التدخل الإسرائيلي في أفريقيا وتأثيره على الأمن القومي المصري “دراسة حالة إثيوبيا”
إعداد الباحث : عبدالرحيم شعبان أحمد نوبي محمد – المركز الديمقراطي العربي
الفهرس:
المقدمة……………………………………………………………………….2.
المشكلة البحثية……………………………………………………………..2.
أهمية الدراسة……………………………………………………………….3.
تحديد الدراسة………………………………………………………………4.
الأدبيات……………………………………………………………………4.
الإطار النظري……………………………………………………………..14.
تقسيم الدراسة……………………………………………………………..20.
الفصل الأول: تمهيدي……………………………………………………….21.
المبحث الأول: أهداف التدخل الإسرائيلي في أفريقيا……………………………22.
المبحث الثاني:. أسس ومعطيات الأمن القومي المصري…………………………..29.
الفصل الثاني: أثر التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا علي الأمن المائي المصري…………37.
المبحث الأول: أثر التدخل السياسي الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن المائي المصري…..38.
المبحث الثاني: أثر التدخل الإقتصادي الإسرائيلي في إثيوبيا علىالأمن المائي المصري…34.
الفصل الثالث: أثر التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن العسكري المصري……….56.
المبحث الأول: أثر التدخل السياسي الإسرائيلي في إثيوبيا علىالأمن العسكري المصري….57.
المبحث الثالث: أثر التدخل الإقتصادي الإسرائيلي في إثيوبيا علىالأمن العسكري المصري.64.
الخاتمة …………………………………………………………………. 70.
التوصيات………………………………………………………………….73.
المراجع……………………………………………………………………74.
المقدمة:
لم تكن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنايهو لبعض دول شرق ووسط أفريقيا في يوليو 2016 مفاجئة لمتابعين الدور الإسرائيلي في أفريقيا([1])، إلا أن هذه الزيارة كانت تحمل في طياتها مطالبة إسرائيل بأن تصبح عضوا مراقبا في الإتحاد الأفريقي، من أجل توطيد مسألة تعمقها في القارة السمراء، والعديد من الإتفاقيات بين إسرائيل وتلك الدول الأفريقية من أجل أن تصل إسرائيل لأهدافها في تلك القارة.
إسرائيل ومنذ تأسيسها وهي تسعى للتدخل في إفريقيا؛ وذلك كله في سبيل الإضرار بالأمن القومي العربي عموما، والمصري خصوصا، ومن أبرز العلاقات الإسرائيلية – الأفريقية العلاقات الإسرائيلية الإثيوبية، حيث أن إثيوبيا أصبحت ذراعا قويا لإسرائيل في منطقة القرن الأفريقي، والآن فإن تأثير التدخل الإسرائيلي في أفريقيا له أبعاد كثيرة على الأمن القومي المصري، ومن هنا نحاول أن نتعرف على هذا التدخل، وكيفية تأثيره على الأمن القومي المصري، وبالخصوص بعد الإستمرار في بناء سد النهضة، ووجود جزء من التمويل الإسرائيلي لهذا السد، ولأن الأمن القومي المصري أصبح مهددا وبشكل كبير من هذا الخطر القادم من الجنوب بدعم من إسرائيل، ومن هنا يجب علينا أن نتفهم الأسس والمعطيات التي يقوم عليها الأمن القومي المصري، وأهداف هذا التدخل الإسرائيلي في أفريقيا، ومعرفة آثار هذا التدخل على مصر، وذلك كله في سبيل إقتراح سبلا للوصول لطرق صد هذا المد الصهيوني في القارة الأفريقية وللحفاظ على الأمن القومي المصري.
المشكلة البحثية:
مما لا شك فيه أن القارة الأفريقية كانت وما تزال مطمعا للقوى الإستعمارية، وذلك منذ حركة الكشوف الجغرافية في القرن السادس عشر، وحقيقة نجد أن القارة الأفريقية لم تكن جديدة في الفكر الصهيوني، إذ أنها كانت موجودة في أفكار ورواد الحركة الصهيونية حتى قبل تأسيس الدولة عام 1948([2])، وتتعدد الأسباب التي تجعل إسرائيل تتدخل في القارة الأفريقية([3])، فإسرائيل تحتاج إلى المزيد من التأمين لأمنها الإقليمي وخصوصا في بعده الأفريقي، كذلك فإنها تحتاج أيضا إلى تحقيق بعض الأهداف الإقتصادية في تلك المنطقة([4])، أضف إلى ذلك أن القارة الأفريقية هي قارة المستقبل فكما يقولون أن هذا القرن هو أفريقي بالأساس، وذلك نظرا لما تمتلكه هذه القارة من مقومات لتحقيق النهوض الشامل في شتى المجالات، كما أن إسرائيل هي العدو التاريخي للعرب عموما ولمصر خصوصا، ورغم وجود حالة من التطبيع بين مصر وإسرائيل إلا أن هذا التطبيع يتسم بوجود السلام البارد والتنافس على المستوى الإقليمي، فمن هنا نجد أن إسرائيل تسعى للإضرار بالأمن القومي المصري عن طريق ضرب المصالح المصرية في أفريقيا.
إذا فالعامل الخارجي له دور كبير في الإضرار بالأمن القومي للدول، ومن هنا تتولد الإشكالية البحثية التي نحن بصدد الخوض فيها، فيكون السؤال العام المجرد هو لماذا يؤثر العامل الخارجي علي الأمن القومي للدول؟، ويكون سؤالنا التطبيقي هو لماذا يؤثر التدخل الإسرائيلي في أفريقيا علي الأمن القومي المصري مع التطبيق علي دولة إثيوبيا؟، ومن هنا تتولد الأسئلة الفرعي للدراسة وهي:
ما هى أهداف السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا؟
ما هى ما هي أسس ومقومات الأمن القومي المصري ؟
لماذا يؤثر التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا علي الأمن المائي المصري؟
لماذا يؤثر التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا علي الأمن العسكري المصري؟
كيف يمكن لمصر مواجهة التدخل الإسرائيلي في إفريقيا؟
أهمية الدراسة:
الأهمية العلمية:
إن دراسة العامل الخارجي في التأثير علي النظم الإقليمية هو من أهم الدراسات التي تظهر نوع من التأثيرات التي تحدث في الأنظمة الداخلية للدولة، وتزداد أهمية هذه الدراسة علميا في معرفة أهمية العامل الخارجي في النظم الإقليمية، ومن هنا تتولد الأهمية العلمية للموضوع محل الدراسة.
الأهمية العملية:
تأتي الأهمية التطبيقية لهذه الدراسة في أنها تقوم بتطبيق دراسة التدخل الخارجي في أفريقيا علي الأمن القومي المصري، وذلك بالتطبيق علي دولة إثيوبيا، وذلك يرجع إلي أن إثيوبيا دولة من الدول ذات التأثير المباشر علي الأمن القومي المصري؛ نظرا لارتباطها التاريخي بمصر، وكذلك لأنها تمثل مصدر المياه الصيفية لمصر، كما أنها تمثل تهديدا للأمن القومي المصري في الوقت الحالي.
أضف إلي ذلك أن القارة الأفريقية عموما هي قارة المستقبل، ومن ثم نجد أن هذه القارة تحتاج إلي فهم طبيعتها وذلك للتنبؤ بدور إسرائيل الذي تحاول أن تلعبه فيها، والتنبؤ بتأثر الأمن القومي المصري بذلك التدخل في أفضل وأسوأ سيناريوهاته، كما أن هذه الدراسة تتناول فترة زمنية حديثة نسبيا مما يزيد من أهميتها.
تحديد الدراسة:
التحديد المجالي:
تقع هذه الدراسة في مجالين متقاطعين هما العلاقات الدولة وتظهر في المتغير المستقل وهو التدخل الإسرائيلي في أفريقيا، وحقل النظم السياسية في المتغير التابع وهو الأمن القومي المصري.
التحديد الزماني:
تتحدد فترة هذه الدراسة في الفترة الممتدة ما بين عامي (2011-2015)، فالعام 2011 في مصر كانت نقطة تحول في العلاقات المصرية الإثيوبية، وذلك بسبب بداية إعلان إثيوبيا بناء سد النهضة بمساعدات خارجية ومنها مساعدات إسرائيلية، وفترة نهاية الدراسة هو عام 2015 وهو العام الذي استمرت فيه المفاوضات المصرية الإثيوبية حول سد النهضة، كما أن هذا العام شهد زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لإثيوبيا للحوار حول العلاقات بين البلدين.
التحديد المكاني:
تتحدد أماكن هذه الدراسة في دولة أثيوبيا وهي الدولة التي تدور حولها المنافسة بين إسرائيل ومصر للسيطرة عليها، للحفاظ علي الوضع القائم ومحاولة إسرائيل الإضرار بالأمن القومي المصري من خلالها.
الأدبيات السابقة:
أولا: الأدبيات التي تناولت التدخل الإسرائيلي في أفريقيا ودول أخري:
- هناك دراسة بعنوان دور المؤسسة العسكرية في صنع السياسية الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا بعد انتهاء الحرب الباردة ([5])عام 1991، ويتحدث فيها الباحث عن عملية صنع السياسة الخارجية الإسرائيلية ومحدداتها ودور المؤسسة العسكرية في صنعها، وعن تداعيات السياسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية تجاه أفريقيا. ولقد استخدم الباحث في هذه الدراسة منهجين هما المنهج البنائي الوظيفي ومنهج صنع القرار وذلك لأن الأول يركز في أحد عناصره علي الوظائف والأدوار التي تؤديها النظم السياسية والثاني يتناول عملية صنع القرار داخل المنظمات السياسية.
ولقد توصل الباحث في نهاية دراسته إلي أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية هي التي قامت ببناء الدولة وليس العكس؛ فبالتالي فإن لها اليد العليا في عملية صنع السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا، ولقد نجحت في إختراق أفريقيا عسكريا وأمنيا. إلا أن هذه الدراسة لم تتحدث عن التدخل الإسرائيلي في أفريقيا قبل عام 1991، كما أنها تناولت مؤسسة واحدة تؤثر في صنع السياسة الخارجية الإسرائيلة تجاه أفريقيا. ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة الدور والأهداف التي تسعى إليها المؤسسة العسكرية ف أفريقيا، وكذلك معرفة تطور وسائلها لهذا التدخل وهل تغير الدور والأهداف قبل وبعد الحرب الباردة.
- توجد دراسة بعنوان السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه منطقة القرن الأفريقي منذ عام 1990-2001([6])، وتناولت هذه الدراسة أجهزة صنع القرار في السياسة الخارجية الإسرائيلية وتطورات تلك السياسة فيما بعد الحرب الباردة، واستخدمت الباحثة في هذه الدراسة منهجين هما المنهج البنائي الوظيفي وذلك للتركيز علي الوظائف والأدوار التي تقوم بها النظم السياسية، ومنهج صنع القرار لأنه يتناول عملية صنع القرار في المنظمات المنوطة بالعملية السياسية.
توصلت الباحثة في نهاية الدراسة إلى أن عملية صنع السياسة الخارجية الإسرائيلية يضع القدر الأكبر منها رئيس الوزراء، وأن طبيعة قرارات السياسة الخارجية الإسرائيلية مرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير، وأن هناك علاقة عكسية بين كل من التعاون العربي الأفريقي والإسرائيلي الأفريقي وأن إثيوبيا هي الدولة التي تحتل القدر الأكبر من الإهتمام الإسرائيلي في منطقة القرن الأفريقي، إلا أن هذه الدراسة توقفت عند عام 2001، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة أسباب اهتمام وتركيز إسرائيل على التعاونخصوصا مع إثيوبيا، وكذلك مراحل تطور هذا التعاون.
- هناك أدبية بعنوان التغلغل الإقتصادي الإسرائيلي في أفريقيا([7]) وتحدث الباحث في هذه الأدبية عن المرتكزات الأساسية للتدخل الإقتصادي الإسرائيلي في في أفريقيا وأسبابه والقطاعات الأساسية التي تتدخل فيها إسرائيل في أفريقيا ومعوقات هذا التدخل، واستخدم الباحث في هذا الكتاب مناهج إقتصادية تتعلق بتحليل المقدرات والموارد الإقتصادية، وتحليل العناصر الإقتصادية الجاذبة للإستثمار.
وتوصل الباحث في نهاية دراسته إلي أن إسرائيل من خلال مخططها للتغلغل في القارة الأفريقية تهدف إلي البحث عن الأصدقاء والكسب السياسي لتوكيد الأمن والوجود الإسرائيلي، وأنها تركز علي تقديم الدعم المادي والإقتصادي والفني للدول الأفريقية لتحقيق أهدافها، إلا أن هذه الدراسة توقفت عام 1972, ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة الأسباب الإقتصادية للتدخل الإسرائيلي في أفريقيا.
- هناك دراسة بعنوان البعد المائي في الصراع العربي الإسرائيلي: دراسة للسياسات الإسرائيلية تجاه نهري اليرموك والليطاني([8])، وتناولت هذه الدراسة أهمية المياه بالنسبة لإسرائيل، وكذلك الأطماع الإسرائيلية في نهري اليرموك والليطاني في ضوء مشروع إسرائيل 2020، واستخدمت الباحثة في هذه الدراسة منظور تحليل الهيدروبولتيكس وذلك لأن الدراسة تجمع ما بين علم السياسة وعلم الهيدرولوجيا – علم حركة المياه -، بالإضافة إلى منهج تحليل النظم لتحليل المدخلات وعلاقتها بمخرجات االنظام السياسي ودراسة تأثير بنية النظم علي أدائها.
توصلت الباحثة في نهاية دراستها إلى أن قضية المياه من أخطر القضايا التي تمس الوطن العربي وأنها قضية تفرض نفسها علي كثير من حاضرنا ومستقبلنا ويجب أن نوليها اهتماما أكبر في الفترة الحالية، وتوحيد الجهود العربية من أجل ذلك، إلا أن هذه الدراسة ركزت علي نهري اليرموك والليطاني ولم تتناول مصادر المياه الأخرى التي تحاول إسرائيل السيطرة عليها، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في مقارنة الأساليب التي تحاول بها إسرائيل السيطرة علي مصادر المياه في أفريقيا مع نهري اليرموك والليطاني، ومعرفة وسائلها وتطوراتها عبر الزمن.
- توجد دراسة بعنوان النشاط الإسرائيلي في أفريقيا([9])، وتناولت نشاطات إسرائيل في أفريقيا، وكذلك التغيرات التي حدثت لها منذ قيام الدولة وحتى الستينيات، وتوضيح طبيعة تمويل تلك الأنشطة، وتوضيح دور الدول الغربية في مساعدة إسرائيل علي التوغل في أفريقيا، واستخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج التاريخي في عرض وتحليل ذلك النشاط حيث أن كان عبارة عن سرد تاريخي للنشاط الإسرائيلي في أفريقيا.
توصلت الدراسة إلى أن النشاط الإسرائيلي في أفريقيا هو جزء من نشاط المعسكر الغربي الرأسمالي، كما أن لإسرائل تحاول صناعة نفسها مرة أخرى وإعادة صياغة علاقتها مع الدول الأفريقية، إلا أن هذه الدراسة توقفت عند العام 1966، ونجد أن هناك العديد من التطورات الحادثة في الفترة التالية، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة طبيعة النشاط الإسرائيلي في أفريقيا ف الخمسينيات والستينيات ومقارنته بالوضع الحالي.
- هناك دراسة بعنوان إسرائيل وأفريقيا في عالم متغير من التغلغل إلى الهيمنة([10])، قامت الدراسة بتناول السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا من حيث أهدافها لإقامة علاقات إسرائيلية أفريقية لتحقيق الأمن القومي الإسرائيلي، وكف تسعى إسرائيل لذلك وتطورات تلك العلاقة على فتراتها: التغلغل ثم القطيعة ثم العودة، واستخدم الباحث في هذه الدراسة الأسلوب التحليلي في عرضه للموضوع، حيث أنه تناول تحليل أهداف وتطورات السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا، وكذلك المنهج التاريخي في عرض تلك السياسة.
وتوصلت الدراسة إلى أن إسرائيل كسرت حالة العزلة الدولية التي كانت عليها أثناء المواجهة مع الدول العربية، وكسبت التأييد من العديد من الدول الأفريقية لتحقيق الهيمنة الإقليمية والإضرار بالدول العربية، وأنها تغير من استراتيجتها أحيانا لتصل إلي ذلك، إلا أن هذه الدراسة توقفت عند العام 2001، ونجد أن كثيرا من المتغيرات قد تغيرت في الفترة التالية، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة تطورات التدخل الإسرائيلي في أفريقيا، وكيفية نجاح إسرائيل في اختراق أفريقيا، ولماذا تراجع العرب عن أفريقيا.
- هناك دراسة بعنوان مصر وتحديات التدخل الدولي في أفريقيا قديما وحديثا([11])، وتحدث الباحث في هذه الدراسة عن التكالب الدولي علي أفريقيا قديما وحديثا، والتدخلات الأمريكية والصينية والأروبية إلى جانب التدخل الإسرائيلي في أفريقيا، وتوقع مستقبل هذا التدخل، واستخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج التاريخي من خلال استعراض تاريخي لمراحل وعمليات التدخلات الخارجية في أفريقيا، وكذلك المنهج المقارن من خلال المقارنة بين تلك التدخلات.
وتوصل الباحث في النهاية إلى أن مصر تحتاج إلي إعادة ترتيب أولوياتها بالنسبة لأفريقيا في ضمان وحدة ما تبقى من السودان، وتحييد إثيوبيا والمحافظة علي توازن القى في منطقة القرن الأفريقي، والدفاع عن حقوقها المائية بما يحافظ علي حقها التاريخي في المياه، والعمل علي استخدام القوة الناعمة في ذلك، إلا أن الدراسة استخدمت المنهج التاريخي، فالأفضل لو أنه ركز علي المنهج المقارن، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة وسائل تدخل كل قوة من القوى في أفريقيا وأهدافها ودوافعها، وهل الحضور الإسرائيلي هو الأقوى أم أن هناك حضورا أقوى.
ثانيا: الدراسات التي تناولت الأمن القومي المصري:
- هناك دراسة بعنوان تداعيات انفصال جنوب السودان على الأمن القومي المصري([12])، وفيها تحدث الباحث عن مفاهيم الأمن القومي وإسقاطه على مصر، وعن عملية تطور الصراع بين الشمال والجنوب السوداني، ثم انتقل للحديث عن عمليات التدخل الخارجي في السودان وتأثير ذلك علي الإنفصال الجنوبي، ثم انتقل للحديث عن أثر هذا الإنفصال علي الأمن القومي المصري وعن الإستراتيجية المصرية المقترحة لتحقيق الأمن القومي المصري، واستخدم الباحث في هذه الدراسة منهجين وهما منهج دراسة الحالة؛ وذلك حتى يدرس حالة واحدة دراسة متعمقة للوصول لتعميمات علي باقي الحالات، ومنهج مقابلة النخبة كأداة منهاجية لجمع وتحليل البيانات.
وتوصل الباحث في نهاية دراسته أن عملية انفصال السودان تتطلب وضع معالجات والوصول إلى اتفاقيات بين شمال وجنوب السودان لتجنب الصراع بين الطرفين، وكذلك نحتاج للتعاون بين مصر ودولتي السودان واحتواء الأزمات بينهما، فذلك من أهم ضمانات تحقيق الأمن القومي المصري، وعلي مصر طرح مبادرات جديدة لدعم دورها في دولتي السودان.
نجد هنا أن الباحث لم يرفق ملاحق عن مقابلاته مع النخبة، وكذلك نجد أن الدراسة توقفت عند العام 2014، إلا أنه يمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة أهمية السودان لإسرائيل، ومعرفة دور العوامل الخارجية في أفريقيا وأثرها على الأمن القومي المصري.
- هناك دراسة بعنوان التحول الديموقراطي والأمن القومي: مع التطبيق علي مصر والعراق([13])، تناولت هذه الدراسة مفهوم الأمن القومي، وكذلك قامت بتوضيح مستوياته المختلفة، مع توضيح أبعاده العسكرية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية، وعلاقة الأمن القومي بالتحول الديموقراطي، ولقد استخدمت الباحثة في هذه الدراسة منهج تحليل النظم؛ وذلك لتحليل مدخلات ومخرجات كل من النظام السياسي المصري والعراقي.
توصلت الدراسة إلى أنه لا يمكن ضمان الأمن القومي للدولة دون نظام حكم مرتكز على الحرية السياسية، وكذلك لابد من الإستقرار الداخلي وتطبيق مبادئ الديموقراطية؛ وذلك لأن ذلك يرجع بالنفع على الأمن القومي للدولة، إلا أن هذه الدراسة متوقفة عند العام 2008، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة علاقات التحولات الديموقراطية، وهي متغير مستقل علي الأمن القومي المصري المتغير التابع، وفي معرفة أيهما أكثر تأثيرا علي الأمن القومي العوامل الداخلية أم الخارجية.
- توجد دراسة بعنوان العشوائيات والأمن القومي في مصر 1990-200: دراسة في الأبعاد الداخلية لمفهوم الأمن([14])، تناولت هذه الدراسة التعريف بمفهوم الأمن القومي وأبعاده وتأثير العشوائيات عليه، والتطور التاريخي للعشوائيات وتأثيرها علي الأمن البشري، وكذلك الأبعاد الشخصية والمجتمعية والسياسية للأمن البشري ورؤية نحو تحقيقه لسكان الشعوائيات، ولقد استخد الباحث في هذه الدراسة منهج تحليل النظم؛ لتحليل تلك الدراسة ومعرفة مدخلات ومخرجات النظام السياسي، بالإضافة إلي منهج الجماعة؛ وذلك لمعرفة تفاعلات هذه الجماعات وعلاقة ذلك بالأمن القومي.
توصل الباحث في هذه الدراسة إلى العديد من النتائج أهمها ضرورة اتباع مدخل تنموي شامل للإرتقاء بالمناطق العشوائية وتحقيق الأمن البشري لها، وأن العشوائيات لها تأثير كبير علي عملية الإضرار بالأمن القومي المصري بسبب انعدام الأمن الإنساني بها، إلا أن هذه الدراسة توقفت في دراسة الأمن القومي عند عام 2000، ونجد أن هناك العديد من المستجدات التي حدثت في الأمن القومي المصري في الفترة التالية، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة أبعاد الأمن القومي المصري، وكذلك تأثير بعد داخلي عليه والمقارنة بين تأثر الأبعاد الخارجية عليه ومعرفة محددات وأولويات الأمن القومي المصري.
- توجد دراسة بعنوان التدخل الدولي في ليبيا وانعكاساته علي الأمن القومي المصري([15])، وتدث فيها الباحث عن بنية النظام الدولي وتطوره في ضوء ثورات الربيع العربي، وعن التدخل الدولي في القانون الدولي العام وحالات تدخل حلف الناتو في النزاعات الداخلية، ودوافع ومدى مشروعية تدخل حلف الناتو في ليبيا، ومصادر تهديد الأمن القومي المصري المترتبة علي تدخل حلف الناتو في ليبيا، واستخدم الباحث في هذه الدراسة منهج النسق الدولي الذي يقوم علي أن السياسة الدولية تنشأ في سياق دولي معين، وفي ظروف معينة.
وتوصل الباحث في نهاية هذه الدراسة إلى أن التدخل الدولي في ليبيا كانت دوافعه براجمتية بحتة، وأن هذا التدخل يشكل تهديدا كبيرا للأمن القومي المصري، إلا أن الباحث في هذه الدراسة توقف عند العام 2014، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في المقارنة بين دوافع التدخل الدولي في ليبيا كعامل خارجي تدخل في أفريقيا مع التدخل الخارجي الإسرائيلي في أفريقيا ومعرفة أوجه التشابه والإختلاف بين التدخلين.
- هناك دراسة بعنوان الأبعاد الداخلية لمفهوم الأمن القومي([16])، وتناولت هذه الدراسة التعريفات بالأمن القومي والمستويات التطبيقية له، وكذلك أهم مدارسه، وتحدثت كذلك عن المتغيرات الداخلية لمفهوم الأمن القومي المصري من 1974-1984، وذلك من خلال منهج تحليل النظم وتحليل مدخلات ومخرجات النظم وربط ذلك بالأمن القومي المصري.
وتوصل الباحث في نهاية هذه الدراسة إلى أن قضية الأمن القومي هي عبارة عن محاور تفاعل الظواهر السياسية والإقتصادية والإجتماعية، مما يجعل معالجتها تتطلب منظور شامل، ولا يقتصر على ناحية واحدة فقط، وأكد على أن الإستقرار الداخلي هو أهم مقومات تحقيق الأمن القومي، إلا أن هذه الدراسة توقفت عن العام 1984 حيث حدث الكثير من التطورات المتعلقة بالأمن القومي فيما بعد هذه الفترة، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة محاور الأمن القومي في هذه الفترة وفترة الدراسة.
- توجد دراسة بعنوان الأمن القومي المصري عقب ثورة 30 يونيو([17]) وفي هذه الدراسة قام الباحث بتعريف الأمن القومي، وكذلك عن مصادر تهديد الأمن القومي المصري عقب 30 يونيو 2013، وعن ما يجب أن تقوم به مصر لللحفاظ على أمنها القومي، وعن الأمن القومي المصري كجزء من الأمن القومي العربي، واستخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج التحليلي في تحليل هذا اللمفهوم، وكذلك منهج تحليل النظم من خلال تحليل مدخلات ومخرجات هذا النظام.
توصل الباحث في الدراسة إلى أن مصر ازدادت التحديات التي تواجهها حول أمنها القومي، فالتحديات لأمن القومي المصري قادمة من إسرائيل ومن دول حوض النيل ومن الإرهاب الداخلي، وأن مصر تعمل جاهدة لأجل مواجهة هذه التحديات، وأن الأمن القومي المصري والعربي هما جزء متداخل لا يمكن اقتطاعه، إلا أن هذه الدراسة اقتصرت على دراسة الأمن القومي بعد 30 يونيو 2013 فقط، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة التهديد الإسرائيلي من خلال دعمها للدول الإفريقية للأمن القومي المصري.
- هناك دراسة بعنوان تحديات الأمن القومى أمام الرئيس ([18])وتناولت هذه الدراسة الوقوف على أبرز التحديات التي تواجه الأمن القومي المصري من واقع تحليل رؤية مرشحي الرئاسة المصرية في 2014 لقضايا السياسة الخارجية والأمن القومي، من خلال رؤية حمدين صباحي وعبدالفتاح السيسي، واستخدمت هذه الدراسة المنهج الوصفي في عرضها لأهم هذه التحديات التي تواجه الأمن القومي المصري.
وتوصلت الدراسة أنه رغم أن القضايا الإجتماعية والإقتصادية كان لها الدور الأكبر في خطابات مرشحي الرئاسة إلا أن قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية أيضا لها دور بارز في فكر مرشحي الرئاسة آنذاك، إلا أن هذه الدراسة تناولت قضايا الأمن القومي من وجهة نظر مرشحي الرئاسة فقط، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي للأمن القومي المصري ومحدداته في أفريقيا.
ثالثا: الدراسات التي تناولت دولة إثيوبيا الحالة الدراسية:
- هناك دراسة بعنوان النظام السياسي الإثيوبي منذ عام 1960([19])، وتناولت هذه الدراسة بيئة النظام السياسي الإثيوبي ومؤسساته التنفيذية والتشريعية والقضائية والإدارية والديناميات السياسية للنظام السياسي الإثيوبي، وتقييم هذا النظام، ولقد استخدم الباحث غي هذه الدراسة منهج تحليل النظم؛ لتحليل ذلك النظام وطبيعته المتداخلة ومعرفة مدخلات ومخرجات هذا النظام.
توصل الباحث إلي توصيف الوضع الراهن في فترة الدراسة مع توضيح لأبعاد النظام السياسي، إلا أن هذه الدراسة توقفت عند العام 1997، حيث أن هناك الكثير من المستجدات التي حدثت في ذلك النظام بعد هذه الفترة، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة طبيعة النظام السياسي الإثيوبي، وكيف أصبح أرضا خصبة للتخلات الإسرائيلية.
- توجد دراسة بعنوان العلاقات المصرية الإثيوبية: قضايا التعاون والصراع في الفترة ما بين 1990- 2011 ([20])، ولقد تناولت هذه الدراسة تطور العلاقات بين مصر وإثيوبيا، والمحددات الإقليمية والدولية وقضية المياه بين الدولتين، وكذلك تحدثت عن العلاقات الثنائية بين البلدين والتكهنات حول مستقبل العلاقة بين البلدين، واستخدمت الباحثة في هذه الدراسة نظرية الصراع في العلاقات الدولية، بالإضافة إلي المنهج التاريخي والمنهج القانوني.
وتوصلت الباحثة في نهاية هذه الدراسة إلى أن العلاقات بين مصر وإثيوبيا هي علاقات متجذرة في التاريخ، إلا أنها في الوقت الحالي تتأثر كثيرا بالعوامل الخارجية وأن قضية المياه هي القضية المحورية بين البلدين، إلا أن هذه الدراسة توقفت عند العام 2011 حيث حدثت أحداث كثيرة في أعقاب هذا العام في تطور العلاقة بين البلدين، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة تاريخ العلاقات بين مصر وإثيوبيا والعوامل التي تدفع إسرائيل للتدخل بين البلدين.
- هناك دراسة بعنوان المسلمون في إثيوبيا بين الحاضر وآفاق المستقبل([21])، وتناولت هذه الدراسة قضية المسلمين في إثيوبيا والمرور على المراحل المختلفة التي مر بها وضعهم السياسي وعلاقاتهم بالشأن العام في الوقت ذاته تم إبراز تموضعهم الراهن في المشهد الحزبي والسياسي والتنبؤ بمستقبلهم في هذه الدولة التي تعرف تجاذبات سياسية عميقة ، واستخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج التاريخي في عرض وضع المسلمين في إثيوبيا.
وتوصل الباحث في نهاية هذه الدراسة إلى أن أن الملسمين ما زالوا يعيشون في مرحلة التهميش في إثيوبيا وأن الطريق ما زال طويل في سبيل تحقيق العدالة للمسلمين، إلا أن هذه الدراسة تحدثت عن وضع المسلمين فقط ولم تتحدث عن باقي السكان في إثيوبيا، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة وضع المسلمين ومقارنتهم بوضع اليهود في إثيوبيا ومعرفة هل اليهود الذين في إثيوبيا هم سبب رئيسي في تدخلاتها في إثيوبيا أم أن التدخل هو براجماتي بحت.
- توجد دراسة بعنوان أثر غياب ملس زيناوي على إثيوبيا والقرن الإفريقي([22])، ولقد تناولت هذه الدراسة رئيس الوزراء الإثيوبي السابق والذي قضى عشرين عاما في السلطة وتأثر وفاته علي التوازنات المختلفة في منطقة شرق أفريقيا، واستخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج التحليلي من خلال تحليل أثر وفاة زيناوي علي إثيوبيا.
وتوصل الباحث في نهاية هذه الدراسة إلى أن زيناوي قد بنى منظومة كاملة لحكم إثيوبيا وأنه حتي بعد وفاته فإن منظومة حكمه مستمرة باستمرار حزبه في الحكم، إلا أن هذه الدراسة توقفت عن العام 2013، حيث حدثت أحداث كثيرة فيما بعد هذه الفترة، ويمكن الإستفادة من هذه الدراسة في معرفة دور زيناوي في التعامل مع إسرائيل وأثره في هذه العلاقات.
الإطار النظري للدراسة:
يشمل الإطار النظري لهذه الدراسة علي إطارين تحليليين وهما:
- الإطار المفاهيمي التحليلي.
- الإطار المنهاجي.
أولا: الإطار المفاهيمي التحليلي.
ومن خلال هذا الإطار نتناول المفاهيم التحليلية التي تثيرها الدراسة وهي:
- الأمن القومي.
- الأمن المائي.
- الأمن العسكري.
- العامل الخارجي.
- الأمن القومي:
تحدث المفكرون السياسيون عن الأمن القومي منذ ظهور الفكر السياسي، فنرى مثلا أن أرسطو مثلا قد تحدث عن قوة الدولة وكيفية المحافظة عليها وعلي أمنها واستقرارها، وتحديد الأخطار التي تهددها([23]) ، ولقد أصبح مفهوم الأمن القومي من أكثر المفاهيم شيوعا في مجالات الدراسات السياسية، بالإضافة إلي ذلك فإنه أصبح أداة تحليلية تستخدم في التدليل علي أهمية موضوعات البحث من خلال ربطها بقضية الأمن القومي([24])،وتختلف التعريفات لمفهوم الأمن القومي طبقا للمدرسة التي يتم من خلالها تعريف هذا المفهوم إلا أن هذه التعريفات اتفقت علي تعدد مستويات للأمن وهذه المستويات هي:
- أمن الفرد: وهو يكون ضد أية أخطار تهدد حياته أو ممتلكاته أو من يتولي رعايتهم.
- أمن الوطن:وهو الأمن الوطني ويكون ضد أي أخطار خارجية أو داخلية تهدد الوطن.
- الأمن الجماعي: وهو يعني اتفاق عدة دول في إقليم واحد على مواجهة الأخطار المحيطة بهم.
- الأمن الدولي: وهو الذي تأخذ زمامه المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وذلك في سبيل الدفاع عن السلم والأمن الدوليين.
بالإضافة إلى ذلك فإن الأمن القومي له عدة أبعاد وأهمها:
- البعد السياسي: والذي يعني الحفاظ علي الدولة متماسكة وقوية.
- البعد الاقتصادي:وهو يعني توفير الرفاهية الإقتصادية للمواطنين.
- البعد الاجتماعي:وهو يعني توفير العدالة والمساواة لتعزيز روح الإنتماء والمواطنة بين أفراد الشعب.
من هنا نجد تعريفات متعددة للأمن القومي إلا أن هناك تعريف جيد للأمن القومي من منظمة اليونسيف وهو“يعرف باللغة الإنجليزية، باسم (National Security)، وهو مصطلح يشير إلى كافة الإجراءات، والتدابير التي تتخذها الدولة من أجل حماية أرضها، وشعبها، من أي اعتداء، أو تهديد سواءً من مصادر داخلية، أو خارجية، عن طريق تجهيز القوات العسكرية، وحشد الجيش، من أجل المحافظة على سيادة الدولة، وحمايتها من الخطر“([25]).
- الأمن المائي:
بإختصار نجد أن مفهوم الأمن المائى يرتبط بمفهوم الميزان المائى فالأمن المائى هو الوضعية المستقرة لموارد المياه والتي يمكن الاطمئنان إليها، حيث يستجيب فيها عرض المياه مع الطلب عليها، غير أنه عندما لا يستطيع عرض المياه أن يلبي الطلب عليها فإن مستوي الأمن المائى ينخفض وبالعكس عندمايكون المتاح من موارد المياه أكثر من الطلب عليها عندئذ يكون مستوى الأمن المائى مرتفعاً، لذلك فإننا نجد هنا أن مفهوم الأمن المائى يعتبر مفهوم نسبي من مكان لآخر([26]).
ويعتمد مفهوم الأمن المائى كمفهوم مطلق على أساس جوهري هو الكفاية والضمان عبر الزمان والمكان أي أنه يعني تلبية الاحتياجات المائية المختلفة كما ونوعا مع ضمان استمرار هذه الكفاية دون تأثير من خلال حماية وحسن استخدام المتاح من مياه، وتطوير أدوات وأساليب هذا الاستخدام، علاوة على تنمية موارد المياه الحالية، ثم يأتي بعد ذلك البحث عن موارد جديدة سواء كانت تقليدية أو غير تقليدية([27]).
- الأمن العسكري:
نجد أن الأمن العسكري هو أكثر مجالات الأمن القومي فاعلية، كما أنه المجال الذي لا يُسمح بضعفه أبداً، لأن ذلك الضعف يؤدي إلى انهيار أمن الدولة القومي، وتعرضها لأخطار وتهديدات عنيفة قد تصل إلى حد وقوعها تحت الاحتلال الأجنبي، أو حتى إلغائها تماماً وضمها لدولة أخرى أو تقسيمها لدويلات أو اقتسامها مع آخرين، والبديل الباقي ليس أحسن حالاً، فقد تلجأ حكومة الدولة الضعيفة عسكرياً، إلى دولة إقليمية أو عالمية كبرى لحمايتها، وهو ما يعني السماح لتلك الدولة الكبرى بانتهاك أمنها القومي في عدة مجالات، مقابل أن تؤمنها من أخطار أخرى، وهو خيار صعب([28]).
ويتطلب هذا المجال إعداد حجم من القوات المسلحة، بتسليح عصري مناسب للعدائيات المحتملة، قادرة على الحركة، للدفاع عن حدود الدولة السياسية، وحماية الأهداف الحيوية، وتحقيق الأهداف القومية داخلية وخارجية، وتنفيذ الالتزامات الإقليمية والدولية.
تتأثر القوة العسكرية، بإمكانات الصناعة الحربية في الدولة، ودرجة التقنية المتاح استخدامها فيها، وإمكانات علمائها في التطوير. ولسد هذا العجز، فإن المجال الاقتصادي يتحمل أعباء ضخمة لاستيراد الأسلحة والمعدات القتالية الحديثة، الباهظة التكلفة، مع وجود قيود على القرار السياسي للدولة تجاه الدول الموردة للأسلحة، خاصة أنه لم يعد متاحاً هذا الهامش من المرونة بين المعسكرين، في النظام الدولي السابق الثنائي القطبية، والذي كان يتيح للقيادات السياسية تنويع مصادر الأسلحة، ونجد أن الدولة المحدودة القوى العسكرية تستطيع زيادة قدراتها في هذا المجال بعقد اتفاقيات عسكرية، أو بالانضمام للأحلاف المناسبة لأهدافها القومية، وإن كان ذلك سيلزمها بالتقيد بأهداف الآخرين، وعدائياتهم المحتملة، وهو ما يمكن أن يتعارض مع أهدافها وعلاقاتها الدولة([29]).
- العامل الخارجي:
توجد العديد من الإتجاهات التي تقوم هنا بتوضيح العامل الخارجي وتأثيره على الدول الأخرى وهنا نذكر أهم هذه الإتجاهات التي ذكرها الباحث عبالناصر سرور ([30]):
الاتجاه الأول : يركز على أن السلوك الخارجي للدولة يكون في لحظة معينة متأثرا بعوامل تأثير
الوحدات الدولية الأخرى تجاهها، فسلوك الدولة هنا يكون بمثابة رد الفعل لسلوك الدولة الأخرى.
الاتجاه الثاني: يرى هذا الإتجاه أن السلوك الخارجي للدولة يكون استجابة لحافز معين، إلا أن هذا الحافز لا تكون نشأته من البيئة الخارجية، ولكن يتمثل في السلوك السابق للدولة ذاتها فهي تستمر في سياستها.
الاتجاه الثالث : ربما يكون هذا الإتجاه يقدم تفسيرا مختلفا،ويى هذا الإتجاه أن الدولة تكيف سياساتها الخارجية طبقا لفهمها لسلوكيات الدول الأخرى فإن كانت الدول الأخرى واضحة تجاهها فإنها هنا تكون قادرة علي فهمها والتعامل معها والعكس صحيح هنا.
الاتجاه الرابع : ويركز هذا الإتجاه علي العامل الخارجي كطرف ثالث، فالعلاقة بين دولتين مثلا لا تقوم علي المسافة السياسية القائمة بين الدولتين، وإنما أيضا بتأثيرات القوى الأخرى علي العلاقات بين هاتين الدولتين.
الإطار المنهاجي:
- منهج دراسة الحالة:
تستخدم هذه الدراسة منهج دراسة الحالة، وذلك المنهج يعني دراسة وحدة دراسية عميقة وكلية وباستفاضة كبيرة، لإحداث عملية فهم أعمق لهذه الدراسة، وإجراء نوع من التعميمات بالنسبة للوحدة المدروسة، وهنا من خلال دراسة مستفيضة للتدخل الإسرائيلي في إثيوبيا وتأثير ذلك على الأمن القومي المصري، فمن الممكن في النهاية أن نصل إلى نتائج نستطيع من خلالها تأثير التدخل الإسرائيلي في القارة الأفريقية جمعاء على الأمن القومي المصري في بعده الأفريقي.
- إقتراب المصلحة الوطنية:
منطلقات الإقتراب:
تعتمد هذه الدراسة أيضا على إقتراب المصلحة الوطنية، وينتمي هذا الإقتراب إلى المدرسة الواقعية، ووفقا له فإن الدول ذات السيادة لها مصالح وطنية لا تحيد عنها، وهي محركها في التفاعل مع غيرها([31])،ومن ثم السياسـة القوميــة تكون هي محور الارتكاز، أوالقوة الرئيسية المحركة للسياسة الخارجية لأي دولة من الدول وفى سبيل تحقيق الدولة لمصالحها قد تستخدم أى وسيلة سواء أخلاقية أو غير أخلاقية فلا مجال للقيم والأخلاق فى السياسة ([32])، وفي هذه الدراسة يتجلى دور هذا الإقتراب في معرفة المصلحة الوطنية المصرية في دائرتها الأفريقية، حيث أن هذه الدائرة تمثل لها عمقا إستراتيجيا وحيويا، والتي يمثل التدخل الإسرائيلي فيها تهديدا من أكبر التهديدات للأمن القومي المصري والعربي.
ولقد تعددت مقولات النظرية الواقعية بتعدد مفكريها، ومن ثم يمكن التطرق الى مقولات النظرية الواقعية بالوقوف على مقولات أبرز مفكريها ومنهم: “هانس مورغنثو” وهو من أبرز الكتاب الواقعيين الذين طوروا نظرية الواقعية السياسية، و لقد ركز مورغنثو على مفهوم القوة والنظرية فى العلاقات الدولية وأكد أنها لابد ان تنطلق من حقائق تجريبية ذات أهداف براجماتية كما أنها لابد وأن تتسق مع الواقع ومع المنطق، كما قدم مورجانثو مبادئ ستة للنظرية الواقعية ومنها:
- مدلول المصلحة الوطنية المعرّفة بالقوة غير مستمر ومن هنا ينفى عالم يتشكل من دول يرتبط بقاؤها بالقوة تكون السياسة الخارجية بدورها مرتبطة بالبحث عن وسائل للمحافظة على الذات ومن هنا تكون المصلحة الوطنية هي البقاء والاستمرار وهي ماهية أو جوهر السياسة الخارجية.
- لايمكن تطبيق المبادئ الأخلاقية العالمية بشكلها المجرد على أنشطة الدول، حيث أن الدول تحكمها أخلاقيات تختلف عن أخلاقيات الفرد فى علاقاته الشخصية ولا يجوز الخلط بين الأخلاقيتين لأن وفقًا لما أكده مورغنثو هذا قد يؤدى إلى كارثة على الدولة.
- تقر النظرية باستقلالية البعد السياسي كمجال مختلف عن المجالات الاخرى، كما يرأى مورغنثو أن السياسة الدولية تنقسم الى ثلاثة انواع، فهى إما ان تهدف الحفاظ على القوة أو زيادة القوة او اظهار القوة، ومن ثم فالدولة إما تنتهج سياسة الحفاظ على الوضع القائم أو سياسة توسع امبيرالى و سياسة تحقيق الهيبة.
- إذا تم وضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار يكون بإمكاننا أن نقيم الدول الأخرى بعيداً عن أي بعد اجتماعي وثقافي، وفي صراعها مع محيطها الخارجي تلجأ الدولة إلى انتهاج سياسة تهدف إلى المحافظة على الوضع عندما تعتبر بأن قدرتها وامكانتها تفوق الخطر الذي يهدد نظامها.
إذا فالدراسة هنا تتخذ من هذا الإقتراب مجالا لها في تفسير عمليات التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا وتأثير ذلك على الأمن القومي المصري.
تقسيم الدراسة:
التقسيم المقترح للدراسة هو:
الفصل الأول: تمهيدي.
المبحث الأول: أهداف التدخل الإسرائيلي في أفريقيا.
المبحث الثاني:. أسس ومعطيات الأمن القومي المصري.
الفصل الثاني: أثر التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا علي الأمن المائي المصري.
المبحث الأول: أثر التدخل السياسي الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن المائي المصري.
المبحث الثاني: أثر التدخل الإقتصادي الإسرائيلي في إثيوبيا علىالأمن المائي المصري.
الفصل الثالث: أثر التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن العسكري المصري.
المبحث الأول: أثر التدخل السياسي الإسرائيلي في إثيوبيا علىالأمن العسكري المصري.
المبحث الثالث: أثر التدخل الإقتصادي الإسرائيلي في إثيوبيا علىالأمن العسكري المصري.
الخاتمة والتوصيات:
الفصل الأول: تمهيدي.
في هذا الفصل التمهيدي يتم تناول أسس ومعطيات الأمن القومي المصري في المبحث الأول، ومن ثم أهداف التدخل الإسرائيلي في أفريقيا، ففي المبحث الثاني تتناول الدراسة أهم الأهداف الرئيسية لإسرائيل في القارة الأفريقية، وتقسيم هذه الأهداف ومعرفة آلياتها المحتلفة، وفي المبحث الثاني تتناول الدراسة الأسس التي يقوم عليها الأمن القومي المصري، من أسس مادية ومعنوية وتوضيح هذه الأسس، ثم تناول المعطيات االموضوعية للأمن القومي المصري لمعرفة هذه المعطيات، لمعرفة ذلك التعارض والتضاد الذي يظهر بين تلك الأهداف الإسرائيلية في أفريقيا عموما وإثيوبيا خصوصا، مع الأسس التي يقوم عليها الأمن القومي المصري
الفصل الأول: تمهيدي.
المبحث الأول: أهداف التدخل الإسرائيلي في أفريقيا.
منذ نشأة الدولة الإسرائيلية عام في 15 مايو 1948 وهي تسعى لتحقيق أهداف إستراتيجية في شتى بقاع العالم، ومنها القارة الأفريقية وخصوصا دولة إثيوبيا، وفي هذا المبحث تتناول الدراسة أهداف التدخلات الإسرائيلية في تلك القارة، وحقيقة لم تختلف هذه الأهداف عن مضمونها كثيرا علي مر 68 عاما وهي عمر دولة إسرائيل، فأهداف التدخلات الإسرائيلية في أفريقيا ما زالت هي منذ نشأة الدولة.
تتداخل المجالات التي يمكن من خلالها تقسيم الأهداف الإسرائيلية في أفريقيا، إلا أن الدراسة تتبنى تقسيم الدراسة من خلال ثلاثة محاور رئيسية – بما يخدم الدراسة في فصولها التالية –وهي: الأهداف السياسية والأمنية، والأهداف الإقتصادية، والأهداف الأيدلوجية.
أولا: الأهداف السياسية والأمنية:
تتعدد الأهداف السياسية للتدخلات الإسرائيلية في أفريقيا، إلا أن أهم الأهداف السياسية التي تراها الدراسة تتمثل فيما يلي:
- الحفاظ على الأمن القومي الإسرائيلي.
- كسر العزلة وكسب الشرعية الدولية.
- تطويق الأمن القومي العربي.
وفيما يلي مزيد من الشرح لهذه الأهداف:
1-الحفاظ على الأمن القومي الإسرائيلي.
يرتكز مفهوم الأمن في الإستراتيجية الإسرائيلية إلى طبيعة خاصة ترجع لسبب أساسي وهو الرغبة التوسعية لإسرائيل في إنشاء دولة إسرائيل الكبرى، فإسرائيل دولة لا تعرف أن تعيش داخل حدودها، فكما يقول بن جوريون ” إن خريطة إسرائيل ليست خريطة بلادنا فلدينا خريطة أخرى نسعى لتحقيقها، هي أن تكون من الفرات للنيل” ([33]) ، ولتحقيق ذلك تسعى إسرائيل إلى إقامة علاقات صداقة مع جميع الدول، خاصة الدول الأفريقية مستغلة أوضاعها الإقتصادية المتردية وهشاشة أغلب نظمها السياسية.
هذا ويعتبر الأمن القومي الإسرائيلي كما يقول بن جوريون “يجب أن يكون هو النقطة المحورية التي تتحرك حولها السياسة الإسرائيلية، وأن ضمان أمن إسرائيل في طليعة أهداف السياسة الإسرائيلية” ([34])، لذلك فإننا نجد أن سياسة إسرائيل الخارجية هدفها الأساسي هو الحفاظ على كيان الدولة قائما، وحمايته من الأضرار والمخاطر المتوقع حدوثها له، وخصوصا من دول الجوار العربي.
وتسعى إسرائيل منذ تأسيسها إلى تحقيق السلامة والإستقرار لأمنها القومي، ومن خلال ذلك تسعي إسرائيل لبناء جسر من الروابط والعلاقات مع الدول الأفريقية ([35])، ونجد هنا أن أهم المؤسسات الإسرائيلية التى تسعى لهذا الهدف هي المؤسسة العسكرية والتي تؤكد على تأمين الوجود الإسرائيلي في المنطقة، وذلك من خلال ربط الدولة الإسرائيلية بالجاليات اليهودية في أفريقيا ([36])، وتعزيز التعاون الأفريقي الإسرائيلي.
بالإضافة إلى ما سبق ذكره فإن إسرائيل تسعى للإحتفاظ بتفوق عسكري كمي ونوعي، وفرض إرادتها على المنطقة، ولذلك نجد أن إسرائيل تمتلك مصداقية كبيرة لدى الدول الأفريقية في الناحية العسكرية، وأهم طرق التدخل الإسرائيلي هنا هو الشركات الأمنية مثل شركة “ليف” وشركة “الشبح الفضي” وشركة إباك”، وهي شركات أمنية تعمل على تدريب وتسليح العناصر القبلية ولحماية الشخصيات المهمة ([37]).
إذا مما سبق نجد أن الأمن الإسرائيلي هو المحدد والهدف الأول لكل سياسات إسرائيل الخارجية، وذلك لإنشاء دولة إسرائيل الكبرى من النيل للفرات.
2- كسر العزلة وكسب الشرعية الدولية.
إسرائيل منذ نشأتها والدول العربية تحاول فرض العزلة الدولية عليها، ومن ذلك تقوم إسرائيل بمحاولة بقاء كيان الدولة في حدود آمنة، ووجدت في أفريقيا مجالا واسعا لكسر عزلتها التي تحاول الدول العربية فرضها عليها، وكسب الشرعية والتأييد السياسي في المحافل الدولية، وذلك بسبب تراجع النفوذ العربي في تلك القارة منذ سبعينيات القرن الماضي.
نجد أن إسرائيل أدركت منذ وجود التنظير لوجودها علي يد تيودر هيرتزل في كتاباته أن بعدها الأفريقي له أهمية كبرى في تحقيق وجودها الفعلي والحفاظ علي أمنها وعلى شرعيتها السياسية، فنجد مثلا أن من أقوال بن جوريون “المساعدة الإسرائيلية لأفريقيا موضوع أخلاقي وسياسي ومهمة تاريخية ضرورية لإسرائيل، بقدر ما هي ضرورية لتلك الدول الأفريقية التي تساعدها”([38])، واتخذت إسرائيل العديد من السبل للتوغل في أفريقيا وأهمها هو:
– تقديم المساعدات الإقتصادية والفنية للدول الأفريقية، باعتبار ذلك أفضل وسيلة لكسب صداقة تلك الدول وكسب تأييدها([39]).
– أن تعمل على بناء قوة عسكرية في أفريقيا تدين بالولاء لإسرائيل، وذلك مرجعه إلى أهمية الدور العسكري في الدول الأفريقية([40]).
ومن خلال ذلك تسعى إسرائيل إلى ما يلي:
أ- اكتساب تأييد الدول الأفريقية لجانبها لا سيما في تسويات الصراع العربي الإسرائيلي، وخصوصا في في المنظمات الإقليمية والدولية.
ب- الحصول على اعتراف دولي واسع وتأييد عالمي شامل في المحافل الدولية، دعما لوجودها والذي ظهر في ظروف غير عادية وبناحية غير شرعية([41]).
ج- الإرتقاء لمكانة دولية تفوق الرقعة الجغرافية التي تحتلها دولة الكيان الإسرائيلي([42]).
ترى الداسة هنا أن بحث إسرائيل عن تأييد سياسي لها في الدول الأفريقية هو عملية طبيعية بسبب الضغوطات العربية التي تحدث لها من الدول العربية ومحاولة عزلها دوليا، فإسرائيل وجدت في الدول الأفريقية الأرض الخصبة لكسب تأييد سياسي من خلال مساعدات فنية وإقتصادية وعسكرية، فالعملية هنا عملية منفعة متبادلة بين إسرائيل والدول الأفريقية.
3- تطويق الأمن القومي العربي.
لعل من أهم الأسباب والدوافع التي تسعى إليها إسرائيل من خلال تدخلاتها في أفريقيا هو محاولة تطويق الأمن القومي العربي بشتى السبل ومن نواحي كثيرة فهي تعمل على:
أ- تحجيم النشاط العربي في في أفريقيا([43])، والحد من قدرة الدول العربية على تطوير علاقاتها مع الدول الأفريقية، من خلال تطويق الدول العربية بحزام موالي لإسرائيل، بتعميق الخلافات بين الدول العربية والأفريقية.
ب- السيطرة على البحر الأحمر([44])، وذلك مرجعه للأهمية الكبيرة له إستراتيجيا وعسكريا، بالإضافة إلى أن التواجد الإسرائيلي في البحر الأحمر يؤمن لإسرائيل الحفاظ على أمنها القومي، فالبحر الأحمر يؤمن لإسرائيل الوصول للعالم الخارجي، فهي تخشى من تحوله إلى بحيرة عربية خالصة وتتعدد الطرق التي تحاول من خلالها السيطرة عليه فهى تعمل على:
– إنشاء علاقات ودية ودبلوماسية وتوثيق هذه العلاقات مع دول شرق أفريقيا وخصوصا أريتريا وإثيوبيا([45]).
– توسيع الوجود العسكري الإسرائيلي وترسيخه، وذلك يتيح لها إمكانية الهجوم المباشر على خصومها في مضيق باب المندب، ومحاولة إيجاد عمق إستراتيجي لإسرائيل في البحر الأحمر لرصد أي نشاط عربي في المنطقة، وتأمين خطوطها البحرية والعسكرية[46].
– والأهم من ذلك هو أنها من خلال السيطرة على البحر الأحمر يمكنها التجسس على العديد من الدول العربية وهي (مصر- السعودية- اليمن- جيبوتي- الصومال- السودان)([47]).
فالبحر الأحمر هنا نقطة رئيسية في الأمن القومي العربي، فالسيطرة عليه تعتبر نقطة قوة كبرى لمن يمتلكه.
ج- تهديد الأمن المائي العربي
أصبحت قضية الأمن المائي من أهم المحاور الرئيسية التي أضافت بعدا جديدا للصراع العربي الإسرائيلي، فإسرائيل تريد أن تضمن الحصول علي المياه، وفي نفس الوقت تريد أن تمنع العرب من ذلك، لذلك فهي تعمل علي تهديد الأمن المائي العربي في شتى الدول العربية، إلا أننا هنا سنتحدث عن هذه التهديدات في حوض النيل.
نجد أن إسرائيل تقوم بلعب دور مباشر في عملية صراع المياه بين دول حوض النيل، مستفيدة في ذلك من النفوذ الكبير الذي تمتلكه في دول المنابع مثل إثيوبيا ورواندا وكينيا، ونجد أنها تحاول دائما السيطرة علي منابع النيل([48])، لوضع مصر في مأزق مائي لا تستطيع الخروج من تبعاته فيما بعد.
هذا وتعد الأطماع الإسرائيلية في مياه نهر النيل ليست جديدة، فنجد أنه بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، قد ظهرت عدة مقالات في الصحافة الإسرائيلية تدعو لشراء مليار متر مكعب من مياه النيل وتوجيهها لصحراء النقب، لتأمين المياه لإسرائيل([49])، إذا فالأهداف الإسرائيلية في مياه النيل واضحة وصريحة في تهديدها للأمن المائي العربي.
ثانيا: الأهداف الإقتصادية:
الآن يعتبر الإقتصاد هو الدعامة الأولى لبناء الدول الدول، في وقت تراجعت فيه التدخلات العسكرية بسبب الإرتفاع الباهظ للإنفاق العسكري، وتتفهم إسرائيل ذلك؛ لذلك فهي تلجأ إلى تعميق الصداقات الإقتصادية مع المؤسسات الإقتصادية الأفريقية، ويتأتى ذلك عن طريق القروض والمعونات وإنشاء المشاريع الإقتصادية المشتركة بما يجعل الظاهرة الإقتصادية تؤثر وبقوة على الظواهر الأخرى([50]).
من هنا نجد وجود سعي إسرائيلي دائم للتغلغل الإقتصادي في أفريقيا، للسيطرة على إقتصايات المنطقة وهنا نجد العديد من الأهداف الإقتصادية لإسرائيل في أفريقيا، وكذلك العديد من الآليات التي تحاول بها تنفيذ هذه الأهداف وفيما يلي توضيح هذه الأهداف والآليات التي يتم بها تنفيذ هذه الأهداف:
- الأهداف:
- العمل علي فك الحصار الإقتصادي العربي، من خلال توسيع شبكة العلاقات مع الدول الأفريقية.
- توسيع الأسواق الأفريقية لإسرائيل وفتح المزيد منها.
- الحصول على الموارد الأولية الازمة للصناعة في إسرائيل([51]).
- تشغيل الفائض من العمالة الإسرائيلية في أفريقيا([52]).
إذا نجد هنا أن الأهداف الإقتصادية الإسرائيلية في أفريقيا متعددة ومتداخلة، فإسرائيل تريد تحقيق الحد الأقصى من الإستفادة الإقتصادية من أفريقيا، وتريد مص دماء الشعوب الأفريقية التي طالما عانت من التدخلات الخارجية.
- الآليات.
ونجد أن تلك الأهداف لها العديد من الآليات التي يتم بها التنفيذ وأهمها[53]:
- الحصول على امتيازات للتنقيب عن البترول، والعمل على تأسيس عدة شركات على أنها أفريقية.
- تقوم تحويل مبالغ باهظة من المال تحت أسماء تجار يهود يحملون جنسيات هذه الدول.
- وجود خبراء يحملون جنسيات دول أوروبية ويدينون بالولاء للدولة الإسرائيلية.
- العمل علي إحتكار بعض المحصاصيل والأسواق، فعلى سبيل المثال احتكار أسواق المنتجات الغذائية وعصير الفاكهة في إثيوبيا.
- العمل على سياسة الإغراق من أجل كسب الأسواق، وذلك لسد الطرق أمام وجود تعاون أفريقي – عربي.
إذا فالتدخلات الإقتصادية الإسرائيلية في أفريقيا تحاول منها خدمة أهدافها التوسعية الأخرى والإضرار بالأمن القومي العربي وخاصة المصري.
ثالثا: الأهداف الأيدولجية:
الهدف الأيدولجي لإسرائيل هو العمل على إحياء الحضارة اليهودية من جديد، وتتخذ في ذلك العديد من السبل ومن أهم تلك السبل وزيادة نفوذ اللوبيات وجماعات الضغط الصهيونية في الدول الكبرى وتقوية النفوذ اليهودي في العالم ([54])، ورغم تعدد الأهداف الإسرائيلية في أفريقيا إلا أن الهدف الأيدولجي له دور كبير في تحديد هذه الأهداف، فالسياسة الخارجية الإسرائيلية تتعامل مع أفريقيا على درجة عالية من الخصوصية، ويتضح ذلك من خلال عملية الربط الأيدولجي والحركي بين الصهيونية وحركة الجامعة الأفريقية، والزنوجية ([55]) من خلال عدة أوجه أهمها:
- الإدعاء بأن اليهود والأفارقة قد تعرضوا لغملية إضطهاد مشترك، وأنهما من ضحايا التمييز العنصري، وأن التجربة التاريخية والنفسية متشابهة فيما بينهما، والدليل على ذلك هو مقولة لتيودور هيرتزل يقول فيها ” بالنظر إلى تاريخ كل من اليهود في الشتات والسود في أفريقيا، يمكن رصد عدد من الخبرات المشتركة وخاصة فيما يتعلق بالعنت الذي لاقاه الإثنان على مر تاريخهم” ([56]).
- تحاول إسرائيل التقرب من بعض الجماعات الأفريقية وخصوصا الجماعات التي لها ثقل سياسي في دولها، ومثال على ذلك هو تعاونها مع قبيلة الأمهارا اليهودية في إثيوبيا، وأيضا من خلال الترويج بأن سلالة الأباطرة التي كانت تحكم إثيوبيا من نسل النبي سليمان، وأنهم تحولوا من اليهودية إلى المسيحية، ورغم ذلك احتفظوا بالعديد من الأيقونات والتمائم الثمينة ([57]).
- تحاول إسرائيل إضفاء المسحة الصهيونية علي حركة الجامعة الأفريقية، فلقد أطلقوا عليها اسم “الصهيونية السوداء”، كما أطلقوا على “ماركوس جارفي” أحد الداعين لعودة الزنوج الأمركيين لأفريقيا اسم “النبي موسى الأسود” وذلك كله في محاولة ترسيخ العلاقة بين إسرائيل والأفارقة.
فالأهداف الأيدولجية هنا من أهم الأهداف التي تحاول إسرائيل تنفيذها في أفريقيا.
الأهداف الإسرائيلية في أفريقيا متعددة ومتنوعة، ولها الكثير من الآليات المختلفة، إلا أنها تنصب في النهاية حول الإضرار بالأمن القومي العربي وتطويقه، وهذه التدخلات مستمرة وتتطور من فترة إلى أخرى، وإسرائيل لن تتوقف عن ذلك، مهما كانت درجة السلام مع إسرائيل؛ وذلك مرجعه لأن إسرائيل ما زالت هي العدو الأول والخطر الأكبر علي الوطن العربي.
المبحث الثاني: أسس ومعطيات الأمن القومي المصري.
تختلف الدول الوطنية فيما بينها حول تحديد الأسس التي يقوم عليها الأمن القومي لهذه الدول، ومصر هنا دولة ذات طبيعة خاصة في الأسس التي يقوم عليها أمنها القومي، فهي دولة ضاربة في جذور التاريخ، ومن ثم نجد أن الأسس التي قام عليها الأمن القومي متعددة ومتشعبة، وتتعدد الدراسات التي تناولت هذه الأسس إلا أن الدراسة تتبنى تصنيف هذه الأسس إلى قسمين وتتشعب من كل قسم بعض من الأسس الفرعية وهى:
أولا: الأسس المادية: وتحتوي على الجوانب الأنثروبولجية والإقتصادية والمصلحة القومية ([58]).
ثانيا: الأسس المعنوية: وتحتوي على الطبيعة الذاتية للشخصية المصرية والأسس القيمية والفلسفية والسيكولوجية ([59]).
وفيما يلي تفصيل هذه الأسس التي يقوم عليها الأمن القومي المصري.
أولا: الأسس المادية للأمن القومي المصري:
نقصد بالأسس المادية هنا هي
- الأساس الانثروبولوجي:
نجد أن علم الأنثروبولوجيا هو علم دراسة الشعوب وتهتم دراسات الأمن القومي بفرع الانثروبولوجيا الاجتماعية التي تنصب على دراسة ذلك الجزء من البيئة البشرية الذي أوجده الإنسان بنفسه فميزه عادة بين ما تجود به الطبيعة وبين ما يكون ثمرة من ثمرات الجهود البشرية[60].
وبالنسبة للوضع في مصر فإننا نجد أن الجنس المصري هو جنس متجانس منذ عهد الفراعنة إلى يومنا هذا، رغم حدوث العديد من الهجرات والغزوات الحربية لمصر، إلا أن التركيبة السكانية لمصر ظلت محتفظة بقدر كبير من التجانس، مما ساعد كثيرا على عملية الإستقرار العرقي والسياسي.
- الأساس الاقتصادي:
الإقتصاد هو الأساس الرئيسي لنهضة الأمم ، ويعتبر نهر النيل هو أساس الإقتصاد المصري، وهو باعث الحياة في مصر، ونجد هنا صدق مقولة المؤرخ اليوناني هيرودوت بأن “مصرهبة النيل”، وتقول الدراسات العلمية أن عدد سكان مصر إذا سار بمعدله الحالي سيصل إلى 220مليون نسمة في عام 2100م، مما سيجعل مصر في حاجة إلى نهرين إضافيين في طاقة النهر الحالي، كما أنه سوف يقتضي الاقتصاد المصري وجود محطتين لتوليد الكهرباء تنتجان ضعف إنتاج محطة السد العالي[61].
ومن هنا يأتي البعد الصناعي في الاقتصاد المصري كاختيار حتمي من أجل الحفاظ على الأمن القومي المصري، وأيضا لأن الصناعة هي العمود الفقري للدول العظمى حيث أن الدول المتقدمة صناعيا، هي الدول التي تقود النظام السياسي العالمي.
ونجد أن الصناعة الحديثة في مصر قد ظهرت في عهد محمد علي، ولكنها واجهت الكثير من التدخلات الخارجية مما أدى لضربها في مقتل، والصناعة المصرية حاليا تواجه الكثي من العقبات في سبيل تقدمها،
من هنا يتضح لنا قوة التحدي الذي واجه مصر في سبيل الارتفاع بمعدلات التنمية الاقتصادية الذي يعتبر الأساس الذي يقوم عليه الأمن القومي المصري، ولذلك فإن مصر تحتاج إلى التقدم الصناعي لتوفير احتياجات الأمن القومي، وتحقيق الرفاهية للسكان.
- المصلحة القومية:
نجد أن المصلحة هي محصلة مصالح الفئات والقوى السياسية داخل الدولة، والثابت أن المصلحة القومية تختلف في طبيعتها من مجتمع إلى آخر ومن دولة إلى أخرى وذلك مرجعه إلى العديد من العوامل وأهمها[62]:
أ.حجم الدولة ودرجة التطور الاقتصادي بها
ب.شخصية الدولة
ج.خصائص النظام السياسي
د.العوامل الخارجية
ومن هنا نجد أن مصر دولة فريدة في وحدتها القومية في تاريخها، وهي تسعى لوضع الجهاز الإقتصادي في قمة أولوياتها، للوصول إلى العدالة الإجتماعية، وتحقيق رفاهية الشعب، وفي ناحية ثانية نجد أن شخصية الدولة المصرية شخصية متكاملة وموحدة، وأضف إلى ذلك أن النظم السياسية تعلو من المصلحة الوطنية فوق كل شئ، كما أن العوامل الخارجية دائما ما ينظر إليها المصريون على أنها مهدد قوي للمصلحة القومية المصرية.
ثانيا: الأسس المعنوية للأمن القومي المصري:
كما سبق وذكرت الدراسة أن الأسس التي يقوم عليها الأمن القومي هي أسس مادية ومعنوية، وبعد أن أوضحت الدراسة الأسس المادية، ننتقل هنا للحديث عن تلك الأسس المعنوية التي يقوم عليها الأمن القومي المصري ونجد أن هذه الأسس هي([63]):
- الطبيعية الذاتية للشخصية المصرية.
- الأساس القيمي والفلسفي.
- الخصائص السيكولوجية.
وفيما يلي تفصيل هذه الأمور:
- الطبيعة الذاتية للشخصية المصرية[64]:
نجد أن الشخصية المصرية هي شخصية فريدة من نوعها في العالم، لما لها من جذور ضاربة في التاريخ، ولما لها من مميزات تتباين بها عن الشخصيات الأخرى ويمكننا أن نجمل عناصر الشخصية المصرية فيما يلي:
- التجانس والوحدة.
- المركزية.
- الإستمرارية والإنقطاع.
وفيما يلي تفصيل هذه العناصر:
- التجانس والوحدة:
حيث أن أن الشخصية تمتلك قدرا كبيرا من التجانس ولهذا عدة مظاهر وهي:
– التجانس الطبيعي.
– التجانس البشري.
وفيما يلي تفصيل هذا التجانس.
– التجانس الطبيعي.
نجد أن التجانس الطبيعي صفة جوهرية في البيئة المصرية، فلا يوجد فرق بين الدلتا وبين الوادي، ونجد أن التقسيم الإداري للمدن والقرى هو نسخة مكررة في جميع أنحاء مصرفلا نكاد نرى اختلافا ملموسا بين القرى في جميع أنحاء مصر، وكذلك في المدن فإن المدن الإقليمية المصرية المتوسطة، تشكل وحدة ثابتة الطابع، فيما عدا القاهرة والإسكندرية.
– التجانس البشري:
ونجد أن ذلك أيضا قد سبق الحديث عن ذلك في الأساس الأنثروبولجي، ونجد هنا أن التركيبة السكانية للمصريين تركيبة متجانسة جسمانيا وعرقيا، وأيضا تمثل ذلك التجانس في الوحدة اللغوية والوحدة الدينية، فالمصريون يتحدثون لغة واحدة فقط وهي اللغة العربية وليس هناك أقليات لغوية تذكر بإستثناء النوبيين والذين استعارت لغتهم ثلث مفراداتها من العربية، وبالنسبة للوحدة الدينية فنجد أن الإسلام هو دين الغالبية من الشعب، والمسحيون ليسوا أقلية منعزلودة إنما هم جزء متفاعل ويتشكل بالطابع القومي المصري.
ب. المركزية:
لا شك أن عنصر المركزية هو أحد الأشكال المميزة لدي المصريين، ونجد أن ذلك جاء نتيجة الرغبة في تحقيق الأمن، وانعكاس للأوضاع الإقتصادية والرغبة في وجود سلطة مركزية قوية لتنظيم مياه النيل وتنظيم الإستفادة منه، ونتيجة لذلك فلقد ظهرت المركزية البيروقرطية منذ عهد الفراعنة إلى الآن، كما أصبح هناك تضخم في العاصمة فالقاهرة، هي عاصمة مصر منذ الفاطميين، وهذا سبب كافي لتضخمها حيث أن لها ما يقارب من الألف عام وهي عاصمة لمصر.
ج- الاستمرارية والانقطاع:
الإستمرارية هي عنصر أساسي من عناصر الشخصية المصرية، حيث أن الوجود المادي المصر مستمر منذ ما قبل التاريخ إلى الآن، ورغم مرور العديد من الثقافات علي مصر، إلا أن مصر قد استطاعت احتواء هذه الثقافات وجعلها جزء من تراثها الحضاري، وهذا يتيح لمصر مواجهة أي تغييرات ثقافية قادمة والقدرة علي احتوائها.
- الأساس القيمي والفلسفي([65]):
يرتبط مفهوم الأمن القومي ارتباطا قويا بالقيمة العليا السياسية للدولة، والتي تعد بدورها مدخل للتفسير المجرد للظواهر الحياتية كما تراها الدولة، بالإضافة إلى ذلك فإن هذه القيمة العليا تعتبر الهيكل الأيديولوجي والرؤية الفلسفية للدولة، ومن ثم فإن القيمة العليا السياسية تمثل الأساس الذي يترتب عليه الأمن القومي، ومعرفة أولوياته وأهدافه.
- الخصائص النفسية (السيكولوجية)[66]:
تمثل الظاهرة السيكولوجية الجوهر الشعوري أو الحسي لمفهوم الأمن القومي، وتوجد هناك بعض الظواهر النفسية سواء في علم النفس الفردي أو الاجتماعي ذات صلة وثيقة بهذا الشعور ومن ثم ترتبط ارتباطا مباشرا بمفهوم الأمن القومي، وأرجع علماء النفس ذلك لسببيين هما:
أ. الجانب الاجتماعي للظاهرة النفسية.
ب.مشكلة الحرب والسلام من الناحية السيكولوجية.
أما عن الجانب الاجتماعي فنجد أن العلماء قد استنبطوا الدوافع النفسية لعملية الإندماج الإجتماعي وتوصلوا إلي العديد من الأسباب النفسية لتلك الظاهرة وأهمها:
– حاجة الاندماج
– حاجة المراقبة بوظائف السلطة والأمن
– حادة المودة والتعاطف في إطار الجماعة البشرية .
وأما بخصوص مشكلة الحرب والسلام من الناحية السيكولوجية ، فإننا نجد أن الحرب ظاهرة في الجماعة البشرية وهى من الأمور الواقعية عبر التاريخ الإنساني، ولقد توصل علماء النفس إلى وجود عدة مبررات لظاهرة الحرب تجد نفسها من المكونات النفسية للفرد والجماعة وقد حددوها في:
– جاذبية الحرب.
– دوافع الحروب النفسية مثل الرغبة في الشعور بالوحدة القومية.
ونجد أن الأساس السيكولجي للأمن القومي المصري قائم على الإحساس لدى المصريين ب الحاجة للإندماج، والحاجة للجماعة، وذلك يرسخ أمنها القومي، كما أنه لا يحبذ الحرب فمصر عبر تاريخها لم تكن تتمدد إلا في حيزها الطبيعي في أفريقيا وأسيا، ومن ثم فإن الحرب لم تكن أساسا في سيكولجية المصريين.
المعطيات الموضوعية للأمن القومي المصري:
نقصد بالمعطيات الموضوعية تلك الأسس التي تشارك في تحديد سياسة الأمن القومي للدولة ،في الوقت الذي تعتبر فيه هذه المعطيات مستقلة عن إرادة هذه الدولة، ولكنها تمثل في نفس الوقت قاعدة عمل مستقلة ومصدر قرار لهذه السياسة.وتنحصر هذه المعطيات في أربعة أسس هي([67]):
1- المعطيات الجغرافية.
2- الموارد الاقتصادية.
3- العامل البشري.
4- القانون الدولي.
وفيما يلي تفصيل هذه العناصر:
- المعطيات الجغرافية([68]):
لقد أثبت التاريخ الحقيقة بأن موقع مصر الجغرافي من أهم المواقع الجغرافية في العالم، وما يهمنا هنا بخصوص دراسة الأمن القومي المصري هو الأوضاع الجيوستراتيجية، ونجد أن الثورة التي حدثت في التكنولجيا العسكرية أدت إلى تطوير مجال التسليح وخصوصا الصواريخ العابرة للقارات، فتغيرت الكثير من الحقائق الجيوستراتيجية، وبالتالي نجد أن ذلك قد انعكس وبشكل كبير على توازن القوى في النظام الدولي، ومن هنا لم تعد العوامل الحاسمة هي الثقل الجغرافي أو عدد السكان، ولكن أصبح التقدم هو محدد ذلك.
إلا أن هذه الحقائق لم تنه على أهمية العامل الجغرافي في الناحية الإستراتيجية، فنجد أن مثلا أن الحدود السياسية وطبيعتها تمثل الأساس لتشكيل المعطيات الجيوستراتيجية للدول الحديثة، والحدود السياسية للدولة تبين الأرض التي تمارس فيها سيادتها،
ونجد بالنسبة للحدود السياسية المصرية، فإن الحدود الشرقية لمصر هي أهم الحدود نظرا لأنها تواجه إسرائيل في حين أن الحدود الجنوبية والغربية ليست على درجة كبرى من الأهمية بسبب وجود دول عربية وهي السودان وليبيا.
- الموارد الإقتصادية([69]):
نجد أن نهر النيل هو المورد الأساسي للإقتصاد المصري، فمصر دولة زراعية منذ نزول الإنسان المصري القديم من الهضاب إلى ضفة النيل في عصور ما قبل التاريخ، واستمرت مصر دولة زراعية حتى بداية النهضة الصناعية في النصف الأول من القرن التاسع عشر في عهد محمد علي، وبالتالي من يومها دخلت مصر عهد الصناعة.
- العامل البشري([70]):
البشر هم أغلى ما تمتلكه الدول، فالإنسان هو العامل الحاسم في الأمن القومي للدول، وهنا نجد أن الثروة البشرية في مصر تتطلب العديد من الأمور لتحقيق أقصى إستفادة منها وهي:
أ- تحويل العمالة من الزراعة للصناعة، وذلك لأن الصناعة هي العماد الأساسي للدول.
ب- العمل على إعادة توزيع السكان ونوزيعهم على جميع أنحاء الدولة، لتخفيف الضغط عن وادي النيل والدلتا.
- القانون الدولي([71]):
نجد أن القانون الدولي قد أصبح قاعدة ملزمة منذ صبح وستفاليا 1648، وتطور إلى أن وصلنا لمعاهدة سان فرانسسكو 1945، والتي تم بموجبها إنشاء الأمم المتحدة، ومنعت الحرب أو التلويح بها كمبدأ في العلاقات الدولية.
ونجد أن القانون الدولي ليس أحد المحددات لمقتضيات الأمن القومي المصري، بل هو هدف تسعى مصر إليه، حيث أنها تسعى إلى أن تجعل منه مبادئ تسري في المجتمع الدولي، لإقامة سلام عادل في العالم.
خاتمة الفصل الأول:
في نهاية الفصل الأول وبعد أن عرضت الدراسة أسس ومعطيات الأمن القومي المصري، وأهداف التدخل الإسرائيلي في أفريقيا، نستطيع هنا الربط بين المبحثين في معرفة كيف أن الأهداف الإسرائيلية تتضارب مع الأسس التي يقوم عليها الأن القومي المصري، ومن هنا تأتي المعضلة القوية أن إسرائيل لا تتواني عن ممارسة أي إجراء في سبيل تحقيق اهدافها الخارجية، ومصر لا تتردد في حماية أمنها القومي بجميع أبعاده من التدخل الإسرائيلي.
الفصل الثاني: أثر التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن المائي المصري.
تتناول الدراسة في هذا الفصل عملية التدخل السياسي والإقتصادي الإسرائيلي في إثيوبيا، وكيفية تأثير ذلك على الأمن المائي المصري، فنجد أن إسرائيل هنا تحاول الحصول على مياه النيل من مصر، وأصبحت مشكلة المياه هي المشكلة الكبرى في العلاقات بين دول حوض النيل، ويتناول هذا الفصل دلائل التدخل الإسرائيلي المؤثر على الأمن المائي المصري، والأضرار التي تقع على مصر في أمنها المائي، وخصوصا في عملية سد النهضة المثير للجدل، والذي أصبح محور العلاقات بين مصر وإثيوبيا منذ العام 2011 رغم تعدد الأنظمة التي مرت على مصر حتي وقت كتابة هذه الدراسة ونحن في منتصف عام 2016.
الفصل الثاني: أثر التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا علي الأمن المائي المصري.
المبحث الأول: أثر التدخل السياسي الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن المائي المصري.
التدخل سياسيا من جانب إسرائيل في إثيوبيا أحد السبل الرئيسية التي تتخذها إسرائيل للتوغل في إثيوبيا، وذلك كله في سبيل التأثير على الأمن المائي المصري، ونجد أنه منذ العام 2003 بدأت العلاقة بين إسرائيل وإثيوبيا تأخذ منحنى جديد، وذلك بعدما زار رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ملس زيناوي إسرائيل في 2003، ثم زار وزير الخارجية الإسرائيلي حينذاك سيلفان شالوم إثيوبيا 2004 ([72])، إلى أن وصلنا إلى زيارة نتنايهو لبعض دول شرق ووسط أفريقيا في يوليو 2016، والتي كانت تحمل الكثير من الجدل حول طلب إسرائيل عضوية الإتحاد الأفريقي كعضو مراقب.
إلى أن وصلنا الآن إلى مرحلة أصبحت فيه إسرائيل وإثيوبيا دولا حليفة وصديقة لبعضها البعض، ويتم تبادل الزيارت بين كبار المسئولين بين البلدين، هذه اللقاءات التي تثير الجدل الواسع في مصر خصوصا بين تلك الزيارات التي تجمع بينيامين نتياهو مع هيلي ماريام ديسالين روؤساء الوزراء في البلدين حاليا، وتثير جدلا حول التهديدات التي تمثلها تلك الزيارات على الأمن القومي المصري وخصوصا في بعده المائي.
ونجد أن التدخل الإسرائيلي السياسي في إثيوبيا وتأثيره على الأمن المائي المصري يقوم على عدة جذور تاريخية، فالشعار المعروف لدى الفكر الصهيوني يقول ” حدودك يا إسرائيل من النيل للفرات”([73])، وهذا يؤكد على أهمية البعد المائي بالإضافة للبعد الجغرافي الذي تهتم به إسرائيل، وهناك نص في التوارة يقول:
“فقطع مع إبراهيم ميثاقا بأن يعطي لنسله هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات”([74]).
كما أن مؤسسوا الحركة الصهيونية وعلى رأسهم الأب الروحي لها تيودور هيرتزل قد وضعوا الأسس الراسخة لعملية التدخل السياسي الإسرائيلي في إثيوبيا للتأثير على الأمن القومي المصري في بعده المائي، فنجد أن هيرتزل تفاوض مع اللورد كرومر عام 1903 من أجل تحويل مياه النيل إلى سيناء للعمل على توطين المهاجرين اليهود فيها([75])، إلا أن هذه الفكرة قد تم التغاضي عنها ورفضها فيما بعد.
كما أنه في أعقاب حرب يونيو/حزيران 1967 قالت جولدا مائير
“أن التحالف مع تركيا وإثيوبيا تعني أن أكبر نهرين في المنطقة: النيل والفرات سيكونان في قبضتنا”([76]).
وهنا نجد أن التدخلات السياسية الإسرائيلية في إثيوبيا للتأثير على الأمن المائي المصري تأخذ العديد من المثارات وتثار العديد من القضايا بهذا الشأن وتحاول الدراسة هنا تحليل أهم هذه القضايا المتعلقة بالأمن المائي المصري في فترة الدراسة:
أولا: علاقة ميليس زيناوي بإسرائيل([77]):
كان وجود زيناوي في السلطة في إثيوبيا هو أحد الركائز الأساسية التي تقوم عليها عملية التأثير السياسي لإسرائيل على الأمن المائي المصري، فكان هناك عمل يتم على تنسيق الإستراتيجية الإثيوبية الإسرائيلية حيال التعاطي مع أي صراع يندلع على خلفية مشكلة المياه بين دول منبع نهر النيل ودول المصب، ولا شك أن هذا التنسيق كان حاسما في مساعدة إثيوبيا على بناء مجموعة سدود على رأسها سد النهضة من أجل إلحاق الأذى والضرر بمصر أولا وبالسودان ثانيا([78]).
ونجد أن زيناوي كان يناصب مصر العداوة كثيرا ويصرح بذلك علنا، وبالتأكيد استغلت إسرائيل ذلك في المزيد من تأليبه على مصر، وخصوصا بعد اتفاقية عنتيبي 2009 والتي كانت إثيوبيا بقيادة زيناوي لها اليد العليا فيها، وكانت من أكثر الدول المتشددة فيها ضد مصر وذلك كله في سبيل تهديد الأمن المائي المصري، وبتدخل وضغط إسرائيلي على أغلبية الدول الموقعة على عنتيبي بحكم علاقتها مع هذه الدول.
وفي أواخر العام 2010 اتهم زيناوي مصر باحتمال لجوئها إلى العمل العسكري ضد بلاده بسبب الخلاف على مياه النيل، وبأنها تدعم جماعات متمردة ضد نظام الحكم في أديس أبابا، وقال زيناوي وقتها لوكالة رويترز إن مصر لا يمكنها أن تكسب حربا مع إثيوبيا على مياه نهر النيل، وإنها تدعم جماعات متمردة في محاولة لزعزعة استقرار البلاد([79]).
التصريحات السابقة أثارت جدلا كبيرا في مصر ودهشة القيادات وقتها في مصر، وردت الخارجية المصرية ساعتها على لسان السفير حسام زكي المتحدث باسم الخارجية المصرية وقتها بأن بعض الدول وفي طليعتها إثيوبيا تعمل على استباق نتائج الحوار من خلال التوقيع على مسودة الاتفاق الإطاري غير المكتمل، قبل التوصل إلى التوافق المنشود بشأن اقتسام مياه النيل(.([80]
من هنا كان وجود زيناوي في السلطة عاملا للضغط على مصر بدعم من إسرائيل ونجحت إسرائيل في استغلال زيناوي لصالحها طوال فترة حكمه والتأثير على الأمن المائي المصري تدريجيا من خلال العديد من الأمور المحورية في تاريخ زيناوي وهي اتفاقية عنتيبي، وعملية بناء سد النهضة وكلا الأمرين لإسرائيل يد عليا فيهم.
وحتى بعد وفاة زيناوي فإنه كان قد قام في فترة قيادته لإثيوبيا بتأسيس شبكة علاقات قوية مع إسرائيل وأصبحت العلاقات بين البلدين في حالة إستمرار وتطور خصوصا وأن رئيس الوزراء هايلي ماريام ديسالجنيه الذي خلف زيناوي في السلطة كان لا يختلف كثيرا عن زيناوي في علاقته السياسية مع إسرائيل ومناصبته العداء لمصر.
ونجد أن أفيجدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي في تعريفه لرئيس الوزراء الإثيوبي يقول أن ديسالجنيه هو صديق حميم لإسرائيل وأنه يعرفه عن قرب وأنه التقاه عدة مرات بعد توليه منصب وزير الخارجية في سبتمبر 2010، ونجد أن خلال زيارة ديسالجنيه لإسرائيل توصل هذا مع نظيره الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان إلى تفاهمات بل واتفاقيات تعاقدية حول جملة من القضاياوأهمها ملف المياه، حيث أن رئيس الوزراء الجديد وبعد توليه منصب وزير الخارجية أولى موضوع المياه في أعالي النيل بالغ الأهمية وكان أحد المبادرين للمطالبة بتغيير معادلة اقتسام مياه النيل بين دول المنبع والمصب وفق حصص جديدة تعيد التوازن بين حصص دول المنبع والمصب([81]).
إذا فالنظام السياسي الإثيوبي الذي وضع أسسه زيناوي قائم على تحالف سياسي إستراتيجي مع إسرائيل لتطويق الأمن المائي المصر، وحتى بعد غياب زيناوي بوفاته فإن خليفته يسير على نهجه، وأعتقد أنه لن يتغير شئ في هذا التحالف مع وجود أفكار زيناوي في السلطة السياسية في إثيوبيا.
مشكلة سد النهضة.
لعل سد النهضة هو المحدد الرئيسي في العلاقات المصرية الإثيوبية منذ عام 2011، وهو العام الذي بدأت فيه إثيوبيا في بناء السد وبدأت فيه ثورة 25 يناير 2011في مصر، واستغلت إسرائيل ذلك من خلال تقديم الدعم السياسي لإثيبوبيا في بناء هذا السد، والتدعيم السياسي لإثيوبيا في بناء السد هنا ليس موضوعا جديدا على إسرائيل، فهناك الكثير من المحاولات السابقة.
تسعى إسرائيل إلى التدخل في بناء السدود الإثيوبية ودعمها سياسيا وذلك ليس قاصرا على سد النهضة فقط، وتوجد العديد من الدوافع والأهداف الخاصة بالأمن المائي التي تسعى إسرائيل لتحقيقها من خلال عملية سد النهضة، والسدود الإثيوبية الأخري([82]):
- أن تضغط على مصر والسودان من خلال العمل علي الحد من تدفق مياه النيل لهما.
- صناعة صفقة ضمنية مع مصر، فمصر تعطي نصيبا لإسرائيل من مياه النيل مقابل أن تتوقف إسرائيل في التأثير على دول المنابع.
وفيما يلي تفصيل هذه الأمور، فالإدراك الإسرائيلي لأهمية المياه قد ظهر بشكل مبكر، فنجد أن مراكز البحوث الإسرائيلية ومن خلال تعاونها مع نظيراتها في الولايات المتحدة الأمريكية، بإظهار الإهتمام المتزايد بدولتي مصر وإثيوبيا وذلك كله في سبيل معالجة الشح المائي الذي تعاني منه إسرائيل مع تزايد عدد السكان فيها، وتنوع المشاريع التنموية التي تقوم بها داخل حدود الدولة العبرية([83])، وهذه المشاريع التي تضمن لها تحقيق التفوق النوعي على العرب وجعل ميزان القوى في صالحها.
إلى أن وصلنا إلى أن إسرائيل قد أعلنت إسرائيل رسميا “حالة الجفاف” في 15 أبريل عام 1999، وفي ذلك الوقت طالب آرئيل شارون – رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها – طالب الدول الأوروبية بمساعدة إسرائيل لمواجهة الأزمة المائية التي تعاني منها إسرائيل([84])، فمن هنا تسعى إسرائيل لعملية توفير وتأمين المياه لتحقيقي أمنها المائي حتى لو أتى ذلك على الأمن القومي المصري.
الإدراك الإسرائيلي لأهمية المياه قد ظهر بشكل مبكر، فنجد أن مراكز البحوث الإسرائيلية ومن خلال تعاونها مع نظيراتها في الولايات المتحدة الأمريكية، بإظهار الإهتمام المتزايد بدولتي مصر وإثيوبيا وذلك كله في سبيل معالجة الشح المائي الذي تعاني منه إسرائيل مع تزايد عدد السكان فيها، وتنوع المشاريع التنموية التي تقوم بها داخل حدود الدولة العبرية.
لم تجد إسرائيل مصدرا يؤمن لها هذه المياه في مصادر المياه القريبة منها فلذلك نجد أنها لجأت للبحث عن ذلك في مياه النيل فنجد أنه عقب حرب 1973 قال إليش كالي وهو مهندس وخبير مياه إسرائيلي:
“في الحقيقة أن القيود القائمة بالنسبة لنهر الليطاني غير موجودة إزاء نهر النيل، فالنيل يعطي أكثر من الليطاني بنحو مائة مثل” ويقول أيضا أنه ” وفي المدى البعيد يمكن حل جميع مشكلات المياه في إسرائيل باستخدام 1% من مياه النيل”([85])، فمن هنا تظهر أهمية ظهور ورقة الضغط بإثيوبيا على مصر للحصول على هذه النسبة من مياه النيل التي تريدها إسرائيل.
إذا فعملية الشح المائي التي توجد في إسرائيل دفعتها إلى البحث عن مبتغاها في نهر النيل، ومما يزيد من تعقد هذا الموضوع أن مصر تمانع أي محاولات لإيصال مياه النيل إلى إسرائيل بأي الطرق مع إختلاف الأنظمة الحاكمة لمصر، وحتى بعد عقد معاهدة السلام 1979، فإن مصر تقف لإسرائيل بالمرصاد في ذلك.
الدليل الأكبر على ذلك هو مقولة وزير الموارد المائية والري الأسبق محمود أبوزيد “أنه من المستحيل توصيل مياه النيل إلى إسرائيل” وقال أيضا “أن القيادات السياسية في مصر ترفض نقل مياه النيل إلى إسرائيل“([86])، إذا فالأمر متداخل هنا فإسرائيل تريد مياه النيل ومصر لن تعطيها قطرة منه.
إسرئيل وسد النهضة:
حقيقة لا يخفى على أحد أن إسرائيل تلعب دورا كبيرا في عملية تمويل وبناء سد نهضة الإثيوبي، كما أن إسرائيل لا تترك فرصة للتدخل في إثيوبيا ضد مصر إلا واستغلتها، ومن ذلك التدخل في سد النهضة، وتشير العديد من الدلائل إلي أن إسرائيل لها دور مباشر في عملية تمويل السد وأبرز تلك الدلائل هي:
- تناقلت وكالات الأنباء في منتصف العام 2013 رسالة شكر من الحكومة الإثيوبية، للعديد من الدول التي كانت تقف خلف تمويل سد النهضة وكانت إسرائيل من أبرز تلك الدول([87]).
- في أبريل 2014 أكد عبد القادر جومي السياسي المعارض الإثيوبي وعضو البرلمان الإفريقي في مقابلة على قناة العربي، أكد على وقوف إسرائيل ودول عربية وأجنبية عدائية وراء السد وتمويله؛ من أجل الإضرار بمصالح وحصة مصر من مياهها التاريخية([88]).
- السوابق التاريخية لإسرائيل في عمليات تمويل السدود الإثيوبية من أجل الإضرار بالأمن القومي المائي المصري.
وذلك كله للضغط على مصر لتوصيل مياه النيل لإسرائيل نظرا لأهمية تلك المياه لها، وإذا عدنا للوراء قليلا نجد أنه في مارس 1991 هناك تصريحا ل إسحاق شامير يقول فيه “على استعداد لتوقيع معاهدة حظر أسلحة الدمار الشامل وقبول التفتيش على المنشآت النووية الإسرائيلية مقابل اشتراك إسرائيل في اتفاقيات لإعادة توزيع المياه في المنطقة”([89]).
ولا شك أن بناء إثيوبيا لسد النهضة بتمويل إسرائيلي يؤدي إلى العديد من الأضرار الأمن المائي المصري، في حالة إذا لم يتم التوافق حول الأطر الفنية للسد بين الدولتين وفيما يلي نستعرض أهم أضرار سد النهضة على الأمن المائي المصري.
أضرار سد النهضة على مصر:
بداية نجد أن مصر لا تمانع من أي عملية تنموية في إثيوبيا وإنما ما تمانعه هو ألا تتخذ إسرائيل من إثيوبيا مجالا للضغط على مصر من أجل الإضرار بأمنها المائي وتوصيل مياه النيل لإسرائيل بطريقة ما أو حتى عملية بيع هذه المياه لإسرائيل، ونجد أن أغلب الباحثين السياسيين والمواقف السياسية المصرية تؤيد هذا التوجه.
يقول هاني رسلان الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن سد النهضة ليس مشروعاً تنموياً، وأن الخلاف مع إثيوبيا ليس فنياً فقط، وإنما المسألة لها أبعاد سياسية واستراتيجية، وهي جزء من مخطط صهيو أمريكي يحيط بمصر في منطقة حوض النيل، ويؤكد على ضرورة الوعي بأبعاده المختلفة والآليات لمجابهة هذا الخطر، وإبعاده عن الدولة المصرية، موضحا أن الموقف المصري لا يعارض أي تنمية في حوض النيل، خاصة سد النهضة، ولكنه يرفض هذه المواصفات التي ستلحق أضرارا بالغة للجانب المصري، وأكد أيضاً أن إثيوبيا ترغب في لعب دور إقليمي أكبر في المنطقة، في ظل غياب الدور المصري في القارة، وهو ما أكده من خلال تبني إثيوبيا المفاوضات بين دولتي السودان وجنوب السودان، فضلاً عن إرسال قوات حفظ سلام إثيوبية لمنطقة أبيي السودانية([90]).
ونجد أنه لم يكن خبر بناء السد خبرا مفاجئا للمتابعين للملف المائي في مصر وتدهور الدور المصري على الساحة الإفريقية وخصوصا في فترة الرئيس مبارك، وخاصة بعد حادثة محاولة اغتياله في أديس أبابا عام 1995 وإنما كان من المتوقع اتخاذ إثيوبيا هذه الخطوة منذ فترات، إنما كان المفاجئ في الأمر هو التوقيت الذي تم فيه الإعلان عن بناء سد النهضة([91]).
وكان ذلك في مارس 2011 في وقت كان هناك عملية فراغ سياسي كبير في مصر وصراع على السلطة بين العديد من الأطراف، مما جعل مصر في حالة أنها غير قادرة مؤقتا على الحفاظ على امنها القومي خارجيا، ونجد أن هذا السد لم يكن أمرا تنمويا فقط لإثيوبيا، ولكنه كان أمرا إستراتيجيا ومسألة أمن قومي، وينبثق عن عملية بناء سد النهضة العديد من الأضرار التي تؤثر على الأمن المائي المصري ونجد أن أهم تلك الأضرار التي ذكرتها الباحثة مي غيث فنجد أنها([92]):
- تحويل المجرى ربما لا يؤثر حاليا على عملية تدفق المياه إلى مصر والسودان، ولكن بعد عملية اكتماله وملئه بـــ74 مليار م3, سيكون هناك عجز، يقدره البعض بأنه يتراوح ما بين 11 و19 مليار م3، بمتوسط 12 مليار م3، وبالتالي سيحدث التأثير على تدفق المياه إلى دول المصب، وخاصة مصر، والتأثير على حصتها من المياه، وتخفيض حصتها إلى 20 مليار م3؛ مما سينتج عنه كارثة في مصر؛ نظرًا لاعتماد مصر شبه الكامل على مياه النيل؛ مما سيكون له أثر سلبي على الزراعة والثروة الحيوانية والتنمية، فضلاً عن تأثيراته البيئية المدمرة، ودخول دول حوض النيل في صراعات.
- خلال فترة ملء خزان السد، وهي الفترة التي تقدر ب 6 سنوات، سيصاحب ذلك عجز في إنتاج الطاقة المائية في مصر، إلى جانب انخفاض مستوى بحيرة ناصر إلى حوالي 15 مترًا؛ وذلك إلى جانب حدوث فترات جفاف وتدهور في نوعية المياه.
- يمثل هذا السد قنبلة موقوتة، وتوجد أضرار جسيمة ستترتب على دولتي المصب، إذا انهار ذلك السد، فمن المفترض أن سعة السد ستكون نحو 74 مليار متر مكعب من المياه وفي حالة انهياره مستقبلاً، ستكون النتيجة غرق السودان والصعيد المصري، ومن المحتمل أن تأتي توابعه حتى القاهرة، حيث لن يستوعب السد العالي أو مجري النهر تلك الكمية الهائلة من المياه([93]).
وهكذا نجد أن عملية بناء سد النهضة تؤثر تأثيرا مباشرا وحيويا على الأمن المائي المصري، ونجد أن لإسرئيل العديد من الدوافع التي تجعلها تقم بالتدخل في عملية بناء سد النهضة سياسيا واقتصاديا وفنيا.
في النهاية نجد أن التدخل السياسي الإسرائيلي في إثيوبيا من أجل التأثير على الأمن المائي المصر هو عملية منظمة تقوم بها إسرائيل للوصول إلى مياه النيل وإضرار مصر بذلك، ولقد كانت إثيوبيا هنا مرتعا جيدا لإسرائيل لفعل ذلك، إلا أن هذا التدخل لم يثبت حيويته في الإضرار بالأمن المائي المصري حتى الأن بسبب وصول نسبة مصر من مياه النيل كما هي، إنما من المتوقع أن يحدث هذا التأثير مستقبلا إذا لم تصل مصر وإثيوبيا لحلول حول الأزمات المائية بينهما.
الفصل الثاني: أثر التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا علي الأمن المائي المصري.
المبحث الثاني: أثر التدخل الإقتصادي الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن المائي المصري.
تتنوع الطرق التي تسلكها إسرائيل في إثيوبيا لتحقيق أهدافها من ناحية، وللتأثير على الأمن المائي المصري بشكل خاص وفعال من ناحية أخرى، ولعل أبرز تلك الطرق هي الطرق الإقتصادية التي تستغلها إسرائيل للتأثير على الأمن المائي العربي، فإسرائيل تستغل العجز الإقتصادي لدى الدول الإفريقية وخاصة إثيوبيا في سبيل تحقيق هذا التدخل.
وتعتبر حالة العجز المائي التي تمر بها إسرائيل وكذلك محورية الماء في الفكر الإسرائيلي هو دافعها الرئيسي للتدخل الإقتصادي المؤثر على الأمن المائي المصري، وتوجد العديد من الأدلة على ذلك، فنجد مثلا أن شيمون بيريز الرئيس الإسرائيل السابق يقول في كتابه ” الشرق الأوسط الجديد” والذي صدرعام 1993:
“هناك مثل يهودي يقول: إن كل المعجزات التي أسبغها الله على شعب إسرائيل كانت تتلعق بالمياه المياه نادرة في منطقتنا الحارة هذه من العالم، وتشكل المياه جزءا أساسيا في الشعائر اليهودية والمسيحية والإسلامية، مثل غسل اليدين عند اليهود، والتعميد عند المسيحيين، والوضوء عند المسليمن، لقد كانت المياه ولا تزال عاملا رئيسيا في السياسة المعاصرة، كما أن العلاقات بين دول المنطقة كانت وساظل تشكل عموما بالفعل السياسة المائية، إن الإنتهاك الخطير للحقوق المائية ينظر إليه كمبرر لشن الحرب“([94]).
ونجد أن هذه الحالة من العجز المائي الإسرائيلي جاءت نتيجة تفاعل العديد من المتغيرات مع بعضها البعض والتي أهمها محدودية الموارد المائية المتجددة، بالإضافة إلى زيادة السكان بسبب الزيادة الطبيعية، وموجات الهجرة لإسرائيل، وعمليات التوسع الزراعي الذي تقوم به إسرائيل، وعملية تزايد معدلات التنمية الصناعية([95]).
ومن هنا تستمر إسرائيل في التدخل إقتصاديا في إثيوبيا لتحقيق أهدافها والتي سبق ذكرها([96]):
- العمل على الحصول حصة مائية ثابتة من نهر النيل.
- فرض الحصار السياسي على مصر، من خلال تطويقها سياسيا وإقتصاديا من ناحية الجنوب.
ومن هنا تبدأ الدراسة باستعراض الأسباب التي سهلت من التدخل الإقتصادي الإسرائيلي في إثيوبيا الخاص بالتأثير على الأمن المائي المصري.
أسباب التدخل الإسرائيلي الإقتصادي المؤثر على الأمن المائي في إثيوبيا:
في إحدى مقابلاته مع اللورد كرومر قال هيرتزل قد قال للورد كرومر أثناء تقديمه لفكرة مشروع عن توصيل مياه النيل لسيناء وتوطين اليهود فيها:
” نحن نطلب فقط من النيل مياه الشتاء الزائدة التي تجري عادة إلى البحر ولا يتستفاد منها”([97]).
ونجد أن إثيوبيا تمد مصر بحوالي86% من مياه النيل الواردة عند أسون، فنجد أن النيل الأزرق يسهم ب59% ونهر السوباط يسهم ب14% ونهر عطبرة يسهم بنسبة 13%، وبالتالي فإن أي تهديد أو تلاعب في هذه النسب تظهر الخطورة بالنسبة لمصر([98])، وهذا ما تريده إسرائيل.
بالإضافة إلى ذلك نجد هنا أن إثيوبيا لديها العديد من المغريات والأسباب التي سهلت من التدخل الإقتصادي الإسرائيلي فيها للتأثير على الأمن المائي المصري وهي:
1– ضعف الإقتصاد الإثيوبي:
فنجد اقتصاد اثيوبيا يستند على الزراعة، والقهوة هو سلعة التصدير الرئيسي،ويعاني القطاع الزراعي من الممارسات الزراعية السيئة بالإضافة إلى عمليات الجفاف المتكرر.التي تحدث وعلى الرغم من الجهود المشتركة الأخيرة التي قامت بها حكومة إثيوبيا والجهات المانحة عززت مرونة الزراعية في اثيوبيا، والتغيرات في سقوط الأمطار المرتبطة بأنماط الطقس في جميع أنحاء العالم مازالت تخلق انعدام عملية الأمن الغذائي للملايين من الإثيوبيين([99]).
فالإقتصاد الإثيوبي إقتصاد هش، قائم على الزراعة التقليدية والتي لا توفر الرفاهية للشعب الإثيوبي، بالإضافة إلى تصدير المواد الخام للدول الأخرى خصوصا الغربية منها، وهذا سبب رئيسي جاذب للتدخلات الإقتصادية الإسرائيلية التي تؤثر على الأمن المائي المصري.
2– النمو السكاني المتزايد وانخفاض النمو الإقتصادي.
إثيوبيا دولة مرتفعة السكان ويقابل ذلك عدم وجود معدلات تنمية إقتصادية متكافئة مع هذا النمو، فطبقا لتقرير وكالة الإستخبارات الامريكة عن إثيوبيا نجد أن عدد سكانها في عام 2015 قد وصل إلى 99مليون نسمة، وهي بذلك تحتل المركز الرابع عشر في ترتيب دول العالم من حيث عدد السكان، كما أن معدل النمو السكاني فيها معدل مرتفع حيث بلغ في العام 2015 ل 2.89% وهي بذلك في المركز العاشر من بين دول دول العالم من حيث معدل النمو السكاني([100]).
يقابل النمو السكاني المتزايد في إثيوبيا ضعف معدلات النمو الإقتصادي فنجد أن إثيوبيا تحتل المركز 72 بين دول العالم في النمو الإقتصادي بين دول العالم، كما أنها متراجعة في معدلات الإدخار بنسبة 27% وهي بذلك في المركز ال39 بين دول العالم([101]).
هكذا نجد أن مشكلة عدم التوازن بين النمو السكاني والنمو الإقتصادي تؤدي لجذب التدخلات الإسرائيلية خصوصا لإثيوبيا التي تستغل ذلك في تصدير صورة المساعد لإثيوبيا على تجاوز هذه العقبات التنموية.
3– قلة الخبرة الفنية.
إثيوبيا دولة نامية بل أنها تكاد تكون دولة فقيرة، وتفتقد إلى الخبرات الفنية التي تجعلها قادرة على تنمية قدراتها الإقتصادية لذلك فإنها تحتاج إلى خبرات فنية أخرى تساعدها على عملية النهوض الأقتصادي، فوجدت إسرائيل فرصتها في ذلك وتقديم الدعم الفني لإثيوبيا خصوصا في عمليات بناء السدود، وتماشى ذلك مع رغبة إسرائيل في التأثير على الأمن المائي المصري.
هكذا نجد أن هذه هي الأسباب الرئيسية التي جعلت من إثيوبيا مجالا لجذب إسرائيل وتجعلها تتدخل من الناحية الإقتصادية للتأثير على الأمن المائي المصري.
التدخلات الإقتصادية الإسرائيلية في إثيوبيا المؤثرة على الأمن المائي المصري:
تتعدد هنا الدلائل التي تشير إلى التدخلات الإقتصادية الإسرائيلية المؤثرة على الأمن المائي المصري، لكن بداية نجد أن إسرائيل لها العديد من الدوافع التي تجعلها تتدخل إقتصاديا في إثيوبيا للتأثير على الأمن المائي المصري، فنجد:
- التمويل المالي والفني للسدود.
لا يخفى على أحد التدخلات الإسرئيلية في عمليات تمويل السدود الإثيوبية، وأشهر تلك الحالات هو حالة تمويل سد النهضة المثير للجدل والذي تتعدد أضراره على مصر، وتشير التقديرات إلى أن هناك حوالي 400 خبير إسرائيلي، في كل من أوغندا وإثيوبيا، من أجل إجراء أبحاث لإقامة مشروعات ري على النيل([102]).
إلا أننا نجد أن التصريحات الرسمية الإثيوبية لا تقول ذلك فنجد مثلا أنه في مايو عام 2001، قال وزير الري الإثيوبي أن “إسرائيل تساهم في مشروعات الشرب في إثيوبيا وليست مشروعات الموارد المائية الخاصة بحوض نهر النيل وموارده”([103]).
وهذه التمويلات للسدود هي عملية تستغلها إسرائيل دائما لتحقيق أهدافها المائية في إثيوبيا.
- المساعدات الإقتصادية.
نجد هنا أن إسرائيل تقوم بعملية تمويل ومساعدات كبيرة لإثيوبيا منذ نشأة العلاقات بين البلدين وحتي أثناء فترة قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فالمساعدات الإسرائيلية لإثيوبيا فنجد أنها ومنذ بداية عقد التسعينيات من القرن العشرين فإن إسرائيل دعمت إثيوبيا بمساعدات مختلفة، وأضافت عليها صبغة الدولة ذات الأولوية في تلقي المساعدات الإقتصادية والتكنولجية، وذلك بطبيعة الحال يرجع لأهمية إثيوبيا الإستراتيجية بالنسبة لإسرائيل.
كما أننا نجد أن تلك المساعدات مساعدات متنوعة في مجالات إقتصادية تنموية كثيرة فنجد أنها تشمل المساعدات العديد من المساعدات المختلفة التي تشمل النواحي الزراعية والصحية والتنموية والفنية([104]).
- الإستثمارات الإقتصادية.
تتعدد هنا المجالات الإستثمارية التي تتخذها إسرائيل لتحقيق التغلغل الإقتصادي من أجل التأثير على الأمن المائي في مصر، فنجد أن وصل التغلغل الإسرائيلي الإقتصادي في إثيوبيا إلي درجة أنها حصلت على امتيازات للبحث عن البترول، ولقامت بعملية تأسيس ل 40 شركة وسجلت على أنها شركات إثيوبيا وكان ذلك في العام ([105])1996.
وقامت إسرائيل بتعزيز علاقاتها الإقتصادية المختلفة مع إثيوبيا، وفي هذا المجال عملت على تأسيس العديد من الشركات الإسرائيلية فيها، وتقوم بتسجيلها على أنها إثيوبية وذلك حتى تقدر على مد نشاطها إلى باقي دول المنطقة، واستطاعت تلك الشركات احتكار العديد من السلع في الأسواق الإثيوبية، ونجد أن إسرائيل تقوم بالتركيز كثيرا علي المجال الزراعي بسبب احتياجاتها للموارد الزراعية نظرا لقلة الموارد الزراعية في إسرائيل، ومن الأمثلة على ذلك تملك شركة (انكودا )، أراضي مساحتها 50 ألف هكتار، وكانت هذه الأراضي أملاك سابقة لشركة (سيا) الإيطالية الزراعية في إثيوبيا([106]).
وعن الإستثمارات في مجالات البنية التحتية إسرائيل على جانب كبير منها، فنجد أن اتحاد المقاولين الإسرائيليين قد قام بتنفيذ مشروع البنية التحتية في إثيوبيا، والذي قدرت تكلفته بنصف مليار دولار، وتتنوع تلك الأنشطة التي تقوم بها الشركات الإسرائيلية التي تستثمر في إثيوبيا ما بين إقامة شبكة الإتصالات النقالة، ونقل الزهور الطبيعية الأثيوبية إلى أوروبا لاستخراج العطور، والإعلانات والإنتاج التلفيزيوني([107]).
ونجد أن وصلت قيمة الواردات من اثيوبيا الى إسرائيل مايقارب 15.2دولار، أي زيادة بقيمة 5% عن عام 2002، و6% عن عام 2001م و20% عن عام 2000م، أما الصادرات الإسرائيلية إلى إثيوبيا فنجد أنها ازدادت ما بين يناير ونوفمبر من عام 2003م بنسبة 500%، أي مايعادل 9.6مليون دولار([108]).
وقامت إسرائيل بعقد اتفاقيات تجارية طويلة الامد مع اثيوبيا فى تصدير إسرائيل معظم احتياجاتها من السلع التى تحتاجها اثيوبيا اليها, وشهدت الصادرات الاثيوبية إلى إسرائيل نمواً بمعدل تجاوز 200 %سنويا على مدار معظم سنوات التسعينيات, ويبلغ إجمالى رأس المال الإسرائيلى المستثمر فى أثيوبيا حوالى بليون و57 مليون دولار أمريكى فى 281 مشروعا منهم 11 تحت التنفيذ([109]).
علاوة على ذلك يوجد اختراق منظمات أمريكية يهودية لشراء ملايين الأفدنة فى إثيوبيا بنظام التأجير لفترات طويلة من السنوات وربما قد تصل الى مائة عام، لإستغلالها فى عملية إنتاج الحبوب، وبالتالى تستطيع إسرائيل وبالتعاون مع تلك المنظمات السيطرة على مساحات واسعة من الاراضى والتحكم فى إثيوبيا لاستخدامها سياسياً، وتستفيد إسرائيل فى النهاية من كل هذه الإتفاقيات الإستفادة الأكبر وبشروطها وذلك يرجع لأنها تمتلك الأبحاث العلمية والتمويل والتخطيط وبالإضافة إلى أعلى تقنية فى المجالات الاخرى، وكذلك إدارة محترفة, بما يدعم نفوذ إسرائيل وقوتها فى المناورة والضغط على البلدان الافريقية بشكل عام، وإثيوبيا بشكل خاص([110]).
ونجد أن أفيجدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيليعندما زار إثيوبيا وخلال جولته الأفريقيى قد افتتح مركز بوتاجي لزراعة البساتين المتميزة بأثيوبيا، والمتخصص في تكاثر الفواكه والخضروات الإستوائية، ونجد أن هذا المشروع قد شاركت فيه ثلاث جهات ألا وهى([111]):
- والتنمية الريفية الأثيوبية.
- الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
- الوكالة الإس رائيلية لتنمية التعاون الدولي.
ونجد هنا أن هناك العديد من الشركات الإسرائيلية التي تعمل في إثيوبيا وأهمها ([112]):
- الشركة الإسرائيلية المائية: والتي تقوم بمشروعات وأعمال ري في أثيوبيا لحساب البنك الدولي، إضافة إلى أعمال إنشائية في أوجادين، ويقع على عائق هذه الشركة تنفيذ المشاريع المائية في أثيوبيا.
- شركة الدا التجارية: وهى متخصصة في بيع الآلات الزراعية ومعدات الري والبذور وتربية الدواجن والمبيدات ومستحضرات الطب البيطري.
- شركة آسيا للمواد الكيمائية والصيدلانية :وتقوم بصنيع الأد وية والمواد الز راعية، ولها مصنع للمواد الطبية في أثيوبيا.
- شركة سوليل بونيه للبناء والأشغال العامة.
- شركة ميكرون وتقوم بتطوير مصادر المياه وساهمت في بناء خزانات على بحيرة تانا.
ونجد أنه من الملاحظ هنا أن أغلبية تلك الشركات تعمل في مجال الزراعة والري، وذلك كله دليل على التوغل الإقتصادي الإسرائيلي في إثيوبيا من أجل التأثير على الأمن المائي المصري.
وبذلك التعمق الإقتصادي الإسرائيلي في إثيوبيا نجد أن هناك العديد من الأضرار القادمة على الأمن المائي المصري، ومن هنا تحاول الدراسة إبراز أهم تأثيرات التدخلات الإقتصادية الإسرائيلية على على الأمن المائي المصري.
أضرار التدخل الإقتصادي الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن المائي المصري:
بداية نجد أن إسرائيل تلجأ إلى عملية عسكرة المياه داخليا وخارجيا، فمن الناحية الداخلية نجد أنها تقوم بإحكام السيطرة على مصادر المياه التي استولت عليها، ومن الناحية الخارجية نرى أنها تقوم بمحاولات سياسية كثيرة ومتنوعة لفرض السيطرة سواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر على مصادر المياه الأخرى المحيطة إقليميا بإسرائيل([113])، وإثيوبيا خير دليل على ذلك.
ويتضح لنا أن نهر النيل يعتبر أمنا قوميا مائيا؛ باعتباره ليس فقط أساس الاقتصاد المصري والتنمية في مصر، بل لأنه الأساس الذي تقوم عليه مصر وأساس وجودها، ومن هنا فإن السياسة المصرية تقوم على أساس مبدأين أساسيين وهما([114]):
- تنظيم مياه نهر النيل.
- وتأمين وصول مياه نهر النيل بالقدر التاريخي، والحفاظ على حصة مصر من مياه النيل، وفقًا للاتفاقيات التاريخية والحقوق التاريخية المكتسبة.
فالتهديدات الإسرائيلية في إثيوبيا هنا تتضارب وبشدة مع أهداف مصر المائية التي تريدها من الحفاظ على حقوقها التاريخية في مياه النيل، نجد أن هذه التدخلات التي تقوم بها إسرائيل في إثيوبيا تجعل من مصر مهددة بفقد أمنها المائي، حيث أن 85 % من مياه نهر النيل تأتي من هضاب الحبشة، فمن هنا يتولد التهديد المباشر للأمن المائي المصري الذي يجب على مصر ان تقف في وجهه بالمرصاد.
ونجد أنه مستقبليا سوف يظهر هذا العجز المائي إذا لم تقوم مصر بالحفاظ على حقوقها التاريخية المكتسبة في نهر النيل من الخطرالصهيوني.
حقيقة نجد العديد من الإتفاقيات الثنائية بين مصر وإثيوبيا وهذه الإتفاقيات، ربما تكن حتى الآن هي التي تحمي مصر ولو جزئيا من أثار التدخل الإقتصادي الإسرائيلي في أفريقيا وتأثيراته على الأمن المائي المصري وفيما يلي عرض هذه الإتفاقيات الثنائية بشئ من الإختصار
نجد أن مصر وقعت مصر خمسة اتفاقيات ثنائية مع إثيوبيا وهي([115]):
- بروتوكول روما (15 إبريل 1891):
وهو برتوكول تم توقيعه بين بريطانيا العظمى ممثلة عن مصر، وإيطاليا ممثلة عن إريتريا، وقد تعهدت إيطاليا فيه، بعدم إقامة أية منشآت لأغراض الري على نهر عطبرة يمكن أن تؤثر على تدفقات مياه النيل إلى الدول الأخرى، وخصوصا مصر.
- اتفاقية أديس أبابا (15 مايو 1902):
هذه الاتفاقية وقعتها بريطانيا نيابة عن مصر، مع الإمبراطور,”منيليك الثاني“ملك إثيوبيا، والذي تعهد فيها بعدم إقامة أو السماح بإقامة أي منشآت على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط من شأنها أن تعترض سريان مياه النيل، إلا بموافقة الحكومة البريطانية والحكومة السودانية مقدما.
- اتفاقية لندن (13 ديسمبر 1906):
وتم توقيع هذه الاتفاقية بين كلا من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وينص أحد بنودها على أن تعمل هذه الدول معا على تأمين دخول مياه النيل الأزرق وروافده إلى مصر.
- اتفاقية روما 1925:
وهي عبارة عن مجموعة خطابات متبادلة بين بريطانيا وإيطاليا في العام 1925، وتعترف فيها إيطاليا بالحقوق المائية المكتسبة لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما، وتتعهد بعدم حدوث أي إنشاءات من شأنها أن تمنع تدفق المياه إلى المجرى الرئيسي للنهر.
- إطار التعاون:
تم توقيعه في القاهرة في يوليو 1993، بين كلٍ من الرئيس المصري مبارك، ورئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي،وكان لهذا الإطار دور كبير في تحسين العلاقات المصرية الإثيوبية.
ومن هنا نجد أن إثيوبيا بالتعاون مع إسرائيل التي تخترقها إقتصاديا تريدان التأثير على المصدر الرئيسي للمياه في مصر، فإثيوبيا تريد أن تتنصل من هذه الإتفاقيات، وتريد إعادة توزيع المياه مرة أخرى، وتقود الدول الأفريقية الأخرى وظهر ذلك جليا في إتفاقية عنتيبي 2009 من أجل الإضرار بالأمن المائي المصري.
إثيوبيا لا تقوم بهذا وحدها من أجل الإضرار بالأمن المائي المصري وإنما الدعم والتدخل الإقتصادي الإسرائيلي في هذا الأمر هو ما يدفعها دفعة قوية إلى تهديد الأمن المائي المصري.
خاتمة الفصل الثاني:
تناولت الدراسة في هذه الفصل عملية التدخل السياسي والإقتصادي الإسرائيلي المؤثر على الأمن المائي المصري، فمن ناحية التدخل السياسي، نجد أن علاقة ميليس زيناوي رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل بإسرائيل، قد كانت تمثل محورا مهما في العلاقات السياسية بين البلدين وتأثيراتها على المياه، ثم تعرضت الدراسة فى هذا الفصل لعملية سد النهضة والتدخل الإسرائيلي فيه وأضراره على مصر.
ثم انتقلت الدراسة للحديث عن دوافع التدخل الإقتصادي الإسرائيلي في إثيوبيا ومبرراته، وكيف أن إثيوبيا قد أصبحت أرضا خصبة لإسرائيل للتدخل الإقتصادي من ناحية التأثير على الأمن المائي المصري، مع تناول الأضرار التي ربما تعود على مصر نتيجة الزحف الإقتصادي الإسرائيلي خلف إثيوبيا من أجل مياه النيل.
الفصل الثالث: أثر التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن العسكري المصري
يتناول هذا الفصل عملية التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا المؤثرة على الأمن العسكري المصري، وذلك من خلال الأداة السياسية والأداة الإقتصادية التي تتخذهما إسرائيل للتأثير على الأمن العسكري المصري، ونجد هنا أن إسرائيل تحاول قلب موازين القوى في المنطقة الجنوبية لمصر وكسب التحالف الإثيوبي تحسبا لأي نزاع عسكري قادم مع مصر، فهي حتى وإن لم تجعل إثيوبيا تتحالف مع مصر فإنها تحاول تحييدها من أي نزاع عسكري محتمل تكون إسرائيل جزئا منه.
الفصل الثالث: أثر التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن العسكري المصري.
المبحث الأول: أثر التدخل السياسي الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن العسكري المصري.
ترتبط عملية التدخل السياسي الإسرائيلي في إثيوبيا بعملية محاولة التأثير على الأمن العسكري المصري، ومحاولة إحداث خلل في التوازن العسكري والإستراتيجي في منطقة القرن الأفريقي وشمال أفريقيا، وإحداث عملية من قلب موازين القوى في تلك المنطقة لصالح إثيوبيا، نظرا لتحالفها القوي معها من ناحية، ونظرا لأنها تقع في قلب منطقة معادية لدولة الإحتلال الإسرائيلي.
ونجد أن إسرائيل تسعى لبناء تحالف مع الدول الموجودة على هامش الشرق الأوسط وبالتحديد إثيوبيا وتركيا وإيران، وذلك مرجعه لأن هذه الدول دول غيرعربية تشترك في تاريخ معادي للعرب، وأي محاولة للعرب في الإتحاد تؤثر على أمن هذه الدول([116])، إذا فالتدخل السياسي الإسرائيلي في إثيوبيا هو عملية إستراتيجية تقوم بها إسرائيل لتحقيق أهدافها في تطويق الأمن القومي العربي من ناحية الجنوب.
ونجد هنا أن الخبراء والقادة العسكريين في إسرائيل يؤيدون هذا التوجه فنجد حاييم إسكوف رئيس الأركان الإسرائيلي السابق يقول:
“إن نجاح إسرائيل في تطوير علاقاتها مع دول شرق أفريقيا، وخاصة تلك التي تقع جنوب الصحراء، والمتاخمة للدول العربية، سيحقق لإسرائيل مكاسب استراتيجية كبيرة، ومثل هذه المكاسب ستساعد إسرائيل على تلافي ذلك الضعف الإستراتيجي المتمثل في إحاطتها بطوق عربي محكم والوصول إلي الظهر العربي المكشوف من ميدان لا يتوقعه العرب”([117]).
ولا شك أن هذا التدخل السياسي الإسرائيلي في إثيوبيا المؤثر على الأمن العسكري المصري يرجع لأهمية منطقة القرن الأفريقي وتتضح أهمية منطقة القرن الأفريقي في العديد من الأمور التي ظهرت تاريخيا وفيما يلي توضيح تلك الأهمية لتلك المنطقة في إفريقيا، والتي تقع فيها إثيوبيا للتأثير على الأمن العسكري المصري.
هنا نجد أن الوجود العسكري والسياسي الإسرائيلي في جنوب الأمن الإقليمي لمصر وفي إثيوبيا على وجه الخصوص، من شأنه أن يضيف المزيد من الأعباء على أجهزة الأمن القومي المصرية، ويؤدي هذا الأمر إلى وضع مصر أمام أحد خيارين وهما ([118]):
الخيار الأول: زيادة الإنفاق على هذه الأجهزة لمواجهة هذه الأعباء الجديدة، ومن هنا تزداد المشكلة الإقتصادية.
الخيار الثاني: تقليل فاعلية هذه الأجهزة من خلال القيام بإعادة توزيع الكوادر في ضوء الموارد المتاحة.
إذا هنا نجد أن عمليات التدخل الإسرائيلي في إفريقيا تضع الأمن العسكري المصري في حالة مأزق شديد، فهي إما أن تعمل على زيادة الإنفاقات العسكرية على الأجهزة الأمنية المختصة بحماية الأمن العسكري المصري، مما يزيد من عملية المشكلة الإقتصادية التي تمر بها مصر خصوصا منذ الفترة بعد ثورة 25 يناير 2011، أو أنها تقوم بتقليل فاعلية هذه الأجهزو بسبب عدم قدرتها على مواجهة الأعباء المتزايدة على أمنها العسكري جنوبا.
ونجد أن قيام ارتباط إسرائيلي – إثيوبي من خلال بعد عسكري واضح، من شأنه أن يكرس وضع إسرائيل كقوة إقليمية عظمى، وذلك الأمر يحسب بالخصم من حساب القوة الشاملة المصرية، ويزيد من عملية الضغط على مصر إقليميا ودوليا([119])، والتي ينتج عنها وضع مصر أمام الخيارات التي تم طرحها فيما سبق.
وتتعدد الدوافع التي تجعل من إسرائيل تتدخل سياسيا في إثيوبيا والتي تؤثر على الأمن العسكري المصري، إلا إننا نجد أن أهم تلك الدوافع التي تتخذها إسرائيل كمبررا للتدخل السياسي في إثيوبيا للتأثير على الأمن العسكري المصري، هما:
- الأهمية الإستراتيجية لمنطقة القرن الأفريقي.
- الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر.
- قلب ميزان القوى لصالح إثيوبيا في المنطقة.
وفيما يلي توضيح هذه الأمور:
الأهمية الاستراتجية للقرن الافريقي.
نجد أن القرن الأفريقي هو ذلك الجزء البارز من الجانب الشمالي الشرقي للقارة الأفريقية أحادية القرن، ويحده جغرافيا من الغرب بخط وهمي يمتد من خط الحدود السياسية بين كينيا والصومال إلى حدود جيبوتي الغربية ويمتد جغرافيا من خليج عدن والمحيط الهندي، فالساحل الصومالي، يمتد من منطقة رحيتا الأرتيرية في خليج عدن إلى رأس غور دفوي، ومنها إلى حدود كينيا لمسافة تزيد عن 2500 كلم، في منطقة تمثل طريقا هاما يربط شرق أفريقيا بالخليج العربي وبالقارة الآسيوية من ناحية وقناة السويس من ناحية أخرى، ويمثل من ناحية أخرى عمقا استراتيجيا للإمتداد الجغرافي المتصل دون انقطاع من مصر التي تمثل قناة السويس فيها المدخل الشمالي للبحرالأحمر، وحتى باب المندب في الجنوب مرورا بالسودان وأرتيريا([120]).
هذا الموقع أتاح لمنطقة القرن الأفريقي سهولة الاتصال وتبادل الآراء والأفكار والاحتكاك بمناطق العالم المختلفة، أما فيما يختص بتعريف المنطقة وعدد الدول المكونة لها، فقد اختلف المهتمون والمختصون في ذلك يؤكد بأن الدلالة السياسية للمنطقة تتعدى الدلالة الجغرافية، نظرا للأهمية التي يحتلها موقعها المتميز والمؤثر على التفاعلات الجارية في منطقة واسعة تحتوي على مساحة كبيرة من الأرض والبحار والممرات، فالمنطقة تشرف على ممرين مائيين في غاية الأهمية، فهي تتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، الذي يعتبر أحد طريقي مرور ناقلات النفط في الخليج والجزيرة العربية إلى الدول الصناعية، مارة بقناة السويس([121]).
إذا فإننا هنا نجد الكثير من الدلالات التي تشيرإلى الأهمية الإستراتيجية لمنطقة القرن الأفريقي التي تقع فيها إثيوبيا مما يدفع إسرائيل لعملية التدخل السياسي فيها، والتأثير على الأمن العسكري المصري في ذلك.
الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر.
يعتبر البحر الأحمر واحدا من أهم طرق الملاحة الرئيسية في العالم إذ يربط بين قارات ثلاث هي أفريقيا وآسيا وأوروبا، وتمثل قناة السويس في شماله شريانا ملاحيا له أهمية إستراتيجية دولية مهمة، ونجد أن أغلب الدول المطلة على هذا البحر هي دولا عربية، فباستثناء إسرائيل وإريتريا للدول العربية التالية سواحل تطل عليها: مصر والسعودية والأردن والسودان واليمن وجيبوتي والصومال، وتبلغ نسبة مجموع هذه السواحل 90% من إجمالي سواحل البحر الأحمر.([122])
ولا تتوقف أهمية البحر الأحمر الإستراتيجية على كونه ممرا ملاحيا مهما فقط وإنما يضاف إلى ذلك كونه معبرا رئيسيا لتصدير نفط الخليج إلى الأسواق العالمية، كما أنه المنفذ البحري الجنوبي لإسرائيل والرابط الأساسي بين التجارة الراغبة في الوصول إلى ما بين البحر المتوسط والمحيط الهندي وبحر العرب. لذا فمكانته كبيرة في مجال الجغرافيا السياسية والجغرافية الإستراتيجية([123]).
ولذلك فإننا نجد أن الدول الكبرى، والقوى الإقليمية دائما ما تحرص على أن يكون لها موضع قدم في هذا البحر، وتدرك إسرائيل ذلك جيدا، وتدرك أهمية ذلك البحر إستراتيجيا في التأثير على الأمن العسكري المصري.
ونجد أن البحر الاحمر قد نال أهمية متزايدة في الأهمية الاستراتجية الإسرائلية الأمنية بعد حدثين هامين هما([124]) :
حرب 5 يونيو 1967 م:
حيث حصلت إسرائيل على مساعدات عسكرية قتالية من قواعد أمريكية في إثيوبيا في ذلك الوقت، وتم نقلها الى إسرائيل عبر البحر الاحمر .
حرب اكتوبر 1973م :
ونجد أن إسرائيل قد عانت في هذه الحرب من فرض حظر عليها من قبل البحرية المصرية بإغلاق مضيق باب المندب في وجه مصالحها بعد إذ أصبح المرور الإسرائيلي في هذه المياه مسألة استرتجية بالنسبة لدولة الإحتلال الإسرائيلي.
قلب ميزان القوى لصالح إثيوبيا.
تندفع إسرائيل بلا هوادة من أجل قلب موازين القوى لصالح إثيوبيا في منطقة القرن الأفريقي وفي منابع النيل خصوصا، من أجل أن تجعل إسرائيل هي الدولة القائدة والمهيمنة في تلك المنطة، للتأثير على الأمن العسكري المصري، وتقليل من حسابات القوي الشاملة المصرية لصالح إثيوبيا، تحسبا منها لدور مصر أي صراع في المنطقة ضد إسرائيل.
ونجد أن التدخلات الإسرائيلية المؤثرة على الأمن العسكري المصري لها عدة أوجه، وعدة طرق وفيما يلي توضح الدراسة أهم أوجه التدخلات السياسية الإسرائيلية في إثيوبيا والمؤثرة على الأمن العسكري المصري.
أوجه التدخلات السياسية الإسرائيلية في إثيوبيا المؤثرة على الأمن العسكري المصري:
يمكن هنا رصد العديد من الأوجه للتدخلات السياسية الإسرائيلة في إثيوبيا والتي من خلالها يتضح ذلك الخطر الإسرائيلي على الامن العسكري المصري فنجد أن إسرائيل تقوم بالعديد من الأمور السياسية من أجل التأثير على الأمن العسكري المصري ونجد أن أهم تلك الأمور هي:
توطيد العلاقات السياسية بين إثيوبيا وإسرائيل.
محاولة السيطرة على البحر الأحمر.
وفيما يلي توضيح تلك الأمور:
توطيد العلاقات بين إثيوبيا وإسرائيل.
هنا نجد أن إسرائيل تعمل دائما على تعميق الصداقة والتعاون مع إثيوبيا، واتضح ذلك جليا في الحديث عن علاقة ميليس زيناوي رئيس الوزراء الإثيوبي السابق بدولة إسرائيل، حتي إننا نجد خلفه ديسالنجيه يسير على نفس خطاه، من أجل تحقيق مصالح البلدين.
ونجد أن إسرائيل هي الحليف الأهم لأثيوبيا في شرق إفريقيا ومن خلالها يمكن لإسرائيل التأثير في بقية دول المنطقة، خاصة وأن إسرائيل قد تجاوزت العقبة الكبرى والمتمثلة في استقلال أريتريا، لتصبح هي الصديق المشترك للدولتين الأعداء أثيوبيا واريتريا([125]).
ونجد أيضا أن علاقة إثيوبيا بإسرائيل سوف تستمر لأنها تخدم مصالح الطرفين، وبأنه بنفس القدر الذي تحتاج فيه إسرائيل لإثيوبيا ، فإن أثيوبيا في حاجة للخدمات الإسرائيلية في مختلف المجالات، لأن أثيوبيا تطمح في التطور والنمو ولعل فتحها لأبواب الإستثمارات الأجنبية يأتي في هذا السياق وفى الوقت الراهن ربما هي أكثر دول حوض النيل الشرقي جذباً للإستثما رات، في ظل عملية الفوضى السياسية التي تعصف بأغلب دول المنطقة الأخرى([126]).
بالإضافة إلى ذلك تحرص إثيوبيا علي إبراز دورها كقوة إقليمية قادرة علي خدمة المصالح الأمريكية والغربية في منطقة القرن الإفريقي والشرق الأوسط، ولا سيما المصالح الخاصة بمحور بالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وتستفيد اثيوبيا من إسرائيل فى العديد من المجالات فعلى المستوى العسكرى والأمنى نجد أن إسرائيل مورد رئيسى للسلاح والتكنولوجيا العسكرية لاثيوبيا, كما يقوم الخبراء العسكريين الإسرائيلىين بتقديم الدعم والخبرة والتدريب للجيش الإثيوبى, كما تحظى إثيوبيا بدعم إسرائيل وواشنطن لتعزيز نفوذها فى منظقة القرن الإقريقى والتدخل فى الصومال, وتنال إسرائيل العديد من المساعدات والإستثمارات الإسرائيل, وهناك تعاون استخباراتى كبير بينهما([127]).
ومن خلال ما سبق يتضح لنا مدى عمق وأهمية اثيوبيا لإسرائيل وكونها تمثل ورقة إسراتيجية هامة لتحقيق المصالح القومية الإسرائيلية والحفاظ على الأمن القومى الإسرائيلى, واستخدامها كساحة فى إدارة الصراع العربى الإسرائيلى, ومدى أهمية إسرائيل لاثيوبيا كداعم لها وحليف إستراتيجى يحقق لاثيوبيا العديد من المصالح والمكاسب السياسية والأمنية والاقتصادية.
محاولة السيطرة على البحر الأحمر:
سبق وأن تناولت الدراسة أهمية البحر الأحمر في الفكر الإسرائيلي، ونجد أن إثيوبيا رغم إنفصال إريتريا وكونها دولة حبيسة لا تطل على أية سواحل فإنها تحاول من خلالها الضغط على دول الجوار للحصول على منافذ على البحر الأحمر واتضح ذلك جليا في التدخل الإثيوبي في الصراع الصومالي.
ونجد أن الدول العربية هنا تحاول أن تقوم بمقاومة هذا التدخل الإسرائيلي الذي يحاول السيطرة على البحر الأحمر، نظرا لأهمية ذلك البحر في الأمن الإقليمي العربي فنجد أن الرئيس السوداني عمر البشير يقول:
“إن إسرائيل تعمل حاليا على بناء قاعدة في الجزر الإثيوبية في باب المندب لتهديد الدول العربية المطلة على البحر الأحمر”([128]).
لذلك فإن إسرائيل تعتبر البحر الأحمر ومسألة السيطرة عليه مسألة أمن قومي ومسألة وجود لها.
بالإضافة إلى ما سبق ذكره فإن إسرائيل تقوم بدعم إثيوبيا سياسيا في المنطقة من أجل أن تصبح إثيوبيا حليفتها الأولي هي الدولة القائدة في المنطقة، إذا فنجد هنا أن مصر تحتاج هنا إلى وقف المد السياسي الإسرائيلي في إثيوبيا الذي يحد من قدراتها العسكرية، ويعيق من حفاظها على أمنها العسكري.
الفصل الثالث: أثر التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن العسكري المصري.
المبحث الثاني: أثر التدخل الإقتصادي الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن العسكري المصري.
منذ تأسيس الدولة الإسرائيلية في 15 مايو 1948، وأداة التدخل الإقتصادي تستخدمها إسرائيل مع حلفائها من أجل تحقيق أهدافها القومية والحفاظ على أمنها وإستقرارها، ولذلك فإننا نجد أن التدخل الإسرائيلي من الناحية الإقتصادية يؤثر كثيرا على الأمن العسكري المصري وينقص من حساب القوة الشاملة لمصر من الناحية العسكرية.
فنجد هنا أن الإقتصاد يدفع إسرائيل للتدخل من أجل الحفاظ على إقتصادها هي أولا، في سبيل الحصول على المياه الأمر الذي يؤدي بدوره ربما إلى حرب مياه قادمة تلعب فيها الناحية العسكرية دورا كبيرا، فالأمن العسكري المصري قائم على العديد من الأسس ومنها المحافظة على المياه التي تعتبر المحور الرئيسي في العلاقات بين الدول الثلاث في الدراسة مصر وإثيوبيا وإسرائيل، ومن هنا تتناول الدراسة أهمية الإقتصاد بالنسبة لإسرائيل ودوره في التأثير على الأمن العسكري المصري.
الأداة الإقتصادية الإسرائيلية والأمن العسكري المصري:
فنجد أن إسرائيل تستخدم هذه الأداة الإقتصادية حتى تبني إقتصادها هي من خلال مياه إثيوبيا التي تريدها من مصر وتؤثر بها على الأمن العسكري المصري ونجد الكاتب اليهودي الأمريكي هوارس ماير كالن في كتابه ” الصهيونية والسياسة العالمية” عام 1921 يقول:
” إن إقتصاد فلسطين وعدد الناس التي يمكن إعالتها ومكانتها الثقافية وتنظيمها الإجتماعي، يجب أن تعتمد إلى حد بعيد على درجات التصنيع التي يمكن تحقيقها، والتصنيع يعتمد على الطاقة، وفي فلسطين خلال المرحلة الحاضرة من السيطرة التقنية على الطاقة، لا يمكن لهذه الطاقة إلا أن تنحصر بالطاقة المائية، فالطاقة المائية هي مسألة حدود”([129])، فالمسألة الإقتصادية هنا تؤثر وبشكل مباشر على الأمن العسكري المصري بشكل مباشر.
وتاريخيا نجد أن زعماء الحركة الصهيونية تقدموا إلى مؤتمر السلام بفرساي في 3 فبراير 1919، بمذكرة رسمية تضمنت مطالب لحدود كاملة، وتم وصفها بأنها شيء ضروري لبناء البلاد إقتصاديا([130]).
ويقول تيودور هيرتزل في كتابه الأرض الجديدة ..الأرض القديمة ” إن المؤسسين الحقيقيين للأرض الجديدة – القديمة هم مهندسو المياه، فعليهم يعتمد كل شئ من تجفيف المستنقعات إلى ري المساحات المجدبة، وإلى إنشاء معامل توليد الطاقة الكهربائية من الماء”([131])، فالإقتصاد الإسرائيلي هنا الذي يجب أن يقوم على المياه نجد أنه يؤثر على الأمن العسكري المصري، ويجعل الأمن العسكري المصري يركز وبشكل أكبر على الجنوب ويخفف الضغط على مراقبة الحدود مع إسرائيل.
إسرائيل تهدد الأمن العسكري المصري بشتى الطرق ولا تتردد في ذلك إذا كان الأمر يتعلق بأمنها هي، وهنا نجد أن أي مكسب عسكري لإسرائيل هو خسارة عسكرية لمصر، وتهديدات العرب لإسرائيل إقتصاديا يقابلها تهديدات عسكرية مباشرة وصريحة فنجد مثلا أن ليفي أشكول رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق لبنان بفقد استقلاله في حالة التفكير في تحويل مجرى نهر الأردن([132]).
وأيضا تستغل إسرائيل إثيوبيا للعمل على فتح إطر جديدة فى القارة الإفريقية, فالقارة الإفريقية غنية بمواردها, كما أنها قابلة لغزوها اقتصادياً واجتياح أسواقها واستثمار مواردها الطبيعية، كما تقوم إسرائيل بتقديم الدعم الفنى وإرسال خبرائها وتقديم الدعم والتدريب فى العديد من القطاعات كالزراعة والرأى والتعليم والاتصالات وفى المجال العسكرى وغيرها من المجالات, كما تقوم بتدريب الخبراء الاثيوبين فى هذا المجالات([133]).
إسرائيل دولة قوية من الناحية الإقتصادية وهي تستخدم ذلك التقدم وتستغل إثيوبيا في ذلك فنجد أن إسرائيل طبقا لتقرير وكالة الإستخبارات الأمريكية معدل دخل الفرد فيها هو 33 ألف و700 دولار سنويا وهي بذبلك في المركز 55 من بين دول العالم عام 2015 ([134])، في حين نجد الدخل للفرد في مصر في نفس العام هنا هو 11 ألف و800 دولار سنويا وهي بالتالي في المركز 127 عالميا([135]).
ونجدهنا أن إسرائيل قد أرادت من تدخلها الإقتصادي المؤثر على الأمن العسكري المصري، الإستفادة من إثيوبيا أو بمعنى أدق من موقع إثيوبيا في ما يلي([136]):
أ- إيجاد قنوات تبادل معلوماتي مع الأجهزة الإستخباراتية الأثيوبية موجهة نحو الدول العربية ومصر خصوصا.
ب – تنفيذ المخططات الأمريكية في المنطقة بالوكالة عن الولايات المتحدة الأمريكية، ومساعدة النفوذ الأمريكي على التغلغل في القارة الإفريقية، وخصوصا في الناحية الإقتصادية المؤثرة على الأمن العسكري المصري.
ج – الاستفادة منها في حصار النفوذ العربي والإسلامي في قارة إفريقيا، وتقليل القدرات الشاملة للدول العربية خصوصا مصر.
د- اتخاذها مركزا متقدماً للحفاظ على أمن إسرائيل لأنه من خلالها يمكن التأثير على مصر بشتى الطرق.
تشير الدلائل السابقة إلي أهمية الأداة الإقتصادية بالنسبة لإسرائيل في التغلغل في إثيوبيا من أجل التأثير على الأمن العسكري المصري وتتعدد تلك المؤشرات التي تدل علي التدخل الإقتصادي الإسرائيلي المؤثر على الأمن العسكري المصري، وفيما يلي توضح الدراسة دلائل هذا التدخل الإقتصادي المؤثر على الأمن العسكري المصري.
دلائل التدخل الإقتصادي الإسرائيلي المؤثر على الأمن العسكري المصري:
نجد هنا أن إسرائيل تقوم بالعديد من أوجه الدعم الإقتصادي لإثيوبيا في سبيل التأثير على الأمن العسكري المصري وتتلخص أوجه تلك الدعامات في:
- عقد الصفقات العسكرية بين البلدين.
- تدريبات الجيش الإسرائيلي للجيش الإثيوبي.
- تقديم الدعم الفني العسكري للقوات الإثيوبية.
- توريد الأسلحة والدعم المالي لإثيوبيا.
نجد هنا أن إسرائيل ومنذ نشأتها تعمل على عملية خلق وجود دائم لها في إثيوبيا من خلال توطيد العلاقات معها، فعندما انسحب الخبراء العسكريون السوفيت والكوبيون من إثيوبيا، ظهرت حاجة إثيوبيا إلى خبراء عسكريين، فمن هنا جاءت إسرائيل لتعويض هذه الفجوة، وزودت إثيوبيا بصفقات سلاح وذخائر ومعدات عسكرية، بالإضافة إلى تدريب الطياريين الإثيوبيين في القوات الجوية الإسرائيلية، وأيضا قيام خبراء عسكريين إسرائليين بتدريب القوات الإثيوبية([137]).
ونجد أيضا أنه في عام 1956 فتحت إسرائيل قنصلية لها في أديس أبابا، وبعدها بعام فقط أي عام 1957قام الإمبراطور الإثيوبي هيلاسيلاسي بالطلب من رئيس الوزراء الإثيوبي بن جوريون وقتها أن تقوم إسرائيل بعملية تدريب الجيش الإسرائيلي ووافقت إسرائيل على ذلك، إلى أن اعترفت إثيوبيا بإسرائيل اعترافا قانونيا ومن ثم عملية التبادل الدبلوماسي ([138]) تمت بين البلدين باعتبار إسرائيل نموذج تنموي ناجح من الممكن أن تسير إثيوبيا على خطاه.
وبالإضافة إلى ذلك تعتبر إسرائيل من أهم موردى السلاح لإثيوبيا وتقوم إسرائيل بتقديم المساعدات والمنح العسكرية لأثيوبيا مقابل السماح ليهود الفلاشا بالهجرة لإسرائيل، وقد استأنفت عمليات التهجير ليهود الفلاشا فى يناير 2010 م ، بالأضافة إلى وجود علاقات استخباراتية وثيقة بين الموساد الإسرائيلى وإثيوبيا، فالموساد الإسرائيلى يعمل بشكل مكثف فى أديس أبابا ويدير فريق لجمع المعلومات الاستخبارتية، يقوم بجمع المعلومات عن جزيرة دهلك الاريترية مما مكنه من إدارة مركز مراقبة وجمع المعلومات عن اليمن والسعودية والسودان([139])، وذلك كله في سبيل التأثير على الأمن العسكري العربي والمصري.
وحتى بعد وصول منجستو إلى الحكم 1974 م، قام الموساد بالاتصال بالنظام الجديد الذي كان تحت ضغط الأزمات الداخلية في إثيوبيا ومعركتها ضد الصومال والحركات المعارضة، فاستجاب منجستو للعرض الإسرائيلى بتقديم مساعدات ضخمة له، ومما لاشك فيه أن العلاقات الثنائية بين إسرائيل إثيوبيا يغلب عليها الطابع الامني، ومن ذلك نجد أنه كان لابد من إيجاد قنوات التعاون وتبادل المعلومات بين الموساد وأجهزة الاستخبارات الأفريقية وإقامة مراكز اتصال وجمع المعلومات تخص الموساد فيما يتعلق بالعديد من الأمور وخصوصا المتعلقة بالأمن العسكري المصري([140]).
أضرار التدخل الإقتصادي الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن العسكري المصري:
سبق وأن تحدثت الدراسة عن الأثار التي تترتب على التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا على الأمن العسكري المصري والتي أهمها أنها تضع مصر أمام خيارين صعبين جدا، والخياران أحلاهما مر:
فالخيار الأول يتلخص في أن مصر هنا يجب عليها أن تقوم بزيادة الإنفاقات العسكرية لها مما يزيد من حدة الوضع الإقتصادي في مصر، وهذا خيار صعب.
والخيار الثاني يتلخص في الحفاظ على نفس الأجهزة العسكرية المختصة بالوضع في إثيوبيا لكن هنا تقل فاعليتها، وذلك بسبب تشعب الأمور التي يجب معالجتها في مسألة التدخل الإسرائيلي الإقتصادي في إثيوبيا المؤثر على الأمن العسكري المصري.
إذا فمصر تحتاج هنا إلي معالجة سياسية للأمر للحفاظ على مسألة أمنها العسكري من الخطر الإسرائيلي القادم من الجنوب.
خاتمة الفصل الثالث:
تناولت الدراسة في هذا الفصل عملية التدخل السياسي والإقتصادي الإسرائيلي في إثيوبيا وتأثيرها على الأمن العسكري المصري، وعوامل الجذب التي تجعل من إثيوبيا مجالا حيويا للتدخل الإسرائيلي في أفريقيا، وفي النهاية يضع هذا التدخل مصر في حيرة من أمرها، فهي إما أن:
- تزيد إنفقاتها العسكرية على حساب الإنفقات الأخرى.
- تقليل فعالية أجهزتها العسكرية.
وهنا نجد أن الأمن العسكري المصري في خطر قوي يداهمه من الجنوب بدعم من إسرائيل، وعلى مصر أن تتحرك لمواجهة هذا الخطر.
الخاتمة:
يقوم الأمن القومي المصري على العديد من الأسس المختلفة المادية والمعنوية الراسخة في التاريخ، والتي يعتبر المساس بها هو تهديد مباشر للأمن القومي المصري، ونجد أيضا أن السياسة الخارجية الإسرائيلية لها العديد من الأهداف في القارة الأفريقية تتلخص في:
- الأهداف السياسية.
- الأهداف الإقتصادية.
- الأهداف الأيدولوجية.
وتتعارض هذه الأهداف بشكل مباشر مع أسس ومعطيات الأمن القومي المصري، ومن هنا تتولد عملية التعارض وتصادم المصالح بين مصر وإسرائيل من خلال الدولة محل الدراسة وهي إثيوبيا.
ونجد أن إثيوبيا تحتل مكانة كبيرة في الفكر السياسي الإسرائيلي، فالتحالف الإستراتيجي الإسرائيلي مع إثيوبيا يجعل إسرائيل تصل إلى المصدر الذي يمد مصر ب85% من مياهها في النيل، وبالتالي تصل إلي التهديد المباشر للأمن المائي والعسكري المصري والعربي.
هنا نجد أن التدخل الإسرائيلي في إثيوبيا هو عملية ليست حديثة على السياسة الخارجية الإسرائيلية، فهي أقدم من الدولة الإسرائيلية ذاتها ذاتها، والعلاقات بين البلدين علاقات وطيدة ومتنوعة إلا أن مهمة تلك العلاقات بالنسبة لإسرائيل هي:
- تطويق الأمن القومي العربي.
- محاولة الحصول على مياه النيل.
هذا التهديد المباشر للأمن القومي المصري يجعل من إسرائيل تعدد من أدواتها في التعامل مع إثيوبيا، فنجدها تستخدم الأداة السياسية تارة والأداة الإقتصادية تارة أخرى، وفي الناحية الأخرى كانت إثيوبيا أرضا خصبة لذلك التدخل، والسبب الرئيسي لذلك هو غياب العرب عن تلك المنطقة، بالإضافة إلى المنافسة التاريخية بين مصر وإثيوبيا حول الزعامة في تلك المنطقة من القارة الأفريقيا.
من ناحية التأثير الإسرائيلي على الأمن المائي المصري نجد أن حالة العجز المائي التي تمر بها إسرائيل تدفعها للضغط من أجل الحصول على مياه النيل فهي تريد 1% من المياه التي تصل إلى مصر من النيل، لذلك فهي داعم رئيسي لبناء سد النهضة من أجل الضغط على مصر من خلال هذه الورقة، حتى أن هناك تصريحا لنتنايهو يقول فيه أنه إذا كانت مصر تريد إيقاف سد النهضة فإنه عليها أن تقوم بإيصال الماء لإسرائيل.
وعلى الجانب الأخر في الأمن العسكري فإن التدخل الإسرائيلي يلجأ بمصر إلى خيارين، فهي إما أن تزيد من إنفاقاتها على أمنها العسكري على حساب النواحي الأخري، أو أن تقلل من فاعلية تلك الأجهزة، وفي الحالتين فإن التأثير يكون سلبيا على مصر، لكن الحفاظ على الأمن القومي المصري هو أمر حتمي بالنسبة لمصر.
إذا فمصر تحتاج في الفترة الحالية إلى عملية تفعيل لدورها الإيجابي في القارة الأفريقية، من أجل تحجيم الدور الإسرائيلي فيها، ورغم أن إسرائيل دائما ما يتم إدانتها في الإتحاد الأفريقي إلا أن دورها الفعال في العلاقات مع بعض الدول الأفريقية يحتاج من مصر أن تقوم بدور أكبر تجاه هذه الدول من أجل إيقاف المد الإسرائيلي فيها.
التوصيات:
هنا يمكن الدراسة بتقديم العديد من التوصيات والتي تكمن في:
- زيادة التعاون بين مصر ودول حوض النيل وخصوصا في عملية التعاون الإقتصادي، ويجب أن تقوم مصر بقيادة هذه العملية.
- اللجوء إلى عملية الحوار والتحكم في المشاكل التي تقع بين هذه الدول، أيا كانت نوعية هذه المشاكل من خلال غطاء الإتحاد الأفريقي.
- محاولة ربط إثيوبيا بمصر من خلال تفعيل التعاون في المجالات المختلفة، وذلك لمقاومة التغلغل الإسرائيلي في إثيوبيا
- الإستمرار في عملية التفاوض حول مسألة سد النهضة، وجعل الكل رابح من هذه المسألة، ومحاولة الوصول لحل وسط حول مواصفات السد الفنية.
- تقديم المنح الدراسية للطلبة الإثيوبيين، وتفعيل المزيد من التعاون العسكري بين مصر وإثيوبيا.
- الإتفاق بين مصر وإثيوبيا على عدم التهديد بالصدام العسكري، أو حتى التلويح به، وأن الحوار هو السبيل الوحيد لتحقيق مصالح البلدين.
- أن تبذل مصر أقصى جهودها للحفاظ على حقوقها التاريخية في مياه نهر النيل.
10-الإتفاق الضمني بين مصر وإثيوبيا على احترام المعاهدات والإتفاقيات التاريخية بين البلدين.
قائمة المراجع:
أولا: المراجع باللغة العربية.
الكتب:
- عبدالملك على أحمد عودة، إسرائيل وأفريقيا: دراسة في العلاقة الدولية، معهد الدراسات العربية العالمية، 1964.
- مجدي حماد، إسرائيل وأفريقيا: دراسة في إدارة الصراع الدولي، دار المستقبل العربي، القاهرة، 1986.
- حمدي عبدالرحمن، إسرائيل وأفريقيا في عالم متغير، من التغلغل إلى الهيمنة، برنامج الدراسات المصرية الأفريقية، القاهرة، 2001.
- عواطف عبدالرحمن، إسرائيل وأفريقيا، منظمة التحرير الفلسطينية – مركز الأبحاث، لا يوجد مكان نشر، لا يوجد سنة نشر.
- حمدي سليمان المشوخي، التغلغل الإقتصادي الإسرائيلي في أفريقيا، دار الجامعات المصرية، القاهرة، 1972.
- حمدي عبدالرحمن، سياسة إسرائيل تجاه أفريقيا، جامعة أفريقيا العالمية، الخرطوم، 2013.
- بطرس بطرس غالي، العلاقات الدولية في إطار منظمة الوحدة الأفريقية، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1974.
- محمد جمال الدين الفندي، النيل، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1993.
- سعاد ناجي جواد عبدالسلام، الأمن القومي العربي ودول الجوار الأفريقي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، أبوظبي، 1999.
10-محمود محمد محمود خليل، أزمة الماء في الشرق الأوسط والأمن القومي العربي والمصري، المكتبة الأكاديمية، القاهرة، 1998
11 – إبراهيم نصر الدين، دراسات في العلاقات الدولية الأفريقية، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2011.
الرسائل العلمية:
- غادة محمد أحمد زيان، السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه منطقة القرن الأفريقي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2014.
- عارف عبدالقادر عبده سعيد، التنافس الدولي في منطقة القرن الأفريقي منذ نهاية الحرب الباردة، رسالة دكتوراة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2007.
- جمال حسن منصور، دور المؤسسة العسكرية في صنع السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا بعد انتهاء الحرب الباردة عام 1991، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2012.
- آية محمد يحيى حامد، البعد المائي في الصراع العربي الإسرائيلي: دراسة للسياسات الإسرائيلية تجاه نهري اليرموك والليطاني، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2015.
- إيهاب السيد أبو عيش، تداعيات انفصال جنوب السودان على الأمن القومي المصري، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2014.
- إيمان أحمد عبد الحليم مهدي، التحول الديموقراطي والأمن القومي: مع التطبيق علي مصر والعراق 1991-2005، رسال ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2008.
- محمد أحمد علي عدوى، العشوائيات والأمن القومي في مصر 1990-200: دراسة في الأبعاد الداخلية لمفهوم الأمن، رسالة دكتوراة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2005.
- وائل زكريا عبدالمعبود، التدخل الدولي في ليبيا وانعكاساته علي الأمن القومي المصري، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2014.
- علي الصاوي، الأبعاد الداخلية لمفهوم الأمن القومي 1974-1984، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 1988.
- هند ضياء الدين السيد محمود، العلاقات المصرية – الإثيوبية: قضايا التعاون والصراع في الفترة 1990-2011، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2015.
- إيمان بكر أبو الهوى، التهديدات الإسرائيلية للأمن القومي والمائي العربي: دراسة حالة إسرائيل ونهر الأردن في الفترة(1994-2000)، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم العسكرية، جامعة القاهرة، 2012.
- عبداللطيف فاروق أحمد، انفصال جنوب السودان وتأثيراته على الأمن القومي المصري، رسالة ماجستير،معهد البحوث والدراسات العربية، جامعة الدول العربية، 2014.
- إيمان عبدالمنعم زهران، المحدد المائي كآلية للصراع في المشرق العربي: دراسة حالة حوض نهر الأردن، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2012.
- أحمد عبدالتواب عبدالبصير محمد، أثر انفصال جنوب السودان على حقوق مصر المائية: دراسة تحليلية في ضوء أحكام القانون الدولي، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2014.
- محمد سالمان طايع، محدودية الموارد المائية، والصراع الدولي: دراسة حالة لحوض نهر النيل، رسالة دكتوراة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2005.
الدوريات والمجلات العلمية:
- خالد وليد محمود، التغلغل الإسرائيلي في القارة السمراء..إثيوبيا دراسة حالة، مركز الجزيرة للدراسات، 29 يناير 2012.
- أسامة عبدالرحمن الأمين، التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا، إثيوبيا نموذجا، وأثره على دول حوض النيل الشرقي، جامعة أفريقيا العالمية، لا يوجد تاريخ نشر.
- مي غيث، أزمة سد النهضة والأمن المائي المصري، المركز العربي للبحوث والدراسات، 29 ديسمبر2013.
- هاني رسلان، رؤية نقدية لإدارة أزمة سد إثيوبيا، موقع مجلة السياسة الدولية، العدد 199.
- صفاء محمد الملاح، تقرير عن “كيف تواجه مصر مأزق سد المهضة في إثيوبيا”، موقع مجلة السياسة الدولية، 18 يونيو 2013.
- محمود محارب، التدخل الإسرائيلي في السودان، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 16 يونيو 2011.
- محمد سالمان طايع، إعلان مبادئ سد النهضة ودبلوماسية المياه المصرية، موقع مجلة السياسة الدولية، 5 إبريل 2015.
- سامح راشد، العلاقات بين مصر وجنوب السودان: الواقع والمستقبل، مركز الروابط للبحوث والدراسات الإستراتيجية، 28 أغسطس2015.
ثانيا: المراجع باللغة الإنجليزية.
1-Mordechat Krenyn, Israel and Africa, Fredrick a.praeger, new yourk. 1964.
2- Joel Peters, Israel and Africa:the problematic friendship, british academic press, London, 1992.
3- gili cohen (repot): Israel weapons fueling south sudan civil war, hareetz, 26 Aug 2015.
4- Dalia abdelkader, the impact of the gulf crisis on Egyptian national security, phd, feps, cu, 2000.
5- Mary E.morries (editor), wter security and security, the emirates center for strategic studies and research, abu dhabi 1998.
[1]) شملت هذه الزيارة أربع دول أفريقية وهي أوغندا، كينيا، إثيوبيا رواندا.
[2])) غادة محمد أحمد زيان، السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه منطقة القرن الأفريقي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2014، ص 1.
[3]))مجدي حماد، إسرائيل وأفريقيا: دراسة في الصراع الدولي، دار المستقبل العربي، 1986، ص 25.
[4]))عارف عبدالقادر عبده سعيد، التنافس الدولي في منطقة القرن الأفريقي منذ نهاية الحرب الباردة، رسالة دكتوراة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2007، ص 305.
[5]))جمال حسن منصور، دور المؤسسة العسكرية في صنع السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا بعد انتهاء الحرب الباردة عام 1991، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2012.
[6])سمر إبراهيم محمد إبراهيم، السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه منطقة القرن الأفريقي منذ عام 1990-2001، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرةن كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2006
[7])) حمدي سليمان المشوخي، التغلغل الإقتصادي الإسرائيلي في أفريقيا، دار الجامعات المصرية، 1972.
[8]) آية محمد يحيى حامد، البعد المائي في الصراع العربي الإسرائيلي: دراسة للسياسات الإسرائيلية تجاه نهري اليرموك والليطاني، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2015.
([9]عبدالملك عودة، النشاط الإسرائيلي في أفريقيا، جامعة الدول العربية، معهد الدراسات العبرية والعالمية، القاهرة، 1966.
[10]) حمدي عبدالرحمن، إسرائيل وأفريقيا في عالم متغير من التغلغل إلى الهيمنة، مركز الدراسات المصرية الأفريقية، جامعة القاهرة، 2001.
[11]) حمدي عبدالرحمن، مصر وتحديات التدخل الدولي في أفريقيا، الهيئة العامة المصرية للكتاب، القاهرة، 2013.
[12]) إيهاب السيد أبو عيش، تداعيات انفصال جنوب السودان على الأمن القومي المصري، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2014.
[13]) إيمان أحمد عبد الحليم مهدي، التحول الديموقراطي والأمن القومي: مع التطبيق علي مصر والعراق 1991-2005، رسال ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2008.
[14]) محمد أحمد علي عدوى، العشوائيات والأمن القومي في مصر 1990-200: دراسة في الأبعاد الداخلية لمفهوم الأمن، رسالة دكتوراة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2005.
[15]) وائل زكريا عبدالمعبود، التدخل الدولي في ليبيا وانعكاساته علي الأمن القومي المصري، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2014.
[16]) علي الصاوي، الأبعاد الداخلية لمفهوم الأمن القومي 1974-1984، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 1988.
[17]) عبدالمنعم المشاط، الأمن القومي المصري عقب ثورة 30 يونيو، مجلة السياسة الدولية، العدد 196، علي الرابط التالي: http://www.siyassa.org.eg/NewsQ/3635.aspx تاريخ الدخول 10/4/2016.
[18]) نورهان الشيخ، تحديات الأمن القومي أمام الرئيس، المركز العربي للبحوث والدراسات، 3يوليو 2014، على الرابط التالي: http://www.acrseg.org/8998 تاريخ الدخول 10/4/2016.
([19]جمال محمد السيد ضلع، النظام السياسي الإثيوبي منذ عام 1960، رسالة دكتوراة، معهد البحوث والدراسات الأفريقية، جامعة القاهرة، 1997.
[20]) هند ضياء الدين السيد محمود، العلاقات المصرية – الإثيوبية: قضايا التعاون والصراع في الفترة 1990-2011، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2015.
[21]) محمد يوسف، المسلمون في إثيوبيا بين الحاضر وآفاق المستقبل، مركز الجزيرة للدراسات، 27 إبريل 2015، متاح علي الرابط التالي: http://studies.aljazeera.net/ar/issues/2015/04/201542682816259199.html تاريخ الدخول 10/4/2016.
[22]) عبدالرحمن يوسف علي، أثر غياب ملس زيناوي على إثيوبيا والقرن الإفريقي، مركز الجزيرة للدراسات، 13 مايو 2013، متاح علي الرابط التالي: http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2013/05/20135912178313170.html تاريخ الدخول 10/4/2016.
[23])) وائل زكريا عبدالمعبود، التدخل الدولي في ليبيا وانعكاساته علي الأمن القومي المصري، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة،2014، ص21.
[24])) علي الصاوي، الأبعاد الداخلية لمفهوم الأمن القومي، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 1988، ص ص 1-2.
([25])http://mawdoo3.com/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8 تاريخ الدخول 20/4/2016.
[26]) إيمان بكر أبو الهوى، التهديدات الإسرائيلية للأمن القومي والمائي العربي: دراسة حالة إسرائيل ونهر الأردن في الفترة(1994-2000)، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم العسكرية، جامعة القاهرة، 2012، ص 21.
[27] المرجع السابق، ص 22.
[28]) سعيد الصالحي، محاضرات في الأمن القومي، أكاديمية ناصر العسكرية: كلية الدفاع الوطني، 2014، ص 57.
[29] المرجع السابق، ص 58.
[30]) عبدالناصر محمد سرور، أثر العامل الخارجي على السلوك السياسي المصري تجاه العراق خلال أزمة وحرب الخليج الثانية 1990-1991، مجلة الجامعة الإسلامية، سلسلة الدراسات الإنسانية، المجلد الثالث عشر- العدد الأول ص ص 107-124، 2005، pdf.
[31]) عبداللطيف فاروق أحمد، انفصال جنوب السودان وتأثيراته على الأمن القومي المصري، رسالة ماجستير،معهد البحوث والدراسات العربية، جامعة الدول العربية، 2014، ص .
[32]) منى دردير محمد أحمد أبو عليوة، السياسة الخارجية الروسية تجاه إيران خلال الفترة ( 2000-2011)، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2013، ص 22.
[33])سمر إبراهيم محمد إبراهيم، السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه منطقة القرن الأفريقي منذ عام 1990-2001، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2006، ص 55.
[34]) محمد علي العويني، السياسة الخارجية الإسرائيلية في أفريقيا، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية ، جامعة القاهرة، 1971، ص 81.
[35])) جمال حسن منصور، دور المؤسسة العسكرية في صنع السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا بعد انتهاء الحرب الباردة عام 1991، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2012 ، ص 121.
[36]))المرجع السابق ص 121-122.
[37]) غادة محمد أحمد زيان، السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه منطقة القرن الأفريقي بعد أحداث الحداي عشر من سبتمبر 2001، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2014، ص 39-40
[38])) محمد علي العويني، مرجع سابق، ص 84.
[39])) غادة محمد أحمد زيان، مرجع سابق، ص 36.
([40]) جمال منصور حسن منصور، مرجع سابق، ص 122.
[41]) غادة محمد أحمد زيان، مرجع سابق، ص36
[42]) المرجع السابق، 36.
[43]) سامي صبري عبدالقوي سيد، العلاقات بين الكونغو كينشاسا وإسرائيل (1960-1982)، رسالة ماجستير، معهد البحوث والدراسات الأفريقية، جامعة القاهرة، 2008، ص 119.
[44]) سمر إبراهيم محمد إبراهيم، مرجع سابق، ص 58.
[45]) جمال منصور حسن منصور، مرحع سابق ص 12124.
[46]) غادة محمد أحمد زيان مرجع سابق، ص 38.
[47]) غادة محمد أحمد زيان، مرجع سابق، ص 38.
[48]) إبراهيم نصر الدين، المشروع الصهيوني في أفريقيا، الموسوعة الأفريقية، المجلد الخامس، معهد البحوث والدراسات الأفريقية، جامعة القاهرة، مايو 1997، ص 8.
[49]) غادة محمد أحمد زيان، مرجع سابق، ص 38.
[50]) محمد علي العويني، مرجع سابق، ص90.
[51]) سمر إبراهيم محمد إبراهيم، مرجع سابق، ص 59.
[52]) غادة محمد أحمد زيال، مرجع سابق، ص 39.
[53]) غازي دحمان، التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا ومخاطره على الأمن العربي،في: http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2008/6/25/ تاريخ الدخول 20/5/2016.
[54]) حسام سويلم، الأهداف القومية الإسرائيلية واستراتيجية تنفيذها في: http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2004/10/3/ تاريخ الدخول 22/5/2016.
[55]) سمر إبراهيم محمد إبراهيم، مرجع سابق، ص 59.
[56]) المرجع السابق، ص 59.
[57])) خالد وليد محمود، التغلغل الإسرائيلي في القارة السمراء: أثيوبيا دراسة حالة، مركز الجزيرة للدراسات، 24يناير2012، ص3، pdf.
[58]) أحمد فؤاد محمد رسلان، مفهوم الأمن القومي: دراسة في النظرية السياسية مع تطبيق ميداني على المجتمع المصري المعاصر، رسالة ماجستير، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 1977، ص 257.
[59]) المرجع السابق، ص 257.
[60] المرجع السابث، ص 257.
[61] المرجع السابق، ص 265.
[62] المرجع السابق ص 273.
[63]) سعيد الصالحي، محاضرات في الأمن القومي، أكاديمية ناصر: كلية الدفاع الوطني، 2014، ص 166.
[64]) المرجع السابق، 166-169.
[65]) المرجع السابق، ص 169-17-.
[66]) المرجع السابق، ص 171.
[67] المرجع السابق، ص 172.
[68] المرجع السابق، ص 172-173.
[69] المرجع السابق، ص 173.
[70] المرجع السابق، ص 174.
[71] المرجع السابق، ص 175.
[72])) محمود علي، الكيان الصهيوني، وإثيوبيا، علاقات تتنامي ومخاطر تتزايد، 29يناير، 2016، في http://elbadil.com/2016/01/29/%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A-%D9%88%D8%A5%D8%AB%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%AA%D9%86%D8%A7/ تاريخ الدخول، 25/5/2016.
[73] محمد سالمان طايع، محدودية الموارد المائية والصراع الدولي: دراسة حالة لحوض نهر النيل، رسالة دكتوراة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، ص 336.
[74] المرجع السابق، ص 356.
[75] المرجع السابق، ص 339.
[76] المرحع السابق 344.
[77] ميليس زيناوي: رئيس وزراء إثيوبيا منذ 22 أغسطس 1995 حتى وفاته في 20 أغسطس 2012. وكان شغل قبل ذلك منصب الرئيس من 28 مايو 1991 إلى 21 أغسطس1995.
[78] مركز الناطور للدراسات والأبحاث، علاقات إسرائيل وإثيوبيا على ضوء وفاة ميليس زيناوي، 28أغسطس 2012، على الرابط التالي: http://natourcenter.info/portal/2012/08/28/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%AE%D8%A7%D8%B5-%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%A5%D8%AB%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89/
تاريخ الدخول 25/5/2016.
[79] الجزيرة نت، زيناوي: مصر ربما تلجأ للحرب، 24نوفمبر 2010، على الرابط التالي: http://www.aljazeera.net/news/arabic/2010/11/24/%D8%B2%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%88%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%B1%D8%A8%D9%85%D8%A7-%D8%AA%D9%84%D8%AC%D8%A3-%D9%84%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8 تاريخ الدخول: 26/5/2016.
[80] المرجع السابق.
[81] مركز الناطور للدراسات والأبحاث، علاقات إسرائيل وإثيوبيا على ضوء وفاة ميليس زيناوي، مرجع سابق.
[82] محمد سالمان طايع، محدودية الموارد المائية والصراع الدولي: دراسة حالة لحوض نهر النيل، مرجع سابق، ص381.
[83] المرجع السابق، 336.
[84] المرجع السابق، ص 353.
[85] المرجع السابق، 358.
[86] المرجع السابق، ص 364.
[87] شبكة المرصد الإخبارية، إثيوبيا تشكر الإمارات وإسرائيل على مساعدنهم في بناء سد النهضة، 5/6/2013، على الرابط التالي، http://marsadpress.net/?p=10619، تاريخ الدخول 27/5/2016.
[88] سحر رمضان، معارض إثيوبي:إسرائيل ودول عربية وراء تمويل سد النهضة، بوابة الوفد الإلكترونية، 15/4/2014، على الرابط التالي :
[89] محمد سالمان طايع، محدودية الموارد المائية والصراع الدولي: دراسة حالة لحوض نهر النيل، مرجع سابق، 345.
[90] أحمد عسكر، مؤتمر” المخاطر المستقبلية لسد النهضة على دول المصب”: حلول مصرية، السياسة الدولية على الرابط التالي: http://www.siyassa.org.eg/NewsQ/3161.aspx تاريخ الدخول 29/5/2016.
[91] مي غيث، أزمة سد النهضة والأمن المائي المصري، المركز العربي للبحوث والدراسات، 29/12/2013، على الرابط التالي: http://www.acrseg.org/2240/bcrawl . تاريخ الدخول: 28/ 5/2016.
[92] مي غيث، المرجع السابق.
[93] أحمد عسكر، مؤتمر” المخاطر المستقبلية لسد النهضة على دول المصب”: حلول مصرية، مرجع سابق.
[94] محمد سالمان طايع، مرجع سابق، ص 347.
[95] المرجع السابق، ص 353.
[96] المرجع السابق، 335.
[97] المرجع السابق، ص 356.
[98] أشرف محمد عبالحميد كشك، السياسة المائية المصرية تجاه دول حوض النيل في التسعينيات، ماجستير، 2005، ص 115.
[99] تقرير وكالة الإستخبارات الأمريكية عن إثيوبيا علي الرابط التالي: https://www.cia.gov/library/publications/resources/the-world-factbook/geos/et.html. تاريخ الدخول: 30/ 5/ 2016.
[100] المرجع السابق.
[101] المرجع السابق.
[102] أشرف محمد عبالحميد كشك، السياسة المائية المصرية تجاه دول حوض النيل في التسعينيات، مرجع سابق، ص110.
[103] المرجع السابق، ص 115.
[104] عارف عبدالقادر عبده سعيد، التنافس الدولي في منطقة القرن الأفريقي منذ نهاية الحرب الباردة، رسالة دكتوراة، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2007، ص 308-309.
[105] محمد سالمان طايع، مرجع سابق، 376.
[106] عارف عبدالقادر عبده سعيد، التنافس الدولي في منطقة القرن الأفريقي منذ نهاية الحرب الباردة ، ص 307.
[107] المرجع السابق، ص 307-308.
[108] محمود خليفة جودة محمد،العلاقات الإسرائيلية الإثيوبية فى ضوء النظرية الواقعية، المركز الديموقراطي العربي، للدراسات الإقتصادية والسياسية والإستراتيجية، لا يوجد سنة نشر، متاح على الرابط التالي: https://democraticac.de/?p=748
تاريخ الدخول: 27/5/2016.
[109] المرجع السابق.
[110] المرجع السابق.
[111] أسامة عبد الرحمن الأمين, التغلغل الإسرائيلى فى دول حوض النيل الشرقى,مؤتمر دول حوض النيل الشرقى, معهد البحوث والدراسات الافريقية,جامعة القاهرة, 28-29 مايو 2012م، ص 190-191.
[112] المرجع السابق، ص 192، pdf.
[113] محمد سالمان طايع، مرجع سابق، ص 354.
[114] مي غيث، أزمة سد النهضة والأمن المائي المصري، مرجع سبق ذكره.
[115] المرجع السابق.
[116] محمد سالمان طايع، محدودية الموارد المائية والصراع الدولي: دراسة حالة لحوض نهر النيل، مرجع سابق، 365-366.
[117] المرجع السابق، ص 370.
[118] أشرف محمد عبالحميد كشك، السياسة المائية المصرية تجاه دول حوض النيل في التسعينيات، مرجع سابق، ص115.
[119] أشرف عبدالحميد كشك، مرجع سابق، ص 115.
[120] لا يوجد مؤلف، العلاقات الإثيوبية الإسرائيلية وأثرها على دول الجار العربي، لا يوجد دار نشر، لا توجد سنة نشر، ص 15، على الرابط التالي: http://dspace.univ-km.dz/xmlui/bitstream/handle/123456789/914/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AB%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A9%D9%88%D8%A3%D8%AB%D8%B1%D9%87%D8%A7%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D8%AF%D9%88%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A.pdf?sequence=1&isAllowed=y
[121] المرجع السابق، ص 16.
[122] الجزيرة نت، الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر، على الرابط التالي: http://www.aljazeera.net/news/arabic/2008/10/4/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%85%D9% 8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%B1 ، تاريخ الدخول 30/5/2016.
[123] المرجع السابق.
[124] لا يوجد مؤلف، العلاقات الإثيوبية الإسرائيلية وأثرها على دول الجار العربي، مرجع سابق، ص 38-39.
[125] أسامة عبد الرحمن الأمين, التغلغل الإسرائيلى فى دول حوض النيل الشرقى، مرجع سابق ص199.
[126] المرجع السابق، ص200.
[127] محمود خليفة جودة محمد، العلاقات الإسرائيلية الإثيوبية فى ضوء النظرية الواقعية، مرجع سابق.
[128] محمد سالمان طايع، محدودية الموارد المائية والصراع الدولي: دراسة حالة لحوض نهر النيل، مرجع سبق ذكره، 381.
[129] محمد سالمان طايع، محدودية الموارد المائية والصراع الدولي: دراسة حالة لحوض نهر النيل، مرجع سبق ذكره،ص 341.
[130] المجع السابق، ص340.
[131] المرجع السابق، ص 337.
[132] المرجع السابق، ص 343.
[133] محمود خليفة جودة محمد، العلاقات الإسرائيليه الاثيوبيه فى ضوء النظرية الواقعية، مرجع سابق.
[134] الإحصائيات عن إسرائيل على الرابط التالي: https://www.cia.gov/library/publications/resources/the-world-factbook/geos/is.html .
[135] الإحصائيات عن مصر على الرابط التالي: https://www.cia.gov/library/publications/resources/the-world-factbook/geos/eg.html .
[136] أسامة عبدالرحمن الأمين، مرجع سابق، ص 190.
[137] محمد سالمان طايع، مرجع سابق، ص 372.
[138] المرجع السابق، ص 368.
[139] لا يوجد مؤلف، العلاقات الإسرائيلية الإثيوبية وأثرها على دول الجوار العربي، مرجع سابق، ص 62.
[140] المرجع السابق، ص 63.