الاجتماعية والثقافيةالدراسات البحثية

إحتلال الموصل 2014 ( صراع  متعدد الأوجه .. وتقاطع للمصالح .. ومحاولات للإفشال ) دراسة تحليلية اجتماعية

اعداد : د. محمد ذنون زينو الصائغ – مدرس في  قسم علم الاجتماع- كلية الآداب – جامعة الموصل – العراق

  • المركز الديمقراطي العربي 

          

مستخلص : 

كان احتلال مدينة الموصل ومن بعدها محافظة نينوى من قبل التنظيمات المتطرفة في 9 / 6 /2014 . حدثا مفصليا في تاريخ العراق المعاصر . تفاجأ به الكثيرين من عامة الشعب العراقي ومن خاصته . إلا أنه لم يكن ليفاجئ المتتبعين القلائل للشأن العراقي ، لاسيما من المحللين السياسيين والاجتماعيين . فقد مهدت العديد من الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والنفسية الأرض فيما يعرف بالمثلث السني وفي محافظة نينوى ومدينة الموصل تحديدا .لهذا الاجتياح السريع ألذي سمي لاحقا بسقوط الموصل .فالصراعات بمختلف أنواعها فضلا عن الفساد المستشري ومحاولات إفشال الخصوم سياسيا واجتماعيا من قبل أطراف الصراع على المستوى الرسمي . أضعفت مؤسسات الدولة لاسيما الأمنية في مدينة الموصل . في مقابل القوة التنظيمية والمعنوية والعسكرية للتنظيمات التي احتلت  مدينة الموصل ، وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية الذي يعرف اختصارا بداعش .

مقدمة :

لم يدهشني سقوط مدينة الموصل ومن ثَم محافظة نينوى بالكامل ([1]) 9 –  10 / 6 /2014 بيد  ( تنظيم الدولة الإسلامية ) المعروف اختصارا  ب (داعش )([2])([3]) ([4])( [5] )،فقد كنت أتوقع أن يحدث  ذلك ألأمر قبل حدوثه بأشهر، ولكن ليس بهذا ألشكل السريع  والكارثي المعروف بين من عايشوا ألحدث من أهالي مدينة ألموصل ومحافظة نينوى ، أو من بقية العراقيين والعرب الذين تابعوه عبر وسائل الإعلام المتنوعة . لقد كان هناك ألعديد من المعطيات والمؤشرات العسكرية والسياسية  وألأقتصادية والنفسية – ألاجتماعية ،فضلا عن ألتاريخية الظاهرة والمخفية عن العيان الدائرة على أرض الواقع ألتي كانت تُنبئ بما سيحدث ، لاسيما العسكرية منها وهي جزء من المنظومة ألنفس – اجتماعية للصراع الدائر على كل ألأصعدة لاسيما في المناطق السنية والمختلطة من أرض العراق بعد (9 / 4 / 2003) ..

لا أنكر أن هذا الموضوع  شغلني كثيرا ً، فضلا عن أن العديد من المعارف والأصدقاء سألني حول رأيي ، ولكني ارتأيت الانتظار لتجميع الحوادث والوقائع من أرض الحدث فضلا عن الأفكار واستطلاع بعض من أراء الناس ، ومن ثَم الكتابة ، بهدف الدقة والموضوعية وتجنب ألتحيز والمبالغة قَدر الإمكان .

كذلك حاولت كثيراً اختصار ماجمعته من أراء وأخبار،وما عشته وعايشته وسمعت به من أحداث ووقائع لتحليل هذا الحدث ، فضلا عن استبعاد البعض وتأشير أهمية البعض الأخر،، لكن. وجدت في نهاية المطاف .. أن لكل عامل أو مؤشر أثراً مهماً وتراكُمياً نفسياً واجتماعيا لايمكن إغفاله .

وواجهت بعض الصعوبة في تنسيق وتجميع الأفكار وصياغتها لغوياً ، وعرضها كلٌ بحسب    تخصصها وموقعها بانسيابية لاتربك القارئ ، لذا قمت بتوزيع التحليل إلى محاورعديدة إستقصاءً للفائدة ، ودفعاً للتشابك والتداخل والتشعب المربك .

أما كل ما سأكتبه اليوم في مقالتي هذه ، فأنه لايعدو  أن يكون وجهة نظر إنسان مراقب للأحداث من أهل المدينة ، عاش وعايش هذه القضية في العديد من أدق وأكبر تفاصيلها ( ألسابقة وألاحقه ) . وربما المستقبل القريب أو البعيد سيدعم أو يدحض ما سَطرته من تحليل وأفكار ، من خلال ما سيتكشف من وثائق وحقائق وأفكار ، فضلاً عن ألأحداث ..

  • تاريخ العراق .

لست بالطبع بصدد الحديث عن تاريخ العراق فلست مؤرخاً ،كما أن الموضوع يتطلب مجلدات وسنوات من الكتابة ، ولعل القارئ يستغرب استهلالي للمقالة بتاريخ العراق وعلاقته بسقوط المدينة ،فأقول أن ( التاريخ هو إستراتيجية المستقبل ) كما ( أن التاريخ في ظاهره لايزيد عن ألأخبار، ولكن في باطنه نظر وتحقيق – ابن خلدون ) ([6])، وكذلك ( ألتاريخ فن … يوقفنا على أحوال الماضيين من الأمم في أخلاقهم وحضاراتهم والأنبياء في دولهم وسيرتهم حتى تتم فائدة الاقتداء في أحوال الدين والدنيا – أبن خلدون ).

إذن مايهمني في مقالتي هذه من تاريخ العراق القديم والمعاصر هو ( متلازمة سقوط المدن العراقية )( [7] ) بيد المحتل الأجنبي تارة ، وبيد العراقيين أنفسهم من الموجات البدوية والريفية ألقادمة من أرياف وبوادي العراق المحيطة بمدنه..

لقد تجاهل السياسيون وقادة العراق في العصر الحديث ، من الذين تولوا زمام السلطة ،،ألنظر في تاريخ العراق القديم والمعاصر،ومصير كل من سبق أن حكم هذا البلد من ملوك ورؤساء ورؤساء وزراء وولاة ، ونسوا أو تناسوا أن التاريخ تتكرر حوادثه ، كما أنه يعيد إنتاج ذاته، وهو ماحصل وسيحصل في العراق بتراتبية تثير الدهشة والاستغراب لا فقط في الحوادث الجسام كسقوط المدن العراقية عسكرياً على مر العصور، لابل ينسحب ألأمر على أدق التفاصيل التاريخية ،فعلى سبيل المثال وليس الحصر(كَم من مرة سقطت مدينة بغداد ؟؟)،،وكم من مرة تشابهت الظروف الاجتماعية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والنفسية التي سبقت أو ترافقت أو أعقبت سقوط هذه المدينة كعاصمة سياسية وحضارية وثقافية للعراق؟؟.أو سقوط غيرها من مدن العراق .

بحسب رأيي فأن المقدمات والأحداث ألتي سبقت وكذلك التي تلت واقعة سقوط مدينة الموصل (تشابهت) ،مع سقوط بغداد يوم 9/4/2003 على يد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ألأمريكية ([8])،ومع سقوط ألمدن ألكردية عام 1990 م التي أصبحت فيما بعد (إقليم كردستان) ألحالي، وأذكر هده ألأمثلة حتى لا أبتعد بذاكرة القارئ إلى أحداث تاريخية لسقوط المدن العراقية قبل مئات أو ألاف السنين فينبش القارئ  كتب التاريخ محاولاً ألتعرف عن المقدمات والأسباب لهذه المتلازمة ألتاريخية العراقية .

2 – ألأجهزة ألأمنية ( جيش … شرطة ) .

للحديث عن الأجهزة الأمنية المتواجدة في عموم محافظة نينوى ومدينة الموصل  تحديداً ،، وضعت عدداً من ألأسئلة سأجيب عنها لتكون منطلقي في ألتحليل..هذه ألأسئلة هي :

( عسكرياً…. ما وضع هذه ألأجهزة من ألناحية الإدارية والانضباطية والعقائدية والتدريبية وخبراتها الميدانية …وغيره)،( ما هي تركيبة منتسبيها نفسياً واجتماعيا وسكانياً،،وانتماءاتهم ومستوى تعليمهم ؟؟ ) ، (ما قدرة هذه الأجهزة في السيطرة على مدينة الموصل وعموم محافظة نينوى ؟ ).

بُعيد سقوط مدينة الموصل على يد التنظيمات المسلحة أول أيام عيد الفطر عام 2005م،بوساطة استهداف وإسقاط مراكز ومديريات الشرطة ألمحلية (عسكرياً ) المتواجدة في المدينة ، بقيت مدينة الموصل لأشهر عديدة  بدون أي قوة رسمية أمنية تقوم بحمايتها وحماية مواطنيها،، ما خلا تواجد ألقوات ألأمريكية التي كانت أنذاك تُسير بعض الدوريات في شوارع المدينة.

تَلى ذلك قيام الحكومة المركزية ببغداد بإرسال قوات عسكرية من الجيش العراقي قوامها لواء هو ( لواء الذيب ) بقيادة العقيد ( أبو الوليد )، كما أعيد تشكيل قوة الشرطة المحلية لتضم نسبة ضئيلة العدد من أهالي المدينة ، ونسبة كبيرة من سكان الريف التابع لمحافظة نينوى ، ولاحقاَ أرسلت فرقتين من الجيش العراقي وفرقتين من  الشرطة الاتحادية لحفظ الأمن واستعادة السيطرة على المدينة خاصة والمحافظة بشكل عام ([9])([10]).

أما ألجيش المرسل للمدينة فلم يَكن يتواجد بين صفوفه من أهالي ألمدينة ( المواصلة )  سوى ألنزر أليسير من ألجنود .. فكيف بالضباط والأمرين ؟؟..كذلك ألشرطة ألاتحادية حيث معظم منتسبيها من الأرياف المحيطة ألقريبة أو البعيدة عن مدينة ألموصل ،، ومن مدن الجنوب العراقي وأريافه ،، وهو ماولد صراعاً وكرهاً طائفياً لاسيما مع عناصر ألجيش([11])،، وصراعاً وكرهاً قيمياَ وثقافياً مضمراً تجاه عناصر ألشرطة ألمحلية وألإتحادية من ذوي الأصول ألريفية .

وانتمى للشرطة المحلية العديد من الضباط والمراتب من ألفاشلين والمهمشين والسَوقة والفقراء ومحدودي التعليم ([12] )،، يجذب كل هؤلاء ويجمعهم قاسم مشترك واحد هو( ألراتب ) ألمرتفع نوعاً ما ألذي كان يدفع من ألحكومة لمنتسبين ألأجهزة الأمنية ،، وكذلك عقدة التسلط والسيطرة وفرض النفوذ تجاه المدينة وسكانها  (ألمتحضرين)([13])،،ولم تخلو صفوف هذه ألأجهزة الأمنية لاسيما الشرطة من الضباط والمراتب المنضبطين مهنياَ وأخلاقياَ،،لكن … لم يفسح لهم ألمجال للعمل ،إذ اغتيل ألعديد منهم وتعرض ألبعض ألأخر للمضايقات من جهات رسمية وغير رسمية مما أجبرهم على ترك وظائفهم ضمن صفوف الشرطة ([14]) ، فضلاً عن العديد من الأسباب الأخرى كقلة الانضباط والفساد والفوضى التنظيمية السائدة بين سلك الشرطة ([15]).

أما ألعقيدة العسكرية وشرف الانتماء والمهنة والدفاع عن ألوطن والمواطن،،والانضباط …  وغيرها من مفاهيم وشعارات ، فلم يكن لها أي أثر أو وقع في نفوس أفراد منتسبي هذه الأجهزة([16]) .

أما ألفساد المستشري بين صفوف هذه الأجهزة لاسيما ( ألجيش ) ألذي كان له الدور الأكبر في المدينة ([17])، فأمثلته كثيرة  يطول ألحديث عنها ، هذا ألفساد بكل أشكاله وصُوره انعكس سلباً على معنويات وقدرات ألجنود ،، مما أدى إلى كثرة حالات الهروب بين صفوف هذه القوات (جيش – شرطة) لأسباب سأتطرق للحديث عن البعض منها عند الحديث عن التنظيم ،، وهو ماوَلد تناقصاً مضطرداً في عديد القوات ( ألمسيطرة على ألأرض)([18])، وأضاف أعباءً على كاهل الجنود المتبقين فعلياً في الخدمة ، ولم يرسل الضباط ألأمرين المواقف الحقيقية للقيادة العليا للجيش العراقي ( مكتب ألقائد العام ) ، فيما يَخص أعداد الجنود الهاربين والمتسربين أو غير الملتحقين ضمن وحداتهم ،، والسبب حتى لايتوقف صرف رواتب هؤلاء الجنود وبالتالي ( يختلسها )  ضباط الحسابات والأمرين ،، كذلك كان بعض ألضباط يجمعون من حولهم الكثير من الجنود كحمايات وسواق وخدم من أصحاب ( الواسطة )،، ويقوم هذا الضابط بمنح بعض من هؤلاء الجنود إجازات مفتوحة براتب رمزي ويستقطع بقية مرتباتهم لَه([19])، جعل كل هذا من الجندي ألذي يخدم فعلياً ، يقضي ساعات طوال في الواجب تصل لأكثر من ثمان ساعات ، ولا يتمتع بإجازة نزول لمدة قد تصل لأكثر من شهر،وللقارئ تخيل ماقد يصيب هذا الجندي من ملل وإرهاق ونفور وكره وخوف مما حوله ولمن حوله من بشر وحجر  ([20])،لاسيما إذا ترافق ذلك مع تكرار محاولات الاغتيال لهذا الجندي  أو لزملائه في شوارع المدينة وأثناء الذهاب بالإجازات بوساطة الأسلحة الكاتمة والعبوات الناسفة واللاصقة والسيارات المفخخة والانتحاريين والهجمات على نقاط التفتيش والمرابطة ..وغيرها .

أما اللجان العسكرية المتابعة للوحدات العسكرية ،، والمؤلفة من ضباط برتب عالية من وزارة الدفاع ومكتب القائد العام للقوات المسلحة  فكانت لاتقل فساداً..( حينما ينعم الحاكم في أي دولة بالترف والنعمة تلك الأمور تستقطب إليه ثلة من المرتزقين والوصوليين الذين يحجبونه عن الشعب ويحجبون الشعب عنه،فيصلون له من ألأخبار أكذبها ويصدون عنه الأخبار الصادقة التي يعاني منها الشعب – ابن خلدون ).

فضلا عن ذلك فأن العديد من الضباط وبرتب عالية سيما في الجيش العراقي الحالي ،لم يحصلوا على الرتب العسكرية من خلال الانخراط في الأكاديميات العسكرية والدورات التدريبية والتدرج الوظيفي ،وإنما من خلال انتماءاتهم الحزبية ([21]) ،لأحزاب كانت معارضة للنظام السابق ( صدام وحزب البعث )، أو بالوساطة والمحسوبية والمنسوبية والرشاوى ، لذا لم يكن هؤلاء مزودين بأي خبرة ميدانية عسكرية وإدارية ،، في مقابل قيادات التنظيم من ضباط الجيش العراقي السابق خريجي الكليات العسكرية وكلية الأركان وكلية الحرب ، المزودين بمختلف الخبرات العسكرية الميدانية المكتسبة من خلال انخراطهم في الدورات التدريبية التطويرية داخل وخارج العراق، ومن خبرة المشاركة في حرب السنوات ألثمان بين ( العراق – إيران )([22]) .

أما رئيس الوزراء السيد نوري المالكي ، فقد جمع بين يديه عدة مناصب أمنية منها ( ألقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والداخلية …وغيرها ) وهو شخص مدني وليس بعسكري  ولم يشارك بأي حرب أو قتال ليكتسب خبراتً ميدانية .

3 – أهالي ألمدينة والأجهزة الأمنية .

عندما تسأل أي إنسان أو عندما تتجول في المدينة بسيارتك الخاصة أو بالتاكسي ، يتبادر إلى مسامعك العديد من القصص وتشاهد العديد من التصرفات المشينة والمسيئة والمهينة الصادرة من منتسبين هذه الأجهزة تجاه الأهالي من سكنه المدينة والمحافظة ( [23] )،، وكيف يتم اعتقال المواطنين ووضع العبوات الناسفة من قبل بعض الضباط وعناصر الجيش الفاسدين لتلفيق تهم الإرهاب ،من خلال اعتقال أصحاب المحلات والمقاولين وغيرهم من المواطنين،، ومن ثَم ابتزازهم بمبالغ تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات لإطلاق سراحهم ([24] )،،هذا إذا لم يكن ألذي يحدثك قد اُعتقل،أو أحد أقاربه أو معارفه أو جيرانه،فلم تسلم عائلة تقريباً من هذه الاعتقالات ،ولم يَسلم بيت في المدينة وخارجها من المداهمات الليلية المتكررة أو فرد من المضايقات.([25]).

وقطْعت أوصال المدينة ( شوارعها ومناطقها ألمدنية السكنية ) بالكتل الكونكريتية ([26])،حتى الجزرات الوسطية للشوارع وعدد من الأرصفة والمسقفات (محطات انتظار الركاب) كانت تحاط بالأسلاك الشائكة من قبل الجيش والشرطة ،لتمنع وصول المشاة إليها ،، ناهيك عن قطع بعض الطرقات الرئيسة نهائياً أو لشهور والحجة هي ( ألإجراءات الأمنية )([27]).

ووصل ألأمر ببعض الضباط والأمرين من الجيش بعد أن تلاشى تقريبا نفوذ الشرطة المحلية إلى ابتزاز المقاولين([28]) بشتى الطرق ،، هؤلاء المقاولين كانوا ينفذون مشاريع خدمية في المدينة كالمستشفيات والمدارس والشوارع .. وغيرها .

وقامت استخبارات ألجيش ألتابعة ( للفرقة الثانية ) باغتيال عدد من الصحفيين العاملين في الفضائيات لاسيما التابعة لمحافظة نينوى([29]) ،وكل من له علاقة بمجلس محافظة نينوى أو بمحافظها ( السيد أثيل ألنجيفي )،، ووصلت حدة الصراع أوجها ووضحت النوايا في أحد الحوادث، حين  أندست بعض العناصر من الجيش مع ألأهالي الغاضبة المقتحمة لبناية محافظة نينوى إلى محاولة اغتيال المحافظ ( أثيل ألنجيفي )( [30] ) ([31] ) .

كما قامت استخبارات الجيش باغتيال العديد من قادة الاعتصامات ومُنظمي الحراك الشعبي من مختارين ورجال دين ووجهاء وشيوخ عشائر .. وهكذا تشابه أسلوب هذه الأجهزة الأمنية لاسيما الجيش مع أسلوب التنظيم .

أما من أجل استثمار المناصب العسكرية ،،قام بعض من ضباط الجيش بدفع مبالغ ضخمة للقيادات العليا كرشاوى وهبات لتسنم مناصب قيادية ضمن قيادة عمليات نينوى ،،أي في الوحدات العسكرية المتمركزة ضمن المحافظة لاسيما مدينة الموصل،،لابتزاز الأهالي بالاعتقالات العشوائية والدعاوى الكيدية والمخبر السري([32]) ( الظلم مؤذن بخراب العمران – يقلب الحاكم توجسه وغيرته من شعبه إلى خوف على ملكه ، فيأخذهم بالقتل والإهانة – ابن خلدون).

4- تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) .

من أجل الحديث عن هذا التنظيم  قمت بوضع عدد من الأسئلة سأحاول ألإجابة عليها فتكون منطلقي للتحليل، من هذه ألأسئلة : ( ما وضع التنظيم عسكرياً، ومدى سيطرته على مدينة الموصل وعموم محافظة نينوى؟ )،( ما هيَ التركيبة الاجتماعية والسكانية والنفسية لأعضاء التنظيم ؟ )،(ما مصادر تمويله ؟ ).

بدايةً وبكل تأكيد لن أتكلم عن نشأة التنظيم وصناعته التي قيل أنها ( أمريكية )([33])، وأراء أخرى قالت بأنها ( سوريه أسديه بامتياز )([34]).

لذا سأبدأ بالتركيبة السكانية لأعضائه ([35]) والتي يمكننا القول عنها بأن غالبيتها  من الريفيين من سكنه أطراف مدينة الموصل في القرى والنواحي والأقضية وبنسبة تقارب بحسب رأيي من ال90% ،وأما الساكنين في مدينة الموصل من المنتمين لهذا التنظيم فهم أيضاً من أصول ريفية يسكنون أحياء هي عبارة عن قرى داخل المدينة،،أما ال10% المتبقية فيتوزعون مابين مقاتلين عرب وأجانب،ومن سكنه مدينة الموصل من الشقاوات والفاشلين والمهمشين ومحدودي التعليم وسكنة المناطق الفقيرة والشعبية .. وعدد من الحَضير والمثقفين ومن بعض العوائل المعروفة في المدينة وهؤلاء قد لاتتجاوز نسبتهم 3% من مجمل التركيبة السكانية لهذا التنظيم ،فضلا عن المهجرين والنازحين من محافظات الجنوب ووسط العراق (المختلطة) في سنوات العنف الطائفي([36])، كما إنجر إليهم البعض من سكنة المدينة من الناقمين على الحكومة المركزية والمحلية،وعلى تصرفات عناصر الاجهزة الامنية المتواجدة في المدينة،أو بدوافع دينية،والبعض الأخر لتحقيق مكاسب سريعة وهم من الذين لم يجدوا لهم وظائف وأعمال ،وكذلك من المبهورين والمعجبين بقوة هذا التنظيم والنصر الساحق السريع الذي حققه على (أربعة فرق عسكرية) متواجدة في المحافظة([37])([38]) (  [39] ).

أما عند الحديث عن موضوع السيطرة على الحجر والبشر وتنقل أعضاء التنظيم .. وغيرها.

فمقاتلوا التنظيم كانوا يمارسون حياتهم الطبيعية الاجتماعية وحتى العسكرية بكل أريحية ،سواء أكانوا من العراقيين أو الأجانب والعرب العابرين للحدود،في منطقة الجزيرة([40]) الممتدة إلى المنطقة الغربية ([41] )،أي تقريباً من مدينة (زمار)([42]) حتى بادية السماوة جنوب العراق،وكانت منطقة مدينة الحضر([43]) من أكبر الحواضن التي يتواجد جُلْ ثقلهم العددي والتي  يتدرب وينشئ التنظيم معسكراتهُ فيها ([44])،كذلك كان أفراد التنظيم يعبرون الحدود باتجاه الأراضي السورية ومعهم شتى أنواع البضائع والأسلحة المهربة التي تفتقدها المدن السورية ([45] ) .

أما سيطرة الدولة (عسكرياً ) فمحصورة فقط ضمن المخافر التي كانت موزعة على الطريق الدولي السريع الرابط بين الموصل وبغداد ، وكثيراً ماكانت هذه المخافر لاسيما التابعة للشرطة تسقط عسكرياً أثناء الليل بيد التنظيم ،، ومابين هذه المخافر والسيطرات التابعة لها كان التنظيم ينشئ سيطراته الوهمية وصولاً إلى مدينة بيجي ([46] ).،، يدقق هويات المسافرين إلى محافظات ومدن الجنوب والوسط وبوساطة الحاسوب بحثاً عن منتسبين ألأجهزة الأمنية ،حيث تتوفر لدى التنظيم معلومات وافية حول هؤلاء المنتسبين وأوقات إجازاتهم والوجبات المجازة ،وكذلك صور وتسجيلات لعدد من الضباط والجنود في وحداتهم وببزاتهم العسكرية ([47]).

وقام البعض من أعضاء التنظيم لاسيما المقاتلين العرب والأجانب بالزواج من نساء في القرى التابعة إداريا لمدينة الحضر وكذلك لقضاء الشرقاط ([48] ) وناحية القيارة ([49]) ، هذه الزيجات وأعدادها لايوجد إحصائية  دقيقة عنها وهي ليست بالعدد الكبير ، وقد أطلق عليها لاحقاً ب ( نكاح الجهاد )([50]) ،وتمت هذه الزيجات بموافقة أهل النساء والنساء أنفسهن وليس بالغصب والإكراه  كما يشاع ([51]) ([52]).

وفي داخل المدينة كانت أدوار أعضاء التنظيم موزعة بدقة وتنسيق،مابين متخصصين بالاغتيالات وآخرين بتصنيع العبوات الناسفة وفريق ثالث بجمع المعلومات أو الإتاوات …وغيرها من المهام .

وفي موضوع مصادر التمويل ،، كان التنظيم يَجبي ألإتاوات من الجميع..من المقاولين والصيادلة وأصحاب المحلات وعلاوي بيع الفواكه والخضر،ومكاتب نقل المنتجات النفطية ومحطات تعبئة الوقود وشركات الهاتف النقال([53])،حتى في حالات بيع وشراء العقار ([54])…وغيرها . ووصل ألأمر إلى جباية هذه الإتاوات من دوائر الدولة الرسمية ك (الكهرباء والبلدية )،ومن الموظفين والمحاسبين والمدراء الفاسدين في هذه الدوائر وغيرها من دوائر الدولة ألأخرى .

وكانت ألمبالغ تُجبى بقدر معلوم شهريا  ك (الصيادلة مثلاً)،أو بحسب مبلغ المقاولة أو البيع والشراء في حالات العقار ،، ويمنح التنظيم (وصولات) صادرة عن حسابات (الدولة الإسلامية) تؤيد جباية هذه المبالغ([55])..

وعن عقيدة أفراد التنظيم واندفاع مقاتليه للقتال والموت وأساليبهم وخططهم العسكرية – ألقتاليه،وانضباطهم وذكاء قياداتهم الميدانية وخبرتهم ، فإنها لاتقارن قياساً ًبالأجهزة الأمنية ومنتسبيها لأنها تتفوق كثيراً جداً على تلك الأجهزة ، فضلاً عن تسليحهم وعدتهم وعتادهم ، ويمتلك التنظيم أخطر سلاح لاتمتلكه أي من جيوش العالم الآن حتى المتطورة منها ،،، ألا  وهو ( الانتحاريين)([56]) ..وبأعداد ليست بالقليلة ..

5- أهالي الموصل وتنظيم الدولة الإسلامية .

أُشيع عن أهالي الموصل ([57] )أنهم  رحبوا بسقوطها على أيدي التنظيم ، ورحبوا بالتنظيم نفسه ، والحقيقة أن نسبة ضئيلة جداً هي من رحبت بذلك ([58])،وتضاءلت هذه النسبة بعد أشهر من السيطرة على المدينة، لاسيما أثر تفجير عدد من الجوامع ومراقد الأولياء والصالحين التي تُمثل رُموزً دينية وحضارية وثقافية  تميز المدينة  عن غيرها من المدن العراقية كمرقد ( النبي يونس والنبي جرجيس عليهما السلام )، و (يحيى أبو القاسم والشيخ فتحي ..وغيرها ) وإزالة قبر المؤرخ الموصلي الشهير ( إبن ألأثير ) المعروف بين أهالي مدينة الموصل ب ( قبر البنت ) من منطقة باب سنجار ، وتمثال المتصوف (عثمان الموصلي ) ألذي كان يتوسط الحديقة الموجودة أمام باب محطة قطار الموصل ([59] ) ([60] )،ومغادرة المسيحيين والشيعة لمدينة الموصل وأطرافها ([61] )،ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة وأثاث منازلهم  وأرصدتهم في المصارف([62])،كذلك مهاجمة ( اليزيديين ) في الموصل  وسنجار وأطرافهما وتهجيرهم  وسبي نسائهم ومصادرة أموالهم ..

وقام العديد من أعضاء ألتنظيم بالنزوح من القرى والأقضية والنواحي لاسيما التابعة لمحافظة نينوى .. أو لمحافظة صلاح الدين أو ألأنبار مع أسرهم . قاصدين مدينة الموصل،باحثين عن السكن في البيوت التي هَجرها أصحابها  لاسيما من ألمسيحيين ([63]) ،، وهي وغيرها أعمال استنكرت وَلَم تَلق أي قبول من أهالي المدينة .

وإذا أضفنا إنعدام الخدمات العامة كالكهرباء والماء وتوقف دوائر الدولة عن ترويج معاملات المواطنين ،وتوقف المدارس والجامعات في عموم المحافظة عن العمل ،وفرض لبس الخمار على النساء ومنع بيع وتداول السكائر وتعاطيها([64])،فضلاً عن انتشار البطالة والفقر واعتقال عدد من ضباط الجيش والشرطة وعدد من النساء وإعدامهم …وغيرها ،، يمكننا القول بأنها أمور زادت من تضاءل شعبية وتقبل هذا التنظيم بين الأهالي .

أما في السنوات التي سبقت سقوط المدينة ، وكما ذكرت قبل قليل فقد أرغم الكثيرين على دفع الإتاوات حتى أصحاب المدارس الخاصة ،، وكانت الاغتيالات تتكرر لعناصر الجيش والشرطة والقضاة وبعض الموظفين الحكوميين من المدراء أو العاملين في مجلس محافظة نينوى والمرشحين للانتخابات المحلية والبرلمانية والممتنعين عن دفع الأتاوات.. وغيرهم الكثير.

فضلاً عن التشدد الفكري والتعصب الديني- الطائفي لأعضاء التنظيم ،، والتفجيرات على اختلاف أشكالها ومسبباتها وما كانت تُخلفه من ضحايا أبرياء وتخريب للممتلكات العامة والخاصة ،، كلها أمور كانت ولازالت تستهجن وتنتقد ولم تكن إطلاقاً مقبولة من أهالي مدينة الموصل..

ولكن لم تكن هناك أي قوة أمنية رسمية حكومية قادرة على حماية المواطن فيما لو قام بالإخبار أو التصدي للتنظيم وأعضائه ،، هذه المؤسسات الأمنية كانت مخترقة من التنظيم ،يَنخرها الفساد ولا مبالية بالمواطن أو يهمها أمر ألمدينة([65] )،فَكم من حادثة خطف واغتيال ووضع للعبوات الناسفة كانت تقع على مسمع ومرأى القوات الأمنية المرابطة في شوارع المدينة وأحيائها وأسواقها ولم تحرك ساكناً .

لقد كانت المدينة وأهلها قبل سقوطها ، واقعة بين ظلم الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى،، وقسوة التنظيم . ذلك يَعني أن علاقة المواطن الموصلي بكلا الطرفين كانت ولازالت علاقة

( خوف )،فقد حكم الطرفان المدينة بالحديد والنار، فالقتل والخطف أو وَضع العبوات اللاصقة والناسفة على أبواب المحلات والدور هو مصير كل من كان يمتنع عن دفع ألإتاوة ([66]) .

وإذا عقدنا المقارنة بين الظلم والقسوة ،، فإن ظلم الجيش للأهالي توزع بشكل عادل لاسيما المضايقات أثناء التنقل بالسيارة وفرض حظر التجوال كُل حين والأخر([67])،، أما قسوة التنظيم فشملت البعض من الذين يعتبرهم التنظيم أعداءه والميسورين في حالات جمع الإتاوات،، والضحايا الذين صادف تواجدهم في أماكن الاشتباكات والتفجيرات.

أما هول المفاجأة وثقة ألأهالي بقدرة الأجهزة الأمنية على صد هجوم التنظيم كما حدث في عدة مناسبات،جعلتهم يقفون موقف المتفرج([68]) ، وهو ماجعل الكثيرين يظنون أن أهل المدينة بجانب التنظيم ، إلا أن الحقيقة غير ذلك ([69] )..

6 – ألمؤامرة

كَثُر الحديث في قضية سقوط مدينة الموصل ومن ثم محافظة نينوى بالكامل عن وجود مؤامرة وتواطؤ… ولكن منْ مَنْ ؟؟ وكيف ؟؟ ولماذا ؟؟ وماهي المؤشرات والدلائل على ذلك ؟؟ .

وهي تساؤلات وَجدتُ بَعض من الإجابة عليها،،ولا أعلم هل سيقتنع القارئ بما سأسوقهُ من تحليلات وإجابات وأراء في معظمها لاتتعدى أن تكون شخصية .

من بين أحد المؤشرات المهمة على وجود مؤامرة وتواطؤ هو سقوط المدينة بيد التنظيم بهذا الشكل الكارثي وبزمن قياسي غير متوقع من الجميع. وربما بتعبير أدق وأخف أقول أن الأوامر التي صَدرت من القيادة العليا للجيش – مكتب القائد العام ( المالكي )،كانت تَقضي بأن ينسحب الجنود والوحدات العسكرية المرابطة في المدينة والمحافظة من مواقعهم ويتركوا أسلحتهم ، دونَ أي قتال أو مقاومة .. وهو أمر يَعلمهُ القاصي والداني داخل العراق وخارجه ولم أت بشئ جديد بهذا الخصوص .

وهو أمر أكده العديد من الشخصيات السياسية والقيادية كأثيل النجيفي ( محافظ نينوى )، وعدد من الجنود المنسحبين التاركين لمواقعهم وأسلحتهم ،والذين صَرّحوا أمام الفضائيات بأن أوامر الإنسحاب صَدرت إليهم من صغار ألضباط ألذين نَقلوا بدورهم أوامر  ألقيادات العليا .

ووجد بعض الجنود والوحدات العسكرية ( فجأة ) أنفسهم  بدون ضباط وأمرين وقادة وأوامر .. مما أدخل الريبة والشك والخوف والتخبط إلى نفوسهم ودفعهم إلى التفكير بالنجاة بوساطة مغادرة المدينة بأي شكل كان ([70] ).. وترك الجنود في بعض الوحدات البعيدة عن المدينة ( فرقة عسكرية كاملة ) وحداتهم وأسلحتهم ومعداتهم وعجلاتهم لمجرد سماع أخبار أقرانهم ، فضلاً عن صدور أوامر لهم بإلأنسحاب من قبل قياداتهم وضباطهم ، علماً أن التنظيم لم يطلق رصاصة واحدة باتجاه جندي أو وحدة عسكرية من هذه الفرقة ..

ولا أخفي القارئ سراً أن سقوط المدينة بهذا الشكل  والسرعة دفعني وممن حَولي للقول بوجود مؤامرة فعلاً . وأنها ( مقدمة لمذبحة لأهل السنة ) فقد بَدا واضحاً أن المدينة ومن ثَم المحافظة كُلاً قُدمَت للتنظيم ك ( لقمة سائغة ) ..

إلا أن التقدم السريع للتنظيم واجتياحه وسيطرته على محافظة صلاح الدين ومركزها مدينة   (تكريت) ([71] ) ، وأجزاء واسعة من محافظة ديالى وصولاً إلى مناطق حزام بغداد ، أبعد قليلاً عن تفكيري فكرة (المذبحة ) أو ربما تأجلت إلى حين ( لا سامح الله ) .

ولم يَتوقع أفراد عديدين من التنظيم أن تسقط المدينة بهذه السهولة وبزمن قياسي ،، مما يُرجح ويؤكد إلى حد كبير صدور ألأوامر العسكرية من القيادات العليا للجيش والشرطة بالانسحاب وعدم القتال وترك المواقع والوحدات والسلاح ،، وتحديداً من ( المالكي – القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية ) ألذي قال بعظمة لسانه بأن ( هناك مؤامرة ) ،كما قال في أحد تصريحاتُه ( بأن العراق سيسبح في بحر من الدماء إذا ماخرج من السلطة) ([72])..

ولعل المالكي وكأثر لسقوط الموصل كان يَأمل في أن يتمكن من فَرض الأحكام العرفية فيمدد لولايته لسنة أخرى،يتمكن خلالها من القضاء على خصومه السياسيين وغير السياسيين.

والذي رجح وجود المؤامرة هو وجود المعلومات الإستخباراتية حول التنظيم وتحركاته وتجمعاته قبل 9- 10 / 6 / 2014 ( ليلة سقوط الموصل ) ، هذه المعلومات كانت تَصل لقيادة الجيش والمخابرات والأمن الوطني ،، ولكن .. تَم تَجاهلها([73])([74]).

وساهم الأكراد في فصول المؤامرة بانسحابهم أول الأمر من مدينة الموصل، حيث قاموا بأخلاء مقراتهم الحزبية ( الأتحاد الوطني – والديمقراطي الكردستاني ) وسحب قوة الأسايش ( الأمن ) والبيشمركة المتواجدة داخل المدينة إلى أطرافها في ( سهل نينوى)، شمال الموصل وشمال غربها إلى مناطق تواجد ( الشبك الشيعة واليزيديين ) ، ثم إنسحبوا من هذه المناطق لاسيما شمال غرب الموصل من منطقة بعشيقة وسنجار خلال ساعات وبأوامر صدرت إليهم من قياداتهم العليا في كردستان ، تاركين اليزيديين في مواجهة التنظيم الذي إستباح عرضهم وأرضهم ومالهم ( [75] ).

فَهل حَصلت مؤامرة ؟؟ لَعل الأسطر الماضية أوضَحت جزءاً من فصول المؤامرة ،، وربما الأحداث القادمة سَتكشف بَعضاً أخر من الفصول والتفاصيل المخفية ..

7- التوقيت والتكنيك

إن المتابع للتوقيت العسكري لسقوط المدينة يَجد أن الموضوع لايخلو من عنصرين هما ( الذكاء أو المؤامرة ) أو ربما كلاهما ، إذ ينبغي عدم إهمال الصراع السياسي الدائر في بغداد بين الشخصيات والكتل البرلمانية ،، بدايةً ..

فالانتخابات البرلمانية أجريت وانتهت وفرزت الأصوات ، فأل العراق إلى حكومة ( تصريف أعمال ) تُسيره .. فضلاً عن تأخر إقرار الميزانية ،، ورئيس الوزراء المنتهية ولايته الثانية   ( نوري المالكي ) يسعى بكل الوسائل والطرق المشروعة وغير المشروعة للحصول على ولاية ثالثة ،، فكان محصلة كل هذا الانشغال المحموم والصراع ، حدوث ( الفراغ السياسي )،، إذ وَجه البرلمانيون جُل هَمهم لتقاسم المناصب والسلطة ،، فضلاَ عن محاولة تَفويت الفرصة على المالكي من بعض المعارضين والكتل السياسية والبرلمانية  في حصوله على  (الولاية الثالثة)،، وكما حَصل مع الانتخابات السابقة ( تأخر) تشكيل الحكومة لأشهر ([76])..

ثُم تنحى المالكي بعد كَثرة الضغوطات الداخلية والدولية ، وتخلى عن فكرة الولاية الثالثة ل ( رئاسة الوزراء ) ،، وهنا يَتبادر إلى ذهني سؤال هو ( هَل سَّلَم المالكي مدينة الموصل بيد تنظيم الدولة الإسلامية  “داعش”بَعدَ أن تَيقن أنه لن يَتولى رئاسة الوزراء من جديد ؟؟ )،، رَغبةً منه في توريث الحكومة القادمة من بَعده المزيد من الأعباء والأخطاء التي يصعب أو يستحيل معالجتها ؟؟  ..

أما في موضوع الذكاء العسكري والتكنيكي أو تحديد الزمان والمكان المناسبين نَجد ،، أن التنظيم إستهدف مخازن العتاد التابعة للجيش الموجودة في منطقة الغزلاني جنوب الموصل أول الأمر ،، محاولاً السيطرة عليها أو إسقاطها من المعادلة العسكرية ،، ذلك من أجل قطع الإمدادات عن الوحدات العسكرية فيما لو طال أمد المعركة ،، والتأثير على معنويات الجنود مما سيؤدي بالتالي إلى تضائل القدرات القتالية لهذه الوحدات مع فقدانها للدعم اللوجستي أو إنقطاعه نهائياً،، هذا إذا ماعلمنا أن العديد من وحدات الجيش العراقي القتالية وبسبب الفساد تعاني نقصاً حاداً في التسليح ، مقارنةً بتسليح التنظيم ومايمتلكه من عُدة وعتاد قام بشرائه لاسيما وأنه أغنى تنظيم في العالم أليوم ، أو إستولى عليه من الجيش السوري والعراقي ، والأمثلة على ذكاء قيادات التنظيم وقوة المعلومات الإستخبارية وأساليب القتال لاحَصر لها ولايوجد مجال لذكرها هاهنا .

8 – ابن خلدون وعلي الوردي

( إن ألأوطان كثيرة القبائل والعصائب قَل أن تستحكم فيها دولة ، والسبب في ذلك اختلاف الآراء و الأهواء ، وأن وراء كل رأي فيها هوى وعصبية تمانع دونها فيكثر الانتفاض على الدولة والخروج عليها في كل وقت- ابن خلدون ) ،( الحاكم لكي يستطيع أن يحكم شعبه المتعدد العصبيات والقبائل فيجب أن يكون الشعور المشترك لمجموع الشعب أقوى من الروابط القبلية – ابن خلدون ) (الفتن التي تتخفى وراء قناع الدين تجارة رائجة جداً في عصور التراجع الفكري للمجتمعات- ابن خلدون ) ..

استطاع إبن خلدون أن يوضح أن الوقائع التاريخية لاتحدث بمحض الصدفة ، أو  بسبب قوى خارجية ، بَل هي نتيجة عوامل كامنة داخل المجتمعات الإنسانية ، لذلك أنطلق في دراسته للأحداث التاريخية من الحركة الباطنية الجوهرية للتاريخ ،  فعلم التاريخ وإن كان  ( لايزيد في ظاهره عن أخبار الأيام والدول – ابن خلدون ) انما هو ( في باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق. وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق . لذلك فهو أصيل في الحكمة عريق. وجدير بأن يُعد في علومها وخليق – ابن خلدون.. المقدمة )، إذن التاريخ وكل أحداثه ملازمة للعمران البشري وتَسير وُفق قانون ثابت ..

أما عالم الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي ([77]) الذي سار على منهج ابن خلدون  وقبل أكثر من  نصف قرن قال بأنَ على العراقيين أن يُغيروا أنفسهم ويصلحوا عقولهم قبل البدء بإصلاح المجتمع ، لأن التجارب القاسية التي مَر بها الشعب العراقي عَلمته دروساً بليغة ( يبدو لي أنه لَم ولَن يتعلم أي شئ ) . فإذا لم يتعض بها فسوف يصاب بتجارب أقسى منها .. وعلى العراقيين أن يتعودوا على ممارسة الديمقراطية حتى تتيح لهم حرية الرأي والتفاهم والحوار دون أن تفرض فئة أو قبيلة أو طائفة رأيها بالقوة على الآخرين ،،  كما قال ( بأن الشعب العراقي منقسم على نفسه وفيه من الصراع القبلي والقومي والطائفي أكثر من أي بلد أخر ، وليس هناك من طريق سوى تطبيق الديمقراطية . وعلى العراقيين أن يعتبروا من تجاربهم الماضية ، ولو أفلتت هذه الفرصة من أيدينا لضاعت منا أمداً طويلاً )،، لقد صدق الوردي .. فالعراق اليوم يقف في مفترق طرق وليس أمامه سوى ممارسة الديمقراطية ( الحقيقية ) حتى في أبسط أشكالها والياتها فهي الطريق الوحيد للخروج من هذه الأزمة ..

لقد تنبأ الوردي بانفجار الوضع مثلما تنبه إلى جذور العصبيات التي تتحكم بشخصية الفرد العراقي ، والتي هي واقع مجتمعي تمتد جذوره إلى القيم والأعراف الاجتماعية والعصبيات الطائفية والعشائرية .. وكذلك الاستبداد السلطوي ،، الذي شجع ومازال يشجع على إعادة إنتاج الرواسب الاجتماعية والثقافية والحزبية التي مازالت بقاياها كامنة في نفوسنا ..

ونبه الوردي إلى خطر الريف المتربص المحيط  بالمدن العراقية، المتحين للانقضاض كلما سَنحت الفرصة ..

خاتمة :

يُعد كل ماذكرته في الصفحات الماضية في مُجمله ومُلخصه حالة من حالات ( الصراع متعدد الأوجه ) ،، كان من نتيجته سقوط مدينة الموصل وتلتها محافظة نينوى بالكامل ، والعديد من الأقضية والنواحي والقرى ،، وسقوط المدينة بيد التنظيم هو من نوع ( صراع ريف –  مدينة )( توحش × حضارة )       ([78]).

وصراع التنظيم مع الجيش والشرطة اللذان يمثلان الحكومة لاسيما رئيس الوزراء ألسيد نوري المالكي من نوع ( الصراع العقائدي والطائفي الديني )،، وصراع تقاسم الثروات والنفوذ والسيطرة والإرادات،، أما صراع النخب السياسية فهو من نوع     ( الصراع السياسي ) ألذي امتزجت معه العديد من أشكال الصراع ألأخرى ومن بينها صراع الريف والحضر ([79] )،فضلاً عن الصراعات التي تحورت لاحقاً إلى صراعات شخصية ( ألمحافظ أثيل النجيفي – قائد الفرقة ال2جيش عراقي ناصر الغنام )([80])([81])،وصراع المحافظ أول الأمر مع الأكراد رافعاً شعار إخراج مقرات الأحزاب الكردية ، والحد من نفوذ الأكراد وسيطرتهم كدعاية إنتخابية ([82])،، هو من نوع ( صراع المصالح الشخصية وتقاسم النفوذ المُبطن )،،ثم تَحول لاحقاً إلى صراع قومي ( عربي – كردي ) بين مكونات مدينة الموصل وماحَولها من مدن وأقضية ونواحي كردية ومختلطة ..

كما أن هذا الصراع حَمل بين طَياته الكثير من محاولات الإفشال وإنهاك وتهميش وتحييد الطرف الأخر ، أو على الأقل إسقاطه لإبعاده من معادلة الصراع ، وأتبعت الأطراف المتصارعة شتى الوسائل إبتداءً من التقليل من أهمية الخطوات والسياسات والمشاريع المنجزة ، والبحث عن سلبيات الأخر في كَم من الأيجابيات في بعض الأحيان ، وصولاً إلى إفناء الطرف الأخر..وحاول الجميع إثارة سخط المواطن ودوائر القرار في بغداد ضد الأخر، فَسخرت موارد العراق ومحافظة نينوى البشرية والمادية وكذلك وسائل الإعلام في هذه المحاولات،وكان مبدأ ( الغاية تبرر الوسيلة ) هو شعار المتخاصمين المتنازعين ومُنطلقهم ، فوقعت المدينة والمحافظة ومواطنيها بين المطرقة والسندان ،وأضحت هي الطرف المتضرر الأول من هذا الصراع اللامشرعن بكل المقاييس،وحصل مايشبه ( حرب الجميع ضد الجميع ) وفعلاً وَصل الجميع إلى غايتهم وهدفهم ومبتغاهم.. فسقطوا جميعاً ومعهم المدينة والمحافظة أرضاً وأناساً،، بيد الطرف الأقسى والأقوى عصبية والأكثر تعاوناً وإصراراً  وعقيدة ،،فنجح التنظيم في السيطرة على كامل محافظة نينوى ( [83] ) ..

وبعد كُل ماجرى يتبادر إلى ذهني العديد من الأسئلة من مثل :

هَل أن سقوط المدينة والمحافظة هو بداية لتأسيس مشروع تقسيم العراق ألذي خُططَ له قبل عقود وعرف ب ( تقسيم المقسم )؟؟. والذي أعاد إحيائُه ( جو بايدن – نائب الرئيس الأمريكي أوباما )،، وهل فعلاً أن الشرق الأوسط لن يَعود كما كان قبل سقوط الموصل،كما صَرحت بذلك بعض الدوائر الغربية لاسيما الأمريكية ؟؟ وماهو شكل الحدود والشعوب لهذا الشرق الجديد؟؟ وهل سنشهد سقوطاً جديداً لمدن عراقية في القريب العاجل أو البعيد الأجل ؟؟ وهل أوجد ألغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية مبرراً منطقيا للعودة والتدخل وبناء القواعد في العراق  ([84]) ([85] )؟؟ هذا البلد الغني بموارده وموقعه ([86] ).. وهل أصبح العراق والشرق الأوسط من أفضل الأسواق لتصريف السلاح ([87]) وإنعاش إقتصادات بعض الدول الغربية  المنهارة ؟؟ ولماذا هذا التجاهل من قبل الحكومة المركزية في بغداد لمدينة الموصل ومحافظة نينوى سابقاً والآن على الرغم من مرور أكثر من خمسة أشهر على سقوطها ؟؟ وكأنها مجرد قرية صغيرة ليس لها أي ثقل حضاري وثقافي وسُكاني وسياسي واقتصادي وجغرافي وعسكري ،، فوسائل الأعلام الرسمية ( القنوات الفضائية ) لاتأتي على ذكر المدينة إلا لُماماً..

لَقد انتهيت اليوم 17 / 11 / 2014 من كتابة هذه المقالة ،، وتنظيم الدولة  على مشارف بغداد ، يُقاتل في عدة جَبهات في سوريا والعراق. كذلك سَقطت بيد التنظيم عَدد من ألأقضية والمدن العراقية كهيت والقائم في غرب العراق، وعامرية الفلوجة القريبة من بغداد تقاتل وتستغيث ، أما محافظة الأنبار فعلى مرمى حجر من   السقوط،وكلها بسيناريوهات يتكرر العديد من تفاصيلها مع سيناريو سقوط الموصل([88] ).

[1] – محافظة نينوى.. تقع في الجزء الشمالي الغربي من العراق ، ومركزها مدينة الموصل التي تعد ثاني أكبر مدن العراق، وتبعد عن العاصمة بغداد 402 كم، وعدد سكانها حالياً 3ملايين ونصف ، تحدها من الغرب سوريا وتبلغ مساحة نينوى( 32308كم2 ) ، وتتميز المحافظة بتنوعها السكاني فبجانب العرب المسلمين السنة الذين يمثلون الغالبية في مدينة الموصل وقضائي البعاج والحضر، يشكل المسيحيون نسبة تأتي في المرتبة الثانية من السكان من ناحية العدد وكذلك الأكراد،وينتشر المسيحيون في مناطق (سهل نينوى) شرقي نهر دجلة لاسيما قضائي الحمدانية وغالبيته من (السريان)،وتلكيف وغالبيته من (الكلدان)،مع عدد من النواحي والقرى الأخرى ،كما يشكل ( اليزيديون ) ألأغلبية قي قضائي سنجار والشيخان،بينما ينتشر التركمان (سنة وشيعة) في تلعفر،كما تضم المحافظة عدداً من القرى لل ( تركمان الشيعة ) في أطرافها القريبة لاسيما شمال المدينة ..(www.ar.wikipedia.org  بتصرف).

[2]– سأكتفي بإطلاق كلمة ( ألتنظيم ) فقط للدلالة عليه في بقية المقالة .

[3] – داعش- هي اختصار لأسم التنظيم  ( الدولة الإسلامية في العراق والشام  ) ، وألغى التنظيم كلمة ( العراق والشام ) بعد سقوط مدينة الموصل لأن مُبتغاه هو دولة الخلافة ألإسلامية في عموم الكرة ألأرضية (إعادة مجد الفتوحات والدولة الإسلامية التي وصلت إلى حدود الصين وفرنسا ) . وشعاره في ذلك ( باقية وتتمدد ) ،وكان التنظيم يعاقب بالجلد كل من يطلق أو يتفوه بكلمة داعش عليه أو على عناصره .

[4]_دخل للموصل مع تنظيم الدولة الإسلامية (جيش الطريقة النقشبندية) ألذي يَتزعمه ( عزة الدوري –  نائب الرئيس العراقي السابق صدام حسين )،ويضم هذا الجيش العديد من قيادات حزب البعث فضلاً عن العديد من العسكريين وبرتب عالية من الجيش العراقي المنحل،وحاولت قيادات هذا التشكيل المحسوب أيضاً على أهل السنة الذي قاتل الأمريكان وقوات التحالف أثناء تواجدها على أرض العراق ومن ثَم الحكومات التي تسلمت السلطة بعد خروج الأمريكان تحويل قضية سقوط الموصل إلى ثورة وطنية ضد الظلم والتفرد بالسلطة من قبل رئيس الوزراء ( نوري المالكي ) وإستئثار الشيعة وكذلك ألأكراد وسيطرتهم على معظم مفاصل الحياة السياسية والإقتصادية والعسكرية المهمة في العراق بعد عام 2003 لكسب ألتأييد العراقي الشعبي  وألعربي والدولي، إّلا أن التنظيم رفض رفضاً قاطعاً المقترحات التي قَدمها جيش الطريقة والتي كان من ضمنها رفع ( علم العراق ) بدل الراية السوداء للتنظيم ،وقام بإعتقال بعض القيادات لهذا الجيش وإعدامهم، وأشيع عن محافظ الموصل السيد ( أثيل النجيفي) أن له علاقة بهذا التنظيم وأنه إلتقى بعدد من قياداته. وأنه في إحدى المناسبات ومقابل خدمة قَدمها للنقشبندية تلقى (كتاب شكر وتقدير ) من عزة الدوري .وتذكر إحدى الروايات حول أسباب إختلاف التنظيم مع النقشبندية ، أن جيش الإسلام وهو أحد فصائل المقاومة العراقية ألذي بايع التنظيم بُعيد سقوط الموصل ، حَصل على تسجيل صوتي من المسؤول الأعلامي للنقشبندية يأمره فيه عزة الدوري بالعمل مع التنظيم ومبايعته ومن ثم الإنقلاب عليه وإنتزاع زمام الأمور والسلطة منه ،وقام جيش الاسلام بتسليم هذا التسجيل للتنظيم .

5-أما أسامة النجيفي فقام بدفع مبلغ 2 مليون دولار كتمويل للتنظيم بوساطة المدعو ( أبو حيدر العفري ) ، وهو عضو في مجلس محافظة نينوى وعضو في التنظيم ، وعند سيطرة التنظيم على الموصل ، وبوشاية أعتقل ابو حيدر العفري بحجة إتصاله بأسامة النجيفي ، وقام قاضي الدم المدعو ( حج حسن ) بالحكم عليه بالإعدام ونُفذ الحكم .. علماً أن أبو حيدر هو عم الحج حسن وعملوا سوية ضمن التنظيم .

[6]– عبد الرحمن ابن خلدون ( ولد 1332م – توفى 1406 م ).قاد المنهج التاريخي الذي إتبعه ابن خلدون إلى التوصل إلى علم الإجتماع الذي عد إبن خلدون مؤسسه ، هذا المنهج يرتكز على أن كل الظواهر الإجتماعية ترتبط ببعضها البعض فكل ظاهرة لها سبب وهي في ذات الوقت سبب للظاهرة التي تليها .

[7] – من المتلازمات ألتاريخية العراقية ألأخرى ( قطع ألرؤوس وسحل جثث المقتولين ونبش ألقبور)،مثلاً كل ولاة بغداد من العثمانيين ماتوا قتلاً بقطع ألرؤوس،، وسحلت جثة رٍئيس ألوزراء العراقي في عهد الحكم الملكي ( نوري ألسعيد) .. وغيرها ألكثير .

[8] – دخلت مع قوات التحالف إلى مدينة الموصل وحدات من قوات الجيش الكردي المعروفة ب ( البيشمركة ) ،واتخذت لها مقرات في الجانب ألأيسر من المدينة لاسيما في ألبنايات الرئيسة التي سَبق وأن كانت مقرات لحزب البعث ، وعدد أخرمن البنايات غيرها.وبدأت هذه القوات تمارس أدواراً أمنية جنب إلى جنب مع قوات التحالف وبطريقة إنتقامية وتخريبية ،إذ كانت تضم قوات البيشمركة العديد من العناصر اللامنضبة والإجرامية ، ولاتثق قوات التحالف سوى بالقوات الكردية لأن ألأكراد كانوا ولازالوا الحليف الأقوى والأقرب للأمريكان وبقية الدول الغربية وقواتها المتحالفة،ثم إنسحبت هذه القوات وأخلت مقراتها مع سقوط المدينة بيد التنظيم .ومن بين أساليبهم مثلاً في سرقة المواطنين وإستغفالهم أن قامت (مفارز) من البيشمركة أثناء تفتيش المنازل والمحلات  في الجانب ألأيمن من مدينة الموصل بمنح المواطنين وصولات وهمية مقابل تسليمهم لأسلحتهم الشخصية الخفيفة،مع وعود بإعادتها ومنح المواطنين إجازات حيازة هذه الأسلحة ،فجمعت هذه المفارز مئات القطع من هذه الاسلحة وصادرتها لحسابها،،حَصل ذلك في أحياء عديدة من بينها ( حي 17 تموز وحي الرفاعي والنجار …وغيرها )،وبسبب حجم ماجمع من قطع السلاح أنذاك أعلنت هذه المناطق السكنية كأحياء منزوعة السلاح ،كذلك كانت عناصر البيشمركة المرافقة لوحدات الجيش الأمريكي التي كانت تَسمح للمواطنين بألإحتفاظ بفطعة سلاح خفيفة واحدة  أثناء تفتيش منازل المواطنين، كان عناصر من البشمركة يعودون لمصادرة قطعة السلاح تلك لاسيما إذا كانت من النوع الجيد والغالي الثمن بعد إنتهاء واجب ألمرافقة للوحدات الامريكية ،وتهديد المواطنين بالإعتقال فيما لو إمتنعوا عن التسليم.وهذا جانب من الجوانب التخريبية وألإجرامية ،فضلاً عن السرقة والتسليب لممتلكات المواطنين لاسيما السيارات وقتل أصحابها.وشاهد أهالي المدينة هذه القوات يوم 10/4 /2003 في المدينة ،علما أنها دخلت ليلة  8 /4 /2003  وقامت عناصر من هذه القوات بتخريب مقصود للبنى التحتية ومؤسسات الدولة العراقية ومن بينها دار الكتب للطباعة والنشر التابع لجامعة الموصل وسرقة المصارف وألأجهزة الطبية الثمينة أو التعمد في إعطابها ومن ثم حرق البنايات الحكومية ، أو سرقة السيارات الحكومية ومختلف أنواع الاجهزة وأسلحة الجيش العراقي ومدرعاته …وغيرها الكثير وتحويلها إلى إقليم كردستان وبعلم من حكومة الإقليم التي على سبيل المثال قامت بتسجيل ملكية  السيارات المسروقة بأسماء السراق في دوائر المرور الخاصة بالإقليم.

[9] – دخلت هذه القوات ( الفرق ألأربعة ) ألمدينة بعد أن انسحب (لواء ألذيب)  منها..

[10] –  أما تشكيلة الشرطة المحلية فقد ضَمت  عددا كبيراً من ألمتطوعين لاسيما من (عشيرة ألجبور)،وقام بتشكيلها ضابط من هذه العشيرة هو (أحمد ألجبوري)،وهو أيضاً أحد سكان الأقضية التابعة إدارياً للموصل ولم يكن من أهالي مدينة ألموصل ( ألحَضير )،،وفي إحدى ألحوادث ألدالة على عدم إنضباط أفراد هذا ألتشكيل وعدم ولائهم للعراق،قام عناصر من ألشرطة من ( ألجبور ) بمهاجمة مبنى محافظة نينوى بعد أن تسربت معلومات تفيد بأن قائد الشرطة أحمد ألجبوري قد طرد من ألخدمة أو سوف يحال للتقاعد،وكان من المحتمل أن تسقط بناية محافظة نينوى لولا تدخل القوات ألأمريكية أنذاك .ولعل احمد الجبوري هو من دفع هؤلاء العناصر من اجل الضغط على الحكومة المحلية  لنينوى للعودة عن قرار إحالته للتقاعد أو إقصائه من قيادة شرطة نينوى .

[11] – كان ولازال وسيبقى الصراع الطائفي بين مكونات ألشعب العراقي لاسيما بين سُنته وشيعَته َيتأتى  مع المحتل،،،في بداية الأمر مع ألاحتلال ألعثماني وألإحتلال الفارسي وصراع هاتان القوتين للسيطرة على أرض وشعب ألعراق ،ثم أتى مع إلإحتلال ألأمريكي للعراق عام 2003 .

[12] – إن أحد العناصر التي تَجمع هؤلاء مع أصحاب الثقافة الريفية ( الجرياويين )، هي إنتمائهم إلى الهامش الإجتماعي الطفيلي ألذي أوجدته المدينة (إنتاجياً)،هامش الريف بالنسبة للريفيين وهامش المدينة فيما يَخص منتسبين الشرطة من الاشقياء والفاشلين وأرباب السوابق والفقراء المُعدمين .فمن لَم يستطع من أرباب السوابق الإنتماء لتنظيم القاعدة أول الأمر إتجه إلى الإنتماء للشرطة لقد أخبرني أحد المعتقلين من قبل القوات الأمريكية أنه حين سُجن في ( ابو غريب )، كان الموقوفين على خلفية الإرهاب من أعضاء تنظيم القاعدة ، جَلْهم من أرباب السوابق من السراق والقتلة وقاطعي الطريق في زمن الحصار الإقتصادي ، حيث يَظهر ( الوشم ) على أجسادهم ويتفاخرون بأنهم قد ترددوا كنزلاءعدة مرات وسنوات على هذا السجن .

[13] – يَطلق الريفيين على أهل ألمدينة من (ألمواصلة) لفظة ( حَضير ) أو (حْضري) للفرد انتقاصا منهم بسبب عدم تمسكهم بالعصبية والقيم العشائرية كالثأر مثلاً،ولجوؤهم إلى مؤسسات القضاء القانونية الرسمية لحل المنازعات والخلافات الشخصية والعائلية…وغيرها ،وانتسابهم إلى بيوتات ومهن بدل العشائر والقبائل ك ( ألدباغ ، ألنجار ، ألصائغ ، األصفار …وغيرها ) وتتميز شخصية المصلاوي بأتها أنانية حسودة غير متعاونة وسواسة قهرية ، متراجعة متحينة، متدينة تُفرق بين الحلال والحرام بحسب الشرع الإسلامي ،ولا متعصبة عشائرياً بل تمقت العشائرية ،كذلك فهي شخصية ظنانة شكاكة لاتثق بالغريب وألأخر ولاتتقبله إلا بعد حين ،ناقدة ساخطة على كل ماحولها ومن حولها ،ومتحسبة كثيرا للمستقبل ،وهذه الشخصية تشكلت بسبب الظروف التاريخية التي مَرت بها المدينة من مجاعات وأوبئة وحصارات،فضلاً عن إختلاط أهلها مع العديد من القوميات والأديان والطوائف ،بينما يطلق المواصلة على هؤلاء كلمة (جَرياويين – للجمع ) و (جَرياوي) على الفرد منهم ،بعني قَروي ومن سكنة القرى والأرياف وهي كلمة للإنتقاص منهم بسبب تمسكهم بعصبيتهم وقيمهم العشائرية وافتقارهم للذوق وعدم إحترامهم للقانون ومؤسسات الدولة الرسمية وللنظام وألمرأة،وقلة تعليمهم وضعف تأثير العناصر الحضارية ألمدنية في سلوكياتهم،وتحكم الغرائز الشهوانية والعدوانية  بسلوكياتهم حتى بين المتعلمين منهم والحاصلين على الشهادات الجامعية ،إذ تبقى جذورهم الريفية – العشائرية مؤثرة بشكل واسع في سلوكياتهم ،فضلا عن أن الغالبية العظمى منهم لاتجيد المهن،لذا يلجؤون للتطوع في الوظائف العسكرية (جيش – شرطة ) لأنها لاتتطلب أي جهد عقلي وتتناسب مع إشباع غرائزهم العدوانية وعقدهم في السيطرة على ألأخر حتى وإن كان من أبناء عمومتهم .

[14] – من بين ألإشاعات التي إنتشرت في ألمدينة أن الاغتيالات التي كانت تحصل لضباط ومنتسبين الشرطة من ( المواصلة )،كان يقوم بها زملاء لهم من ( ألجرياويين ) لكي يستبعد هؤلاء ويحل محلهم أخوة أو أبناء عمومة هؤلاء .

[15] – كمثال على اللامبالاة والفوضى وعلى الرغم من تكرار حالات القتل لم أسمع يوماً أن ألشرطة قامت بأي إجراءات تحقيقيه للكشف عن الجناة حتى لو حَصل الأمر على منتسبين الشرطة وما أكثر ما قُتل منهم ،فما بالك في حالات السرقة أو غيرها من الجنح والجرائم .

[16] _ كان ألبعض منهم يتناول المسكرات ويدخن السكائر ويتناول الحبوب المخدرة ويتلفظ بالالفاظ النابية وغير المحتشمة ولا المؤدبة  جهاراً وأمام ألضباط والمواطنين في شهر رمضان أوقات ألصيام، كما ان أجهزة التسجيل في سيارات هؤلاء المنتسبين تصدح وبصوت عالي بالأغاني في هذه ألأوقات ،وفي غَيرها من أيام السنة ،علماً أن المدينة تعد من المدن ألمحافظة  قيمياَ ودينياَ.

[17] – كان جنود وضباط وقائد الفرقة الثانية يَعتقلون بحسب (ألمزاج) المواطنين ولأتفه الأسباب، من الموظفين وشرطة المرور ومن منتسبين الشرطة المحلية ..وغيرهم.

[18] – ألسيطرة على ألأرض كلام افتراضي ،لأن الواقع غير ذلك .

[19] – كان من بين الإشاعات التي تناقلها أهالي المدينة عن تناقص أعداد الجنود بأن الكثير منهم أرسل إلى سوريا ضمن ميليشيا ( أبو الفضل العباس) بحجة الدفاع عن المقدسات الشيعية في سوريا،ولكن الحقيقة أنها تَخطت هذا الهدف المعلن وصارت تقاتل إلى جانب قوات الرئيس ( بشار الأسد وهو شيعي نُصيري ) ضد التنظيمات المسلحة المحسوبة على أهل السنة  كجبهة النصرة (فرع القاعدة في سوريا ) وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في الحرب الدائرة هناك منذ أكثر من ثلاث سنوات ولحد الأن .

[20] – بسبب الملل من طول ساعات الواجب كان الجنود يشغلون معظم أوقاتهم بالترفيه عن أنفسهم ب(ألهاتف النقال – الموبايل) بالاتصالات وسماع الأغاني ولعب الألعاب ومشاهدة الصور المخزونة،وفي الليل لاسيما في أبراج المراقبة كان الجنود ينامون أثناء الواجب بسبب التعب والإرهاق ،فكان أعضاء التنظيم يغتالون  الجنود أثناء نومهم أو انشغالهم بألموبايل لأنهم أصبحوا أهدافاً سهلة،حتى أن من بين  أحد المقترحات التي عرضت على مجلس النواب العراقي هي ( معاقبة الجندي ) الذي يستخدم الموبايل أثناء الواجب .

[21] -الانتماء لحزب الدعوة تحديداً ألذي ينتمي إليه رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة (نوري ألمالكي)،وهو أيضاً أحد أبرز قيادات هذا الحزب ،، وكذلك الانتماء للأحزاب الكردية ..هذه السياسة إتبعها أيضاً حزب البعث والرئيس (صدام حسين ) في فترة حكم هذا الحزب وهذا الرئيس للعراق عند تشكيله لما يعرف ب ( جيش القدس ) ، وأدت من ضمن من أدت إليه إلى فساد المؤسسة العسكرية وعدم مهنيتها وإنتشار التذمر بين ضباط الجيش العراقي من خريجي الأكاديميات العسكرية   .

[22] – بدأت هذه الحرب عام 1980 م  وانتهت عام  1988 م .

[23] – أما الإزدحامات والاختناقات المرورية التي يسببها عمداَ منتسبين هذه الأجهزة ف ( حَدث ولا حرج )،إذ أضحى مشهد الأسلاك الشائكة من (النوع الأمريكي) الذي دخل العراق مع القوات الأمريكية يُشاهد في أرجاء المدينة في أحيائها وشوارعها ومداخل البنايات الحكومية ،ولم تسلم من ذلك أحياء الموصل القديمة التي بنيت مداخلها الضيقة بالجدران،لمنع دخول المشاة وتحديد مدخل واحد أو اثنين فقط،علماً أن هذه الأزقة لايمكن للسيارات السير فيها ،حتى داخل جامعة الموصل التي تسلمت استخبارات الفرقة 2 واستخبارات الداخلية مسؤولية حمايتها،قاموا بنصب الكاميرات على كل البنايات الجامعية وداخل هذه البنايات أيضاً،ومع كل هذه الإجراءات الامنية وضعت العبوات اللاصقة المتفجرة على بعض السيارات داخل الحرم الجامعي،وأثر ذلك سلباً على دخول الأساتذة والموظفين بسياراتهم ،فكان الأمر يتطلب الوقوف لساعتين أو أكثر بطابور للدخول إلى حرم جامعة الموصل،علماً أن الدخول بالسيارة كان لايسمح سوى للسيارات التي تحمل باجات أو تخاويل دخول صادرة من الاستخبارات،وكان التفتيش يتم حتى على المشاة الوافدين للجامعة من طلبة وموظفين وتدريسيين،ويترافق ذلك مع بعض المضايقات والتصرفات اللامسؤولة  كالتحرش بالطالبات،وهي تنم عن جهل القائمين على التفتيش وقلة ثقافتهم وذوقهم وأدبهم .

[24] – أطلق سراح العديد  من أعضاء التنظيم ممن ثبت عليهم جُرم الإرهاب أو القي عليهم القبض متلبسين بهذا الجرم بمبالغ مالية ضخمة ب(العملة الصعبة ) دفعت لضباط الجيش أو الشرطة أو لغيرهم من الضباط العاملين في بقية الأجهزة ألأمنية،وقام أحد الضباط بتسلم مبلغ ضخم لتسهيل دخول سيارة ملغمة إلى أحد المعسكرات في مدينة الموصل ،وقام آخرون بتزويد أعضاء التنظيم بمعلومات إستخباراتية تمس أمن الجيش أو غيرها من مؤسسات الدولة  أو ألأشخاص مقابل مبالغ مالية..

[25] – صادف أن فُتشت بعض المناطق والبيوت السكنية أكثر من مرة في الليلة الواحدة والسبب هو عدم التنسيق الموجود بين القوى الأمنية وعدم معرفة كل وحدة او فصيل بإجراءات الفصيل الأخر.وكان يتم سرقة العديد من الممتلكات الثمينة والنقود والأسلحة الخفيفة من قبل هذه العناصر الأمنية أثناء تفتيش المنازل.

[26] – انتشرت الثكنات العسكرية وسط أحياء ألمدينة فضلا عن أبراج ألمراقبة والمرابطات.. وكذلك نقاط التفتيش في مداخل أحياء المدينة وشوارعها…. وحدد للبعض منها مدخل واحد فقط فكان الدخول إلى بعض الأحياء يتطلب الوقوف لساعات طوال  وفي طابور من السيارات يمتد لعدة كيلومترات،،فأضحت المدينة عبارة عن ( ثكنة عسكرية ) كبيرة .

[27] – قطع الشوارع أمام مرور السيارات إجراء كان يتكرر كثيراً من قبل  جنود الجيش لسهولته وللانتقام من ألأهالي ووضع المزيد من العراقيل والصعوبات أمام تنقلاتهم وكان يتم في حالات انفجار العبوات الناسفة أو السيارات الملغمة أو تفتيش المناطق السكنية  أوزيارة أحد المسئولين لمنطقة أو مؤسسة ما،وهو أيضاً مريح وأّمن للجنود،ولا يعرفون غيره هم وضباطهم .

[28] – أضحت المقاولات لإنشاء المباني والشوارع .. وغيرها بعد عام 2003 في العراق ألطريق الأسرع والأسهل لجمع الثروة ومراكمتها،فلإنشاء بناية مدرسة،، قد يحال المشروع على مقاول بمبلغ يقرب من 3 مليون دولار، بينما التكلفة الحقيقية  لاتتجاوز ربع هذا المبلغ وبالمواصفات القياسية،،أما إذا قام المقاول ب (الغش) في البناء وهو ماكان يحصل غالباً فإن التكلفة الحقيقية ستنخفض كثيرا وبذلك تتضاعف  الأرباح،وبسبب هذا الفساد واللاإخلاص من السياسيين والإداريين والمقاولين صرفت مليارات الدولارات على مشاريع الإعمار،، ولم يظهر أي فارق أو تحسن لاسيما  في البنية التحتية والأساسية للعراق،، وما عقود ومشاريع ( الكهرباء ) إلا دليل لايقبل المجادلة أو الشك على هذا الفساد والتردي ألأخلاقي و الخدمي .

[29] – كُل الصحفيين الذين قابلوا قائد الفرقة 2 ( ناصر الغنام )،، اغتيلوا.. كان أحدهم وأظنه ألأخير صحفي شاب من المهجرين السنة من مدينة بغداد أسمه ( مازن ).فبعيد انتهاء المقابلة التي أجراها مع الغنام قال مرافق الغنام ومسئول حمايته للموجودين ( إقرؤو الفاتحة على روح هذا الشاب)،،فسأله أحدهم لماّذا ؟؟فقال لأنه سيقتل..وفعلاً قتل مازن من قبل أثنين من القتلة كانوا يحملون هويات استخبارات الجيش،بناءً على رواية والد مازن قال له القتلة عند القدوم لداره والسؤال عن هذا الصحفي أنهم من استخبارات الجيش وأروه هوياتهم التعريفية (ربما هويات مزورة)،،وأتهم الجيش أيضاً باغتيال صحفيي قناة الشرقية في (شارع السرجخانة) في مدينة الموصل ،، والشرطة الاتحادية بأغتيال كادر الشرقية الذي كان يَعد (برنامج فطوركم علينا) في شهر رمضان في منطقة الزنجيلي في مدينة الموصل ،فقناة الشرقية يُديرها السيد (سعد عبد السلام البزاز) وهو أحد ألمواصلة السُنة،شَغل في فترة ما من حكومة البعث منصب ( مدير إذاعة وتلفزيون العراق ) وله العديد من المؤلفات  ( كتب) عن حروب الخليج الثلاثة (1980 – 1991 – 2003 )،قامت مخابرات البعث بإعدام أُخت زوجته التي كانت تعمل (مذيعة )،وأُثير هذا الموضوع عندما كان سعد يجمع الوثائق لإعداد كتاب عن حرب الخليج الثانية فلم يرجع للعراق وإنتمى للمعارضة العراقية في الخارج،ثم عاد للعراق بعد سقوط بغداد 2003م محاولاً الحصول على منصب في البرلمان او أي من الوزارات التي تشكلت بعد السقوط ،ولكن قامت الفضائيات الموالية للحكومة آنذاك بتشويه صورة سعد البزاز من خلال مثلاً عرض صوره مع (عدي ) إبن الرئيس العراقي صدام حسين لتفويت الفرصة عليه في الحصول على أي منصب،مما دفعه إلى مغادرة العراق من جديد ومساهمة الشرقية مع غيرها من القنوات الفضائية المعارضة في تأجيج الصراع الطائفي والعرقي وتأليب رأي المواطن العراقي وإثارة نقمته وحقده وتذمره تجاه الحكومات العراقية التي تشكلت بعد عام 2003.

[30] – قبل محاولة الاغتيال هذه روى لي أحد الجنود من الفرقة2 جيش عراقي وهو من سكنه بغداد أن ألقائد ناصر الغنام أصدر إليهم أوامر بإطلاق النار على موكب محافظ نينوى حال رؤيته أثناء تجواله في شوارع المدينة ،،وروى لي نفس الجندي كيف تم في أحد الحوادث حجز ومصادرة عدد من العجلات التي تخص موكب المحافظ.

[31] – انعكس الصراع السياسي في بغداد بين السيد (أسامة ألنجيفي-رئيس مجلس النواب العراقي وشقيق محافظ نينوى اثيل النجيفي ) وبين السيد ( نوري المالكي – رئيس مجلس الوزراء )،، انعكس سلبا على المدينة والمحافظة والمحافظ.وكان الغنام والفرقة 2 هو اليد الضاربة التي تعمل بإمرة المالكي .

[32] – يروى عن ناصر الغنام أنه أشترى (فيلا) ضخمة في منطقة سياحية مشهورة في دولة  مصر،وهي جزء بسيط من مايملكه،، وروى لي أحد الأشخاص من أهالي المدينة أن الفريق مهدي الغراوي ( قائد الشرطة الإتحادية )استلم بيده شخصياً 50 ألف دولار من أحد أصحاب محطات تعبئة الوقود في منطقة (مفرق حمام العليل- طريق بغداد ) في مقابل السماح للمحطة بالعمل واشتهرت هذه الحادثة لأنه أي الغراوي إستلم ألمبلغ بيده شخصياً.وأحال المحافظ العديد من المشاريع لشركة مقاولات يملكها شقيقه ألذي كان يحيلها إلى شركة أخرى ويستقطع عمولته ألتي تصل في بعض ألأحيان إلى مئات الملايين من الدنانير العراقية ،وهناك العديد من قصص الفساد التي تروى عن محافظ نينوى،مثلاً من بين عشرات المشاريع في تنمية الأقاليم لم تصل نسبة الإنجاز على مدى أعوام ولا حتى 10% في هذه المشاريع ولا أحد يعرف أين ذهبت مليارات الدنانير المخصصة لهذه المشاريع التي كان يَتم التفاوض على إعادة جزء منها إلى الحكومة المركزية في بغداد مقابل إستقطاع نسبة للمحافظ ولإعضاء مجلس محافظة نينوى الذين لايقلون فساداً عن البقية  .

[33] – قام التنظيم بتعيين المدعو ( معمر توحلة ) والياً على الموصل ولمدة وجيزة وهو من المواصلة الحضير،، ولهذا  الشخص شقيق يدعى

( فتيان توحلة ) له تاريخ طويل في العمل المخابراتي إذ عَمل في فوج حماية الرئيس الفلسطيني الراحل ( ياسر عرفات )،ثم ضابط مخابرات (عضو إرتباط) بين (منظمة مجاهدي خلق ألإيرانية ) والحكومة العراقية ،وكل هذا بالطبع زمن حكومة البَعث الصَدامية،ثم رُشح لشغل منصب (نائب مدير المخابرات العراقية) أيام ألإحتلال الأمريكي وعمل مع الأمريكان في سجن (بوكا ) لمدة من الزمن ..

[34] – وأُختلف أيضاً في مكان تأسيس التنظيم بين رأي يقول في قضاء تلعفر (منطقة الجزيرة) – ورأي أخر يقول في قضاء راوه (البادية الغربية).ورأي ثالث في (سجن بوكا – وهو المرجح ) ألذي أنشأته ألقوات البريطانية  في البصرة بعد عام 2003.حيث ظهر أن معظم أعضاء التنظيم وقياداته كانوا من المعتقلين في هذا السجن وفي ( سجن أبو غريب)،في زمن أدارته من قبل القوات الأمريكية ،وتقوم الأن قوات التحالف بإستهداف قيادات التنظيم عن طريق التنصت على المكالمات الهاتفية ، ومن ثمُ توجيه الضربات من الجو عبر الطائرات المسيرة أو المقاتلة ، والسبب أن ( بصمة الصوت ) لهؤلاء معروفة لدى القوات الأمريكية فقد تَم خزنها وتحديدها أثناء مدة ألإعتقال أو تأسيس التنظيم من قبلهم . لذا أصدر التنظيم الأوامر لقادته بعدم حَمل أو إستخدام أجهزة الإتصال المحمولة ( الموبايل ) .

[35] – بدأت بالتركيبة السكانية لأن في طياتها تحمل جزءً مهما من عناصر الصراع ، والعقد النفسية والاجتماعية التي ستتضح للقارئ في الأسطر القادمة .

[36] – بلغ العنف الطائفي كالقتل عالهوية  والتهجير شدته في العراق  في سنوات (2007 و2008 ).

[37] – بلغت خسائر الفرق الأربعة بحسب تقديرات إحدى الفضائيات (قناة العربية الحدث)،25 مليار دولار تشمل المعدات والتدريب،أي مايعادل ميزانية بلد كسوريا مثلا.

[38] –  ظهر فيما بعد أن هناك عدد من الأكراد المنتمين للتنظيم أعتقد أنهم من (جماعة أنصار ألأسلام ) ألذين كانوا فرع من تنظيم القاعدة ويبدوا أنهم بايعوا التنظيم بعد أن حقق بعض المكاسب على الأرض في العراق وسوريا ،ولاأستطيع تحديد عديد هؤلاء أو نسبتهم ، وسبق لقوات التحالف أن قامت بقصف مواقعهم في (مصيف أحمد أوة) التابع إدارياً لمحافظة السليمانية في شمال العراق مع بدء الحملة العسكرية عام 2003 ،وهذه الجماعة كانت قد تسللت إالى تلك المناطق الجبلية الوعرة وسَيطرة عليها قادمةً من أفغانستان مروراً بإيران،وتضم مجموعة من المقاتلين الكرد والعرب والأفغان ومن جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق كالشيشان وأذربيجان وقرقيغستان .

[39] – إنتمى للتنظيم عدد من الرجال والنساء من عوائل إشتهرت نسائها في المدينة ب ( البغاء ) ورجالها بالسمسرة ( القوادة ).وعندما تتحدث مع أمثال هؤلاء الرعاع والساقطين ، يُبادروك القول ( بأن الإسلام يَجبُ ماقبله ) .

[40] – وتشمل محافظة الحسكة بشكل كامل،ومناطق من محافظتي دير الزور والرقة في سوريا .. ومحافظات اورفا وماردين وديار بكر في تركيا .ويطلق إسم الجزيرة في الغالب على المنطقة بين الحسكة ومدينة الموصل .

[41] – الهضبة الغربية وتمتد على طول المنطقة الواقعة غرب نهر الفرات إلى صحراء سوريا والأردن والسعودية،وفيها الكثير من الوديان وتحتل تقريباً (نصف) مساحة العراق أي مايعادل 198000 كم2 وتدخل ضمنها بادية الجزيرة .

[42] – تبعد زمار عن الموصل 60 كم تقريباً.وعن قضاء تلعفر 30كم .

[43] – تقع الحضر إلى الجنوب الغربي من مدينة الموصل على بعد 110 كم.

[44] – كان التنظيم يهاجم القرى  في منطقة الجزيرة والغربية  ويهدد ويدمر بيوت منتسبين الجيش والشرطة ويهجر عوائلهم ، ويعرف سكان القرى عناصر التنظيم لأنهم من نفس عشائر المنطقة  ومن سَكنتها.

[45]– كانت هذه المنطقة بسبب إتساعها وعشائرها ألعربية المتمردة عَصية حتى على حكومة البعث الصَدامية،ومنطقة تهريب لشتى أنواع البضائع والأشخاص من وإلى سوريا والأردن والعربية السعودية.

[46] – بيجي – تقع على بعد 180 كم جنوب الموصل.

[47] – إعتقل التنظيم العديد من منتسبين الجيش والشرطة من المجازين وقام بإعدامهم على الفور على هذا الطريق،وأحياناً كان أعضاء التنظيم يطلقون النار على السيارات التي تحمل المنتسبين بعد ورود معلومات إليهم من مرأب النقل عن أرقام ومواصفات  سيارات الأجرة دون مراعاة لوجود المدنيين ضمن  هذه السيارات أو للسائق الذي لايعرف هويات الأشخاص الذين يُقلهم .

[48] -الشرقاط – تبعد 115كم جنوب الموصل و125كم شمال تكريت وتقطنها عشائر عربية عديدة .

[49] -القيارة – أكبر ناحية في العراق تقع حوالي 60كم جنوب الموصل وتقطنها عشائر عربية  عديدة.

[50] – إتَهم أحد نواب البرلمان العراقي  أهالي مدينة الموصل بتزويج نسائهم بهذه الطريقة ،والحقيقة أني لم أسمع بتاتاً بأن أي من نساء الموصل المتمدنات قد تزوجت بهذه الطريقة حتى بعد سقوط المدينة ،فقد وقف أحد رجال الدين المعروفين في المدينة قائلاً (لأبو بكر البغدادي-زعيم التنظيم) (بأننا سنذبح بناتنا ونسائنا إذا ما أجبرنا على تزويجهن بهذه الطريقة ).

[51] – كان أغلب النساء المتزوجات هن من المطلقات والأرامل اللواتي قتل أزواجهن في معارك التنظيم ،أو من النساء الفقيرات محدودات الثقافة والتعليم .

[52] – أظن أن الزواج بهذا الشكل  سيؤدي في المستقبل  إلى حدوث ولادات مجهولة النسب بسبب عدم القدرة على تثبيت هذه الولادات وتسجيلها في دوائر الأحوال المدنية والشخصية واستحصال الأوراق الثبوتية للهوية والنسب والجنسية، ناهيك عن حالات اليتم والترمل والنساء المهجورات اللواتي لايعرفن مصير أزواجهن.

[53] – بدأ التنظيم بجمع الإتاوات من شركة الاتصالات ( أسيا سيل ) أول شركة هاتف محمول عملت في الموصل بعد 9-4-2003،وعندما كانت الشركة تمتنع عن الدفع كان التنظيم يهاجم أبراج الشركة  ألذي يكلف ألواحد منها ( حوالي 100 ألف دولار)المنتشرة في المدينة ويَحرقها،إذ أحرق التنظيم في أحد الهجمات خمسة أبراج،ثم هاجم التنظيم أحد مقرات الشركة الواقعة في (منطقة الغابات ) وأتلف عدداً من ألأجهزة الرئيسة في هذا المقر، مما أضطر الشركة إلى الإذعان والدفع،فوصل مبلغ الإتاوة المدفوعة من قبل شركة الاتصالات أسيا سيل إلى (مليون دولار) شهرياً،وكذلك شركة الاتصالات (كورك تيليكوم) الذي بدأت العمل بعد شركة أسيا سيل أيضا ًتم وضع عبوة ناسفة داخل مكتب الشركة الرئيس الواقع في منطقة الجامعة فاضطرت  الشركة إلى نقل مكتبها خارج المدينة. ،وشركة ألاتصالات ( كلمات) المتخصصة في مجال (الشبكة الدولية – الأنترنيت )، وأخرها شركة الاتصالات ( زين العراق – فرع ألموصل- مكتبها في منطقة باب نركال) قام التنظيم بمهاجمة بيت (محاسب الشركة ) ودمر جزء منهُ فأذعنت الشركة للتهديد،فَقدمَ رجلين  تابعين للتنظيم يرتدون ( بزات رجالية ) للتفاوض واستلام مبلغ الإتاوة على مرأى ومسمع الجميع وفي وَضح النهار.

[54] – لاسيما إذا كان مالك العقار (مسيحي )،كان يُجبر المُشتري على دفع إتاوة للتنظيم .

[55] – في أحد اللقاءات لعضو من مجلس النواب العراقي قال ( أن تمويل التنظيم في عموم العراق وفي سوريا يتأتى مُعظمه من جباية الإتاوات من مدينة الموصل) ..

[56] –  (الاستشهاديين) كما يطلق عليهم التنظيم .

[57] – أعني هاهنا الحضير منهم تحديدا ً.

[58] – بدأ أعضاء التنظيم بإبداء مستوى عال من الأخلاق والأمانة والتدين والتعاون مع الأهالي في الأيام الأولى لسقوط المدينة ،وقاموا برفع الحواجز الكونكريتية والأسلاك الشائكة  ونقاط التفتيش من شوارع المدينة،والتي سبق وأن وضعتها القوات الأمنية لتقييد حركة المدنيين ،وهذه الإجراءات جعلت الأهالي يستبشرون خيراً ..وكسب التنظيم من خلالها بعض التعاطف ..

[59] – كان المبرر لتفجير وهدم هذه المساجد والجوامع (المراقد) أنها تظم قبور ولا يجوز الصلاة فيها بتاتا بحسب تعليمات الدين الإسلامي،وأعتقد أن الذي حصل بحسب رأيي هو جزء من أوجه الصراع (ريف – حضر) لأن هذه الجوامع هي رموز حضارية – دينية ثقافية للمدينة ،فتنظيم (أنصار الاسلام ) وهم فرع من تنظيم القاعدة المتشدد لم يفجر المراقد الموجودة في شمال العراق عندما سيطر لفترة وجيزة على ( قضاء حلبجة  ومصيف أحمد أوه) التابعين  إدارياً لمحافظة السليمانية في شمال العراق،وإنما قام بإزالة  ال (قبر والجثمان – الهيكل العظمي ) الموجود ضمن بعض  المساجد أو الجوامع،وفعل نفس الشئ فرع التنظيم في المغرب العربي عندما سيطر على أجزاء من ( دولة مالي ) .

[60] – أضحت نساء المدينة من أكثر فئات السكان الكارهة وغير المُتقبلة للتنظيم بسبب فَرض لبس الخمار عليهن أو ما أسموه لاحقاً ب    ( اللباس الشرعي- خمار مع جُبة مع جواريب وكفوف سوداء اللون  )،وفرض عليهن أيضاً عدم الاختلاط وحتى الكلام مع زملائهن في العمل في ( دوائر الدولة والجامعة )،ووصل ألأمر إلى فرض لبس الخمار على التلميذات في مرحلة  الدراسة الابتدائية ( من الصف الرابع ) أي من عمر التسع سنوات .

[61] – أرسل قيادات التنظيم في طلب مقابلة كبار رجال طوائف الدين المسيحي الثلاثة للتباحث والاختيار فيما يخص طوائفهم بين ثلاثة قضايا هي (القتال – دفع الجزية –  مغادرة المدينة) ، فرفض هؤلاء القسس والمطارنة مقابلة أي من قيادات التنظيم ، وعندما شاع  خبر ذلك بين المسيحيين،غادروا المدينة إلى أقضية ونواحي (سهل نينوى) ومدن إقليم كردستان العراق،تاركين بيوتهم وممتلكاتهم ،حاملين معهم ماخف حمله وغلا ثمنه ،،وفي طريق المغادرة خارج المدينة قام أعضاء التنظيم بتسليب المغادرين معظم ممتلكاتهم المحمولة من ( ذهب – نقود- أجهزة اتصالات ) ، وبقي في المدينة وأطرافها عدد قليل جدا من المسيحيين ممن قرروا دفع الجزية أو دخول الإسلام والفقراء والعاجزين.علما أن البعض منهم حاولوا قبل ذلك أي بشكل فردي وشخصي ولكن التنظيم رفض وأخبرهم أن دفع الجزية يتم من خلال رجال الدين المسئولين عن كل طائفة وليس بشكل شخصي.. ولو إستجاب أساقفة المسيحين ورؤساء طوائفهم للتنظيم في قضية دفع الجزية ، لأعترفوا بالتنظيم كدولة وكمؤسسات شرعية ، ولأحرجوا أنفسهم وطوائفهم مع الحكومة المركزية في بغداد ومع حكومات الدول الغربية ،هذا من ناحية .ومن أخرى فأنهم يعلمون أن حُكم التنظيم زائل وأنها مؤامرة ستدوم لفترة معلومة ثم تنتهي .كذلك فأنهم على دراية بأن التنظيم وأمرائه لايحترمون العهود والمواثيق ولايلتزمون بأي منها ولهم تجاربهم في ذلك .

أما فيما يخص موضوع التفاوض بين القساوسة والمطارنة وبين قيادات التنظيم رُوي لي أن ( شيخ قبيلة طَي العربية ) ذهب إلى أحدهم ومعه إبنه وقال لهم ( إذا كنتم خائفون من الذهاب والتباحث والتفاوض هذا إبني ليبقى عندكم رهينة وتعالوا معي لتسوية أمور طوائفكم )،لكنهم رفضوا ، فغادر المسيحيين المدينة خائفين من قيام التنظيم بعمل انتقامي منهم ،،علماً أن باب العودة واستعادة الأملاك من منازل ومحلات ومقتنيات التي صادرها التنظيم لازال مفتوحاً فيما لو قرر أي من المسيحيين العودة ودفع الجزية .

[62] – يسكن مدينة الموصل عدد ليس بالقليل من ألمكون ( الشبكي والتركماني الشيعي ) وكذلك في بعض القرى القريبة من المدينة وفي سهل نينوى،ويطلق عليهم التنظيم مصطلح ( الرافضة ) هؤلاء أيضاً غادروا المدينة وأطرافها مع تقدم جحافل التنظيم ومنذ الساعات  الأولى لسقوط المدينة خوفاً من الأعمال الانتقامية التي كان من المحتمل أن تَطالهم .

[63] – يَعرف أعضاء التنظيم أن بيوت المسيحيين تقع أغلبها في مناطق راقية في المدينة فضلاً عن أنها مؤثثة بشكل جيد،لذا قاموا بالتجوال بحثاً عنها بعد أن جَردَ زملاء لَهم كل المناطق السكنية والأسواق وحددوا أملاك المسيحيين وكتبوا عليها عبارة (عقارات الدولة الإسلامية – ن – نصراني) والشيعة (ر – رافضي ) وعناصر ومنتسبين الجيش والشرطة  ( م – مرتد ) والقضاة وكبار الموظفين الحكوميين .. والبيوت الفارغة التي غادرها سكانها مع الساعات والأيام الأولى لسقوط المدينة إلى إقليم كردستان ، ولم يتمكنوا من العودة بسبب إقامة الخنادق والحواجز وتفجير وتخريب الجسور والشوارع المؤدية إلى الموصل ومدن الإقليم ،كذلك بسبب عَدم قدرتهم على العودة بسياراتهم ،وكان هؤلاء الأعضاء يشترطون في السكن أن يكون مجهزاً مؤثثا بالكامل وبناءه وموقعه جيدان ،ووصل الأمر إلى السكن في بيوت المسلمين السنة ممن لم يتمكنوا من العودة من مدن الإقليم .كما قام التنظيم بإختراع شتى الوسائل ومختلف الطرق لجمع المال من ألأهالي، كمطالبة المستأجرين لعقارات الدولة لدفع مابذمتهم من مستحقات ألايجار، إلى فَرض الرسوم والغرامات وتأجير الأرصفة في الشوارع للباعة المتجولين ،والمطالبة بدفع الزكاة ..وغيرها الكثير. وهو مدلولات على عقدة ( الفقر ) المسيطرة على هؤلاء وعلى طبيعة تركيبتهم النفسية – الإجتماعية ،،( يَقول ابن خَلدون ـ  العرب ايضا طبيعتهم إنتهاب مافي أيدي الناس، وأن رزقهم في ظلال رماحهم وليس عندهم في أخذ أموال الناس حَد ينتهون إليه،بل كلما إمتدت أعينهم إلى مال أو متاع أو ماعون انتهبوه. لايكلفون على أهل الأعمال من الصنائع والحرف أعمالهم ولايرون لها قيمة ولاقسطا من ألأجر والثمن ) .

[64] – لم يَفرض التنظيم إلاّ متأخراً لبس الخمار على النساء ولم تُمنع السكائر بيعاً وشراءً ولا تعاطيا في قضاء الحويجة الذي سقط لاحقاً بيد التنظيم بعد سقوط الموصل ،وغالبية سكان هذا القضاء من العرب السنة من قبيلتي ( العبيد والجبور ) ،ويتبع إدارياً محافظة التأميم (كركوك) الواقعة في شمال العراق على بعد 180 كم تقريباً عن مدينة الموصل .

[65] – لم تكن هذه المؤسسات قادرة على حماية منتسبيها وبناياتها المحصنة من هجمات التنظيم فكيف ستحمي المواطن ؟؟ .

[66] – استهدف التنظيم بالسيارات المفخخة ولأكثر من ثلاث مرات بناية كلية طب الموصل  كلما قارب المقاول على الانتهاء من أعمال البناء والترميم فيها، ويبدو أن المقاول كان أحد أعضاء التنظيم أو الممولين ولأجل أن تحال عليه المقاولة من جديد كان يتم تخريب هذه البناية مع اقتراب انتهاء العمل فيها ..

[67] – أثر غلق الشوارع بالكتل الكونكريتية سلباً على أرزاق الكثيرين من أهالي المدينة ، وأفقد البعض لأعمالهم ومصدر دخلهم فباعوا محالهم التجارية بسبب غلق الشوارع المؤدية إذ لم يتمكن الزبائن من الوصول إليها إلا بصعوبة ولم تكن هناك أي مبررات أمنية لغلق بعض من هذه الشوارع سوى غاية إبتزاز أصحاب المحلات من قبل ضباط الجيش والشرطة وإجبارهم على دفع مبلغ من المال مقابل فتح هذه الشوارع . أما سواق سيارات الأجرة والتي أصبحت هي المهنة  الأكثر انتشارا بسبب البطالة فذاقوا الأمَرينْ من نقاط  التفتيش التابعة للجيش ..

[68] – دخل أعضاء التنظيم الموصل من منطقة ( حي 17 تموز ومشيرفة ) من جهة بوابة الشام وهي ليس المرة الاولى التي يدخلون فيها من هذه المنطقة السكنية ولأسباب عديدة منها إنفتاح الحي على ( الجزيرة) من جهة ،كذلك وجود العديد من أعضاء التنظيم من سكنة هذا الحي لاسيما من ( الأعافرة – من أهل قضاء تلعفر ) ،ومهد التنظيم لوجستياً لدخول المدينة فاستأجر بيتاً على سبيل المثال وجعله مخزنا ومطعماً لأعضائهُ في هذا الحي .

أما ألحي فكانت تتواجد فيه الشرطة الاتحادية  بواقع ( 2 فوج )،الذين قاتل البعض منهم وقاوم دخول التنظيم والسبب أن الحي سبق وأن سقط بيد التنظيم لأكثر من مرة ثُم استعيد وقام قائد الشرطة الاتحادية ( الفريق مهدي الغراوي )  بإعدام عدد من المنتسبين ممن لم يقاتلوا وتركوا مواقعهم وأسلحتهم،لذا خاف المنتسبين من تكرار تلك الحادثة وهذا التصرف فيما لو تركوا مواقعهم هذه المرة فقاتلوا وقتلوا .

[69] – يضاف إلى ذلك وقد أسلفتُ الحديث عَنهُ أن معظم الأسلحة التي يمتلكها ألأهالي صودرت وسرقت أثناء التفتيش من قبل القوات الأمريكية أو الأجهزة الأمنية  العراقية والكردية،مثلاَ كان يرافق القوات الأمريكية عدد من المترجمين العراقيين واثناء تفتيش المنازل كان بعض المترجمين يُشير للجندي الأمريكي إلى مصادرة قطع السلاح الصغيرة من المسدسات وأغلبها من نوع ( طارق- برتا وبرونيك ) وهي من هدايا الرئيس العراقي صدام حسين للعسكريين والجرحى في الحرب العراقية الايرانية ولبعض المدنيين،ثم يقوم هذا المترجم ببيع قطعة السلاح هذه بسعر قد يتجاوز الالف دولار الى تجار السلاح المحليين مع إعطاء نسبة من المبلغ للجندي الامريكي الذي قام بمصادرة السلاح.أما القوات الكردية العاملة في الموصل فكانت تحتال على الاهالي بأن تمنح وصولات وهمية لقطعة السلاح المصادرة،فوثق بعض الأهالي وقاموا بتسليم الكثير من الأسلحة الخفيفة إليهم.أو بوعود بمنح إجازة حيازة لهذا السلاح….وغيرها من الأساليب الملتوية .

[70] – نَزل بعض الجنود المنسحبين إلى شوارع المدينة وشكلوا نقاط تفتيش من أجل تسليب ( سرقة ) سيارات المواطنين لاستخدامها في الهرب ومغادرة المدينة .

[71] – في محافظة صلاح الدين يوجد من عناصر الشرطة حوالي 36 ألف منتسب ، لم يُطلقوا رصاصة واحدة بَل انسحبوا تاركين أسلحتهم وثكناتهم مع سماعهم لأخبار تقدم  التنظيم ووصوله إلى قَضاء الشرقاط. وأنسحب قائد الفرقة الرابعة المتواجدة في تكريت وهو ( كردي ) بأوامر صدرت إليه من حكومة كردستان ، ومعه ضباط الركن ، تاركين الضباط ذي الرتب الصغيرة والجنود بحالة من التخبط والضياع وبدون مرجعيات قيادية .ومن سخرية سقوط تكريت ما أشيع عن أن التنظيم قد سيطر عليها وأسقطها ب ( الهورنات – الهورن هو منبه السيارة )،مقارنتاً ببعض وحدات  الجيش والشرطة في غرب الموصل التي قاتلت وأستبسلت ولكن خيانة الضباط وتخليهم عن هذه الوحدات والأعداد القليلة من الجنود والشرطة وعدم إمدادهم بالعتاد والسلاح دَفعهم إلى ترك مواقعهم والانسحاب كالغالبية العظمى .

[72] – المؤامرة دبرها المالكي وساعده في تنفيذها القيادات العسكرية في نينوى وهم كل من ( الفريق مهدي الغراوي والفريق عبود قنبر والفريق علي غيدان )..

[73] – بينما كان أحد فنيين الكهرباء يعمل على تصليح إحدى المولدات الاهلية التي تزود المنازل بالكهرباء في أحد الاحياء غربي المدينة ، طلب منه صاحب المولدة الإسراع بأنجاز العمل ، وأستغرب هذا الفني وسأله عن السبب فأخبره أن التنظيم ( سيقتحم المدينة يوم الخميس القادم ! ؟ ) .

[74] – كان كُل من الغراوي وقنبر وغيدان يتفقون على شئ مع أثيل النجيفي ثم يقومون بعمل الشئ المعاكس لما اتفقوا عليه مع المحافظ الذي وثق بهم ولم يَعلم بما كان يَصلهم من المالكي من أوامر لأنهم  لابطلعونه ُعليها.

[75] – عند إنسحاب هيئة الضبط المشرفة والمسيطرة على ( سجن بادوش – يقع غرب الموصل ) مع الساعات الأولى لسقوط المدينة بيد التنظيم ، قامت بأصطحاب ( 12 ) نزيل من السجناء الخطرين المنتمين للتنظيم ، من بينهم والي منطقة البعاج ووالي منطقة بادوش وسلمتهم إلى الأمن الكردي ( الأسايش ) وأخبرتهم بخطورة هؤلاء ومناصبهم ضمن التنظيم ، وبعد ثلاث أيام قامت الأسايش بأعطاء كل فرد من هؤلاء مبلغ 50 دولار واطلقت سراحهم على مشارف الموصل .

[76] – ترافق تأخير تشكيل الحكومة العراقية مع كُل الانتخابات التي أجريت في العراق بعد عام 2003 ، وكذلك تأخر اختيار الأشخاص لشغل المناصب الأمنية المهمة كوزير الدفاع والداخلية اللذان ظَلا مشغولان بالوكالة في فترة حكم رئيس الوزراء نوري المالكي  ،، حتى أصبح موضوع التأخير وشغل المناصب الأمنية روتيناً متوقعاً من كل العراقيين ..

[77] – د . علي الوردي (ولد 1913 م –  توفى  1995 م ) .

[78]–  ذَكرت سابقاً أن التنظيم لَم يَفرضْ لبس ألخمارإلا متأخراً على النساء ولم يمنع بيع وشراء وتعاطي السكائر في قضاء (الحويجة) التابع لمحافظة كركوك،، والسبب بحسب رأيي هو أن هذا القضاء تابع ثقافياً وفكرياً للريف العراقي وليس مركزاً حضرياً كمدينة الموصل ، وأهل الحويجة منهم الكثير ممن انتموا للتنظيم مع بداية تأسيسه والأن ، وقال لي شَخص أن التنظيم لايرغب قي الصدام مع العشائر العربية ( عبيد – جبور .. وغيرهم ) هناك ،ولكن الصدام في الحقيقة وَقع عندما رَفَض شيوخ عشائر العبيد مبايعة التنظيم ، فقاموا بتفجير قبر شيخ عشيرة العبيد ( ناظم العاصي )، وهذا المرحوم فضلا عن كونه شيخ هذه العشيرة إلا أنه إشتهر بتدينه وكان يُسمى ب ( الملا )، وهو أحد أوجه الصراع العشائري الذي إتخذ طابعاً دينياً .كذلك وفي الغربية قام التنظيم بإعدام عشرات الرجال من عشيرة ( ألبو نمر ) بحجة عدم موالاتهم للتنظيم وانتماءهم للصحوة التي تقاتل ضد التنظيم ..

[79] – حَصل الصراع  والتصادم من النوع الشخصي والسياسي أيضاً ضمن مجلس محافظة نينوى لاسيما بين المحافظ أثيل النجيفي ألذي يعد من أهالي الموصل ( ألحَضير ) ومن عائلة ( ألنجيفي ) المعروفة بغناها في المدينة وكتلته وبين كتلة ألتأخي المحسوبة على التحالف الكردستاني بقيادة السيد ( خسرو  كوران ).. ومع المحافظ وعدد من أعضاء مجلس محافظة نينوى عن ألأقضية والنواحي والقرى

( ألجرياويين ) ، فبعد أن فقد المواطن الموصلي الثقة بالحكومة المحلية وبحكومة المركز عَزف الكثيرون عن الذهاب والتصويت في انتخابات (مجالس المحافظات )، فكان الإقبال على التصويت ضعيفاً،فوصل إلى مجلس محافظة نينوى عدد من ألأشخاص من ذوي ألأصول الريفية ألذين استخدموا ألقابهم وانتماءاتهم العشائرية في ألحملة ألانتخابية التي سبقت الانتخابات (فلان الجبوري ،، فلان العبيدي،، فلان الشمري ،، فلان المعماري .. إلخ ) ، ولم نجد أي من هؤلاء المرشحين يُصرح عن برنامجه ألإصلاحي فيما لو فازَ بالانتخابات ،، حتى المرشحين من ( الحَضير ) بدئوا  باستخدام هذه الانتماءات للحصول على أكبر قدر ممكن من أصوات الناخبين فحصل أن قَلَ عدد المرشحين عن أهالي  مدينة الموصل ( الحَضير )،، وفي مناطق نفوذ ألأكراد المسماة ( ألمناطق المتنازع  عليها )، أجبرت القوات ألأمنية الكردية المسيطرة على هذه المناطق والمسماة ب ( ألأسايش ) الناخبين على انتخاب القوائم الكردية حصراً، مع قيام هذه القوات بتزوير الانتخابات لصالح قوائم الأكراد في العديد من المراكز الانتخابية .

[80] – تألف الجيش العراقي بعد عام 2003 من ( 14 فرقة )، اثنان فقط من قادة هذه الفرق هم من أهل السنة ، أحدهما ناصر الغنام ، وَأشيع عن ناصر الغنام وعن سبب قُربه من رئيس الوزراء أن الغنام قَد تَشيع وأنه متزوج من أخت نوري المالكي وانه قَدم خدمات شخصية كبيرة للمالكي دفعت بالمالكي إلى تَعيينهُ بمنصب مهم هو قائد فرقة ، علماً أن الغنام من مواليد 1967 وزملائه في الكلية العسكرية لم تتجاوز رتبهم ال ( نقيب ) في عام سقوط العراق 2003 .

[81] – لم تنتهي حالة الصراع بين المحافظ أثيل النجيفي وقائد الفرقة 2 جيش عراقي حتى بعد نقل ناصر الغنام من قيادة الفرقة،إذ تجددت وأستمرت مع قائد الفرقة الجديد اللواء (مهدي الغراوي) .

[82] – لم يخلو تعامل الأكراد مع حكومة المركز في بغداد من الإنتهازية ومحاولة تحصيل أكبر المكاسب وتوسيع مناطق النفوذ على الأرض،فضلاً عن البحث وصنع المبررات لإنفصال إقليم كردستان عن دولة العراق.لاسيما من قبل (الحزب الديموقراطي الكردستاني) الذي يتزعمه السيد مسعود مصطفى البرزاني ( رئيس إقليم كردستان حالياً )،كما أن نفس التعامل مورس مع الحكومات المحلية للمحافظات ذات الحدود المشتركة مع محافظات إقليم كردستان العراق كديالى ونينوى،وأختلق ألأكراد قضية للصراع مع الحكومات المحلية عرفت ب ( ألأراضي المتنازع عليها )..

[83] – استقال قائد الفرقة 2 ناصر الغنام بعد مدة من تَمكن المحافظ بالتعاون مع إسامة النجيفي من نَقله إلى فرقة عسكرية تتمحور مهام عملها  خارج بغداد وصولاً إلى محافظة بابل وأطرافها،وعلل الغنام سبب استقالته  بلا مهنية الأوامر الصادرة إليه من القيادات العليا العسكرية وتدخل السياسيين في الشؤون العسكرية،وفشل المحافظ في الحفاظ على المدينة وضاع (حُلمه ) وأل النجيفي بحكم الموصل كما حكمها   (أل الجليلي 1726 – 1824م ) ،وغادر أعضاء مجلس المحافظة الفاسدين الذين فشلوا في إدارتها وتسيير شؤونها وتطويرها وتقدمها نحو الأفضل ، هاربين هم والمحافظ وبعض النواب  إلى إقليم كردستان ( أعداء الأمس ) مع الساعات الأولى لسقوط الجانب الأيسر من المدينة بيد التنظيم،تاركين منازلهم وأرصدتهم المصرفية وأملاكهم التي جمعوها من اموال الشعب ( مال حرام ) للتنظيم الذي صادرها، وتخلى  (نوري المالكي ) عن فكرة الولاية الثالثة لرئاسة مجلس الوزراء..

[84] – لاتستطيع أمريكا العيش بدون أعداء حتى أن هناك مقولة شائعة يتداولها الأمريكان تقول ( إصنع لك عدواً وغَذي حقده )، وهكذا ومنذ إنهيار الإتحاد السوفيتي في تسعينيات القرن الماضي ، بدأت الولايات المتحدة تبحث عن عدو حتى وَجدتهُ  في ( الإسلام ) ألذي كان إلى الأمس الصديق الأقرب للولايات المتحدة والغرب في حربهم الباردة مع الإتحاد السوفيتي والفكر الشيوعي الماركسي،فألأمريكان مَثلاً بالأمس هم ألذين ساعدوا ( طالبان ) في أفغانستان في حربها ضد الإتحاد السوفيتي ،والأن هم ألذين يقاتلوها.

[85] – مع الأيام الأولى لإقتحام المدينة من الجزء الغربي وتحديداً في حي 17 تموز ، وقبل أن تسقط المدينة بالكامل وبينما كان أحد أفراد التنظيم من ال300 الذين إقتحموا الموصل قادمين من سوريا ومن الجزيرة والغربية ، يَنوي الصلاة وشَمّر عن ساعديه للوضوء ( ظهر ) وشم مكتوب عليه ( أبو الفضل العباس ! ؟ ) ..وبحسب رأيي أعتقد أن مصلحة إيران في قضية سقوط الموصل يتمثل في محاولتها تأمين طريق بري ( إيران – تلعفر –  بلاد الشام )  عبر أراضي أهل السنة ، وأبتدأت وبوساطة الميليشيات الموالية لها هذا المشروع  في منطقة جلولاء وغيرها من المناطق السنية الحدودية التابعة لمحافظة ديالى إذ قامت بتغيير ديموغرافية هذه المناطق وتهجير سكانها ، فالمعروف عن تلعفر انها تضم سكان تركمان شيعة ،، والغاية والهدف من ذلك هو نشر الفكر الشيعي ( تصدير الثورة ) وتغلغل النفوذ والسيطرة وتقديم الدعم اللوجستي والعسكري لحلفائها في سوريا ولبنان. وتطويق العربية السعودية والضغط عليها .

كذلك فأن لأيران ثأراً مع أهل السنة من نينوى وتكريت والأنبار وديالى يعود إلى حرب الاعوام الثمان ( 1980 – 1988 ) حرب الخليج الأولى ،، فأغلب الضباط والطيارين الذين قاتلوا إيران في تلك الحرب وأذاقوها الأَمْرين هم من أهل السنة من هذه المحافظات .

وهنا يبدو لي أن ( روما وفارس ) تتفقان لأول مرة .

[86] – في عام 1973 أعلن العراق عن تأميم نَفطه من إحتكارات الشركات الأجنبية ، ومنذ ذلك الحين أدخل العراق بشتى أنواع الصراعات الدموية الداخلية والخارجية المتسلسلة إلى يومنا هذا ، المعروفة في تأريخه  المعاصر ، إبتداءً من التمرد الكردي في شماله الذي إنتهى بإتفاق الجزائر عام 1975.. علماً أن العراق وليبيا لَم يوقفا تصدير النفط للغرب عندما إستخدم العرب النفط سلاح في المعركة في عام 1973، فتجمعت أموال  طائلة في خزينة الدولة العراقية كان من نتيجتها توريط العراق في حَرب مع الجارة إيران أستمرت لثمان سنوات سميت ب ( حرب الخليج الأولى )، إستنزفت كلا البلدين وكان من أحد نتائجها تَدخل العراق عسكرياً وإحتلال الكويت وتدخل قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لإخراج العراق بالقوة من الكويت وسميت ب ( حرب الخليج الثانية )، ثُم تدخل الولايات المتحدة لإسقاط حكومة البعث بقيادة الرئيس صدام حسين بحجة أسلحة الدمار الشامل التي كان يمتلكها وطورها العراق في حرب الخليج الأولى .. فسقطت بغداد  في 9 / 4 / 2003 ومعها بقية محافظات العراق في (حرب الخليج الثالثة )،، وهكذا تحولت خيرات هذا البلد لاسيما ( النفط ) إلى نار ودمار وموت وأتت للعراق شَعباً وأرضاً بالمصيبة تلو الأخرى ..

[87] –  بَعد سقوط الموصل قامت الولايات المتحدة هي وبعض الدول الغربية  بإرسال عدد من الجنود كمستشارين قتاليين وكمدربين  ،، بدأت أعدادهم تتزايد يوم بعد الأخر،فضلاً عن إرسال مختلف أنواع الأسلحة للعراق بناءً على طلبه،، وأيضاً إلى إقليم كردستان العراق الذي يَشهد نمواً ورخاءً إقتصادياً كبيراً، كما شَكلت عدد من الدول الغربية تحالفاً بقيادة الولايات المتحدة بدعوى محاربة الإرهاب وأن تنظيم الدولة سيمتد خطره إلى هذه الدول ،، متخذين من سقوط الموصل وبعض المحافظات العراقية السنية الأخرى مبرراً لهذه الخطوات وهذا التحالف الجديد .. هذا إذا عَلمنا أن تنظيم الدولة الإسلامية يُسيطر على ( محافظة الرقة السورية ) منذ أكثر من ثلاث سنوات ، كما توجد العديد من التنظيمات المصنفة على أنها إرهابية  تقاتل على الأرض السورية ولم تُحرك أي من دول الغرب ولم تُفكر حتى بالتدخل عسكرياً لحسم الصراع الدموي في هذا البلد لصالح أي كان من الأطراف .. فَهل لأنه بلد فقير؟؟..

[88] – في خاتمة هذه المقالة والتعليقات والهوامش أقول .. أن الله عزوجل ولحكمة يعلمها لَم يَشأ أن يَرزق سينا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) بذرية من الذكور ،، ولو فَعل ذلك لأبتليت الأمة العربية – الإسلامية بعدد لايحصى من مجهولي النسب كامثال ( علي بن محمد – صاحب ثورة الزنج 869-882 م) و ( صدام حسين – الرئيس العراقي السابق 1937 – 2004 م ) و ( أبو بكر البغدادي – زعيم التنظيم – 1974 م – ؟؟؟ )، ألذين يدعون ان نَسبهم يعود إلى أل البيت الأطهار ( سيدنا علي وأولاده ) .

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى