الدراسات البحثيةالمتخصصة

الخليفة الأول أبو بكر الصدّيق (ت13ه/634م) شخصيته وعصره في مرويات البلاذري دراسة وتحليل

Study and analysis of the first caliph Abu Bakr ‘his character and his contributions

إعداد الباحثة : ردينة أحمد مروح بشارات – جامعة النجاح الوطنية – كلّية الدراسات العليا – فلسطين

  • المركز الديمقراطي العربي

 

ملخص :

اقتصرت الدراسة على كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (ت279ه/892م)، فاستعرضت شخصية أبي بكر الصدّيق وأهم ملامح عصره، من حيث حياته ونشأته، وخلافته، ومشاركته في ميادين القتال ووفاته.

تميزت حياة الصدّيق بكونها صفحة مشرقة في التاريخ الإسلامي، فقد ركز البلاذري على عرض صورة شخصية أبي بكر الصدّيق، وأسهب في الحديث عن شخصيته المثالية، وبما اتّصف به من الشرف والمجد والإخلاص والأمانة، إضافة لتضحياته الجسام بماله ونفسه، في سبيل الإبقاء على الدولة الإسلامية قوية.

وذكر البلاذري بالتفصيل نسبَه، فهو يلتقي مع الرسول في النسب في الجد السادس “مره بن كعب”، وأسهب في حديثه عن أهم ما لقّبهُ به الرسول عليه السلام “الصدّيق”، فهو أول مَن صدّق الرسول عليه السلام بنبوّته، وتحدّث بشكل مفصل عن صفاته الخَلقية، والخُلقية التي جعلتْه مؤهّلاً بعد وفاة الرسول لقيادة الأمة من بعده.

كما تناول البلاذري أسرة الصدّيق رضي الله عنه، فهذا بيت الصدّيق بأهله، أهل دين وإيمان وليس فيهم منافق، ولا يعرف في الصحابة لغير بيت أبي بكر ذلك، فكان والده قحافة ووالدته أم الخير من أوائل من أعلنوا إسلامهم، وبخصوص زوجاته وأولاده، فقد تزوج أبو بكر بأربع نسوة أنجبْن له ثلاثة من الذكور: عبد الرحمن وهو أكبرهم، وعبد الله ومحمد، وثلاث من الإناث: أسماء المعروفة بذات النطاقين، وعائشة أم المؤمنين، وزوجة الرسول وأم كلثوم توفي قبل أن يراها.

استعرضت الدراسة خلافة الصدّيق رضي الله عنه، وعلاقته بالرسول عليه السلام قبل الإسلام، الأمر الذي جعله أوّل من صدّق دعوته، وحمل معه تعاليم الدين الإسلامي وأمور الدعوة بصدق وأمانة، وقد كان محبوبا بين الناس، مؤثراً مسموع الكلمة.

وأول من اصطحب الرسول في هجرته  إلى المدينة عندما اشتدّ أذى قريش وتضييقهم عليه وعلى المسلمين، رغم الأذى والخوف وملاحقة قريش لهما للتخلّص منهما، عاش واستقر في المدينة بضيافة خارجة بن أبي زهير الخزرجي، وتزوج من أبنته حبيبة التي أنجبت  له أم كلثوم بعد وفاته.

وعرض البلاذري بعض مواقف الصدّيق المشرّفة في المجتمع المدني، وهو يعتبر نموذجاً  يُحتدى لفهم الإسلام وتطبيقه في دنيا الناس ومعاملاتهم، فقد اتّصف بصفات عظيمة جعلته محبوباً بين الناس ومقرّبا للرسول عليه، من هذه المواقف المدنية عندما مرض الرسول أمره بالصلاة بالناس في حياته وبعد وفاته، لخبرته بالناس وعلمه بأمور الدين وفقه القرآن. كما كلفه الرسول عليه السلام بالإمامة بالصلاة، فهو يعلمُ كلّ شيء من خلال صحبته للرسول عليه الصلاة والسلام، سواء كان الأمر يتعلق بالقرآن أو السنة أو الاجتهاد. كما كان تاجرا يجول بقاع الأرض، يتفقد الأسواق في المدينة ويشترى ويبيع، وخشية منه على إهمال أمور الناس ترك تجارته وتفرغ لإدارة شؤونهم.

أشاد البلاذري بأهم ما قام به الصدّيق بعد وفاة الرسول عليه السلام، وهو إنفاذ ما بدأ به الرسول عليه السلام من إرسال سرية أسامة إلى العراق وبلاد الشام، وأكد جاهداً على إرسالها كما كانت مقررة في حياة الرسول عليه السلام. فقد أوصى الصدّيق أمراء الجيش وقادته أثناء توديعهم بما يشكّل صورة مشرّفة للجهاد الإسلامي ونشر الدعوة واعلاء كلمة الله.

ورغم من الكثير من التحديات التي واجهته وتصديه لحركة المرتدين التي حاولت عرقلة بعثة أسامة واثارة الفتن، وإلحاق الضرر بالدين الإسلامي وخلافة الصدّيق. ومن خلال شخصية الصدّيق القيادية والقتالية، وصفاته العريقة النابعة من صحبته للرسول عليه السلام وثقته بالله تعالى، واشتراكه مع الرسول في غزواته ومعاركة المختلفة. تمكن أبو بكر من القضاء على جميع حركات الردّة والحفاظ على دولة الإسلام قوية.

المقدمة :

أكرم الله الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم بان جعلهم خير هذه الأمة بعد نبيّها , فقد أكرمهم أولا بالايمان الصادق ومعاصرة النبي الكريم, فساعدوه وآزروه وناصروه, وفدوه بالأموال والأرواح, وبلغوا دعوته إلى من خلفهم بعد جهاد طويل. وكان أبو بكر الصدّيق هو أعظم رجال هذه الأمة على الإطلاق, بعد نبيّها محمد عليه السلام، بل هو أعظم أهل الأرض جمعياً بعد الأنبياء, ولأن كثير من المسلمين لا يعرفون عن حياة الصدّيق الكثير, لذلك تناول البحث دراسة وتحليل شخصيته، وعصره ونشأته وخلافته، وميادين القتال والغزوات التي شارك فيها مع الرسول صلى الله عليه وسلم.

      تهدف هذه الدراسة إلى قراءة وتحليل حياة الصدّيق عند البلاذري، الذي تحدث بالتفصيل في كتابة “الأنساب” عن شخصية الصدّيق، وأهم ما يميّزه، وقدّم لنا صورة واضحة ومفصلة عن نسبه وأهم ألقابه في زمن الرسول عليه السّلام، وجوانبَ من حياته الأسرية، وأهم الأحداث والمجريات السياسية التي عاصرها أو شارك فيها.

وتكمُن أهمية هذا البحث في اعتماده على البلاذري كمصدر أساسي لتناول مختلف جوانب حياة الصدّيق وعلاقاته وإنجازاته وأثره في التاريخ الإسلامي وفي بناء المجتمع المدني وتثبيت دعائم الدولة الإسلامية من الداخل، من خلال تصفية المرتدين، وحمايتها من العدوان الخارجي من خلال إنفاذه جيش أسامة إلى الشام لمحاربة الروم وإرهابهم وإعادة الثقة إلى قلوب المسلمين، وقد نجح في تحقيق ذلك رغم قصر فترة خلافته واختياره إلى جانب الرفيق الأعلى بعد سنتين وثلاثة أشهر من توليه الخلافة.

 يتكوّن البحث من أربعة فصول:

  الفصل الأول: دراسة في المصادر التاريخية التي ارتكز عليها البحث بشكل أساسي،   وتضمن هيكليه المادة العلمية، وترجمة لحياة المؤرخ البلاذري.

الفصل الثاني: تناول حياة أبي بكر الصدّيق، من حيث اسمه ونسبه وألقابه وصفاته الخُلقية والخَلقية، إضافة لأسرته ومرضه ووفاته.

 الفصل الثالث: تناول خلافة الصدّيق وما سبقها منذ حيث إسلامه وهجرته مع الرسول عليه السلام إلى المدينة المنورة، وشواهد على مواقفه في المجتمع المدني.

 الفصل الرابع: عرضَ ميادين القتال في حياة الصدّيق، خاصة إنفاذه جيش أسامة رغم  الخلافات والتحديات، ومشاركته مع الرسول في بعض الغزوات والمعارك، واستغلال المرتدين لخروج بعثة أسامة ومحاربتهم للمدينة، كما أوصى أبو بكر بخلافة عمر بن الخطاب من بعده ومبايعته الجميع له.

الفصل الأول : دراسة في المصادر

البلاذري، (ت279ه /892م) هو أحمد بن يحيى بن جابر [1]، بن داوود[2]، كنية بأبي بكر،[3]وأبي الحسن،[4]وقيل بأبي جعفر.[5]

وينسب البلاذري الى نبات البلاذر أو ما يسمّى حَبّ الفهم لأنه يقوي الذاكرة، وتؤكل ثماره المعروفة عندنا بالكاجو (الكاشو) لتقوية الذاكرة وإصلاح العقل، كان البلاذري يشربه ليساعده في الحفظ والفهم [6]، فأفسد عليه عقله وأدخله المشفى حيث ظلّ فيه الى أن توفي.[7]وقيل جدّه جابر بن داوود هو من شربه،[8]وكان قد تولى عدة مناصب، منها منصب الكتابة للخصيب بن عبد الحمي صاحب ديوان الخراج في مصر زمن الخليفة هارون الرشيد(ت193ه/808م).[9]

أشاد المؤرخون بمكانته التاريخية والأدبية، فوصفوه بالعالم الفاضل والنسابة المتقن[10]، والحافظ والاخباري والعلامة[11]، والمصنف والمؤرخ [12]والكاتب [13]والشاعر.[14]

صنف البلاذري عدد من المصنفات ووصلنا منها كتابان هما أنساب الأشراف، أرّخ فيه للجوانب الاجتماعية والاقتصادية أكثر من الجوانب السياسية والعسكرية، واهتم فيه بالتاريخ والتراجم والأنساب والأدب،[15] أما الكتاب الثاني فهو “فتوح البلدان”، ويعتبر من الكتب التي كتبت باعتبار الموضوعات المطروحة، وهو سجل شامل للفتوحات الاسلامية[16].

توفي سنة (279ه/892م) في أواخر أيام المعتمد،[17] وقيل أنه عاش حتى أول خلافة المعتضد (289ه/901م)[18].

استعرض البلاذري معلومات هائلة عن شخصية أبي بكر الصدّيق  وعصره، ذكر فيها نسب الصدّيق بشكل مفصل ودقيق وصفاته الخٌلقية والخَلقية وأهم ألقابه،[19] ثم تتدرج بأنساب أسرته من والدة قحافة ووالدته أم الخير  وزوجاته الأربعة وبناته وأولاده، اتصف بالدقة والشمولية والتفصيل ،[20] وتطرق إلى خلافة الصدّيق وعلاقته القوية بالرسول عليه السلام وملازمته له بعد إسلامه، ومصاحبته له في الهجرة إلى المدينة[21]، وأبرز مواقفه له في الحياة الاجتماعية والمدنية، وأورد معلومات قليلة عن حياة السياسية من حروب الردة  وإتمام إنفاذ جيش أسامة ،وفتوحاته وغزوته وعلاقاته الخارجية[22].

الفصل الثاني : أبو بكر الصدّيق، حياته ونشأته

تتميز حياة أبي بكر الصدّيق  بكونها صفحة مشرّفة من التاريخ الإسلامي الذي بهر كل تاريخ وفاقه، بما تضمّنه من الشرف والمجد والإخلاص، والجهاد بنفسه وماله في سبيل الدعوة الإسلامية، والمؤهلات التي توفرت في شخصيته ليكون إنساناً مع رعيته، ورجلاً جهادياً مع أعدائه، أردت من خلال إعدادي لهذا البحث أنْ أسلط الضوء على عظمة أبي بكر الصدّيق الإيمانية، وسعة علمه وفكره وببيانه، والمستمدّ من فهمة وتطبيقه للإسلام، وصِلته العظيمة بالله واتباعه لهدي الرسول الكريم.

1-اسمه ونسبة وكنيته وألقابه

عبد الله بن عثمان (قحافة) بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن مره بن كعب بن لؤي بن غالب، ويلتقي مع النبي في النسب في الجدّ السادس مرة بن كعب [23]، ويكنى بأبي بكر[24]، اقترنت باسمه ألقاب عدة كلّها تدل على سمو مكانته وعلو منزله وشرف حسبه ونسبة، منها العتيق وذلك لعتقه من نار جهنم [25]، وقيل بسبب عتقه لبلال بن رباح[26].

لقّبه الرسول صلى الله عليه وسلم بالصدّيق لتصديقه للنبي عليه السلام حين كذّبه المشركون بعد معجزة الإسراء والمعراج، إضافة لتصديقه له في كل ما يصدر عنه من قول وفعل من بداية النبوة حتى وفاته [27]،  وكان أبو بكر يسمى بالأوّاه لرأفته ورحمته، وطيبة قلبه[28].

عرف بملازمته للرسول عليه السلام  في كل مكان يتوجه إليه، وقصة الهجرة من مكة إلى المدينة والاختباء في غار حراء معروفة في التاريخ الإسلامي[29].

2- صفاته الخٌلقية والخَلقية

      وأما صفاته الخَلقية فقد كان أبيضَ البشرة، وقيل أبيض تخالطه صفره، نحيف الجسم، خفيف الوجه، حسن القامة، واضح الثنايا[30]، رقيقا، خفيف العارضين، غائر وأكحل العينين، معروق الوجه*، ناتئ الجبهة*، حمش الساقين، أجنأ*،[31] لا يستمسك إزاره يسترخي عن حقويه* من شدة ضعفه ونحافته، عاري الأشاجع، * ويخضب لحيته بالحناء والكتم* بأمر من الرسول حتى لا يتشبهوا باليهود.[32]

تحلى أبو بكر بصفات أخرى خٌلُقية، جمع بين اللّين والطيبة والرحمة والتواضع والسخاء والكرم، كان سريع الغضب وشديدا في أمّته[33]، كما أنه ركيناً ثابتا في تصرفاته ، ذو هيبة  ووقار، وكان سديد الرأي؛ لذلك كان الرسول يشاوره في كلّ أمر[34]، كما كان عالماً بأحوال الأمة خاصة بعد وفاة الرسول[35].

3-أسرته

ينسب أبو بكر إلى والده عثمان بن عامر، المكنّى بأبي قحافة، أسلم يوم فتح مكة، وكان كفيف البصر، توفي في محرم سنة أربع عشرة من الهجرة، عن عمر سبع وتسعين سنة[36]، أما والدته فتدعى سلمى بنت صخر بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، وكنيتها أم الخير، وهي ابنه عمّ زوجها أبي قحافه،[37]أسلمت مبكرا مع إسلام زوجها أبو قحافه، وكانت وفاتها قبل ابنها أبو يكر الصدّيق [38].

تزوج أبو بكر الصدّيق من أربع نسوة، أنجبن له ثلاثة ذكور وثلاث إناث وهنً على التوالي: قتيلة بنت عبد العزى من بني عامر بن لؤي، وهي والدة عبد الله وأسماء، التي تكبُر عائشة، سمّاها الرسول عليه السلام  ذاتَ النطاقين، لأنّها صنعت له ولأبيها سفرة لمّا هاجرا، فلم تجد ما تشدها به فشقّت نطاقها وشدّت به السفرة. كان إسلامها مع والدها أبو بكر الصدّيق، تزوجت من الزبير بن العوام، وتوفيت عن عمر مائة عام بمكة.[39]

كما تزوج  أبو بكر بأم رومان المعروفة بدعد من بني عامر بن عويمر بن عبد الشمس من بني كنانة من بني خزيمة،[40]مات عنها زوجها الحارث بن سخبرة بمكة، فتزوجها أبو بكر الصدّيق، وأسلمت عندما أسلم سعد بن أبي وقاص، حيث سمعت حديث أبو بكر له حول شهادة الحق وترك عبادة الأوثان،[41]وهاجرت إلى المدينة، وهي والدة عبد الرحمن، وهو أكبر أبناء أبي بكر، أسلم يوم الحديبية وحسُن إسلامه سنة ثلاث وخمسين، كما شهد معركة الجمل مع عائشة، ومات فجأة ودفن بالحرم، وقيل كانت وفاته بمنطقه تدعى بحبشي تبعد عن مكة اثني عشر ميلا، وحمل ودفن في مكة، وقيل توفي في بيته وحُمل من بيته إلى مكة حيث كان يبعد عنها ستة أميال، وابنته عائشة أم المؤمنين وزوجة رسول الله عليه السلام. توفيت أم رومان في عهد الرسول بالمدينة المنورة في السنة السادسة للهجرة، صلى عليها الرسول عليه السلام ونزل في قبرها لدفنها ووصفها الرسول بأنها من نساء حور العين.[42]

أما زوجته الثالثة فكانت من المهاجرات الأوائل، وتدعى أسماء بنت عٌميس بن معبد الخثعمية، انجبت له محمد وكان من فتيان قريش،[43] وأخِر زيجاته كانت من نصيب الخزرجية الأنصارية، حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس، وهي التي ولدت لأبي بكر أم كلثوم بعد وفاته، تزوجت أم كلثوم طلحة بن عبد الله فقتل، فتزوجت من بعده عبد الرحمن بن عمر بم أبي ربيعة المخزومي. [44].

هذه أسرة أبو بكر الصدّيق المباركة التي مَنّ الله عليهم بالإسلام، وقد اختص بهذا الفضل أبو بكر من بين الصحابة، وليس من الصحابة من أسلم أبوه وأمة وأولاده، وأدركوا النبي وأدركه أيضا أحفاده إلّا أبو بكر من جهة الرجال والنساء، وقد بينْتُ ذلك، فكلهم آمنوا بالنبي وصحبوه، هذا هو بيت الصدّيق، أهله أهل دين وإيمان، ليس فيهم منافق ولا يعرف أبدا.

4-مرضة ووفاته

توفي أبو بكر الصدّيق مَسموما، إثر تناوله طعاماً مسموماً، ولم يمهله السمّ وقتاً حتى توفي، وكانت وفاته ليلاً ما بين المغرب والعشاء [45]، وكان يتمنى أن يقبض الله روحه يوم الإثنين وهو اليوم الذي توفي فيه الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام، لكنه توفي يوم الثلاثاء لثمانية ليال بقيت من  جمادي الأخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة ،[46] فكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وستة وعشرين يوما،[47] وقيل كانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال ،[48] عن عمر يناهز ثلاث وستين سنة [49]، وغسلته زوجته أسماء بنت عميس، بعد أن أوصى بذلك، ودفن بجوار الرسول عليه في المدينة المنورة، وقد جعل رأسه عند كتفي الرسول عليه السلام، وصلّى عليه خليفته عمر بن الخطاب ونزل قبره عمر وعثمان وطلحة، وابنه عبد الرحمن وأُلصق اللحد بقبر رسول الله عليه السلام.[50]

الفصل الثالث : خلافة أبو بكر الصدّيق

1-إسلامه

لقد كان إسلام الصدّيق بعد بحث وتفكير عميقيْن، وقد ساعده على تلبية دعوة الإسلام معرفته العميقة، وصلته القوية بالنبي عليه السلام في الجاهلية وعند نزول الوحي وبداية الدعوة، حمل مع الرسول عليه السلام تعاليم الدعوة الجديدة، وكان يدعو إلى عبادة الله وحده، فهو صاحب محمد قبل البعثة، وقد عُرف بصدقه وأمانته وأخلاقه التي تمنعه من تكذيب  الله ورسوله، وهو أكثر مَن نفع الإسلام  بماله وأثّر بالناس، حيث كان محبوبا بينهم. كان أبو بكر الصدّيق من أوائل الذين آمنوا بالدعوة الإسلامية، وأول من أسلم من الرجال، وقيل سبقه مولى الرسول زيد بن حارثة.[51]

2-هجرته إلى المدينة بصحبة الرسول عليه الصلاة والسلام:

عندما اشتد أذى قريش لرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين، أمره الله بالهجرة إلى المدينة، وكان أبو بكر الصدّيق يطمع في صحبته حيث أذن له بذلك، ورافقه وصولاً من أطراف مكة إلى غار حراء، وهناك اختبأ خوفاً من بطش قريش وأعوانها، وكُلفت ابنته أسماء بصنع الطعام لهما وجلبه لهما بنفسها، وكان ابنه عبد الله يأتيهما بأخبار مكة وتحركات قريش،[52]بينما كلف عامر ابن فهيره وهو راعٍ  للأغنام بإيصال اللبن لهما،[53]حتى تمكّنا من الوصول إلى المدينة، وهناك استقبلهم أهل المدينة بالفرح والابتهاج، وقدّموا لهما لباساً أبيض هدية من طلحة بن عبيد الله [54].

نزل أبو بكر الصدّيق بضيافة خارجة بن أبي زهير الخزرجي، وقيل عند الخبيب بن إساف، وتزوج من ابنته حبيبة التي سبق أن تحدّثنا عنها، والتي أنجبت له أم كلثوم بعد وفاته[55]. لقد كان أبو بكر صاحب الدّعوة الذي لا يمكنه أن يستمد السلطان إلا من الله، ولا يمكنه أن يهاب إلا من سلطان الله، كما لا يمكنه أن يستظل بحاكم أو ذي جاه فينصره أو يمنعه، والدعوة الإسلامية حين  تغزو قلوب ذوي السلطان والجاه يصبحون لها خدّاما، ولكنها هي لا تفلح إن كانت من جند السلطان وخدمه، فهي أمر الله وأعلى من ذوي السلطان والجاه، لذلك كان الصدّيق الساعد الأيمن للرسول عليه السلام منذ  بزوغ الدعوة إلى أن توفّي عليه الصلاة والسلام، حيث كان نموذجا للصحبة المثمرة بالحب والعطاء والتضحية والعزيمة والتحمل والصبر والإخلاص.

3– مواقف الصدّيق في المجتمع المدني

اعتُبرت حياة الصدّيق في المجتمع المدني نموذجا حياً يقتدى به لفهم وتطبيق الإسلام في دنيا الناس، حيث تميزت شخصيته بصفات عظيمة جعلته محبوباً خاصة وأنّه مقرّبٌ من الرسول عليه السلام بشكل خاص وعموم الناس بشكل عام، لذلك فضّله الرسول عليه السلام على كافة الصحابة لتحلّيه بالأخلاق الحميدة والصفات الرفيعة، ومبادرته لصالح الأعمال حتى صار قدوة في فعل الخيرات.

عندما مرض الرسول صلى الله عليه وسلم، ومكث في الفراش صلى عليه الصلاة والسلام قاعداً وراء أبي بكر الصدّيق، ومن بعدها التزم بما أمره به الرسول في الصلاة بالناس في حياته وبعد وفاته لعلمه بأمور الدين وفقه القرآن، فقد كلّفه الرسول عليه السلام بالإمامة بالصلاة، لعلمه بالقرآن والسنة وقدرته على الإفتاء والقياس في أمور ومعاملات الناس[56].

استعمله الرسول في الحج وبشكل أساسي في أوّل حجة له في الإسلام[57]، كانت عمرته سنة اثني عشرة حج بالناس في نفس السنة، دخل مكة فجراً وأنهى مناسك العمرة والتقى هناك بمولى مكة عتاب بن أسيد بن أبي العيص، ومجموعة من زعماء مكة سهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام، فسلّموا عليه بالخلافة ،[58] وعند وفاته استخلف أبا بكر في أمور الحج عمر بن الخطاب، وبعد وفاه الصدّيق استعمل عمرو عبد الرحمن بن عوف، وبقي يشرف عليها حتى خلافة عثمان بن عفان[59].

كما عمل أبو بكر الصدّيق بالتجارة، فكان مهتمّاً بالذهاب إلى الأسواق والإشراف بنفسه على البيع والشراء، برغم من ملازمته وحبّه للرسول عليه الصلاة والسلام، إلّا أنّ ذلك لم يمنعه من الذهاب للتجارة خارجَ المدينة،[60] وبعد فترة أدرك الحاجة إلى ترك التجارة للتّفرّغ للناس وقضاء حاجاتهم ومصالحهم[61].

 الفصل الرابع : الصدّيق في ميادين القتال

1-انفاذ بعثة أسامة  

تعتبر شخصية الصدّيق من الشخصيات القيادية  والقتالية البارزة في الدولة الإسلامية، علاوة على ذلك تميزه بالصفات العريقة المستمدة من قربه من الرسول عليه السلام  وصحبته القوية معه، وثقته بالله تعالى، واشتراكه في كافة الغزوات، واستعداده للتضحية في سبيل إعلاء كلمة الله ونشر الدعوة الإسلامية، وعندما استلم قيادة الدولة الإسلامية وأصبح خليفة رسول الله الأول حافظ على الدولة وتصدى لحركة المرتدين، وتمكن من إنفاذ ما بدأ به الرسول عليه السلام توليه قادة بارزين على جيش أسامة بن زيد الذي أرسله إلى الشام.

أتمّ أبو بكر ما بدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم في موضوع جيش أسامة الذي تأخر بسبب مرض رسول الله في أيامه الأخيرة، كما أرسل أبو بكر الجيوش وأوصى قادتها أثناء توديعهم بما يجب أن يلتزم به القائد المسلم والجندي المسلم في أرض المعركة، فقد أوصى يزيد بن أبي سفيان بتقوى الله وعدم المساس بالمدنيين أو الإضرار بالمصالح العامة وبأرزاق الناس وبساتينهم ورزقهم.[62]

بينما كانت وصيته لعمر بن العاص المتجه بجيش إلى أرض فلسطين، دعاه أن يرأف بجنده، ويشجعهم على القتال رغم قلة عددهم مقابل جيش الأعداء، فكم من فئة قليله

غلبت فئة كثيرة بإذن الله، كما أوصاه أن يُكرم من معه ويقدّم مصلحتهم، وبذلك يستخرج كل ما عندهم .[63]

نأتي لوصيته لخير القادة وأعلاهم قدرا وأكثرهم تدبيراً عسكرياً، خالد بن الوليد فكانت وصيته له أن يقابل العدو بشجاعة ويحرص على الشهادة، ولا يكون جباناً، ولا يجالس إلا الصادقين وأهل الوفاء.[64]

2-جهاده في المعارك ومحاربة المرتدين:

لقد كان لماضيه العسكري مع الرسول أثر بارز في تنظيم قيادات الجيش وتوجيهها والتخطيط الدقيق لتحقيق الانتصار على المستوى الاستراتيجي، والتاريخ لم يشهد ساحات أكبر عمقاً ومساحة من الساحات التي خاضها أبو بكر الصدّيق، سواء في شبة جزيرة العرب أو خارجها في العراق وبلاد الشام، فقد شهد مع الرسول عليه السلام أول معركة مسلّحة وهي موقعة  بدر الكبرى، وكان له رأيه السديد في موضوع أسرى بدر بعد أن استشاره عليه الصلاة والسلام بكيفية التعامل معهم فأشار عليه أن يعلم كلّ منهم عددا من أبناء المسلمين القراءة والكتابة مقابل إطلاق سراحه.[65].

كما شهد غزوة الخندق ،[66]ومعركة  أحد، وعندما نزل المقاتلون عن الجبل في وسط المعركة  بقي الخليفة أبو بكر الصدّيق ملازماً مؤازرا للرسول في المعركة التي لم تنته بعد،[67] وفي غزوة تبوك حمل اللواء الأعظم وكان لونه أسود.[68]ومن الملاحظ أنّ الرّاية لا يحملُها إلّا مَن هو أقوى وأشجع القوم، وحملُ اللواء يدل على ثقة الرسول عليه السلام بأبي بكر الصدّيق، باعتباره أهلا  للقيادة خاصة وأن تلك الغزوة حدثت في ظروف مادية عصيبة وفي فترة القيظ الشديد.

استلم أبو بكر الصدّيق الخلافة في فترة ارتد فيها كثيرون عن الإسلام في شبة جزيرة العرب، ولم يسلم من هذه الفتنة سوى مكة والمدينة. فاستغل المرتدون فرصة إرسال جيش أسامة، فارتدت العرب وامتنعوا من دفع الزكاة والصدقة باليمامة، وطمعوا في الاستلاء على المدينة والقضاء على خلافة أبي بكر، فحاربهم أبو بكر الصدّيق مع مجموعة من المقاتلين الذين أبقاهم، فحصّن جميع الأماكن في المدينة، وقتل مسيلمة الكذاب باليمامة*، والأسود القيسي باليمن* .[69]

3-استخلاف عمر بن الخطاب

كان عمر بن الخطاب اوّل من بسط يده لمبايعة الصدّيق في سقيفة بي ساعدة لأفضليته،[70]فاستخلفه من بعده وطلب من جميع الحاضرين مبايعته، فذكره بخيرة الرجال وأفضلهم وأثنى عليه بصفاته ومناقبة، وأشار إلى فضله على الدولة الإسلامية، فهو أهل للأمانة وللإسلام والمسلمين، برغم خوف الناس منه لشدّته وغلظته في التعامل .[71]                                                             

   وأخيرا: إن أبا بكر الصدّيق من الأئمة الذين رسموا للناس  نهج حياة قويم، تأثر بهم الناس واقتدوا به واعتبروا حياته عبقرية تستحق أن تدرّس؛ لذلك أًصبحت سيرته من أقوى مصادر الإيمان والإلهام، لفهم الدين وتطبيقاته.

قائمة المصادر والمراجع

أولا: المصادر

*-البلاذري، أبو الحسن، أحمد بن يحي (487ه/1094م)، أنساب الأشراف، (13جزءاً)، تح، سهيل زكار، رياض زركلي، دار الفكر،بيروت،لبنان،ط1، 1417ه/1996م.

*ابن تغربي، بردي، جمال الدين أبو المحاسن يوسف، الأتابكي ،(874ه/1469م)،النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ،(16جزءا)،ط1،دار الكتب العلمية،بيروت،لبنان،1413ه/1992م.

*الحموي، أبو عبد الله، ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي، (ت626ه/1229م)، معجم الأدباء،(14جزءا)،ط3،دار الفكر،بيروت،لبنان،1400ه/1980م.

*ابن حجر، أحمد بن علي العسقلاني، (ت852ه/1449م)، لسان الميزان، (7أجزاء، ط3، مؤسسة الأعلمي، بيروت، لبنان،1406ه/1986م.

*ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر، (ت651ه/1253م)،وفيات الأعيان، (8اجزاء)،تح إحسان عباس،(ب. ط)،دار الثقافة، بيروت، لبنان،(ب. ط).

*الذهبي، أبو عبد الله، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الشافعي، (ت748ه/1347م)، سير أعلام النبلاء، (25جزءا)، ط1، تح شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان،1403ه/1983م.

*الطبري، المحب، أبي جعفر أحمد، (ت694ه/1295م)، الرياض النضرة في مناقب العشرة، ط1، محل السادات محمد أمين الخانجي وشركاه، الآستانة، مصر، (ب. ت)

*الصفدي، أبو الصفا، خليل بن آيبك بن عبد الله الأديب صلاح الدين، (764ه/1363م)، الوافي بالوفيات،(22جزءا)،ط3،دار صادر،بيروت،لبنان،1411ه/1991م.

*ابن منظور، محمد بن مكرم، (711ه/1311م)، لسان العرب، (15جزءا)، تح عبد الله الكبير ومحمد حسب الله وهاشم الشاذلي، دار المعارف، القاهرة، مصر، (ب. ت).

ثانياً: المراجع

*ملحم، عدنان، المؤرخون العرب والفتنة الكبرى، ط1، ط2، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان،1419ه/1422.19998ه/2001م.

[1] ابن النديم,الفهرست,ص180.الحموي,معجم الادباء,ج5,ص89

[2] الحموي,معجم,ج5,ص89

[3] ابن خلكان,وفيات,ج6,ص372.ابن تغربدي,النجوم,ج3,ص95

[4] ابن النديم,الفهرست,ص80.الذهبي,سير,ج13,ص162

[5] الذهبي,سير,ج13,ص162.الصفدي,الوافي,ج8,ص239

[6] الذهبي,سير,جج13,ص163

[7] ابن النديم,الفهرست,ص181.الحموي,معجم,صج5,ص99

[8] الحموي,معجم,ج5,ص92

[9] ابن حجر ,لسان,ج1,ص323

[10] الصفدي,الوافي,ج8,ص240

[11] الذهبي,سير,ج13,ص162

[12] م ن,ص162

[13] ابن النديم,الفهرست,ص126

[14] م ن,ص127

[15] زكار, سهيل, مقدمة ,ج1,ص15

[16] ملحم,عدنان,المؤرخون,ص20

[17] ابن منظور,مختصر,ج3,ص319

[18] الكتبي,فوات,ج1,ص155

[19] البلاذري,انساب,ج10,ص4135,4136,

[20] م ن,ص4169,4171,4184,4186

[21] م ن,ص4147,4144

[22] م ن,ص4151,4154,4157,4163

[23] البلاذري, انساب ,ج10,ص4135

[24] م ن,ص4135

[25] م ن,4136

[26] م ن,4140

[27] م ن, ص 4143

[28] م ن,ص4143

[29] البلاذري,انساب,ج10,ص4140

[30] م ن,ص4141

[31] م ن,ص4141

معروق الوجه:* تعني عروق وجهه ظاهرة

الطبري,المحب,الرياض,ص51

ناتئ الجبهة*:-ظاهر الجبين واضحة

الطبري,المحب,الرياض,ص51

أجنأ*:- تعني ميل في الظهر وقيل في العنق

الطبري,المحب,الرياض,ص51

[32] م ن,ص4141,ص4159

حقويه:*الأصل في الحقو: معقد الإزار, وجمعة أحق وأحقاء ثم سمي به الإزار للمجاورة

الطبري,المحب,الرياض,ص51

عاري الاشاجع*:-هي مفاصل الأصابع ,واحدها أشجع ,أي كان اللحم عليها قليل

الطبري,المحب,الرياض,ص51

الكتم*:هو نبت يخلط مع الوسمة ويصبغ به الشعر الأسود ,وقيل :هو الوسمة وهي بالتحريك.

الطبري,المحب,الرياض,ص51

[33] م ن,ص4141

[34] م ن,ص4164

[35] م ن,ص4142

 

[36]البلاذري,انساب,ج10,ص4136

[37] م ن,ص4136

[38] م ن,ص4184

[39],م ن, ص 4183,ص4194

[40] م ن,ص4185

[41] م ن,ص4185

[42] البلاذري,انساب,ج10,ص4185

[43] م ن,ص4183

[44] م ن,ص4183,ص4196

[45] م ن,ص4158 ,ص4162,ص4171

[46] البلاذري,انساب,ج10,ص4174

[47] م ن, ص4175

[48] م ن, ص4175

[49] م ن,ص4175

[50] م ن, ص4177,ص4178

[51] البلاذري,انساب,ج10,ص4136,ص4138

[52] م ن,ص4144

[53] البلاذري,انساب,ج10,ص4144

[54] م ن,ص4154

[55] م ن,ص4146

[56] البلاذري,انساب,ج10,ص4152

[57] م ن,ص4152

[58] م ن,ص4157

[59] م ن,ص4151

[60] م ن,ص4156

[61] م ن,ص4156

[62] البلاذري,انساب,ج10,ص4197

[63] البلاذري,انساب,ج10,ص4198

[64] م ن,ص4197

[65] م ن,ص4164

[66] م ن,ص4151

[67] م ن,ص4151

[68] م ن,ص4151

[69] البلاذري,انساب,ج10,ص4142

مسيلمة الكذاب*: ينسب الى حبيب الحنفي, أو مسيلمة بن ثمامة بن كثير بن حبيب الحنفي ولقبة مسيلمة الكذاب ,ادع النبوة في زمن الرسول, وتمرد على أبو بكر الصديق ومانع من دفع الزكاة .البلاذري,انساب,ج1,ص10-107

والأسود القيسي او العنسي*:ينب لبني كعب بن عوف العنسي ,ادعى النبوة في اليمن وكنيته الخمار ,حيث كان يضع الخمار على وجه واطلق عليه الأسود لسواد وجة.البلاذري,انساب,ج1,ص125-126

[70] م ن,ص4183

[71] م ن,ص41735

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى