قبل أن تمر نقطة الذروة : ترجمة النجاحات العسكرية إلى مكاسب دبلوماسية
ورقة سياسات نشرها معهد الأمن القومي الإسرائيلي بعنوان: قبل أن تمر نقطة الذروة: ترجمة النجاحات العسكرية إلى مكاسب دبلوماسية – نُشرت الورقة بــ: 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2024م
إعداد: تامير هايمان[1] – مراجعة وتحرير: د. طالب عبد الجبار الدغيم
- المركز الديمقراطي العربي – ترجمات
تتيح سلسلة النجاحات العملياتية التي حققتها إسرائيل فرصة مناسبة لإعادة تقييم استراتيجيتها للخروج. ومع تراكم هذه الإنجازات، بات من الضروري دراسة مسألة إنهاء الحملة العسكرية، وتأمين مكاسبها الدبلوماسية لتعزيز الأمن القومي الإسرائيلي من مختلف الجوانب.
في الأسابيع الأخيرة، حققت إسرائيل سلسلة من النجاحات، لا سيما على الجبهة الشمالية وفي قطاع غزة، وقد نُسب بعضها إلى الصدفة، مثل القضاء على زعيم حماس يحيى السنوار. وفي مواجهة حزب الله، أسهمت الاستعدادات العملياتية والمعلومات الاستخباراتية الممتازة، إلى جانب خطأ استراتيجي فادح من قبل حسن نصر الله وبعض الحظ، في وضع المنظمة المدعومة من إيران في أسوأ أزمة في تاريخها. يمكن القول إن هذا النجاح يمنح إسرائيل فرصة لمواصلة القتال ضد حزب الله، إذ شكّل التهديد بالحرب معه عاملًا رئيسيًا في ردع إسرائيل عن مهاجمة إيران. ويرى البعض الآن ضرورة توسيع نطاق الحرب ليشمل إيران، بعد القضاء على تهديد حزب الله، مما يثير تساؤلًا: لماذا لا نستمر في محاربة كل من حزب الله وإيران؟
علاوة على ذلك، ومع النجاحات التي حققها “جيش الدفاع الإسرائيلي” على الجبهة الشمالية، واعترافًا بضعف القدرات العسكرية لحماس – حتى أن رئيس الأركان أكد أن المنظمة قد هُزمت عسكريًا – يرى البعض أن الوقت يعمل لصالح إسرائيل، مما يُشير إلى عدم وجود ضرورة للاستعجال في إنهاء الحملة. ويرى آخرون أنه لو استجابت إسرائيل لمطالب حماس بإنهاء الحملة في غزة قبل عدة أشهر، لما تحققت الإنجازات على الحدود الشمالية، ولربما شكل حزب الله تهديدًا أكبر لأمن إسرائيل. ومن هذا المنطلق، يمكن الاستنتاج أن من الأفضل لإسرائيل الاستمرار في الحرب بقوة وبدون تحديد موعد لانتهائها. لكن، هل هذا هو الخيار الأمثل؟
ينبغي على إسرائيل ألا تغفل عن “نقطة الذروة الاستراتيجية“
تتطلب الخصائص الفريدة لإسرائيل العمل ضمن إطار زمني صارم، وهو مبدأ أساسي أُدرج في العقيدة العملياتية لـ”جيش الدفاع الإسرائيلي” في عام 2018. وينبع هذا المبدأ من سمات إسرائيل الخاصة، مثل حجمها الجغرافي المحدود، وارتباطها العميق بالعالم الديمقراطي الغربي، واقتصادها القائم على صناعات التكنولوجيا المتقدمة. وتفرض هذه السمات الاعتراف بحقيقتين أساسيتين:
- أن حرب استنزاف طويلة الأمد هي أسوأ سيناريو، فحتى لو انتهت بانتصار عسكري، فإن التكاليف الاقتصادية والاجتماعية والدولية قد تفوق أي مكاسب عسكرية.
- ضرورة ترجمة الإنجازات العسكرية إلى نجاحات دبلوماسية لضمان تعزيز الأمن القومي على المدى البعيد، فالتفوق العسكري التكتيكي مهما كان كبيرًا، قد يفقد أثره سريعًا إن لم يُدعّم بإنجاز دبلوماسي موازٍ.
الاستنتاج واضح: يجب على إسرائيل السعي لتحقيق مكسب دبلوماسي في أوج نجاحاتها العملياتية، مع مراعاة عامل التوقيت. ويتطلب تحديد “نقطة الذروة الاستراتيجية” تنسيقًا محكمًا بين العملين العسكري والدبلوماسي؛ إذ قد يؤدي التوصل إلى اتفاق مبكرًا إلى فقدان فرصة لممارسة ضغط إضافي على الخصم وتأمين حل أفضل لإسرائيل، بينما قد يؤدي الانتظار طويلاً إلى تآكل المكاسب العسكرية ومنح العدو فرصة للتكيف، مما يقلل من فرص تحقيق مكاسب دبلوماسية.
كان مفهوم “نقطة الذروة الاستراتيجية” محل نقاش واسع عبر التاريخ، ويُسلّم بأن لكل استراتيجية عسكرية نقطة ذروة، بعد تجاوزها تفقد الاستراتيجية فعاليتها وقد تأتي بنتائج عكسية. والتاريخ العسكري حافل بأمثلة لدول انهزمت نتيجة تجاوزها هذه النقطة. نذكر منها ثلاث أمثلة: الغطرسة التي أودت بنابليون في مواجهة البريطانيين والروس، الهجوم النازي على الاتحاد السوفيتي، والحملة الوحشية التي شنها تنظيم داعش، والتي أسفرت عن تشكيل أكبر تحالف عسكري منذ الحرب العالمية الثانية. ويبرز أحدث مثال على ذلك في استراتيجية حزب الله، الذي قاده اتباعه لمعادلات خطيرة إلى الفوضى التي حاول تجنبها. لو قبل نصر الله عرض المبعوث الأمريكي الخاص عاموس هوكستين قبل عدة أشهر، لكان وضع حزب الله أقوى اليوم.
وعليه، في هذه المرحلة الحرجة، حيث يظهر موقف إيجابي نسبي لدى الجمهور الإسرائيلي – باستثناء قضية الرهائن المؤلمة العالقة في قطاع غزة – بات من الضروري مناقشة مسألة “نقطة الذروة”. ينبغي أن تصل إسرائيل إلى هذه النقطة النهائية ضمن إطار دبلوماسي واضح ومقبول دوليًا. ويمكن تشبيه هذا بالقيادة بسرعة 100 ميل في الساعة على طريق سريع، حيث يُدرك السائق ضرورة الخروج قريبًا. من الأفضل أن يكون الخروج مدروسًا مسبقًا، بدلاً من الاعتماد على الصدفة أو الشعور بالإحباط عند فقدان الفرصة المثلى. استمرار القيادة بأقصى سرعة قد يزج بإسرائيل في حروب استنزاف لا نهاية لها، وهو أسوأ سيناريو لأمنها القومي.
طبيعة الحملات الإسرائيلية الحالية:
قبل مناقشة توقيت إنهاء الصراع، لا بد من تقييم الوضع العملياتي لإسرائيل على جبهاتها الأربع:
- الحملة ضد حزب الله ووكلاء إيران الآخرين: تكبد حزب الله خسائر كبيرة، إلا أنه دون عملية منسقة في عمق الأراضي اللبنانية، لن يُهزم بشكل حاسم. وبينما يمر حزب الله بمرحلة صدمة، من المتوقع أن يستعيد توازنه بمرور الوقت. ويواصل وكلاء إيران، مثل الميليشيات في العراق والحوثيين في اليمن، شن هجماتهم ضد إسرائيل في إطار سياسة استنزاف واضحة، رغم أن مدى تأثير هذه الصواريخ محدود ولكنه مستمر.
- الحملة ضد إيران: اشتدت المواجهة بين إسرائيل وإيران، وازدادت احتمالات التصعيد بعد رد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الباليستي الإيراني في الأول من أكتوبر. وظهرت خيارات عملياتية جديدة مع استمرار التصعيد، وإذا أصرت إيران على مواصلة جولات الرد المتبادل، على إسرائيل إدارة حملتها بحذر لتجنب الوقوع في حرب استنزاف.
- المعركة ضد حماس: لم يعد الجناح العسكري لحماس يعمل كقوة عسكرية متماسكة. ومع أن رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي يرى أن المنظمة قد هُزمت، فإن قدراتها العسكرية قد تفككت بشكل كبير؛ حيث لم تعد قادرة على العمل كتنظيم قتالي موحد، رغم استمرار وجود بعض الأسلحة الفردية التي تعمل دون تنسيق أو أهداف مشتركة.
من خلال تفكيك البنية التحتية لحركة حماس، يتمتع الجيش الإسرائيلي بحرية العمل لمواصلة استهداف حماس حتى بعد انتهاء الحرب، ولكن هذا سيطيل أمد القتال. ومع ذلك، لا تزال إسرائيل بعيدة عن تحقيق هدفيها الرئيسيين للحرب: تأمين إطلاق سراح عشرات الرهائن المحتجزين في أنفاق غزة، مع توقف المفاوضات من أجل إطلاق سراحهم، وإنشاء إدارة مدنية لتحل محل حركة حماس، وضمان عدم إعادة بناء قوتها إلى قدراتها الفتاكة السابقة.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن قطاع غزة ينزلق إلى الفوضى – وهو وضع يمكن أن يساعد في نهاية المطاف على بقاء حماس. وفي الوقت نفسه، فإن إسرائيل على وشك استعادة شمال قطاع غزة، بل وقد تفرض حكما عسكريا هناك لإدارة توزيع المساعدات الإنسانية. وسيكون هذا النهج بمثابة إعادة احتلال غزة، مع كل ما قد يترتب على ذلك، بما في ذلك الحاجة إلى الموارد الاقتصادية والبشرية، وتحمل الانتقادات الدولية القاسية، وتعميق عزلة إسرائيل الدولية (بما في ذلك القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة). مثل هذه الخطوة يمكن أن تعرض للخطر اتفاقيات السلام واتفاقيات التطبيع مع جيراننا العرب، وتكثف الحملة القانونية ضد القادة الإسرائيليين، وتفاقم التوترات مع الولايات المتحدة.
- الحملة الدولية: تتدهور مكانة إسرائيل في المجتمع الدولي، خاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية والعالم العربي. ورغم الدعم الكامل من الولايات المتحدة، إلا أن هذا الدعم قد يكون مؤقتًا. اقتصاديًا، تواصل وكالات التصنيف الائتماني خفض تصنيف إسرائيل، وأضيفت إليها توقعات سلبية. وحتى لو انتهت الحرب غدًا، فسيستغرق استعادة التصنيف الائتماني شهورًا أو حتى سنوات. لذا، كلما انتهت الحرب أسرع، كان من الأسهل على إسرائيل بدء عملية طويلة لاستعادة استقرارها الاقتصادي.
الاستنتاج الواضح: إسرائيل بحاجة إلى استراتيجية خروج شاملة!
تقترب كل حملة من الحملات الإسرائيلية الأربع من نقطة الذروة:
- ضد حزب الله: عند قيام الجيش الإسرائيلي بتطهير القرى المجاورة للحدود وتدمير بنية قوة الرضوان التحتية، سيجد حزب الله نفسه في أضعف مواقفه على الإطلاق، حيث ستتضاءل قدراته الاستراتيجية، ولن يتمكن من شن هجمات كبرى، وسيفقد نظام القيادة والسيطرة. قد يتيح هذا الواقع لإسرائيل تأمين ترتيبات أمنية على طول حدودها الشمالية، تتضمن اتفاقًا مبدئيًا لنزع سلاح حزب الله والميليشيات المسلحة الأخرى في لبنان، وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559. وحتى إن كان تنفيذ هذا القرار غير مضمون، يجب أن تحرص إسرائيل على إبقاء حزب الله خارج المنطقة جنوب نهر الليطاني وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، وأن تصر على أن يكون أي اتفاق مستقبلي قابلًا للرقابة الإسرائيلية عند الضرورة.
- ضد إيران: ردت إسرائيل بقوة على الهجوم الإيراني في 1 أكتوبر، والذي شمل إطلاق 200 صاروخ من الأراضي الإيرانية باتجاه إسرائيل. حتى قبل ذلك الهجوم، وبفضل التنسيق مع واشنطن، نشرت الولايات المتحدة أنظمة الدفاع الجوي “ثاد” في البلاد، مما عزز القدرات الدفاعية الإسرائيلية وأرسل رسالة استراتيجية لإيران. القادة الإيرانيون افترضوا أن لدى إسرائيل عددًا محدودًا من صواريخ آرو الاعتراضية، لكن إضافة الصواريخ الأمريكية زادت قدرة إسرائيل على الصمود أمام موجات متعددة من الهجمات. على القادة الإيرانيين الآن أن يقرروا ما إذا كانوا سيردون على الهجوم الإسرائيلي الأخير، مما قد يوقعهم في فخ استراتيجي مع انخفاض قدراتهم الدفاعية وتراجع مخزونهم من الصواريخ. يمنح هذا الوضع إسرائيل مساحة أوسع لاستهداف بنية إيران التحتية واقتصادها، والأهم تدمير قدرات برنامجها النووي، ليكون ذلك تتويجًا لنجاح استراتيجي.
- ضد حماس: بلغت الحملة الإسرائيلية في غزة ذروتها بنجاح في هزيمة لواء رفح، والقضاء على السنوار. رغم إمكانية استمرار الغارات لقمع أي محاولات جديدة من حماس، فإن غياب سلطة حاكمة بديلة للسيطرة على جهود إعادة حماس يعزز قدرة إسرائيل على التصرف بحرية. وقد يؤدي إعادة احتلال شمال غزة وتولي إسرائيل الشؤون المدنية هناك، إما مباشرة أو عبر شركات أمن خاصة، إلى فرض سيطرة إسرائيلية على غزة لسنوات، مما يعني إعادة احتلال القطاع ودمجه.
- على الصعيد الدولي: بعد انتخابات 5 نوفمبر، تبدأ فترة “البطة العرجاء” في الولايات المتحدة، حيث يدخل الرئيس بايدن مرحلة شهرين مع قيود أقل. ومع اقتراب الانتخابات، فإن أي تأخير في الحلول الدبلوماسية لحرب متعددة الجبهات قد يعود بالنفع السياسي على المرشح الجمهوري دونالد ترامب ويضر بفرص نائبة الرئيس كامالا هاريس. ومع ذلك، سيختلف الوضع بعد الانتخابات، إذ إن الرئيس بايدن سيكون أكثر حرية لترسيخ إرثه بإنهاء الحرب في غزة وزيادة الدعم لأوكرانيا، مما قد يضع إسرائيل في وضع حساس إذا تحدت أو انتقدت الإدارة الأمريكية علنًا. ولذلك، يُنصح بأن تبادر إسرائيل بخطوة دبلوماسية حاسمة في هذه الفترة لتجنب فرض قرارات مثل وقف فوري لإطلاق النار في لبنان وغزة، ولضمان أن يكون أي قرار في مجلس الأمن الدولي متسقًا مع مصالح إسرائيل، وإلا قد ينتهي بها الحال باتفاق مفروض لا يحقق أمنها على المدى الطويل، وقد لا يشمل إطلاق سراح الرهائن، وهو أمر قد لا تعارضه الولايات المتحدة.
إطار لإنهاء الحرب عبر قرار من مجلس الأمن الدولي أو باتفاق القوى الكبرى (بعد الانتخابات الأمريكية وقبل تنصيب رئيس جديد)
ومع اقتراب كل حملة من نقطة ذروتها، ينبغي على القيادة السياسية الإسرائيلية تنسيق هذه الجهود ضمن استراتيجية خروج متكاملة.
يشمل المكوّن التشغيلي تنسيق جميع الإنجازات التكتيكية للوصول إلى لحظة حاسمة واحدة:
- ضد حزب الله: يجب على إسرائيل إكمال العملية البرية في لبنان لتمكين التفاوض على اتفاق موسّع بشكل كبير لوقف إطلاق النار (1701++).
- ضد حماس: في قطاع غزة، ينبغي على القوات الإسرائيلية الانسحاب من مراكز المدن وإعادة الانتشار في مناطق تسمح باستمرار الضغط العملياتي، مع السعي للوصول إلى اتفاق شامل بشأن الرهائن. ويتطلب هذا وقف الأعمال العدائية والانسحاب من غزة مقابل إطلاق سراح الرهائن. وبعد إتمام الصفقة، ينبغي لإسرائيل تعزيز شرعيتها لمواصلة العمل ضد حماس كجزء من حقها في حماية مواطنيها.
- ضد إيران: يجب على إسرائيل استكمال سلسلة من الضربات ضد إيران حتى تصل إلى نقطة الذروة، مما قد يؤدي إلى إحدى نتيجتين: إما احتواء إيران، مما يعزز ميزان الردع لصالح إسرائيل، أو تنفيذ هجمات مباشرة على منشآت الطاقة والبرنامج النووي الإيراني، ما يغير بشكل أساسي مشهد التهديد بمرور الوقت.
ويتضمن المكوّن الدبلوماسي وضع إطار متفق عليه دوليًا لقرار متعدد الجبهات ووقف إطلاق النار، والذي يعني ترتيبًا أمنيًا موسعًا على الحدود الشمالية لإسرائيل وفيما يتعلق بإيران. ولتحقيق ذلك، تحتاج إسرائيل إلى التنسيق مع الولايات المتحدة، مما يمكن أن يؤثر في قرار مجلس الأمن أو يسهل دعوة مشتركة من الولايات المتحدة وروسيا لوقف إطلاق النار على جميع الجبهات. وفي كل الأحوال، يجب على إسرائيل ضمان أن يتضمن أي قرار لمجلس الأمن أو دعوة دولية وقف إطلاق النار، واتفاقًا على إطلاق سراح الرهائن، وفرض قيود على نفوذ إيران في الشرق الأوسط، وخططًا لتعزيز الترتيبات الأمنية على الحدود الشمالية (نسخة مطورة من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701)، مع ولاية موسعة وآلية تنفيذ واضحة.
إذا رفضت قيادة حماس، بعد القضاء على السنوار، إطلاق سراح الرهائن كجزء من الترتيب الدولي الشامل المذكور، ينبغي على إسرائيل فصل الجبهات. في هذه الحالة، يجب على الجيش الإسرائيلي تكثيف ضرباته ضد “حماس” حتى توافق على صفقة تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن مقابل إطلاق واسع النطاق للسجناء الفلسطينيين. وهكذا، يصبح استمرار القتال ضد “حماس” حملة منفصلة عن الحرب متعددة الجبهات، وهو ما يمكن تحقيقه إذا استغلت إسرائيل نقطة الذروة الناجحة لدفع القرار الدبلوماسي المقترح.
الاستنتاج:
تميل القيادة السياسية الإسرائيلية بشدة إلى مواصلة الحرب، فكلما طال أمدها، زادت الإنجازات التكتيكية وتراجعت مأساة 7 أكتوبر في الذاكرة. ومع ذلك، لا يتم تقييم القيادة السياسية بناءً على المكاسب التكتيكية فحسب، بل من خلال التحسين طويل الأمد في الأوضاع الأمنية. ويتطلب هذا التحسين اختيار الوقت الأمثل للانتقال من العمل العسكري إلى الجهد الدبلوماسي.
ربما يتساءل البعض ما إذا كانت إسرائيل لم تصل بعد إلى نقطة الذروة، ويجب عليها الانتظار إلى نقطة محتملة في المستقبل. ومع ذلك، هذا ليس السؤال الذي يجب أن تطرحه القيادة السياسية. السؤال الأساسي هو: متى يمكن لإسرائيل تأمين وقف لإطلاق النار وفقًا لشروطها، بحيث يلبي احتياجاتها الفورية وطويلة الأمد؟
وإذا تم الوصول إلى هذه النقطة، فلا جدوى من مواصلة العمليات، خاصة عندما قد تؤدي التكاليف إلى تآكل أي مكاسب عملياتية. من المهم تذكّر حقيقة مغفلة، وهي أن الحرب ليست هدفًا في حد ذاته بل وسيلة لتحقيق أمن أفضل. يجب أن يكون هذا الهدف هو محور التركيز بكل وضوح وقوة.
الآراء المعبر عنها في منشورات INSS هي آراء المؤلفين وحدهم.
رابط الورقة الأصلي:
Before the Culminating Point Passes: Translating Military Successes Into Diplomatic Gains | INSS
[1] اللواء (احتياط) تامير هايمان هو المدير التنفيذي لمعهد دراسات الأمن القومي (INSS). وقبل انضمامه إلى معهد الأمن القومي الإسرائيلي INSS، شغل هايمان منصب رئيس مديرية استخبارات الجيش الإسرائيلي من 2018-2021. وخلال 34 عاماً من خدمته في الجيش الإسرائيلي، شغل هايمان مجموعة واسعة من المناصب القيادية في القوات البرية بما في ذلك الخبرة القتالية العملياتية في المنطقة الأمنية في لبنان وفي الساحة الفلسطينية.