أسباب ومؤشرات إقالة ترامب لوزير خارجيته !؟
اعداد : منصور أبو كريم – باحث دكتوراه في مجال السياسة الخارجية الأمريكية
- المركز الديمقراطي العربي
لم يكن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إقالة وزير خارجيته ريكس تيلرسون وتعين محله مدير المخابرات الأمريكية CIA السناتور مايك بمومبيو مفاجئ لكثير من المتابعين، خاصة أن الفجوة بين ترامب وتيلرسون أصبحت أكثر اتساعاً مع مرور الوقت، فالخلافات في وجهات النظر بين الرجلين ظهرت منذ اللحظة الأولى لتعين تيلرسون في منصبه.
هذا التغير في منصب وزير الخارجية جاء نتيجة اختلافات في وجهات النظر بين ترامب ووزير خارجيته حول العديد من القضايا الدولية والإقليمية كان أهمها الأزمة الخليجية حيث ظهر اختلاف شديد بين موقف ترامب الذي أدان قطر بأشد العبارات لدعمها للإرهاب والجماعات الإرهابية بينما قلل وزير خارجيته من موقف رئيسه تجاه دعم قطر للإرهاب عبر الحديث عن أهمية الدور القطري في تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية، بالإضافة للملف النووي الإيراني حيث فشل تيلرسون في إقناع الأوروبيين بتعديل الاتفاق النووي مع إيران، حيث ترامب أعطى تيلرسون الكثير من الوقت لهذه المهمة، لكنه فشل، حيث رأى ترامب أن مسار الدبلوماسية الناعمة الذي يقوده تيلرسون أصبح عديم الجدوى في التعامل مع إيران لذلك فضل استبداله بالسناتور مايك بومبيو الذي سوف يعتمد نهج أكثر صرامة في تنفيذ السياسة الخارجية تجاه طهران.
نهيك عن قضية نقل السفارة الأمريكية للقدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، حيث عارض تيلرسون موقف ترامب تجاه القدس وفضل عدم الدفاع عنه أمام وسائل الاعلام بينما تولت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية نيكي هيلي على غير العادة مهمة الدفاع عن موقف سياسي بتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية يعتبر من صميم عمل وزارة الخارجية.
هذا التغيير سوف ينعكس على سياسة واشنطن تجاه العديد من قضايا المنطقة وخاصة الأزمة الخليجية حيث يتخذ بومبيو مواقف متشددة من الدول الداعمة للإرهاب، كما أنه يعتبر نقط تحول في سياسة واشنطن تجاه إيران لأن هذا التغيير يعتبر تمهيد لخروج الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي مع إيران حيث يعتبر من أشد المعادين لإيران والبرنامج النووي الإيراني، ما يعني أن تعينه في منصب وزير الخارجية الأمريكي سوف يؤدي لتشديد العقوبات الاقتصادية على إيران، وفرض مزيد من الضغوط على أوروبا لإعادة فتح الاتفاق مع إيران لكي يشمل البرنامج الصاروخي والتمدد الإيراني في المنطقة، في إطار مقاربة أمريكية وأوروبية جديدة تجاه إيران.
ربما هذه الحالة من الحالات النادرة التي يتم فيها إقالة وزير الخارجية الأمريكي بعد عام فقط من تولى الرئيس الجديد مهام منصبه، فالعادة جرت أن يتم التغيير بعد الولاية الأولى للرئيس إلا أن إدارة ترامب كسرت كثير من القواعد التي حكمت صناعة القرار في الولايات المتحدة الأمريكية على مدار العقود الماضية، وهذا يوضح إلى أي مدى التغيير الذي أحدثه دخول ترامب للبيت الابيض على أبجديات العمل السياسي الأمريكي على المستوى الداخلي والخارجي، ويوضح أيضاً مدى الفردية التي يتم فيها اتخاذ القرار داخل إدارة ترامب، فنهاك العديد من حالات الإقالة أو الاستقالة التي حدثت خلال العام الأول من تولي ترامب مهام منصبه في البيت الأبيض، حيث جاءت معظمها نتيجة الاختلاف في وجهات النظر بين ترامب وأقرب مساعديه، الأمر يؤكد تراجع دور المؤسسات في صناعة القرار الأمريكي لصالح الأفراد، فتراجع دور مؤسسات الحزب الجمهوري في اختيار الأسماء المناصب الرئيسية في إدارة ترامب والاستقالات الكثيرة يؤكد أن النظام السياسي الأمريكي في عهد ترامب يتجه نحو مزيد من الفردية في صناعة القرار.