الأفريقية وحوض النيلالدراسات البحثية

العلاقات المائية بين اسرائيل واثيوبيا “الأهداف” والمياه في الفكر الاستراتيجي الصهيوني

اعداد الباحث : محمد عادل عثمان – المركز الديمقراطي العربي

 

مقدمة:
يعود الاهتمام الإسرائيلي بالقرن الإفريقي بصفته أهم موقع استراتيجي بالنسبة لها من الناحية الأمنية وذلك لقيام الدولة الصهيونية في المنطقة الإسلامية والعربيةالتي عرفت بالشرق الأوسط، وتعد إثيوبيا الحليف الأول الاستراتيجي لإسرائيل في المنطقة ، وبوابتها إلى بقية دول القرن الإفريقي ، أما العلاقات الإسرائيلية الإثيوبية فأصل مرجعها تلك الأسطورة الخرافية التي تزعم بأن الدم اليهودي يسري في عروق منيليك ، ومن حكم بعد من حكام إثيوبيا ، باعتبارهم على حد زعم الأسطورة ، ينحدرون من صلب نبي الله سليمان عليه السلام [1].

ونجد ان كل ما يهم إسرائيل إلا يكون البحر الأحمر بحرا عربيا خالصا، لذا استمرت منذ عام 1949م في تقديم مساعداتها العسكرية لجميع حكام إثيوبيا ، وكان لإسرائيل قواعد عسكرية في الجزر الايرترية ، التي استأجرتها من إثيوبيا ،يوم كانت إرتيريا جزءا من إثيوبيا ،وقد أنشأت فيها هذه القواعد بعد زيارة “ديان” لإثيوبيا 1965م.

وهذا لأنه يشكل البحر الأحمر أهمية كبيرة بالنسبة للمصالح الإسرائيلية التجارية والاستراتيجية لأنها تعتمد عليه في تجارتها مع أفريقيا وآسيا وأستراليا، ونظرا لغياب قواعد عربية واضحة تحكم أمن البحر الأحمر، ومع استقلال إريتريا عام 1993 وابتعادها عن النظام العربي،[2]
ومن ناحية اخرى يعتبر القرن الأفريقي بما فى ذلك البحر الأحمر منطلق الطموحات لسياسة الجغرافية لكل من أثيوبيا وإسرائيل ،ففي العام 1949م نفدت إسرائيل الى البحر الأحمر باختراق خطوط الهدنة واحتلالها منطقة (أم الرشراش) على خليج العقبة ،وأنشأت عليها مرفأ إيلات ،ثم انتزعت بالعدوان الثلاثي على مصر فى العام 1956م حق المرور على مضايق تيران والبحر الأحمر ، وكرست هذا الحق اتفاقية كامب ديفيد ، وذهبت تبحث منذ اللحظة الأولى لوصولها الى البحر الأحمر عن مرتكز فى حوض البحر والتقت مصالحها مباشرة مع أطماع دولة أثيوبيا الساعية بدورها منذ عهد منليك للوصول الى سواحل البحر الأحمر والتحكم بمضيقه الجنوبي ،واستطاعة إثيوبيا فى ظل الدعم  الأمريكي عام 1952م من ان تقيم اتحاد فدرالي مع اريتريا تمهيداً لاحتلالها عسكرياً ثم ضمها الى الإمبراطورية  الإثيوبية عام 1962م وحققت بذلك هدفها السياسي والجغرافي بوصولها الى البحر والمياه المفتوحة وخروجها من العزلة البرية.

تتميز العلاقات الإسرائيلية الإثيوبية بتشعب أطرها وتعدد موضوعاتها، الشي الذي يعكس تنوع المصالح المتبادلة بين الطرفين والذي جاء بفعل إرث تاريخي يرجع إلي خمسينيات القرن الماضي، في الوقت الذي تظل فيه مسألة يهود الفلاشا والمياه والصراع العربي الإسرائيلي هي التي تتبادر إلي الأذهان عندما تثار العلاقة التي تربط إسرائيل بإثيوبيا وعلي الرغم من أن العلاقة الإسرائيلية الإثيوبية هي علاقة عادية طبيعية في بعض جوانبها ، إلا إنها تعد بالنسبة الى إسرائيل حيوية واستراتيجية، وبحسب مراقبين فإن العلاقة الثنائية الإسرائيلية الإثيوبية لازال يدور حولها جدل كبير منذ أكثر من نصف قرن بين صعود وهبوط شهدت أجواء من الهدوء والفتور مع النظام الإثيوبي إلا أن زيارة وزير خارجية ( إسرائيل ) السابق ” سيلفام شالوم” في مطلع يناير  2004 لإثيوبيا أعطت مؤشرات وأبعادا جديدة بعودة هذه العلاقات إلي عهدها الطبيعى.

فلقد وظفت إسرائيل عدة وسائل سياسية واقتصادية وثقافية وعسكرية لتمتين علاقاتها مع إثيوبيا إذا تقوم إسرائيل بإرسال مبعوثين وخبراء في جميع المجالات وعلي رأسها المجال الأمني والعسكري.وقد شهدت العلاقة الإسرائيلية نقلة نوعية كبيرة ، وقد تطورت هذه لعلاقة لتبلغ أوج التعاون في مجالات عدة ، فقد احتلت إثيوبيا أهمية خاصة في النشاط الاستخبارى نظرا لقدرتها على التحكم في منابع النيل، وتقاطر عليها قادة الأجهزة الأمنية (الإسرائيلية) في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات على نحو لافت للنظر، وكان التعاون العسكري هو أكثر ما اهتمت به (إسرائيل) .[3]

هذا في الوقت الذي تدور فيه خلافات بين هذه الدول ومصر علي حصص مياه النيل هناك دور صهيوني في هذا الصراعحيث سعت إسرائيل للاستثمار في إثيوبيا وأرسلت في الستينات من القرن الماضى خبراءها فى الأمن والتعليم والاتصالات والزراعة والصحة والتخطيط الاقتصادي وأصبحت السفارة الإسرائيلية فى أثيوبيا ثانى اكبر سفارة فى العالم من حيث درجات التمثيل الدبلوماسي .

ويكمن هدف إسرائيل الثابت من وجودها في هذه المنطقة في عدة نقاط:

  • رغبتها الحصول على مياه النيل والضغط على صانع القرار المصري نظرا لحساسية وخطورة (ورقة المياه) في الإستراتيجية المصرية ،حيث تلعب إسرائيل دورا غير مباشر فى صراع المياه بين دول حوض النيل استفادة من نفوذها الكبير فى دول( إثيوبيا – كينيا – رواندا)[4]
  • كسب الراى العام الافريقي بهدف الفوز بعدد اكبر من الدول ذات الثقل فى المؤسسات الافريقية المشتركة مثل منظمة الوحدة الافريقية خاصة وان الدول الافريقية تمثل ثانى اكبر كتلة تصويتية فى الامم المتحدة .[5]
  • ان اثيوبيا تشكل قاعدة اكثر صلابة فى مواجهة الدول العربية وخاصة السودان لاعتبارات جيواستراتيجية واقتصادية وبشرية.[6]
  • ارتباط القرن الإفريقي بالبحر الأحمر والخليج العربي، ومن ثم فهو يرتبط تقليدياً بمنظومة الأمنالإسرائيلي والسعي من اجل تحقيق اعتبارات التفوق العسكري والاقتصادي.

إزاء ذلك يمكن القول إن هناك قواعد تاريخية تتحكم في العلاقات الإسرائيلية الإثيوبية لأن إثيوبيا واحدة من ساحات الصراع في شبه القارة الإفريقية، فقد كثفت إسرائيل نشاطها هناك من أجل ضمان بقائها ووجودها وضمان أمنها، ومن الأهداف الاستراتيجية التي سعت إسرائيل في تحقيقها في علاقاتها مع إثيوبيا ” الأمن القومي” بمعني تأمينوجود اسرائيل وامكانية تمددها تحت ضغط الهجرة المتزايدة , وتحقيق الشرعية السياسة التي كانت في  مرحلة سابقة في مقدمة القضايا التي واجهت إسرائيل عن طريق كسر حلقة ” العزلة” المفروضة حولها بسبب” الصراع العربي الإسرائيلي بأن تعتمد على شرعية لها بعد دولي من خلال تأمين وجودها باعتراف أكبر عدد من دول العالم بها، وضمان الدعم المادي والسياسي لها ولتوجهاتها.

لهذا تحاول هذه الورقة البحثية ان تسلط الضوء علي جزء من العلاقات والاهداف الاسرائيلية في افريقيا عبر التركيز علي ورقة المياه كجزء من المصالح الاسرائيلية

المياه في الفكر الاستراتيجي الصهيوني 

احتلت مسالة المياه موقعا هامًا فى الفكر الاستراتيجي الصهيوني منذ بدء التفكير فى انشاء دولة اسرائيل وقد استند هذا الفكر الى ادعات دينية وتاريخية باطلة ناتجة عن اعتقادها بما جاء فى التوراة ، بالاضافة الى الاعتقاد الصهيوني ان الحدود المثالية لدولة إسرائيلتبدا من النيل الى الفرات ، ولهذا قامت الحركة الصهيونية بإيفاد الخبراء واللجان العلمية خلال القرن التاسع عشر لدراسة الموارد المائية فى فلسطين وكيفية الاستفادة من نهر الاردن فى توليد الطاقة الكهربائية. وقد قام بهذه الدراسات خبراء فرنسيون وأمريكيون عام 1850،  ومن بينهم هريس أحد مؤسسي الحركة الصهيونية أواخر القرن التاسع عشر، والجمعية العلمية البريطانية عام 1875، التي أوصت بإمكانية إسكان خمسة ملايين مهاجر يهودي في فلسطين، إلا أن أهمية المياه في الفكر الصهيوني أخذت تتبلور بعد انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 .

وفي عام 1903  حاولت الدوائر الصهيونية الاتصال بالحكومة البريطانية لإرسال البعثات الفنية لإجراء الدراسات حول إمكانية سحب جزء من مياه نهر النيل إلى سيناء، ومن ثم جر هذه المياه إلى النقب لتطويره وبناء المستعمرات اليهودية فيه. وفي عام 1919،  كان من أهم القرارات التي اتخذها المؤتمر الصهيوني العالمي الذي عقد بمدينة بازل بسويسرا: “يجب تذكير عصبة الأمم أنه لابد من إدخال المياه الضرورية للري والقوة الكهربائية ضمن الحدود وتشمل نهر الليطاني وثلوج جبل الشيخ” وقد مارست الدوائر الصهيونية ضغوطاً كبيرة على المجتمعين في مؤتمر الصلح في باريس عام 1919،  هذه المطالب قوبلت بالرفض خصوصاً من الفرنسيين الذين وضعوا سوريا ولبنان تحت انتدابهم، ،  كما يتضح أن الاهتمام الصهيوني انصب بشكل كبير على المناطق المتاخمة للحدود الشمالية لفلسطين،  لأن معظم مصادر المياه التي تغذي فلسطين تنبع من كل من سوريا ولبنان، حيث يقع نهر الليطاني في الأراضي اللبنانية والذي تذهب مياهه هدراً في البحر على حد تعبير بيجين عندما غزت إسرائيل لبنان عام 82 ،  لذلك بذلت الحركة الصهيونية جهوداً كبيرة لتوسيع الحدود الشمالية للاستحواذ على منابع المياه. ولتحقيق أهدافها فقد عملت الدوائر الصهيونية على إرسال العديد من البعثات خلال فترة الانتداب البريطاني إلى فلسطين لإجراء عمليات مسح للمصادر المائية واقتراح المشاريع المائية لتشجيع الاستيطان اليهودي فوضعت المشروع تلو المشروع ومنها مشروع روتنبرغ عام 1927،  ومشروع أيونيدس عام 1938،  ومشروع لاودرملك عام 1944،  ومشروع هيز عام 1948م. ويرى البعض  أن احتلال اسرائيل لهضبة الجولان إنما يعود ليس لاعتبارات استراتيجية أمنية فحسب بل لاحتواء هذه الهضبة مصدراً مائياً يمثل 17% من احتياجات اسرائيل، وقد وصل جدية المواقف الاسرائيلية من موضوع المياه العربية ما صرح به إسحاق شامير في مارس 1991 بأنه  (علي استعداد لتوقيع معاهدة حظر أسلحة الدمار الشمال وقبول التفتيش علي المنشآت النووية الإسرائيلية مقابل إشتراك إسرائيل في إتفاقيات لإعادة توزيع المياه في المنطقة).[7]

مشروع استغلال الآبار الجوفية:

تشير بعض الدراسات الى قيام اسرائيل منذ فترة بعيدة بالعمل على حفر عدد من الابار الجوفية قامت (إسرائيل) بحفر آبار جوفية بالقرب من الحدود المصرية، وترى أن بإمكانها استغلال انحدار الطبقة التي يوجد فيها المخزون المائي صوب اتجاه صحراء النقب، وقد كشفت ندوة لمهندسين مصريين أن (إسرائيل) تقوم بسرقة المياه الجوفية من سيناء وعلى عمق 800 متر من سطح الأرض، وكشف تقرير أعدته لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب المصري في يوليو 1991م أن (إسرائيل) تعمدت خلال السنوات الماضية سرقة المياه الجوفية في سيناء عن طريق حفر آبار إرتوازية قادرة على سحب المياة المصرية وذلك عبر عدد من الاليات الحديثة .

مشروع اليشع كالي:

في عام 1974م طرح اليشع كالي وهو مهندس (إسرائيلي) تخطيطاً لمشروع يقضي بنقــل ميـــاه النيـــل إلى (إسرائيل)، ونشر المشروع تحت عنوان: (مياه الســلام) والذي يتلخص في توسيــع ترعة الإسماعيلية لزيـــادة تدفـق المياه فيها، وتنقل هـذه المياه عن طريــق سحــارة أسفل قناة السويس بعد اتفاقيات السلام لتنفيذ المشروع.[8]

وقد ظهر هذا المشروع  أكثر من مرة وكانت أولها عام 1978 فيما أطلق ” إلشيع كالي  عليه مشروع ” حل نموذجي لنقض المياه في إسرائيل “, وفي عام 1986 وبمناسبة انعقاد مؤتمر  أرماند هامر  للتعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط في جامعة تل أبيبوعرض هذا المشروع مرة أخرى في منتصف عام 1989 وخلال انعقاد ندوة التعاون الاقتصادي لدول الشرق الأوسط في سان لوزان ثم طرح مشروع ” كالي ” من جديد وتم طلب بيع مصر لإسرائيل حصة من مياه النيل قدرها 1 % من إيراد النيل.

ونوكد على ان هذا المشروع لايزال مطروحا الى الان من  خلال ما صرح به احد المسؤولينالإسرائيليين حيث قال  ( أنه يمكن حل جميع مشكلات المياه في إسرائيل باستخدام 1% من مياه النيل أي 800 مليون متر مكعب من أصل 80 مليار متر مكعب متوسط التدفق السنوي ) ومعلوم أن أحد ثوابت السياسة المصرية المائية الراسخة هو رفض مسألة بيع المياه دولياً ومن ثم رفض تحويل المياه خارج المجرى الطبيعي لخارج لحوض النهر الدولي. [9]

مشروع (يؤر):

قدم الخبير (الإسرائيلي) شــاؤول أولوزوروف النائــب السابق لمديــر هيئة المياه (الإسرائيلية) مشروعـــاً للسادات خـلال مباحثــات كامب ديفيد يهدف إلى نقــل مياه النيل إلى (إسرائيل) عبر شق ست قنوات تحت مياه قناة السويس وبإمكان هـذا المشروع نقل 1 مليار م3، لري صحراء النقب منها 150 مليون م3، لقطــاع غزة، ويــرى الخبراء اليهـود أن وصول المياه إلى غزة يبقي أهلهـا رهينة المشروع الذي تستفيد منه (إسرائيل) فتتهيب مصر من قطع المياه عنهم.

هذا ومن خلال هذه المشروعات تطمح إسرائيل في أن يكون لها بصورة غير مباشرة اليد العليا في التأثيــر على حصة مياه النيل الواردة لمصر وبدرجة أقل السودان،  وذلك كورقة ضغط على مصر للتسليم في النهاية بما تطلبه إسرائيل .

ويتميز هذا المشروع من وجهة نظر إسرائيل بضمان استمرارية جريان المياه وحل مشاكل التخزين ومن الجدير بالتنويه والذكر أن مصر لديها ثوابت في السياسة المائية راسخة في ذهن صانع القرار فيما يخص المياه وهو رفض بيع المياه دوليًا وبالتالي فهي ترفض كل مقترحات إسرائيل ومشاريعها حول نقل أو تحويل أو بيع مياه النيل لإسرائيل وأيضًا ما يزيد من هذا التوجه المصري هو الرأي العام المصري الذي يرفض بشدة مجرد أن يكون هناك تعاون مائي مصري إسرائيلي ومن ثم الرفض النهائي لأية صيغة من صيغ  محاصصة  في مياه النيل من قبل إسرائيل سواء بالبيع أو بأي وسيلة أخرى ومن هنا فأن إسرائيل قد اتجهت إلى تبني استراتيجية غير مباشرة لتحقيق أهدافها .

التعاون المائي بين اسرائيل واثيوبيا

من المعروف أن إسرائيل تتخذ استراتيجيتها في السيطرة علي مصادر المياه العربية وسرقتها خطوة خطوة، ولا تسقط من حساباتها أبدا مياه نهر النيل بهدف التوسع وجلب المستوطنين الجدد. ولقد ظهرت نياتها واضحة تجاه مياهه بعد اتفاق كامب ديفيد بكل بساطةوتشير  بعض الدراسات أن ما يستهلكه الإسرائيليون قد بلغ 2460 مليون م3 ، وما زالت إسرائيل ترى أنها في حاجة إلى المزيد من المياه لري المزيد من الأراضي وإسكان المزيد من المهاجرين وتحقيق الرفاهية لهم، لذلك أخذت تتطلع إلى الحصول على المياه من أماكن بعيدة خارج الحدود خصوصاً وأن الظروف والمعطيات الحالية لا تشير إلى إمكانية حصول إسرائيل على المياه من نهر النيل أو الفرات حسب مخططاتها القديمة، ولذلك اتجهت لتأمين حاجاتها المائية من خلال التنسيق مع دول تتمتع بموارد مائية كبيرة. [10]

ولذلك تحاول إسرائيل من خلال تعاونها مع إثيوبيا إنشاء 26 سداعلي نهر النيل الأزرق لري 400ألف هكتار وإنتاج 38مليار كيلو واط من الطاقة الكهرومائية الأمر الذي سيحرم مصر من خمسة مليارات متر مكعب من المياه ،كما أوضحنا سابقا فإن الطلب علي المياه يزداد باستمرار مع تزايد الفجوة بين طلبه وعرضه مما يزيد حجم العجز المائي فيها إلي أكثر من 21مليار متر مكعب.
كما قامت إسرائيل ببناء سد على منشأ أحد فروع النيل الأزرق الذي يمد النيل بحوالي 75% من المياه لحجز نصف مليار م3 من المياه مقابل قيام أثيوبيا بتسهيلات لإسرائيل في جزيرة دهلك وفاتيما لإقامة قواعد عسكرية فيها، تحولت إسرائيل بعدها إلى أرتيريا لقربها من باب المندب، كما بدأت أثيوبيا ترفع دعاوى إعادة توزيع مياه نهر النيل وفق مبدأ عدالة التوزيع، كما أنها لم تشترك حتى الآن في مجموعة الأندوجو الخاصة بالاستفادة من مياه نهر النيل

وانتقلت إسرائيل الى العمل المباشر خلال فترة الثمانينيات بوصول خبراء إسرائيليين أثيوبيا لإجراء أبحاث تستهدف إقامة مشروعات للري على النيل تستنفذ 7 مليارات من الأمتار المكعبة ،على الرغم من انتفاء الحاجة الى مشاريع مائية ،وقد اتخذ التنسيق الإسرائيليالأثيوبي فى عهد منغستو وإيلاماي منحاً جديداً امتدت أخطاره الى جنوب السودان الذي يشكل حوض بحر الجبل (المكون الأول لنهر النيل ) وبذلك تكتمل حلقة التنسيق بسيطرة إثيوبيا على الشريان الرئيسي وهو النيل الأزرق ،وسيطرة الدولة المنفصلة الجديدة على الشريان الأخر وهو بحر الجبل ،وعلى الرغم من نفى المسئولين الإسرائيليين قيامهم بهذه الحرب المائية غير المعلنة ضد السودان ومصر ،فان ما كشفت عنه شركة (تاحال) الإسرائيلية يشكل الدليل الواضح على أطماع كل من إثيوبيا وإسرائيل بمصادر المياه فى القرن الأفريقي.[11]

الخاتمة:

نتوصل من خلال هذه القراءة الى ان الدور المائي لإسرائيل في حوض النيل يعتبر دوراً محفزاً علي الصراع المائي علي ذلك الحوض وإذا أدركنا أن الدور الأمريكي في النظام الإقليمي لحوض النيل هو دور مساند للسياسات الإسرائيلية لأن محاصرة وتطويق وشد أطراف السياسة المصرية في محطيها الإقليمي يخدم تثبيت النفوذ الأمريكي سياسياً واستراتيجياً في ذلك الإقليم ولذلك فهو يمهد للدور الإسرائيلي الفاعل في تلك المنطقة.فأثيوبياهي دولة محورية بالنسبة للأمن القومي الاسرائيلي حيث ان الهدف من هذه العلاقات هو تطويق الدول العربية بلان اسرائيل لهادور قوي في ملف سد النهضة حيث انها تعمل وفقا لخطة محددة في افريقيا لذلك هي بدأت بدول حوض النيل مما يعطي لها القدرة في الضغط علي مصر ومنها تهديدالامن القومي العربي وحماية امنها المائي،كما اناثيوبيا تعتمد علي اسرائيل في ضرب التواجد المصري بالقارة الي جانب الاستفادة الاقتصادية من اسرائيل.

هذا وقدنجحت اسرائيل في التواجدداخل القارة الافريقية وذلك عبر العلاقات مع اثيوبيا الدولة الاهم بالنسبة لها حيث انها تتحالف بشكل استراتيجي دعم من تواجدها في القارة وهذا التحالف يمكن ان يجعل من اثيوبيا اداة ضغط علي الدول الافريقية في دعم المصالح الاسرائيلية .

قائمة المراجع :

حسين خلف موسى ،”اثيوبيا بين التواجد المصري والحضور الإسرائيلي في حوض النيل الرؤى و الإشكاليات” فى دراسات استراتيجية ، عدد فبراير 2014 .

عبد المعطى زكى،الدور الإسرائيلي فى الصراع المائي فى حوض نهر النيل   ، متاح على الرابطhttp://www.alwafd.org

التوغل الاسرائلي فى افريقيا ، متاح على الرابط ، http://www.almoslim.net/node/112598

د. ظاهر جاسم محمد ،”التغلغل الصهيوني فى افريقيا ” فى  مجلة دراسات ،(ليبيا: المركز العالمى لدراسات وابحاث الكتاب الاخضر ، العدد (8) ، السنة الثالثة ،2002) .

سمر ابراهيم محمد ابراهيم ، السياسية الخارجية الاسرائيلية تجلة منطقة القرن الافريقي منذ عام 1990 حتى عام 2001 ، رسالة ماجستير ،( جامعة القاهرة : كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ،2006) .

خالد وليد محمود ، التغلغل الاسرائيلي فى القارة السمراء ، مركز الجزيرة للدرسات .

غازى حمدان ، التغلغل الإسرائيلي فى افريقيا واثره على الامن العربى ، ، متاح على الرابط http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2008/6/25

[1]– خالد وليد محمود ، التغلغل الاسرائيلي فى القارة السمراء ، مركز الجزيرة للدرسات ، ص4.

[2] -غازى حمدان ، التغلغل الإسرائيلي فى افريقيا واثره على الامن العربى ، متاح على الرابط http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2008/6/25/

[3]– التوغل الاسرائلي فى افريقيا ، متاح على الرابط ، http://www.almoslim.net/node/112598

[4]– خالد وليد محمود، مرجع سبق ذكره، ص12

[5]– د. ظاهر جاسم محمد ،”التغلغل الصهيوني فى افريقيا ” فى  مجلة دراسات ،(ليبيا: المركز العالمى لدراسات وابحاث الكتاب الاخضر ، العدد (8) ، السنة الثالثة ،2002) ، ص41.

[6]– سمر ابراهيم محمد ابراهيم ، السياسية الخارجية الاسرائيلية تجلة منطقة القرن الافريقي منذ عام 1990 حتى عام 2001 ، رسالة ماجستير ،( جامعة القاهرة : كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ،2006) ،ص 164.

[7]-عبد المعطى زكى،الدور الإسرائيلي فى الصراع المائي فى حوض نهر النيل   ، متاح على الرابطhttp://www.alwafd.org

[8]-سمر ابراهيم محمد ابراهيم ، مرجع سابق ، ص 167.

[9]-عبد المعطى زكى، مرجع سبق ذكرة.

[10]-حسين خلف موسى ،”إثيوبيا بين التواجد المصري والحضور الإسرائيلي في حوض النيل الرؤى و الإشكاليات” فى دراسات استراتيجية ، عدد فبراير 2014

[11]-سمر ابراهيم محمد ابراهيم ، مرجع سبق ذكره ، ص166.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى