الدراسات البحثيةالمتخصصةالمرأة

التمكين القانوني (دراسة حول قرار مجلس الأمن 1325 المرأة والسلام والأمن ) في الشرق الأوسط وشمال إفريقي

اعداد : ضحى بهاء أحمد  – باحثة قي القانون الدولي العام  – ليسانس شريعة وقانون 2022 – جامعة الأزهر كلية الدراسات الإسلامية والعربية قسم الشريعة والقانون

  • المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمة

يسعى التمكين القانوني إلى تمكين الأفراد والمجتمعات من معرفة واستخدام وصياغة القوانين التي تؤثر على حياتهم، فهو يضفي الطابع الديمقراطي على القانون ويمكّن المجتمعات من استخدام القانون في نضالها من أجل العدالة والحقوق، فالوصول إلى العدالة وتحقيق السلام هو حق أساسي من حقوق الأنسان، ومع ذلك فإن العديد من النساء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا يستطعن الوصول إلى هذا الحق الأساسي . لأسباب كثيرة من ضمنها  العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي يعد الصورة الحقيقة التي يكونها التمييز القائم على نوع الجنس .ولا يستطعن الحديث عن ما يتعرضون له بسبب المعتقدات الاجتماعية القمعية وبسبب عدم وجود قوانين فعالة، تضمن لهم الثقة في المجتمع وتضمن لهم حماية كافية  ،وهم يتأثرون بشكل كبير من سوء الادارة الفاسدة وبوضع السياسات البعيدة كل البعد عن احتياجات وكفالة حقوقها ومشاركتها في العمل العام واتخاذ القرارات، وفى عام 2000 صدر قرار مجلس الأمن 1325 المرأة والسلام والأمن لتأكيد على أهمية مشاركة المرأة في صناعة السلام سواء في حالات السلم أو الحرب، وضرورة حمايتها والدفاع عن حقوقها ، إلا أننا نرى أن السلام يعتبر عملية معقدة وصعبة مالم يتم تضافر وتعاون جهود عدة  من مختلف التخصصات والقطاعات لضمان تحقيق السلام والأمن، المراد به في أجندة المرأة وهذا البحث يسلط الضوء على إحدى الأساليب التي يمكننا استخدامها في تنفيذ أهداف الأجندة وهو التمكين القانوني لدفاع عن حقوق المرأة في تحقيق السلام، كما أنه يسلط الضوء على العمل على هذا الجانب وتطويره بالإضافة إلى التعاون مع القطاعات الأخرى.

أهمية البحث:

تكمن أهمية البحث في التعرف على ماهية التمكين القانوني للمرأة وفي في كيفية استخدام التمكين القانوني للمرأة كوسيلة لدفاع عن حقوقها في حالات السلم والنزاع، نظرا لدور الذي يلعبه القانون في تحقيق العدالة والسلام ومقاضاة الجناة ولامتداد أثاره إلى كافة أشكال المعاملات والمجالات.

التساؤلات البحثية:

أولا: ماهية التمكين القانوني للمرأة ؟

ثانياً : كيف يمكن استخدام التمكين  القانوني للمرأة لتحقيق السلام والأمن ؟

ثالثاً: ماهي وسائل التمكين القانوني ؟

المنهج المتبع في البحث:

يعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي لما تضمنه نصوص قرار مجلس الأمن 1325 سنة 2000  لاستخدام التمكين القانوني  للمرأة كوسيلة لدفاع عن حقوقها والمشاركة في عمليات السلام الأمن .

نطاق البحث:

يقتصر نطاق البحث على قرار مجلس الأمن (1325 المرأة والسلام والأمن ) في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي يحث على ضرورة مشاركة المرأة في صنع القرار وحماية وتحديد حقوقها في منع نشوب النزاعات، خاصة أثناء إعادة الإعمار والإنماء في مرحلة ما بعد النزاعات.

التمكين لغة : يعرف الفعل  يمكن empower   في قاموس  oxfordإعطاء السلطة أوالقوة  لشخص ما للقيام بعمل ما

وفي قاموس كامبيردج :cambridge dictionaryمنح شخص ما سلطة رسمية أو حرية القيام بشيء ما

وفي قاموس  websterبأنه عملية منح السلطة القانونية أو تخويل السلطة لشخص ما أو أن يتاح للفرد الفرصة للقيام بعمل ما.([1])

ينطوي مفهوم التمكين على زيادة القوة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية للأفراد والمجتمعات ويتعلّق مفهوم تمكين النساء والفتيات بقدرتهن على اكتساب القوة والسيطرة على حياتهن. وهي تنطوي على زيادة الوعي، وبناء الثقة بالنفس، وتوسيع الخيارات وزيادة الوصول إلى الموارد والإجراءات والتحكّم بها، من أجل تغيير الهياكل والمؤسسات التي تعزّز وتديم التمييز وعدم المساواة بين الجنسين.[2]

ويسعى التمكين إلى إزالة كافة العمليات والسلوكيات والصور النمطية لدى المؤسسات وأفراد المجتمع لتمكين المرأة وإعطائها السلطة والقدرة والثقة في استعادة وممارسة حقوقها ، ويعتبر تمكين المرأة  هو جزء من التنمية و حقوق الإنسان،  وهي عملية تؤثر على كافة أرجاء المجتمع وليست خاصة بجنس معين وأساسه المساوة بين الجنسين في كافة الحقوق والواجبات والقضاء على جميع  أشكال التمييز ضد المرأة وهو جزء من تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي لا يمكن أن تحقق ونصف المجتمع مكبل بقيود وممارسات  تخفض من صوته، وتحد من بروزه وتقلص من مشاركته وقدراته وتجعله مغيب عن المشاركة والتطوير في المجتمع.

تعريف القانون:

لما خُلق الإنسان وهولا يستطيع أن يعيش بمفرده من أجل تحصيل كفايته من غذاء ومأوى ومن أجل دفع المخاطر التي يتعرض لها…الخ ،  ومن أجل أنه جبل على الأنانية المفرطة التي تجعله يسعى  إلى تحقيق مصالحه الشخصية والفردية فهو في سبيل ذلك يقوم بالاعتداء على حقوق الأخرين وسلبها إما بالقوة او الحيلة  إلا انه مع ذلك فهو كائن نظامي  سعى إلى إيجاد قواعد تضبط سلوكه وتنظم المجتمع وهذا ما يسمى بغريزة الخضوع لنظام.

هذه القواعد قد تكون في أوامر الدين ونواهيه،أو فى عرف الناس وتقالديهم ، أوهى أوامر رئيس العشيرة أو القبيلة أو رئيس الدولة .

لذلك كانت وجود القواعد حاجة وضرورة اجتماعية واقتصادية وسياسية لوقف النزاع والحفاظ على الحقوق المشروعة لكل فرد ، وإقامة التوزان بين الحريات والمصالح المتعارضة بغية تحقيق الأمن والاستقرار والعدالة في المجتمع .

فالقانون لا ينشأ من فراغ وإنما ينشأ من خلال الواقع الاجتماعي ، ويعتبر انعكاسًا للواقع الإجتماعي والمرآة التي تعكس حضارة هذا المجتمع  من أوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية وغيرها.[3]

وأصل كلمة قانون كلمة يونانية تعني “KANUN”ومقصود بها باليونانية العصا المستقيمة او الشيء المستقيم  واستعمل اليونانيون هذا المفهوم لتعبير عن النظام والتشريع وهو تعبير مجازي عن الاستقامة والقوة ،لأن القانون يتميز بالاستقامة والقوة.

ونقل إلى الغة العربية ويقصد به الطريق أو المقياس وجمعه قوانين، ويطلق على قاعدة مضطردة على وتيرة واحدة خاضعة لنظام ثابت ومستقر.[4]

التعريف اصطلاحًا:

الفقهاء لم يتفقوا على تعريف جامع للقانون، ولعل ذلك يرجع إلى اختلاف وجهة نظرهم من دور القانون ووظيفته في المجتمع ، وإلى تغاير المفاهيم من مجتمع لأخر تبعاً لظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية

وسنستعرض بعض تعريفات الفقه للقانون

تعريف توماس هوبز: أمر من شخص مُسلم له بالطاعة إلى شخص أخر عليه واجب الخضوع والطاعة

وهناك من يعرف القانون بحسب الغاية او الهدف الذي يسعى القانون إلى تحقيقه في المجتمع من عدالة أو خير ، ومنهم الدكتور سليمان مرقس فيعرف القانون بأنه “مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم علاقات الأشخاص في المجتمع تنظيمًا عادلاً يكفل حريات الأفراد ويحقق الخير العام “.

ومنهم من يعرف القانون حسب خصائص القاعدة القانونية ومنهم الدكتور عبد الرزاق السنهوري يعرف القانون بأنه “مجموعة القواعد التي  تنظم الروابط الاجتماعية والتي تقسر الدولة على اتباعها ، ولو بالقوة عند الاقتضاء.

ومن ثم فهو قاعدة عامة مجردة تخاطب فئة من الناس ولا يحصرها عدد ، تخاطبهم بصفاتهم لا بذواتهم وهي مجردة اي منذ نشؤها تنشئ مركزًا أو وضعًا لا يتحدد بشخص معين ولا واقعة معينة .وعموم القاعدة وتجريدها يؤديان إلى تنظيم المجتمع واستقراره وهذا هو معنى القانون وهو يشبه القوانين الطبيعية من حيث نظامها واستقراها، ويختلفان في جوهر القاعدة وهو أن القانون يطاع بإرادة واختيار والتخلف عنه يعقبه جزاء، بينما القوانين الطبيعية لا تحتاج في  إطاعتها إلى إرادة كقانون الجاذبية .وهو ينظم الروابط الاجتماعية الخارجية ،اي أن القانون لا دخل له بما في النوايا ، فغايته نفعيه لتنظيم واستقرار المجتمع وإن كانت به قواعد تخالف الأخلاق، وهو يقترن بجزاء دنيوي توقعه الدولة ، لضمان احترامه والا سيصبح نصائح عامة وتفقد القاعدة غايتها. (انظر كتاب أصول القانون لدكتور عبد الرزاق السنهوري )

وتعد القوانين عند ابن خلدون ظاهرة حتمية لأنها ضرورية للاجتماع الإنساني، فالإنسان عند ابن خلدون كائن مدنى بطبعه إلا أن ميوله عدوانية تتطلب أداة فعالة لضبط سلوكه وهذا ما يوضح العلاقة بين القانون والدولة والمجتمع . فلا قانون بلا دولة أو مجتمع ولا دولة بلا قانون .[5]

وتكمن الغاية من وجود القاعدة القانونية في حماية الشخصية القانونية وحقوقها ، تحقيق الأمن والاستقرار والعدالة ولا يمكن أن تحقق القاعدة غايتها وهي قائمة على التمييز، بحرمان الكثير من الأشخاص من أدنى حقوقهم لسبب الوانهم أو جنسهم أو لغتهم او عروقهم ……….الخ

أو أن تفرض القوانين على المحكومين فقط، وإنما للقانون سيادة تعرف بمبدأ سيادة القانون التي تعتبر الحجر الأساسي للحكم الرشيد والديمقراطية لتحقيق العدالة والمساواة وتحقيق التنمية المستدامة في كافة القطاعات التي يقوم عليها المجتمع.

التمكين القانوني: ظهر لأول مرة في تقرير مؤسسة اىسيا لسنة 2001ويعرف بأنه (استخدام القانون لزيادة السيطرة التي يمارسها المحرمون على حياتهم)

وتعرفه لجنة التمكين القانوني للفقراء: بأنه  عملية تغيير منهجية يمكن من خلالها للفقراء والمستبعدين أن يستفيدوا من  سلطة القانون والنظام القانوني والخدمات القانونية لحماية حقوقهم ومصالحهم والارتقاء كمواطنين وكفاعلين في النشاط الاقتصادي  وهو وسيلة لتحقيق غاية، لكنه غاية في حد ذاته.[6]

التمكين القانوني من وجه نظرالبنك الأسيوي لتنمية  قائم على ثلاث طبقات: الطبقة الأولى هي الوعي بالحقوق كأساس التمكين، الطبقة الثانية فهم الأفراد والجماعات للاستراتيجيات حول كيفية استخدام الهيئات الرسمية والغير رسمية لتسوية النزاعات والوكلات التنفيذية التي تحمي حقوقهم، والطبقة الأخيرة تتمثل في الثقة والقدرة على تأكيد الحقوق.[7]

مفهوم السلام:

يعرف السلام في قاموس أوكسفورد الإنجليزي ” بأنه حالة أو فترة ليس فيها حرب أو انتهت فيها الحروب[8]

ويعرف بأنه ليست فقط غياب الحرب ؛ بل أيضاً حلول الخير للفرد والمجتمع والسلام هو مبدأ وصفة أخلاقية تقوم على طمأنينة الروح والاستقرار الداخلي . (عامر فدوي ،ياسين ،ماهر، زكريا،2018).

أما السلام في المقاربة الدولية فهو أتجاه يرمي الى مقاومة ظاهرة الحرب والنزاع المسلح في العلاقات البشرية والدولية وتحقيق المجتمع الإنساني الذي يسوده السلام والإخاء والمحبة ( الكيالي،1993)[9]

ومن منظور ميثاق الأمم المتحدة ، يعني السلام السلبي غياب التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة . اما السلام الإيجابي، فيعرف بأنه ظرف اجتماعي يتم فيه القضاء على بنى السيطرة والاستغلال التي تمهد للحرب.[10]

قرار مجلس الأمن 1325 المرأة والسلام والأمن :

صدر القرار 1325 بشأن ضمان مشاركة المرأة في صنع القرار وحماية وتحديد حقوقها في منع نشوب النزاعات، خاصة أثناء إعادة الإعمار والإنماء في مرحلة ما بعد النزاعات، كما يهدف القرار إلى دمج منظورالنوع الاجتماعي في آليات التنفيذ والإبلاغ الخاصة بالأمم المتحدة، ويتضمن القرار أربعة محاور أساسية أوأهداف استراتيجية وهي المشاركة، الحماية، الوقاية، والإغاثة والإنعاش .

محور المشاركة: ويعني زيادة مشاركة المرأة في كافة مستويات صنع القرار في النزاعات وعمليات السلام وإعادة الإعمار .

محور الحماية: ويهدف إلى حماية النساء والفتيات من العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي لاسيما في حالات الطوارئ والحالات الإنسانية .

محور الوقاية:ويعني الوقاية من العنف ضد المرأة والملاحقة القضائية عن الانتهاكات بموجب القانون الدولي وتعزيز حقوق المرأة، ودعم مبادرات عمليات السلام المحلية للمرأة وعمليات تسوية النزاعات .

محور الإغاثة والإنعاش: يهدف إلى ضمان إعمال تدابير تتصدى للأزمات الدولية معتمدة مقاربة النوع الاجتماعي . [11]

كيف يمكن أن يحقق التمكين القانوني للمرأة السلام والأمن  :

حددت الجنة المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” بأن تمتنع الدول الأطراف عن وضع قوانين أو سياسات أو أنظمة أو برامج او إجراءات إدارية أو هياكل مؤسسية تسفر بشكل مباشر أو غير مباشر عن حرمان المرأة من التمتع على قدم المساواة مع الرجل بحقوقها المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

وأكدة على أن أثناء الصراع المسلح  تتعرض النساء لأشكال كثيرة من العنف مما تلحقهن أضرار بدنية ،نفسية، تناسلية بما في ذلك فيروس نقص المناعة والايدز والحمل الغير مرغوب فيه ، وقد يتم إشراك النساء الذين يتعرضون للاغتصاب في عمليات القوات المسلحة الغير تابعة لدول مما يزيد اكثر من عمليات التطرف والارهاب .

-وفي فترة ما بعد النزاع أوصت الجنة المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أنه ” في حالة وقوع العنف الجنسي في حالات النزاع وما بعده، يجب بذل الجهود من اجل القضاء على الممارسات التمييزية التي كانت قائمة قبل النزاع، مع التشديد على ضرورة إقدام الدول الأطراف على فرض إصلاحات مؤسسية وإلغاء التشريعات التمييزية، وسن تشريعات تنص على فرض عقوبات مناسبة وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الأنسان، وتحديد تدابير للتعويض، بالتعاون الوثيق مع المنظمات النسائية والمجتمع المدني من أجل المساعدة في التغلب على التمييز الذي كان قائماً قبل النزاع ”

فيجب المعالجة بتجارب المرأة وجبر الأضرار التي تتعرض لها بإلغاء الحصانة عن الجرائم التي تتركب من قبل المسؤولين[12]

فسلام ليس فقط غياب الحرب وإنما غياب العنف بجميع أشكاله مثل التمييز، الاضطهاد والاستغلال والظلم والفقر ووجود المشاكل  الاقتصادية والاجتماعية وغياب سيادة القانون، ولا يمكن بناؤه في ظل وجود هياكل اجتماعية ومؤسسات قانونية وسلطات جميعها قائمة على العنف، لأن هذه الهياكل ستقود الناس إلى التصرف بعنف.[13]

فالتمكين القانوني يجعل النساء قادرة :

1-على حماية حقوقهم والدفاع عنها

2-الوصول إلى الخدمات الأساسية بإنصاف

3-تنظيم أنفسهم لدفاع عن حقوقهم، ومواجهة الفساد، ومحاسبة مؤسسات العدالة التي من المفترض فيها حمايتهم.[14]

فالوصول إلى العدالة وتحقيق السلام هو حق أساسي من حقوق الأنسان، ومع ذلك فإن العديد من النساء حول العالم لا يستطعن الوصول إلى هذا الحق الأساسي . لأسباب كثيرة من ضمنها  العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي يعد الصورة الحقيقة التي يكونها التمييز القائم على نوع الجنس .فالكثير من النسوة لا يستطعن الحديث عن ما يتعرضون له بسبب المعتقدات الاجتماعية القمعية وبسبب عدم وجود قوانين فعالة ، تضمن لهم الثقة في المجتمع وتضمن لهم حماية كافية،وهم يتأثرون بشكل كبير من سوء الادارة الفاسدة و بوضع سياسات بعيدة كل البعد عن احتياجاتهم وكفالة حقوقهم ومشاركتهم في العمل العام واتخاذ القرارات.

ويرى كثير من الباحثين والباحثات أن التمكين القانوني يقوم على أساس قاعدة المساواة بين الجنسين، لذلك سنقوم بتوضيح هذا المفهوم.

المساواة بين الجنسين أمام القانون:

ويقصد بالمساوة معاملة الجنسين بطريقة واحدة وهو ما نصت عليه المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ” يولد جميع الناس أحرار متساويين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلا وضميرًا وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء ”

والمادة الثانية منالإعلان العالمي” لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان دون اي تمييز  كالتمييز بسبب العنصر أو الون او الجنس….. ”

فالقانون الدولي  اتاح لكلا الجنسين الحق في التعلم، التملك، اختيار الزوج ،انحلال الرابطة الزوجية وساوى بينهم في الحقوق السياسية والقانونية .

ويعرف حق الإنسان في المساوة : يعني أن يكون في مركز قانوني متعادل مع المركز الذي يكون فيه غيره ، فينطلقان من نقطة واحدة متساوية بحيث يتم التعامل معهما بنفس الطريقة ونفس القانون ،ونفس الإجراءت والموازين.[15]

تبنت النسويات في قضيتهم لدفاع عن حقوق المرأة مبدأ المساوة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والغاء التفرقة التي تقوم على وضع الرجل في مرتبة أعلى من المرأة وجعلها طوال الوقت تابعة له بداية من المجال الخاص ( الأسرة ) وإلى المجال العام وتأثير هذا التفريق على حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ، باعتبار أن العقل هو شرف الأنسان وهو المميز له عن سائر الحيوانات ،والمرأة والرجل على سواء مشتركين في العقل والإنسانية .وأشار الفيلسوف البيرالي  مل في كتابه استعباد النساء بأن الذين يعارضون الحرية ويقيدون الحريات العامة ينبغي عليهم أن يبرهنوا على هذا القيد، والا يميز القانون بين الناس بل يعاملهم جميعًا على قدم المساوة، الهم إذا كان التمييز في المعاملة لأسباب موضوعية ، تطلبها العدالة أوالسياسة العامة لدولة، وأشار أيضا فى كتابه ( استعباد النساء ) أن عدم المساوة بين المرأة والرجل لا يتناسب مع الحضارة الجديدة وهو يرى أن التفوق الذي يوجد الان بين المرأة والرجل إنما كان نتيجة تفوق الأقوى، ويعتبر ميل أن موقعية المرأة يتحدد بناء على تعليمها.

و تعاني اليوم 2,5مليار امرأة ليس فقط في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وإنما في العالم من القوانيين التمييزية والافتقار إلى الحماية القانونية ، فيما يتعلق بالتحرش الجنسي والعنف الأسري، والتقدم بطلب للحصول على جواز سفر، واختيار العمل ،ونقل الجنسية إلى الأطفال والحصول على الميراث، وتحديد وقت الزواج، وحرية اختيار الزوج .

فالقوانين التي تميز بين المرأة والرجل تخون ثقتهن في المجتمع وتجعلهم في تخلف عن السير مع الركب وتؤثر على تطوير التنمية ، وعلى العكس من ذلك فإن وجود قواعد تقوم على المساوة بين الجنسين ، من شأنها أن تؤدى إلى إقامة مجتمعات يسودها السلام والعدل، ويستطيع فيها الأفراد تحقيق العدالة المناخية والمشاركة في الحياة السياسية والحصول على الحقوق الأساسية فضلاً عن تحقيق رخاء اقتصادي يعم الجميع”[16]

وترى الباحثة أنه يفضل وجود بيئة تشريعية تراعي الاختلاف بين الجنسين، بطريقة تضمن عدم تفضيل جنس على أخر، أوإقصاء أوحرمان أحد الطرفين وذلك من خلال إعطاء كل ذي حقٍ حقه.

ولبيان أثر التمكين القانوني للمرأة على حقها في الوصول إلى السلام سنستعرض  مثال واحد فقط تطبيقي وهو أثر التمكين القانوني على الحق في الصحة والذي من خلاله نستعرض كيف يمكن أن يؤدي انهتاك الحق في الصحة إلى  تأجيج  العنف وعدم الشعور بالرضى والأمان والاستقرار مما يكبل الأقدام في السير نحو التطور والتقدم.

أثر التمكين القانوني على الحق في الصحة:

إن انتهاك الحق في الصحة يفسد التمتع بحقوق الإنسان، مثل الحق في التعليم أو العمل ،فلا يمكن لإنسان ممارسة حقوقه المدنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية بمعزل عن تمتعه بحقوقه من السلامة الجسدية والعقلية والاجتماعية .

”  فالصحة في الآن ذاته ذات بعد موضوعي مرتبط بالسلامة الجسدية ، وذات بعد ذاتي يتجسد في السلامة النفسية ، إضافة الى البعد المتعلق بالصحة كمصدر لشعور بالثقة في المستقبل . ومن هذه الزاوية فإن التمتع بصحة جيدة هو بمثابة الضمانة الأساسية الأولى للكرامة الإنسانية والأمن الإنساني ،فالصحة الجيدة هي ما تمكن الناس من اختيارا مسارات حياتهم ومباشرة تحقيق أهدافهم والتخطيط لمستقبلهم . فكل إمكانية للفعل في المجتمع تبقي مشروطة بالتمتع بصحة جيدة ،كما أن قدرة مؤسسات المجتمع المختلفة ( الأسرة ، المدرسة ، المقاولة …الخ) تبقى كذلك مشروطة بتمتع الفاعلين فيها بصحة جيدة. ومن ثمة فإن الصحة وإن كانت مرتبطة بالفرد فإنها تبقى ذات بعد اجتماعي واضح ، بل ينبغي التعامل معها باعتبارها شرطًا قبلياً ، للعدالة الاجتماعية والأمن والاستقرار الاجتماعي “.[17]

وتشير الجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التابعة للأمم المتحدة على أن الحق في الصحة يشتمل على مجموعة من العوامل الي تساعدنا في الحصول على صحة جيدة ، هذه العوامل تشمل :

مياه الشرب الآمنة ومرافق الصرف الصحي الملائمة ،الغذاء الآمن ،التغذية الكافية والمسكن الملائم ، الظروف الصحية للعمل والبيئة، الحصول على التوعية والمعلومات المرتبطة بالصحة ، المساواة بين الجنسين.[18]

كما يتضمن الحق في الصحة عدم التعرض لتعذيب وغيرها من أشكال المعاملة القاسية ، أو الا إنسانية أو المُهينة.

“وتستخدم النساء مرافق الرعاية الصحية أكثر من أي فئة أخرى  تحديدًا في مرحلة الإنجاب وقضايا الصحة الإنجابية ، والذي يتطلب منها متابعة الحمل والولادة وتنظيم الأسرة وغيرها من القضايا النسائية ، ولكن عندما تريد التمتع بهذه الحقوق تعترضها مجموعة كبيرة من العواقب خاصة الفساد المبني على النوع الاجتماعي ،  سواء كمنتفعة من الخدمات أومرافقة للمرضى ، وقد تضطر إلى اللجوء إلى الواسطة أو دفع رشوة أو تتعرض للإبتزاز الجنسي خلال تلقيها الرعاية الصحية أو الخدمات العامة الأخرى .

“و تظهر التقارير والدراسات أن الاستغلال الجنسي والابتزاز يزداد في حالات الكوارث والحروب والنزوح ، وقد أصدر صندوق الأمم المتحدة للسكان تقريراً يقيم فيه العنف القائم على النوع الاجتماعى 2016في سوريا وخلص التقرير إلى أن المساعدات الإنسانية يجرى تبادلها مقابل الجنس”.[19]

ويذكر أنه في إحدى المقابلات ذكرت قصة لأم طفل في قسم الأطفال، مريض بمرض مزمن في القلب ، كان يتابع حالة الطفل طبيب ،ويتعمد متابعة حالته في وقت متأخر لكي يستطيع التحرش بالأم ، ولم تستطع الأم أن تفعل شيئا خوفاً من حرمان ابنها من الرعاية، ولكن لقرب الممرضة التي ترعى الطفل من الأم وباقي الأمهات في المستشفى، فقصت الأم ما حدث للممرضى ، فقامت الممرضة بإخبار باقي زملائها لكى يكونوا معها عند حضور الطبيب فلا يستطيع أن يفعل معها شيء .تؤكد هذه القصة ما تتعرض له النساء من استغلال سواء كنّ مرضى أو مرافقات أو عاملين في المجال الصحي ، وتبين القصور العام في النظام وقلة الوعى لدى النساء وافتقادهم للقدرات والمهارات التي من الممكن استخدامها في الوصول إلى حقوقهم .

مدير وحدة الرقابة الداخلية في وزارة الصحة  لدولة فلسطين قال ” على أنه ليس من المستبعد وجود فساد مبني على النوع الاجتماعي ” لكنه لم يتم تلقي شكاوى تذكر ، حيث تتردد النساء لأسباب اجتماعية وثقافية بالشكوى ولا توجد منهجية لتشجيع على التبليغ واتخاذ الإجراءات المناسبة وتوفير الحماية ، إضافة إلى قلة الوعي والمعرفة ، سواء من قبل مقدمي الخدمات أو المستفيدين/ات بمفهوم الفساد المبني على النوع الاجتماعي والتعامل معه.[20]

وقالت منظمة العفو الدولية انه الرغم من بعض الإصلاحات المحدودة، لا تزال النساء يواجهن تمييزاً مجحفاً راسخاً وعنفاً بصفة يومية، في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في ظل تقاعس الحكومات الشديد عن وضع حد لعمليات الاعتقال والاختطاف والاغتيال التعسفية، وما يسمى بالقتل من أجل “الشرف”، وغير ذلك من أشكال العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي في: العراق، وإيران، والأردن، والكويت، والمجتمعات الفلسطينية في إسرائيل وفلسطين؛ حيث تقاعست السلطات عن اتخاذ إجراءات لمقاضاة الجناة، أو معالجة القوانين التمييزية المجحفة أو المعايير الجنسانية الكامنة وراء هذه الجرائم التي تسمح بانتشار هذا العنف. وفي العديد من البلدان، واجهت المدافعات عن حقوق الإنسان تهديدات – بما في ذلك تهديدات بالاغتصاب – أو الترهيب، أو حظر السفر، أو حتى الاعتداءات العنيفة والقتل، من قبل جهات فاعلة حكومية، وغير حكومية، تسعى إلى إسكات أصواتهن.

وواجهت النساء والفتيات في ليبيا التعرض للاعتداء البدني، والاغتيال، والاختطاف، والعنف الجنسي، وكذلك حملات التشهير، والإيذاء والإساءة عبر الإنترنت، على أيدي الميليشيات والجماعات المسلحة.

وفي مصر، أدت حملة على الإنترنت ضد التحرش الجنسي والعنف إلى القبض، في أغسطس/آب 2020، على العديد من الرجال المتهمين بالاغتصاب ولكن على الرغم من موافقة السلطات المصرية على نص قانوني يسمح للمدعين العامين بعدم الكشف عن هوية ضحايا العنف الجنسي، استمرت الضحايا والشهود يواجهون الاعتقال والملاحقات القضائية .[21]

وبينت منظمة الصحة العالمية بأن هناك نحو 200 مليون امرأة ممّن يتعايشن حالياً مع آثار تشويه أعضائهن التناسلية في 30 بلداً في افريقيا والشرق الأوسط وتُجرى هذه الممارسة في أغلب الأحيان، على فتيات تتراوح أعمارهن بين سن الرضاعة و15 سنة.[22]

ويمثّل لبن الأم أيضاً أحد المصادر الهامة للطاقة والعناصر التغذوية بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و23 شهراً. فبإمكانه توفير نصف الاحتياجات من الطاقة أو أكثر ويمثّل لبن الأم كذلك مصدراً هاماً للطاقة والعناصر التغذوية أثناء الإصابة بالمرض، كما أنّه يحدّ من معدلات وفاة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. الا أن سوء التغذية للأمم والمشاكل الصحية التي تتعرض لها يسبب مخاطر كبيرة في التعامل مع الطفل. [23]

لذلك فإن انتهاك الحق في الصحة بالنسبة للمرأة يؤثر ويكبل من مشاركتها في العمليات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، الشيء الذي  يحتم على الدول تطبيق مجموعة من الاجراءات تشمل تعديل القانون المحلى ، لضمان تجريم أعمال العنف ضد المرأة ووضع تشريعات توفر لهن الحماية أثناء مقاضاة الجناة بعد تعرضهم للعنف ، من خلال توفير رعاية  آمنة وبيئة صحية ملائمة تعيد إدماجهم للمجتمع بشكل منصف وعادل.

فيعتبر التمكين القانوني أداة قوية  لمعالجة فشل النظم الصحية بشكل مباشر لتزويدهم بخدمات جيدة يمكن الوصول إليها، من خلال أنظمة معالجة المظالم بما في ذلك التقاضي، ومن  خلال التعاون مع المهنيين الصحيين وغيرهم من المهنيين لتحسين الأنظمة، ومن خلال الدعوة التي تستهدف صانعي القانون والسياسات من أجل تغيير القانون. وبالتالي، فإن التمكين القانوني يوفر مسارًا إضافيًا لتحويل السلطة في الأنظمة الصحية، من الموظفين الحكوميين إلى الأشخاص الذين من المفترض أن يكونوا في قلب الخدمات الصحية، وهو ما يشكل في نهاية المطاف واجهة التفاعل بين المريض والدول

ومن المتوقع أن تؤدي هذه الأساليب التي تعمل معًا إلى عمليات إدارية وقانونية سريعة الاستجابة وعادلة، وتحسينات في عملية معالجة المظالم، وتحسين المساءلة التي يقودها المواطن. وفي نهاية المطاف، يمكن لنظام معالجة المظالم الوظيفي وتحسين إدارة النظم الصحية أن يضمن أن تكون الخدمات الصحية متاحة ويمكن الوصول إليها بشكل مرضى بذات جودة عالية.[24]

كما أن التمكين القانوني يجعل الحكومات تتعاون مع الجهات الأخرى لتقديم خدمات ومعلومات صحية أفضل، بالإضافة إلى القدرة على مخاطبة القطاعات الأخرى ، كالقطاع الخاص والقطاع الأكاديمي المجتمع المدني  والمؤسسات الدولية لتقديم كافة المساعدات لتمكين المواطن في الحق في الصحة ، ليس فقط ذلك وإنما يجعل المسؤولين عن الرعاية الصحية مساعدين قانونين ، للمساهمة فى تنفيذ وتفعيل القوانين، ورصد انتهاكات الحقوق الصحية مما يساعد هذا  بعد ذلك صناع القرار في اتخاذ قرارات أفضل. غير أن القوانين ليست كافية لمنع العنف ضد الضعفاء والمهمشين وإنما القانون يشكل إطاراً مهما لمعالجة المشكلة ، فيوضح معايير الجريمة وعقوبتها ويمثل ردع للجناة ويعمل على ملاحقتهم ، ويضمن توفير بيئة جيدة لناجيات وحمايتهن من وقوع الأضرار مستقبلا.

فبالإضافة إلى القوانين الدولية التي وردت في الإعلانات والمعاهدات والاتفاقيات التي تقرر الحق في الصحة لكلا الجنسين إلى أننا نحتاج إلى تضافر جهود عدة من كافة القطاعات ، تشمل السياسات العامة والخدمات والتعليم الجيدة لكلا الجنسين .

أركان التمكين القانوني :

1-الوصول إلى العدالة:

يعرف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الوصول إلى العدالة على النحو التالي قدرة الناس على السعي والحصول على الحلول من خلال المؤسسات الرسمية او غير الرسمية للعدالة ، وبما يتفق مع حقوق الإنسان، وعلى أثر ذلك يجب ان يكون القانون متوفر فيه شروط معينة .

1-يكون عادلاً ومنصفاً

2-متاحاً من حيث الرسوم وتكاليف المحاميين والمواصلات

2-ويمكن الوصول إليه من الناحية النظرية

3-موضوع بلغة مفهومة

4- مقبول ومصان اجتماعياً

5-سريع في التنفيذ والإنفاذ

6- نافذ – يجب تنفيذ نتائجه

فيجب أن يتعدى إصلاح القوانيين إلى منتديات عادلة وفعالة لتسوية المنازعات لضمان تقديم الخدمات في كافة مؤسسات الدولة بما في ذلك الشرطة وهيئات التحكيم الإدارية ومكاتب المظالم والسلطات العرفية ، وتقديم المساعدات القانونية ، فإصلاح القوانين على الورق ليس كافياً إذا كانت المؤسسات التي تعمل على إنفاذها غير فعالة وفاسدة أوتسيطر عليها النخب المستبدة .

2- الوصول إلى المعلومات:

إن الوصول إلى المعلومات يعد ضمانة جيدة لتنفيذ القوانيين بشكل فعال بما في ذلك التشريعات والتنظيمات الإدارية والمراسيم، والأحكام، والمعلومات عن الخدمات الاجتماعية.

3- الهوية القانونية:

تعتبر الهوية القانونية واحدة من قواعد التمكين القانوني فبدون الهوية القانونية أي الاعتراف القانوني لا يمكن لشخص الاستفادة من القانون ، وهي شرط مسبق للحصول على كافة الخدمات ففتح حساب مصرفي وشراء العقارات أو السفر يحتاج إلى هوية قانونية وكذلك الحصول على الخدمات الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية، وبتالي عدم وجود هوية قانونية يعرض الأشخاص إلى لأشكال مختلفة من الاستغلال ، والزواج دون سن القانون، وبشكل خاص تتعرض النساء بسبب التسجيل الغير رسمي لعقد الزواج إلى خطر الوصول النفقة والحضانة والميراث .

فعلى الحكومات أن تضمن للجميع الحق في الحصول على الهوية القانونية وأن تكون عملية التسجيل بأسعارمعقولة وميسرة .

4-المشاركة والمساءلة القانونية:

بأن يتم إشراك الأفراد في إنشاء وتنفيذ القوانيين وفي السياسات التي تؤثر عليهم والخدمات العامة مثل التعليم والرعاية الصحية، والمشاركة في رصد الخدمات الأساسية، وإشراكهم في آليات المسائلة ويمكن أن يتم ذلك من خلال النقابات والجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني.[25]

ويمكن أن يؤدي التمكين القانوني للمرأة إلى إنقاذ الأرواح :

في مايو2012اتصل مستشفى في مزار الشريف بشمالي افغنستان بكابتن رحيمة الشرطية  للإبلاغ عن وصول فتاة تدعى نسيمة تبلغ من العمر16سنة تحمل في بطنها جنيناً، اعتدى عليها زوجها الذي يبلغ من العمر25سنة بالضرب المبرح إلى أن فُقدة جنينها الذي لم يولد بعد وقطع لسانها بالكامل .

رفضت الشرطة في البداية أن تحقق في الواقعة لان القانون كان يشترط حينها ذهاب المجني عليها بنفسها لتقدم الشكوى ، فطلبت رحيمة الشرطية من قائد الاتصال  في المخبر أن يقوم بفتح التحقيق ، وذكرت الشرطة بأن الزوج يرفض كل ما نسب إليه من اتهام بدون دليل وبناء عليه رفض أن يحتجز في المخفر ، ولكن رحيمة الشرطية رفضت الاستسلام وطلبت من المستشفى تقرير يثبت الحالة ، وساعدت نسيمة وأبيها بأخذ التقرير والتقدم به إلى مخفر الشرطة ومع ذلك كانت نية الضباط تتجه إلى إطلاق سراح الزوج، إلى أن قامت رحيمة بتوجه إلى الإعلام لضغط على ضباط الشرطة لتوجيه الاتهام إلى الزوج، الذي حكم عليه بعد ذلك بسجن ثلاث سنوات.[26]

لتوكد هذه القصة إلى أننا نحتاج إلى مزيد من التشريعات المنصفة والعادلة لكلا الجنسين ، وبناء قدرات النساء وتمكينهن لاستخدام القانون بشكل أفضل للمطالبة بحقوقهن وحقوق المجتمع أجمع .

أساليب التمكين القانوني:

أ-رفع مستوى الوعي حول الحقوق والقدرة على ممارستها:

فمعرفة الحقوق والدفاع عنها أفضل وسيلة للوقاية من الانتهاكات، أما العكس عدم المعرفة بالقوانين يؤدي مزيد من الانتهاكات، ويمكن زيادة الوعي بالحقوق القانونية من خلال التدريب ويكون ذلك بأشكال متنوعة قد يكون عن طريق ورش العمل والحلقات الدراسية وإدماج الوعي بالحقوق في مناهج التعليم أو برامج الأخرى، ويمكن أن يكون خلال وسائل الإعلام المطبوعة مثل الكتب، الصحف والملصات ووسائل  الإعلام التثقيفية مثل التلفزيون، والمسرحيات والفنون، والمقابلات مع الشخصيات القانونية .

ب-المشورة والمساعدة القانونية:

ويمكن تقديم المساعدة القانونية عن طريق مكاتب المساعدة القانونية والمشورة، الخطوط الهاتفية الساخنة، والعيادات القانونية المتنقلة، خدمات الإحالة، أيام المساعدة القانونية حيث ينتقل الموظفون القانونين للمجتمعات المحلية لتقديم توعية لهم .

مؤسسات الدولة يمكنها أيضاً تقديم المساعدة القانونية عن طريق انخفاض وتسجيل إجراءات الدعوى، توفير عدد كافي من الموظفين والمساعدين القانونيين لتقديم بعض المحاكم مثل كيفية اللجوء إلى مؤسسات العدالة ، وكيفية الوصول إلى الجهات الرسمية، ورفع الدعاوى وتوفير موظفين مترجمين لتسهيل التواصل.

ج-حشد التأييد والعمل الجماعي:

حشد التأييد هو إدامة الحوار مع صناع التغيير لدعم وجه نظرأوسياسة معينة لجعل جهة أو مؤسسة أو المجتمع على بينة من قضية ما لتشجيع العمل على تغيير الممارسات أو السياسات ويمكن تقديمه من الجهات الفاعلة في المجتمعات المحلية والمؤسسات الدولية ، وقد تجرى من خلال عدد من الأنشطة كالكتابة، أوالالتقاء مع مسؤول حكومي حول مشكلة معينة وأثارها، وتشمل الحملات الإعلامية والشعبية على شكل مظاهرات أومن خلال المجموعات الحوارية.

د-التقاضي الاستراتيجي:

وهو يقوم على إحالة القضايا إلى محاكم مختارة بهدف إحداث تغيرات في الوعي او الممارسات أو السياسات بهدف الحصول على العدالة الكاملة مجموعة الأشخاص التي تواجه نفس المشكلة او لديها وضع مماثل.[27]

توصيات :

  • يجب مراعاة السياقات المحلية أثناء تطبيق قرار مجلس الأمن (1325المرأة والسلام والأمن ) خاصة في الدول الإسلامية .
  • وتأسيس قانون شامل وموحد للعنف القائم على النوع الاجتماعي .
  • ولتنفيذ قرار مجلس الأمن فإننا بحاجة إلى تعاون جهود عدة من المؤسسات الحكومية والغير حكومية والإعلام لرفع الوعي والقدرات، وتقديم المساعدات القانونية ، وتسهيل سبل الوصول إلى العدالة بالإضافة إلى إزالة القوانيين التميزية .
  • تقديم محتوى عربي في الواقع الافتراضي لتوعية بضرورة التمكين القانوني
  • إعادة التساؤلات مرة أخرى حول مفاهيم المساوة بين الجنسين أمام القانون بنظرة ناقدة .

الخاتمة:

بعد التعريف بقرار مجلس الأمن 1325 ومفهوم التمكين القانوني وبعض المصطلحات المرتبطة به، وبعد بيان كيفية استخدام التمكين القانوني كوسيلة لدفاع عن حقوق المرأة وحمايتها سواء في أوقات السلم أو أوقات الصراع ، وبعد توضيح تداخلات القانون ومقاطعته في كثير من الحقوق ودوره في حماية الحقوق يتبين لنا ضرورة تسليط الضوء على هذا الموضوع عن طريق المؤسسات الحكومية والغير حكومية ووسائل الإعلام والمجتمع المدني لإزالة القوانين التمييزية وتسهيل طرق الوصول إلى مؤسسات العدالة وتدريب وتشجيع النساء على استخدامه في الدفاع عن حقوقهم ووقف دائرة الانتهاكات والصراعات الداخلية التي يتعرضون لها.

المراجع:

المواثيق الدولية – الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

  • أصول القانون ص13 – دكتور عبد الرزاق السنهوري – دكتور أحمد حشمت أبوستيت – مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1950
  • التمكين القانوني – منصة  غرب اسيا وشمال إفريقيا للمرونة والابتكار والنمو11-12-2014- ص10
  • المعوقات الاجتماعية للتمكين القانوني للمرأة في محافظة بورسعيد – دراسة ميدانية – نرمين أحمد حسن مشالي – كلية الآداب، جامعة بورسعيد
  • هديل تومان محمد البعاج وعلياء سهيل نجم – تمكين النساء وبناء السلام في المجتمع العراقي -دراسة سوسيلوجية
  • محمود محمد محمود وليد محمد عمر – دور المرأة في ترسيخ مفاهيم السلام الأسري
  • خطة العمل الوطنية لتطبيق القرار رقم 1325 الصادر عن مجلس الأمن للأمم المتحدة – الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية
  • حق المساواة في القانون الدولي لحقوق الإنسان – ميساء عبد الكريم أبوصليح -ص 56،57
  • بناء السلام : دراسة في آليات بناء السلام في العراق ، أ باسم علي  خربسان
  • علوان ، محمد يوسف2014، التمييز المحظور في القانون الدولى ، مجلة سياسات عربية ، العدد7ص97
  • الحق في الصحة كتيب تعريفي – المجلس القومي لحقوق الإنسان
  • الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة ” أمان” 2022. الاستراتيجية الصحية الوطنية ومدى استجابتها كفاعل لمكافحة الفساد عموماً والمبني على النوع الاجتماعي .رام الله -فلسطين

المواقع:

[1] https://www.oxfordlearnersdictionaries.com/definition/english/empowerment

https://dictionary.cambridge.org/dictionary/english/empowerment

https://www.merriam-webster.com/dictionary/empowerment

 [2] ا”تمكين – لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا” https://www.unescwa.org/ar/sd-glossary/%D8%AA%D9%85%D9%83%D9%8A%D9%86

[3] أصول القانون ص13 – دكتور عبد الرزاق السنهوري – دكتور أحمد حشمت أبوستيت – مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1950

[4] https://lakhasly.com/ar/view-summary/ndBUyJmpzv

[5]

[6]  التمكين القانوني – منصة  غرب اسيا وشمال إفريقيا للمرونة والابتكار والنمو11-12-2014- ص10

[7] المعوقات الاجتماعية للتمكين القانوني للمرأة في محافظة بورسعيد – دراسة ميدانية – نرمين أحمد حسن مشالي – كلية الآداب، جامعة بورسعيد

[8] https://www.oxfordreference.com/display/10.1093/oi/authority.20110803100312419

[9] هديل تومان محمد البعاج وعلياء سهيل نجم – تمكين النساء وبناء السلام في المجتمع العراقي -دراسة سوسيلوجية

[10]  محمود محمد محمود وليد محمد عمر – دور المرأة في ترسيخ مفاهيم السلام الأسري

[11] خطة العمل الوطنية لتطبيق القرار رقم 1325 الصادر عن مجلس الأمن للأمم المتحدة – الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية

[12] حق المساواة في القانون الدولي لحقوق الإنسان – ميساء عبد الكريم أبوصليح -ص 56،57

[13] بناء السلام : دراسة في آليات بناء السلام في العراق ، أ باسم علي  خربسان

[14] التمكين القانوني – التمكين القانوني منصة  غرب اسيا وشمال إفريقيا للمرونة والابتكار والنمو-ص 12-مرجع سابق

[15] علوان ، محمد يوسف2014، التمييز المحظور في القانون الدولى ، مجلة سياسات عربية ، العدد7ص97

[16] المساواة أمام القانون للنساء والفتيات بحلول عام 20230 – قسم القيادة والحوكمة هيئة الأمم المتحددة للمرأة ، نيويورك ،يناير22019-https://www.unwomen.org/sites/default/files/2021-12/Equality-in%20law-for-women-and-girls-ar.pdf

[17] الحق في الصحة كتيب تعريفي – المجلس القومي لحقوق الإنسان

[18] الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة ” أمان” 2022. الاستراتيجية الصحية الوطنية ومدى استجابتها كفاعل لمكافحة الفساد عموماً والمبني على النوع الاجتماعي .رام الله -فلسطين

[19] الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة ” أمان” 2022. الاستراتيجية الصحية الوطنية ومدى استجابتها كفاعل لمكافحة الفساد عموماً والمبني على النوع الاجتماعي .رام الله -فلسطين

[20] المرجع السابق .

[21] منظمة العفو الدولية – الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: استمرار العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي في تحطيم حياة النساء في جميع أنحاء المنطقة  –https://2u.pw/xWFoDcT

[22] https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/female-genital-mutilation

[23] https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/infant-and-young-child-feeding

[24] https://equityhealthj.biomedcentral.com/articles/10.1186/s12939-022-01731-3

[25] مرجع سابق -التمكن القانوني -منصة  غرب اسيا وشمال إفريقيا للمرونة والابتكار والنمو11-12-2014

[26] مذكرة إحاطة من أوكسفام-ملخص 2سبتمر/أيلول 2015

[27] مرجع سابق- التمكين القانوني – منصة  غرب اسيا وشمال إفريقيا للمرونة والابتكار والنمو11-12-2014

 

4.7/5 - (4 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى