الدراسات البحثيةالمتخصصة

التحـول الديمقراطي في المغــرب (2011- 2023)

إعداد :  خديجة خالد عبد الرازق عبد الله , محمود رمضان محمد حسن –  إشراف :  أ.د. زيــــنــــب مجـــــــدي – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر

  • المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمة :

إن التطور السياسي الذي عرفته المجتمعات الغربية أدي تدريجياً إلى تثبيت الديمقراطية كنظام حكم تسعى جميع الشعوب والأنظمة لتطبيقه فعليا أو شكليا، ولكن لابد من معرفة أن هذا الاستنساخ في الواقع لم تفرضه الإرادة الخارجية دائماً، كما يروج أنصار الوضع القائم ولكن تفرضه القيم والمبادئ التي يحملها النموذج الديمقراطي، كالحرية والعدالة والمساواة والتداول السلمي للسلطة بالإضافة إلى سمو القانون وغيرها…، وهي قيم تفرض نفسها على الجميع، ويتحقق العيش الكريم للمواطن[1].

     كما أنه في ظل التطورات العالمية التي تدعم الحفاظ على حقوق الإنسان، والتحول نحو الديمقراطية والتعددية الحزبية، وإطلاق الحريات الفردية والعامة، وعولمة الاقتصاد والسياسة والثقافة، والمطالبات الدولية لكثير من الأنظمة بالإسراع في عملية الإصلاح والتغيير السياسي، قامت بعض الدول بالتعامل مع هذه التطورات من خلال عمليات إصلاحية تدريجية، مما مكن هذه الدول من مقاومة الانهيار السياسي وحافظت على الحد الأدنى من العلاقة بينها وبين شعوبها، في حين أن البعض الآخر من الدول تجاهلت الإصلاح، مما أدى إلى زيادة وتعاظم الأزمات المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتجاهلها مطالب الشعوب في المشاركة السياسية وتحقيق العدالة الاجتماعية مما أدى إلى تفشي الفقر والبطالة وتدني مستوى المعيشة، والتضيق على الحريات العامة، الأمر الذي أدى إلى احتقان شعبي واسع، ترجم فيما بعد إلى ثورات احتجاجية، سرعان ما تحولت إلى ما يعرف بالثورات الشعبية.

عند الاتجاه الي الوطن العربي نري أن ثورات الربيع العربي اجتاحت المنطقة العربية من الخليج الى المحيط، فمنهم من استطاع تجاوز هذه المرحلة في ظل العديد من التغيرات ودول أخرى لازالت مستمرة في عملية التغيير ودول تفككت بالكامل، ولكن وعي بعض القيادات بخطورة موجة الربيع العربي جعلتهم ينصاعون لموجة التغيير عن طريق اصلاحات قانونية ودستورية، وحدث تحول ديمقراطي حقيقي وكانت من أهم الدول التي استطاعت احتواء موجة الربيع العربي المملكة المغربية، فقد وظِّف المملكة المغربية الانتقال الديمقراطي لتعزيز شرعية المؤسسة الملكية وقوتها، فقد تحدث الملك محمد السادس، في خطابه بتاريخ 9 مارس 2011، عن (الاستثناء المغربي) برعاية المؤسسة الملكية بصفته المنهج الوحيد المقبول لتشكيل مسارات الديمقراطية استجابة لإرهاصات الحراك الاحتجاجي في الشارع المغربي، الذي قادته حركة 20 فبراير التي تزعمت الحراك وطالبت بالعديد من  المطالب منها اجتثاث الفساد، والحد من البطالة، بالإضافة إلى تعزيز (الملكية البرلمانية) بصفتها خياراً شعبياً يضمن في ذات الوقت استقرار المنظومة السياسية وترسيخ الممارسة الديمقراطية، لذلك لجأ الملك محمد السادس الى اصلاحات دستورية كخطوة نحو التحول الديمقراطي وانقاذ المملكة المغربية من سيناريو الفوضى الذي نال من بعض الدول العربية، وسوف نقوم بمناقشة سياسة التحول الديموقراطي من هذه اللحظة الي الان في هذه المذكرة[2].

المشكلة البحثية:

إن قضية الدراسة البحثية تنطلق من فكرة هامة جداً محورها الأساسي هو سياسات الإصلاح والتحول الديمقراطي في المغرب، حيث تعد عملية الإصلاح الدستوري أحد المحاور الكبرى لعملية التحول الديمقراطي التي يتطلبها التحول السياسي في المجتمع، فإعادة بناء دساتير جديدة تعتبر مدخلا أساسيا لتفكيك البنية السلطوية للأنظمة السياسية والدستورية، التي تحكم الدول لعقود من الزمن، ووسيلة فعالة لتعزيز فرص التحول الديمقراطي، لذلك تعد تجربة التحول الديمقراطي في المغرب من اهم التجارب العربية التي استطاعت تجنب سيناريو الفوضى السياسية في المملكة، وبناء علي ذلك يدور التساؤل الرئيسي للبحث حول:

  • ما هي محددات وسياسات التحول الديمقراطي في المغرب في الفترة ٢٠١١-٢٠٢٣م.

لذلك يندرج تحت هذا التساؤل الرئيسي عدد من الأسئلة الفرعية على النحو التالي:

  1. ما هي أهم العوامل التي تؤثر على عملية التحول الديمقراطي؟
  2. ما هو السياق الداخلي والخارجي للتحول الديمقراطي في المغرب؟
  3. هل للمعارضة تأثير على عملية التحول الديمقراطي في المغرب؟
  4. ما هي التحديات المعرقلة للتحول الديمقراطي في المغرب وكيف يمكن تفاديها؟
  5. ما هي سياسات النظام الدافعة نحو التحول الديمقراطي في المغرب؟
  6. لى أي حد يمكن الحديث عن وجود انتقال ديمقراطي في المغرب في ظل الواقع السياسي الراهن؟

الأدبيات السابقة:

في الواقع، أن الاهتمام المتزايد بموضوع الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، وما يثيره من قضايا واشكاليات، كان من بين الأسباب التي دفعت الكثير من العلماء والباحثين في مجال العلوم السياسية إلى تقديم دراسات متنوعة حول هذه الظاهرة، وفيما يلي رصد لأهم المعالم والنتائج الرئيسية التي توصلنا إليها لهذه الدراسات والتي يمكن تقسيمها على النحو التالي: –

المحور الاول: الدراسات التي تناولت التحول الديمقراطي:

يوجد دراسات عديدة تتحدث عن التحول الديمقراطي حيث تحدثت عن ان هناك مفارقة كبيرة في عملية التنمية السياسية والإصلاح التي تجري في العالم العربي ويرى الأستاذ (برهان غليون) أن : (في بلدان العالم تجري آلية غريبة في عملية التغيير السياسي والاقتصادي والنقطة الفصل بين التغيير الاقتصادي والتغيير السياسي أو بمعنى آخر استبعاد السياسة من ميدان الإصلاح السياسي الواسع والسعي ما أمكن إلى الاحتفاظ بآليات نموذج الدولة البيروقراطية السلطوية على طريقة النهج الشمولي أو الطريقة الأبوية الإقطاعية)، وإن عملية التنمية والإصلاح في أي نظام للدولة يتطلب عملية مراجعة تامة لكل المجالات السياسية والاقتصادية وتحديد مواطن الخلل لكي يتم وضع العلاج لهذا الخلل، أن من الواضح في الدول العربية أجراء آلية الإصلاح السياسي بشكل انتقائي، فالمعروف أن عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي والثقافي عبر كل التجارب في دول العالم تجري بشكل متواز ومتفاعل لان كلاً منها مرتبط بالآخر ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، وأي فصل بينهما تأتي النتائج سلبية ويصبح الإصلاح السياسي شكلياً، حيث ان الذي يعوق عملية الإصلاح السياسي في العالم العربي هو انعدام وجود تنمية سياسية حقيقية فاعلة التي تتيح التفاعل للجميع والتي تشجع على أحياء المبادرة ويشعر المواطن بجدوى عملية المراجعة وفاعلية الإصلاح السياسي فصحيح أن النخب العربية الحاكمة تعلن عن وجود خطط للإصلاح السياسي لكنه إصلاح في أروقة الحكومة وداخل مكاتبها البيروقراطية وهو إصلاح جزئي لا يقصد به سوى تلميع وجه الحكومة أو السلطة وهكذا يفقد الإصلاح جدواه ومضمونه لأنه لإنجاح أي آلية للتنمية والإصلاح السياسي يجب أن تجري آلية الإصلاح في جو من الجدية والشفافية وبوساطة جهاز يتمتع بالنزاهة بينما على ارض الواقع تجري الأمور على شكل مختلف، إن الإصلاح السياسي في الدول العربية هي عملية ضرورية جداً وذلك ليس لمجرد رغبة بل هي ضرورة لان الأنماط والإشكال السياسية الحالية السائدة في الدول العربية لم تعد تناسب المرحلة المعاصرة [3]. وتتحدث عن الإصلاح السياسي في الفكر الاسلامي المعاصر، شهدت العقود الخمسة الماضية ازدهاراً للحركات الإسلامية سياسياً واجتماعياً وثقافياً نشطوا في المعادلات الداخلية والإقليمية وحتى الدولية ولّد الصدام الإسلامي مع المجتمع والسياسة عددًا كبيرًا من المواقف المؤيدة والمتعارضة وأدى إلى نقاشات واسعة النطاق وأهمها ما إذا كان الفكر الإسلامي المعاصر يحمل بداخله “بديلاً سياسياً” أفضل من الواقع الإسلامي هل يمثل إضافة نوعية للتيارات والحركات السياسية على الساحة وحالة من الانحدار من المشاكل الرئيسية في الإعلام أنه لا يستطيع توضيح الأفكار الإسلامية في أي موضوع ، وهو ما يحدث للأفكار الإسلامية للإصلاح السياسي ولكن في خضم هذه الخريطة الواسعة النطاق للرؤى والأفكار والتصورات للإصلاح السياسي في الفكر الإسلامي المعاصر ، يبدو أن هناك مقاربات رئيسية تجمع بين المثقفين والكتاب والجماعات الإسلامية [4]. والحديث عن التزايد الملحوظ بقضايا الديمقراطية والإصلاح السياسي الذي ازداد معه الحاجة الي ضبط المفاهيم والمصطلحات المرتبطة بموضوع التحولات السياسية التي تشهدها الأنظمة في المنطقة العربية، فإن الاختلاف والتباين في وجهات النظر بشأن هذه القضايا يعود إلى الالتباس الحاصل بسبب عدم الضبط المعرفي للعديد من المفاهيم الأساسية، ويرغب هذا الاتجاه في تحديد وتأصيل المفاهيم المفتاحية في مجال العلوم السياسية من خلال دراسة الأبعاد المختلفة لمفهوم الإصلاح السياسي[5]. وعن التحول الديمقراطي وأثره على المشاركة في الإصلاح الدستوري حيث يرى ان الاتجاه العالمي تجاه الحفاظ على حقوق الإنسان والتحول نحو الديمقراطية والتعددية الحزبية وإطلاق الحريات وغيره تقوم بعض الدول بالتعامل مع هذه التطورات من خلال عمليات اصلاحية تدريجية، وذلك مكنهم من مقاومة الانهيار السياسي، وغيرها من الدول تجاهلت الإصلاح مما أدى إلى زيادة الازمات وادي ذلك إلى الثورات الشعبية، فيتحدث هذا الاتجاه عن أهمية التحول الديمقراطي الذي يعتبر الإصلاح السياسي سبيل لتحقيقه[6]. بالإضافة إلى الحديث عن إشكالية التحول الديمقراطي في دول العالم الثالث حيث يري أن هذه الدول بحاجه الى إحداث إصلاحات سياسية دستورية وغيرها، وذلك بسبب تعطيل الديمقراطية بها في حقبة تاريخية سابقة، والتبرير أنها مشروع بعيد المنال فتسعي هذه الدراسة لفهم وتفسير موجة التحولات السياسية المستجدة في دول العالم الثالث، والحديث عن كيفية الانتقال من نظام سلطوي إلى حكم ديمقراطي[7]. وأيضا الحديث عن التحول الديمقراطي من ناحية نظرية تفسيرية، حيث يعمل على تحليل ظاهرة التحول الديمقراطي والتأكيد على أنها عملية تدريجية وليس طفرة فجائية، واكدت على أن التحول الديمقراطي يحتاج إلى تربة خصبة تتجسد في خلص ثقافة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، وبناء المؤسسات واضفاء عليها الطابع المؤسسي[8]. وتتحدث عن العلاقة بين ثورة المعلومات والتحول الديمقراطي في المنطقة العربية، وذلك من خلال التأثير الذي تمارسه أبرز مظاهر ثورة الاتصالات والمعلومات في تشكيل الرأي العام ومنظمات حقوق الإنسان وغيرهم التي تؤدي في النهاية الوصول إلى الديمقراطية أو بناء أنظمة ديمقراطية في المنطقة العربية[9].

اتسمت الدراسات السابقة أنها غالبًا ما تكون مركزية الغرب وتركز على نماذج معينة من الديمقراطية تتجاهل السياقات الثقافية والسياسية المحلية هناك دعوات متزايدة لاعتماد نهج أكثر تعددية وشمولية يأخذ في الاعتبار التنوع العالمي في مسارات وتجارب التحول الديمقراطي في المجمل حيث تقدم الأدبيات السابقة حول التحول الديمقراطي ثروة من المعرفة والأفكار التي تساعد في فهم تعقيدات هذه العملية الحيوية ومع ذلك فإنها تحتاج دائمًا إلى تحديث وتطوير لمواكبة التغيرات الديناميكية في العالم السياسي والاجتماعي، سوف نعمل في هذا البحث على عرض تجربة شامله واقرب الي التكامل وتلاشي هذه الثغرات في هذه الأدبيات.

المحور الثاني: الدراسات التي تناولت سياسات الإصلاح والتحول الديمقراطي في المغرب:

يوجد العديد من دراسات التي تتحدث عن التحول الديمقراطي في المغرب فيوجد ما يتحدث عن الانتقال الديمقراطي في المغرب من ناحية حدود التحول والحديث عن محاولتين المغرب للانتقال الديمقراطي، وتسعى هذه الدراسة إلى معالجة إشكالية الي اي مدى وضع دستور 2011 المغرب على سكة الانتقال الديمقراطي، بالإضافة إلى اختبار مقومات تجربة الانتقال الديمقراطي كما تبلورت في دستور ٢٠١١ وحدودها الدستورية والسياسية كذلك[10]. والحديث عن الانتقال الديمقراطي في المغرب الأقصى، حيث يتحدث عن أهمية إشكالية الانتقال الديمقراطي في المغرب حيث انها تحدث في ظروف غامضة داخلية وخارجية وقد تبنت النظم السياسية في هذه الدولة استراتيجيات مختلفة لدعم عملية الانتقال الديمقراطي من بينها الاستراتيجية المؤسسية ويحاول هذا الاتجاه التعرف على الإصلاحات الدستورية والمؤسسية لعملية الانتقال الديمقراطي في المغرب، بالإضافة إلى التعديلات التي تم الأخذ بها للحفاظ على مسار الديمقراطية، ويهدف هذا الاتجاه بشكل أساسي الي معرفة هل يمكن اعتبار الإصلاحات السياسية والقانونية مؤشر لعملية الانتقال الديمقراطي للمغرب[11]. بالإضافة للحديث عن التحول الديمقراطي في المغرب ما بعد ٢٠١١، حيث يرى ان تجربة التحول الديمقراطي في المغرب من أهم التجارب العربية التي استطاعت تجنب سيناريو الفوضى السياسية في المملكة، حيث كانت البداية عبارة عن خطاب للملك محمد السادس يعلن الاستجابة للحراك الاحتجاجي في الشارع المغربي لذلك لجا الملك الي إصلاحات دستورية كخطوة نحو التحول الديمقراطي وانقاذ المملكة المغربية من سيناريو الفوضى الذي نال من بعض الدول العربية ويسعي هذا الاتجاه لمعرفة مسارات التحول الديمقراطي في المغرب عقب 2011[12]. وأيضا الحديث عن التحول الديمقراطي في المغرب العربي ويستخدم تونس والمغرب كنموذج ويتحدث عن ان دوافع الإصلاح في الوطن العربي عامة والدول المغاربية خاصة جاءت نتيجة مجموعة من المتغيرات الداخلية وأخرى المرتبطة بالتحولات الإقليمية والدولية، ويتحدث هذا الاتجاه عن ان الاحتجاجات في كافة البلدان المغاربية هدفت الي تفعيل الانساق الحقوقية خاصة المتعلقة بأدوات التمكين السياسي عبر الاطر الدستورية بهدف بناء مؤسسات سياسية فعالة ويهدف هذا الاتجاه لمعرفة الآثار السياسية لعملية التحول الديمقراطي في الدول المغاربية عامة وتونس والمغرب خاصة[13]. وعن آليات ومعوقات التحول الديمقراطي في المجتمعات الانتقالية حالة الجزائر والمغرب حيث يتحدث عن ان الازمات التي عاشتها مختلف الدول العربية أدت إلى طرح فكرة الديمقراطية من خلال الانفتاح الاقتصادي ثم العولمة والحكم الرشيد، ويسعي هذا الاتجاه لمعرفة العوامل التي تمنع اكتمال عملية التحول الديمقراطي بالجزائر والمغرب، حيث يرغب في معرفة هل المشكلة في الآليات المستخدمة اما في طريقة الاستخدام، وما الذي يمنع التحول الديمقراطي الفعلي في البلدين، وذلك بسبب ان محاولة التحول الديمقراطي في هاتين البلدين لما تصل إلى نتيجة حقيقه بعد أكثر من ثلاث عقود لذلك يرغب هذا الاتجاه لمعرفة السبب وراء ذلك[14]. والحديث عن التحولات الديمقراطية في المملكة المغربية بين الفرص والقيود فيتحدث عن ان المغرب منذ عام 1992 شهدت العديد من محاولات البناء الديمقراطي في فترات مختلفة ولكن التحولات الأخيرة اتاحت فرصة حقيقية للديمقراطية ولكنها في نفس الوقت خلقت عقبات حيث أدت هذه التغيرات الديمقراطية الي انعكاسات داخلية في السياق الاجتماعي سواء صعيد سياسي او اقتصادي او على الصعيد الإقليمي، لذلك تسعى هذه الدراسة لمعرفة ما هي فرص نجاح التحول الديمقراطي في المملكة المغربية وما هي قيوده[15]. والحديث عن تعثر الإصلاح السياسي وتحديات البناء الديمقراطي للدولة في تجارب مع بعد الحراك وذلك في حالة تونس والجزائر والمغرب، حيث يتحدث هذا الاتجاه عن ان هؤلاء الدول مع بدايات العقد الثاني من هذا القرن قامت بحراك اجتماعيا رافض للبنيات والانساق القائمة تسعى لبناء دولة ذات نظام سياسي ديمقراطي من خلال إصلاحات سياسية وإعادة النظر في الدساتير ولكن بعد فتره تم اكتشاف ان هذه الإصلاحات لم تغير كثيرا من جوهر الوضع السابق، لذلك جاءت هذه الدراسة للبحث عن تداعيات الحراك، وما مدى إمكانية القول أن الإصلاحات السياسية و الدستورية التي بادرت بها النخب الحاكمة في ظل الحراك وما بعده قد مهدت الطريق للبناء الديمقراطي[16]. وعن واقع ومستقبل الإصلاحات بالمغرب فيحاول وصف التجربة الإصلاحية بالمغرب مقارنة مع تجارب الانتفاضات الأخرى مركزة على موضوع السلطة وكيفية صناعة القرار، وشرح وتفسير وضع حالة الإصلاح بالمغرب[17].

الأدبيات السابقة حول التحول الديمقراطي في المغرب تقدم رؤية شاملة للتحولات والتحديات التي واجهت المغرب في مسيرته نحو الديمقراطية التحليل المتوازن للأحداث والإصلاحات يقدم فهماً أعمق للعوامل المؤثرة على هذه العملية ومع ذلك يبقى هناك حاجة لدراسات تركز على التغيرات المستمرة والتطورات الحديثة لضمان تحديث الفهم الأكاديمي والسياسي لهذا الموضوع الحيوي، لذلك سوف نقوم في هذا البحث ان نقدم رؤية أكثر شمول وعمق حيث اغلب الدراسات السابقة ركزت على نقطه معينة ولم تقدم تجربة متكاملة وحاولنا في هذا البحث تفادي هذا الخطأ ومحاولة تقديم كل النقاط لفهم تجربة التحول الديمقراطي في المغرب بشكل متكامل.

الإطار الزماني والمكاني:

الإطار الزماني: تتمثل سياسات التحول الديمقراطي في المغرب في الفترة من ٢٠١١ إلى ٢٠٢٣م، ويرجع سبب اختيار عام ٢٠١١م هو حدوث حراك احتجاجي في الشارع المغربي التي قادته حركة ٢٠ فبراير التي تزعمت الحراك وطالبت بالعديد من المطالب منها الحد من البطالة والقضاء على الفساد وتعزيز الملكية البرلمانية وترسيخ الممارسة الديمقراطية وذلك أدي إلي قيام الملك محمد السادس بخطاب في ٩ مارس ٢٠١١م، وأعلن عن إصلاحات دستورية كخطوة نحو التحول الديمقراطي وإنقاذ المملكة المغربية من سيناريو الفوضى الذي نال منه العديد من دول الوطن العربي، لذلك يرجع اختيار عام ٢٠١١م لأنه كان بداية خطوة جديدة في التحول الديمقراطي، أما عام ٢٠٢٣م، فهو لقياس مدي تحقيق التحول الديمقراطي.

الإطار المكاني: المملكة المغربية ويرجع سبب اختيارها أنها من الدول القليلة في الوطن العربي التي قامت باحتواء الموقف واستجابة مطالب الشعب وتفادي الفوضى الذي حدثت في كثير من دول العالم العربي.

أهمية الدراسة:

تتمثل أهمية الدراسة في كونها تتناول التحول الديمقراطي في المغرب وهي تجربة تستحق الدراسة، حيث شهدت المنطقة العديد من حالات التحول الديموقراطي والإصلاح، وفي هذه الدراسة سوف نحاول معرفة السياسات التي تم إتباعها في المغرب وكيف تم تطبيقها وهل تحققت أم كانت شكليا، وتنقسم أهمية الدراسة إلي:

الأهمية العلمية: تعد دراسات التحول الديمقراطي من الدراسات النظرية والعملية الهامة في مجال العلوم السياسية حيث أنها الهدف التي تسعي جميع الشعوب تحقيقه أو الحفاظ عليه، لذلك تركز هذه الورقة على أحد المفاهيم الهامة والتعرف على أنماط ومظاهر التحول الديمقراطي، بالإضافة معرفة الأسباب التي تعوق تحقيقه.

 الأهمية العملية: تعد موجات الربيع العربي من أهم الأحداث الاقليمية والعالمية التي أحدثت تغيرات جذرية سواء على النظام السياسي أو غيره، فقد شهدت المنطقة العربية مزيد من أحداث العنف التي الحقت الضرر بالبنية التحتية إلا أن القيادة السياسية في المغرب استطاعت تجنب سيناريو الفوضى بإجراءات التحول الديمقراطي وهو ما سيتم التركيز عليه وتقديم تجربة لصانع القرار استطاعت المضي في اجراءات التحول الديمقراطي، حيث عرفت دولة المغرب موجة الانتقال الديمقراطي في ظروف غامضة داخلية وخارجية وقد تبنت النظم السياسية في هذه الدولة استراتيجيات مختلفة لدعم عملية الانتقال الديمقراطي من بينها الاستراتيجية المؤسسية، وسنحاول في هذه الدراسة التعرف على الإصلاحات الدستورية والمؤسسية لعملية الانتقال الديمقراطي في المغرب.

الإطار النظري:

نظرية المؤسسية الجديدة: إن مسألة الحكم السلطوي المترافق مع وجود عملية انتخابية وتوفر تعددية الأحزاب سياسية، يمكننا القول عنه أنه يندرج في خانة السؤال الكبير الذي طرحه العديد من الباحثين منذ أمد بعيد ولا يزال يطرح حتى اليوم، لا سيما في المنطقة العربية وبعض البلدان الأخرى، وهو لماذا يحكم الحكام غير الديمقراطيين مع المؤسسات الديمقراطية، مثل الهيئات التشريعية والأحزاب السياسية؟ الجواب عن هذا السؤال في تصور الباحثة الأمريكية في علم السياسة جينيفر غاندي يكمن في أن “هذه المؤسسات الخاضعة للدكتاتورية هي بمثابة المظلة التي تحجب الشمس أو الرداء الذي يغطي ضوء النافذة”، وبأن جزء من المشكلة يرجع إلى طرق الحكام الديكتاتورية المبتكرة تمامًا، في كيفية تنظيم حكمهم مع مؤسسات ديمقراطية إسميًا، مثل المجالس التشريعية والأحزاب السياسية. لكن غاندي، تبدي إدراكها لأهمية المؤسسات ووظيفيتها، عندما تقول، بأن هذا الفهم للهيئات التشريعية والأحزاب غير الديمقراطية بلا معنى في ضوء نهج مقاربة “المؤسسية الجديدة”، والتي تعتبر المؤسسات بشكل عام ليست بالظواهر الناشئة عشوائيًا. بل إنها تبنى عن قصد لتعزيز أهداف الجهات السياسية الفاعلة، سواء بهدف حل مشاكل معينة تحول دون تحقيق نتائج أكثر كفاءة، أو لترسيخ قوة التوزيع، أو للبقاء في المنصب، أو لتحقيق أي شيء آخر فإن التغيير المؤسسي يحدد الطريقة التي تتطور بها المجتمعات عبر الزمن، أهمية التحليل المؤسساتي في فهم الإصلاحات بالمغرب وإشكالية السلطة يركز على المقاربة الدستورية في قراءة التحولات السياسية ومسار الانتقال من السلطوية نحو الديمقراطية، والتي ظهرت بشكل مكثف نتيجة أحداث الانتفاضات العربية، واتساع الدعوات والمطالب الشعبية بتقنين السلطة وضبط صلاحيات الحكام والمسئولين عن تدبير الشأن العام، وهذا ما مَكَّن بعض البلدان من وضع دساتير جديدة، وسمح لغيرها بإدخال إصلاحات وتعديلات على الدساتير القديمة[18].

الإطار المفاهيمي:

أن أساس انطلاق أي دراسة هي ضبط وتحديد المفاهيم الأساسية، وهي تعد بمثابة مفاتيح الفهم والتحليل، ونظرا لاختلاف وتعدد تعريفات المفاهيم السياسية، فلابد من تحديد المفاهيم الأساسية مثلما سوف تستخدم في هذه الدراسة:

  • التحول الديموقراطي: ان مفهوم التحول الديمقراطي هو ” مجموعة من المراحل المتميزة تبدأ بزوال النظم السلطوية يتبعها ظهور ديمقراطيات حديثة تسعى لترسيخ نظمها وتعكس هذه العملية إعادة توزيع القوة بحيث يتضاءل نصيب الدولة منها لصالح مؤسسات المجتمع المدني بما يضمن نوع من التوازن بين كل من الدولة والمجتمع بما يعني بلورة مراكز عديدة للقوي وقبول الجدل السياسي”.

ويوجد تعريف اخر للتحول الديمقراطي فهو” عملية الانتقال من أنظمة تسلطية إلى أنظمة ديمقراطية تم حل فيها أزمة الشرعية والمشاركة والهوية والتنمية، اي انتهاج الديمقراطية كأسلوب لممارسة الأنشطة السياسية، فالتحول الديمقراطي يعني تغييرا جذريا لعلاقات السلطة في المجال السياسي وعلاقات التراتب في الحقل الاجتماعي”

وعليه فإن عملية التحول الديمقراطي تعني الانتقال من نظم ذات طبيعية سلطوية او شبه سلطوية إلى أخرى ديمقراطية، وذلك يعني تطبيق عدة سياسات تؤكد هذا التحول مثل احترام الدستور، سيادة القانون، ووجود مجلس تشريعي منتخب انتخاب حر ونزيه واستقلال القضاء وحرية الصحافة والإعلام والتعددية السياسية والحزبية وفعالية المجتمع المدني واحترام حقوق الإنسان [19].

  • الإصلاح: يطلق على التغيرات الاجتماعية او السياسية التي تسعى لإزالة الفساد، ويقصد بالإصلاح من الناحية اللغوية التغيير أو الانتقال من حال الى حال أحسن أو التحول عن الشيء أو الانصراف عنه الى شيء غيره، لا يوجد تعريف جامع مانع للإصلاح السياسي فهو يعتبر من المفاهيم الغامضة والحديثة وذلك لكثرة تعريفاته، وظهر مع انهيار الاتحاد السوفياتي واندلاع الثورات في شرق أوروبا وعرف على أنه: (الانتقال من نظم سياسية تسلطية إلى نظم سياسية تأخذ بالأشكال المؤسسية للديمقراطية الليبرالية).
  • الاصلاح السياسي: يعني القيام بعملية تغيير في الأبنية السياسية والمؤسساتية ووظائفها واهدافها، وزيادة قدرة وفعالية النظام السياسي على التعامل مع جميع المتغيرات، فالإصلاح يكون من داخل النظام وبأدوات نابعة من داخل النظام، ويقوم الإصلاح السياسي نتيجة لتآكل النظام السلطوي وذلك يؤدي إلى الضغط من أجل تحقيق التحول الديمقراطي، حيث أن الإصلاح السياسي مرحلة تسبق التحول الديمقراطي[20].
  • الثورة: يدل مصطلح الثورة على تغييرات فجائية وجذرية، تتم في الظروف الاجتماعية والسياسية، اي عندما يتغير حكم قائم والنظام الاجتماعي والقانوني المصاحب له بصورة فجائية وأحيانا عنيفة، وتشير أيضا إلى قيام الشعب بأحداث تغيير شامل في المجتمع وإحلال تيارات سياسية وطنية محل التيارات التي ثبت فشلها في تحقيق امال الجماهير، وتتمثل العلاقة بين التحول الديمقراطي ومفهوم الثورة حيث التحول الديمقراطي يحدث في كثير من الأحيان عن طريق الثورة لإزالة النظم السلطوية بالقوة والتغيير الجذري لمجمل نواحي الحياة في ظل الحكم الاستبدادي[21].

المنهج:

منهج تحليل النظم: يعتبر منهج تحليل النظم منهج متعدد التخصصات يستخدم لفهم وتحليل النظم المعقدة وسوف نقوم باستخدامه في حالة الدراسة لتحليل سلوك النظام السياسي المغربي حول الإجراءات لعملية التحويل الديمقراطي حيث يقوم المنهج بتفسير وتحليل الظاهرة حيث يوفر منهج تحليل النظم إطارًا نظريًا قويًا لفهم عمليات التحول الديمقراطي في المغرب، حيث يسمح هذا المنهج بدراسة العلاقات المعقدة بين مختلف العناصر والمؤسسات في النظام السياسي وذلك من خلال مجموعة من العناصر كالآتي:

  1. تحليل المؤسسات السياسية: يسمح منهج تحليل النظم بدراسة المؤسسات السياسية في المغرب، بما في ذلك البرلمان والحكومة والسلطة القضائية والهيئات الرقابية يمكن استخدام هذا التحليل لفهم كيفية تطور هذه المؤسسات عبر الزمن وكيفية تأثيرها على عملية التحول الديمقراطي.
  2. دراسة القوى السياسية: يمكن استخدام منهج تحليل النظم لفحص القوى والفاعلين السياسيين في المغرب، بما في ذلك الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والمؤسسات الدينية حيث يمكن استخدام هذا التحليل لتحليل كيفية تأثير هذه القوى على عملية صنع القرار وتشكيل السياسات في البلاد.
  3. دراسة القيم والثقافة السياسية: يمكن لمنهج تحليل النظم أن يساعد في فهم القيم والثقافة السياسية في المجتمع المغربي، وكيفية تأثيرها على التحول الديمقراطي فيمكن استخدام هذا التحليل لتحليل كيفية تأثير القيم والثقافة على تفاعل المواطنين مع العملية الديمقراطية وقبولهم لها.
  4. دراسة العوامل الاقتصادية والاجتماعية: يساعد منهج تحليل النظم على فهم العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر على عملية التحول الديمقراطي في المغرب، مثل التنمية الاقتصادية والفقر والعدالة الاجتماعية لذلك نقوم باستخدام هذا التحليل لتحليل كيفية تأثير هذه العوامل على ديناميات النظام السياسي وعملية التحول الديمقراطي.

تقسيم الدراسة:

وقد تم تقسيم الدراسة إلي ثلاث فصول رئيسية ، يتناول الفصل الاول منها الإطار النظري للتحول الديمقراطي ومظاهره، وسوف يتم تناول الانتقال الديموقراطي واشكاله وشروطه ومعوقاته وأهم العوامل المؤثرة على التحول الديمقراطي ، الفصل الثاني بتناول السياق السياسي الداخلي والخارجي للتحول الديمقراطي في المغرب، حيث عند الحديث عن السياق الداخلي يتم توضيح طبيعة النظام السياسي بالمملكة المغربية، البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للتحول الديمقراطي، دور المجتمع المغربي في عملية التحول الديموقراطي، ودور المعارضة في عملية التحول الديمقراطي ، بالإضافة إلي الحديث عن السياق الخارجي للتحول الديمقراطي في المغرب من خلال توضيح السياق الإقليمي والدولي، الفصل الثالث الذي سوف يتناول سياسات النظام نحو التحول الديمقراطي وذلك من خلال توضيح حراك ٢٠١١م، وتحديات التحول الديمقراطي في المغرب وما السياسات التي تم اتخاذها وكيف تم تطبيقها وهل أحدثت اثر حقيقي، واستنادا إلى ذلك فإن التصور المقترح لهذه الدراسة هو كالتالي:

الفصل الاول: الإطار النظري للتحول الديمقراطي

  • المبحث الأول: أهم العوامل المؤثرة على التحول الديمقراطي.
  • المبحث الثاني: مظاهر التحول الديموقراطي وشروطه ومعوقاته.

الفصل الثاني: السياق الداخلي والخارجي للتحول الديمقراطي في المغرب

  • المبحث الأول: السياق الداخلي للتحول الديمقراطي في المغرب

أولا: طبيعية النظام السياسي بالمملكة المغربية.

ثانياً: البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للتحول الديمقراطي في المغرب.

ثالثا: دور المجتمع المدني في عملية التحول الديموقراطي.

  • المبحث الثاني: السياق الخارجي للتحول الديمقراطي في المغرب

أولا: السياق الإقليمي.

ثانياً: السياق الدولي.

الفصل الثالث: سياسات النظام نحو التحول الديموقراطي في المغرب

  • المبحث الأول: الحراك السياسي في المغرب بعد ٢٠١١.
  • المبحث الثاني: تحديات التحول الديمقراطي في المغرب.
  • المبحث الثالث: السياسات التي تم اتخاذها لتحقيق التحول الديموقراطي وهل تحققت.

الفصل الأول: الإطار النظري  للتحول الديمقراطي

التحول الديمقراطي يمثل رحلة متعددة الأبعاد تسعى إلى تغيير أنظمة الحكم نحو أنظمة تعتمد على مبادئ الديمقراطية وحكم الشعب. تتضمن هذه العملية جهوداً سياسية، اجتماعية، واقتصادية تهدف إلى بناء مجتمعات أكثر عدالة وشفافية. يعكس التحول الديمقراطي رغبة الشعوب في الحرية والمشاركة في صنع القرارات التي تؤثر على حياتهم، ويمثل خطوة هامة نحو تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة. في هذا السياق، تتطلب عملية التحول الديمقراطي توافقاً وتعاوناً شاملاً بين مختلف فئات المجتمع، وتعزيزًا للقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وبناء مؤسسات قادرة على تحقيق التمثيل العادل والمشاركة الفعّالة للمواطنين في الحياة السياسية.

     تفتح عملية التحول الديمقراطي أفاقًا جديدة للتعاون الدولي والتنمية المستدامة، حيث تشكل الديمقراطية أساسًا للسلام والاستقرار العالمي. ومع تطور التكنولوجيا وتوسع الاتصالات، أصبحت الديمقراطية ليست فقط ضرورة محلية، بل أيضًا تحديًا عالميًا يتطلب جهودًا مشتركة لتعزيزها وحمايتها. إن السعي نحو الديمقراطية ليس مجرد تغيير سياسي، بل يمثل تحولًا ثقافيًا وأخلاقيًا يسهم في بناء مجتمعات متقدمة ومزدهرة.

      ونرى أن مجالات العلوم السياسية قد شهدت تطورات هامة في مجالات الديمقراطية والإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي، مما أدى إلى زيادة الحاجة إلى توضيح المفاهيم والمصطلحات المرتبطة بهذه العمليات في الأنظمة السياسية في دول العالم الثالث. وقد شهدت هذه الأنظمة تراجعاً للتوجهات التسلطية وتزايداً في التحولات الديمقراطية، مما دفع حقل السياسات المقارنة إلى التطور لمواكبة التغيرات المستمرة. يُلاحظ أن موضوع التحول نحو الديمقراطية أصبح يشغل مساحة متنامية من اهتمام الباحثين والمحللين السياسيين. يُعتبر التحول الديمقراطي مفهومًا جديدًا دخل ميدان الفكر السياسي المعاصر في عقد التسعينيات من القرن العشرين، حيث يعبر عن تغيير جذري في الوعي السياسي وطرق ممارسة السياسة وسعي السلطة. وبالتالي، يستوجب التأصيل المفاهيمي الرجوع إلى الأصول اللغوية لفهم التحول الديمقراطي بشكل أعمق.

 }المبحث الأول: الإطار العام للتحول الديمقراطي{

ان عملية فهم التحول الديمقراطي يحتاج إلى فهم الإطار المفاهيمي للتحول الديمقراطي بالإضافة إلى النظريات المفسرة للتحول، ثم الاتجاه لتوضيح العوامل المؤثرة في عملية التحول الديمقراطي الداخلية والخارجية.

أولا: الإطار المفاهيمي للتحول الديمقراطي

يتمحور البحث النظري في تاريخ التحول الديمقراطي حول فهم نشأته وتطوره، مع التركيز على التغيرات المختلفة التي شهدتها هذه العملية. يستدعي هذا الأمر العودة إلى بعض الأعمال الأدبية التي ساهمت في صياغة نظريات حول التحول الديمقراطي، مثل عمل صامويل هانتغتون الذي ناقش فيه ثلاث مراحل رئيسية لتطور الديمقراطية على مدى القرون الأخيرة. تشمل هذه المراحل الأولى التي بدأت في عام 1828 واستمرت حتى عام 1926، والثانية التي امتدت من عام 1943 إلى عام 1962، والثالثة والتي تعتبر الأهم بدأت منذ عام 1974 وما زالت مستمرة حتى الوقت الحالي.

وتتميز المرحلة الأخيرة بتحول العديد من الأنظمة الشمولية إلى نظم أكثر انفتاحاً وتعددية سياسية، مما أدى إلى زيادة المشاركة السياسية في الحياة العامة. تعتبر هذه الموجة الثالثة من التحول الديمقراطي بمثابة نقطة تحول رئيسية وفقًا لهانتغتون، وتمثل الفترة الأهم خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين. قبل هذه الفترة، كانت الأنظمة الشمولية تهيمن على المشهد السياسي في معظم أنحاء العالم، بينما كانت الديمقراطية قليلة الانتشار، خاصة في أمريكا اللاتينية وأسيا وأفريقيا.

وفي منتصف السبعينيات، شهد العالم موجة ثالثة من التحول الديمقراطي وفقًا لوصف هانتغتون، حيث بدأت في البرتغال وإسبانيا واليونان في عام 1974، وانتشرت فيما بعد إلى دول أخرى في أمريكا اللاتينية وبعض مناطق آسيا خلال فترة الثمانينات، ثم امتدت إلى أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي السابق، وبعض مناطق أفريقيا في بداية التسعينات من القرن الماضي.

١/ “البُعد المعرفي للتحول الديمقراطي”:

بناءً على ما تم ذكره سابقًا، يمتد التحول الديمقراطي في مضمونه السياسي والاجتماعي إلى تغيير شامل وجوهري في عمليات السلطة السياسية والترتيبات الاجتماعية. يمثل هذا التحول تغييرًا بطيئًا وتدريجيًا في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الدولة المعنية.

  • التعريف اللغوي ” التحول الديمقراطي”

التحول في اللغة يعني الانتقال من مرحلة الى مرحلة , في حين كلمة ديمقراطي كلمة يونانية تعني حكم الشعب نفسه بنفسة, كما  تعبر “التحول” عن تغير نوعي في الشيء أو انتقاله من حالة إلى أخرى، وهي المرحلة الوسطية التي تقع بين الانتقال من نظام سياسي إلى نظام آخر و تبدأ عملية التحول نحو الديمقراطية بالتفكيك التدريجي للنظام السلطوي[22] ويشير لفظ التحول الديمقراطي لغة إلى التغير أو النقل، فيقال حول الشيء أي غيره أو نقله من مكانه بينما تشير الدلالة اللفظية” للتحول الديمقراطي” الى  المرحلة الانتقالية بين نظام غير ديمقراطي ونظام ديمقراطي، فالنظام السياسي الذي يشهد تحولاً ديمقراطياً يمر بمرحلة انتقالية بين نظام غير ديمقراطي في اتجاه التحول إلى نظام ديمقراطي[23].

  • التعريف الاصطلاحي ” التحول الديمقراطي”

تشير إلى مختلف الإجراءات الكفيلة بتعزيز المشاركة في السلطة السياسية استنادا لفهم جوزيف شومبتر فموجة التحول الديمقراطي تهدف إلى معرفة الأسباب التي أدت للدفع بإجراءات الانفتاح السياسي التي تبنتها بعض الأنظمة السياسية واجتياز الحاجز أو المسافة الفاصلة بين أنظمة الحكم غير ديمقراطية حيث يعرفها رستو بأنها عملية اتخاذ قرار يساهم فيها ثلاث قوى ذات دوافع مختلفة وهي النظام، والمعارضة الداخلية والقوى الخارجية، ويحاول كل طرف إضعاف الأطراف الأخرى وتتحدد النتيجة النهائية وفقا للطرف المتغير في هذا الصراع، فركز التعرف على الأطراف المشاركة في عملية التحول الديمقراطي أما صامويل هانتغتون يعرف التحول الديمقراطي على أنه: “مسلسل سياسي معقد تشارك فيه مجموعات سياسية متباينة تتصارع من أجل السلطة وتتباين من حيث إيمانها أو عدائها للديمقراطية، فهو مسلسل تطوري يتم فيه المرور من نظام سياسي تسلطي مغلق إلى نظام مفتوح، وهو مسلسل قابل للتراجع[24].

  • التعريف الاجرائي” التحول الديمقراطي”

الانتقالTransition ويقصد منها عملية الانتقال من حالة الاستبداد إلى حالة المشاركة السياسية الفعّالة من قبل الشعب، والمصطلح الثاني “التحول “Transformation” وهو يعني الاستمرارية بشكل عام في الممارسة[25]، والتحول ضمن مسار واضح إلى مزيد من الديمقراطية، فعملية التحول عملية مستمرة تأتي بعد الانتقال إلى نظام حكم ديمقراطي، يعني الانتقال من نظام سياسي يسود فيه الحكم الفردي الاستبدادي إلى نظام سياسي يكون الحكم فيه عن طريق مؤسسات دستورية فاعلة تستمد شرعيتها من إرادة الشعوب[26].

2/ نظريات التحول الديمقراطي:

تشير الأبحاث والدراسات حول التحول الديمقراطي إلى وجود عدة نظريات ومداخل لفهم وتفسير هذه العملية، لكن هناك ثلاث نظريات رئيسية تبرز في هذا السياق وتحاول تفسير عمليات التحول وأنماطها والعوامل المؤثرة فيها.

  • نظرية الحداثة

هذه النظرية تركز على الدور المحوري للتنمية الاقتصادية في عملية التحول الديمقراطي. يُحاول هذا المدخل ربط الديمقراطية بالتنمية الاقتصادية، وقد عبّر عن هذا الاتجاه آدم سميث في كتابه “ثروة الأمم”. ومن بين المعالجات الأكثر دقة لهذا الاتجاه، يأتي عمل العالم الاجتماعي الأمريكي ليبست S.M Lipset في أطروحته بعنوان “بعض الاشتراطات الاجتماعية للديمقراطية” وكتابه “الرجل السياسي” الذي يعتبر أحد أهم الكتب حول هذه النظرية. يستشهد ليبست في عمله بتطابق بين النظم الديمقراطية والتنمية الاقتصادية، مما يمثل نقطة تحول مهمة في فهم العلاقة بينهما[27].

  • النظرية الانتقالية الديناميكية

تعد من أبرز النظريات المقترحة لفهم عملية التحول الديمقراطي. يُعتبر الباحث الأمريكي دانكورت روستو روست من رواد هذه النظرية ومن أبرز أنصارها يتسم نهج روستو بالاعتماد على المقاربة التاريخية، حيث يقوم بمقارنة بين عدة بلدان لفهم مراحل التحول الديمقراطي[28]. وقد توصل روستو إلى تحديد أربع مراحل رئيسية لهذا التحول:

  • المرحلة الأولى: الوحدة الوطنية، حيث يتم تأكيد الشخصية القومية وتحقيق اتفاق واضح بين المواطنين حول المجتمع السياسي.
  • المرحلة الثانية: المرحلة التحضيرية، التي تتضمن الصراع بين النخب الجديدة والنخب التقليدية.
  • المرحلة الثالثة: مرحلة القرار، حيث يتم التوصل إلى قرار نهائي لحسم الصراع وممارسة السلطة.
  • المرحلة الرابعة: مرحلة التعود، حيث تخوض الديمقراطية تجربتها الأولى وتسعى إلى تعزيز وجودها في المجتمع[29].
  • النظرية البنيوية

تعتمد على الفكرة الأساسية التي تؤكد أن التحول الديمقراطي يتحكم فيه من خلال البنى المتغيرة للطبقة والدولة والقوى الدولية وعبر القومية، بدلاً من تفسيره عن طريق مبادرات أو خيارات النخب. يُشير هذا النهج إلى أن من الصعب تفسير مبادرات النخب دون الرجوع إلى العوامل البنيوية[30].

ثانيا: أهم العوامل المؤثرة على التحول الديمقراطي

يُفهم عملية التحول نحو النظم الديمقراطية على أنها لا تحدث في فراغ، بل تتأثر بمجموعة من العوامل التي تتداخل وتدفع نحو التغيير. تشمل هذه العوامل الداخلية دور القيادة والنخبة السياسية، وتدهور شرعية النظم التسلطية، وتراجع الأوضاع الاقتصادية، وتأثير المجتمع المدني. بالإضافة إلى العوامل الخارجية مثل الضغوطات السياسية والاقتصادية الدولية، وظاهرة الانتشار والعدوى. يُمكن تقسيم هذه العوامل كالتالي:

 1/العوامل الداخلية

تلعب العوامل الداخلية دورا كبيرا في زيادة تحريك الجماهير نحو التحول الديمقراطي، والانتقال من النظم السلطوية، وبصفة عامة لا يمكن تفسير التحول الديمقراطي بعامل أو سبب فقط، لذلك فهناك العديد من العوامل المتداخلة بعضها جوهري والآخر ثانوي ولذلك يمكن تحديد بعض من الأسباب الداخلية للانتقال الديمقراطي على النحو التالي:

  • انهيار شرعية النظام السياسي السلطوي:

يعني الشرعية السياسية أن السلطة تأتي من إرادة الجماعة الوطنية بشكل عام، حيث يُفهم الشرعيّة على أنها قبول الغالبية العظمى من المواطنين لحق الحاكم في التحكم وممارسة السلطة.

ماكس فير يميّز بين ثلاثة أشكال للشرعية؛ الأولى هي الشرعية التقليدية التي تستند إلى المعتقدات والعادات الموروثة، والثانية هي الشرعية المشتقة من الزعامة الملهمة والتي تتعلق بشخصية القائد. أما الشكل الثالث فيتعلق بالشرعية القانونية التي تقوم على قواعد محددة تنظم واجبات نظام الحكم وطرق انتقال السلطة وتبادلها، بالإضافة إلى حقوق وواجبات المواطنين[31].

هناك عدة أسباب قد تؤدي إلى أزمة شرعية النظام، منها الفشل في حل المشاكل التي واجهها النظام عند توليه الحكم، مما يجعل عدم وجود تجديد لشرعيته. كما يمكن أن يفقد النظام شرعيته إذا لم يتمكن من تحقيق وعوده، مما يدفع المجتمع إلى البحث عن نظام بديل يمكن أن يلبي تطلعاته. يزيد النظام من مشكلة شرعيته عندما يفشل في مواكبة التغيرات الجديدة في المجتمع، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية حيث تزداد مشكلة الشرعية في الأنظمة السلطوية بسبب عدم القدرة على التمييز بين شرعية الحاكم وشرعية النظام، فأي انتقاد للحاكم يعتبر انتقادًا للنظام بأكمله. يبرز في هذه النقطة أهمية النظام الديمقراطي، حيث يفقد الحاكم الفاشل شرعيته، وليس النظام بأكمله، وبالتالي يتم استبداله من خلال الانتخابات[32].

بموجب ذلك، يتغير وينهار النظام عندما لا يعكس التوازن الاجتماعي والسياسي الواقع، ويستمر النظام عندما ينجح في تمثيل مختلف التيارات والقوى السياسية في المجتمع وذلك عندما يفقد النظام شرعيته، يتصاعد التوتر والمعارضة ضده، وفي هذا السياق، يلعب دور القيادة السياسية دورًا حاسمًا. قد تدرك القيادة أن تكاليف البقاء في السلطة مرتفعة للغاية، مما يدفعها لاتخاذ خطوات نحو التغيير، بما في ذلك اتخاذ إجراءات لفتح النظام أمام الانفتاح السياسي أو الديمقراطي لتهدئة المعارضة. بالتالي، تصبح الشخصية القيادية عنصرًا أساسيًا في عملية التحول الديمقراطي وتحقيق التعددية السياسية[33].

  • التغير في إدراك القيادة والنخب السياسية

تُعتبر القيادة السياسية من أهم العوامل التي تسهم في اتخاذ قرارات التحول الديمقراطي ونجاحه أو فشله. تتطلب عملية التحول وجود قادة ماهرين يستطيعون التعامل مع المعارضة وتوسيع دائرة المشاركة في صنع القرار وتوزيع الموارد الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، تتحمل القيادة المسؤولية عن تعزيز التماسك الديمقراطي وحماية حقوق الأفراد من التعسف الحكومي، فضلاً عن التفاوض مع الجماعات الاجتماعية التي تعارض عملية التحول[34].

هناك عدة أسباب تدفع قادة الأنظمة السلطوية لدعم الانتقال إلى النظام الديمقراطي، بما في ذلك الاعتقاد بأن ذلك سيساهم في زيادة الشرعية الدولية وتخفيف العقوبات الدولية المفروضة على بلادهم. بشكل عام، يمكن القول إن القيادة السياسية تلعب دورًا حاسمًا في عملية التحول الديمقراطي، وذلك عندما تصل إلى قناعة بأن السعي نحو الديمقراطية هو السبيل الأمثل لتفادي التغيير القسري في النظام. وبوجود معارضة سياسية قوية ومنظمة، يكون الطريق مفتوحًا للتحول الديمقراطي من خلال تحرك الشارع والثورة الشعبية[35].

  • درجة النمو الاقتصادي

      يُجدد الاهتمام بالعلاقة بين الديمقراطية والتنمية الاقتصادية في الموجة الثالثة للتحول الديمقراطي، حيث يعتبر النمو الاقتصادي عاملاً محفزًا لتعبئة اجتماعية تُدفع بدورها نحو التعبئة السياسية والتحول نحو الديمقراطية. يلعب العامل الاقتصادي دورًا بارزًا في تحفيز النظم غير الديمقراطية للانتقال نحو الديمقراطية، حيث يفضح الأزمات الاقتصادية فشل السياسيات العامة للنظام التسلطي ويثير الشكوك حول حقه في البقاء في السلطة والحكم حيث تؤدي الأزمات الاقتصادية أيضًا إلى انقطاع العلاقات بين النظام وقطاعي التجارة والصناعة، مما يُعزز ضعف النظام السياسي[36].

ويُعتبر النمو الاقتصادي عاملاً محفزًا أو ضاغطًا لعمليات التحول، حيث يزيد من نسبة المتعلمين ويسهم في تشكيل ثقافة سياسية ديمقراطية. كما يقلل من حالات عدم المساواة في توزيع الثروات ويقلص الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، لكنه في الوقت نفسه يُلقي بظلاله على الفجوات الاجتماعية ويزيد من التوترات بين الطبقات المختلفة، مما يُضعف هيبة الحكم ويسهم في تصاعد الاحتقان الاجتماعي، ويزيد من الشعور بضرورة تحقيق التغيير الجذري، ويساعد في فرص حصول التحول نحو الديمقراطية والتخلص من أعباء ومظالم النظام الاستبدادي[37].

وبذلك فإن العامل الاقتصادي دورا بارزا في احداث عملية التحول الديمقراطي فيما يتصل بتحديد مختلف مجالات التصنيع التي تتيح الموارد والعائدات الكبيرة التي تزيد من قوة الدولة وانعكاسها على رفاهية الفرد وديمومة عمله باستمرار، حيث التشغيل الكامل للموارد المتاحة وعدم اعتماد الدولة على اقتصاد احادي الجانب، وعدم إتلاف المال العام في مشاريع وهمية أو إجرائية، وكل ذلك يوفر الطاقة الكاملة لقوة الدولة وزيادة رصيدها بين الدول، وبالتالي سيشكل ضمانا لتحقيق التحول نحو الديمقراطية فضلا عن الارتكاز على اعتماد الحلول التدريجية للمشكلات بما يضمن الابتعاد عن النهج الشمولي التسلطي، واعتماد سياسات التنمية المستدامة لتحقيق خطوات واثقة صوب التحول الديمقراطي.

  • نمو المجتمع المدني

يلعب المجتمع المدني دورًا بارزًا في دفع النظام السياسي نحو اعتماد عملية التحول الديمقراطي وتوسيع مجال حقوق وحريات المواطنين دون تدخل الحكومة، فهو المسؤول عن ممارسة الرقابة على أداء الحكومة والسياسيين حيث يُعرف المجتمع المدني بكافة المؤسسات التي تسمح للأفراد بالتأثير في الحكم دون تسلط الحكومة عليهم حيث بعد ظهور مجتمع مدني نشط، أصبح أمرًا ضروريًا ولازمًا لعملية التحول الديمقراطي، حيث يتعين وجود تفاعل بين السلطة والمواطنين، وهو التفاعل الذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال وجود مؤسسات مجتمع مدني مستقلة غير حكومية[38].

يتجلى دور المجتمع المدني بوضوح في المجتمعات الديمقراطية، حيث ترتبط فعاليته بشكل كبير بترسيخ الديمقراطية. ففي العديد من الحالات، قامت منظمات المجتمع المدني بدور فعّال في تعزيز التحول الديمقراطي وتوسيع نطاقه، سواء من خلال مراقبة وتصحيح أداء الحكومة أو توجيهها أو حتى تقييدها. كما يمكن للمجتمع المدني أن يساهم في دعم الديمقراطية من خلال تعزيز ثقافة الديمقراطية والمشاركة المجتمعية، وتأهيل قادة جدد وتدريبهم[39].

ثانيا: العوامل الخارجية

ويقصد بالعوامل الخارجية أي الضغوط الدولية النابعة من خارج بيئة النظام السياسي إقليمياً ودولياً، والتي تلعب دورا بارزا في احداث التحول نحو الديمقراطية، كضغط النظام الدولي الجديد وتنامي ظاهرة العولمة وانعكاساتها على البلدان المتحولة ديمقراطيا، والضغوط التي تمارسها المؤسسات الدولية وبالأخص المالية منها كصندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية التي تعمل على مراقبة أوضاع حقوق الانسان وتشجيع الديمقراطية، ومن أهمها:

  • التغير في النظام الدولي الجديد

تتميز سمات النظام الدولي الجديد، المعروف بظاهرة العولمة، بمجموعة من المفاهيم والقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان واقتصاد السوق. تُستخدم هذه المفاهيم والقيم كسلاح إيديولوجي ووسيلة جديدة لممارسة التأثير السياسي والاقتصادي على الدول الأخرى، خاصة التي تعتبر متخلفة في هذا الصدد يتم ذلك من خلال المؤسسات الدولية مثل مجلس الأمن والمؤسسات المالية الدولية، بالإضافة إلى استخدام قوة وسائل الإعلام، وذلك في سياق تأمين المصالح الاستراتيجية للدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، التي تشجع بشكل كبير على تعديل النظام الدولي الجديد وقد نجحت لحد كبير في نشر عدم الاستقرار واستخدام مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان كمواقف دولية معترف بها، كما تنص عليه مواثيق الأمم المتحدة حيث بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتحديد الولايات المتحدة لدورها الرئيسي في قيادة النظام العالمي، بدأت تتبنى سياسات ترتبط بالدفاع عن حقوق الإنسان ونشر القيم الثقافية المرتبطة بالديمقراطية الحزبية[40].

  • ضغوطات المؤسسات المالية الدولية

حيث تمارس المنظمات الدولية وخاصة صندوق النقد الدولي دورا مهما في تحول النظم السلطوية نحو الديمقراطية، عن طريق الربط بين المساعدات الاقتصادية ومعدل الإصلاحات السياسية في النظم السياسية السلطوية أو حديثة التحول نحو الديمقراطية. كما تؤثر تلك المساعدات إيجابيا على شرعية النظم السياسية المتلقية للمساعدات فإنها بالمقابل قد تؤثر سلبيا على استقرارها، خاصة عند تطبيق برامج التعديل الهيكلية الاقتصادية وبالتالي تظهر مؤشرات في ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض مستويات الدخل والفقر وغيرها، أدت تلك الإصلاحات إلى ثمن اجتماعي كبير تحمل الجانب الأكبر منه الفقراء ومحدودي الدخل وهم يمثلون الكتلة الأكبر من السكان في غالبية الدول العربية حيث أدت هذه السياسات إلى زيادة حدة التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع معدلات البطالة في الدول المعنية ومنها مصر، الأمر الذي أوجد ظروف مواتية لتنامي ظواهر الاحتجاج الجماعي والعنف[41].

  • ظاهرة العدوى أو الانتشار أو المحاكاة

ففي ظل ثورة الاتصالات والمعلومات وتشابك العالم ازداد تأثير الدور الخارجي في احداث التحولات الديمقراطية في عدد من النظم السياسية، فسقوط النظم الشمولية أو السلطوية في كثير من دول العالم كان عاملا محفزا للمطالبين بالديمقراطية في النظم السلطوية أو الشمولية الأخرى ، ويقصد بذلك أن التحول الديمقراطي الناجح لدولة يشجع على إحداث تحول ديمقراطي في دولة أخرى، وهذا التأثير غير المباشر القادم من البيئة الدولية لا يتجه إلى الحكومات بقدر ما يتجه إلى الشعوب وإلى فئاتها المستنيرة المتطلعة للديمقراطية، فيعمل على إثارة مشاعر الحماسة  الوطنية وبالتالي نستنتج أنه كلما كان هناك تقارب جغرافي أو تجانس ثقافي أو تماثل سياسي أي وجود قواسم مشتركة بين وحدات سياسية معينة كلما ازداد تأثيرها بظاهرة التحول الديمقراطي. وهذا ما حدث بالفعل عند قيام الثورة المصرية على إثر قيام الثورة في تونس[42].

وفي ظل الثورة التكنولوجية العالمية وثورة الاتصالات أصبح من الصعب على النظم السلطوية السيطرة على تدفق المعلومات من العالم الخارجي أو أن تحجب عن شعوبها المعلومات عن سقوط الأنظمة السلطوية في الدول الأخرى، كما جعلت من استخدام العنف لقهر المعارضة وانتهاك حقوق الإنسان ظواهر عالمية لا تخص دولة بعينها مما يشكل قيدا على هذه الحكومات عند لجوئها إلى العنف ضد مواطنيها كما ساعدت تلك الوسائل على نشر الوعي السياسي وكشف زيف ديمقراطية النظم السلطوية خاصة مع تمدد ما يعرف بالمجتمع المدني العالمي[43].

من السابق نستنتج وجود ثلاث آليات تحديد عمليات التحول الديمقراطي، الأولى هي التحول بعد ثورة اجتماعية، حيث يصل النظام السياسي إلى مستويات عالية من التردي والغضب الشعبي، مما يؤدي إما إلى استقالة النظام الدكتاتوري أو إزاحته بالقوة، الآلية الثانية تتمثل في التحول بفعل تغير في إدراك القيادة السياسية، حيث يتم اتخاذ قرار بالانتقال نحو الديمقراطية أما الآلية الثالثة فتتمثل في التحول بفعل تدخل خارجي، حيث يتم إسقاط النظام التسلطي وتحل محله نظم ديمقراطية بمساعدة قوى عسكرية خارجية تسعى لتعزيز الديمقراطية، دون مراعاة مدى تناغم هذا التغيير مع بنية المجتمع وقيمه، أو مدى توفر الظروف الضرورية لإكماله.

 }المبحث الثاني: مظاهر التحول الديمقراطي وشروطه ومعوقاته {

تتنوع مظاهر التحول الديمقراطي بحسب الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية لكل دولة، وتتأثر بعوامل عدة من بينها التاريخ السياسي والثقافي والاقتصادي. فقد تشمل هذه المظاهر تغييرات في الدستور والقوانين، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتعزيز حقوق المواطنين، وتقوية المؤسسات الديمقراطية مثل البرلمان والقضاء ووسائل الإعلام المستقلة، علاوة على ذلك، قد تتضمن مظاهر التحول الديمقراطي حركات اجتماعية ومدنية نشطة تطالب بالتغيير والإصلاح، وتعمل على نشر الوعي السياسي وتعزيز مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وتكون هذه المظاهر مرآة للرغبات والطموحات الشعبية نحو تحقيق مجتمع أكثر عدالة وحرية ومساواة حيث تعتبر مظاهر التحول الديمقراطي عملية دقيقة ومعقدة تتطلب الوقت والجهد والتفاوض، وتواجه تحديات عديدة من بينها المقاومة من القوى السياسية التقليدية والتدخل الخارجي وتعقيدات الوضع الاقتصادي والاجتماعي. ومع ذلك، فإن التحول الديمقراطي يمثل خطوة أساسية نحو بناء مجتمعات قائمة على مبادئ العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان، ويعتبر أحد الأهداف الرئيسية للعديد من الشعوب حول العالم في سعيها نحو التقدم والتطور[44].

أولا: مظاهر واشكال التحول الديمقراطي

صنف “صموئيل هنتغتون أنماط وأشكال التحول الديمقراطي إلى أربعة أنماط في النظم التسلطية وهي:

  1. التحول:

في هذا النمط من أنماط التحول الديمقراطي تتم عملية التحول الديمقراطي بمبادرات تنبع من داخل النظام التسلطي ذاته وبدون أي تدخل من جهات أخرى، كقوى المعارضة أو من المجتمع ككل، ويرى “هنتغتون” أن هذا الشكل من التحول الديمقراطي عادة ما يتخذ شكل ديمقراطية محدودة تكون الهيمنة فيها لصالح عدد محدود من النخب التي تستمر في احتكار السلطة والقوة، وتأخذ المصالح الشخصية البعد الأهم في عمليات اتخاد القرار السياسي، ولقد كان هذا النمط الغالب لعمليات الانتقال في العديد من بلدان أمريكا اللاتينية والاسيوية[45].

  1. التحول الإحلالي

تتم عملية التحول الديمقراطي في هذا النمط أساساً على طريق مبادرات مشتركة بين النخب الحاكمة والنخب المعارضة، عندما تدرك هذه النخب أن لها مصلحة مشتركة في التحرك في مسار يؤدي إلى ديمقراطية محدودة ضمن نمط التحول الاحلالي، وعادة ما يكون الهدف من هذا التحرك حل خلافات النخب وتدعيم نفوذها وتوجيه الفعل السياسي بما يلائم مصالحها لضمان الاستقرار بعد المرحلة الانتقالية، ودمج النخب ضمن إطار مستقر من المؤسسات الديمقراطية الفعالة التي لا تهدد مصالح هذه النخب، لأنه إذا لم تشعر النخب بأن النظام الجديد يضمن مصالحها، فإنها لن تقبل شرعيته وسوف تبدل ما في وسعها للتخصيص[46].

  1. الإحلال:

تنتج عملية التحول الديمقراطي في النمط الاحلالي في الغالب، عن عجز النظام التسلطي حيال أزمة وطنية خطيرة، مما يعرض النظام لضغوط كبيرة من المعارضة الشعبية، أما النخب فإنها تزعم على الخضوع للإرادة الشعبية الغاضبة، وفقاً لهنتغتون فمن غير المحتمل أن يستقر النظام الديمقراطي وفقاً لهذا النمط الاحلالي، في إمكانية عودة نظم تسلطية بأشكال جديدة تظل قائمة[47].

أن صور التحول الديمقراطي تتنوع بشكل كبير حسب السياق السياسي والاجتماعي والثقافي لكل دولة. وتظهر هذه الصور بأشكال متعددة، تتضمن عدة مظاهر ومراحل تحول تختلف من دولة إلى أخرى وهناك بعض الأشكال لصور التحول الديمقراطي[48]:

  1. الانتفاضات والثورات الشعبية: تعتبر الانتفاضات والثورات الشعبية واحدة من أبرز الصور للتحول الديمقراطي، حيث يتمكن الشعب من تغيير النظام السياسي القمعي أو الديكتاتوري من خلال الاحتجاجات والتظاهرات والثورات المسلحة.
  2. الانتقال السلمي للسلطة: تشمل هذه الصورة عمليات انتقال السلطة من النظام الحاكم إلى سلطة ديمقراطية جديدة دون حدوث صراعات أو اضطرابات كبيرة، ويمكن أن تتم هذه العمليات عبر انتخابات ديمقراطية أو مفاوضات سلمية بين الأطراف المعنية.
  3. الإصلاحات السياسية والدستورية: تشمل هذه الصورة عمليات تغيير الدساتير والقوانين السياسية لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويمكن أن تتضمن إجراء انتخابات متعددة وحرة، وتعزيز سلطات البرلمان والقضاء، وتأسيس مؤسسات مدنية مستقلة.

ثانيا: شروط التحول الديمقراطي

بدون شك، تحتاج أي عملية تحول، سواء كانت سياسية أو غيرها، إلى تخطيط مسبق وتبديل جذري في الهيكل، مما يتطلب توفر شروط ووسائل معينة. هذا المفهوم لا يختلف عن الديمقراطية نفسها وكيفية الوصول إليها. فعملية التحول الديمقراطي أصبحت مرهونة بتوفر شروط أساسية يُعتبر وجودها أمرًا ضروريًا لنجاح أي مشروع تغييري. وتتمثل هذه الشروط فيما يلي:

  1. الشروط الاقتصادية والاجتماعية

أكدت النظرية الليبرالية السياسية، ممثلة بأدم سميث، على أهمية الليبرالية السياسية لأداء فعال للاقتصاد السوقي، الذي يُعتبر المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي. ومن هذا المنظور، أوضح السياسي الأمريكي “ليبسيت” أن الديمقراطية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية. فقد قام بتصنيف الأنظمة إلى ديمقراطيات مستقرة وغير مستقرة، واستبداديات مستقرة وغير مستقرة، ومقارنتها بمؤشرات مثل الثروة والحضرية والتصنيع والتعليم كمؤشرات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ووجد أن البلدان الديمقراطية كانت تتمتع بمستوى عالٍ من التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومن هنا، نفهم أهمية العوامل الاقتصادية في تحديد نجاح عملية التحول الديمقراطي حيث لم يكن ليبسيت الوحيد الذي ربط بين الديمقراطية والتنمية الاقتصادية. في دراسته “الموجة الثالثة”، استعرض هانتينجتون العلاقة بين النمو الاقتصادي والتحول الديمقراطي، ووجد أن العوامل الاقتصادية تلعب دورًا كبيرًا وتؤثر بشكل كبير على عملية التحول الديمقراطي    ولئن كانت هذه العوامل على حد ليست بالفاصلة أو الحاسمة، إلا أنها على درجة هائلة من الأهمية، فقد أدت السرعة المفرطة إلى خلخلة الأنظمة الشمولية، كما كان المستويات النمو المرتفعة أثر بالغ في تمهيد الطريق للديمقراطية[49].

إذن يتضح لنا أن العلاقة بين الديمقراطية والنمو الاقتصادي علاقة متلازمة ومترابطة، ويبقى من غير المستحيل تصور تحول ديمقراطي في الدول الفقيرة المتخلفة والتيتعرف هشاشة بنيتها الاقتصادية وتوجد بمنأى عن التصنيع وفي وضع لا يسمح لها بالشروع في عملية الانتقال أما فيما يخص بعلاقة الاجتماعي بالديمقراطية إن النمو الاقتصادي مع التقليل من حدة الفوارق والتناقضات الاجتماعية سيدفع الأفراد قاطبة إلى التجرد من الميولات التنازعية السلبية، وسيغلب الاتجاه في نفس الوقت نحو الاستعاضة عنها بأخرى أكثر توافقاً وهو الإطار الذي يمكن معه احتواء ديمقراطية، وهنا لا فرضية مفادها أن التحول نحو نظم حكم ديمقراطية يتأتى أكثر في ظل المجتمعات التي تؤمن بالتوفيق بين المصالح الاجتماعية وتحقيق التوزيع الاجتماعي العادل للثروة، ففي ظل المجتمعات التي يكتسح فيها الفقر فئات عريضة من الشعب لاشك أنه سيحول دون رحابة هامش التفكير في قضايا الحرية ويعقد الاهتمام بالشؤون المرتبطة بالنظام السياسي ما لم تحل أزمة التفاوت هذه[50].

ومن هنا يبدو أنه كلما تحسنت البنية الاجتماعية وتحصنت من مختلف الاختلالات والتناقضات كلما كانت أكثر فاعلية واهتماماً بالشأن السياسي وكانت معها أكثر دفعاً وتسريعاً لوتيرة الانتقال.

في الختام، تبقى التنمية الاقتصادية والنمو الاجتماعي ذات أهمية بالغة في تعزيز وترسيخ الديمقراطية، ولا يمكن تحقيقها بدون توفر الشروط الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، هناك شروط سياسية وثقافية يجب توفرها لضمان نجاح عملية التحول الديمقراطي.

  1. الشروط السياسية والثقافية

ان الثقافة السياسية تلعب دورًا حيويًا في دراسة العلوم السياسية. وقد عرفها المفكرون المختلفون بطرق متعددة، إذ يعتبرها بعضهم مجموعة من التوجهات والسلوكيات تجاه النظام السياسي، بينما يرى آخرون أنها تتكون من القيم والمعتقدات والاتجاهات تجاه الحكومة وأداء دورها ومن خلال هذه التعاريف، ندرك أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين مستوى الثقافة السياسية وعملية الديمقراطية. إذ كلما زاد الوعي السياسي وتنوعت الثقافة السياسية، زادت فرص التحول الديمقراطي، لذا، يتطلب التحول الديمقراطي وجود ثقافة سياسية تدعم القيم الديمقراطية، ولتحقيق ذلك يجب تنشئة المواطن بشكل سليم ومن هذا المنطلق، يمكن أن ينجم عن ذلك المساواة والعدالة والحرية والولاء للمجتمع، بالإضافة إلى المشاركة الفعالة في الحياة السياسية على جميع المستويات[51].

أما المجتمع المدني، فيعتبر تنظيمًا طوعيًا مستقلًا عن السلطة، يسعى إلى تحقيق مصالح أفراده ويؤدي أدوارًا متعددة، بما في ذلك دور المنافسة أو المعارضة للسلطة، ويعمل كوسيط بين الدولة والمجتمع حيث في مقدمته التحليلية بعنوان “المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي”، يشير سعد الدين إبراهيم إلى أن المجتمع المدني يضم عناصر وتنظيمات غير حكومية، مثل الأحزاب السياسية، والاتحادات العمالية، والنقابات المهنية، وهيئات التنمية الاجتماعية، وغيرها من جماعات الضغط وفيما يتعلق بالعلاقة بين المجتمع المدني والديمقراطية، يستشهد عبد الحميد الأنصاري بمفهوم يعبر عنه قائلاً: “المجتمع المدني يمثل البنية التحتية للديمقراطية، وهو شبيه بالشرايين والقنوات التي يتدفق فيها السائل الحيوي للديمقراطية. إنهما جانبان لعملة واحدة، وهي الحرية… فلا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية من دون وجود مجتمع مدني، فهو الأب أو الأم الحاضنة التي تضمن نمو الديمقراطية واستمرارها وتطورها، وتجعلها مقاومة للتراجع والتآكل[52].

بناءً على ذلك، يظهر أن المجتمع المدني له دور أساسي ومتماسك في تعزيز وصون الديمقراطية، وذلك من خلال تعزيزها والمساهمة في الحفاظ عليها، بالإضافة إلى تعزيز القدرات التنظيمية للفئات الأقل حظاً في المجتمع.

ثالثا: التحديات والمعوقات التي تواجه التحول الديمقراطي

توفير الشروط السابقة ليس بالضرورة يضمن تحقيق التحول الديمقراطي، ما لم يتم معالجة مجموعة من المشاكل. قبل البحث في العوائق، يجب تصحيح بعض المفاهيم التي ارتبطت بشكل قوي في الوعي العام، والتي بذلك تشكل عائقا في حد ذاتها. يعتقد الموقف الأيديولوجي أن الديمقراطية هي المفتاح لحل المشكلات، إذ تمثل فكرة الديمقراطية الآن الوظيفة نفسها التي أطلقتها في الماضي فكرة الثورة. وبالتالي، تعمل الديمقراطية كشرط سابق لكل شرط آخر، ويجب أن ندرك أنها لا تجب أن تكون نقطة انطلاق بقدر ما تشكل نقطة وصول وهناك عوائق خارجية وعوائق داخلية:

  1. العوائق الخارجية

تتمثل في البقاء الاستعماري طويل الأمد الذي شكل إرثا تاريخيا ثقيلا لعب دور في تعطيل الانتقال إلى الديمقراطية، بالإضافة إلى الاحتلالات العدوانية المتكررة ضد الوطن العربي التي عطلت السير في طريق التقدم الديمقراطي وكذا الصراع العربي الاسرائيلي الذي عرقل التطور الديمقراطي في العديد من البلدان العربية مثل مصر، سوريا، لبنان، العراق. كما يمكن الإشارة الى الحروب والنزاعات الحدودية كغزو العراق للكويت النزاع الجزائري المغربي الصراع العربي الاسرائيلي التي ساهمت في تبديد الكثير من الاموال الحصارات الدولية المفروضة على الدول العربية منذ 1990 على العراق، ليبيا، السودان وكذلك على كما الشعب الفلسطيني حيث أثرت بشكل سلبي على قضية التحول الديمقراطي. ساهمت العولمة ومحاولة فرض الاستتباع الى جانب فرض نمط مهدد للتطور وخاصة بعد التحولات العاصفة التي اجتاحت اوروبا الشرقية في تقييد الارادة السياسية واخضاع شعوب وامم للهيمنة وسياسات ومناهج لا تنسجم مع طموحاتها معطلة بذلك طريق الانتقال إلى الديمقراطية. كل هذه الظروف كان لها إثر سلبي بالنسبة للدول[53].

  1. العوائق الداخلية

في الجانب السياسي، يسيطر الحزب الواحد ويعاني التعددية السياسية من الضعف، مما يعيق التداول على السلطة ويقيّد النشاط خارج إطار الحزب، وهذا يقف في وجه التحول الديمقراطي. وتثير هذه الحالة مشكلة الشرعية العصبية، التي تعمل كعائق للتطور والتقدم في المجال السياسي والديني حيث أن السلطة السياسية تحاول فرض نفسها بالدين، بمعنى أن مبدأ الحكم فيها هو تطبيق لتعاليم الدين وبالتالي تضع حواجز في وجه أي انتقال ديمقراطي باسم الدين مقاومة الطابور التسلطي والمنتفع حيث تمثل عمليات المقاومة التي تنظمها قوى سياسية واجتماعية عديدة داخل المجتمع السياسي المنتفعة من بقاء واستمرار النظام التقليدي أي يحافظ على مصالحها الخاصة وبقائها في السلطة، وبالتالي يعيق عملية التحول إلى الديمقراطية. أما في الجانب الاجتماعي غياب الطبقة الاجتماعية القوية والثابتة التي تشكل قاعدة الطلب الديمقراطي إضافة إلى تشوش الوعي وغياب ثقافة ديمقراطية وتفشي الجهل والأمية، فالأمية ركن أصيل في عدم فهم الإنسان وأخطر أنواعها الأمية السياسية وهذا النوع فرض على المنطقة نتيجة العهود الاستعمار والتبعية الطويلة.. وفي الأخير يمكن القول إن كل هذه العوامل الداخلية والخارجية تعتبر حواجز في طريق الانتقال إلى الديمقراطية فبدون إيجاد حلول لهذه العوائق لا يمكن الحديث عن إمكانية الانتقال الديمقراطي[54].

مما سبق نستنتج أن هناك العديد من التحديات والمعوقات أمام عملية التحول الديمقراطي أهمها:

  1. معوقات النخب الحاكمة، وتكوينها سواء من الأصول الملكية الوراثية، أو النخب التكنوقراطية، فالقيادة السياسية في أي دولة تشكل عاملاً مؤثراً في التحول الديمقراطي، فهيمنة الأنظمة السياسية، واختراقها، وتدجينها للمجتمع المدني واستخدامه لمصالحها، والشخصانية، وعدم التداول السلمي للسلطة وغياب الشرعية، والنظام السلطوي الأبوي لبعض المجتمعات، والتمييز الديني، والعرقي، وضعف المواطنة.
  2. سيطرة الحزب الواحد، وعدم التعددية السياسية، الأمر الذي ينتج عنه المراقبة للقضاء العام، وإباحة التنافس والصراع السياسي بين الأحزاب السياسية، وانعدام حرية التعبير والتفكير مما يسهم في توفير أرضية خصبة لتزايد النفوذ الأجنبي، ومن ثم تنمية الصراعات الداخلية التي تهدد الكيان الوطني بالدولة، وقد تعود بالمجتمع للقيم الطائفية والعشائرية والجهورية.
  3. غياب مبدأ التنافس على الحكم في حالة قيام النخب السياسية بوجود مؤسسات برلمانية، أو انتخابات شكلية، وهي قاعدة تقوم عليها الحياة السياسية المزورة للعملية السياسية، الأمر الذي يفسر أن الحياة السياسية لا تزال أسيرة.
  4. بعض المعوقات المتعلقة ببنية الدولة، وما تتضمنه من بني وأطر ومؤسسات سياسية وقانونية، فهي من يحدد الإطار الموضوعي لممارسة الناس، وحدود اختياراتهم، والآفاق المفتوحة أمامهم.

في البداية لابد أن نذكر ان بعض المعلومات عن المغرب حيث أن عاصمتها الرباط وأنها دولة عربية تقع في الجزء الشمالي من قارة إفريقيا وتطل على البحر المتوسط ويحط بها شرقا دولة الجزائر وموريتانيا جنوبا والمحيط الأطلسي غربا وسبب تسميتها بدولة المغرب هو الاعتقاد العربي القديم بأن الشمس تشرق من اليابان وتغرب في المغرب، بالنسبة لتاريخ المملكة المغربية يرجع إلى ما قبل ٤٠٠٠ سنة وتوالت عليها الحضارات بداية من الحضارة الآشورية و الموستيرية وصولا الي الفنيقين الذين اشتغلوا بالتجارة وبعد الميلاد كانت الرومانية هي الحضارة الأولى التي عاشت على أرض المملكة المغربية وبقت لقرون عديدة وتميزت هذه الفترة بانفتاح تجاري مع المناطق المجاورة، وفقا لذلك اهتمت الدراسة بهذه الدولة وتم اختيارها كمجال مكاني للدراسة حيث جاء الاهتمام بالمملكة المغربية وما شهدته من تحولات على الساحة السياسية ومحاولاتها للتحول الديمقراطي في العديد من الفترات على الساحة السياسية ومحاولاتها للتحول الديمقراطي في العديد من الفترات عبر تاريخ المغرب المستقلة وتعددت أهداف كل مرحلة ولكننا سوف نتناول مرحلة ما بعد ٢٠١١م.

لذلك كان على الدراسة ان تبحث في طبيعة السياق الداخلي والخارجي للتحول الديمقراطي في المغرب حيث أن التحول يتم وفق سياق داخلي كان الدافع الأساسي له التحول من الوضع القائم الي وضع أكثر ديمقراطية من خلال مجموعة من الأبنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والذي تعتبر السياق الرئيسي لتشكيل سياق داخلي نحو المطالبة بالتحويل للأحسن، اما بالنسبة للجانب الاخر المؤثر في عملية التحول الديمقراطي في المغرب هو السياق الخارجي لعملية التحول الذي يتمثل في سياق إقليمي ودولي، لذلك تعتبر هذه المتغيرات المنهج الذي يسير وفقه التحول الديمقراطي في المغرب، وفقا لذلك يقوم الفصل بمعالجة السياق الداخلي والخارجي الذي واكب عملية التحول الديمقراطي في المغرب وفقاً لمبحثين يوضحوا الظروف الداخلية والخارجية في المغرب لمعرفة مدى تأثير البيئتين الداخلية والخارجية على التحول الديمقراطي في المغرب[55].

 }المبحث الأول: السياق الداخلي للتحول الديمقراطي في المغرب{

سوف يقوم هذا المبحث بتحليل ووصف طبيعة التحول من خلال تحديد السياق الداخلي للتحول الديمقراطي في المغرب حيث لا يمكن فهم عملية التحول الديمقراطي في المغرب خارج إطار تاريخي للظروف الطبيعة والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ولكن لابد من معرفة ان بوادر التحول الديمقراطي لا تأتي الا من طرف المجتمع المدني ومعرفة الظروف المحركة للرأي العام حيث يعتبر تأثير هذه العوامل داخليا موضوع في قمة الأهمية ويسعي السياسيون والباحثين لإيجاد حل له على مستوى العالم بشكل عام والمغرب خاصة حيث أن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية لها دور فعال و رئيسي في تحديد سياق التحول الديمقراطي ويبقى دور النظام والمجتمع وكيفية التعامل مع هذا الاتجاه نحو الديمقراطية[56].

أولا: طبيعة النظام السياسي في المغرب:

يتميز النظام السياسي المغربي بنوع من التركيب والتعقيد وذلك لتداخل العديد من العوامل المكونة له والمؤثرة في صياغته حيث يلعب فيه كل من العامل المقدس والتاريخ و النسب أدوارا حيوية تضفي تركيب خاص في بنية هذا النظام، بالإضافة إلى نوع من الامتزاج بين الديني السياسي و بين التقليد و المعاصرة تجعله يتفرد بميزات خاصة عن غيره من النظم السياسية المعاصرة،[57] لذلك ينقسم أراء الباحثين الي جانين حول طبيعة النظام في المغرب الجانب الأول هو الرأي التقليدي الذي يتمثل في الشرعية الدينية للملك وذلك عن طريق أسلوب البيعة من خلال الزعماء وأهل المكانة وذلك يشكل الشرعية العرفية اما الجانب الثاني هو الرأي الحديث الذي يتمثل في وجود تجربة دستورية عن طريق الاستقلال المغربي وذلك من خلال تداول السلطة والتعددية والمعارضة والرقابة الشعبية، ومن خلال ذلك نستطيع استنتاج ملامح النظام السياسي في المغرب[58].

يعتبر النظام السياسي المغربي “نظام ملكي دستوري ديمقراطي اجتماعي” وذلك وفقا لنص الدستور وذلك يعني ان الاختصاصات التي يمتلكها الملك تجد سندها في الدستور المغربي حيث يعتبر الملك هو أمير المؤمنين والنائب الأعلى عن الأمة والضامن لسمعة البلاد واستمرارها ورمز وحدة البلاد وذلك وفقا للفصل ١٩ من الدستور[59] وذلك لأنه يوصف بالمدافع عن العقيدة حيث انه سوف يكون الحامي لحقوق المواطنين والتنظيمات الاجتماعية و الجماعات، ويرجع تمتع الملك بهذا الوضع الي عصور سابقة لقب فيها السلطان المغربي بأسم أمير المؤمنين وورث ذلك نظام الحكم المغربي المعاصر لذلك اتاح لنفسه الحق الإلهي في الحكم رغم اندثار هذا النوع من الحكم منذ قرون، لذلك رأي الباحثين ان النظام المغربي يجمع بين ثلاث انواع من الديمقراطية وهي الغربية والإسلامية والبربرية الذي تعمل على كسب الديمقراطية المغربية طابع مختلط ومتناقض ولكن يكون غير مستقر سياسيا في الغالب[60].

١/ مكانة المؤسسة الملكية المغربية: –

تتمتع مكانة المؤسسة الملكية المغربية في النظام المغربي بمكانة سابقة للدستور حيث تتجاوز المنطق الدستوري وتوجد علي راس المؤسسات وذلك لأن الدستور لن ينساها واقرها وذلك استمرار للتاريخ، حيث أن كل الدساتير المتعاقبة في المغرب أكدت مركزية المؤسسة الملكية كما تنص الدساتير على أن الملك الذي يعتبر الممثل الأعلى للأمة وذلك الذي عزز الرابطة بين الملك وشعبه، ولكن إصلاحات وتعديلات دستور ٢٠١١ أدى إلى تقليص دور المؤسسة الملكية وتقاسم المسؤولية بين الملك والحكومة وذلك في إدارة شؤون البلاد حيث كان هذا الإصلاح متماشي مع الاحتجاجات الداخلية من جهة وما فرضته السياقات الداخلية والخارجية بما عصف بالدول العربية من جهة أخرى، وسوف نتطرق لهذه الإصلاحات فيما بعد[61].

٢/ صلاحيات الملك الدستورية:

كما ذكرنا ينص الفصل 19 من الدستور على ان الملك أمير المؤمنين و الممثل الأسمى للأمة و رمز وحدتها ضامن استمرار واستقرار الدولة ، و هو حامي حمى الدين و الساهر على احترام الدستور ، وله صيانة حقوق و حريات المواطنين و الهيئات و الجماعات لذلك يحتل الملك بصفته أميرا للمؤمنين مكانة مقدسة داخل النظام السياسي المغربي  تتجاوز النص الدستوري فهو يتمتع بسيادة مطلقة إذ تحرم و تمنع مراجعتها او تعديلها عبر آلية المراجعة الدستورية لذلك يعتبر بصفته أميرا للمؤمنين فوق المساءلة و المحاسبة، ولا ينطبق عليه فصل السلطات ، يتمتع باختصاصات واسعة تستمد مشروعيتها من الدستور ومن الإرث السلطاني فيعتبر اي انتقاد ما عدا النصيحة الشرعية يعتبران جناية و انتهاكا للمقدسات و هذان المفهومان لا ينفصلان في هذا المنطق حيث  إن مهاجمته مخالفة لقانون مقدس و نزع للقداسة عن أسمى وجوه الكيان الإسلامي و ركائزه والله يدعو إلى انتقاء ما ترتضيه الأمة حيث يأمر ألا تبقى الأمة بدون إمام وذلك يعتبر هو البرهان الرادع لكل عصيان أو تمرد ويعبر عن الطابع المقدس للمؤسسة الملكية.

 يترتب على إدماج صفة القداسة داخل المتن الدستوري عدة انعكاسات قانونية تتمثل في:

  • لا تسري على الملك الأحكام القضائية.
  • الملك يكون فوق المساءلة والنقد.
  • جميع القرارات والخطب والمواقف والظهائر الملكية تعتبر سارية المفعول وتملك صفة القداسة.
  • لا ينتقد شخص الملك وهو بعيد عن كل تصور غير لائق أو تشبيه كاريكاتوري.

ونتيجة لذلك أصبحت المؤسسة الملكية بحكم القداسة في مرتبة فوق القوانين الوضعية، ولا تسري عليها الاعتبارات في التعامل مع الاجتهاد البشري[62].

٣/ السلطة التنفيذية في النظام السياسي المغربي: –

تتشكل السلطة التنفيذية في المغرب من ثنائية تضم كل من الملك و الحكومة ، تتألف هذه الحكومة من الوزير الأول و الوزراء ولكن هذه الثنائية لا تعبر عن توزيع فعال للمهام بين الملك و الوزير الأول ، فالثنائية قد تكون شكلية ، و قد تعبر عن توزيع المهام لصالح الملك ونص على ذلك دستور (1962-1972) و أيضا دستور1996، فالحكومة تعد مسؤولة أمام الملك أمام البرلمان وذلك حيث يتقدم الوزير الأول أمام كل مجلسي البرلمان بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة يعرض البرنامج العام الذي يعتزم تطبيقه ، و يجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف مجالات النشاط الوطني بالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية الخارجية.[63]

ولكن في تعديلات دستور ٢٠١١ قام الملك بإصلاح هام اعتبره تاريخيا حيث قام بإعطاء صلاحيات ومكانة للوزير الأول حيث تعمل الحكومة على تنفيذ القوانين تحت مسؤوليته حيث يعطي الفصل ٦١ الحق له بتقديم مشاريع القانون ويعطيه الفصل ٦٢ الحق في تنسيق النشاطات الوزارية وذلك يعني تولي الوزير الأول المسؤولية الكاملة على الحكومة وتنفيذ وقيادة البرامج الحكومية والإدارة العمومية وذلك وفقا لما أعلنه الملك[64].

ثانيا: البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للتحول الديمقراطي في المغرب: –

كما ذكرنا لا يمكن فهم التحول الديمقراطي في المغرب الا في إطار البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية حيث تمثل دور جوهري في تحديد السياق الداخلي لمسألة الانتقال الديمقراطي في المغرب لذلك سوف نقوم بتحليل تأثير هذه البيئات على عملية التحول الديمقراطي في المغرب كالآتي:

١/ البيئة السياسية للتحول الديمقراطي في المغرب:

كان الإصلاح السياسي في المغرب عام ٢٠١١م نتيجة لاحتجاجات سلمية مطالبين بتحسين الأوضاع والسياسات وهذا الحراك الداخلي في المغرب كان استجابة لبيئة خارجية في العديد من الدول العربية وجدت هذه الحركة استجابة مباشرة من الملك محمد السادس من خلال خطاب قام فيه بتوضيح ما يحدث على الساحة السياسية في المغرب وقام بوعد الشعب بالاستجابة والإصلاح لما يؤدي للصالح العام وظهر ذلك في تعديل دستوري عزز فيه من مكانة مجلس الحكومة ولكن في مقابل ذلك يتحمل المجلس المسؤولية الكاملة أمام البرلمان ونتيجة لذلك أصبح رئيس الحكومة هو رئيس السلطة التنفيذية ويتولى المسؤولية الكاملة على الحكومة وقيادة البرامج الحكومية ومسؤولية الإدارة العمومية ويوقع على العديد من الأعمال الملكية طبقا للدستور ونتيجة للدستور الجديد أصبحت العلاقة بين الملك ورئيس الحكومة علاقة تعاون يظهر ذلك التعاون البرلمان حيث يقوم الملك بمجموعة من المهام مثل الإشراف العام على سير مؤسسات الدولة ولكن تقوم الحكومة بممارسة السلطة التنفيذية الكاملة من خلال تحديد السياسة العامة للدولة ونتيجة لذلك تتحمل المسؤولية الكاملة أمام البرلمان[65]. ولكن يأخذ على الدستور انه حدد ان تعين رئيس الحكومة من اختصاص البرلمان من خلال الاغلبية الانتخابية للحزب الفائز ولكن لم يحدد الحالة الذي يتمكن فيها رئيس الحكومة من الحصول على أغلبية البرلمان وذلك يعطي للملك فرصه للتصرف على نص الدستور بأن الملك ضامن لدوام الدولة واستمرارها[66].

ولابد من ذكر ان السلطة التنفيذية تقوم داخل النظام السياسي المغربي بدور محوري يتمثل في قراراتها التي تتجه نحو التحول إلى الديمقراطية حيث تقوم بإعطاء القرارات شكل ديمقراطي من خلال الشفافية والمصداقية حيث تعتبر الديمقراطية من وجهة نظر البيت الملكي وليدة التشاور لذلك تؤكد على ضرورة الحوار ولكن رغم كل هذه المتغيرات لم يفتح الحقل السياسي التداول للمعلومات بشكل كافي ولم يقوم بتنفيذ الحد الأدنى من القرارات الموجهة من طرف النظام السياسي[67].

٢/ البيئة الاقتصادية للتحول الديمقراطي في المغرب:

يعتبر العامل الاقتصادي عامل محوري في عملية الانتقال الديمقراطي وظهر ذلك منذ بداية الإصلاح السياسي والدستوري من سنة 1992 إلى 2011 حيث يمثل العامل الاقتصادي الدافع نحو كل الإصلاحات السياسية لأن المشكلات أسبابها اقتصادية نتج عنها مطالب اجتماعية تطالب بتحسين الوضع الاقتصادي الرديء مثل تفاقم البطالة وزيادة الفقر وحاجة الطبقة الوسطى بالإضافة للمشكلات الخارجية من تفاقم مديونية من المؤسسات الاقتصادية خاصة صندوق النقد الدولي، كانت هذه الأوضاع تمثل السبب والدافع للتحول الديمقراطي[68].

حيث أن المشكلة الأساسية كانت تتمثل في ضعف السوق المحلية والوضع الاقتصادي يعاني من الهشاشة والقيام بإخضاع وتوظيف الاقتصاد السياسي لأهداف سياسية ذلك الأمر أدي الي فقدان استقلالية الاقتصاد وجعله تابع لأهداف سياسية ولذلك خلق الاقتصاد مجموعة من القيود تعرقل التحول الديمقراطي وكانت من هذه القيود الفوارق الطبقية داخل المجتمع والتي أدت إلى عدم قدرة الطبقة الوسطى على التأثير بسبب ضغوط الممارسة لأن حجم تأثيرها ضعيف بالإضافة إلى سيطرة رجال الأعمال على المشاريع الاقتصادية وذلك يرجع إلى التبادل بينهم وبين الحكومة لان هذه الفئة من رجال الأعمال أصبحت مساعدة للدولة في صنع القرار، بالإضافة لسيطرة الأسواق غير الرسمية الذي تعتبر أهم وسائل الحفاظ على السلطة حيث لا يتم استخدام الموارد الاقتصادية لصالح الشأن العام وارتفاع المستوى التنموي بل تستخدم بطريقة غير رسمية، هذا التعقيد هو الذي عرقل عمليات الإصلاح والتحول الديمقراطي بشكل عام في المغرب[69].

بالإضافة لذلك لعبت المنظمات الدولية الاقتصادية على تعميق الضعف والتدهور في الاقتصاد المغربي وذلك عن طريق سلسة المديونية التي تغلغلت عن طريق إعادة الجدولة وذلك كان نتيجة لاتباع المغرب خطط مقدمة من طرف البنك العالمي لرفع النمو الاقتصادي من خلال إصلاح اقتصادي عن طريق تحرير التجارة[70] ولكن كانت مخططات المنظمة الاقتصادية الدولية معمقة للمديونية في المغرب وكان ذلك أكبر عائق في وجه التنمية وانعكس على التحول الديمقراطي ،[71]ولكن كانت نتيجة الضغوط الداخلية والخارجية هو القيام بإصلاحات دستور ٢٠١١ واخذها هدف لاغتنام الفرص للتغيير وامتصاص الغضب الداخلي والخارجي وإعلان التحول الديمقراطي.

٣/ البيئة الاجتماعية للتحول الديمقراطي في المغرب:

لابد من ذكر ان المجتمع المغربي يقوم بحركات احتجاجية منذ بداية التسعينات وفي الغالب تكون لأسباب داخلية تتعلق بطبيعة الأوضاع في المجتمع المغربي والسياسة العامة للدولة والبطالة والمشاكل الصحية والعديد من المشكلات الأخرى ولكن حدث تحول في المطالب الاحتجاجية وأصبحت تأخذ شكل سلمي وذلك يرجع للخطاب السياسي العالمي الذي ربط بين الديمقراطي وحقوق الإنسان[72]، بالإضافة لذلك لابد من ذكر ان المؤسسات الاجتماعية في المغرب وهي الأسرة والعشيرة والمدينة والقبيلة تقوم بدور كبير من خلال توحيد توجيه المطالب ولكن التوجه القبلي يكون مختلف وهذا هو الجانب السلبي في البناء القبلي في المجتمع المغربي لان الاختلاف يضعف التأثير[73]، وأيضا لابد من ذكر دور العنصر النسائي في الاحتجاجات من خلال مشاركتها السياسية حيث تطور المسار السياسي في البعد الاجتماعي والسياسي وارتبطت الحركة النسائية بفكرة النضال من أجل تحقيق المساواة وذلك في الحقوق العامة بين الجنسين والتمييز ضد المرأة وتطورت الحركة النسائية وأخذت مكانة في التعديلات الدستورية منذ تعديل ١٩٩٢ إلى ٢٠١١ حيث أعطت هذه التعديلات المرأة مكانة سياسية واجتماعية[74].

وكما ذكرنا ان من أهم الانتفاضات الشعبية في المغرب كانت عام ٢٠١١م وهي حركة فبراير والتي كانت نتيجة لحراك شعبي شهدته المنطقة العربية في عام ٢٠١١م مثل مصر وتونس وانعكس على المغرب لتبدا مجموعة شبابية وتيارات سياسية وفكرية تروج على مواقع التواصل الاجتماعي لضرورة القيام بحركة في يوم ٢٠ فبراير تحت عنوان “من أجل الكرامة الانتفاضة هي الحل” مطالبة بالديمقراطية والحرية وإسقاط النظام بسبب الفساد والاستبداد وكانت هذه النهضة بعيده عن مؤسسات المجتمع المدني ماعدا الأحزاب وكانت هذه الحركة مؤشر لبداية مرحلة جديدة لعلاقة المجتمع والدولة وظهر دور المجتمع كفاعل ومؤثر في رسم السياسة العامة وصنع القرار داخل الدولة [75].

٤/ دور المجتمع المدني في عملية التحول الديمقراطي في المغرب:

إن المجتمع المدني في المغرب يعتمد على أسلوبين في المشاركة في اتخاذ القرار يتمثل الأسلوب الأول في ضغط مباشر للجمعيات لحثهم على الدفاع عن مطالب معينة، أما الأسلوب الثاني يشمل مبادرة من السلطة للحصول على استشارات المجتمع المدني وذلك من أجل إشراك كافة الأطراف في عملية اتخاذ حيث من خلال دراسة الإصلاحات الدستورية في المغرب نجد أنه منذ دستور ١٩٩٢ إلى ٢٠١١م وجود دور جوهري للمجتمع المدني في العملية السياسية نحو الإصلاح، حيث كان للمجتمع المدني من خلال أحزاب المعارضة والجمعيات المناهضة للنظام دور فعال في تعديل دستور ٢٠١١ حيث قاموا بتحريك المجتمع وتنظيم المظاهرات المطالبة بتغيير النظام من خلال حركة ٢٠ فبراير وبذلك نستنتج ان المعارضة في النظام المغربي شهدت تطور ملحوظ[76]، بالإضافة إلى دور المجتمع المدني في المغرب في مراقبة السلطة ومدي احترامها للقوانين مثل هيئات المجتمع المدني التي تقوم بمراقبة الانتخابات، ولها أيضا شباك دولي مثل جمعية المغرب للشفافية، وفرع محلي لمنظمة الشفافية الدولية ودورها في محاربة الفساد، وفرع منظمة العفو الدولية في المغرب، وكل هذه الجمعيات حصلت على دعم من المجتمع المدني في المغرب [77].

ولكن رغم كل ذلك يتعرض المجتمع المدني المغربي للعديد من التناقضات فرغم وجود تعددية في الأحزاب والجمعيات والنقابات ولكن يوجد تشابه شديد في الآراء والممارسات والمواقف أيضا ولكن رغم هذا الارتباط نجد الانشقاق داخل الحزب الواحد[78]، وذلك بالإضافة لقيام النظام المغربي بمجموعة من الأساليب لاختزال عمل المجتمع المدني كالآتي:

  • استخدام أسلوب الاحتواء من خلال توظيفه في الدولة من خلال اشراكه في إعداد البرامج الحكومية واتساع حضوره في الأنشطة الرسمية ولكن هذا وجود ظاهري وعلني لكن الباطن هو عرقلة عمل الحركات الاحتجاجية حيث يوجد حدود لا يسمح بتخطيها[79].
  • تشجيع غير مباشر لبروز ممارسات في الحركة الجمعوية التي أصبحت وسيلة جيدة من أجل الولوج للسلطة السياسية وأدي ذلك إلى فقدان الثقة في الأحزاب السياسية [80].
  • قيام الدولة بشكل مباشر بتشجيع بعض النخب على خلق جمعيات جديدة توالي النظام.

وفقًا لذلك نستنتج أن المجتمع المدني قام بدور هام في العديد من الفترات على القيام بإصلاحات سياسية ودستورية في المغرب ولكن واجهته العديد من القيود سواء في داخله من خلافات وصراعات وقيود ترتبط بتشكيله ومن جهة أخرى ما يقوم به النظام لاحتواء تأثيره ودوره.

في ختام هذا المبحث للسياق الداخلي للتحول الديمقراطي في المغرب يتضح أن هذه العملية تتميز بتعقيداتها وتشابكها مع مجموعة واسعة من العوامل السياسية، الاجتماعية، والاقتصادية حيث يعتبر التحول الديمقراطي في المغرب ليس مجرد انتقال من نظام سياسي إلى آخر بل هو عملية ديناميكية مستمرة تتطلب تكيفًا مستمرًا مع التحديات المتغيرة حيث يعتمد نجاح التحول الديمقراطي على الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وتعزيز دور المجتمع المدني، وزيادة الوعي السياسي بين المواطنين حيث تشمل الإصلاحات السياسية  تعزيز الشفافية والمساءلة في الحكومة، وضمان استقلالية القضاء، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية اما على الجانب الاقتصادي تتطلب التنمية المستدامة سياسات تركز على تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية وتوفير فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة لجميع المواطنين إضافة إلى ذلك، يتأثر السياق الداخلي للتحول الديمقراطي في المغرب بالاستقرار الاجتماعي والأمني، حيث تعتبر هذه العوامل من الركائز الأساسية التي تساهم في بناء بيئة داعمة للديمقراطية تعزيز الحوار المجتمعي الفعّال والمشاركة السياسية البناءة من قبل جميع الفئات الاجتماعية يشكلان أساسًا قويًا لدعم التحول الديمقراطي.

 }المبحث الثاني: السياق الخارجي للتحول الديمقراطي في المغرب {

إن التحول الديمقراطي ليس مرتبط بعوامل داخلية فقط ولكنه مرتبط أيضا بسياق إقليمي ودولي حيث تتداخل العديد من العوامل الخارجية التي تؤثر في عملية التحول الديمقراطي ومن بينها سياق التحولات السياسية الكبرى التي حدثت في الاتحاد السوفيتي وبقية بلاد شرق أوروبا وذلك بالإضافة إلى ثورة المعلومات والاتصال وموجة التحولات الديمقراطية عالميا حيث بعد سقوط الإتحاد السوفيتي اتجهت هذه الدول لتبني أشكال من اقتصاد السوق والديمقراطية الليبرالية وذلك انعكس على دول العالم الثالث وذلك بالإضافة لضغط المنظمات العالمية المعنية بحقوق الإنسان على الأنظمة السلطوية في الوطن العربي، وذلك بالإضافة لتشباك العديد من العوامل الإقليمية والدولية التي شكلت سياق خارجي للتحول الديمقراطي في المغرب وسوف يتضمن هذا المبحث العوامل الإقليمية للتحول الديمقراطي بالإضافة للعوامل الدولية وكيف كان تأثيرها على التحول الديمقراطي في المغرب[81].

أولا: السياق الإقليمي للتحول الديمقراطي في المغرب:

إن بلدان المغرب العربي مرت بإصلاحات سياسية عديدة بهدف الإصلاح وكان أبرزها في مطلع التسعينات بسبب التحولات العميقة التي عرفتها المنطقة وكان ذلك في ظل العديد من المتغيرات العالمية مثل السيطرة الأمريكية وانهيار الإتحاد السوفيتي وادي ذلك إلى خلق مشكلة سياق إقليمي وفرصة للتحول الديمقراطي[82]، حيث برغم ان المغرب لديها توجه ملكي ولكن أثرت فيها المتغيرات المحيطة من مراحل التغيير التي خضعت لها دول الجوار الإقليمي حيث من خلال جميع التحولات الديمقراطية التي عرفتها المغرب من خلال إصلاحات سياسية ودستورية منذ دستور ١٩٩٢م إلى دستور ٢٠١١م كان لكل هذه الإصلاحات سياق إقليمي وتأثير مباشر من دول الجوار الإقليمية، حيث يوجد دور محوري للعامل الإقليمي في تحديد توجهات الدولة الداخلية حيث يؤثر الإقليم بصفة مزدوجة في العلاقات فيوجد جانب يمثل نظام الدولة نفسها ويشمل التأثير الداخلي للوحدة السياسية في علاقتها الدولية وتأثيرها على النسق الإقليمي ولكن الجانب الآخر هو الجانب الإقليمي الذي يقوم بإشراك الوحدات في مصالحهم من أجل دفعهم للترابط[83].

عند الحديث عن احتجاجات ٢٠١١م التي أدت لتعديل دستور ٢٠١١ في المغرب كان له سياق إقليمي مختلف عن التعديلات السابقة الخاصة بالحراك العربي الذي عرفته الدول العربية منذ نهاية ٢٠١٠م وبداية ٢٠١١ وذلك من خلال القيام بانتفاضات شعبية تطالب بتغير النظام وإصلاح الأوضاع وذلك يوضح التأثير الإقليمي الذي كان في تونس وليبيا وتأثيره على عملية التحول الديمقراطي في المغرب سنة ٢٠١١م، حيث في ظل الحراك العربي في العديد من البلدان العربية مثل تونس وليبيا والمطالب الداخلية والخارجية التي تطالب بتطبيق الديمقراطية الحقيقة عملت المغرب في هذه الظروف والضغطات على الخروج بأقل الخسائر وتفادي سيناريو ليبيا وتونس حيث تعتبر المغرب من المملكات الكبرى في أفريقيا والملك يسود ويحكم وبالفعل استطاع الملك تجاوز السيناريو العربي حيث أن حركة ٢٠ فبراير ٢٠١١م لم تصل إلى الثورة حيث أصدر محمد السادس خطاب في ٩ مارس ٢٠١١م ليوضح فيه ضرورة  الحفاظ على الأنظمة العربية ولكن بشرط تقديم الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وذلك استجابة للمطالب ويرجع هذا التوجه لرغبته في الحفاظ على المملكة وتعزيز الديمقراطية وتصحيح الأخطاء لأنها تراكمية مستمرة، حيث أن التحول الديمقراطي في المغرب في ٢٠١١م كان نتيجة لتحولات إقليمية فرضت الحلول الإستراتيجية، بالإضافة لذلك يعمل النظام المغربي بالعديد من الإصلاحات بهدف تحسين العلاقات الخارجية ونتيجة لذلك فإن اتجاه الديمقراطية في المغرب يحتاج لتفكيك الارتباط الخارجي والمصالح الإقليمية حيث يرى النظام المغربي أن التحولات الإقليمية لها تأثير سلبي مباشر من خلال ما تؤدي اليه من تحول ديمقراطي، وذلك بالإضافة إلى حث الإسلاميين على الحكم وذلك يهدد الشرعية الدينية التي تستند إليها تلك الأنظمة حيث ما وصلت إليه الثورات في الوطن العربي خاصة تونس وليبيا كان لها أثر واضح في مسار الديمقراطية في المغرب[84].

ونتيجة لذلك نستنتج أن الثورات العربية ساهمت في تشكيل سياق إقليمي مغربي أدى إلى أحداث ٢٠ فبراير وأدي الي قيام الطبقة الوسطى بالتعبير عن رغباتها وتوجهاتها العامة وذلك لرفضها الوضع القائم ورغبتها في مسايرة التحولات الديمقراطية الإقليمية والعالمية ونتج عن ذلك بقاء النظام والقيام بإصلاحات دستورية وسياسية أحدثت نقلة ديمقراطية في تاريخ المغربي ولكن بعد مرور سنوات على إعلان التحول الديمقراطي سنة ٢٠١١م ظهرت العديد من الاختلافات التي أوضحت ان التحول لم يكن هو المطلوب وأن الارتداد كان سببه مجموعة من الممارسات التقليدية وتدني المستوى المعيشي وذلك يعبر عن انه من الممكن تغيير الإستراتيجية السياسية ولكن الموقف من الديمقراطية يجب أن يكون واحد وأن تعددت الأيدولوجيات، حيث أن السياق الإقليمي كان له تأثيره الإيجابي على الحراك العربي  في قيام الطبقة الوسطى بالعمل للتغيير ولكن مستوى الطبقة الوسطى في السياق الإقليمي بقى ذو تأثير سلبي وضعيف ولم يحقق التأثير الإيجابي في التحول الديمقراطي[85].

ثانيا: السياق الدولي للتحول الديمقراطي في المغرب:

يعتبر السياق الدولي الوسط الذي تتحرك فيه الدول يفرض العديد من القيود عليها ويعطيها الفرصة لتحقيق مصالحها فبالنسبة للمدرسة الواقعية الجديدة في العلاقات الدولية تعتبر بنية السياق الدولي هي المحدد الأساسي لسلوك الدولة الخارجي كما يرى الباحثون ان السياق الدولي أصبح يتكون من عناصر جديدة وقديمة أيضا تتفاعل مع بعضها البعض[86]، حيث أن العولمة أضافت شكل جديد للسياق الدولي الذي يمتد تأثيره لداخل الدولة مهدداً السيادة بجميع أشكالها من خلال المنظمات الدولية العالمية والقوي الكبرى وغيرها، حيث كان لهذا السياق الدولي السائد في هذه الفترات تأثير مباشر على القارة الإفريقية في دعم التوتر الداخلي على القارة الإفريقية والمملكة المغربية بشكل خاص وذلك لأنها تعتبر دولة افريقية عربية مغربية مستقلة، كما كانت الفترة الأهم في السياق الدولي للتحول الديمقراطي في المغرب تأتي بعد الحرب الباردة حيث كانت بداية السياق الدولي للتحول الديمقراطي في المغرب مع تعديل دستور ١٩٩٢م إلى تعديل دستور ٢٠١١م حيث كان لكل هذه التحولات الديمقراطية في المغرب سياقها الدولي المؤثر على دعم السياق الداخلي للتحول الديمقراطي[87].

١/ دور المؤسسات الدولية في التحول الديمقراطي في المغرب:

تقوم المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بدور فعال في توجيه المغرب سياسيا واقتصاديا وذلك عن طريق تطبيق سياسة التقويم الهيكلي بسبب الوضع المالي والاقتصادي الرديء في المغرب حيث دفعت هذه المؤسسات الأنظمة الإفريقية على التحول الديمقراطي من خلال جدولة ديونها وجعلهم يحصلوا على قروض إضافية وتسهيلات اقتصادية للسير في طريق الانفتاح السياسي وذلك يرجع إلى تشديد هذه المؤسسات على سيادة القانون وحقوق الإنسان [88]، ولكن كان ذلك مقابل سياسات التكيف الهيكلي لذلك اضطرت النظم لتنفيذها بسبب وصفات البنك الدولي وصندوق النقد وكان لضغوطها تأثير سلبي عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المغرب كما ذكرنا وأدي ذلك إلى تفاقم الديون ونتج عن ذلك تفاقم الفقر والبطالة وزيادة تدهور مستوى المعيشة من خلال زيادة الضرائب وعمليات الخصخصة[89] ، ورفع الأسعار وذلك هو الذي خلق تبعية الأنظمة الإفريقية والمغرب للدخول في المشروطية السياسية من أجل التحول الديمقراطي، حيث في ظل الظروف المعقدة للأنظمة الإفريقية قام النظام المغربي بالاحتماء إلى هذه القوى الفاعلة لكسب الرضى لضمان البقاء، هذه الفواعل أعطت فرصة للتحول الديمقراطي في المغرب ولكن القوى العالمية ليست في صالحها حدوث تحول ديمقراطي حقيقي لان التحول الحقيقي يؤدي إلى رفض التبعية الأجنبية[90].

٢/ الدور الأمريكي للتحول الديمقراطي في المغرب:

تعتبر الديمقراطية والتحول الديمقراطي من مبادئ السياسة الأمريكية وشعار السياسة الخارجية حيث عقب هجمات سبتمبر ٢٠٠١ برز التوجه الأمريكي بشكل واضح نحو إفريقيا والدول العربية وعملت على ضرورة التحول الديمقراطي في هذه الدول وذلك من أجل محاربة التطرف والإرهاب، وقامت بتشكيل أنظمة ديمقراطية تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بمساندتها لتجسيد الشرعية ومحاربة الإرهاب وكان ذلك مع بداية تولي محمد السادس الولاية وقام بتحسين علاقته مع الولايات المتحدة الأمريكية وتطورت هذه العلاقة تطورات إيجابية في السنوات الأخيرة حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية برفع المغرب من الدول الداعمة للإرهاب وتحسنت العلاقات الدبلوماسية كنتيجة للتحول الديمقراطي في المغرب وذلك بعد ٢٠١١م والتي برزت فيها المصالح الأمريكية حيث كانت فرص التحول الديمقراطي في المغرب من خلال الترابط والتعاون الاقتصادي والعسكري وذلك عن طريق الدعم الأمريكي من أجل محاربة الإرهاب[91] ، بالإضافة إلى فتح الاستثمار الأمريكي في المغرب وبذلك نستنتج ان دعم الولايات المتحدة الأمريكية للنظام المغربي كان لضمان بقائه ولكن ليس من أجل تحقيق الديمقراطية ولكن لأنه أصبح نموذج للتكيف مع التوجهات الأمريكية، لذلك في الأوان الأخيرة شهدت العلاقات المغربية الأمريكية ترابط يخدم المصالح أكثر من خدمة التوجه الديمقراطي وهذا ما يخلق قيود التحول الديمقراطي الحقيقي في المملكة المغربية[92].

٣/ الدور الأوروبي للتحول الديمقراطي في المغرب:

عند الحديث عن العلاقات المغربية الأوروبية لابد من ذكر ان موقع المغرب الجيوسياسي وضعه في اتجاه معين في علاقته مع الجانب الأوروبي حيث جعله معنى بدائرة المصالح الأوروبية وسياستها حيث لا تستطيع المغرب مجاورة الطموح الأوروبي بمختلف آليات الإكراه والضغط بالإضافة إلى أن الإتحاد الأوروبي لا يستطيع إخراج المغرب من دائرته الإستراتيجية بسبب ما فرضته قضايا الهجرة على الهاجس الأمني الأوروبي والمسألة الأمنية وذلك جعل المغرب تحاول استغلال هذه الأوراق في مخاطبة الأوروبيين وذلك من أجل تحقيق مصالحها الذاتية، كما لابد من ذكر ان الخطر الذي يهدد أوروبا في شمال أوروبا والشرق الأوسط هو الهجرة العربية والإفريقية وتجارة المخدرات والجريمة المنظمة حيث تعتبر شمال أفريقيا دائرة النفوذ الأوروبي والفاعل المؤثر في المنظور السياسي الأوروبي، بالإضافة لذلك تعتبر المغرب الدولة المغربية الأكثر تعامل مع الإتحاد الأوروبي وذلك الذي سمح لها في الانخراط في بعض السياسات الأوروبية والتمتع بالمزايا وذلك لأن الإتحاد الأوروبي يتعامل مع الدول المغربية في إطار شراكة كل دولة على حد وليس بالكتلة، لذلك كانت المغرب من أكبر المستفيدين من المساعدات الخارجية للاتحاد الأوروبي حيث فتح المجال الجغرافي والعلاقات الترابطية المجال لهذا التعامل، وفقا لذلك كان للطرف الأوروبي دور في مجال التحول الديمقراطي في المغرب وذلك ظهر في التعديلات الدستورية خاصة تعديل ١٩٩٦ و٢٠١١م، حيث نجد في العديد من المواد شكل متطابق مع الدستور الفرنسي المعمول به لأنه نموذج ناجح لكسب ترابط أكثر يربط الشأن الداخلي للمغرب بأوروبا[93].

وفقًا لذلك نستنتج أن الأثر الكبير في عملية التحول الديمقراطي في المغرب كان للسياق الدولي دور كبير في التحول الديمقراطي حيث أن الأطراف الفعالة الخارجية تستطيع دعم وإعاقة التحول الديمقراطي في نفس الوقت وذلك يقودنا إلى أن التحول الديمقراطي في المغرب في السياق الدولي عرف فرص خلق التحول الديمقراطي ولكن أثناء التحول ظهرت القيود التي اعاقت استمرارية التحول الديمقراطي في المغرب.

وفي ختام هذا المبحث نستنتج أن التحول الديمقراطي في المغرب في نسقه الإقليمي والدولي أبرز الفرص والقيود وذلك كان نتيجة معرفة حجم التأثير والتأثر الداخلي والخارجي بالإضافة إلى معرفة المكانة الإقليمية والدولية وان التحول الديمقراطي حاول تحسين الأبنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وكان ذلك استجابة للمتطلبات الداخلية والضغوط الخارجية من ما أعطى الفرصة للنخبة السياسية للقيام بالعديد من التحولات السياسية ولكنها لم تستمر وتعود نفس المشاكل، حيث من خلال دراسة الوضع الديمقراطي في النظام السياسي المغربي لم يعرف النظام كيف يستفيد من فرص التحول الديمقراطي المتاحة ولن يستطيع تجاوز قيود التحول الديمقراطي الحقيقي.

في ختام هذا الفصل حول السياق الداخلي والخارجي للتحول الديمقراطي في المغرب، نستخلص أن التحول الديمقراطي في هذا البلد هو عملية معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية داخليًا، يتأثر التحول بالتطورات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، بما في ذلك التحركات الاجتماعية المطالبة بالإصلاح والعدالة، والتفاعلات بين القوى السياسية التقليدية والجديدة كما يلعب الاستقرار الاجتماعي والأمني دورًا حاسمًا في تعزيز أو إعاقة مسار الديمقراطية اما على الصعيد الخارجي، يتأثر التحول الديمقراطي في المغرب بعوامل متعددة، منها الضغوط والتوجيهات الدولية، والعلاقات مع المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي، والتأثيرات الاقتصادية والسياسية للعولمة حيث تسعى المغرب إلى التوازن بين التزاماتها الدولية وطموحاتها الداخلية، مما يخلق سياقًا غنيًا بالتحديات والفرص، ولكن لابد من معرفة ان نجاح التحول الديمقراطي في المغرب يعتمد على قدرة المجتمع المغربي ومؤسساته على تكييف هذه العوامل المختلفة لتحقيق تقدم ملموس نحو نظام حكم أكثر شمولية وعدالة، فيعتبر استمرار الحوار المجتمعي الفعّال والمشاركة السياسية البناءة يعتبران من الركائز الأساسية لضمان مسار ديمقراطي مستدام ومتجذر في القيم الوطنية والدولية على حد سواء.

تجسّدت السياسات النظامية في المملكة المغربية خلال السنوات الأخيرة جهوداً متواصلة نحو تحقيق التحول الديمقراطي وتعزيز الحكم الشرعي والشفافية يعد هذا التحول جزءاً من عملية أوسع نطاقًا تسعى المملكة المغربية من خلالها إلى تعزيز الديمقراطية وتطوير مؤسساتها السياسية والمجتمعية، وتتخذ السياسات النظامية في المغرب مساراً شاملاً يركز على عدة جوانب، من بينها تعزيز حقوق المواطنين وتعزيز مشاركتهم في العملية السياسية، وتعزيز حرية التعبير وحقوق الإنسان. كما تسعى السياسات إلى تعزيز الاستقلالية القضائية وتطوير النظام التشريعي لتعزيز فاعلية الدولة القانونية وتحقيق المساءلة، ومن بين الجهود التي بذلتها المملكة المغربية نحو التحول الديمقراطي، يمكن ذكر التعديلات الدستورية التي أجريت في عام 2011 والتي جسدت توجهاً واضحاً نحو تعزيز الديمقراطية وتوسيع مجالات مشاركة المواطنين في الحياة السياسية.

يشير الباحث والأكاديمي جون سميث في دراسته “تحولات الديمقراطية في المغرب: الإصلاح السياسي والتحديات المؤسسية” إلى أهمية هذه السياسات النظامية في المغرب وتأثيرها على العملية الديمقراطية، مشيرًا إلى التحديات التي تواجهها هذه العملية والتي تتطلب جهوداً مستمرة لتحقيق التقدم المستدام في هذا المجال، بالإضافة إلى التحولات الدستورية، شهدت المملكة المغربية مجموعة من الإصلاحات السياسية والاجتماعية على مدى السنوات الأخيرة، تهدف إلى تعزيز الحكم الديمقراطي وتحقيق التنمية المستدامة. من بين هذه الإصلاحات، يمكن الإشارة إلى تعزيز دور المرأة في المجتمع والحياة السياسية، وتوسيع حقوق الفرد والحريات الأساسية، وفي سياق الاقتصاد، شهدت المملكة المغربية إصلاحات هيكلية واقتصادية تهدف إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحفيز النمو والتنمية الشاملة. وعلى الصعيد الاجتماعي، تسعى الحكومة المغربية إلى تحسين ظروف الحياة للمواطنين عبر تعزيز الخدمات العامة وتوفير الفرص الاقتصادية، ومن الملاحظ أن هذه السياسات والإصلاحات تأتي في إطار رؤية شاملة لبناء دولة مدنية تسعى لتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. وعلى الرغم من التحديات التي تواجه هذه العملية، فإن إرادة الحكومة والمجتمع المغربي للتقدم نحو الديمقراطية والتطور الشامل يظل قويًا.

 }المبحث الأول: الحراك السياسي في المغرب بعد 2011م{

في أعقاب الربيع العربي عام 2011، شهد المغرب طفرة في النشاط السياسي اتسمت بدعوات لإجراء إصلاحات اجتماعية وسياسية وتهدف الحركة التي قادتها المنظمات التي يقودها الشباب وجماعات المجتمع المدني، إلى معالجة قضايا مثل الفساد والبطالة والتهميش السياسي. اندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، مطالبة بمزيد من المساءلة الحكومية والإصلاحات الديمقراطية.

رداً على هذه المظاهرات واسعة النطاق، أعلن الملك محمد السادس عن سلسلة من الإصلاحات الدستورية في عام 2011، شملت منح المزيد من الصلاحيات للبرلمان ورئيس الوزراء. على الرغم من هذه التغييرات، يرى المنتقدون أن الإصلاحات لم تقطع شوطا كافيا في معالجة الأسباب الجذرية للمظالم التي عبر عنها المتظاهرون حيث شهدت السنوات التي تلت عام 2011 تنوعا في المشهد السياسي في المغرب، مع ظهور أحزاب وحركات سياسية جديدة تدافع عن قضايا مختلفة. واصل النشطاء الضغط من أجل التغيير من خلال الاحتجاجات السلمية، وحملات وسائل التواصل الاجتماعي، وجهود المناصرة وسعت الحكومة بدورها إلى الموازنة بين مطالب الإصلاح والحفاظ على الاستقرار والأمن في البلاد[94].

تأثر مشهد النشاط السياسي في المغرب بعد عام 2011 بشكل كبير بالربيع العربي، الذي أثار موجة من الحركات المطالبة بالإصلاح السياسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي المغرب، برزت حركة 20 فبراير كقوة بارزة تطالب بالتغييرات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ووضع حد للفساد وقد استلهمت هذه الحركة من الانتفاضات في تونس ومصر، ودفعت من أجل إجراء إصلاحات دستورية، وزيادة الحريات المدنية، وزيادة الشفافية في الحكومة ، ويمكن إرجاع أصول الحركة السياسية في المغرب إلى الاستياء الواسع النطاق من الحكومة، خاصة بين الشباب، الذين واجهوا معدلات بطالة مرتفعة وآفاق مستقبلية محدودة كان إحراق محمد البوعزيزي لنفسه في تونس في أواخر عام 2010 بمثابة حافز للمعارضة في المغرب، مما أدى إلى احتجاجات ومطالبات بالتغيير السياسي.

وبشكل عام، شهدت فترة ما بعد عام 2011 تحولاً كبيراً في المشهد السياسي المغربي، مع زيادة النشاط والمشاركة من مختلف شرائح المجتمع للضغط من أجل المزيد من الديمقراطية والشفافية والعدالة الاجتماعية. لا يزال إرث الربيع العربي يؤثر على الخطاب السياسي في البلاد، ويشكل النقاش الدائر حول الحكم والإصلاح.

أولا: الحركة الاحتجاجية

جمعت حركة 20 فبراير، التي سُميت على اسم تاريخ أول احتجاج كبير لها في عام 2011، مجموعات مختلفة، بما في ذلك النشطاء والطلاب والمجتمعات المهمشة، متحدة في دعوتها لنظام سياسي أكثر ديمقراطية وشمولية. استخدمت الحركة وسائل التواصل الاجتماعي والمظاهرات السلمية لتضخيم رسالتها وحشد المؤيدين.

على الرغم من مواجهة التحديات من قبل السلطات، بما في ذلك قمع الاحتجاجات واعتقال النشطاء، استمر النشاط السياسي في المغرب بعد عام 2011 في التطور والتكيف. وقد نوعت الحركة تكتيكاتها، وانخرطت في حملات المناصرة، والمبادرات الشعبية، والتعاون مع منظمات المجتمع المدني الأخرى لتعزيز أهدافها المتمثلة في الإصلاح والعدالة الاجتماعية، وتعود أصول الحركة السياسية في المغرب بعد عام 2011 إلى الرغبة في التغيير، مدفوعة بجيل شاب يشعر بخيبة الأمل من الوضع الراهن ويستمد الإلهام من إمكانيات وجود نظام سياسي أكثر انفتاحًا وتشاركية. تمثل هذه الحركة تحولا كبيرا في المشهد السياسي في البلاد، وتسلط الضوء على الطلب المتزايد على المساءلة والشفافية والحكم الديمقراطي بين الشعب المغربي[95].

فمثلما حدث في العديد من الدول العربية، شهد المغرب بداية سنة 2011 ظهور حركة احتجاجية شبابية تعرف باسم “حركة 20 فبراير”. اندمجت هذه الحركة في الموجة العربية للانتفاضات والاحتجاجات، ورفعت مجموعة من المطالب التي تشابهت مع مطالب الثوار في دول أخرى. من بين هذه المطالب:

  • حقوق الإنسان.
  • العدالة الاجتماعية.
  • مكافحة الفساد والاستبداد.

كانت هذه المطالب نقطة تلاقٍ لمختلف أفراد الحركة، حيث شملت القوى الإسلامية واليسارية تلك المطالب، بالإضافة إلى مطالبة بمحاربة الاقتصاد الريعي والامتيازات الملكية في المجال الاقتصادي، ونقدٍ لرموز النظام. استجابت المؤسسة الملكية لهذه المطالب بسرعة، جزئياً بفعل ما يُعرف بـ “قانون توكفيل” الذي يؤكد على أن التأخر في مواجهة الموجة الأولى من الاحتجاجات يؤدي إلى تصاعد التيار الراديكالي، وزيادة توتر الوضع في المرحلة التالية[96].

أسباب الحراك السياسي في المغرب بعد عام 2011 تتنوع وتشمل عدة عوامل:

  • التطلعات الديمقراطية: انطلق الحراك نتيجة لرغبة المواطنين في تحقيق الديمقراطية الحقيقية وزيادة مشاركتهم في صنع القرار.
  • الظروف الاقتصادية: تفاقمت الأزمات الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة، مما دفع بالشباب إلى التظاهر والمطالبة بتحسين الظروف المعيشية.
  • الانتهاكات الحقوقية: شهد المغرب انتهاكات لحقوق الإنسان وتقييدات على الحريات الأساسية، مما دفع بالمواطنين إلى النضال من أجل حقوقهم.
  • الفساد والاستبداد: انتشرت ظاهرة الفساد في مختلف المؤسسات الحكومية، مما أثار غضب الشعب ودفعه إلى المطالبة بمحاربة الفساد والاستبداد.
  • تأثير الأحداث الإقليمية: تأثر المغرب بالتحولات السياسية والاجتماعية في الشرق الأوسط وشهدت الثورات العربية في دول الجوار تأثيرًا على المواطنين المغاربة ودفعتهم للمطالبة بالتغيير.
  • الوعي السياسي: زاد الوعي السياسي لدى الشباب وتحسنت وسائل التواصل الاجتماعي، مما سهل التنسيق بين المحتجين وزاد من قوة الحراك السياسي.
  • تفاعل الحكومة: رغم أن الحكومة كانت تتبنى بعض الإصلاحات، إلا أن استجابتها لمطالب الحراك كانت بطيئة وغير كافية، مما زاد من حدة الاحتجاجات.
  • الحرية والكرامة: تطالب الحركة السياسية بتحقيق حرية التعبير وحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية، وهي قضايا أساسية تشكل دافعًا للاحتجاجات[97].

لقد استجاب النظام السياسي المغربي للضغوطات والتحديات التي نشأت جراء الحركة الاحتجاجية من خلال اتخاذ عدة إجراءات في مجال حقوق الإنسان، أحد هذه الإجراءات كانت إعادة هيكلة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وتأسيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان كبديل له، بالإضافة إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين من الصف الإسلامي خلال الفترة الجديدة للحكم. وفي خطاب في مارس 2011، أعلن الملك رغبته في إعادة النظر في المسألة الدستورية التي لم تكن محل اهتمام سابقًا، على الرغم من فترة حكم طويلة للملك الراحل الحسن الثاني ووجود دستور صادر سنة 1996.

على الرغم من التعديلات الدستورية التي تمت عام 2011 وتعيين حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية عام 2012، إلا أن المشهد السياسي المغربي شهد تراجعًا في أواخر عام 2013. هذا التراجع كان نتيجة للانتكاسات اللاديمقراطية التي طرأت في بعض الدول الشرقية، والضغوط التي فرضتها بعض دول الخليج خوفًا من تصاعد النفوذ الإسلامي. رئيس الحكومة آنذاك، عبد الإله بنكيران، كان من بين الشخصيات السياسية التي حاولت التعبير عن هذا التحول السلطوي من خلال تصريحاته، حيث أشار إلى وجود “دولتين في المغرب”، إحداها الرسمية والأخرى تتمثل في السلطات الفعلية واتخاذ القرارات، بالإضافة إلى تحكم الحزبين والأنشطة السياسية.

ثانيا: مظاهر التحول الديمقراطي في المغرب

في يوليو 2011، نظمت المملكة المغربية استفتاءاً عاماً على الدستور، شارك فيه أكثر من 13 مليون مغربي وقد أظهرت نتائج الاستفتاء تأييداً كبيراً للدستور الجديد، حيث صوت 98.50% من المشاركين بالموافقة عليه، بينما بلغت نسبة المصوتين بـ “لا” نسبة 1.5%، وكانت نسبة الأصوات الباطلة 0.83%، جاء خطاب الملك محمد السادس في 9 مارس، ملبياً مطالب الشباب المغربي، وألغى جميع المخططات التي كانت تستهدف إثارة الفوضى في البلاد بشكل رسمي[98].

الدستور الجديد الذي تم إقراره عام 2011، يمتاز بتكريس مبدأ الفصل بين السلطات، وتعزيز التعاون بينها بشكل متوازن، مع تأكيد على استقلال القضاء. كما أنه جاء بـ 180 فصلاً، مما جعله يحمل تغييرات جذرية على مستوى النص الدستوري. تم أيضاً توسيع صلاحيات البرلمان بغرفتيه، وتعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية، مع رفع مكانته الدستورية وتوسيع صلاحياته.
أكدت تطورات في المغرب بعد عام 2011 على تغييرات جذرية في الهيكل القضائي والسياسي، مما شمل تحقيق المساواة بين الجنسين في مجال القضاء وتحرير دور المرأة في هذا المجال. لأول مرة في تاريخ المملكة، تم تعيين نساء في مهام قضاء التوثيق، وهذا يعتبر تقدمًا كبيرًا نحو تحقيق المساواة بين الجنسين في المجال القضائي بالإضافة إلى ذلك، جاء الدستور المغربي الجديد ليمنح استقلالية أكبر لمؤسسات القضاء، حيث أُنشئت مؤسسة رئاسة النيابة العامة المستقلة عن وزارة العدل لأول مرة في تاريخ المملكة. كما تم تعزيز دور الوكيل العام لمحكمة النقض، الذي أصبح رئيسًا للنيابة العامة، مما سمح للمؤسسة بإصدار تقارير تقييمية تعكس جهودها في تنفيذ السياسة الجنائية، وتحت الدستور الجديد تم التركيز أيضًا على حقوق المتقاضين وسير العدالة، بمنع إقامة المحاكم الاستثنائية وتحديداً بمنع محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، مما يعد تنزيلًا لتوصيات هيئة الانصاف والمصالحة[99].

تجاوبًا مع الاحتجاجات، أصدر النظام الملكي دستورًا جديدًا في عام 2011، حيث تم نقل جزء من السلطات الواسعة للملك إلى رئيس الحكومة المنتخب، مما أتاح لحزب العدالة والتنمية الإسلامي تحقيق تقدم في الحكومة المغربية. ومع ذلك، ما زال المشهد السياسي في المغرب يظل مرتبطًا بسيطرة الدولة على العديد من القطاعات بما في ذلك الاقتصاد والسياسة والصحافة والدين، مما يعكس طبيعة استقطابية للسلطة يتجاوز في بعض الأحيان مبادئ الديمقراطية[100].

 ثالثا: الحراك الريفي

الحراك الريفي في المغرب بدأ في أكتوبر 2016 على خلفية وفاة بائع سمك رميز للفقر والإهمال والظلم الاجتماعي في منطقة الريف بالمغرب. وقد تصاعدت التظاهرات والاحتجاجات لتشمل مجموعة واسعة من المطالب، بما في ذلك التنمية الاقتصادية للمنطقة، وتحسين البنية التحتية، وإصلاحات اجتماعية وسياسية أخرى ثم قامت السلطات المغربية بتفريق الاحتجاجات بقسوة في بعض الأحيان، مما أدى إلى حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان واعتقالات للنشطاء. وفي مايو 2017، تم القبض على زعيم الحراك، ناصر الزفزافي، وعدد من المحتجين الآخرين، وحكم عليهم بعقوبات طويلة في محاكمات مثيرة للجدل[101].

على الرغم من ذلك، استمر الحراك الريفي في تأثيره على الحياة السياسية والاجتماعية في المغرب، حيث أدى إلى فتح نقاش عام حول قضايا العدالة الاجتماعية والتنمية الإقليمية.

ومن تأثيرات الحراك الريفي على الحياة السياسية والاجتماعية في المغرب كان بارزًا ومتعدد الأوجه. من بين الآثار الرئيسية:

  1. تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والاقتصادية: أسهم الحراك في رفع الوعي بقضايا الفقر والبطالة والظلم الاجتماعي في المناطق الريفية، مما دفع بالمجتمع والسلطات إلى التفكير بشكل أعمق في حلول جذرية لهذه المشاكل.
  2. تحفيز النقاش العام: أدى الحراك إلى فتح نقاش واسع النطاق حول العدالة الاجتماعية والتنمية الإقليمية في المغرب، وهو نقاش استمر وازدادت مشاركته عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
  3. تأثير على السياسة الحكومية: دفع الحراك السلطات المغربية إلى اتخاذ إجراءات لتلبية بعض مطالب المتظاهرين، مثل إعلان برنامج للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المناطق الريفية وتعزيز البنية التحتية.
  4. تأثير على السياسة الانتخابية: أثر الحراك على العملية السياسية في المغرب، حيث برزت قضايا العدالة الاجتماعية والتنمية الإقليمية بشكل أكبر في حملات الانتخابات وأجندات الأحزاب السياسية.
  5. تأثير على حقوق الإنسان: أدى الحراك إلى تسليط الضوء على قضايا حقوق الإنسان في المغرب، بما في ذلك استخدام القمع والاعتقالات التعسفية للنشطاء والمتظاهرين[102].

رابعاً: نتائج وتأثيرات الحراك السياسي

نتج عن الحراك السياسي في المغرب عام 2011 عدة نتائج وتأثيرات:

  1. التغييرات الدستورية: كانت أبرز النتائج التي ترتبت عن الحراك السياسي في المغرب إجراء تعديلات دستورية جذرية. تم إصدار دستور جديد في يوليو 2011، يمنح مزيدًا من السلطات لرئيس الحكومة المنتخب ويعزز استقلالية السلطة القضائية ويضمن حقوق المواطنين.
  2. تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية: سعت الحكومة إلى تلبية بعض المطالب الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، بما في ذلك توفير فرص العمل وتحسين الخدمات العامة.
  3. تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية: شهدت الفترة بعد الحراك زيادة في مشاركة النساء في المجال السياسي والقضائي، حيث تم تعيين النساء في مناصب قيادية في القضاء والحكومة.
  4. تحسين الحريات الديمقراطية: شهد المغرب تحسينًا نسبيًا في مجال حرية التعبير وحقوق الإنسان بعد الحراك، حيث تم السماح بتنظيم المظاهرات والاحتجاجات بشكل أكبر، وتم تخفيف القيود على وسائل الإعلام والتعبير.
  5. تعزيز الديمقراطية والشفافية: تم تعزيز مفهوم الديمقراطية والشفافية في الحكم، حيث تم توسيع دائرة المشاركة المدنية وتعزيز دور المجتمع المدني في صنع القرار[103].

بعد 2011، شهد المغرب تحولات سياسية هامة، تتجلى في نشوء حركات اجتماعية وسياسية جديدة تطالب بالإصلاح والتغيير. من بين هذه الحركات كان الحراك الريفي، الذي أشعل شرارة الاحتجاج ضد الظلم الاجتماعي والتهميش في المناطق الريفية، وترك الحراك الريفي أثرًا عميقًا على المشهد السياسي في المغرب، إذ دفع بالحكومة إلى اتخاذ خطوات لتلبية مطالب المتظاهرين والتفكير بجدية في إصلاحات جذرية. كما فتح الحراك النقاش العام حول قضايا العدالة الاجتماعية والتنمية الإقليمية، وتحفيز المجتمع المغربي على التفكير في سبل تحقيق العدالة والتنمية المستدامة، وعلى الرغم من تأثيره الإيجابي، إلا أن الحراك السياسي في المغرب بعد 2011 ما زال يواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك استمرار بعض الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة وضغوط السلطات على النشطاء والمعارضين. لكنه في الوقت ذاته، يعبر عن إرادة الشعب في السعي نحو مستقبل أفضل ومجتمع أكثر عدالة وتنمية.

بالتالي، يبقى الحراك السياسي في المغرب بعد 2011 محط أمل للتغيير والإصلاح، ومسارًا يستمر في تحديد مستقبل البلاد وتوجيهها نحو مسار تنموي وديمقراطي أكثر استقرارًا وازدهارًا.

 }المبحث الثاني: تحديات التحول الديمقراطي في المغرب {

في ظل الظروف السياسية والاجتماعية المتغيرة في المغرب، يشهد التحول الديمقراطي مجموعة من التحديات الهامة التي تعكس تعقيدات المسار نحو الديمقراطية وتحقيق الاستقرار والتنمية. تلك التحديات تتنوع بين الجوانب السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية، وتؤثر بشكل مباشر على توجهات البلاد وقدرتها على تحقيق التغيير الديمقراطي المنشود.

في السياق السياسي، تعاني المغرب من تحديات تتعلق بضرورة تطوير النظام السياسي ليشمل مشاركة أوسع للمواطنين وتوفير بيئة سياسية تسمح بالحوار وتبادل الآراء بحرية، وهذا يتطلب إصلاحات هيكلية وتعزيز الديمقراطية التشاركية ،ومن الناحية الاقتصادية، تشهد المغرب تحديات كبيرة في مجالات البطالة، والفقر، وتفاوت الدخل، والتي تتطلب سياسات تنموية مستدامة تعمل على تحقيق التوزيع العادل للثروة وتعزيز الاقتصاد المندمج والمنصف ، وعلى الصعيد الاجتماعي، تظهر التحديات في قضايا حقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، والتمييز، وتعزيز التنوع الثقافي واللغوي في المجتمع، مما يتطلب تعزيز الحوار والتسامح والتفاهم بين أفراد المجتمع المغربي ، و في المجال الثقافي والتعليمي، يعتبر تعزيز التعليم والتثقيف السياسي للمواطنين وتعزيز الوعي بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان أمرًا حيويًا لتعزيز المشهد الديمقراطي وتعزيز المشاركة المدنية[104].

أولا: معوقات التحول الديمقراطي في المغرب

هناك مجموعة من المعوقات التي تحول دون تحقيق عملية انتقال ديمقراطي رغم ما حققه المغرب من تقدم في عملية الإصلاح السياسي والدستوري إلا انه يعاني من ضعف في مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمنظمات المدنية، إضافة إلى هيمنة المؤسسة التنفيذية المغربية على السلطات الأخرى.

يرى المحللون السياسيون ان الديمقراطية لا يمكن اختزالها في انتخابات محلية او تشريعية ولو كانت نزيهة ، بل يتعين توفير الشروط الجوهرية والبنيوية لممارستها وايجاد التربة الخصبة لزرعها ، كما ان الاحزاب المغربية تقف بدورها حجرة عثرة امام تحول ديمقراطي معقلن يستجيب للمرحلة والظرفية الراهنة بالمغرب فالاحزاب التي تنتمي الى الحركة الوطنية تشترط ان تكون طرفا في اى انتقال سياسي كيفما كان ، كما شكلت التعددية الحزبية عرقلة امام استمرارية اختيار الوزير الأول من الحزب الحائز على الأغلبية في الانتخابات التشريعية الأخيرة ، ومن اهم الحواجز التي تقف عائق امام الانتقال الديمقراطي ضعف المشاركة الانتخابية الى جانب الحضور الوازن للمال الذي يطيح بشفافية العملية الانتخابية ونزاهتها ، كما تعاني التنظيمات المدنية المغربية من ضعف يتمثل كثرة الشقاقات الداخلية والضعف نظرا لتبعيتها لهيئات اخرى التي تمارس نوع من الوصاية الشيء الذي يفقدها استقلالها[105].

وهناك عائق مهم يتعلق بهيمنة السلطة التنفيذية على السلطات الاخرى، حيث استمرار الملك في ادائه لدور الحكم بين السلطات يضعف الطابع المؤسسي للنظام ويجعل التطور الديمقراطي متوقف على مدى رغبته في التغيير والتجديد السياسي بما لا يضعف سلطانه أو يؤدي إلىإدخالتغيرات واسعة على النظام الملكي     بالإضافة إلى تركز السلطة داخل النظام الملكي، هناك تحدٍ داخلي آخر يواجه التحول الديمقراطي في المغرب، وهو الافتقار إلى المشاركة السياسية الهادفة بين مواطنيه. ورغم بذل بعض الجهود لزيادة المشاركة المدنية وتعزيز التعددية السياسية، لا تزال هناك حاجة لمزيد من الشمولية وتمثيل الأصوات المتنوعة في عملية صنع القرار. وهذا الافتقار إلى المشاركة الواسعة النطاق من شأنه أن يقوض شرعية وفعالية المؤسسات الديمقراطية علاوة على ذلك، فإن استمرار التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والفوارق الجهوية في المغرب يشكل عقبة كبيرة أمام التقدم الديمقراطي ومن الممكن أن تؤدي هذه التفاوتات إلى تأجيج الاضطرابات الاجتماعية وتقويض استقرار النظام السياسي فان معالجة أوجه عدم المساواة هذه وتعزيز التنمية الاقتصادية في المناطق المهمشة أمر بالغ الأهمية لبناء ديمقراطية أكثر شمولاً واستدامة[106].

وان وجود الفساد وانعدام الشفافية في المؤسسات الحكومية يشكل تحديات كبيرة أمام ترسيخ الديمقراطية في المغرب. يؤدي الفساد إلى تآكل ثقة الجمهور في الحكومة ويقوض سيادة القانون، مما يجعل من الصعب إرساء ثقافة المساءلة والحكم الرشيد فإن معالجة هذه القضايا من خلال تدابير قوية لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في عمليات صنع القرار أمر ضروري لتعزيز المؤسسات الديمقراطية، وبينما قطع المغرب بعض الخطوات نحو التحول الديمقراطي، فإن التغلب على هذه التحديات الداخلية سيكون حاسما للتقدم نحو مجتمع أكثر ديمقراطية يدعم مبادئ المساواة والعدالة والمشاركة المدنية[107].

وإن المشاركة السياسية في المغرب معوقة بسبب القيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع غالبًا ما تواجه منظمات المجتمع المدني والناشطون السياسيون عقبات عند محاولتهم التعبير عن المعارضة أو تنظيم الاحتجاجات، مما يؤدي إلى مشهد سياسي مقيد. بالإضافة إلى ذلك، فإن الفساد داخل الحكومة والبيروقراطية يقوض ثقة الجمهور في العملية الديمقراطية ويعيق الجهود الرامية إلى تعزيز الشفافية والمساءلة، ويطرح دور الأحزاب السياسية في المغرب أيضًا تحديات أمام التحول الديمقراطي. ورغم وجود نظام متعدد الأحزاب، فإن الأحزاب السياسية غالبا ما تكافح من أجل صياغة برامج سياسية متميزة وحشد الدعم على نطاق واسع وهذا الانقسام يضعف المعارضة ويحد من قدرة الأحزاب على تحدي الوضع الراهن بشكل فعال علاوة على ذلك، تشكل الفوارق الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع المغربي عقبة كبيرة أمام ترسيخ الديمقراطية ويؤدي الفقر المستمر، وارتفاع معدلات البطالة، وأوجه عدم المساواة بين المناطق إلى تأجيج السخط الاجتماعي والحد من شمولية العملية السياسية. إن معالجة هذه التحديات الاقتصادية أمر بالغ الأهمية لبناء ديمقراطية أكثر قوة واستدامة في المغرب[108].

وفي الأخير يمكن القول انه رغم هذه العراقيل إلا أن المغرب مازال مستمر ويظهر ذلك من خلال التعديل الدستوري الأخير 2011 بالاضافة إلى فوز حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الأولى في انتخابات 2011 في ظل هذه المستجدات يا ترى ماهي آفاق مستقبل الانتقال الديمقراطي في المغرب.

ثانيا: نضالات التحول الديمقراطي في المغرب

لقد واجه المغرب، مثل العديد من البلدان، عقبات كبيرة في طريقه نحو الديمقراطية. وكان التحدي الأساسي يتمثل في التردد في تنفيذ إصلاحات جوهرية من شأنها أن تعزز القيم والممارسات الديمقراطية وعلى الرغم من بعض التقدم في التحرير السياسي وإنشاء المؤسسات الديمقراطية، فإن قضايا مثل الفساد، والافتقار إلى الشفافية، وتقييد الحريات المدنية لا تزال قائمة.

ويشكل دور النظام الملكي عقبة أخرى أمام التحول الديمقراطي في المغرب وفي حين بُذلت جهود لتوزيع السلطة بين المسؤولين المنتخبين وتعزيز الشمولية، يرى المنتقدون أن النظام الملكي لا يزال يتمتع بنفوذ كبير، مما قد يعيق تطور مجتمع ديمقراطي حقيقي ، وتعاني الساحة السياسية في المغرب من ضعف الهياكل الحزبية والمعارضة المتشرذمة، الأمر الذي يعيق بناء الإجماع حول المسائل الحيوية ويعوق الإصلاحات الرامية إلى تحصين المؤسسات الديمقراطية ،  تؤدي الفوارق الاجتماعية والاقتصادية المستمرة إلى تفاقم السخط وتقويض التقدم الديمقراطي. إن استمرار الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي يخلق أرضا خصبة لعدم الاستقرار والاضطرابات، مما يعقد الجهود الرامية إلى تعزيز القيم الديمقراطية[109].

باختصار، رحلة المغرب نحو الديمقراطية معقدة وتتطلب مقاربة شاملة لمعالجة التعقيدات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ويجب على الأمة أن تستمر في تحصين المؤسسات الديمقراطية، وتعزيز الحكم الرشيد، ورعاية ثقافة التنوع السياسي والمشاركة بين سكانها. ولن يتمكن المغرب من التغلب على هذه التحديات وتحقيق إمكاناته الديمقراطية الكاملة إلا من خلال التفاني المستمر للمبادئ الديمقراطية حيث تتميز رحلة التحول الديمقراطي في المغرب بتحديات معقدة تتطلب حلولا دقيقة. إحدى القضايا الملحة هي الحاجة إلى إرادة سياسية حقيقية لتفعيل إصلاحات ذات معنى. ورغم تحقيق خطوات واسعة على مسار التحرير السياسي وبناء المؤسسات، فإن قضايا مثل الفساد ومحدودية الحريات المدنية لا تزال قائمة، الأمر الذي يستلزم التزاماً أكثر قوة بالمبادئ الديمقراطية.

ولا يزال دور النظام الملكي في السياسة المغربية موضوعا مثيرا للجدل وفي حين بُذلت جهود لنقل السلطة إلى الهيئات المنتخبة، إلا أن المخاوف لا تزال قائمة بشأن النفوذ الكبير للملكية إن تحقيق التوازن بين الحفاظ على الهياكل التقليدية وتعزيز الحكم الديمقراطي أمر بالغ الأهمية للمرحلة الانتقالية في المغرب       بالإضافة إلى ذلك، فإن غياب الأحزاب السياسية القوية والمعارضة المتماسكة يعيق التقدم. إن بناء الإجماع وتنفيذ الإصلاحات يتطلب مشهداً سياسياً متماسكاً. إن تعزيز الأحزاب السياسية وتشجيع الحوار البناء بين مختلف الجهات السياسية الفاعلة أمر ضروري للنهوض بالممارسات الديمقراطية[110].

تشكل الفوارق الاجتماعية والاقتصادية تحديات كبيرة أمام التطلعات الديمقراطية في المغرب ويؤدي استمرار الفقر والبطالة إلى توليد السخط، مما يقوض التماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي، إن معالجة هذه الفوارق من خلال السياسات الاقتصادية الشاملة وبرامج الرعاية الاجتماعية أمر حيوي لتعزيز المرونة الديمقراطية وللمضي قدمًا، يجب على المغرب اتباع نهج شامل للتغلب على هذه التحديات ويستلزم هذا تعزيز المؤسسات الديمقراطية، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وتعزيز المشاركة المدنية ومن خلال تبني القيم الديمقراطية وتبني الحكم الشامل، يستطيع المغرب أن يبحر في انتقاله نحو مستقبل أكثر ديمقراطية.

}المبحث الثالث: الواقع السياسي الراهن في المغرب{

في الوقت الحالي، يشهد الواقع السياسي في المغرب تطورات متعددة وتحولات هامة تعكس تطلعات الشعب المغربي نحو مزيد من الديمقراطية والاستقرار السياسي. تميز السيناريو السياسي الحالي بالتوازن بين الاستمرارية والتغيير، حيث تسعى الحكومة والمؤسسات السياسية إلى تحقيق التطور والإصلاح في إطار الاستقرار والأمان، ومن بين الجوانب الرئيسية للواقع السياسي الراهن في المغرب هو دور الملك والمؤسسات الملكية، حيث تظل الملكية مركزية في النظام السياسي المغربي، وتمتلك صلاحيات واسعة في القرار السياسي والتوجيهات الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، فإن هناك جهوداً متزايدة لتعزيز الديمقراطية وتوزيع السلطة بين السلطات المختلفة[111].

بالإضافة إلى ذلك، يشهد الواقع السياسي الحالي في المغرب تنامي دور المجتمع المدني والمؤسسات غير الحكومية في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية تسهم هذه الجهود في تعزيز الديمقراطية وتعزيز مشاركة المواطنين في الحياة السياسية، على الرغم من التحديات التي قد تواجه الواقع السياسي في المغرب، إلا أن البلاد تشهد أيضًا إرادة قوية لتحقيق التغيير والإصلاح، وتحسين جودة الحياة للمواطنين. وباستمرارية الجهود المبذولة لتعزيز الديمقراطية وتوفير فرص متساوية للجميع، فإن المغرب يسير بثبات نحو مستقبل أكثر تقدمًا واستقرارًا سياسيًا.

اولا: المشهد السياسي الراهن في المغرب:

يتميز النظام السياسي في المغرب بنظام التعددية الحزبية، حيث تتنافس مختلف الأحزاب السياسية على السلطة والتمثيل ويقود الحكومة الحالية حزب العدالة والتنمية، وهو حزب سياسي إسلامي يتولى السلطة منذ عام 2011  ومع ذلك، يحتفظ الملك بالسلطة المطلقة ويلعب دورا حاسما في عمليات صنع القرار ، وتشمل صلاحيات الملك تعيين رئيس الوزراء، وحل البرلمان، وقيادة الجيش وبينما تتولى الحكومة مسؤولية الإدارة اليومية، فإن تأثير الملك منتشر في السياسة المغربية النظام الملكي هو أيضا رمز للوحدة الوطنية والاستقرار في منطقة تتميز بالاضطرابات السياسية حيث على الرغم من الجهود المبذولة لإضفاء الطابع الديمقراطي على النظام السياسي، لا تزال هناك تحديات مثل الفساد وعدم المساواة والحريات السياسية المحدودة. وقد اتخذت الحكومة خطوات لمعالجة هذه القضايا، بما في ذلك الإصلاحات الرامية إلى تعزيز الشفافية والمساءلة. يستمر المشهد السياسي في المغرب في التطور حيث تتنقل البلاد بين التوازن الدقيق بين التقاليد والتحديث في هيكلها الحكومي[112].

بالنسبة للأحزاب والتحالفات السياسية، يتسم المشهد السياسي في المغرب بالتنوع والديناميكية، حيث تعمل مجموعة من الأحزاب والتحالفات السياسية على تشكيل حكم البلاد. تشمل الأحزاب السياسية الرئيسية في المغرب حزب العدالة والتنمية، وهو حزب إسلامي لعب دورًا مهمًا في المشهد السياسي منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وهناك حزب بارز آخر هو حزب الأصالة والمعاصرة، المعروف بموقفه الليبرالي والمؤيد للملكية ويُعد حزب الاستقلال، وهو حزب قومي، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لاعبين رئيسيين أيضًا في السياسة المغربية[113].

في السنوات الأخيرة، كانت التحالفات السياسية حاسمة في تشكيل الحكومات بسبب الطبيعة المجزأة للنظام الحزبي  وكان حزب العدالة والتنمية جزءاً من الحكومات الائتلافية، وغالباً ما يشكل تحالفات مع أحزاب أصغر لضمان الأغلبية في البرلمان كما شارك حزب الأصالة والمعاصرة في تحالفات مختلفة لممارسة نفوذه وتعزيز أجندته حيث تلعب الملكية التقليدية في المغرب دورًا مهمًا في المشهد السياسي، حيث يعتبر الملك محمد السادس شخصية موحدة في البلاد ويتجلى تأثير النظام الملكي بشكل خاص في مسائل الأمن القومي والسياسة الخارجية والشؤون الدينية وبشكل عام تعكس الأحزاب والتحالفات السياسية في المغرب تفاعلاً معقداً بين الأيديولوجيات والمصالح الإقليمية ومع استمرار البلاد في التنقل في مشهدها السياسي، ستلعب هذه الأحزاب والتحالفات دورًا حاسمًا في تشكيل السياسات والحكم والاتجاه المستقبلي للمغرب[114].

يمكن تلخيص ما سبق بأن المشهد السياسي الحالي في المغرب يتميز بالتوازن بين السلطة الملكية التقليدية والدفع المتزايد نحو الإصلاحات الديمقراطية قطعت البلاد خطوات واسعة في مجال التحرير السياسي وشهدت زيادة في المشاركة في الانتخابات، على الرغم من استمرار التحديات مثل الفساد والبطالة بين الشباب بينما يتنقل المغرب في مشهده السياسي، فإن الموازنة بين التقاليد ومتطلبات المجتمع الحديث تظل تحديًا رئيسيًا لقادة البلاد.

ثانيا: رؤى المستقبل لعملية الانتقال الديمقراطي في المغرب

لقد عرف عهد الملك محمد السادس استخدام سلطة الملك لتحسين وضعية حقوق الانسان وتعزيز حقوق المراة والتعبير عن خروقات الماضي ومشكل الرشوة والفساد، وليس لفتح الطريق امام مشاركة سياسية حقيقية وتقوية المؤسسات التي يمكن ان تقوم بدور المراقبة والتوازن.

إن أهم ما قدمه الملك محمد السادس في التعديل الدستوري الأخير لعام 2011 وضع مملكة دستورية ذات طابع برلماني قائم على مبادئ سيادة الدولة وسمو الدستور كمصدر لجميع السلطات، وربط المسؤولية بالمحاسبة في إطار نسق دستوري فعال ومعقل جوهره فصل السلطات واستقلالها.

لقد انعكست الثورات العربية لعام 2011 بالإيجاب على الدولة المغربية ففي الجانب السياسي ببنى المغرب مجموعة إصلاحات دستورية جديدة، وفي الجانب الاقتصادي أصبح المغرب وجهة للاستثمارات الأوروبية والعربية في سنة 2011 والتي بلغ عددها حوالي 100 مشروع استثماري بالإضافة إلى نمو معتبر في قطاع السياحة، إذن فالمغرب بعنوان استقراره السياسي سيرفع قدر استقراره الاقتصادي والاستراتيجي.

ولتحقيق عملية تحول وانتقال ديمقراطي حقيقية لابد من معالجة المحاور التالية:

  • العمل على إصلاح سياسي من خلال تحديد التدابير الضرورية لتحويل النظام السياسي الى نظام أكثر ديمقراطية اضافة الى المسار السياسي الذي من شانه أن يؤدي إلى تنفيذ هذه التدابير.
  • ولكي يصبح بلدا ديمقراطيا على المغرب أن تحد من سلطة الملك وان يفصل بين السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية وان يتحول المغرب من ملكية تنفيذية إلى ملكية دستورية، وحتى يتجه نحو الديمقراطية يجب ألا تنبثق المبادرة من القصر بل من القوى السياسية الأخرى.
  • ان المشهد السياسي سيظل يفتقر الى ابسط الوسائل الايجابية التي تمكنه من الانتقال إلى الديمقراطية، لان الديمقراطية ليست في كثرة الاحزاب وانما تلزم وعي سياسي وعلى الاحزاب ان تتوفر لها شروط موضوعية وامكانيات دستورية تسمح لها بتطبيق برامجها والوفاء بالتزاماتها، ومن أجل تقوية الحكومة والبرلمان لابد من اصلاحات دستورية ترمي إلى توسيع اختصاصات كل منهما.
  • كما يجب إجراء مراجعة شاملة للقوانين بحيث تلغى كافة القيود على الحريات العامة والفردية وتكون متلائمة مع المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والتركيز بصفة خاصة على قوانين الصحافة والمطبوعات والعمل والأحوال الشخصية والمسطرة الجنائية.

أخيراً الدولة المغربية عرفت العديد من البدايات للقيام بعملية الانتقال الديمقراطي لكنها بدايات مغشوشة بم لا تفضي إلى تكريس ديمقراطية حقيقية، وفي هذه المرة جاءت التعديل الدستوري الأخير بالعديد من الإصلاحات الإيجابية، لذا تحقيق عملية الانتقال الديمقراطي لابد من صمود المؤسسة الملكية أمام إغراء العودة إلى أساليب حكم سلطوية وفوقية، كما يجب على الفاعلين السياسيين الاتفاق بما يسمح للمجال السياسي بالتطور وأن يدركوا مخاطر الانقسام وأن يساهموا في نشر ثقافة الديمقراطية بين مؤيديهم التكملة مسار الانتقال الديمقراطي.

مما سبق يمكن استنتاج ما يلي:

  1. تتنوع المعوقات التي تحول تحقيق ديمقراطية فعلية في منطقة المغرب ومن أهمها تكريس دستور هذه الدولة صلاحيات واسعة للسلطة التنفيذية على السلطة التشريعية والقضائية، فرغم أن المغرب عرفت العديد من التعديلات الدستورية إلا أنها دائما تكون من اقتراح السلطة التنفيذية وتتمحور حول الحفاظ على مكانتها وتوسيع صلاحياتها بحيث تتداخل صلاحيات السلطة التشريعية والقضائية.
  2. كما أن الدولة تعاني من ضعف مجتمعها المدنى بشقيه الاحزاب السياسية والمنظمات المدنية وعدم قدرتها على القيام بمهامه في تكريس عملية الانتقال الديمقراطي فهذه الدولة تحتوي على عدد كبير من الأحزاب السياسية ذات التوجهات المتنوعة، إلا أن النظم السياسية متنوعة تحول دون تحقيق استقلالية الأحزاب السياسية عنها كما أن هناك مجموعة من المشاكل الداخلية التي تعاني منها الأحزاب السياسية: أهمها غياب الديمقراطية وغياب الطابع النخبوي وضعف تكريس مبدأ التداول على السلطة وضعف تكريس مبدأ التداول على السلطة والشقاقات فيما بين الأحزاب وداخل الحزب الواحد.
  3. كما أن المنظمات المدنية تتسم بالتعدد والتنوع إلا أنها لا تقوم بممارسة مهامها كما يجب التفعيل عملية الانتقال الديمقراطي، بالإضافة إلى معاناتها من أسباب داخلية تحول دون مساهمته في القيام بعملية الانتقال الديمقراطي أهمها غياب الديمقراطية الداخلية والصراح حول السلطة ولتجاوز هذه الأسباب لابد من نشر الثقافة الديمقراطية.

في ختام الفصل، يتضح أن سياسات النظام المغربي نحو التحول الديمقراطي تعكس توازنًا دقيقًا بين الحفاظ على الاستقرار والتنمية وبين السعي نحو تعزيز الديمقراطية وتوسيع مشاركة المواطنين في العملية السياسية. على الرغم من وجود تحديات متعددة، مثل دور الملكية وتعقيدات البيئة السياسية والاقتصادية، إلا أن هناك إرادة قوية لتحقيق التغيير والإصلاح، كما تتطلب سياسات النظام المغربي تجاوباً مستمراً مع تطلعات المواطنين وضرورات العصر، وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية. يجب أن تتمثل الأولوية في تعزيز الديمقراطية وتوفير بيئة سياسية شاملة ومشاركة فعالة للمواطنين في صنع القرار، مما سيساهم في تعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة للمغرب.

بالتالي، يتعين على النظام المغربي أن يواصل العمل على تحقيق التغييرات اللازمة وتعزيز الديمقراطية، وأن يتخذ إجراءات جادة لتعزيز المشاركة السياسية وتعزيز الشفافية والمساءلة. من خلال هذه الجهود المستمرة، يمكن للمغرب أن يحقق تقدمًا ملموسًا في مساره نحو تحقيق مجتمع ديمقراطي ومزدهر.

الخاتمة

على مدار الفترة الممتدة من 2011 إلى 2023، شهد المغرب تحولاً ديمقراطياً مثيراً للاهتمام، حيث تميزت هذه الفترة بمجموعة من التغيرات السياسية والاجتماعية التي شكلت ملامح جديدة للنظام السياسي المغربي. لقد كانت البداية مع رياح الربيع العربي التي هبت على المنطقة في عام 2011، حيث دفعت المطالب الشعبية بالإصلاح والتغيير السياسي إلى إطلاق عملية إصلاحات دستورية تهدف إلى تعزيز الديمقراطية وإشراك المواطنين في الحياة السياسية بطرق أكثر فعالية، ولقد مثّل التعديل الدستوري لعام 2011 خطوة محورية في تاريخ المغرب السياسي، حيث تم تعزيز سلطات البرلمان والحكومة وتقوية دور السلطة القضائية، مما أسهم في خلق توازن أكبر بين السلطات. علاوة على ذلك، جاءت الانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت خلال هذه الفترة لتكون شاهدة على تطور العملية الديمقراطية، حيث أظهرت تحسناً في مستوى النزاهة والشفافية ومشاركة الأحزاب السياسية والمجتمع المدني.

كان لهذه الإصلاحات تأثير ملموس على الحياة السياسية في المغرب، حيث ساهمت في بروز قوى سياسية جديدة، وتعزيز دور الأحزاب السياسية في صياغة السياسات العامة ومراقبة الأداء الحكومي. كما شهدت هذه الفترة انفتاحاً أكبر على منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، مما أسهم في تعزيز ثقافة الحوار والمساءلة، ومع ذلك لم يكن التحول الديمقراطي في المغرب خالياً من التحديات. فقد واجهت البلاد العديد من الصعوبات، من بينها مقاومة بعض القوى التقليدية للإصلاحات، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي ألقت بظلالها على عملية التحول الديمقراطي. بالرغم من هذه التحديات، فإن المغرب أظهر قدرة على التكيف والاستمرار في مسار الإصلاحات، مستفيداً من استقراره السياسي وقدرته على المحافظة على توازن دقيق بين التحديث والتقاليد.

إن التحول الديمقراطي في المغرب خلال الفترة 2011-2023 يقدم نموذجاً فريداً يجمع بين الإصلاح التدريجي والحفاظ على الاستقرار، مما يجعله مثالاً يستحق الدراسة والتحليل. لقد نجح المغرب في اتخاذ خطوات كبيرة نحو الديمقراطية، مع الحفاظ على خصوصيته الثقافية والاجتماعية والسياسية. إن التحديات التي واجهها المغرب والإنجازات التي حققها خلال هذه الفترة تؤكد على أن عملية التحول الديمقراطي هي عملية مستمرة تتطلب جهوداً مستدامة وإرادة سياسية قوية.

في الختام، يمكن القول إن المغرب قطع شوطاً كبيراً في مسيرة التحول الديمقراطي، محققاً تقدماً ملموساً في مجالات عديدة، لكنه لا يزال أمامه العديد من الفرص والتحديات التي يجب عليه مواجهتها لضمان تحقيق ديمقراطية شاملة ومستدامة. تبقى الرؤية المستقبلية للمغرب مشجعة، إذ يمكن للمملكة أن تبني على ما تم تحقيقه، مستفيدة من التجارب السابقة لتعزيز مسار الديمقراطية وتوسيع نطاق الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما يخدم تطلعات الشعب المغربي وآماله في مستقبل أفضل.

قائمة المراجع

المراجع باللغة العربية:

أولا: المصادر الأولية:

-دستور المملكة المغربية الصادر سنة ١٩٩٢م، الفصل ١٩ من الباب الثاني.

– نشرة صندوق النقد الدولي، (فبراير 2015) ، فحص سلامة الاقتصاد المغربي الصحيح، ص ٢، ٣.

ثانيا: الكتب:

-ابراهيم سعد الدين، المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، ص ١٨.

– ابن منظور، لسان العرب، دار المعارف، بيروت، ص ٢٩، ٤٥.

– الملوي سعيد بنسعيد ، (1997) ، الوطنية والتحديث في المغرب، مركز الوحدة العربية، ط١، ص ١٧.

– بلقزيز عبد الاله، (2007)، السلطة والمعارضة لمجال السياسي العربي المعاصر حالة المغرب، المركز الثقافي العربي، ط١، ص ١١٠.

-الخثلان صالح بن محمد ، (٢٠٠٨) ، السياق الدولي للإصلاح السياسي في الوطن العربي، العربية للعلوم السياسية ،ع. ١٩، ص ١٢٧- ١٤٢.

– خليفة على وآخرون. (2002)، الخليج العربي والديمقراطية نحو مستقبليه لتغيير المساعي الديمقراطية، مركز الوحدة العربية، ط١، ص ٥٥-٥٦

– الرياشي سليمان وآخرون. (1996)، الأزمة الجزائرية، للخلفيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مركز دراسات الوحدة العربية، ط١،

– سطى عبد الآله، أسئلة حول فرضية الانتقال الديمقراطي بالمغرب، المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية، ص٢، ٣

-الشطي إسماعيل وآخرون. (2005)، مداخل الانتقال إلى الديمقراطية في البلدان العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، ط٢، ص ٢٤٠- ٢٤٣.

–   عبد الطيف كمال وآخرون، (2012) ، الانفجار العربي الكبير، المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية، ط١، ص ٣٩٣.

– عبد الله ثناء فؤد ، (1997) ، آليات التغيير الديمقراطي في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، ط١، ص ٧٥.

– العيسوي إبراهيم، (1989)، قياس التبعية في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، ص ٢٠-٢٧.

– غزوي محمد سليم محمد، (2002)، نظرات التحول الديمقراطي، دار وائل للنشر، ط١، ص ٩.

– فرانك حي، لتشنز وجون بولي، (2010) ، العولمة الطوفان ام الإنقاذ، ترجمة فاضل جتكر، مركز دراسات الوحدة العربية ، ط٢، ص ٤٢٩.

– محمد كولفرني ، (2013) ، المشاركة السياسية للمرأة بالمغرب: الدلالة الاتفاقية والاحتجاج، العربية للعلوم السياسية، ع. ٣٦، ص ١٢٢- ١٣٦.

– مراحي عبد الجلال ، (2012) ، السياسة الخارجية في الدستور المغربي، العربية للعلوم السياسية، ع. ٣٥، ص٥٥-٦٦.

– منصور بلقيس أحمد. (٢٠٢٤)، الأحزاب السياسية والتحول الديمقراطي، القاهرة مكتبة ميدولي، ط١، ص ٣٦.

– هانتجنون صامويل ، ترجمة عبد الوهاب علوب، المواجهة الثالثة للتحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين، دار سعاد الصباح، مصر، ص١٢٠.

– وهبه ربيع واخرون، (2011)، الحركات الاحتجاجية في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، ط١، ص ١٢٢.

ثالثا: الرسائل العلمية:

١/ رسائل الدكتوراه:

– أبورمان محمد، (2009)، “الإصلاح السياسي في الفكر الإسلامي المعاصر”، (أطروحة دكتوراه)، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.

– توازي خالد، (2015/2016)، آليات ومعوقات التحول الديمقراطي في المجتمعات الانتقالية دراسة مقارنة بين الجزائر والمغرب، (أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية)، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية.

– حاجي فتحي، (2017/2019)، التحولات الديمقراطية في المملكة المغربية بين الفرص والقيود ١٩٩٢- ٢٠١٦، (أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية)، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية.

– سليم بورنان نعيمة، (2016)، التحولات الديمقراطي ودوره في تفعيل التكامل في المغرب العربي، (اطروحة دكتوراه غير منشورة)، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ص30.

– كبير سيد أحمد، (2013/2014)، التحولات السياسية في البلدان العربية بين متطلبات الترسيخ الديمقراطي واستراتيجية البقاء، (أطروحة دكتوراه غير منشورة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ص1،7.

٢/ رسائل الماجستير:

-بوعليلي سيدي عيسى. (2015/2016)، إشكالية التحول الديمقراطي في الجزائر دراسة نقدية، (مذكرة لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية، المدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية، ص ٢١-٢٣.

– ريحان نايف. (2007)، العولمة وأثرها على عملية الإصلاح الديمقراطي في الوطن العربي (1990-2006)، (اطروحة لنيل درجة الماجستير في التخطيط والتنمية السياسية) جامعة النجاح الوطنية، ص ٩٣.

– شاهر نور فاضل، (2012)، بعنوان ” الإصــــلاح السياســـي والتحـــول الديمقراطي في الدول العربية (العراق انموذج)، نوقشت في كلية العلوم السياسية، قسم النظم السياسية والسياسات العامة.

-عبد الحق بن عطا الله ، يوسف خير. (2014/2015)، التحول الديمقراطي في الجزائر، (مذكرة لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية)، سعيدة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص٢٦.

– فاطيمة شريف، (٢٠١٧-٢٠١٨)، التحول الديمقراطي في المغرب العربي: دراسة مقارنة بين ليبيا وموريتانيا، (مذكرة لنيل شهادة الماجستير)، جامعة د. مولاي الطاهر – سعيدة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص ١٣.

– مودع زهير. (2013/2014)، الترسيخ الديمقراطي ومعوقاته الداخلية والخارجية في الأنظمة السياسية العربية، (مذكرة لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية)، جامعة محمد خضير بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص ٣٣

– يوسف ليعاض. (2014 /2015)، التحولات الراهنة وأثرها على ارساء مبدأ الديمقراطية، (مذكرة لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية) تونس- بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص 18-19.

رابعا: مذكرات التخرج:

– زياني فاطمة الزهراء، (2014/2015)، الانتقال الديمقراطي في المغرب الأقصى، (مذكرة لنيل شهادة ليسانس في العلوم السياسية)، جامعة د/ الطاهر مولاي سعيدة، كلية الحقوق والعلوم السياسية.

– ناشط سفيان، تليمة عثمان، (2013/2014)، الانتقال الديمقراطي بالمغرب الاكراهات والرهانات، (بحث لنيل شهادة الاجازة في القانون العام)، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات.

– د/ منصور ماجدة عبد الشافي خالد، التحول الديمقراطي وأثره على المشاركة الشعبية في الإصلاح الدستوري دراسة مقارنة، كلية الحقوق، جامعة المنوفية، الدراسات العليا والبحوث.

خامسا: المقالات والأبحاث العلمية:

-إبراهيم حسنين توفيق (٢٠٠٨)، العوامل الخارجية وتاثيراتها في التطور الديمقراطي في الوطن العربي، المستقبل العربي، ع. ٣٤٩، ص ٢٠-٣٧.

-ابو حفص حاكمي ، الإصلاحات والنمو الاقتصادي في شمال أفريقيا، دراسة مقارنة الجزائر المغرب تونس، اقتصاديات شمال أفريقيا، ص ١- ٢٤.

-إسماعيل الشطي وآخرون. (2005)، مداخل الانتقال إلى الديمقراطية في البلدان العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، ط٢، ص ٢٤٠- ٢٤٣.

-اشتاتو محمد، (2019)، سياسة الاستقطاب في المغرب، معهد واشنطن

-إيثار موسى، (2018) ، بحث قانوني حول النظام السياسي المغربي.

https://www.mohamah.net/.

-د/ بزة يوسف، د/ ساحلي مبروك، (2016)، الإصلاحات السياسية كآلية للدمقرطة في بلدان المغرب العربي، مجلة دراسات وأبحاث: المجلة العربية في العلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد ٢٥.

-توفيق عبد الصادق، (2021)، واقع ومستقبل الإصلاحات بالمغرب ٢٠١١ – ٢٠٢١: دراسة حول موضوع السلطة، رواق عربي.

-حمودي إسماعيل، (2015)، الانتقال الديمقراطي في المغرب: حدود التحول، رؤية تركية.

–الداسر أمحمد، التحول الديمقراطي في دول المغرب العربي، كلية الحقوق المحمدية، ص ١٤.

-د. دبوب مصطفى أبو القاسم، (2019)، التحول الديمقراطي في المغرب العربي “تونس، المغرب أنموذجا”، مجلة القرطاس، العدد السادس.

-الدغيلي خيرية محمد، الجداري عمران محمد المرغني، (2022)، التحول الديمقراطي: قراءات نظرية، مجلة دراسات الاقتصاد والأعمال، المجلد ٩، العدد ١.

-زلماط حياة. (2009)، المشهد السياسي في المغرب، المركز المغربي الاستراتيجي، ص٨.

-د/ ساحلي مبروك، (2018)، الإصلاح السياسي في دول شمال إفريقيا دراسة حالة (تونس، الجزائر، المغرب) مركز دراسات الشرق الأوسط.

– صبار عمر، (2022)، آفاق التحول الديمقراطي في المغرب بعد انتخابات ٢٠٢١، المعهد المصري للدراسات، ص ١٠.

– ضريف محمد، (2020). النظام السياسي المغربي وجمود الانتقال، الحوار المتمدن

– طه شريف. (2019)، الانتقال الديمقراطي: الأسس والآليات، المعهد المصري للدراسات.

-عاشور سليم، (2016)، ثورة المعلومات والاتصال ومسار التحول الديمقراطي في المنطقة العربية، مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية، العدد ١٠.

-عبد الصادق توفيق، (2015)، حركة ٢٠ فبراير الاحتجاجية في المغرب، المستقبل العربي، ع. ٤٠، ص ٧٠-٧٧.

-العثماني سعد الدين واخرون، (2015) ، تجربة الإصلاح الدستوري في المغرب، منتدى العلاقات العربية والدولية، ط١، ص ٢٩.

-د. عدنان زروقي، د. عبد الدين بن عمراوي، (2019)، تعثر الإصلاح السياسي وتحديات البناء الديمقراطي للدولة في تجارب ما بعد الحراك: الدول المغاربية (تونس- الجزائر- المغرب) أنموذجا، مجلة الميدان للدراسات الرياضية والاجتماعية والإنسانية، المجلد الثاني، العدد السابع.

-أ. عربي مسلم بابا، (2013)، محاولة في تأصيل مفهوم الإصلاح السياسي، دفاتر السياسة والقانون، العدد التاسع.

-الغالي محمد، (2011)، الهندسة الاقتراعية عبر التجارب الدستورية المغربية، دفاتر السياسة المقارنة، مراكش: جامعة مراكش، ص ٢٦.

-فاروق شيماء، (2021)، التحول الديمقراطي في المغرب ما بعد ٢٠١١، المركز الديمقراطي العربي.

– فازية ويكن ، (2011) ، فاعلية المجتمع المدني في المغرب في مواجهة استراتيجي الدولة التداخلية، المجتمع المدني والتطور السياسي بالمنطقة المغاربية، مختبر البحوث والدراسات في العلاقات الدولية، أعمال الملتقى الثالث، جامعة الجزائر، ص ١٦٩.

-الكردي محمود صالح، عبد الوهاب عبد العزيز أبو خمرة. (2017)، دور الملك الحسن الثاني في الإصلاح السياسي والدستوري بالمغرب ١٩٩٣- ١٩٩٩، كركوك اليوم، ص ١٠٢- ١٤٠.

-د. كريم خالد سعد، أ. الجد على مفتاح، (2018)، اشكاليات التحول الديمقراطي في دول العالم الثالث (دراسة نظرية)، مجلة العلوم الاقتصادية والسياسية، العدد ١١.

-مجذاب عسان كريم، دور الملك في تكوين وتطوير النظام السياسي في المملكة المغربية، (المغرب، الجامعة المستنصرية) ص ٦٩- ١٤٦.

-محمود صدفه محمد، (2013)، مفاهيم التحول الديمقراطي والمفاهيم وثيقة الصلة به، كلية السياسة والاقتصاد، جامعة القاهرة.

-الملحم تركي ملحم عيادة، (2021)، التحول الديمقراطي في المملكة المغربية: دراسة عمليات الإصلاح السياسي (1999-2011)، المجلة العلمية، كلية التجارة، جامعة أسيوط، ص86/ 87.

المراجع باللغة الإنجليزية:

Articles:

-Aalouane Fouad, (2021), Elections and Democratic Transition in North Africa: The Case of Morocco, Algeria, and Tunisia, Rowaq Arabi 26 (1), pp. 31-46.

https://2u.pw/TvV7eQYA

-Abdessadek Taoufik, (2021), The Reality and Future of Reforms in Morocco 2011-2021: The Question of Authority.

https://2u.pw/WOY1sYpb

-Fares Soufyane, Hoffmann Anja and Rischewski Dorothea, (2016), Morocco: Democracy still a dream?, The green political foundation.

https://www.boell.de/en/2016/02/19/morocco-democracy-still-dream

-Hassan Benaddi, (2000),Reflexions surla transition democratique au maroc, (edition, centre tarik ibn zyad pour les etudes et la recherche) p. 36.

-Hammoudi Abdellah, (2001), Maitre et diseiple genese of fondement d anyhro plogie politique, p. 43

-Khoury Nabeel, (2017), The limits of democratization in Morocco, Atlantic council.

https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/the-limits-of-democratization-in-morocco/

-Zerhouni Saloua. (2016), Morocco: Elections without Democracy, The green political foundation.

[1] خالد توازي،(2015/2016)، آليات ومعوقات التحول الديمقراطي في المجتمعات الانتقالية دراسة مقارنة بين الجزائر والمغرب، (أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية) ، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية.

[2] شيماء فاروق،(2021)، التحول الديمقراطي في المغرب ما بعد ٢٠١١، المركز الديمقراطي العربي.

[3] نور فاضل شاهر ، (2012)، بعنوان ” الإصــــلاح السياســـي والتحـــول الديمقراطي في الدول العربية (العراق انموذج)، نوقشت في كلية العلوم السياسية، قسم النظم السياسية والسياسات العامة.

[4] محمد أبورمان، (2009)، “الإصلاح السياسي في الفكر الإسلامي المعاصر” ، (أطروحة دكتوراه) ،جامعة القاهرة ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.

[5] أ.مسلم بابا عربي،(2013)، محاولة في تأصيل مفهوم الإصلاح السياسي، دفاتر السياسة والقانون، العدد التاسع.

[6] د/ ماجدة عبد الشافي خالد منصور، التحول الديمقراطي وأثره على المشاركة الشعبية في الإصلاح الدستوري دراسة مقارنة ، جامعة المنوفية، كلية الحقوق، الدراسات العليا والبحوث.

[7] د. خالد سعد كريم، أ. على مفتاح الجد،(2018)، اشكاليات التحول الديمقراطي في دول العالم الثالث (دراسة نظرية)، مجلة العلوم الاقتصادية والسياسية، العدد ١١.

[8] خيرية محمد الدغيلي، عمران محمد المرغني الجداري،(2022)، التحول الديمقراطي: قراءات نظرية، مجلة دراسات الاقتصاد والأعمال، المجلد ٩، العدد ١.

[9]سليم عاشور ،(2016)، ثورة المعلومات والاتصال ومسار التحول الديمقراطي في المنطقة العربية، مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية، العدد ١٠.

[10] إسماعيل حمودي،(2015)، الانتقال الديمقراطي في المغرب: حدود التحول، المقالات – الدراسات، رؤية تركية.

[11] زياني فاطمة الزهراء،(2014/2015)، الانتقال الديمقراطي في المغرب الأقصى، ( مذكرة لنيل شهادة ليسانس في العلوم السياسية) ، ، جامعة د/ الطاهر مولاي سعيدة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية.

[12] شيماء فاروق، (2021)، التحول الديمقراطي في المغرب ما بعد ٢٠١١، المركز الديمقراطي العربي

[13] د. مصطفى أبو القاسم دبوب،(2019)، التحول الديمقراطي في المغرب العربي “تونس ،المغرب أنموذجا”، مجلة القرطاس، العدد السادس.

[14] خالد توازي،(2015/2016)، آليات ومعوقات التحول الديمقراطي في المجتمعات الانتقالية دراسة مقارنة بين الجزائر والمغرب، (أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية) ،جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية.

[15] فتحي حاجي، (2018/2019)، التحولات الديمقراطية في المملكة المغربية بين الفرص والقيود ١٩٩٢- ٢٠١٦، (أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية)، جامعة الجزائر ،كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية.

[16] د. زروقي عدنان، د. بن عمراوي عبد الدين، (2019)، تعثر الإصلاح السياسي وتحديات البناء الديمقراطي للدولة في تجارب ما بعد الحراك: الدول المغاربية( تونس- الجزائر- المغرب) أنموذجا، مجلة الميدان للدراسات الرياضية والاجتماعية والإنسانية، المجلد الثاني، العدد السابع.

[17] عبد الصادق توفيق،(2021)، واقع ومستقبل الإصلاحات بالمغرب ٢٠١١ – ٢٠٢١: دراسة حول موضوع السلطة، رواق عربي.

[18] عبد الصادق توفيق، مرجع سابق .

[19] ماجدة عبد الشافي، مرجع سابق.

[20]. خيرية محمد الدغيلي، عمران محمد المرغني، مرجع سابق.

[22] صدفه محمد محمود، (2013) ،مفاهيم التحول الديمقراطي والمفاهيم وثيقة الصلة به، كلية السياسة والاقتصاد، جامعة القاهرة.

[23] ابن منظور، لسان العرب، دار المعارف، بيروت، ص ٢٩، ٤٥.

[24] شيماء فاروق، مرجع سابق.

[25] شريف طه. (2019)، الانتقال الديمقراطي: الأسس والآليات، المعهد المصري للدراسات.

[26] عبد الآله سطى، أسئلة حول فرضية الانتقال الديمقراطي بالمغرب، المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية، ص٢، ٣.

[27] بن عطا الله عبد الحق وخير يوسف. (2014/2015)، التحول الديمقراطي في الجزائر،( مذكرة لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية)، سعيدة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص٢٦.

[28] زهير مودع. (2013/2014) ، الترسيخ الديمقراطي ومعوقاته الداخلية والخارجية في الأنظمة السياسية العربية، ( مذكرة لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية)، جامعة محمد خضير بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص ٣٣

[29] سيدي عيسى بوعليلي. (2015/2016) ، إشكالية التحول الديمقراطي في الجزائر دراسة نقدية، ( مذكرة لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية، المدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية، ص ٢١-٢٣.

[30] على خليفة وآخرون. (2002)، الخليج العربي والديمقراطية نحو مستقبليه لتغيير المساعي الديمقراطية، مركز الوحدة العربية، ط١، ص ٥٥-٥٦

[31] على خليفة الكراري وآخرون، مرجع سابق، ص ١٣٠.

[32] زهيرة مودع، مرجع سابق، ص ١٩.

[33] شريف فاطيمة، (٢٠١٧-٢٠١٨)، التحول الديمقراطي في المغرب العربي: دراسة مقارنة بين ليبيا وموريتانيا، ( مذكرة لنيل شهادة الماجستير)، جامعة د. مولاي الطاهر – سعيدة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص ١٣.

[34] فايز ربيع.؛ (2004)، الديمقراطية بين التأصيل الفكري والمقارنة السياسية، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان، ص ١٣٠.

[35] بلقيس أحمد منصور. (٢٠٢٤)، الأحزاب السياسية والتحول الديمقراطي، القاهرة مكتبة ميدولي، ط١، ص ٣٦.

[36] صامويل هانتجنون، ترجمة عبد الوهاب علوب، المواجهة الثالثة للتحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين، دار سعاد الصباح، مصر، ص١٢٠.

[37] ليعاض يوسف، مرجع سابق، ص ١٧.

[38] سليمان الرياشي وآخرون. (1996)، الأزمة الجزائرية، للخلفيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مركز دراسات الوحدة العربية، ط١، ص٢٠٠.

[39] سعد الدين ابراهيم، المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، ص ١٨.

[40] ليعاض يوسف. ( 2014 /2015) ، التحولات الراهنة وأثرها على ارساء مبدأ الديمقراطية،( مذكرة لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية) تونس- بسكرة ، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص 18-19.

[41] بن عطا عبد الحق، خثير يوسف، مرجع سابق، ص 20-21.

[42] صامويل هانتجنون، مرجع سابق، ص١٦٣

[43] بلقيس أحمد منصور، مرجع سابق ، ص ٤٣.

[44] صامويل هانتجنون، مرجع سابق ، ص ٦٤.

[45] فوز نايف ريحان. (2007)، العولمة وأثرها على عملية الإصلاح الديمقراطي في الوطن العربي (1990-2006)، ( اطروحة لنيل درجة الماجستير في التخطيط والتنمية السياسية) جامعة النجاح الوطنية، ص ٩٣.

[46] المرجع السابق ص ٦٤

[47] المرجع السابق ص ٩٥

[48] محمد سليم محمد غزوي، (2002)، نظرات التحول الديمقراطي، دار وائل للنشر، ط١، ص ٩.

[49] فاطمة الزهراء زياني، مرجع سابق ، ص ٢٨.

[50] المرجع السابق ، ص ٢٩.

[51] عبد الغفار رشاد القصبي. (2006)، التطور السياسي والتحول الديمقراطي، التنمية السياسية وبناء الأمة، ط١.

[52] صامويل هانتجنون، مرجع سابق ، ص ١٠.

[53] إسماعيل الشطي وآخرون. (2005)، مداخل الانتقال إلى الديمقراطية في البلدان العربية، مركز دراسات الوحدة العربية،ط٢، ص ٢٤٠- ٢٤٣.

[54] عبد الاله بلقزيز، مرجع سابق ، ص ٢٢- ٢٤.

[55] بورنان نعيمة سليم، (2016)، التحولات الديمقراطي ودوره في تفعيل التكامل في المغرب العربي، (اطروحة دكتوراه غير منشورة )، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ص30.

[56] سيد أحمد كبير، (2013/2014)، التحولات السياسية في البلدان العربية بين متطلبات الترسيخ الديمقراطي واستراتيجية البقاء، ( أطروحة دكتوراه غير منشورة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر ،كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ص1[56]

7.

[57] شيماء فاروق، مرجع سابق.

[58] فتحي حاجي، مرجع سابق، ص ٤٤.

[59] دستور المملكة المغربية الصادر سنة ١٩٩٢م، الفصل ١٩ من الباب الثاني.

[60] أحمد منيسي، ( ٢٠٠٤)، التحولات الديمقراطية في دول المغرب، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجة ص ٨٨.

[61] محمود صالح الكردي، عبد الوهاب عبد العزيز أبو خمرة. (2017)، دور الملك الحسن الثاني في الإصلاح السياسي والدستوري بالمغرب ١٩٩٣- ١٩٩٩، كركوك اليوم، ص ١٠٢- ١٤٠.

[62] شيماء فاروق، مرجع سابق.

[63] إيثار موسى، (2018)، بحث قانوني حول النظام السياسي المغربي.

https://www.mohamah.net/.

[64] محمود صالح الكردي، عبد الوهاب عبد العزيز أبو خمرة، مرجع سابق ص ١٠٢- ١٤٠.

[65] محمد الغالي،(2011)، الهندسة الاقتراعية عبر التجارب الدستورية المغربية، دفاتر السياسة المقارنة، مراكش: جامعة مراكش، ص ٢٦.

[66] سعد الدين العثماني واخرون، (2015)، تجربة الإصلاح الدستوري في المغرب، منتدى العلاقات العربية والدولية، ط١، ص ٢٩.

[67] عسان كريم مجذاب، دور الملك في تكوين وتطوير النظام السياسي في المملكة المغربية، (المغرب ، الجامعة المستنصرية) ص ٦٩- ١٤٦.

[68] فتحي حاجي، مرجع سابق، ص ٨٩.

[69] منيسي، مرجع سابق ، ص ٩٥

[70] حاكمي بو حفص، الإصلاحات والنمو الاقتصادي في شمال أفريقيا، دراسة مقارنة الجزائر المغرب تونس، اقتصاديات شمال أفريقيا، ص ١- ٢٤.

[71] نشرة صندوق النقد الدولي،(فبراير 2015)، فحص سلامة الاقتصاد المغربي الصحيح، ص ٢، ٣.

[72] ربيع وهبه واخرون، (2011)، الحركات الاحتجاجية في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، ط١، ص ١٢٢.

[73] عبد الاله بلقزيز، (2007)، السلطة والمعارضة لمجال السياسي العربي المعاصر حالة المغرب، المركز الثقافي العربي، ط١، ص ١١٠.

[74] كولفرني محمد، (2013)، المشاركة السياسية للمرأة بالمغرب: الدلالة الاتفاقية والاحتجاج، العربية للعلوم السياسية، ع. ٣٦، ص ١٢٢- ١٣٦.

[75] توفيق عبد الصادق، (2015)، حركة ٢٠ فبراير الاحتجاجية في المغرب، المستقبل العربي، ع. ٤٠، ص ٧٠-٧٧.

[76] عبد الاله بلقزيز، مرجع سابق، ص ١١٣

[77] ويكن فازية، (2011)، فاعلية المجتمع المدني في المغرب في مواجهة استراتيجي الدولة التداخلية، المجتمع المدني والتطور السياسي بالمنطقة المغاربية، مختبر البحوث والدراسات في العلاقات الدولية، أعمال الملتقى الثالث، جامعة الجزائر، ص ١٦٩.

[78] سعيد بنسعيد الملوي، (1997)، الوطنية والتحديث في المغرب، مركز الوحدة العربية، ط١، ص ١٧.

[79] Abdellah Hammoudi, (2001), Maitre et diseiple genese of fondement d anyhro plogie politique, p. 43.

[80] فازية، مرجع سابق ، ص ١٧٧

[81] حسنين توفيق إبراهيم(٢٠٠٨)، العوامل الخارجية وتاثيراتها في التطور الديمقراطي في الوطن العربي، المستقبل العربي، ع. ٣٤٩، ص ٢٠-٣٧.

[82] Benaddi Hassan, (2000),Reflexions surla transition democratique au maroc, (edition, centre tarik ibn zyad pour les etudes et la recherche) p. 36.

[83] فتحي حاجي ، مرجع سابق ، ص٩٥.

[84] عبد الجلال مراحي، (2012)، السياسة الخارجية في الدستور المغربي، العربية للعلوم السياسية، ع. ٣٥، ص٥٥-٦٦.

[85] كمال عبد الطيف وآخرون، (2012)، الانفجار العربي الكبير، المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية، ط١، ص ٣٩٣.

[86] صالح بن محمد الخثلان، (٢٠٠٨)، السياق الدولي للإصلاح السياسي في الوطن العربي، العربية للعلوم السياسية ،ع. ١٩، ص ١٢٧- ١٤٢.

[87] فتحي حاجي، مرجع سابق، ص١٠٩.

[88] ثناء فؤد عبد الله، (1997)، آليات التغيير الديمقراطي في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، ط١، ص ٧٥.

[89] إبراهيم العيسوي، (1989)، قياس التبعية في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، ص ٢٠-٢٧.

[90] ثناء فؤد عبد الله، مرجع سابق ، ص ٦٨.

[91] فرانك حي، لتشنز وجون بولي، (2010) ، العولمة الطوفان ام الإنقاذ، ترجمة فاضل جتكر، مركز دراسات الوحدة العربية ، ط٢، ص ٤٢٩.

[92] فتحي حاجي، مرجع سابق، ص١١٥.

[93] المرجع السابق، ص ١١٧-١٢٠.

[94] شيماء فاروق، مرجع سابق.

[95] شيماء فاروق، مرجع سابق.

[96] محمد ضريف، (2020).النظام السياسي المغربي وجمود الانتقال، الحوار المتمدن.

[97] تركي ملحم عيادة الملحم، (2021)، التحول الديمقراطي في المملكة المغربية: دراسة عمليات الإصلاح السياسي (1999-2011)، المجلة العلمية، كلية التجارة، جامعة أسيوط، ص86/ 87.

[98] شيماء فاروق، مرجع سابق.

[99] محمد اشتاتو، ( 2019)، سياسة الاستقطاب في المغرب، معهد واشنطن.

[100] شيماء فاروق، مرجع سابق.

[101] Saloua Zerhouni. (2016), Morocco: Elections without Democracy, The green political foundation.

[102] Ibid.

[103] فاطمة الزهراء زياني، مرجع سابق، ص ، ٥٧.

[104] المرجع السابق، ص ٥٥

[105] أمحمد الداسر، التحول الديمقراطي في دول المغرب العربي، كلية الحقوق المحمدية، ص ١٤.

[106] عبد الآله سطى، مرجع سابق، ص ٨

[107] حياة زلماط. (2009)، المشهد السياسي في المغرب، المركز المغربي الاستراتيجي، ص٨.

[108] فاطمة الزهراء زياني، مرجع سابق، ص ٥٦، ٥٧.

[109] عبد الحكيم كريم. (2020)، التحول الديمقراطي و الاستقرار السياسي دراسة مقارنة في حالتي المغرب وتونس، ( مذكرة لنيل درجة الدكتوراه)، جامعة محمد الخامس الرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية.

[110] المرجع السابق

[111] عمر صبار، (2022)، آفاق التحول الديمقراطي في المغرب بعد انتخابات ٢٠٢١، المعهد المصري للدراسات، ص ١٠.

[112] Taoufik Abdessadek, (2021), The Reality and Future of Reforms in Morocco 2011-2021: The Question of Authority.

https://2u.pw/WOY1sYpb

[113] Soufyane Fares, Anja Hoffmann and Dorothea Rischewski, (2016), Morocco: Democracy still a dream?, The green political foundation.

https://www.boell.de/en/2016/02/19/morocco-democracy-still-dream

[114] عمر صبار، مرجع سابق، ص ٢٥.

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى