عاجل

المستوطنات الإسرائيلية : جبهة جديدة في الصراع بين اليسار واليمين

-المركز الديمقراطي العربي

الانقسام واضح في قلب المدينة القديمة في الخليل حيث تنتشر الحواجز الأمنية العسكرية الإسرائيلية وأبواب التأمين الدوارة وكاميرات الدوائر المغلقة للتحكم في حركة الفلسطينيين دخولا وخروجا في منطقة يسكنها حوالي 800 مستوطن إسرائيلي.

داخل تلك المنطقة المؤمنة يقع أثران قديمان جنبا إلى جنب أولهما مقبرة البطاركة المقدسة عند اليهود والحرم الإبراهيمي الذي يعد من الأماكن المقدسة عند المسلمين وهو ما يضمن بقاء الخليل مصدرا للاحتكاك الديني على مر القرون.

غير أنه بخلاف الصراع على الأرض والمستوطنات والدين تدور معركة أخرى في أكبر مدن الضفة الغربية المحتلة تتمثل في صراع أيديولوجي بين المنظمات الأهلية الإسرائيلية اليسارية واليمينية حول كيفية شرح الوضع في الخليل للغرباء.

في جانب تقف جماعة “كسر الصمت” اليسارية المؤلفة من جنود إسرائيليين سابقين يعارضون الاحتلال. وعلى مر السنين ظلت هذه الجماعة تنظم جولات في مدينة الخليل للزوار الأجانب وتسلط الضوء على القيود التي يواجهها سكانها الفلسطينيون بشكل روتيني.

وعلى الجانب الآخر تقف جماعة “إيم تيرتزو” اليمينية التي نظمت في العام الماضي عددا من الجولات التي تندد بجماعة كسر الصمت وتتهمها بتعميق نقاط الخلاف العرقية وتغذية المشاعر المناهضة للسامية من خلال انتقاد أفعال إسرائيل.

وقال يشاي فلايشر المتحدث باسم الطائفة اليهودية في الخليل “عليك أن تفهم أن حربا سردية تدور هنا”.

جاء هذا التعليق خلال زيارة نظمتها جماعة إيم تيرتزو مؤخرا في شارع شحادة الذي كان في وقت من الأوقات سوقا حافلة بالحركة لكنه أصبح الآن مغلقا في معظم الحالات أمام الفلسطينيين وأعاد يهود المدينة تسميته شارع الملك داود.

وأضاف فلايشر “نحن نخوض حربين. والحرب السردية تبرر الحرب الأخرى وهي الحرب على الإرهاب. نحن نتقن خوض الحرب الفعلية لكننا متخلفون للأسف في الحرب السردية”.

غير أن جماعة كسر الصمت لا ترى الأمر على هذا النحو. فمنذ تأسيسها عام 2004 وزعت شهادات من جنود سابقين يعارضون الأنشطة العسكرية الإسرائيلية.

قال ناداف وايمان مدير التوعية بالجماعة إن الهدف من جولات الخليل التي تتم شهريا ليس توجيه الانتقاد للجيش بل فتح أعين الزوار على حقائق الاحتلال الذي أصبح الآن في عامه الخمسين.

وقال لرويترز “نريد أن يأتي الناس هنا ويفهموا ما هو الاحتلال. نحن نعتقد أن المشكلة هي السياسة التي تقضي بإرسال الجنود إلى هنا. فالجنود والمستوطنون عرض وليسوا المشكلة”.

* معركة الأيدولوجيات

بينما كانت جماعة كسر الصمت تقود مجموعة من حوالي 20 زائرا في جولة نظمتها في الآونة الأخيرة بدأ مستوطنان من أنصار جماعة إيم تيرتزو يصيحان بألفاظ نابية موجهة للدليل الذي يقود الفوج وهو جندي سابق.

صاح أحدهما وهو يصور المشهد بهاتفه “أنت تكذب عليهم. يا حثالة. يا خائن يا عفن”. وقام بعض المشاركين في الجولة بتصوير المشهد بأنفسهم وأصبح لديهم سجل رقمي للمعركة. ورفض وايمان تصرفات جماعة إيم تيرتزو وقال إن منظمته تركز على تسليط الضوء على التصرفات الخاطئة.

وقال إن “انتهاكات حقوق الإنسان ليست قضية داخلية. بل هي مشكلة دولية”. وأضاف قائلا “ليست سري أو سر الفلسطينيين بل هي الحق”.

وغذى رئيس الوزراء اليميني بنيامين نتنياهو الانتقادات المتنامية لجماعة كسر الصمت التي يساند أنصاره في البرلمان تشريعا سيمنع المؤسسة من إلقاء الخطب في المدارس الإسرائيلية.

ويقول ماتان بيلج رئيس جماعة إيم تيرتزو إنه يريد فضح “جماعات الدعاية” التي يحصل بعضها على تمويل من دول أوروبية وترسم صورة سيئة لإسرائيل.

وقال إن جماعة “كسر الصمت معادية للصهيونية” وإن اليهود يعيشون في الخليل منذ آلاف السنين ولهم الحق في الحياة في قلب المدينة.

أما وايمان فيرى الأمر مختلفا تمام الاختلاف. إذ يقول في هدوء “المشكلة هي الاحتلال. الأمر الذي أصدرته حكومتنا”.

وبينما استمر الصياح وعبارات التنديد خلال الجولة لم يملك الفلسطينيون الذين يعيشون في المنطقة سوى مشاهدة ما يحدث وهم في حالة من الحيرة.المصدر:رويترز

 

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى