خالد العبيدي…”لقد كنت متأخرا في هجومك”
بقلم : أحمد الشحماني
أبتسمي ايتها الديموقراطية العرجاء في عراقنا الجديد, الكل اقسم ان يسّرق الوطن بإسمك, وان يخون الوطن بإسمك, وأن يقتل الشعب العراقي بإسمك, وأن ويمارس لعبة الأختلاس والأبتزاز, وبيع الضمير, ونهب ثروات الوطن بإسمك, وممارسة اقذر الأدوار الأنتهازية والصبيانية واللااخلاقية بإسمك . . . فمرحى بك ضيفا عزيزا أيتها الديموقراطية العرجاء في عراقنا الجديد.
من البديهيات الطبيعية المتعارف عليها في المجتمع الأنساني, عندما يختلف اللصوص والسّراق فيما بينهم على تقاسم السرقات والغنائم تفوح رائحة اختلاساتهم وتنكشف جرائمهم وتظهر عوراتهم . . .
ثمة تساؤلات حول طبيعة الأستجواب الذي جرت وقائعة في اروقة ما يسمى ببرلمان المهزلة «البرلمان العراقي»يوم الأثنين, لوزير الدفاع العراقي خالد العبيدي.
هل جرت وقائع الأستجواب في مؤسسة تمثل فعلا برلماناً عراقياً يتبنى هموم ومعاناة وتطلعات الشعب العراقي المبتلى بالأرهاب والقهر والحرمان أم إن ما جرى كان بمثابة تصفية حسابات ليس إلا في حلبة البرلمان الذي عصفت به رياح الفوضى والتناحرات والصراعات وتقاذف الشتائم, ودوي الصراخ وتفريغ شحنات الحقد والعداوات, وكشف المستور من سرقات واختلاسات وابتزاز, وملفات غامضة لأطراف وجهات سياسية متعددة لا حصر لها, مارست عملية الابتزاز من داخل ما يسمى بـــ «مجلس البرلمان العراقي» بأختلاف عناوينهم ومراكزهم وادوارهم وتكتلاتهم واحزابهم؟
وهل كان الأستجواب مبنيا على ادلة وشكوك دامغة أم ان الهدف من وراءه هو التسقيط السياسي وتشويه سمعة الرجل, إن لم تكن هنالك اجندات خارجية من وراء الجدران تحاول تعكير صفو الأجواء, وعرقلة وتأخير الترتيبات العسكرية, وسير القطعات التي يشرف عليها وزير الدفاع العراقي, سيما والجهود العسكرية في هذا الوقت بالذات منصبة نحو الهدف الرئيسي إلا وهو تحرير مدينة الموصل؟
هنا لابد من اثارة بعض التساؤلات المنطقية, وليس التقليدية التي دأب عليها السياسيون في تغطية فشلهم وهم يرقصون دائما على جراحات وعذابات العراقيين:
ولعل من بين ابرز التساؤلات التي يطرحها الشارع العراقي:
اذا كان كما يدّعون مراراً وتكراراً بأن الفساد الذي نخر جسد المؤسسة العسكرية وتحديدا كما يشيرون بأصابع الأتهام الى حكومة نوري المالكي السابقة في فسح المجال امام الدواعش لأبتلاع ثلثي أراضي العراق (الموصل وتكريت والرمادي) والذي اودى بحياة آلالاف الأبرياء في مجزرة سبايكر وما لحقها من انتهاكات وجرائم يندي لها جبين الأنسانية بحق الايزيديين والمسيحيين والتركمان وابناء المناطق الغربية الذين ضاقت بهم مدن العراق وبكت لمعاناتهم شوارع وارصفة العراق, اذن ما هو دور رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي؟
هل كان سيادته لا يعلم شيئا عن مجريات الأمور في اروقة مجلس النواب, ولا يعرف ماذا يدور في الغرف المظلمة, وما وراء الكواليس من صفقات وشبهات واختلاسات وابتزاز في وزارة الدفاع؟
اذا كان يدري فتلك لعمري مصيبة, وان كان لا يدري ــ هنيئا للعراقيين ــ فالمصيبة اعظم.
نعم السيد حيدر العبادي هو رئيس وزراء العراق في الحكومة الحالية, ويحمل صفة القائد العام للقوات المسلحة, وهو ليس مديرا عاما في وزارة عراقية بعيدة عن الأضواء ومنعزلة عن العالم, اي ان جميع ملفات وعقود الوزارات يجب ان يطلع عليها بشكل او بآخر عن طريق مدير مكتبه ومستشاريه السياسيين والأداريين والعسكريين والأعلاميين, ومن خلال اللجان المنضوية تحت أشرافه, او من خلال نسخ الملفات والعقود والصفقات المبرمة, وخاصة المتعلق منها بوزارة الدفاع بأعتبارها العمود الفقري لقيادة الجيش العراقي والتي يجب رفدها معنويا وتوجيهيا وتسليحيا, لاسيما ونحن في أمس الظروف لطرد وسحق فلول الدواعش وتحرير الأرض العراقية المحتلة, وإلا ما فائدة وجوده على رأس الهرم في الحكومة العراقية اذا كان الأمر لا يعنيه لا من بعيد ولا من قريب, ولا يهمه, ولا يكترث له.
اذن من هو الرجل الأول في الموقع الأول في الحكومة العراقية الحالية. . .؟ّ!
اذا كان سيادته لا يعلم ما يجري في وزارة الكهرباء من تلاعب في العقود واختلاسات وسرقات دفع الشعب العراقي المسكين ضريبتها لأكثر من ثلاثة عشر عاماً, وما زال صابرا محتسبا بالله, ولا يعلم ماذا يجري وراء الكواليس في وزارة التجارة, ووزارة الصحة والتربية والتعليم العالي والداخلية من صفقات واختلاسات وشبهات وفساد وانتهاكات لا يألفها العقل الأنساني, اذن ما هو دوره في الحكومة العراقية؟, وما هي مسؤولياته؟, هل هي مسؤوليات بروتوكولية؟ واذا كانت هكذا, اذن ما هو دور رئيس الجمهورية «المتوكل بالله»فؤاد معصومفي العملية السياسية؟, هل هو حامي الدستور أم «حامي مرمى»؟
أما بخصوص المُستجوب «وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي», يمكن ان نوجه له الأسئلة التالية:
أين كنت «يا بعد عيني»يا سيادة وزير الدفاع العراقي قبل ان يحين موعد السيناريو المخطط له من قبل «أخوة يوسف» رئيس مجلس النواب والدائرة المقربة منه, المتربصة بك للانقضاض عليك, كما تزعم, لحضور جلسة استجواب في مجلس النواب؟
هل كنت معتقلا في زنزانه بعيداً عن الأضواء؟, ام كنت خارج نطاق دائرة الأرادة الوطنية وخارج مملكة العقل؟, ولماذا اطبق الصمت اللعين على لسانك طوال تلك الفترة؟, ولماذا لم تتصل بالجهات القانونية والقضائية ولجان ما يسمى بالنزاهة, ولو «انا اشك اذا انا موجود», بأن هنالك لجان نزاهة على ارض الواقع تقوم بدورها الوطني والأخلاقي, بل هي لجان نزهة وليست نزاهة, ولو كانت هنالك فعلا لجان نزاهة حقيقية لأصطادت شباكها العديد من اسماك القرش من لصوص وسّراق المال العام, ولما حدث ما حدث, ولما اصبح البرلمان العراقي ملعبا لتقاسم الغنائم بين مافيات الكتل السياسية, وحلبة للتصفيات والأبتزاز, وما تصريح مشعان الجبوري في الأعلام بقبول السياسيين الرشوة العلنية وممارسة عملية الضغط والأبتزاز, وتهافتهم على ابرام وتقاسم العقود إلا شهادة من قلب الحدث.
أذن لماذا لم تسارع يا سيادة وزير الدفاع العراقي الى عقد مؤتمر صحفي قبل ان يلقي القوم بعصاهم السحرية الغليضة لألتهامك وابتلاعك؟, ولماذا لم تحاول كشف المستور في مكاشفة صريحة وجريئة تهز بها شباك مرمى الفساد والمفسدين, وتحرقهم قبل ان يفكروا بأضرام النار تحت اقدامك, وتبريء ساحتك امام الشعب العراقي الذي سيقف حتما معك مهما كانت الضغوط والملابسات, ومهما كان حجم المؤامرة وطبيعة الأبتزاز؟
انت الآن في هذه الجلسة فضحتهم, واذقتهم طعم الهزيمة, وهذا بلا شك يُحسب لك كمقاتل عراقي شجاع, وربما انت اول رجل يواجه رئيس البرلمان بشجاعة وتحدي مقاتل, ولكنك كنت متأخرا يا بعد عيني, بل كنت شريكالهم بصمتك وسكوتك!
ومن الصمت والسكوت ما قتل . . .!