مقالات

نيوهامشير الجمهورية ضد نيوهامشير الديمقراطية

بقلم: محمود جمال

أفرزت النتائج النهائية للإنتخابات التمهيدية الأمريكية بولاية نيوهامشير New Hampshire عن مدى التناقض والإنقسام الذي يعيشه المجتمع الأمريكي حيث وصل للإنقسام التام إلى اليسار واليمين وتلاشي منطقة الوسط وهذا ماأظهرته نتائج ولاية نيوهامشير التي صعدّت المتطرف الجمهوري دونالد ترامب بنسبة 36% بفارق 20% تقريباً عن أقرب منافسيه واليساري الديمقراطي ساندرز بنسبة 60.5%  بفارق 20% تقريباً عن غريمته هيلاري كلينتون،وهذا الفارق الكبير يعزز من التناقض الواسع الذي عاشته ولاية نيوهامشير الثلاثاء الماضي في حالة قد تكون فريدة من نوعها بالنسبة للإنتخابات الأمريكية وقد تظهر نتائجها كذلك في النتائج النهائية على مستوى الحزبين وفي هذه الحالة ووفقاً لمتابعين للشأن الأمريكي أنه سيكون ولأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة بعد المؤسس جورج واشنطن للمستقلين دوراً خارج الأحزاب التقليدية.

يسعى ترامب جاهداً للوصول للبيت الأبيض فقط لإلغاء قانون الرعاية الصحيةObamacare  وإصدار مزيداً من السياسات التي تدعم توحش الرأسمالية بإعتباره ووفقاً لأرائه يمثل الرأسمالية في أبشع صورها فضلاً عن كونه رجل أعمال يُحسَب على مليارديرات عالم المال والأعمال ،وعلى النقيض من ذلك تماماً فاز ساندرز اليساري بترشيح الحزب الديمقراطي في الولاية نفسها حيث أنه يسعى ليس فقط للإبقاء على قانون الرعاية الصحية بل توسيعه ليضم جميع الأمريكيين فضلاً عن تبنيه لسياسات تدعم توسع دور الدولة في تحقيق الرعاية الصحية والإجتماعية وصولاً إلى سعيه لتحقيق مجانية التعليم بشكل تدريجي وهذا ماينتفي جملة وتفصيلاً ليس فقط مع سياسات الحزب الجمهوري بل مع سياسات الحزب الديمقراطي نفسه وغريمته هيلاري كلينتون التي لم تتوانَ في إتهامه بأنه يسعى لثورة إجتماعية عارمة بالمجتمع الأمريكي قد ينتج عنها إلغاء قانون الرعاية الصحية نفسه بسبب ماستُحدثه هذه السياسة من جدلٍ واسع،وإعتبر ساندرز نفسه فوزه بمثابة ثورة سياسية ستزيد من حجم المشاركة السياسية .

جدير بالذكر أن ساندرز في حال فوزه سيكون أول يهودي يدخل البيت الأبيض فضلاً عن أنه سيكون أول رئيس أمريكي فعلياً مُعادي للسامية وفقاً للتصنيفات الإسرائيلية ولكن حالت ديانته اليهودية بينه وبين هذا الإتهام الذي تسوقه حكومات تل أبيب ضد كل من يعادي سياستها الإستيطانية والتمييزية بالأراضي الفلسطينية المحتلة ويعد ساندرز من الداعين وبقوة لفكرة حل الدولتين فضلاً عن إنتقاده المستمر لحكومة نتياهو ورفضه لحضور خطاب نتنياهو بالكونجرس الأمريكي مارس الماضي،بل وتوجيهه كلمات لازعة له حيث قال له ” منّ يصنع السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وليس رئيس وزراء إسرائيل ” .

ومع كل ذلك مازال الوقت مبكراً للحكم على النتائج التمهيدية للإنتخابات الامريكية حيث لكل مرشح كتلته الصماء التي تؤيده وولاياته التي تدعمه .

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى