قطر ودول 3+1 … عندما يُصبح المحاصِرُ محاصرًا
بقلم : الدكتور وليد دوزي – أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية – جامعة بشار (الجزائر)
بعد الإجراءات الفجائية وأحادية الجانب التي اتخذنها دول 3+1 (السعودية، الإمارات، البحرين ومصر) ضد دولة قطر والمتمثلة في قطع العلاقات الدبلوماسية وطرد القطريين من هذه الدول وغلق المجال الجوي والبحري والبري معها منذ أكثر من شهر، لا زالت الأزمة تراوح مكانها عقب تورط دول الحصار في هذه الأزمة وما قدموه من مطالب لقطر للعدول عن حصارهم. هذه المطالب 13 التي اعتبرها بعض الدبلوماسيين إقليميا ودوليا بما فيهم وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون غير واقعية ومنتهية، وهذا ما يجعل دول الحصار 3+1 تشعر بأنها في ورطة كبيرة تسعى للخروج منها بأقل الأضرار وبما يحفظ ماء وجهها إقليميا ودوليا.
لقد أثبتت الأزمة الخليجية الراهنة مدى ضعف وهشاشة العمل الإستخباراتي والدبلوماسي والسياسي لدول الحصار، وذلك لعدة أسباب، لعل أبرزها:
- المطالب التعجيزية وغير المنطقية في العديد منها على غرار مطالبة قطر بغلق قناة الجزيرة.
- الإجراءات المتّخَذة في حق قطر ورعاياها والتي تتسم بالإجحاف والظلم، كالحصار البري والبحري والجوي، وطرد المدنيين القطريين من دول الحصار تفكيك أسرهم.
- اتهام النظام السياسي الحاكم في قطر بالإرهاب وفقدان الشرعية من قبل أنظمة سياسية فاقدة إما للشرعية السياسية أو المشروعية السياسية أو كلاهما معا. فالنظام السياسي المصري وصل للحكم عقب انقلاب عسكري على حاكم مدني منتخب، إضافة إلى زجه لمعارضيه السياسيين في السجون إما من دون محاكمات أو بمحاكمات سياسية وشكلية. أما النظام السياسي البحريني الذي عرف حراكا شعبيا ضده، قام بإخماده بالقوة العسكرية (قوات درع الخليج). ونظام إماراتي مغيب فيه رئيس الدولة قصرا منذ سنوات. أما النظام السياسي السعودي فتعرف الأسرة الحاكمة فيه صراعات خفية ومتصاعدة أدت إلى خلع ولي العهد محمد بن نايف ووضعه رهن الإقامة الجبرية.
- اتهام قطر بدعم الإرهاب وإيواء الإرهابيين، من قبل نظام إماراتي يأوي نجل الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح ونظام سعودي يأوي رئيس تونسي هارب من تهم اختلاس وقتل متظاهرين، وأيضا نظام سعودي متابع قضائيا من قبل ضحايا هجمات 11 سبتمبر وأسرهم (قانون جاستا). ونظام بحريني استنجد بقوى أجنبية لقمع حراك شعبي سلمي، ونظام مصري قتل وسجن المئات من معارضيه في ميدان رابعة والنهضة. إضافة إلى تورطهم إلى جانب مصر في دعم أحد أطراف الصراع في الحروب الأهلية الليبية والسورية واليمنية. كما لهذه الدول يد في عدم الاستقرار السياسي في لبنان والعراق ومحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا (تموز )2016.
هذه العوامل والأسباب توضح مدى ضعف الأنظمة السياسية لدول الحصار استخباراتيا عندما اعتبرت إن إجراءاتها المتخذة في حق قطر ستنهكها وتجعلها في فترة وجيزة تلتحق بالحظيرة السعودية، وسياسيا ودبلوماسيا عندما فشلت في كسب تعاطف شعوبها من جهة والمجتمع الدولي من جهة أخرى إزاء حصارها لقطر.
كما وفشلت في ثني دولة قطر على سيادتها واستقلال قرارها الخارجي والحد من دورها في المنطقة، ومواقف هذه الأخيرة الثابتة خلال هذه الأزمة خلق حالة تخبط وارتباك كبيرين في معسكر الحصار ظهرت ملامحه من خلال اجتماع القاهرة للرد على الرد القطري الرافض للمطالب 13 لدول 3+1.