أدب الكورونة
بقلم : د .عادل حسين – المركز الديمقراطي العربي
اعتقد ان هذه الازمة الوبائية هي رجس من السماء ارسل الى الارض، نتاج ما اقترفته الانسانية في حق ديمومة وجودها ، و ذلك من خلال محاربة الحق و انتشار الظلم سرا و علانية، و السعي نحو فساد الارض و تدمير ظاهرها و باطنها.
لقد اشتد القتل و الصلب و تقطيع الايدي و الارجل من خلاف و النفي للشعوب غصبا عنهم و إخراج اهليهم من ديارهم عنوة ، هذا كله يجعل من الشروط الموضوعية للحركة المتوازنة للطبيعة ان تستوفي و تستكمل كل عناصرها لتكون، حتما، نتيجة ما يصاب به الناس اينما ثقفوا و حيث ما وجدوا …
المجاعة تقتل بالآلاف في اليوم الواحد ان لم نقل بالملايين، و لا احد ينتفض من أجلهم ، حتى المنظمات العالمية تتحرك وفق الظروف و السياق حسب الضرورة القصوى . انظر ما يحدث للشعب السوري الشقيق و الشعب اليمني …الخ، و عندما يتعلق الامر بالفيروس يتحرك العالم كله ليس خوفا على حياة الشعوب بل لان الكرونة سوف تطال الاغنياء منهم ، لذلك نراهم قد جندوا كل شيء من اجل القضاء على الوباء…
بالتالي ، ارى ان هذه الكارثة الانسانية سوف تكون ليس فقط هي العامل الجوهري في عملية تغيير الجينات السلالية للمجتمعات البشرية ، بل هي ايضا الاداة الطبيعية التي سوف تقوم بمنهجية الاختيار و الانتقاء و بقاء الافضل من الناس في جغرافية العالم…
و هذا لا يمكن أن يكون، في راينا، الا تمهيدا ، عبر الزمان و المكان، لانبثاق القوم العادل بفضل جودة سلالته لقيادة العالم الجديد نحو تحقيق العمارة الفضلى للأرض من ناحية ، واستعدادا لولادة الانسان العادل الذي سوف ، على يديه، يعم الخير و البركة على البشرية جمعاء من ناحية اخرى…
و من هنا ، نستطيع القول بان هذه الازمة التي تمر بها الانسانية هي بمثابة الفرصة التي لا تأتي الا بغتة للرجوع الى الذات و التأمل في باطنها بعمق ، و التوقف عند المسار الذي مشت فيه بكل ما عندها من قوة و طاقة …
فالإنسانية اليوم هي في اشد الحاجة الى العودة الى الاصل و البحث من جديد عن المقاصد و المعاني الحقيقية لمفهوم الموت و الحياة و الابتلاء . لذلك ،لابد من استرجاع الثقة في انفسنا كبشر، بني كيانه على النقصان و الخطأ، و نستعيد في وجداننا قيم التواضع من جهة ، و نشرع بالاهتمام بالجانب العاطفي و القيمي و الروحي من جهة اخرى ، و ذلك لما افتقده الكيان الانساني الى الجانب الروحي و الى مكارم الأخلاق و القيمة باتجاه العالم الخارجي سيما اخيه الانسان الآخر و علاقته مع الطبيعة …
و بالتالي، ان في هذه الأزمة لعبرة لمجتمعاتنا الانسانية سوف يتغير نمط الحياة و تنبثق عن ذلك مفاهيم جديدة . لعلاقة الانسان مع اخيه الانسان…
* وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا *