الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

هجمات “بوكو حرام”تكتيك يهدف الى ترهيب التحالف الإفريقي

ردّ عنيف من قبل المجموعة النيجيرية تبلور من خلال هجوم انتحاري مزدوج نسب إليها، واستهدف، أمس الأحد، بلدة “كانغاليري” أقصى شمالي الكاميرون، على الحدود مع نيجيريا، وأسفر عن مقتل 10 مدنيين كاميرونيين. وهذه القرية تندرج ضمن المجال العسكري للتحالف الافريقي. وقبلها بيوم، أي أول أمس السبت، قتل 41 شخص وأصيب 48 آخرون بجروح، في انفجارات ثلاثة هزّت بلدة “باغا سولا” المطلّة على بحيرة تشاد (تشاد)، بحسب الحصيلة الرسمية. استهداف يستبطن أكثر من بعد بالنسبة لبلد يعتبر رأس الحربة في القوة الافريقية المشتركة للقضاء على “بوكو حرام”.

وجاءت هده الهجمات بعد يومين من إعلان الكاميرون رسميا عن إرسال 500 جندي إلى تشاد كدفعة اولى من القوات الكاميرونية التي ستقاتل بوكو حرام في منطقة بحيرة تشاد الى جانب القوات التشادية في إطار القوة الإفريقية المشتركة.

التغطية الإعلامية المكثّفة التي رافقت بدء انتشار القوة الإفريقية المشتركة، في حوض بحيرة تشاد، للتصدي لهجمات جماعة “بوكو حرام”، أثارت حفيظة عناصر المجموعة المسلّحة وتسبّبت في شنها سلسلة هجمات دامية اوقعت أكثر من 50 قتيلا في الأيام الأخيرة، في تكتيك يهدف إلى “بث الرعب” في النفوس واتباع تكتيك “ترهيب” التحالف الإفريقي من خلال تذكيره بأنّ شراسة الحرب معها ستكون فوق المتوقّع، بحسب دجيبي دياكاتي، الأستاذ بجامعة الشيخ أنتا ديوب بالعاصمة السنغالية داكار.

دياكاتي، الخبير المتخصص في النزاعات والأمن، أوضح، في حديث للأناضول، إنّ المجموعة النيجيرية ترمي، عبر استهدافها وتكثيف هجماتها، إلى ترهيب التحالف، وإلى إعلام الرأي العام الدولي أنها لا تتقدّم في مجال محتلّ، مشيرا إلى أنّ “هذه هي طريقة أو أسلوب بوكو حرام للإعلان عن حدود مجالها، وإبراز تواجدها فيه، وبأنها قادرة على التأثير في مجريات الأمور فيه، وهي أيضا وسيلتها لترهيب وتخويف التحالف الإفريقي واستقطاب اهتمام العالم”.

دياكيتي لفت أيضا إلى أنّ “سياسة الترهيب والبلطجة تعدّ من العناصر الهامة في تكنيكات الجماعات الإرهابية، بما أنّ الأخيرة لا تمتلك دائما الوسائل اللازمة لتحقيق أهدافها”.

وبحسب المحلّل السنغالي، فإنّ قادة كلّ من الكاميرون والنيجر وبنين وتشاد ونيجيريا، أعلنوا، منذ عدّة أشهر، نشر قوّة إقليمية قوامها 10 آلاف و500 رجل للقضاء على المجموعة المسلّحة الناشطة بشكل خاص في حوض بحيرة تشاد. إعلان لقي، حينذاك، ترحابا من قبل الرأي العام الإقليمي وحتى الدولي، غير أنه لم يكن “مناسبا” على حدّ تعبير دياكاتي، ذلك أنّ “عملية الانتشار لا ينبغي أن تحظى بكلّ تلك الدعاية التي رافقتها”، يتابع الخبير السنغالي، و”إنما كان من المفترض أن تحدث بشكل مفاجئ تقريبا، لأن إعلانا مماثلا يجعل من عملية التقدّم تتم على أرض ملغومة باعتبار تواجد منظمة إرهابية في المكان”.

وزير الدفاع الكاميروني، إدغار آلان ميبي، قال، في مقابلة مع الأناضول، أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، إنّ “القوة المشتركة متعددة الجنسيات أضحت “أخيرا جاهزة”، عقب أشهر من الانتظار، مرجعا تعثّر انتشار التحالف إلى “بعض القرارات التي كان ينبغي اتخاذها قبل ذلك”.

انتظار الضوء الأخضر من الأمم المتحدة لا يعدّ، بحسب دياكاتي، سوى “حجّة يدفع بها إلى الواجهة لتبرير التأخير خاصة ان ذلك ليس مطلوبا إلا في حالة توسيع التحالف ليأخذ بعدا دوليا، بما أنّ واقع الأمر يشي بأن تلك البلدان (الأعضاء في التحالف ضدّ بوكو حرام) تعاني من نقص في التحضيرات في وقت تمتلك فيه بوكو حرام عتادا وصفوفا قوية ومنظمة، ومن هنا، فإنّ الدخول في مواجهات مع العناصر المسلحة يفرض اعتماد استراتيجية، وجمع التمويلات اللازمة، غير أنّه لم يتم حتى الآن تسوية جميع هذه الأولويات”.

وحذّر دياكاتي من أنّ الاستعداد متوفّر، وبشكل يخلق مفارقة لافتة، لدى التنظيم المسلّح، نظرا لقدرة الأخير على “اختراق الجيوش والمؤسسات، للحصول على المعلومات”، مشيرا إلى أنه “منذ إعلان ولاء عناصر أبو بكر شيكاو (زعيم بوكو حرام) لـ (ما يعرف بـ) الدولة الإسلامية، في مارس/ آذار الماضي، فإنه من المرجح جدا أن الفرع الإقليمي الجديد تمكّن من الحصول على الدعم اللوجستي والمالي من التنظيم الإرهابي”. تقارب خلص الخبير إلى أنه يطرح مخاطر ” تتمخّض عن التحالفات بين تلك الفصائل التي لا تزال حتى الآن منطوية على نفسها، ولكنها ستتحالف لتشكيل جبهة ضدّ الجيوش النظامية”.

ومع أنّ العديد من الأطراف الدولية أبدت دعمها للحرب ضدّ “بوكو حرام”، إلاّ بلدان حوض بحيرة تشاد، والتي تخوض عمليات عسكرية ضدّ المجموعة المسلحة منذ فبراير/ شباط الماضي، “غير مستعدّة بما يكفي، وبوكو حرام تدرك ذلك جيدا، ولذلك، فقد أطلقت العنان لهجماتها لإضعاف التحالف الإفريقي”.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى