وضع توصيات ورؤى مستقبلية لتساعد فى الخروج من الأزمة الاقتصادية . و ومن هنا نرى ان نتيجة لجهود الدولة المتضاعفة فى مضاعفة مساهمة القطاع الخاص نرى ان هذه الاستراتيجيات ستؤتتى بثمارها خلال الفترة المقبلة و التى ستساعد فى تعزيز دور ومساهمة القطاع الخاص .
المصادر :
- التقرير الأقتصادى السنوى – وزارة التخطيط و التنمية الأقتصادية
- التقرير الاول لمتابعة تنفيذ وثيقة ملكية الدولة للأصول أغسطس 2023
- البنك المركزى المصرى – المجلة الاقتصادية , المجلد الثالث و الستون -العدد الاول 2022/2023.
- الهيئة العامة للاستعلامات والعلاقات العامة
- مصر فى أرقام – الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء