الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

تطور العلاقات الروسية الإيرانية عقب اغتيال إسماعيل هنية

إعداد الباحثة: هبة المُعز – باحثة دكتوراه- كلية الدراسات الإفريقية العليا- جامعة القاهرة- مصر

  • المركز الديمقراطي العربي

 

تمهيد

تعد العلاقات الروسية الإيرانية نموذج للتفاعل المعقد بين دولتين ذات تاريخ طويل ومتشابك، حيث تمتد هذه العلاقات عبر قرون من الزمن، حيث تأثرت بالتغيرات السياسية والجيوسياسية والإقليمية، تاريخياً شهدت العلاقات بين روسيا وإيران فترات من التنافس والتعاون، مما يعكس الديناميات المتغيرة للسياسة الدولية، وتطورت العلاقات بين روسيا وإيران على مر الزمن من التوتر والتنافس إلى التعاون الاستراتيجي المتبادل، حيث بدأت العلاقات بين الإمبراطورية الروسية وإيران بالتوتر بسبب الصراعات على النفوذ في القوقاز، وأسفرت الحروب الروسية الإيرانية عن معاهدات أضعفت النفوذ الإيراني في المنطقة مثل معاهدة تور كمانشاي 1928، ومعاهدة أرزروم 1823.

وبعد الثورة الإسلامية الإيرانية في عام 1979، اتخذت العلاقات بين الدولتين منحنى جديداً تحت نظام الجمهورية الإسلامية، وفي السنوات الأخيرة ومع تطور الأزمات الإقليمية مثل الصراع في سوريا، أصبحت العلاقة بين روسيا وإيران أكثر تكاملاً، حيث تعاونا بشكل وثيق في القضايا الأمنية والإقليمية، وحالياً تشكل العلاقة الروسية الإيرانية شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد، حيث تتضمن التعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية، وتعزز مواقفهما على الساحة الدولية في مواجهة الضغوط الغربية، وأيضاً قدمت روسيا المساعدة لإيران في تطوير برنامجها النووي، مما أدى إلى تعزيز التعاون الثنائي.

وتحظى العلاقات الروسية الإيرانية بأهمية كبيرة لدى السلطات في البلدين بالرغم من التقلبات التي شهدتها، حيث لعبت إيران دوراً محورياً في تزويد روسيا بالمسيرات والصواريخ التي استخدمتها في حرب أوكرانيا، والتعاون في مجال الالتفاف على العقوبات المفروضة على البلدين من قبل الدول الغربية، وفي الوقت الراهن تترقب موسكو التغيرات والتطورات التي قد تطراً على الساحة الدولية، وفي هذه الورقة  سنتناول طبيعة العلاقات الروسية الإيرانية، دوافع  تطور العلاقة بين روسيا وإيران، وأهم مجالات التعاون والشراكة بينهم، ثم توضيح تداعيات اغتيال إسماعيل هنية على مسار العلاقات بينهم.

المحور الأول: الخلفية التاريخية للعلاقة بين روسيا وإيران

وشهدت العلاقات الروسية  الإيرانية بعض اللحظات التاريخية الفارقة، منها على سبيل 1962-1979 ، تاريخ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وكذلك كما يصفها الباحث الإيراني المتخصص في هذا المجال إبراهيم متقي في كثير من كتاباته، ومع أهمية التغيير الذي شهدته هذه المراحل إلا أن العلاقات لم تتطور لتصبح عميقة واستراتيجية، ورغم قدم هذه العلاقات كثيراً ما كشف السلوك السياسي لدي الجانبين عن وجود التوتر وعدم الثقة، ويرجع ذلك إلى عوامل كثيرة أهمها الوضع الجيوسياسي الذي يحكم علاقة البلدين(1).

وتمتد العلاقات بين روسيا وإيران لعدة قرون وقد شهدت تغيرات كبيرة عبر الزمن في العصور القديمة، وكانت العلاقات بين الإمبراطوريتين الروسية والفارسية تركز على التجارة والصراعات الإقليمية،  خلال القرن التاسع عشر واجهت كل من روسيا وإيران سلسلة من النزاعات، بما في ذلك الحروب الروسية الفارسية، التي أدت إلى توقيع معاهدات مثل تور كمانشاي 1928، التي قسمت مناطق النفوذ بين البلدين، وفي القرن العشرين توترت العلاقات في ظل الحرب الباردة حيث كانت إيران تسعى لتوازن بين نفوذ القوى العظمى، ولكن بعد الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 تغيرت الديناميات، وبدأت إيران وروسيا في تعزيز علاقاتهما الاستراتيجية لمواجهة الضغوط الغربية، مما أدى إلى تقارب في المجالين العسكري والاقتصادي.

وبالرغم من رفع شعار “لاغربية ولا شرقية، جمهورية إسلامية” بعد ثورة 1979، إلا أن معاداة الولايات المتحدة ووصفها ” بالشيطان الأكبر” واحتلال سفارتها في طهران، ومن ثم قطع واشنطن علاقاتها مع طهران وفرضها العقوبات على النظام الثوري المنتصر على رضا شاه حليف الغرب وشرطيها في الخليج، دفع ذلك” الجمهورية الإسلامية الإيرانية” إلى السعى لتعزز موقفها أمام الولايات المتحدة باللجوء إلى” الاتحاد السوفيتي الشيوعي” الذي كان أول دولة تعترف بالحكم الديني في إيران، وبالرغم من متانة العلاقات بين موسكو وطهران لم تكن خالية  من المشاكل حسب رؤية بعض الخبراءالمقربين من النظام الإيراني، حيث أدت محاولات إيران لإنشاء شبكة لوجستية في القوقاز وآسيا الوسطى بغية ترسيخ موقعها الإقليمي، أدت إلى استياء الكرملين ومن ناحية أخرى ظل تباطئ الروس في استكمال محطة بوشهر للطاقة النووية والتأخير في تسليم أنظمة الدفاع الصاروخي s-300 عاقين في ذاكرة الإيرانيين، وتم اعتبار ذلك بمثابة سوء نية من الجانب الروسي(2).

ولكن في ظل التغيرات التي حدثت على الساحة الدولية منذ عام 2012، وكثافة الاتصالات التي تمت بين موسكو وطهران تعد أمر غير مسبوق في تاريخ روسيا بعد الحقبة السوفيتية، حيث تسعى الدولتان إلى خلق أساس قوي للحوار الثنائي فيما بينهما، وبعكس سعيهما لتوطيد علاقاتهما الرغبة في تحقيق مصالحهما الجيوسياسية، ومع ذلك فثمة مجموعة من العقبات التي قد تحد من  التعاون بين الدولتين في الوقت ذاته، وأن  عودة فلاديمير بوتين إلى الكرملين في عام 2012 مثلت بداية مرحلة جديدة في العلاقات الروسية الإيرانية، ففي سياق توتر العلاقات ما بين موسكو والغرب بسبب الخلافات حول الأزمة السورية وغيرها من القضايا، سعت روسيا إلى تطوير علاقات جيدة مع قوى غير غربية مثل إيران(3).

المحور الثاني: دوافع  تطور العلاقة بين روسيا وإيران

تستند العلاقة بين روسيا وإيران إلى دوافع استراتيجية متعددة تعكس مصالحهما الجيوسياسية والأمنية والاقتصادية، وتبرز هذه العلاقة بشكل خاص في ظل التوترات الدولية والضغوط الغربية التي تواجه كلا البلدين.

فبالنسبة لروسيا؛ يوجدة عدة دوافع يمكن النظر إليها على النحو الآتي:-

  • التأثير الجيوسياسي: تسعى روسيا إلى استعادة نفوذها في الشرق الأوسط بعد فترة من التراجع، ودعم إيران يعزز من مكانتها كقوة عظمى على الساحة الدولية، ويزيد من نفوذها في المناطق الاستراتيجية مثل البحر الأبيض المتوسط.
  • الأمن القومي: ترى روسيا في تعزيز علاقاتها مع إيران وسيلة لمواجهة تأثير القوى الغربية، خصوصاً الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، ولتخفيف الضغوط الدولية التي تواجهها. وتعتبر لروسيا بوابة مهمة لتعزيز دورها في الشرق الأوسط، وأي تقارب بين إيران والدول الغربية لن يصب في صالحها، كما أن إيران تدرك جيداً القلق الروسي تجاه هذه المسألة، لذا سعت لموازنة انفتاحها عبر زيادة التعاون مع موسكو في عدد من المجالات ولاسيما الأمنية والعسكرية(4).
  • التعاون العسكري: عبر دعم إيران في تطوير قدراتها العسكرية، تسعى روسيا غلى تعزيز تعاونها العسكري الذي يمكن أن يكون مفيداً في مواجهة التهديدات الأمنية والاقتصادية.
  • الاقتصاد والطاقة: إلغاء بعض العقوبات المفروضة على إيران فتح أمام الشركات الروسية عدداً من الفرص الاقتصادية، مثل الصناعات الكيماوية والنفط وتكنولوجيا المعلومات وبناء خطوط السكك الحديدية، إضافة إلى التعاون في مجال الطيران والنقل البحري التجاري، وتبادل السلع الزراعية(5).
  • لعبت روسيا دوراً كبيراً في التوصل إلى اتفاق نووي بين إيران ومجموعة5+1، وعملت بفاعلية كبيرة لتسهيل الوصول إلى هذا الهدف، الأمر الذي انعكس إيجاباً على التعاون الروسي الإيراني في النواحي الاقتصادية والسياسية والعسكرية.

بينما تستند دوافع إيران إلى:-

  • النفوذ الإقليمي: تسعى إيران إلى تعزيز دورها كقوة إقليمية مؤثرة في الشرق الأوسط، ويمكن أن يساعد الدعم الروسي في تحقيق هذا الهدف عبر تعزيز موقعها في النزاعات الإقليمية مثل النزاع في سوريا.
  • مواجهة الضغوط الدولية: تواجه إيران ضغوطاً وعقوبات من القوى الغربية، ومن ثم فإن التعاون مع روسيا يساعدها في تخفيف تأثير هذه العقوبات عبر شراكة استراتيجية وتبادل الدعم السياسي والتجاري، مما يساعد إيران على التخفيف من الأثر السلبي لهذه العقوبات.
  • الأمن القومي: الدعم الروسي يساعد إيران في تعزيز أمنها القومي وحمايتها من الضغوط العسكرية والتحديات الأمنية، ويعزز قدرتها على التصدي للتهديدات الإقليمية.
  • يهدف التعاون بين روسيا وإيران إلى الاستفادة قدر الإمكان من الجانب الروسي لتحقيق أطماعها الإقليمية، وتعزيز قدراتهما في مواجهة الضغوط الدولية وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
  • مواجهة النفوذ الأمريكي والغربي: ترى إيران في روسيا شريكاً استراتيجياً في مواجهة النفوذ الأمريكي والغربي في المنطقة، وتعزيز موقفها في الصراعات الإقليمية والدولية، كما تسعى من الدعم الروسي في المنظمات الدولية ومجلس الأمن الدولي، حيث يمكن أن تعزز روسيا موقف إيران في مواجهة الضغوط الغربية.

المحور الثالث: مجالات التعاون والشراكة بين روسيا وإيران

وقعت روسيا وإيران اتفاقية استراتيجية مدتها 20 عاماً في 2001، وتم تمديدها تلقيائياً في عام 2020 لمدة خمس سنوات، وفقاً لتقارير وكالة تاس الروسية للأنباء، واتفق الجانبان أيضاً في عام 2020 العمل على اتفاقية تحل محل القديمة، ودعت اتفاقية عام 2001 إلى التعاون في مجالات الأمن ومشاريع الطاقة، بما يشمل الاستخدام السلمي للطاقة النووية وبناء محطات الطاقة النووية، والصناعة والتكنولوجيا، وفقاً لنصها المنشور على موقع الكرملين على الإنترنت(6).

ومنذ أن غزت روسيا أوكرانيا في فبراير 2022 الماضي كانت إيران إحدى المؤيدين الأكثر قرباً للكرملين، فقد زود النظام في طهران مئات الطائرات المسيرة إلى الجيش الروسي، وأرسل مدربيه إلى شبه جزيرة القرم لمساعدة الجيش الروسي على استخدام هذه الأسلحة بشكل مناسب، وتشير التقارير الأخيرة إلى أن إيران تخطط لتزويد روسيا بصواريخ باليستية متطورة قصيرة المدى، ومساعدة روسيا على إنشاء خط إنتاج خاص بها من الطائرات الإيرانية بدون طيار، واستخدمت القوات الروسية هذه الأسلحة على نطاق واسع ولكنها حققت نجاحاً محدوداً في ذلك، مع أنه كان كافياً لاحتلال الدفاعات الجوية الأوكرانية، وإلحاق أضرار كبيرة بالأهداف المدنية(7).

يوجد عدة مجالات تعاون وشراكة بين  روسيا وإيران سنوضحها على النحو الآتي:-

  • التعاون الطاقوي: يعد تطوير وتعزيز التعاون في مجال الطاقة بين روسيا وإيران قصوى، بالنظر إلى دور ومكانة موسكو بصفتها واحدة من أهم موردي النفط والغاز في العالم، ويمكن لتوظيف الطاقة بصفتها أداة سياسية أن يؤدي إلى التنمية الاقتصادية وتعزيز المصالح الوطنية، وقت سعت إيران جاهدة لزيادة العلاقات مع روسيا في مجال الطاقة، وفي فبراير الماضي أكد نائب وزير النفط الإيراني للشؤون الدولية والتجارة أحمد زاده، أهمية توسيع العلاقات بين روسيا وإيران في قطاع الطاقة، وقال زاده إن روسيا وإيران يمكنهما العمل معاً، ويمكن للاعبين الرئيسين الآخرين خلقفرص جديدة للتعاون في مجالالاقتصاد الدولي(8).

ونجد أن التعاون التعاون في مجال الطاقة النووية بين روسيا وإيران أحد أبرز مجالات الشراكة بين البلدين، ويتضمن هذا التعاون عدة جوانب رئيسية:

  • بناء المفاعلات النووية: قامت روسيا ببناء مفاعل بوشهر النووي في إيران، وهو مفاعل نووي تجاري في البلاد، وكان هذا المشروع جزءاً من اتفاقية تعاون طويل الأمد بين البلدين، كما تعمل على تزويد الوقود النووي لمفاعل بوشهر، وهو جزء من الاتفاقات لضمان تشغيل المفاعل بشكل مستمر وآمن.
  • التعاون في مجال البحث والتطوير والمساعدة الفنية: تشمل الشراكة بين البلدين التعاون في مشاريع بحثية وتطوير تكنولوجيا نووية جديدة، وتعزيز إجراءات الأمان النووي لضمان التشغيل الآمن للمنشآت النووية.
  • التعاون في المجال الاقتصادي: تسعى كلتا الدولتين إلى تعزيز التعاون الاقتصادى لتحقيق المصالح المشتركة وتوسيع رقعة التجارة والاستثمار، تاريخيًا كانت إيران وروسيا تحتفظان بعلاقات وثيقة فى المجال الاقتصادى، وقد شهدت هذه العلاقات تطوراً إضافياً فى السنوات الأخيرة، فى عام 2015 تم توقيع اتفاقية تجارية بين البلدين، تهدف إلى زيادة حجم التجارة وتوسيع نطاق التعاون الاقتصادى، ومنذ ذلك الحين تم تعزيز التبادل التجارى وتوقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم فى مجالات مختلفة، وكما يعتبر قطاع الطاقة من أهم مجالات التعاون الاقتصادى بين البلدين، حيث تعاقدت الشركات الروسية على عقود لتطوير حقول النفط والغاز فى إيران(9).
  • التعاون في مجال فضاء: واجهت إيران مشاكل في إطلاق وتشغيل محركات تعزيز مركبة إطلاق الأقمار الصناعية، حيث قامت ببضع عمليات إطلاق على مدار برنامجها، وإن وجود تقنية الحقن الروسية سيكون موضع ترحيب كبير في طهران(10)، ونجد أن التعاون بين روسيا وإيران يعكس التزام البلدين بتطوير تقنيات الفضاء وتعزيز قدراتهما في هذا المجال، ويتضمن هذا التعاون عدة جوانب منها:
  • إطلاق الأقمار الصناعية: ساعدت روسيا إيران في إطلاق أقمار صناعية إلى الفضاء، على سبيل المثال؛ قدمتروسيا الدعم الفني واللوجستي لإطلاق قمر “اميد” الإيراني عام 2009، والذي كان أول قمر صناعي إيراني يتم إطلاقه.
  • المشاركة في البحوث الفضائية: يعمل العلماء من كلا البلدين على مشاريع بحثية مشتركة في مجال الفضاء، بما في ذلك الدراسات المتعلقة بالفضاء الخارجي وتكنولوجيا الفضاء، وتتعاون إيران وروسيا في تطوير تكنولوجيا الفضاء مثل الصواريخ وإطلاق الأقمار الصناعية، مما يعزز قدرات إيران في هذا المجال.
  • التدريب والتعاون التقني: تتعاون الدولتان في تدريب الكوادر الإيرانية في مجالات تكنولوجيا الفضاء، بما في ذلك تصميم وبناء الأقمار الصناعية.
  • التعاون في المجال العسكري: تعزز التعاون الروسي الإيراني بعد سقوط الاتحاد السوفيتي 1990، وكان محركه الرئيس التعاون العسكري، حيث اشترت طهران صفقات أسلحة روسية متنوعة لمواجهة الحظر الغربي عليها، وخلال العقد الأخير حدث تقارب غير مسبوق بينهما بفعل التعاون لمواجهة تداعيات أحداث الربيع العربي، التي أثرت علي مصالحها بالشرق الأوسط لاسيما في سوريا، وفي الفترة الأخيرة تكثف تعاونهما العسكري(11).

ويتسم التعاون العسكري بين روسيا وإيران بالتنوع ويشمل عدة مجالات رئيسية سنوضحها على النحو الآتي:

  • الأسلحة والتقنيات العسكرية: تتعاون روسيا وإيران في مجال تسليم الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية، علي سبيل المثال قدمت روسيا لإيران أنظمة دفاع جوي مثل نظام (s-300) وصواريخ الدفاع الجوي.
  • التدريب والمناورات العسكرية: يشمل التعاون تبادل الخبرات العسكرية وتدريب القوات المسلحة الإيرانية من قبل الخبراء الروس، ويشمل التدريب على تشغيل الأنظمة العسكرية وتطوير الاستراتيجيات، كما يتم تنظيم تدريبات ومناورات عسكرية مشتركة بين القوات المسلحة للبلدين، مما يعزز التنسيق والتعاون العسكري، كما يتعاون البلدين في تطوير تقنيات عسكرية جديدة، بما في ذلك أنظمة الأسلحة والطائرات.
  • التعاون في مكافحة الإرهاب: تشارك روسيا وإيران في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق في العمليات ضد الجماعات المتطرفة.

المحور الرابع: تداعيات اغتيال اسماعيل هنية على العلاقة بين طهران وموسكو

قد تشكل عملية اغتيال هنية في طهران نقطة تحول في الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ نحو عشرة شهور، وقد تفتح الباب واسعاً أمام تصعيد كبير في المنطقة إذا قررت إيران (وحزب الله) الرد على الخرق الكبير الذي تعرّضت له سيادتها من جانب إسرائيل، أو قد تدفع نحو ممارسة مزيد من الضغوط الإقليمية والدولية على حكومة نتنياهو للذهاب في اتجاه قبول المقترح الذي قدمه الرئيس بايدن لاتفاق الهدنة منعاً لسيناريو التصعيد(12).  ونجد عقب اغتيال اسماعيل هنية وصل سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو إلى طهران لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين الإيرانيين، وتأتي الزيارة في أعقبال اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس قبل أيام في طهران، وحسب وكالة رويترز طلب الرئيس بوتين من المرشد الإيراني على خامنئي توخي الحذر في رده على مقتل هنية.

يوجد عدة تداعيات يمكن أن تؤثر على العلاقات الروسية الإيرانية سنوضحها على النحو الآتي:-

  • التداعيات السياسية:  إذا كانت هناك أي مؤشرات على تورط أو دعم روسي في الأحداث التي أدت إلى مقتل هنية، غفقد يؤدي ذلك إلى توتر بين روسيا وإيران، حتى إذا لم تكن روسيا متورطة مباشرة، فإن كيفية تعاملها مع الوضع يمكن أن تؤثر على علاقتها بإيران.
  • التأثير على التعاون العسكري: في حال تأثر التحالف الإيراني مع حماس، قد تعيد إيران تقييم استراتيجياتها الأمنية والعسكرية، مما قد يؤثر على التعاون العسكري مع روسيا خاصة إذا كان هناك تغييرات في أولويات الدفاع والسياسات الإقليمية.
  • التحولات في السياسات الإقليمية: مقتل هنية قد يؤدي إلى إعادة تقييم سياسات إيران تجاه الوضع الإقليمي، مما قد يتطلب تغييرات في استراتيجياتها وتحالفاتها، والتي قد تشمل روسيا كطرف رئيسي في العديد من القضايا الإقليمية.
  • الاستراتيجية الأمنية: إذا اعتبرت إيران مقتل هنية جزءاً من محاولة لإضعاف نفوذها في المنطقة، فقد تؤثر هذه التطورات على كيفية نعامل إيران مع روسيا بشأن التعاون الأمني والمعلوماتي.

ختاماً: تمتاز العلاقة بين موسكو وطهران بالعمق والتنوع، حيث تجمع بين البلدين شراكات استراتيجية قوية وتعاوناً متزايداً في مجالات عدة، وعلى مدى العقدين الماضيين تطورت هذه العلاقة بشكل ملحوظ، مدفوعة بالعديد من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية، وتعاون البلدين يمتدإلى المجالات العسكرية والاقتصادية والطاقة، و بناء المفاعلات النووية والفضاء، وهو يعكس تحالفاً استراتيجياً يعزز من موقفها في الساحة الدولية، ومع ذلك تواجه هذه العلاقة العديد من التحديات والتباينات في المصالح قد تؤثر على التعاون بينهما، وتعتمد العلاقة بينهم على العديد من العوامل والملفات الإقليمية والدولية، وتطورات اغتيال إسماعيل هنية قد تكون واحدة من العوامل التي قد تؤثر على العلاقة بين البلدين في القضايا الإقليمية بما في ذلك الصراع السوري، فإن مقتل إسماعيل هنية سيأثر على استقرار المنطقة أو سيزيد من حدة التوترات في صراعات الشرق الأوسط، وهذا قد يؤدي إلى إعادة تقييم لموقف روسيا وإيران من القضايا الإقليمية وكيفية تعاونهما.

المصادر:

  1. فاطمة الصمادي،” إيران وروسيا: شراكة أم تحالف استراتيجي؟”، مركز الجزيرة للدراسات 18 مايو 2016م، تاريخ الدخول 7 أغسطس 2024م، لمزيد من التفاصيل أنظر إلى الرابط https://studies.aljazeera.net/ar/reports/2016/05/160518084645471.html
  2. مسعود الزاهد،” مستقبل العلاقات بين موسكو وطهران.. بظل رئيس إصلاحي بإيران”، تاريخ النشر 12 يوليو 2024م، تاريخ الدخول 7 أغسطس 2024م، لمزيد من التفاصيل أنظر إلى الرابط https://2u.pw/iUqp6khB
  3. نوران شريف مراد،” الشراكة اليقظة: مسارات التحول في العلاقات الروسية الإيرانية”، مركز المستقبل، تاريخ النشر 10 يونيو 2015م، تاريخ الدخول 7 أغسطس2024م، لمزيد من التفاصيل أنظر إلى الرابط https://2u.pw/Q50cg
  4. على حسن باكير،” تبعات الاتفاق النووي الإيراني على الصين وروسيا”، مركز الجزيرة للدراسات، 21 سبتمبر 2015م، تاريخ الدخول 7 أغسطس2024م، لمزيد من التفاصيل أنظر إلى الرابط https://studies.aljazeera.net/en/node/3943
  5. معتصم صديق محمد،”إيران وروسيا.. ما بعد الاتفاق النووي”، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 8 إبريل2017م، تاريخ الدخول 7 اغسطس 2024م، لمزيد من التفاصيل أنظر إلى الرابط https://2u.pw/ry155QOz
  6. روسيا توقع اتفاقية تعاون جديدة مع إيران، تاريخ النشر 25 يونيو 2024م، تاريخ الدخول 9 أغسطس 2024م، لمزيد من التفاصيل أنظر إلى الرابط https://2u.pw/cvJKzl1T
  7. نداف بولاك،” تعميق العلاقات بين روسيا وإيران يجب أن يقلق إسرائيل”، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني، 28 ديسمبر2022م، تاريخ النشر 9 أغسطس 2024م، لمزيد من التفاصيل أنظر إلى الرابط https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/tmyq-allaqat-byn-rwsya-wayran-yjb-yuqlq-asrayyl
  8. أومود شوكري،” تعاون روسيا وإيران في مجال الطاقة ضرورة قصوى”، ترجمة نوار صبح، تاريخ النشر17 يوليو 2022م، تاريخ الدخول 9 أغسطس 2024م، لمزيد من التفاصيل أنظر إلى الرابط https://2u.pw/O93aQ14
  9. آية حمدي،”حسابات سياسية: التعاون النفطى والغازى بين روسيا وإيران”، تاريخ النشر 6 يونيو 2024م، تاريخ الدخول 9 أغسطس 2024م، لمزيد من التفاصيل https://www.almasryalyoum.com/news/details/3161929
  10. فرزين نديمي،” علاقات الدفاع المتنامية بين إيران وروسيا”، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، تاريخ النشر 2016م، تاريخ الدخول 9 أغسطس2024م، لمزيد من التفاصيل أنظر إلى الرابط https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/laqat-aldfa-almtnamyt-byn-ayran-wrwsya
  11. مني سليمان،” العداء لواشنطن: أبعاد التعاون العسكري بين روسيا وإيران”، إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية، 21 أغسطس 2022م، تاريخ الدخول 9 أغسطس 2024م، لمزيد من التفاصيل أنظر إلى الرابط https://2u.pw/wAyc5XWi
  12. وحدة الدراسات السياسية،” اغتيال إسماعيل هنية وتداعياته”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات،31 يوليو 2024م، تاريخ الدخول 9 أغسطس 2024م، لمزيد من التفاصيل أنظر إلى الرابط https://www.dohainstitute.org/ar/PoliticalStudies/Pages/assassination-of-ismail-haniyeh-and-implications.aspx
5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى