مقالات

العلامة الحسيني:الشيعة العرب وعلاقتهم بالامن القومي العربي

بقلم :العلامة السيد محمد علي الحسيني

الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان.

التأمل في البناء الديموغرافي العربي و کيفية التوزيع الملفت للنظر للطوائف الاسلامية و خصوصا الشيعة العرب في الخليج العربي و العراق و اليمن و لبنان وسوريا ، تلفت النظر الى الاهمية الاستثنائية التي سيحظون بها في حال تم إستخدامهم او توظيفهم في أية مشاريع او مخططات سياسية ـ أمنية سلبية قد تستهدف أمن و استقرار منطقة الشرق الاوسط عموما و تلك البلدان خصوصا.

الشيعة العرب، ملف و موضوع بالغ الاهمية و الحساسية و الخطورة لکن و للأسف البالغ لم يتم حتى الان إيلاء هذا الملف المؤثر على أمن و استقرار المنطقة الاهمية اللازمة وانما ظل هذا الاهتمام محصورا في إطار”نظري”و”معنوي” واقصى حد “اعلامي” يتسم بنوع من الانفصام و التباعد تماما عن الواقع و الحقيقة.

صيرورة قسم ليس بقليل من الشيعة العرب بمثابة”سکينة خاصرة”للأمن القومي العربي من خلال الاستغلال الاستثنائي لهم من جانب نظام ولاية الفقيه و جعلهم رأس الحربة في مشروعه الخاص الذي يستهدف فيما يستهدف دول المنطقة برمتها(عربية و اسلامية)، ساهم و يساهم و بصورة ملفتة للنظر في تغيير المعادلة السياسية ـ الامنية القائمة في المنطقة وجعلها في غير صالح شعوب و دول المنطقة.

تحريض الشيعة العرب دينيا و إعلاميا و سياسيا وأمنيا و إستغلالهم تحت ذريعة “الظلم الطائفي” الذي لحق و يلحق بهم، ومع إقرارنا بأن هنالك فعلا ثمة ظلم في الحقوق قد لحق بالشيعة العرب في البلدان آنفة الذکر، لکننا في نفس الوقت نجد أن نظام ولاية الفقيه قد نجح أيما نجاح في إستغلاله و توظيفه لصالح مشروعه و بإعتقادنا لو أن دول المنطقة قد بادرت الى إصلاح الخلل الجانبي و إنصاف الشيعة العرب، فإنه کان بالامکان جعل مساحة المناورة و اللعب للنظام الايراني أضيق بکثير من تلك المهيأة له في الوقت الحاضر.

إلقاء نظرة على المحاولات المشبوهة التي بذلها نظام ولاية الفقيه في المنطقة الشرقية بالسعودية و البحرين، وتحريضه و تأليبه لبعض الشيعة فيهما للتحرك بسياقات و إتجاهات محددة کالسعي لإنفصال المنطقة الشرقية عن السعودية او إستنساخ كمليشيا حزب الله في الكويت والبحرين، تخدم المشروع الايراني  و تمنحه المزيد من القوة و الثبات بوجه دول المنطقة و العالم، ولعل تشکيل خلايا أمنية منها نائمة ومنها فعالة في بلدان الخليج العربي و ماقد تم کشفه لحد الان، يجب أن يکون کافيا من حيث المنطق لکي يتم العمل الجاد و الدؤوب من أجل إحتواء هذه المساعي المشبوهة و تحجيمها قبل أن تستفحل و تخرج عن دائرة السيطرة.

الاحداث التاريخية أفضل مدرسة يمکن من خلالها أخذ الدروس و العبر المفيدة و البليغة من أجل مواجهة إشکالات الحاضر و أزمات و معضلات المستقبل، وان إستذکار ماقد جرى للکويت أثناء الحرب الايرانية ـ العراقية و المحاولات التي بذلها النظام الايراني من أجل زعزعة أمن و استقرار الکويت خصوصا من خلال محاولة  إغتيال الامير و عملية خطف الطائرة وبالامس القريب الكشف عن مخزن الاسلحة المهرب من قبل حزب الله من اجل زعزعة امن واستقرار الكويت او ماقد جرى بالنسبة للبحرين حيث جرت محاولات الانقلاب على الحکم حيث تم تدريب ومؤخرا مد المتآمرين عبر البحر بالاسلحة و المخططات المشبوهة لتنفيذ النوايا السوداء ضد شعب البحرين ، کل هذا يجب أن يکون عامل توعية و إنتباه و عدم إغفال للمساعي المختلفة التي يبذلها هذا النظام في الوقت الحاضر من أجل إيجاد المنافذ المناسبة له کي يدخل و ينفذ مخططاته المشؤومة.

ماجرى في العراق ويجري اليوم في اليمن، من السذاجة و السطحية في الفهم السياسي للأمور لو اعتقده البعض على أنه مجرد شأن يمني داخلي، ذلك أن جماعة الحوثي و الميليشيات و الجماعات و الاحزاب الشيعية المسلحة في العراق و سوريا و لبنان والبحرين، کلها مؤتمرة بأمر نظام ولاية الفقيه و تتحرك وفق الاوامر الصادرة لها من طهران، وان وصول النظام الايراني الى اليمن من خلال جماعة الحوثي التابعة له يجب أن يکون رسالة أکثر من واضحة لدول الخليج العربي من أن الهدف الاهم ليس اليمن وانما أبعد من ذلك.

في ضوء الذي حدث و يحدث و التطورات و المستجدات الحاصلة في دول المنطقة و المخطط المشبوه الذي يقوم نظام ولاية الفقيه بتنفيذه بخصوص الشيعة العرب و جعلهم أداة و وسيلة من أجل تحقيق أهدافه و غاياته، فإننا نعتقد بأن الوقت قد حان کي نعترف بأن للشيعة دور حساس و مفصلي في قضية الامن القومي العربي وان لايتم التعامل معهم بعقلية أمنية بوليسية و الاعتراف بأن لهم حقوق وعليهم واجبات کما هو الحال مع المواطنين الاخرين في بلدهم و يجب العمل من أجل تحاشي التعامل معهم وفق معيار مواطن درجة ثانية، وان إسترجاع الشيعة العرب”المتأثرين بإيران” يتم من خلال غرس مفهوم المواطنة فيهم من خلال الاعتراف بهم کمواطنين درجة اولى و بالتالي جعلهم شرکاء في الوطن و جعلهم يصلون الى قناعة أن ولائهم الاساسي يجب أن يکون لأوطانهم و ليس لإيران او أية جهة أخرى وان الذين يدين بغير هذا الولاء انما يرتکب خيانة عظمى يجب أن يحاسب عليها.

الامن القومي العربي، کل لايمکن تجزأته او تبعيضه وان الحاجة ماسة کي نتکاتف و نتعاون مع بعضنا البعض إنطلاقا من قوله تعالى”و تعاونوا على البر و التقوى ولاتعاونوا على الاثم و العدوان”، ويجب أن تتوحد الجهود من أجل تنظيف و تطهير بلداننا من جراثيم و مخلفات و قاذورات نظام ولاية الفقيه، ونحن كمجلس اسلامي عربي وانطلاقا من قوله تعالى:(وتعاونوا على البر والتقوى)على إستعداد تام لتقديم المساعدة والمشاورة والعون في مختلف المجالات الخاصة بملف شيعة العرب ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى