الدراسات البحثيةالعسكرية

البناء الجيوستراتيجي للقوات البحرية الإسرائيلية: الاستراتجيات المتبعة وتداعياتها

إعداد  الباحث: رحموني عبد الرّحيم  – باحث في العلاقات الدولية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

  

 

geostrategic Construction of  naval  forces Israeli: the stratégies used and the implications

تمهيد:

إنه لمن الجدير بالذكر، القول أن إسرائيل منذ نشأة كيانها بدأت بتعزيز مكانتها وتقوية وإرساء أسس تواجدها نظرا لاعتبارات عدة، ولعل العقيدة الأمنية كانت من بين أهم المنطلقات التي ركزت عليها السياسة الدفاعية الإسرائيلية في مهمة تعزيز التواجد وبناء قوة فاعلة قادرة على الوقوف للند في وجه المناهضين لتواجد هذا الكيان خاصة الدول العربية والدول التي تنادي بالسلم والأمان العالمي وفق مبدأ السلام أولا وأخيرا.

ومن اليسير أن نبلغ الدقة في القول، أن سلاح البحرية يعد من بين أهم ركائز الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية إذ شغلت حيزا هاما ضمن المنظومة الأمنية وفي اهتمامات الخبراء العسكريين العاملين على تعزيز هذا الجهاز الحساس باعتباره الحلقة المحركة لكل سياسة دفاعية أو هجومية منتهجة، وهذا ما لوحظ من خلال حجم الترسانة البحرية المتطورة التي أصبحت تملكها إسرائيل وبذلك تكون مهددا للسلم والأم الدوليين.

وفيما نعلم أن إسرائيل عملت منذ تبنيها لإستراتيجية القرش بعد 1967 إلى امتلاك المكون الهجومي والذي يعتبر لا محالة عنصر سيطرة لتعزيز التواجد ودرء التهديدات المضادة، ووصولا حتى إستراتيجية الحوت المنتهجة وفقا لطبيعة السياسة العسكرية التي تعمل على تأمين وجود بحري ونشر قطع عسكرية بحرية خارج إقليمها قد تصل إلى حد سرلانكا والمحيط الهندي، إذ تم إعطاء هذه الإستراتيجية أبعادا هجومية مع ضرورة  التعاطي بمكونات القوة الجوية وكذا البرية.

ويظهر بشكل واضح أن إسرائيل في تبنيها لعديد الاستراتيجيات لا تهدف إلى حماية أسسها وتواجدها كما روج له، بل لغرض خفي وهو السيطرة والنفوذ في المنطقة مما يعني أنها أصبحت قوة مهددة لعديد الفواعل سواء الدولاتية وغير الدولاتية من منطلق الانتشار المفرط لترسانتها الحربية.

وعلى هذا الأساس، أردنا من خلال دراستنا هاته تسليط الضوء على الإستراتيجية البحرية الإسرائيلية وعلاقتها بالتهديد خاصة بالنسبة للأمن القومي العربي، وفق إشكالية مفادها:

  • ماذا نعني بسلاح البحرية الإسرائيلي، وما هي  تداعيات استراتجياته المنتهجة على الأمن القومي العربي؟.

 وللإجابة على هاته الإشكالية أردنا اختبار الفرضية التالية:

مع تبني إسرائيل لعديد الاستراتيجيات خاصة إستراتجيتي القرش والحوت البحريتين وكذا التعزيز المفرط لترسانتها العربية فإن كل هذه الاستراتجيات والإجراءات أثرت إلى درجة كبيرة على الأمن القومي العربي.

أولا: لمحة عامة عن القوات البحرية الإسرائيلية: النشأة والتطور

تعد القوات البحرية الإسرائيلية من أهم ركائز جيش الدفاع الإسرائيلي نظرا لحساسية هذا الجهاز داخل المنظومة الأمنية الإسرائيلية، إذ يحوي هذا الجهاز أنواع عديدة من المعدات العسكرية لعل أمها الغواصات بكل أنواعها واللنشات المدمرة وكذا الزوارق البحرية، إذ يعد المنشأ الأول لهذا السلاح –القوات البحرية- منذ يناير 1948 واعتماده من طرف الكيان لحماية وتسهيل الهجرات اليهودية إلى فلسطين، وقد جاء في بداياته الأولى تحت مسمى “أسطول الدوريات الساحلي”.

لنقل إذا، أنه مع تطور الأحداث خاصة الأمنية كان لزاما على جيش الدفاع وفي مقدمته القوات البحرية الإسرائيلية استكمال ذواتها وتحديد مهامها والتي كان لابد منها نظرا لحساسية الساحة العالمية والمسرح الدولي والإقليمي، إذ أن الهدف الرئيسي لهذه الوحدة أو الذات البحرية هو حماية إسرائيل وكيانها والدفاع عنها خاصة من جهة الساحل.

ومع ذلك لا بد من الحديث عن الدور الفعال والمنقطع النظير الذي لعبته هذه القوة في إرساء الدعائم وتوفير الأرضية الخصبة لتواجدها وتأمين منطقة عمليات واسعة خاصة يتمركز فيها جيش الدفاع على اختلاف مكوناته البرية والبحرية والجوية وحتى الاستخباراتية، أي تأمين عملياتها الحيوية وإعطائها الغطاء اللازم لتواجدها وانتشارها[1].

ويظهر بشكل واضح، أن القوات البحرية قد عملت منذ البداية على توطيد أواصرها وتقوية كيانها بمساعدة الأجهزة الدفاعية الأخرى أي مساعدة كل فروع الجيش على كل الأصعدة خاصة توفير الحماية اللازمة لها، وهذا من خلال التموقع الاستراتيجي الجيد لهذا السلاح والذي لا محالة مستعد –حسبهم- لضرب أهداف العدو القريبة وحتى البعيدة[2].

وترتيبا على ما سبق، لعب سلاح البحرية دورا فاعلا منذ بزوغه في كل المجالات وأخص بالذكر الجانب الاستخباراتي الذي يعد بطبيعة الحال مجالا حساسا في المنظومة القتالية الإسرائيلية، ضف إلى ذلك لعب هذا السلاح –البحرية- دور الخامل والناقل لمختلف المعدات الحربية بمختلف تكتيكاتها وأنواعها لتنفيذ مهام قتالية على الأساس وحتى استطلاعية.

ثانيا: البحرية الإسرائيلية…الدرع الواقي لإسرائيل:

كما أسلفنا الذكر سابقا، يعد سلاح البحرية القوة الضاربة لجيش الدفاع الإسرائيلي باعتباره حساسا ومهما وكاملا بحد ذاته نظرا لامتلاك هذا الجهاز أسطولا كبيرا إن لم نقل –بتحفظ- هائلا، وهذا ما يمكن إرجاعه لطبيعة وقوة المكونات لذواته والمؤسسة لكيانه إذ تشتمل قيادة الأسطول على عدة فروع أو وحدات صغرى قيادية، نذكر منها[3]:

  • القيادة الخاصة بوحدات لنشات الصواريخ رقم 03.
  • القيادة الخاصة بوحدات القوات الخاصة البرية رقم 13.
  • القيادة الخاصة بوحدات الغواصات.
  • سرية الأمن الروتيني.
  • وحدة أمن الميناء.
  • وحدة المهام تحت الماء.
  • وحدة القيادة المحيطة.

ولا يفوتنا القول، أن سلاح الغواصات يعد القوة الضاربة في الأسطول البحري وسلاح البحرية عموما، إذ تحتل البحرية الإسرائيلية مرتبة جيدة وهي بذلك تضم 66 قطعة بحرية موزعة بين سفن وصواريخ وغواصات و…، كما تضم حوالي 6000 فرد بينهم 800 ضابط و3000 من أفراد القوات الخاصة البحرية، مما يتيح هذا السلاح للكيان توجيه ضربات عسكرية للعدو قد يصل مداها إلى 6000 كلم.

لنقل إذا أن سلاح البحرية يملك حوالي 12 سفينة صاروخية، 09 منها من طراز ساعد4.5 و03 من طراز ساعد5 والتي تعتبر أكبر السفن الحربية تطورا في العصر والتي بإمكانها السيطرة على دائرة قتالية حوالي   650كلم2 ومسلحة بـصواريخ بحر-بحر وبحر-جو وطوربيدات ومدفع وصواريخ مضادة للصواريخ ورادارات من طراز أدبر ومروحية الخفاش.[4]

وهنا يكمن اهتمام الحكومة الإسرائيلية وفي مقدمتها جيش الدفاع الإسرائيلي بهذا الفرع من القوات والذي قد يكون عامل سيطرة وقوة نظرا لحداثة الحروب ودور عامل البحر في تحديد الفاعلية ودرجة السيطرة والصعود بالقوة الإسرائيلية لما تصبوا إليه.

ثالثا: الترسانة الحربية البحرية الإسرائيلية:

      في هذا الجانب من الدراسة والذي يعتبر جانبا هاما نظرا لدوره في فهم الإستراتيجية الإسرائيلية، سوف يتم تناول أهم المكونات الأساسية لسلاح البحرية والذي منها القوة القاهرة، جاعلة من إسرائيل ترهن عليها كل مواردها البشرية والمادية.

  • الغواصات Submarines:

       يعد سلاح الغواصات من أعرق المعدات العسكرية في ترسانة إسرائيل العسكرية، إذ حجز لنفسه مكانة هامة ضمن أولويات التطور والتكنولوجيا. إذ يمتلك إسرائيل 06غواصات 03 منها من نوع دلفين Dolphin و03 من نوع سوبر دلفينSuper dolphin ، ويعتبر هذا السلاح ألماني الصنع تم إنتاجه في مجمع هوفالديشتفيرك دويتش فيرفت لصالح سلاح البحرية الإسرائيلي[5].

وفي هذا الصدد، كلف هذا السلاح إسرائيـل أموالا كبيرة إذ تكلف غواصة الدلفين حوالي 500مليون يورو، في حين تكلفة النوع الآخر أي سوبـر دلفيـن يقدر بــ700مليون يورو للقطعة الواحدة ممـا قد يدل على الأهمية الجد بالغة لهذا السلاح، وعليه يبلغ طول غواصة الدلفين 57متر وتزن حوالي 19000طن في حين غواصة سوبر دلفيـن68متر وزنها حوالي 23000طن، وهي سلاح بالغ الحساسية نظرا لقوته مما لا يسمح للإسرائيليين مزدوجي الجنسية من قيادته[6].

وهنا تستخدم البحرية الإسرائيلية هذه المنظومة من الغواصات في عملياتها البحرية والتي يوجد منها 06 في حالة في انتظار واحدة ستصل هذه السنة 2017، هنا يمكن التطرق لميزة هامة في غواصات الدلفين إذ يمكن لها أن تقوم برحلات يبلغ مداها 19300كلم بدون الحاجة للتزود بالوقود أي يمكن أن تضل تحت الماء مدة 80 يوما بدون العودة لقواعدها.[7]

ومن هنا، تعتبر منظومة الغواصات السلاح الضارب في الترسانة الحربية الإسرائيلية والتي من شأنها فرض تفوق عسكري نظرا لحداثتها وقوتها وحساسيتها مما قد تعطي لإسرائيل عامل أساسي ورئيسي للتفوق قادر على الوصول لمبتغى العقيدة الأمنية الإسرائيلية القائمة على التوسع والهيمنة.

  • السفن Ships:

تعد السفن الحربية وحدة ومنظومة أساسية ضمن أولويات البحرية الإسرائيلية إذ عمدت إسرائيل على تطوير هذه الخاصية بما قد يمكن لها من تعزيز ترسانتها، وفي مقدمة هذه السفن السفينة الحربية طراز دبورا Deborah التي تعتبر من بين أعرق السفن وأقواها إذ لها |أفضلية على باقي السفن الأخرى نظرا لأنها قادرة على المناورة العالية والجيدة إذ تحمل على ظهرها رادارا جد متطور قادر لكشف أهداف العدو البعيدة.

إضافة إلى هذا عمدت إسرائيل على شراء دفعة جديدة من سفينة سوبر دبورا3Super Deborah والتي تعتبر الجيل الجديد من سفينة دبورا الفائقة القوة وهي بذلك تعتبر النسخة المتطورة لسفينة دبورا1 و2 قادرة على لأن تكون الوسيلة المثلى للرد على التهديدات –حسب قول ضابط إسرائيلي- إذ يتم تصنيعها محليا في مركب رمتا Ramta التابع للصناعات الجوية الإسرائيلية.[8]

وهنا يمكن القول أن للمنظومة البحرية الإسرائيلية تعززت بسفن من طراز شدلاغ الفائقة السرعة والتي مهمتها الأساسية حماية المياه الإقليمية من أي تهديد أي توفير جزء من الوقاية، كما تعمل هذه السفن داخل نطاق هذه المياه أي تأخذ طابعا إقليميا ومما عزز من مكانتها هو أنها يمكن أن توجه ضربات بحرية نحو الشاطئ إضافة إلى تأمين المنشآت البحرية الهامة كحقول النفط والموانئ.أ اا

  • المنظومة الصاروخية Missile system :

تمتلك الترسانة البحرية الإسرائيلية كما هائلا من الصواريخ وفي مقدمتها صاروخ بوباي Popeye Turbo والذي يعتبر الرائد في هذه المنظومة وهو موضوع على ظهر غواصة الدلفين إضافة إلى ذلك يمكن استخدامه في السفن الحربية، إذ يعد صنعا محليا تم تجريبه في مناورات 13 أيار 2000 على السواحل السرلانكية بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تم إطلاق هذا الصاروخ على أهداف وهمية من على بعد 1500كلم.[9]

كما تستخدم هذه البحرية صواريخ هاربون UGM-84 Harpoon الأمريكية الصنع  جوالة مضادة للسفن يبلغ مداها 130 كلم توجه بواسطة الأقمار الصناعية، وكذا صاروخ باراك Barack وهو مضاد للصواريخ تستخدمه البحرية لحماية أسطولها أي يأخذ وضع الحامي وهو محلي الصنع مصنع من طرف هيئة تطوير الوسائل الحربية المعروفة باسم رفائيل Rafael يبلغ مداها 10كلم تستخدم كذلك لحماية المنشآت في البحر.[10]

ومن هنا، فإن هذه المنظومة أضافت النفس المرجو للترسانة والإستراتيجية البحرية إلى درجة كبيرة ما قد يمكنها في المستقبل من أن تكون عامل ردع يساعد في تكريس النفوذ وكسب مكانة على الساحة الدولية ما قد يجعلها منها –إسرائيل- قوة تهديد من الدرجة الأولى الأمر الذي يؤثر سلبا على الأمن القومي العربي خاصة والأمن الإقليمي والدولي بدرجة عامة.

  • منظومة بلنكس System phalanx:

يمكن الحديث في هذه النقطة على أن هذه المنظومة موضوعة مهمتها توفير القدر اللازم من الحماية للسفن من الصواريخ المضادة أي من القوى المعادية، به مدفع فولكان Vulcan إذ وفق تقديرات يمكن لها أن تطلق 100 قذيفة في الثانية.

  • منظومة الجوسسةsystem Espionage :

في حديثنا عن الجوسسة لا يمكننا إغفال جانب هام من الفاعلية  التي تقوم على توفير المعلومات اللازمة، إضافة إلى ذلك فإن هذه المنظومة يطلق عليها منظومة التجسس والحرب الإلكترونية، ذلك أن السفن تحمل على ظهرها منظومات رادار فاعلة ومتطورة جدا أهمها منظومة أدبر هذا لغرض الجاهزية لرصد أي تهديد خارجي، كما أن غواصات الدلفين تحمل أجهزة تنصت لتوفير القدرة والمساعدة اللازمة للوحدة رقم 8200 المرابطة على الشاطئ لتقديم يد العون في عمليات التجسس على العدو.

  • القوارب The boats :

ان المنظومة البحرية الإسرائيلية تملك قوارب تسمى البروتيكتور وهي عبارة عن قوارب غير مأهولة منتجة من طرف هيئة تطوير الوسائل الحربية المعروفة باسم رفائيل Rafael يوجد على ظهرها مدفع من نوع تيفون Typhoon عيار 30 ملم بداخله أجهزة مراقبة الكترونية يحوي في خارجه كاميرا مضادة للماء يتم التحكم به عن بعد بواسطة أجهزة متطورة، إذ يمننه العمل لمدة يومين دون الحاجة للتزود بالوقود ومن جهة أخرى يحمل منظومات حرب إلكترونية، ويبلغ ثمنه حوالي 300ألف دولار للقطعة الواحدة.[11]

  • الاستخبارات البحرية Naval Intelligence:

يمثل هذا الجزء من البحرية الذرع الواقي للمعلومات أو بالأحرى المصمم لجميع البيانات والمعلومات، ومن ثم تحليلها ونقلها إلى مركز العمليات The operations center أي المركز الرئيسي.

رابعا: القواعد البحرية الإسرائيلية Israeli naval bases:

في هذه الجانب من الدراسة سينصب الحديث عن أهم القواعد البحرية الإسرائيلية، إذ تمتلك البحرية مجموعة قيمة من البنى أو القواعد البحرية الهامة مما أضفي عل ترسانتها نوعا من المرونة والاستقرار وفيما يلي سنتطرق لأهم هذه الأرضيات[12]:

  • قاعدة حيفا Haifa base:

تحوي هذه القاعدة مجموعة من المنظومات المتناسقة والمتكاملة فيما بينها، إذ تعتبر من أهم القواعد البحرية الإسرائيلية لما لها من تواجد استراتيجي هام هذا الأخير جعلها تكون من أهم ركائز سلاح البحرية، يتواجد بها أسطولين أسطول من زوارق الصواريخMissile Boat    والثاني أسطول غواصات Flotilla   Submarin  إضافة إلى هذا يوجد في هذه القاعدة وحدات قوارب الدورية Patrol Boat رقم 914.

  • قاعدة أتليت Otlat base:

تعد قاعدة أتليت ثاني أكبر وأهم قاعدة ضمن البناء الإستراتيجي البحري الاستراتيجي، موجودة على البحر المتوسط وهي تقع على بعد 12.5 كلم جنوب حيفا إذ يتمركز به وحدة شتايت وهي عبارة عن وحدة من القوات الخاصة الكوماندوس والتي تعتبر واحدة من أقوى ثلاث وحدات خاصة يتمتع بها جيش الدفاع الاسرائيلي.

  • قاعدة أشدود Ashdod base:

المرابطة على البحر المتوسط وتقع على بعد 32 كلم جنوب تل أبيب و20 كلم شمال عسقلان، ،ترابط ها وحدات قوارب الدورية رقم 913.

  • قاعدة إيلات Eilat base:

المتواجدة على خليج العقبة، تحوي وحدة من قوارب الدورية رقم 915.

  • قاعدة مامتام Mamtam base:

تمثل هذه القاعدة إحدى أهم بنى الترسانة الإلكترونية التي تزخر بها الترسانة الإسرائيلية، تضم بنية الحاسوب والإتصالات وهي تعتبر بذلك المكلف الأساسي عن بناء نظام جيواستراتيجي متكامل للإتصالات لصالح القوات البحرية[13].

  • المركز الرئيسي The main center:

وهو المقر الذي تخيم أو تتواجد فيه القيادات الرئيسية لمختلف فروع البحرية، إذ هو بذلك يمثل مقر القيادة البحرية الرئيسي وفيه يتم التخطيط لأي هجوم أو الرد على التهديد وهو بذلك بمثل الجانب القيادي في الأرضية البحرية الإسرائيلية[14].

خامسا: الأساطيل البحرية الإسرائيلية الهامة:

في هذا الجانب من الدراسة سينصب الحديث عن أهم الأساطيل البحرية الإسرائيلية والتي وجدت فيها الاستراتجيات الإسرائيلية المنتهجة الدرع الحامي لها:[15]

  • الأسطول الأول The First Fleet:

يمثل هذا الأسطول أعرق الأساطيل والمكونات البحرية الرئيسية والأساسية لسلاح البحرية الإسرائيلية، إذ يتواجد به عدة وحدات هامة ومعتبرة من القوات الخاصة أي الكوماندوس وكذا مجموعة من وحدات المغاوير البحرية.

  • الأسطول الثالث The third Fleet:

يعد هذا الأسطول المحرك أو الجسم المتحرك الموجود في قاعدة حيفا التي تضم بدورها منظومة زوارق الصواريخ Missile Boat، والذي يتكفل بحماية المصالح التجارية من عمليات السرقة أو القرصنة، إضافة إلى ذلك يعمل هذا الأخير للحيلولة دون فرض أي حصار على موانئ إسرائيل.

  • الأسطول السابع The Seventh Fleet:

      يمكن القول أن هذا الأسطول من بين أقدم الأساطيل البحرية الإسرائيلية، إذ يحوي سرب الغواصات الضاربة من نوع الدلفين مع وحدة مكونة من 300 متطوع نشأ بعد حوالي عقد من الزمن بعد إعلان قيام إسرائيل، مهمته تتمثل أساسا في مهاجمة سفن العدو داخل قواعده أي قوة هجومية بالإضافة إلى أنه يعمل على رصد البيانات حول أماكن تواجد الأهداف.

سادسا: إستراتيجية الحوت الإسرائيلية:

      ترتكز البحرية الإسرائيلية في تواجدها وتحركاتها على إستراتيجية جد مهمة دفاعية وهجومية في نفس الوقت، هذه الإستراتيجية مبنية على أسس وسياقات جيواستراتيجية من جهة، ومن جهة أخرى نابعة من عزلة إسرائيل عن البيئة والواقع الإقليمي والدولي.

من هذا المنطلق، تعمل هذه الأخيرة بصفة فعلية في تطوير وإضفاء التقدم المستمر لكل أساطيلها وترسانتها الحربية، إذ أن هذا المبدأ راجع لطبيعة ومكانة الأسطول في السياسة الدفاعية والعقيدة الأمنية الإسرائيلية ومن مسار عصرنة المنظومة البحرية بكل أشكالها ومساراتها[16].

وهنا يمكن الحديث عن إستراتيجية لقيت صدى واستجوابا عسكريا واسعا إضافة لردود فعل دولية بين التهديد والخطر المحدق على الساحة الدولية جراء الطبيعة العدوانية التي تتميز بها إسرائيل خاصة مع الدول والأقاليم العربية وحتى الدول المساندة للقضية الفلسطينية ألا وهي إستراتيجية الحوت.

 لكن قبل الخوض فيها لابد من الحديث عن إستراتيجية القرش بعد عام 1967 ما تعني بدورها السيطرة المطلقة وامتلاك المكون الهجومي أي الدافعية الهجومية، مما يعني أن مكون السيطرة يمكن له من السيطرة بالكامل على البحر انطلاقا من إيلات وحتى أقصى البحر الأحمر مرورا ببعض الجزر الواقعة والمحاذية لهذا الحوض المائي الاستراتيجي على الساحة الدولية[17].

فمهما كانت قوة إستراتيجية البحرية الإسرائيلية إلا أن إستراتيجية الحوت أعطت دفعا جديدا وفعالا في تنمية القدرات العسكرية وكذا التخطيطات الحربية من نقطة هامة وهي أن هذه الاستراتيجية أصبحت ضرورية في صلب المنظومة البحرية العسكرية، يعني أن تعمل هذه المنظومة على توثيق وتأمين تواجد بحري اسرائيلي بالقرب من مصادر التهديد والبؤر التي تشكل خطرا للكيان الإسرائيلي كإيران وتركيا وربما حتى الصين باعتبارها قوة فاعلة في المعادلة الدولية.

و من نافلة القول، فإنه يمكن إعطاء هذه الأستراتيجية الكبرى أبعادا هجومية بحتة أي تغليب الطابع الهجومي إذ لابد من ضرورة اشراك مختلف أطياف الجيش الإسرائيلي أو مكونات القوة العسكرية البرية وحتى الجوية والاستخباراتية.

من هنا، تعمل الترسانة البحرية وفق هذه الاستراتيجية على تأمين وجود بحري من خلال نشر قطع أو منظومات خارج البحر المتوسط والببحر الأحمر من منطلق نشر أربع 04 غواصات دلفين موزعة بالتساوي على الإقليمين البحرية اثنان منها 02 في المحيط الهندي واثنان  02 في المتوسط.

كما عملت البحرية على نشر حوالي 12 قطعة بحرية حاملة للصواريخ من طراز ساعر 5 و ساعر 6 والمسماة حانيت Hanit إلى جانب هذا فإن هذا الدرع تحمل طائرات مروحية وتنشر أكثر من 60 قطعة بحرية من عسقلان وحتى قبالة سواحل طرابلس لبنان.

        من جهة أخرى، فإن إسرائيل لم تكتفي بهذه الترسانة المميزة من المكونات  المختلفة بل طلبت توصية جديدة خاصة  هذه المرة بحاملات طائرات أمريكية الصنع باعتبار الولايات المتحدة الأمريكية المدعم الرئيسي لسلاح الجيش الإسرائيلي، هذه الحاملات يمكن القول أنها ستوظف أساسا لحمل مروحيات وطائرات مقاتلة بالإضافة إلى  600 جندي[18].

سابعا: أثر استراتيجية الحوت على الأمن القومي العربي:

إنه لمن الجدير بالذكر، القول أن امتلاك الترسانة الحربية الإسرائيلية لأساطيل بحرية جد متقدمة مزودة بأحدث الغواصات وحاملات الطائرات، بالإضافة إلى العمل الدؤوب والجدي لتعزيز القوة العسكرية البحرية كأحد أهم التنظيمات العسكرية في جيش الدفاع لإعتبارات تبني السياسة الهجومية كأحد أهم استراتجيات اسرائيل لتكريس وجودها إقليميا ودوليا.

وفي هذا الشأن، لا يمكن القول أن الترسانة الهائلة المعززة جاءت من منطلق حماية أمن إسرائيل وحدودها –كما روج لها الإسرائليون- ولكن هذا التعزيز يأخذ وجهة أخرى مقترنة أساسا بالسياسة التوسعية وإستراتيجية هجومية ضد العدو أو بالأحرى دول المنطقة المعادية لكيانها.

ومن اليسير أن نبلغ الدقة في القول، ان زعم جيش الدفاع الإسرائيلي بحماية قواعده وسواحله لا يعني الإنتشار المفرط والمحدق بالأمن القومي العربي إلى درجة خاصة، هذا الأمن العربي مرتبط بإقليم الانتشار الإسرائيلي ذلك من جهة، ومن جهة أخرى أن أي زعزعة للإستقرار في المنطقة يؤدي إلى إختلال في المنظومة الأمنية لعدة دول.

وفيما نعلم أن تبني إستراتجية الهجوم والانتشار قد يعزز من مقولة أن إسرائيل قوة غير موثوق بها، أي أن التحركات التوسعية لاستغلال دوائر جيواستراتيجية جديدة  قد يؤدي إلى نتيجة حتمية هي عبارة عن تهديد إن لم نقل نية الهجوم على الدولة المناوئة لها خاصة الأقاليم العربية.

ويظهر بشكل أوضح، الانتشار المكثف والمتقدم للترسانة الحربية الإسرائيلية بكل أطيافها قرب عدة سواحل عربية أي تهديد حقيقي لأعدائها وضرب عدوها في مناطقه ما مكن من تواجد ترسانة من القطع الحربية داخل ÷ذه الأقاليم تمثلت في 40قطعة ما بين غواصات وحاملات طائرات ووحدات خاصة[19].

ومع كل هذا، فإن استراتيجية الحوت تعني في داخلها أي الهدف الخفي من ورائها هو بسط السيطرة اتامة والكاملة على النقاط الحساسة لأجل تهديد الدول العربية مما قد يؤدي –احتمالا- إلى انسحاب الدول من الدائرة الجديدة أو حيز المواجهة مع إسرائيل.

خــــــــاتمة:

من خلال ما سبق، وكختاما للدراسة يمكن القول أن إسرائيل منذ إرساء قواعد أو تأسيس بوادر تواجدها عملت على تعزيز تواجدها بما يجعلها وفاعلا مهما على المسرح الدولي، إضافة إلى أنها شكلت عنصرا مهددا للسلم والأمن الدوليين في السياسة الدولية وبالأخص الشرق الأوسط الذي يعتبر منطقة جيواستراتيجية وإقليم محدد للسلام العالمي.

وفي هذا الصدد، لعب جهاز أو سلاح البحرية الدور الهام في تحريك السياسة الأمنية والترسانة العسكرية الإسرائيلية بما هو مسطر له من إرساء التواجد وبناء قوة نافذة في المسرح الدولي، وهو بذلك ما كرسته الإستراتيجيات المتبعة في المنظومة العسكرية البحرية التي عملت على كشف الستار عن سياسة التوسع والانتشار خارج إقليم إسرائيل.

ومما لا يحتاج إلى التأكيد، أن هذه الإستراتيجيات المنتهجة والدرجة الكبيرة للتأهب لدى الجيش الإسرائيلي لهو أكبر دليل على الطبيعة العدائية، إضافة إلى ذلك مخرجات هذا التخوف والتي لعبت دورا بارزا في زعزعة الأمن في المنطقة مما انعكس سلبا وأصبح متغيرا مهما لاستقرار وأمن الأمة العربية لما جاء في سيناريوهات إستراتيجية الانتشار وكسب دوائر جديدة حربية.

وعليه، ستعمل إسرائيل مستقبلا على تعزيز مكثف لترسانتها الحربية وتقوية تواجدها كل هذا قد يكون مخرجا وراجعا لمدى التقدم الهائل في الميدان لتكنولوجي والحرب الإلكترونية لدى الكيان الإسرائيلي، بما قد يرسي ثوابت التغلغل في مناطق أخرى وتحت غطاءات ومقاربات مختلفة لعل آخرها الواجد الكثيف الذي أخذ طابع خفي تمثل في التعاون في منطقة شرق إفريقيا.

[1] كريم محمد، “لماذا تحصل إسرائيل على غواصات قادرة على ضربة نووية ثانبة ومصر على غواصات أقل تكلفة”، منتدى ما وراء الخبر، أنظر الرابط:

http://www.waraa-elahdath.com/index.php/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1

[2] دلال محمود السيد سليم، الاستمرارية والتغير في السياسة الدفاعية الاسرائيلية-دراسة مقارنة لما بعد حرب أكتوبر 1973 ويوليو 2006، المكتب العربي للمعارف، ج1، د.س.ن، ص 370.

[3] شافعي، “سلاح البحرية الاسرائيلي”، مجلة المعرفة، أنظر الرابط:

http://www.marefa.org/index.php/%D8%B3%D9%84%D8%A7%D8%AD_%D8%A7%D9%84%D8%A8.

[4] المرجع نفسه.

[5] Patrol submarine, “Dolphin class”, military-today, LINK:

http://www.military-today.com/navy/dolphin_class.htm.

[6]  عامر دكا، “لمحة إلى القوات البحرية الإسرائيلية” موقع المصدر، أنظر الرابط:

http://www.al-masdar.net/%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8.

[7] —- , “SSK Dolphin Class Submarine Israel” , Naval-technology, LINK:

http://www.naval-technology.com/projects/dolphin.

[8] —، “إسرائيل تدخل سفينة جديدة للخدمة في سواحل إسرائيل”، جريدة الشرق الأوسط، ليوم الأربعاء 10جمادي الثانية 1425 الموافق لـ28يوليو 2004، العدد 9374.

[9] بدر عقيلي، الموساد…الشاباك…أمان وأسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية، دار الجيل للنشر والدراسات، ط1، 2009، ص. 210.

[10]  دلال محمود السيد سليم، مرجع سابق، ص 361.

[11] عرفة البنداري، “بروفايل القوات البحرية الإسرائيلية…اليد الباطشة لإسرائيل”، موقع دوت مصر، أنظر الرابط:

http://www.dotmsr.com/details/%D8%A8%D8%B1%D9%88%D9%81%D8%A7%D9%8A%D9%84.

[12]  محمد وازن، “قواعد إسرائيل البحرية…بوابة الحماية على المتوسط والعقبة”، موقع دوت مصر، أنظر الرابط:

http://www.dotmsr.com/details/%D8D9%82%D9%9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%.

[13] صقر أسود، “سلاح البحرية الإسرائيلي”، منتدى الجيش العربي، أنظر الرابط:

http://www.arabic-military.com/t32533p15-topic.

[14] محمد وازن، المرجع نفسه.

[15] صقر أسود، المرجع نفسه.

[16] حلمي عبد الكريم الزعبي، ” ايران وإسرائيل إستراتجيتان بحريتان في مواجهة بعضهما البعض…إستراتيجية الحوت مقابل إستراتيجية معادية”، مركز الناطور للدراسات والأبحاث، أنظر الرابط:

http://natourcenter.info/portal/2013/12/21/%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86.

[17] عدنان أبو عامر، “استراتيجية الجيش الإسرائيلي…أعداء وحروب ومخاطر”، موقع الجزيرة نت، أنظر الرابط:

http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2015/10/6/%D8%A5%D8%B3%D8%AA%D8%.

[18] صقر أسود، مرجع سابق.

[19]  حسين خلف موسى، “محددات سياسة الأمن القومي في اسرائيل في ضوء الثورات العربية، موقع احتلال، أنظر الرابط:

https://www.ehtelalnews.com/

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى