الأفريقية وحوض النيلالدراسات البحثية

رؤيه قانونية حول أزمة سد النهضة ومظاهر التعسف الاثيوبى فى ضوء مبادى القانون الدولى

اعداد الباحث: سيد طنطاوى محمد – المركز الديمقراطي العربي

 

ملخص:

اهتمت غالبية المنظمات الدولية التابعة لهيئة الأمم المتحدة بمناقشة نقص المياه العذبة وانعكاسها على بلدان الجوار، وقد تناولت هذه المنظمات تلك المشكلة من زوايا مختلفة. ثم تأتى بعد ذلك اتفاقيات خاصة لكل نهر من الأنهار يتم إبرامها بين الدول النهرية التي تتقاسم مياهها فيما بينها، بحيث تنطلق من القواعد العامة والأصول الكلية التى تضمنتها الاتفاقية أخذة فئ الاعتبار الأوضاع الخاصة بالنهر من جميع النواحي من خلال بعض القواعد القانونية التى تنظم استغلال الأنهار الدولية والتي نشأت عن طريق العرف وتأكدت في الاتفاقيات الدولية وكذلك من خلال الأحكام القضائية في المنازعات . وتناولت الدراسه مستقبل النزاعات المائية بين دول حوض النيل حيث يهدف البحث الى تتبع مسار وتطور النزاع المائى بين دول حوض النيل من أجل التنبؤ ومعرفة كيفية تأثير النزاع

Abstract:

The majority of the UN international organizations discussed the lack of fresh water and its impact on neighboring countries. These organizations have addressed this problem from different angles. Thereafter, special agreements are signed for each river to be concluded between the river states, which share their waters among themselves, starting from the general rules and the total assets included in the agreement taking into account the conditions of the river in all respects through some legal rules governing the exploitation of the international rivers Which arose through custom and were confirmed in international conventions as well as through judicial judgments in disputes

The study examined the future of water disputes between the Nile Basin countries. The study aims to trace the course and evolution of the water dispute between the Nile basin countries in order to predict and know how the water conflict

مقدمة:

القانون الدولى كما هو معروف هو مجموعة القواعد القانونية التى تهتم بتنظيم مجال أو شى أو حالة معينة وهو بالتالى يهدف الى كفالة تنظيم العلاقات بين الدول

حيث أن القانون الدولى يسعى الى تنظيم المجتمع الدولى حيث يوضح أشخاص هذا المجتمع والشروط الواجب توافرها لوجود الدولة وحقوقها ومن ضمن حقوقها حقها فى الحصول على مقدار كافى من المياة لاْدامة الحياة على ارضها بمختلف صورها وخاصة الدول المتشاطئه أو التى تشارك تلك المصادر وحتى فى تقديم يد العون والمساعدة للدول التى تعانى من شحه أو ندرة فى تلك الموارد لان القانون الدولى فى الوقت الحاضر يسعى لدخول مجالات جديدة تفرضها طبيعة وأنواع العلاقات المتجددة  بين الدول ويخضع موضوع المياة العذبة أو المالحة  الى مجموعة من العوامل تسمى بعوامل الكسب وعوامل الفقد

أما عوامل الكسب فهى المطر والندى وعوامل الفقد فهى التبخر والتسرب وجريات المياة على سطح الاْرض وقد يدخل الماء فى الكثير من المركبات ويتفاعل مع الموارد ويصبح وقتها وخاصة المواد السامه عامل ضرر للكثيير من المواد الاخرى وأن أخطر ما يمكن الاشارة اليهفى موضوع دراسة المياة العذبة وخاصة الموجودة فى الانهار والبحيرات هو وجود السدود التى تقام عليها وعلى الرغم من الفوائد التى يمكن أن تحقق منها مثل أنتاج الطاقة الكهربائية وزيادة المساحه المرورية وتنظيم عملية ضخ المياه وقت الجفاف إلا أن هناك مخاطر حقيقية يمكن أن تنتج من أقامة السدود  وخاصة السدود الكبيرة  حيث يساهم الماء المحجوز قبل السدود بزيادة الضغط المسلط على الاض وأحتمالية وقوع زلازل وهزات أرضية والاهم من ذلك هو  حرمان الاْرض من عناصر الخصوبة والتى يحملها لها الطمى المصاحب للماء. فمع انتشار النزاع بين الدول حول استخدام مياه الأنهار في غير أغراض الملاحة أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً برقم 2669 في 8 ديسمبر يقضى بتكليف لجنة القانون الدولي التابعة لها أن تقوم بإعداد مشروع قانون يختص بتنظيم استخدام الأنهار الدولية في غير أغراض الملاحة.

وقد وضعت تلك اللجنة مشروعاً أولياً فئ عام 1984م وزعته على الدول الأعضاء بغرض تلقى أراء هذه الدول، ثم انتهت اللجنة من وضع مشروع القانون بشكله النهائي في يوليو 1994م،وقامت الدول الأعضاء بدراسته تمهيداً لإصدارة وتوقيع معاهدة دولية بشأنه

اشكالية الدراسة :

ينظم القانون الدولي قواعد التعامل بين الدول في إطار احترام السيادة لكل منها وذلك في حالة عدم وجود اتفاقيات بين هذه الدول وهذا ما كان علية الحال بالنسبة للأنهار الدولية حتى مايو 1997عندما أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية دولية جديدة تنظم الاستخدامات غير الملاحية  للمجارى المائية الدولية وقد ظلت بعض القواعد التي استنها العرف القانوني والتي أمكن الاسترشاد بها عند بحث النزاعات الإقليمية حول استغلال الأنهار الدولية. أما الاتفاقيات الدولية ثنائية أو ثلاثية الأطراف أو غيرها القائمة الآن فهي اتفاقيات ملزمة للأطراف الموقعة عليها فقط ومن ثم لا تمتد أثارها للأطراف الأخرى المشاركة في نفس النهر الدولي.

ومن القواعد القانونية الدولية التي تحكم استخدام الأنهار في غير أغراض الملاحة كالزراعة والصناعة على سبيل المثال أن لا يؤدى استخدام إحدى الدول للنهر إلى الإضرار بمصالح الدولة الأخرى المشتركة في هذا النهر ، لأن الأتجاة السائد في القانون الدولي الآن هو مبدأ الاشتراك المنصف والتوزيع العادل لمياه شبكة الأنهار الدولية في غير شئون الملاحة.

ولذا قد اهتمت مجموعة من المعاهد والمراكز القانونية المتخصصة بدراسة موضوع القواعد القانونية العامة ، ومن المراكز على سبيل المثال إتحاد المحامين للدول الأمريكية ، الذي أصدر وثيقة في عام 1957 بنهاية دورته العاشرة في بيونس ارس تحت عنوان:

المبادئ القانونية التي تحكم استغلال الأنهار الدولية” وقد تضمنت تلك الوثيقة:

  • إقرار حق الدول التي يمر بها جزء من الأنهار الدولية في استخدام النهر بشرط ألا يضر هذا الاستخدام الدول الأخرى الشريكة في النهر.
  • تطبيق مبدأ المساواة في الحقوق.
  • الحرص على عدم إجراء أية تغييرات في نظام النهر بدون الاتفاق مع باقي دول النهر.
  • عند الاختلاف بين بلدان النهر الواحد يعرض النزاع للتحكيم الدولي.

وسنتناول فيما يلي أهم قواعد القانون الدولي في هذا الشأن متمثلة فيما عرف بقواعد هلسنكي وبتوصيات ماردل بلانا ، استرشاداً بالمؤلف الهام للدكتور على إبراهيم بعنوان ” قانون الأنهار والمجارى المائية الدولية” والصادر عن دار النهضة العربية عام1997م، ثم اتفاقية قانون استخدام المجارى المائية الدولية في غير الأغراض الملاحية استنادا إلى مقال الدكتور صلاح الدين عامر أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة والمنشور بجريدة الأهرام في 21 يونيو 1997م.

فمن خلال المبادئ السابقة توصل القانون الدولي إلى بعض القواعد القانونية التى تنظم استغلال الأنهار الدولية والتي نشأت عن طريق العرف وتأكدت في الاتفاقيات الدولية وكذلك من خلال الأحكام القضائية في المنازعات وهى :

  • المساواة أمام القانون بين دول النهر وحق كل منها في استغلال مياه النهر المار بأراضيها بمطلق الحرية وبصورة انفرادية.
  • التزام كل دولة من دول النهر باحترام استغلال باقي دول النهر وألا تقوم بنوع من الاستغلال يمس حقوق الدول الأخرى.
  • حماية الحقوق المكتسبة للدولة الناشئة عن الاستغلال لفترة طويلة بدون اعتراض باقي دول مجرى النهر بشرط أن يكون الاستغلال نافعا ومفيدا كحالة مصر بالنسبة لدول حوض نهر النيل
  • تقسيم المياه عادلاً وفقاً لاحتياجات كل دولة ووفقاً لظروفها الجغرافية والتاريخية والاقتصادية.
  • الالتزام بالتشاور عند تنفيذ مشروعات خاصة بالنهر.
  • عدم السماح لأية دولة غير نهرية أن تمارس حقوق الاستغلال على النهر الدولي إلا إذا تراضت دول المجرى على ذلك.
  • عدم جواز المساس بحقوق أية دولة من دول مجرى النهر المقررة وفقاًً للأحكام العامة للقانون الدولي أو بالاتفاقيات الخاصة الثنائية أو الجماعية إلا بموافقة الدولة المعنية.
  • منع الاستغلال الضار ببقية الدول كتغيير مجرى النهر أو تعطيل الملاحة فيه.
  • وجوب سداد التعويضات المناسبة في حالة الإضرار بحقوق دول أخرى مستفيدة.
  • ضرورة قيام تعاون مثمر بين الدول المستفيدة لتحسين موارد النهر واستغلاله كوحدة مرتبطة.

أهمية الموضوع :

أن جهود المجتمع الدولى الخاصة بالمياة تشهد تصارعاً مستمراً بسبب المخاطر التى يمكن أن تتعرض لها أعداد كبيرة من البشر حيث يشير تقرير الامم المتحدة الى أنه حتى اليوم يوجد (101)مليار شخص ليست لديهم أمكانية الحصول على ماء صالح  للشرب وأكثر من (204) يفتقرون الى أنظمة تصريف المياه (مياة الصرف الصحى  ) وحوالى  ثلث سكان العالم يعانون من صعوبة  الحصول على مياه الشرب حيث تدخلات الانسان  فى البعض منها جاءت ضد قوانين الطبيعه والفطرة التى أوجد الله سبحانه وتعالى  الارض وقدر فيها أقواتها وتنوع بيئاتها وأختلاف مجارى الانهار فيها

ونتج عن سوء أستعمال ذلك فى هذا ا لسياق العديد من  الانتهاكات  وربما خلق مشاكل داخل البلد الواحد كما فعلت تركيا فى مشروع الكاب والذى ساهمت سدودة فى غمر الكثير من الاماكن التاريخية والبيئية والطبيعية للكثير من الحيوانات وقد عمل بناء السدود مخاطر عديدة قد تصل الى مئات الكيلو مترات كما هو الحال فى أنهيار أحد السدود أيضا الصغيرة فى بلغارياوالذى كان يهدد مدينة أدرنه التركيه أو مع سد الموصل فى العراق  والتى تدور الاقاويل الى أحتمالية تعرضه للانهيار أو مع الصين أو مع تركيا وكلاهما دخل فى سباق محمومفى بناء السدود وأيضا فى نفس السياق انتهاك أثيوبيا قواعد القانون  الدولى والشروع فى بناء سد النهضة فى الثانى من أبريل عام 2011وذلك باعلان أحادى الجانب دون التشاور مستغلة تلك الفترة الحرجة التى تمر بها مصر منشغلة فى أعادة بناء نظامها  السياسى عقب الثورة وأعترضت مصر على ذلك وشكلت لجنة ثلاثية ضمت مصر والسودان وأثيوبيا  وبعض الخبراء الدوليين للنظر فى الاضرار المحتلمة من بناء السد على مصر والسودان ولقد صاحب بناء هذا السد زخما سياسياًوردود أفعال أعلامية وشعبية واسعهكما تباينت مواقفق الدول الاطراف حولة وتعددت الرؤى والتحليلات حول فائدته واضراره من دوله لاخرى .

حيث ان خرق كميات كبيرة من الماء من أجل توليد الكهرباء هو أهلاك وتعمد للحياة وللاخرين وحيث أن القانون الدولى نظم ذلك فيمما يتعلق بالسدود وتأثير ذلك على حقوق الاخرين والدول الاخرى ونظم الاستخدام المشترك ومبادىْ حسن الجوار

حيث تعتمد مرجعيات القانون الدولى للمياة على الاْتفاقيات الدولية والاعراف الدولية وجهود الفقة والقضاء أيضا وقد أرتكز الفقة الدولى على مقاربات متعدده  حيث تحقق المساواة والعداله واستندت مختلف الاتفاقيات الدولية وأجهزة الامم المتحدة الى مبادىْ الانصاف والعدالهوساير هذا الاتجاه الفقة والتحكيم والقضاء وبعد المجهودات الكبيرة التى بذلتها لجان القانون الدولى على مدى 27عام(1970_1997)اعتمدت الجمعية العامة للامم المتحده فى 21 مايو 1997 الاتفاقية الجديدة لاستخدام المجارى المائية الدولية فى غير أغراض الملاحةالنهرية وقد جاءت هذة الاتفاقية بموافقه 104 صوت وأعترضت ثلاث دول ههى الين وتركيا وبروندى وامتنع عن التصويت 27 دوله من بينهما مصر والسودان واثيوبيا ومازال الباب مفتوحا للتوقيع عليه  من قبل باقى دول العالم حيث يمكن القول أن الاتفاقية الجديدة اتفاقية اطارية بمعنى أنها تضع القواعد والاصول الكلية المتعلقة بأستخدامات الانهار فى غير شئون الملاحة والقواعد الاساسية التى يتم بمقتضاها تقاسم الموارد المائية للانهار بوجه عام.

المبحث الاول :ماهية القانون الدولى للمياه:

القانون الدولى للمياه هو أحد فروع القانون الدولى العم الذى سيحتل الصداره فى المستقبل القريب من بين فروع القانون الاخرى وأن  كان حالياً ليس فرعاًكامل الاهليه بسبب حاجته الى الكثير من الجهد الدولى والاقليمى حيث أن الجهد المطروح فى الساحة حالياً هو جهد ثنائى أو أقليمى بالدرجه الاْساس وأن كانت هناك بعض الاتفاقيات الدولية الخاصه به والاصل هو أن يكون هناك أعتراف دولى من المجتمع الدولى به على أعتباره أحد فروع القانون الدولى العام على أن البعض من رجال القانون والسياسة وحتى الدول ينظرون على أن القانون الدولى للمياه ليس قانوناًلانه يستند الى قواعد قانونية وأعراف فقط أى قانون دولى عرفى وهذا الكلام فية مجانبة للصواب وللحقيقة وهروب منها حصل ايضا هذا مع القانون الدولى الانسانى فيما يتعلق بالقوانين العرفية والتعاقدية

ويقول الدكتور _ديب عكاوى أن قواعد القانون ملزمة للدول المشاركه فى أتخاذها  بصورة تعاقديه وللدول غير المشاركه بصورة عرفية  والحقيقة أن القانون الدولى للمياه لم تكتمل أطروه القانونية بعد  الا أنه موجود ويرمى بثقه بقسوه فى الساحة الدولية بسبب أهمية المواضيع التى يتعامل بها وتاتى قوة الالزام به من كونه فرع من فروع القانون الدولى والقانون الدولى العرفى ملزمان للجميع ولان المياه  يجب أن ينظر اليها على أنها الحياه بعينها  ولا يشكل عدم جميع جوانبة من عدم الاعتراف به لانه يتضمن قواعد قانونية واعراف ثابته غير قابلة للتجزئه والتهرب من المأخذ علية فى الاتفاقيات المنضوية تحته غالبية أتفاقيات ثنائية أو أقليمية وهو ليس عيب فيه أنما مصدر قوة  فالدول المتشاطئه هى أعلم بحاجه بعضها لبعض للمياه  وهى أعرف بقواعد حسن الجوار ومتطلبات حقوق الانسان والتعايش والاستحقاقات التاريخية على أنه يجب الانتباه على أن القانو نالدولى فى جانبة العرفى أو الاتفاقى يسيران بشكل متلازم

لان القانون الدولى العرفى هو أصل الكثير من فروع القانون  مثل القانون الدولى الدبلوماسى والقانون الدولى لحقوق الانسان والقانون الدولى الانسانى وهما يمثلان حاله واحده . حيث أن القانون الدولى يستمد شرعيته من خمس مصادر قانونية تعمل على تنظيم العلاقة بين الدول ذات الحوض المائى المشترك وتعد تلك المصادر الاساس فى فض النزاعات المائية بين الدول ولمن لازال المجتمع الدولى لم يتوصل بعد الى صياغه قانونية وملزمة محدده  مبينه على قواعد ومبادىء ثابته لاقتسام االمياه فى الانهار الددولية حيث عقدت الدو لالتى تشترك فى أنهار دولية أكثر من 300 أتفاقية ومعاهدة فيما بينها وتوصل المجتمع الدولى  لى أحداث صياغه قانونية عبر الجمعية العامةللامم المتحدة بتاريخ 21/511997 فيما يتعلق باستخدام المجارى المائية الدولية للاغراض غير الملاحيه وتعتبر هذة أول أتفاقية فى أطار الامم المتحدة للاغراض غير الملاحية.

أنظر ماجاء فى الموقع الرسمى لوزارة الخارجية الاسرائيلية الملحق رقم (2)ص240http://mfa.gov.il\mfaar

د.د\يب عكاوى ’القانون الدولى الانسانى –اكاديمية العلوم الاوكرانية ’كييف-معهد الدوله والقانون 1995ص21

د.محمد فهاد الشلالده-القانون الدولى الانسانى –منشاه لمعارف بالاسكندريهطبعه عام 2005ص13

 المطلب الاول :القواعد القانونية لاستخدام مياه الانهار

مياه الانهار عنصر متحرك كالرياح والسحب والمياه هبه طبيعية من الله لصالح الجنس البشرى بأكمله أو كما تعبر عنه المحكمة العليا للولايات المتحدة الاميريكيه بأنها كالطيور المهاجرة فى جماعات  ومن ثم تتعلق بها مصالح أكثر من دولة والمياه قد تجرى اليوم فى دولة ثم تنتقل فى اليوم التالى الى دولة أخرى وتصبح جزءاًمن البحار وينبغى الاحتفاظ المتشرك العام فى التمتع بتلك الهبة الطبيعية ويتريت على ذلك أن النهر الدولى برمته يعد ملكاً طبيعيا مشتركاً بين جميع الدول التى يجرى فى أقاليمها ذلك النهر والتى لكل منها الحق الطبيعى فى أستغلاله وقد سعى فقهاء القاون والمنظمات الدوليه لدراسه كيفية أستغلال الانهار الدولية ووضع القواعد التى تنظم  أسلوب أقتسام وأستغلال المياه التى تجرى فيها حفاظاً على الحقوق المكتسبه والمشروعه للدول والمجتمعات ومن  هذا ظهرت الخلافات بين الدول بسبب تركيز كل دوله على مصالحها الخاصه والشعور القومى  المتزايد لدى بعض الدول التى تتصرف بمفردها للاستفادة الكامله بمياه النهر المشترك دون النظر الى الاضرار التى  تلحق بالدول  الاخرى المتشاطئه للنهر وقد ساعد قصور  القانون الدولى فيما يختص بمشكلات المياه الدولية وعدم وضوح المدلولات اللفظيه  لعديد من نصوصه على زيادة النزاعات كما ساعد عليها أيضا تباين درجات النمو الاقتصادى والاجتماعى والكثافة السكانيه للدول وقد كان هناك أتجاه ضعيف ينكر وجود قواعد قانونية عامه تحكم الانهار الدولية خارج حدود المعاهدات الثنائية  إلا أن الاتجاة الغالب يؤكد على وجود قواعد قانونية تحكم الانهار  المشتركه مستمدة من مصادر  القانون الدولى كالمعاهدات والاتفاقيات العامة والخاصه ومن العرف الدولى  الذى يستدل علية من ممارسات الدول حين يطبق  قواعد قانوينة معينه للقانون الدولى ومن الاحكام القضائيه واراء فقهاء القانون المهتمين بشئون المياه وعلى الرغم من أنه لم تكن توجد أتفاقيات عامه تحكم عمل الانهار الدوليه بسبب أختلاف وضع كل نهر دولى عن الاخر إلا أن هناك معاهدات دولية أعطت أهتماماً لهذا المجال معاهدة فيينا 1815 وهى أول معاهدة تضمنت أحكاماًعن الانهار الدولية كذلك تضمنت معاهده السلام المنعقده فى فرساى بباريس 1919 يعد الحرب العالمية الاولى  ومعاهدة برشلونه 1921 ومعاهدة جنيف 1922 بعض البنود والاحكام الخاصة بالانهار الدولية وأساليب أستخدامها والملاحه فيها وهى من الدلائل الاوليه  للاهتمام الدولى  بكيفية التعامل مع الانهار الدولية ويوجد أكثر من 300 معاهدة ثنائية  عن أستخدامات الانهار الدولية  فضلا عن حوالى 3600 أتفاقية دولية  أخرى تعرضت فى بعض بنودها للمسالة المائية بحيث تصبح القواعد المذكورة فى تلك المعاهدات عناصر أساسية فى العرف الدولى كما تدلل المعاهدات الاقليمية ههى الاخرى على وجدود قواعد أقليمية أو محليه  يجب أحترامها مثل معاهدات بعض الانهار مثل الراين والامازون والسنغال والميكونج  والنيجر ,وقد أكدت جمعية القانون الدولى فى دورتها الثامنه والاربعون التى عقدت فى نيويورك 1985 على أن أى نظام  للانهار والبحيرات  ينتمى لحوض صرف وأحد ويجب معاملتة كوحدة متكامله  وليس كأجزاء منفصله  وكل دولة مشتركة فى نظام مائى دولى معين لها

د محمد عبد العزيز مرزوق,مصر ودول حوض النيل ,دراسه لقواعد القانون الدولى التى تحكم التوزيع العادل لمياه النهر الدولى ,الفتح للطباعه والنشر الاسكندرية 2010

د ممدوح توفيق ,استغلال الانهار الدوليه فى غير شئون الملاحة,مشكله نهر الاردن,رساله دكتوراه كلية الحقوق جامعة القاهره ص30

الحق فى نصيب معقول فى الاستخدامات المقدية لمياه حوض الصرف وأن على الدول المشاركه فى النهر أحترام الحقوق القانونية للدول الاخرى والالتزام بالتشاور  بين الدول عند تنفيذ مشروعات خاصه بأى نهر دولى  ومنع الاستغلال الضار ,فليس لاى دوله أن تنفرد بأستغلال الجزء من النهر الواقع داخل حدودها بشكل يؤدى الى الاضرار بالاخرين وقد وضعت جمعية  القانون الدولى قواعد عامه واقرتها فى أجتماعها الذى عقد فى مدينه هلسنكى 1966حيث تنص المادة الرابعه منه على أنه يحق لايه دولة حوضيه داخل أرضها أن  تتمتع بحصة مناسبه وعادلة فى الاستخدامات المقدية فى مياه  أى حوض صرف دولى ويتم أيضا تحديد حصص الدول طبقا للمعايير التى وردت فى المادة الخامسه  من قواعد هلسنكى والتى تشمل على جغرافية الحوض ومساحته فى كل دوله تابعه له ووضعه الهيدرولوجى ومساهمه كل دولة فيه وأمكانية وجود  مصادر مائيه بديله والاستخدامات السابقه والحالية لمياه حوض النيل وحجم السكان الين يعتمدون على مياه النيل فى كل دوله وتجنب الهدر غير المبرر فى أستخدامات  المياه وتأمين  حاجات دول الحوض دون الاضرار بالدول الاخرى وتؤسس أتفاقية هلسنكى لقيام علاقات مائية مبنية على مبادى الانتفاعوالتنمية والحماية والمصالح والاستخدام المنصف دون التسبب فى ضرر ذى شأن للدول الاخرى ولم يرد فى الاتفاقية ذكر صريح للحقوق المكتسبه أو التاريخية وأنما وردت فيها صياغه تقول أن هذة الاتفاقية لاتؤثر على على حقوق والتزامات دول المجرى المائى الدولى نتيجة لاتفاقيات يكون معمول بها سابقا ويمكن القول تبعاًلذلك أن الاتفاقيات السابقة التى تنظم كيفية الانتفاع المشترك بمياه النيل والتى أبرمتها الدول من قبل سواء أكانت خلال فترة الاستعمار أمبعد الاستقلال يجوز لها أن تخالف القواعد العامة  التى أوردتها قواعد هلسنكى طبقاً للمادة الاولى من نفس هذة القواعد وقد أوردت الاتفاقية بعض المبادى التى تخص اليات الادارة المشتركه للنهر الدولى فى مجالات التنمية المستدامة والانتفاع وضبط التدقيق وتشييد  الاشغال العامه وصيانه الانشاءاتوالمرافق  كما أوضحت أهمية وجود جداول توقيتات ومدد زمنية محددة لاستخدامات المياه مما يتطلب وففرة المعلومات وتبادلها بين الدول الاطارف فى حوض النهر الدولى ومن البين أن تطبيق قواعد هلسنكى توضح بجلاء أولوية حق مصر بشكل خاص فى الانتفاع بمياه النيل لان مصر تستخدم مياه الحوض منذ الاف السنين وحتى الوقت الحاضر ولانها تضم عدداً كبيراًمن السكانوأرضها نادره الامطارولا تتوفر لديها موارد مائيه بديلة وتؤكد قواعد هلسنكى على ضرورة حل مشكلات توزيع مياه الانهار المشتركه أو العمل على الاقلال منها أو منعها بالطرق السلمية كما ينص على ذلك ميثاق الامم المتحده لذلك أوصت تلك القواعد فى الفصل السادس منها دول حوض النهر الواحد بتبادل المعلومات الخاصة به والعمل على تأليف لجان مشتركه لادارهالنهر كوحدة واحدة وضرورة أبلاغ دول الحوض الاخرى قبل البدء فى تنفيذ أى مشروع قد يؤثر على مياه النهر فمثل هذا التبليغ يعطى دول حوض النهر فرصة الدخول فى مفاوضات أو الالتجاء الى التحكيم الدولى قبل أن تتأثر سلبياً بتنفيذ المشروع فعندما شرعت أثيوبيا فى أبريل 2011فى إنشاء سد النهضة قرب الحدودالسودانية لتوليد الكهرباء حسب قولها مثلا كان ينبغى أن تبلغ مباشرة دولتى المصب :مصر والسودان قبل أن تقدم على هذا العمل الذى يؤثر على مصالح الدولتين بشكل مباشر وذلك لم يحدث وقد أولت اللجنة الدولية لتنمية البيئه فى تقريرها المعنون بمستقبلنا المشترك.

د.ممدوح توفيق ,أستغلال الانهار الدولية فى غير الشئون الملاحيه,مرجع سابق

د.عبد الملك عوده ,السياسة المصرية ومياه النيل

مجمع القانون الدولى ,تقرير المؤتمرالثانى والخمسين ,هلسنكى ,1966.صبحى أحمد زهير العادلى ,النهر الدولى . ومنصور العادلى موادرا لمياه فى الشرق الاوسط

د.محمد عبد العزيز مرزوق,مصر ودول حوض النيل مرجع سابق

أهتماما خاصً بمفهوم التنمية ويتحدث التقرير عن التنمية البيئية بطريقة جماعية ويؤكد على ضرورة وضع منهج جديد يقوم  على التنمية بمقاييس معقولة تراعى حاجات الاجيال الحالية والقادمه وقد أولت الامم المتحده والمنظمات الدولية غير الحكومية أهتماماًكبيراً لتنمية الموارد المائيه فى البرامج الخاصة بها واصبحت المياه تشكل ركناً أساسياً فى أى  تخطيط تنومى على المستوى المحلى والعالمى وقد أعطى مؤتمر دبلن فى يناير1992 ومؤتمر ريوديجانيرو فى الارجنتين فى يونيو من نفس العام اهتماماً خاصاً للاثار البيئيه لنقص المياه على سكان دول العالم وقد أعطت الامم المتحدة مساله الانهار الدولية أهتماماً فائقاً مع أذدياد إدراك العواقب الوخيمة التى يمكن أن تنجم عن الصراع بين الدول النهرية من أجل المياه ,فصدرت أتفاقية استخدام المجارى المائية الدولية فى غير الشئون الملاحية the non-navigation uses of international watercourses فى 21مايو 1997,حيث وافقت الجميعة العامه للامم لمتحدة بالتصويت  على الاتفاقية باغلبيه 104 دوله ورفض 3دول فقط,وتحفظ 27دوله,وتغيب عن جلسة التصويت عدد أخر من الدول وقد جاءت اتفاقية الامم المتحدة متزامنه مع الوقت الذى بدأت تتزايد فية المطالب المائيه من جانب دول حوض النيل بغرض التنمية الزراعية والصناعيه وتوليد الكهرباء  اللازمة لسكانها ,وتعتبر المبادى الوارده فى هذة الاتفاقية من المرجعيات الاساسيه فى ميدان القواعد المنظمة للعلاقات المائية المتبادلة بين دول النهر الواحد ,والاطراف الدعوه للتوقيع عليها هى الدول والمنظمات الاقليمية للتكامل الاقتصادى,وعلى الرغم من أن مصر قد تحفظت عليها ,الا انه يمكن أن تقبل القواعد التى وضعتها تلك الاتفاقية بأعتبارها اتفاقية دولية ,

واهم تلك القواعد هى :

أولا : أن الاتفاقية إطارية :تمثل أطاراً عاماًيضم مجموعة من المبادىء العامة والرئيسيه والاحكام المتعلقة بموضوع أستخدامات مياه الانهار فى غير شئون الملاحة ,بحيث قد يلزم أن يتم وضع أتفاقية أو اتفاقيات جديدة بشان نهر معين او جزء تاسيسا على تنوع الاوضاع الجغرافية والهيدرولوجيه والمناخية والسكانية الخاصة بأحواض الانهار المختلفة .

ثانيا : أحترام أتفاقيات المياه السابقه :نصت المادة الثالثه من الاتفاقية على الايؤثر اى نص من نصوصها على دول أى مجرى مائى أو التزامات تلك الدول الناشئه عن أتفاقيات سابقه يكون معمول بها من قبل,وذلك فى اليوم التى تصبح تلك الدول طرفاً فى اتفاقية الامم المتحدة للمياه,ويعنى ذلك أحقية مصر والسودان فى استمرار سريان الاتفاقيات المنعقده سابقا بخصوص مياه النيل ,إذا ما كانت طرفاً فى هذة الاتفاقية

ثالثا ا: لانتفاع والمشاركه المنصفان والمعقولان:نصت المادة الخامسه على أن تنتفع دول المجرى المائى المشترك,كل فى إقليمة بالمجر المائى بطريقه منصفة ومعقولة وتشارك تلك الدول بعضها فى استخدام المجرى المائى وتنميته وحمايته بطريقة منصفه ومعقوله وتشمل هذة المشاركه حق استخدام المجرى,وواجب التعاون على حمايته وتنميته على السواء

د.منصور العادلى ,موارد المياه فى الشرق الاوسط مرجع سابق

ملاحق كتاب قانون الانهار الدولية الجديدة والمصالح العربية ,نص اتفاقية أستخدام المجارى المائية الدولية فى غير الشئون الملاحية 1997,أشراف صلاح الدين عامر,معهد البحوث والدراسات العربية 2001,ص483-485

رابعاً:  وضع جميع العوامل والظروف ذات الصلة فى الاعتبار: نصت المادة السادسه على أن الانتفاع بالمجرى المائى الدولى بطريقة منصفة ومعقولة يتطلب اخذ جميع العوامل والظروف ذات الصل الخاصة بكل دوله على حدة فى الحسبان,وهى مطابقه تقريبا لما وردفى أتفاقية هلسنكى الموضحة انفاً فى هذا الخصوص, وان يحدد الثقل الممنوح لكل عامل من عوامل الانتفاع بمياه النهر وفقاً لاهميته فى كل دوله بالمقارنة مع أهمية العوامل الاخرى المتصلة بذلك ,عند تحديد ماهية الانتفاع المنصف يجب النظر فى جميع العوامل والظروف ذات الصلة معاًوالتوصل الى استنتاج على أساس هذة العوامل بصفة عامة وضرورة إبداء روح التعاون بين دول المجرى المائى

خامساً:  عدم التسبب فى ضرر جوهرى: تتخذ دول المجرى المائى الدولى ,عند الانتفاع به داخل أراضيها كل التدابير المناسبة للحيلولة دون التسبب قى ضرر ذى شأن لدولة من دول المجرى المائى ,تتخذ الدول التى تتسبب أستخدامها فى هذا الضرر فى حاله عدم وجود أتفاق على هذا الاستخدام كل التدابير المناسبة مراعية أحكام المادتين 5و6 بالتشاور مع الدولة المتضرره من أجل تخفيف هذا الضرر أو أزالته والقيام عند الضرورة بمناقشة مسالة التعويض

سادساً : الاخطار المسبق : فقد قررت الاتفاقية على أن الدولة المقدمه على عمل إنشاءات معينة أن تبلغ الدولة أو الدول الاخرى قبل الاقدام على أعمال الانشاءات هذة بدة ستة أشهر على الاقل ويجوز مد المده بوصفها مهلة للرد على الاخطار وألقت الاتفاقية التزامات على عاتق الدولة التى تريد أقامة مشروع ما على النهر الذى يمر فى أراضيها أثناء هذة المده وأهمها التعاون وعدم البدء فى تنفيذ التدابير المزمع أتخاذها حتى يتم الاتفاق بين الاطراف ذات الصلة ويمكن القول أن أتفاقية الامم المتحدة 1977فى الواقع عبارة عن تقنين العرف الدولى فى التعامل مع الانهار الدولية وهى متفقه مع كثير من الاسس القانونية الواردة فى قواعد هلسنكى 1966

وبخلاف الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى تعالج قضايا المياة نجد أن الاحكام القضائية الدولية تلعب دوراً بارزاً وهاماً فى تحديد القواعد القانونية  للانهار الدولية فقد تلجأ أطارف النزاع الى القضاء الدولى والاحكام السابقة المتصلة بهذا الخصوص للتدليل على وجود ومبادىْعامة وقواعد قانونية محدده ,وبخصوص قضايا المياه الدولية هناك قضيتان عرضتا على محكمة العدل الدولية :الاولى فى عام 1929 وتتعلق بنهر الاودر والثانية 1973 وتتعلق بنهر الموز وتشير القضيتان إلى قواعد قانونية خاصة بالانهار الدولية استشهدت بها المحاكم الخاصة بالمياه ,كذلك هناك أحكام قضائية وأحكام هيئات قضائية من أهمها الحكم فى قضية بحيرة لانو 1957,وهى غنية بالاشارات الى القواعد القانونية فى مجال المجار المائية الدولية ,ولقد أكدت الاحكام القضائية المشار اليها ,ومحكمة العدل الدولية ,ومحاككم التحكيم الدولى والمحاكم الوطنية على حق الدول المشتركة فى استغلال مياه الانهار الدولية التى تمر بأراضيها بشكل معقول ,وعدم قيام دولة أو دول معينه بأى أعمال على الانهار المشتركة من شانها الاضرار بالمياة المخصصة للدول الاخرى وان على دولة المجرى الاعلى أن توفق بين مصلحتها وبين مصالح الدول المتشاطئه معها على نفس النهر وان تكون أستخدامتها لا يلحق ضرراً بالدول الاخرى

د منصور العادلى ,موارد المياه فى الشرق الاوسط ,مرجع سابق ص69

المطلب الثانى : موقف أثيوبيا من أتفاقية 1902

فى بداية حديثى أود أن أوضح واستظهر أنه قد صدر بخصوص أتفاقية 1902 والعلاقات المائية بين مصر واثيوبيا  كتب وأبحاث كثيرة فى داخل أثيوبيا وخارجها ويأتى فى مقدمتها كتاب الاستاذ ونديمينيه تيلاهون بجامعة أديس ابابا فى 1979 بعنوان التطلعات الاستعمارية لمصر فى بحيرة تانا والنيل الازرق egypt imperial aspirations overlake tane and the pulenile والحق ان عنوان الكتاب كان يقطر أدانه مصر وقد عبر المؤلف فية عن وجهه نظر الكومة الاثيوبية دون أن يشير الى ذلك صراحة وكان من ضمن ما تعرض له ونديمينية أتفاقية 1902المشار اليها أعلاه وفى محاولته ورجال الفقة القانونى الاثيوبين نقض هذة المعاهدة قال:

أن الفقرة الخاصة بمياة النيل الواردة فى الاتفاقية التى وقع عليها الامبراطور منيلك الثانى  والتى ورد نصها أعلاه ما هى إلا تعهد شخصى مؤقت غير ملزم للحكومة الاثيوبية  حسب تفسيرة وبالتالى ليس حقاً مكتسباً يتسم بالديمومه وليس هناك مايحتم قانونيا أو تاريخيا أن يطالب المصريون أو السودانيون بمعاملتهم كورثة ,إلا أن الفقية الدولى الدكتور مصطفى عبد الرحمن رد على هذا الراْى المخالف وأوضح الفقية مصطفى عبد الرحمن أن أتفاقية 1902 أتفاقية دولية بجميع المقاييس أبرمها منيلك الثانى وذلك بصفته ملك لاثيوبيا كما هو وارد فى صلب الاتفاقية التى تتضمن مجموعة من الالتزامات  العينية غير المؤقتة التى لا يجوز الرجوع فيها والفقرة الثانية  من المادة 62 من أتفاقية فيينا 1969 تقر بأنة لا يجوز الاستناد الى التغيير الجوهرى للظروف للمطالبه بأنهاء اية معاهدات دولية أذا كانت هذة المعاهدة منشئة الحدود ونظراً لان أتفاقية 1902 ترتب التزامات  على الاقليم بضها متعلق بنظم الحدود وبعضها الاخر متعلق بأستخدامات المياه وجميعها نظم عينية فأن هذة الاتفاقية تتسم بصفة الديمومة والاستمرارية  فى أطار نظرية التوارث الدولى ونجد ان الباحث الاثيوبى يعقوب ارسانو  يسير أيضا على  نفس منهج ونهج ونديمينيه فى التفسير والتحليل ويحاول أن يدلل على عدم قانونية أتفاقية 1902 بحجج أخرى لا اساس لها مثل أن الاتفاقية على حد قوله لم يصدق عليها وان الحقوق الطبيعية لاثيوبيا فى نصيب مؤكد من المياه لايمكن أنكارها أو الحديث بخصوصها وتجاهل الباحث أن لدى أثيوبيا أكثر من 123 مليار متر مكعب من المياه بخلاف الامطار والانهار الكثيرة الاخرى الموجودة خارج حوض النيل بينما مصر لا تمتلك سوى 55.5مليار متر مكعب  لعدد سكانها,  واذا كان  عدد سكان مصر يعادل عدد سكان اثيوبيا فمعنى ذلك أن مصر فى حاجة الى أكثر من ضعف نصيبها الحالى  من المياة حتى يقترب من أمكانيات أثيوبيا المائية  ,وأنه طبقا لاتفاقية فيينا 1978بشأن التوارث الدولى للاتفاقيات بين الدول المجاورة أو بين ما يمثلها يتم توريثها توريثا تلقائيا وأن قرارات منظمة الوحدة الافريقية فى أديس ابابا أكدت على أستمرارية اية اتفاقيات سابقه خاصة بالحدود والمسائل العينية حتى ولو كانت من عهد الاستعمار خشية لحدوث صراعات سياسية او مشكلات

وزارة الخارجية (وثائق)جمهورية مصر العربية ,مصر ونهر النيل ,القاهرة 1983,معاهدة 1902 بين بريطانيا واثيوبيا بشأن الحدود بين أثيوبيا والسودان ومياه النيل ملحق 3/1 ص46

ممدوح توفيق ,استغلال الانهار الدولية ,مرجع سابق

الخاتمة :

قواعد القانون الدولي للمياه هي النتيجة وتهدف هذه القواعد إلى تنظيم العلاقات بين بلدان نفس الحوض فيما يتعلق بعمليات استخدام المياه وتقاسمها  حيث هدف البحث الى تتبع مسار وتطور النزاع المائى بين دول حوض النيل من أجل التبؤ وتمكين قيادات الدولة من أخذ الاحتياطات المبكرة والسعى لمعرفة الدوافع الحقيقية ومطالبة دول حوض النيل بوضع استراتيجيات مائية تقوم على مبدا ادارة الصراع اذا لم يتم التوصل الى وفاق بين دول حوض النيل وتاتى أهمية البحث من أهمية قضية المياة حيث اصبحت المياة من ضمن القضايا الاستراتيجية لكونها ذات أهمية حيوية فى حياة الشعوب وفى قضايا التنمية والاستقرار وتحقيق الامن ولم يكن السودان أيضا بعيداًعن التاثير والتاثر بذات القضية ذات البعد المتعمق بمياة النيل لذا فان تكاثف الجهود البحثية والعميقة فى تلك القضية سيساعد فى الدعم لمتخذى القرارفيجب وضع حدود سياسية للمصالح المشتركة العادلة لدول المنابع وخرج الباحث برائيا بان القانون الدولى غير قادر بدون تعاون دول الحوض على حل نزاعات المياه وفى خفض وتيرة النزاع بين كل من اثوبيا ومصر والسودان ومن المعروف أن حقيقة هذة الجهود التي بذلتها جامعة القانون الدولي، في مجال تحديد مفهوم الضرر فيما يتعلق باستخدام مياه الأنهار الدولية، قد مرت بثلاثة مراحل:

ومنها مفهوم “الضرر” في أحكام هلسنكي في عام 1966و مفهوم “الضرر” في ضوء “دوبروفنيك”

المؤتمر 1956و مفهوم الضرر في أحكام برلين في 2004وجاءت اللائحة القانونية بشأن بناء السدود على الأنهار الدولية: الامتثال  لدول حوض النيل المنبع من اللوائح بين بلدان مجرى المياه، والاستشارات والتفاوض، كما تقتضي الظروف، حول الآثار المحتملة للإجراءات المزمع أن تكون من قبل أى بلد والاشعار المسبق في مجال استخدام الأنهار الدولية مما قد يعود بالنفع على جميع بلدان الحوض كما يجب أن تتعاون مع بقية الحوض البلدان التي تهدف إلى تحقيق مشروع المياه. فينبغي اللجوء إلى التفاوض للتوصل إلى اتفاق في الوقت المناسب بشأن القضايا موضوع النزاع. ومن الضروري الإشارة إلى أولئك الذين لديهم خبرة تقنية لتسوية القضايا والعمل على تطوير أتفاقيات المياة بين دول حوض النيل بما يجعلها أكثر أنسجاماً مع التطورات مع التزام دول حوض النيل بتوصيات الخبراء الدوليين من خلال إعداد مشروع اتفاق إطار الأمم المتحدة وتشكيل هيئة تحكيم للنظر في النزاع والامتثال للقواعد الرئيسية فى القانون الدولى وتشكيل لجنة خبراء دوليين لتقييم ودراسة الاثار المحتملة وتقديم كافة البيانات والتى من المرجح ان تتاثر نتيجة لبناء هذا المشروع و التزام إثيوبيا بعدم التسبب لاى ضرر على الحقوق التاريخية المكتسبة لمصر و القرارات المنصوص عليها في معاهدة ترسيم الحدود والشروط القانونية التي ينبغي اتباعها عند إنشاء المشاريع المائية على الأنهار الدولية و احترام الحقوق التاريخية وتجاوز الخلافات الحالية وموافقة الاطراف على تاسيس مفوضية عليا يتم من خلالها تنسيق الموقف والنظر بعين الاعتبار الى الجيران وخاصة دول الحوض ووضع استيراتيجيات لحل كافة اسباب النزاع مع الالتزام بالاتفاقيات القانونية السابقة التى ضمنت حقوق مصر التاريخية فى مياة النيل

التوصيات :

قد توصلت الدراسة الى العديد من النتائج حيث أستطاعت اثيوبيا استقطاب دول حوض النيل وساهمت التدخلات الخارجية وثورة 25 يناير فى زيادة حدة الصراع حول أستغلال مياة النيل بين دول الحوض واوصت الددراسة بعدة توصيات حيث ان الماء يعد أحد أهم الموارد الطبيعية على سطح الارض حيث أوصت بوضع حدود سياسية للمصالح المائية المشتركة العادلة وتقصى موقف القانون الدولى وتطوير أتفاقيات المياة بين دول حوض النيل بما يجعلها أكثر أنسجاماً مع التطورات مع التزام دول حوض النيل بتوصيات الخبراء الدوليين والتوصل الي اتفاق قانوني صريح يلزم إثيوبيا بالتقيد بالضوابط القانونية والفنية بشأن بناء السد وبما يمنع إلحاق الضرر بدولتي المصب مصر و السودان و ان تثمر الجهود الدبلوماسية والفنية بين دول النيل الشرقي الي التوصل لحلول فنية تضمن عدم إلحاق الضرر بدولتي المصب ، من خلال توقيع اتفاقية قانونية شاملة تضمن الاستخدامات المنصفة لمياه النيل الشرقي .وان تخطوا مصر والسودان بخطي سريعة نحو التكامل الاقتصادي والاستراتيجي، وطوي صفحات الخلاف التي تمثلت في اختلاف جهات النظر حول بعض الموضوعات، وأنه يجب ترك كل هذا والنظر الي الأخطار المحدقة بالدولتين علي صعيد الاقليم، وايضا التصدي للتواجد الأجنبي في منطقة القرن الأفريقي، تظل مصر والسودان بلدا واحدا يجمعهما الكثير من أهمها المصير المشترك وعوامل اللغة والدين والاهم نهر النيل شريان الحياه والوجود لهما والذي يربطهما منذ قرون خلت.

قائمة المراجع :

د.محمود توفيق , أستغلال الانهار الدولية فى غير الشئون الملاحية

د.منصور العادلى ,موارد المياة فى الشرق الاوسط

د.صلاح الدين عامر,معهد البحوث والدراسات العربية

د.عبد الملك عودة,السياسة المصرية ومياة النيل

د.محمد عبد العزيز مرزوق ,مصر ودول حوض النيل,دراسة لقواعد القانون الدولى التى تحككم التوزيع العادل لمياة النهر الدولى , الفتح للطباعة والنشر الاسكندرية 2010

أنظر ماجاء فى الموقع الرسمى لوزارة الخارجية الاسرائيلية الملحق رقم (2)ص240http://mfa.gov.il\mfaar

د.د\يب عكاوى ’القانون الدولى الانسانى –اكاديمية العلوم الاوكرانية ’كييف-معهد الدوله والقانون 1995ص21

د.محمد فهاد الشلالده-القانون الدولى الانسانى –منشاه لمعارف بالاسكندريهطبعه عام 2005ص13

د ممدوح توفيق ,استغلال الانهار الدوليه فى غير شئون الملاحة,مشكله نهر الاردن,رساله دكتوراه كلية الحقوق جامعة القاهره ص30ملاحق كتاب قانون الانهار الدولية الجديدة والمصالح العربية ,نص اتفاقية أستخدام المجارى المائية الدولية فى غير الشئون الملاحية 1997,أشراف صلاح الدين عامر,معهد البحوث والدراسات العربية 2001,ص483-485

وزارة الخارجية (وثائق)جمهورية مصر العربية ,مصر ونهر النيل ,القاهرة 1983,معاهدة 1902 بين بريطانيا واثيوبيا بشأن الحدود بين أثيوبيا والسودان ومياه النيل ملحق 3/1 ص

  • خاص – المركز الديمقراطي العربي
5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى