الدراسات البحثيةالمتخصصة

التدخل الدولي الإنساني في القانون الدولي “دراسة حالة التدخل في العراق”

اعداد :  نوران سيد عبد الفتاح عبد الجيد –  اشراف : د. ابراهيم المنشاوي

  • المركز الديمقراطي العربي

 

أولاً: المقدمة:

لقد بدأ الأهتمام الدولي بحماية حقوق الأنسان بشكل متزايد مع زيادة الصراعات الداخلية والحروب الأهلية  بشكل ملاحظ عن الصراعات الدولية ، الأمر الذي أدي الي ظهور مصطلح التدخل الأنساني الذي نتج عنه مجموعة من الأشكاليات القانونية حول مشروعيته سياسيا وقانونيا لوقف أي أنتهاكات لحقوق الأنسان في أي دولة من الدول  ، فظهرت العديد من الأراء التي تؤيد وتعارض التدخل الأنساني ، فلم يكن هناك إطار قانوني واضح ومباشر يحدد إبعاد تلك الظاهرة والمفاهيم المرتبطة بها ومدي إتساقها مع مباديء القانون الدولي ولقد نص ميثاق الأمم المتحدة بشكل واضح علي مبدأ التدخل الأنساني لتعزيز حقوق الأنسان والحفاظ علي الأمن والسلم الدوليين . وبتحول النظام العالمي لنظام أحادي القطبية متمثل في الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت تطويع كافة الممارسات لتسهيل سيطرتها علي العالم ومن اهم هذه الممارسات هو السيطرة علي الهيئات الدولية والتي أهمها في تلك الفترة من حيث التاثير علي العالم هي منظمة الأمم المتحدة . حيث أنها عملت علي اصدار قرارات لتحقيق مصالحها وأتخاذ الأمم المتحدة مجرد غطاء لتفعيل مشروعية القرارات التي تتأخذها الولايات المتحدة للتدخل في العديد من الدول بحجة حماية الأمن والسلم الدوليين والقضاء علي الحروب الأهلية وجرائم التطهير العرقي وغيرها من الجرائم التي تتخذها كألية للتدخل العسكري و أستخدام القوة بشكل ادق.

الأمر الذي ألذي نتج عنه إشكالية تعارض هذا النوع من التدخلات مع مبادي الأمم المتحدة خاصة الفصل الأول والذي يسعي لتحقيق بعد المقاصد أهمها / حماية الأمن والسلم الدوليين واحترام حقوق الأنسان  والتـي یسـتمد منهـا التـدخل الإنسـاني أسـاس وجـوده، غیـر أنّـه اشـترط أن یـتم تحقیـق هـذه المقاصـد وفـق احتـرام المبـادئ التـي جـاء بهـا المیثـاق، مثـل منـع التـدخل فـي الشـؤون الداخلیـة للـدول ومنـع اسـتخدام القـوة، مـا شـكل إشكالية  للأمـم المتحـدة سـواء علـى المسـتوى القـانوني أو العملـي، وذلك للفصل في حالات التدخل الإنساني ، وبشكل تطبيقي نري أن التدخل الأمريكي في العراق هو حالة تتوافر فيها الممارسه التطبيقة لأشكالية التدخل الأنساني حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية قد أتخذت من مصطلح التدخل الأنساني مبرر لأصدار قرار من أجل التدخل في العراق لحفظ الأمن والسلم الدوليين الأمر الي نتج عنه انتهاكات وتدمير وضحايا وهذا لا يمت بصله لمقاصد الأمم المتحدة وحقوق الانسان.[1]

ثانياً: المشكلة البحثية:

تكمن المشكلة البحثية في التعارض بين مشروعية التدخل الأنساني التي يقره ميثاق الأمم المتحدة في حالة حدوث أي أنتهاكات لحقوق الأنسان في دولة من الدول وبين أستخدام تلك المشروعية القانونية لتحقيق أهداف سياسية ومقاصد شخصية ليس لها علاقة بالأساس القانوني للتدخل الأنساني وانما يتم استخدامه كغطاء شرعي للهيمنة والأنحراف عن البعد الانساني ، الأمر الذي أدي الي تهميش دور الأمم المتحدة كمنظمة دولية تعزز من حقوق الأنسان . وبالملاحظة فأن الممارسات قد اكدت أن التدخل الدول الأنساني لا يستند فيها إلي أي قاعدة قانونية بل يمثل اعتداء علي سيادة الدول والتدخل في شئونها الداخلية ، وبالمثل نجد أن مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية ومبدأ السيادة الوطنية للدول يتعارض مع مبدأ التدخل الدولي الأنساني الذي يعتمد علي التدخل من أجل الحفاظ علي حقوق الأنسان مما يخلق تعارض بين القوانين ينتج عنه أزدواجية علي مستوي الممارسة.

ودراسة حالة التدخل الأنساني في العراق هي الممارسة التطبيقية للهيمنة الأمريكية علي قرارات المنظمة وانتهاكها للميثاق والمباديء الأساسية فيه وتهميشها لدور ألأمم المتحدة دوليا حيث أنها حصرت دور المنظمة في الأزمة العراقية بعد الأحتلال في المساعدات الأنسانية فقط وإصدار تقارير عن الوضع في العراق أي أنه مجرد دور شكلي ليس به أي شكل من أشكال التدخل لحماية حقوق الأنسان وإنهاء كافة الأنتهاكات التي تحدث فيها  . كما أن الولايات المتحدة الأمريكية كدولة كبري لها حق الفيتو في مجلس الأمن ولا يمكن للمجلس تمرير أي قرار بدون موافقة تلك الدول علي رأسها الولايات المتحدة فأستطاعت أن تستمر في الهمينة وقامت بإصدار قرار للتدخل العسكري في العراق بحجة حفظ الأمن وحماية أمنها القومي ولكي تحافظ علي مشروعية تدخلها قانونيا ودوليا .

وبالتالي يمكن صياغة السؤال البحثي الرئيسي بأنه: الي أي مدي تتحقق المشروعية التي تمارسها الدول عند التدخل الدولي الأنساني ؟ وتطبيقيا علي حالة الدراسة يصبح السؤال البحثي الرئيسي: ما هي مشروعية التدخل الأمريكي في العراق بهدف التدخل الدولي الأنساني.

ثالثاً: الأسئلة الفرعية:

1: مدي حرية المنظمة الدولية ومجلس الأمن في التدخل بحجة حفظ الأمن والسلم الدوليين ؟

2: هل تتطابق مباديء القانون الدولي العام مع الأساس القانوني لمبدا التدخل الدولي الأنساني ؟

3: ما هي الأشكاليات المتعلقة بمفهوم التدخل الدولي الأنساني ؟

4: هل دور منظمة الأمم المتحدة في عمليات التدخل الأنساني مهمش أو فعال ؟

5: ما هو مدي تعرض الأمم المتحدة للتسييس من الدول الكبري ؟

6 : هل أزدواجية قرارات مجلس الأمن وعدم التفرد في اصدارها تسببت في التدخل العسكري الغير مشروع في العراق ؟

7 : ماهية التحديات التي تواجه التدخل الدولي الأنساني ؟

8 : هل يعد التدخل الأنساني أختراقا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئه ؟

رابعاً: أهمية الدراسة:

  • اولاً: الاهمية العلمية:

تبرز الأهمية العلمية للدراسة في أنها تعالج موضوع من اهم القضايا التي يعاني منها المجتمع الدولي بشكل ملحوظ حديثا وذلك بسبب التطور الذي نتج عن مفهوم التدخل الدولي الأنساني والمشروعية القانونية لأستخدامه ، وانقسام الأراء حول مؤيدين للتدخل باعتباره حماية لحقوق الأنسان  ومعارضين للتدخل الدولي الأنساني بأعتباره انتهاك لسيادة الدول وتعدي علي شئونها الداخلية ، كما هو ضروري للدراسه للتعرف عن الإشكاليات القانونية التي نتجت عن مبدا التدخل الدولي الأنساني وتفسيره بالمعني التي يمكن بعض الدول من الأعتداء علي دول أخري بأستخدام التدخل الأنساني الدولي كتبرير لذلك ، فتقدم الدراسة إسهام علمي لزيادة الأسهام في توفير دراسات حديثة عن الموضوع بأعتباره يتطور بشكل ملحوظ .

  • ثانياً: الأهمية العملية:

يمكن تحديد الأهمية العملية في كيفية تطبيق مبدأ التدخل الأنساني في الممارسات الدولية حيث أنه علي مستوي الممارسة يتم أستخدامه كمجرد وسيلة شرعية قانونية تسخدمها الدول الكبري للأعتداء علي الدول بأعتباره مبدأ قانوني مشروع يمنع الدول من الوقوع في مخالفات وعقوبات دولية بأعتبارها تخترق المواثيق الدولية ، لذلك فأن من خلال دراسة الموضوع من البعدين القانوني والسياسي تسليط الضوء علي التجاوزات التي تقوم بها الدول استنادا الي مبدأ التدخل الدولي الأنساني ، وايضا التركيز علي أن مبدأ التدخل الدولي هو سلاح ذو حدين بالنسبة للدول الي تطلب التدخل الأنساني بها فمن جانب قانوني يهدف حماية حقوق الأنسان ولكن سياسيا يتم استخدامه لأنتهاك حقوق الأنسان والسيطرة علي سياسات الدول الداخلية والقضاء علي مبدأ السيادة الوطنية .

خامساً: اهداف الدراسة:

تهدف الدراسة الي معرفة:

1: مدي توافق مبدأ التدخل الدولي الأنساني مع ميثاق الأمم المتحدة .

2: ماهية التدخل الدولي الأنساني استنادا الي الممارسات الحديثة .

3: استغلال السند القانوني لمبدأ التدخل الدولي الأنساني لتحقيق أهداف سياسية .

4: التأثيرات الدولية علي قرارات الأمم المتحدة في عمليات التدخل الأنساني .

5: استراتيجية الأمم المتحدة للسيطرة علي النظام الدولي واستخدام مبدأ التدخل الأنساني كالية من الأليات لتحقيق أهدافها .

6 : محاولة التوصل الي كيقية يمكن تقييد مبدأ التدخل الدولي الأنساني علي أساس أطر قانونية واضحة بحيث يتم استخدامه طبقا للهدف المرجو منه .

سادساً: منهج الدراسة:

موضوع الدراسة هو مبدأ التدخل الأنساني في القانون الدولي الأنساني  ومشروعيته قانونيا، لذلك تقوم الدراسة علي الاقتراب القانوني الذي يقوم علي دراسة المصادر المرتبطه بموضوع والتي يمكن الرجوع اليها والتي تمثلت في : القواعد الأتفاقية في القانون الدولي الأنساني التي تحدد مشروعية التدخل الأنساني من خلال مباديء ميثاق الأمم المتحدة ، القانوني الدولي لحقوق الأنسان .

1: ميثاق الأمم المتحدة : اشار میثاق الأمم المتحدة إلى التدخل لحمایة حقوق الإنسان، حیث نجد في دیباجة المیثاق التزام أعضاء المنظمة على تجنب ، وفي سبیل ذلك تقوم الأمم المتحدة بتوجیه جهودها لتحقیق التسامح، و العیش في سلام، مع تأكیدها عن احترامها للحقوق الأساساية للفرد وعدم انتهاكه  و احترام  الالتزامات الناشئة عن المواثيق الدولية .

نص المادة 2/7 من المیثاق والتي تنص علي ليس في هذا الميثاق ما يسوغ ”للأمم المتحدة“ أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي ‏لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن ‏هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع ، و ورودها ضمن مقاصد الهیئة ومبادئها یؤكد أنّها توجه خطابها إلى كافة أجهزة المنظمة، و كون جمیع أجهزة المنظمة باستثناء مجلس الأمن لا تتخذ من إجراءات التدخل إلاّ ما كان ذو طبیعة غیر عسكریة.

2 : القانون الدولي لحقوق الأنسان والأتفاقيات الدولية التي تعتبر أساس التدخل الأنساني  فيمكن تعريفه علي انه المباديء المنصوص عليها في المعاهدات والأتفاقيات الدولية والتي تتعلق بحماية حقوق الأنسان وهي حقوق خاصه بالأنسان ولا يمكن التنازل عنها وغير مسموح أنتهاكها من جانب الدول .

3: القانون الدولي الأنساني : والذي يعرف علي أنه مجموعة المباديء التي تحد من استخدام العنف اثناء النزاعات المسلحة وحماية ضحايا الحروب وكثير من نصوصه تبيح التدخل الأنساني .

كما أن الدراسه تقوم علي مبدأ دراسة الحالة الذي يدرس حالة العراق ومشروعية التدخل الأنساني فيها والنتائج التي ترتبت علي الأحتلال الأمريكي والتدخل العسكري .

سابعا: الأطار المفاهميي:

التدخل الإنساني:التدخل  الأنساني : هو ممارسة سلطة عامة من جانب دولة على أراضي دولة أخرى من دون موافقة هذه الأخيرة وهو تعريف لا يغطى الإشكالات التي تثار حول المفهوم كما أنه يحصر عملية القيام بمهمة التدخل في دولة واحدة في الوقت الذي يمكن أن تتم فيه العملية عن طريق مجموعة دولية تحت غطاء الامم المتحدة ، وقام فينست بتعريف التدخل على أنه ” الأعمال التي تقوم بها دولة ما أو مجموعة في إطار دولة ما أو مجموعة من الدول أو منظمة دولية تقوم بالتدخل بشكل قسري في الشؤون الداخلية لدولة أخرى.

حقوق الإنسان :هي مجموعة الاحتياجات أو المطالب التي يلزم توافرها بالنسبة إلى عموم الأشخاص، وفى أي مجتمع ودون أي تمييز بينهم في هذا الخصوص سواء لاعتبارات النوع أو اللون أو الجنس أو العقيدة السياسية أو لأى اعتبار آخر ومن الصعوبة وضع تعريف شامل لمصطلح حقوق الإنسان إذ أن مفهوم الحق يختلف باختلاف الزمان والمكان

النظام الدولي:  فقد عرفه والتز ” أنه عبارة عن مجموعة من الوحدات التي تتفاعل فيما بينهم فمن ناحية يتكون النظام من هيكل أو بنيان ويتكون من ناحية أخرى من وحدات تتفاعل معها ولعل ستانلي هومان أكثر تحديداً في رؤيته للنظام الدولي فهو يرى أنه عبارة عن نمط للعلاقات بين الوحدات الأساسية الدولية ويتحدد هذا النمط بطريق بنيان أو هيكل العالم.

السيادة : هي صفة للسلطة والسلطة ذات السيادة تشكل إلى جانب الإقليم والسكان اركان الدولة ولا يمكن أن تكتمل الشخصية القانونية للدولة الا بتوافر هذه الأركان الثلاثة وإذا كانت السيادة إحدى أهم خصائص وسمات الدولة الحديثة، إن من يملك السيادة هم الأفراد وفقا لنظرية سيادة الشعب.

ثامناً: الأطار النظري:

1: النظرية الواقعية والتي تقوم علي رفض فكرة التدخل الأنساني اعتمادا علي بعض الأسس وهي :

انتقائیة التدخل الانساني یرى انصار الواقعیة ان الدول تمارس التدخل بشكل انتقائي ، مما یؤدي الى نتاقض في السیاسة ، وحیث انه یمكن الحكم على الدول من خلال ما تعتبره مصلحة قومیة لها فان هذه الدول لاتتدخل عندما ترى ان التدخل لایمس مصالحها ، وتنشأء مشكلة الانتقائیة عندما تتعرض المبادئ الاخلاقیة المتعارف علیها للخطر  . یؤكد انصار النظریة الواقعیة انه لایجوز تطويع التدخل على انه شكل استثنائي لمبدأ عدم جواز استخدام القوة حیث ان من شأن ذلك ان یؤدي الى سوء الاستخدام لذا یؤكد انصارها على تحریم هذا الاستثناء الذي هو عرضة لاساءة استخدامه من قبل الدول تحت ذریعة الدفاع عن النفس ، الدول لاتقوم بالتدخل الانساني لاعتبارات انسانیة وهنا یؤكد الواقعیون بان الدول لاتنظر الا في مصالحها ، ومن المستبعد ان تتبنى الدول اعتبارات المشاعر الانسانیة في سلوكها السیاسي.

2: النظرية الليبرالية والتي تؤيد فكرة التدخل الأنساني :التدخل الانساني یعتبر ضرورة ضد الفوضى في العالم ، وذلك في ضوء الانتشار السریع للعنف والفوضى الداخلیة عبر الحدود بین الدول . فالتدخل الانساني یعتبر سابقاً على سیادة الدولة وله الاولویة على ایة اعتبارات ، أن اعمال انتهاكات حقوق الانسان من قبل الدولة لمواطنیها باعتبارها اهانة لكرامة الجمیع ، ینبغي ان تستلم فیها القیمة الایجابیة لسیادة الدولة الى القیم الكبرى ذات الصلة بالانسانیة العالمیة ، بل وربطت بین احترام الدولة لهذه الحقوق وبین سلوكها الخارجي. [2]

تاسعاً: الادبيات السابقة:

يمكن تقسيم الأدبيات التي تناولت موضوع التدخل الأنساني  الي اتجاهين 

اولا : الأتجاه الذي يتناول مشروعية التدخل الأنساني :

1: التدخل الانساني بين الشرعية القانونية والمشروعية السياسية : يحاول الباحث دراسة التناقض مابينالتدخل العسكري لاهداف واغراض انسانیة ، وما یتر تب على ذلك من انتهاك للسلطان الداخلي للدولة وخرق لسیادتها وفق ماجاءت علیه الفقرة السابعة من المادة الثانیة من میثاق الامم المتحدة التي تنص الى انه  لیس من المیثاق ما یسوغ للامم المتحدة ان تتدخل في الشؤون التي تكون من صمیم السلطان الداخلي لدولة ما ولیس فیه مایقتضي الاعضاء ان یعرضوا مثل هذه المسائل لان تحل بحكم هذا المیثاق، على ان هذا المبدأ لایخل بتطبیق تدابیر القمع الواردة في الفصل السابع ، وتهدف الدراسه الي تحديد الأغراض السياسية من الناحية القانونية للمبدا ودراسة الأثار المترتبة علي التدخل الأنساني [3]

2:  اثر التدخل الأنساني علي السيادة الوطنية للدولة : يحاول الباحث دراسة موضوع التدخل الدولي الإنساني و استخلاص المبادئ والأطر القانونية الأولى وهي الأحكام التي دعت إليها منظمة الأمم المتحدة في احترام مبادئ السياسة الداخلية للدول من جهة وكذلك احترام حقوق الإنسان وحمايتها من جميع أنواع الانتهاكات المستمرة، حيث أنه حماية هذه الحقوق يحقق جوهر النظام القانوني الممثل في ضمان التطبيق الفعلي للالتزامات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان التي يتماثل الإلتزام بها مع أي إلتزام قانوني دولي من خلال وسائل محددة في الاتفاقيات الدولية ذاتها . [4]

3 : مدي مشروعية التدخل الأنساني في إطار عدم جواز تدخل الأمم المتحدة في السلطان الداخلي للدول : تركز الدراسة علي :

ان التدخل الأنساني بغض النظر عن مشروعيته أو عدم مشروعيته فأنه يسخدم القوة المسلحة والغير مسلحة لحماية حقوق الأنسان ضد اي انتهاكات ، ولقد برزت التطورات في التدخل بعد الحرب الباردة والنظام العالمي الجديد الذي يقوم علي حماية حقوق الأنسان و أحترام الأمن والسلم الدولين وعلي الرغم من ذلك فلقد وصف التدخل الأنساني في بعض الحالات بالأزدواجية . [5

ثانيا : الأتجاه الذي يتناول التناقض بين المشروعية القانونية للتدخل والممارسات الدولية :

1 : الدتخل الأنساني في ضوء ميثاق الأمم المتحدة 

تركز الدراسه علي انه كرست الولایات المتحـدة الأمریكیـة ممارسات جدیدة، ساعدها في ذلـك سـیطر تها علـى الهیئـات الدولیـة، ومنهـا منظمـة الأمـم المتحـدة باعتبارهـا المنظمـة الأكثـر تـأثیرا فـي العـالم، حیـث عملـت علـى استصـدار قـرارات مـن المنظمـة لإعطاء الشرعیة القانونیة لهذه التدخلات في مناطق مختلفة في العالم ، عـن ذلـك إشـكال حقیقـي لـدى منظمـة الأمـم المتحـدة، نظـرا لمـا جـاء بـه میثاقهـا فـي فصـله الأول” المقاصـد والمبـادئ”، حیـث وضـعت المـادة الأولـى جملـة مـن المقاصـد التـي تسـعى الهیئـة لتحقیقهـا؛ مثـل حمایـة الأمـن والسـلم الـدولیین وتعزیـز احتـرام حقـوق الإنسـان، والتـي یسـتمد منهـا التـدخل الإنسـاني أسـاس وجـوده، غیـر أنّـه اشـترط أن یـتم تحقیـق هـذه المقاصـد وفـق احتـرام المبـادئ التـي جـاء بهـا المیثـاق فـي مادتـه الثانیـة، مثـل منـع التـدخل فـي الشـؤون الداخلیـة للـدول ومنـع اسـتخدام القـوة، مـا شـكل تحـدي للأمـم المتحـدة سـواء علـى المسـتوى القـانوني أو العملـي، وذلك للفصل في حالات التدخل الإنساني التي تتم من المنظمات الإقلیمیة أو الدول.[6]

2: التوظيف الأمريكي لمنظمة الأمم المتحدة لمعالجة القضايا الدولية .

عملت الولايات المتحدة الأمريكية على تقديم الدعم لمنظمة الأمم المتحدة والترويج لدور فاعل لها على الساحة الدولية، لضمان إستخدام المنظمة كوسيلة نافعة لدبلوماسيتها العالمية من ناحية، وبإنسياق المنظمة وراء الإستراتيجية الأمريكية وأهدافها، وإتخاذها إطاراً لإضفاء الشرعية الدولية على أنماط سلوكها المختلفة من ناحية أخرى و توظيف الولايات المتحدة الأمريكية للأمم المتحدة يُعد أحد الآليات السياسية المهمة في إضفاء الشرعية على القرارات  التي تنسجم مع المصالح والأهداف الأمريكية، وبما يعزز من الهيمنة الأمريكية على الساحة الدولية، ولعل التوظيف الامريكي للمنظمة الدولية في معالجة الازمة السودانية  يُعد احدى الآليات الرامية الى تعزيز الهيمنة الامريكية على القضايا الدولية. [7]

ويمكن الملاحظة بعدم أتساع الدراسات الحديثه الي تتناول التدخل الأنساني قي إطار ممارساته الحديثة لذلك لابد من دراسة التدخل الأنساني بأبعاد مختلفة تستيطيع تفسير تلك الممارسات علي أرض الواقع

تقسيم الدراسة:

يمكن تقسيم الدراسة الي ثلاث قصول :

  • الفصل الأول: نشاه مفهوم التدخلات الإنسانية في القانون الدولي
  • المبحث الأول : ماهية التدخل الدولي الإنساني نظريا
  • المبحث الثاني الإطار القانوني للتدخل الإنساني الدولي
  • الفصل الثاني : للأمم المتحده والتدخلات الانسانيه :
  • المبحث الأول : ثاثيرات القوي الدوليه علي قرارات الامم المتحده في التدخلات الانسانيه
  • المبحث الثاني للتدخلات الانسانيه ومدي توافقها مع ميثاق الأمم المتحده
  • الفصل الثالث: الحالة التطبيقية: التدخل في العراق.
  • المبحث الأول : منظمة الأمم المتحده والتدخل الإنساني في العراق
  • المبحث الثاني : تحديات التدخل الإنساني

مقدمة :

يعتبر مفهوم التدخل الأنساني من المفاهيم التي تمثل جدل في القانون الدولي نظرا لاختلاف محاولات تفسيره و التوصل الي مفهوم يمنع الازدواجية في التعريف علي المستوي النظري وتطبيقيا علي مستوي استخدامه فعليا في الحالات التي تتطلب ذلك في الدول وكيفية استخدامه بالطريقة المثلي دون تطويعه لخدمة طرف دون الاخر . بدأ استخدام مفهوم التدخل الأنساني بكثرة عندما قامت الدول الأوروبية بالتدخل في عديد من الاقاليم مثل : اليونان والبلقان تحت مسمي حماية الأقليات الدينية المسيحية التي تعاني من الأضطهاد ، ثم بعد ذلك في فترة الحرب الباردة والصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي وميثاق الامم المتحدة الذي كان يستند الي مبدأ السيادة وحقوق الانسان ، ولقد شهد النظام الدولي عدة تحولات بعد الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي ، انتشار للصراعات الأقليمية والأهلية وتزايد النزاعات الداخلية مقارنة بالنزاعات الدولية ، كل هذه الصراعات نتج عنها إنتهاكات واضحة لحقوق الأنسان ادت لتدخلات خارجية تحت إطار الشرعية الدولية ( الأمم المتحدة ) بغرض حماية حقوق الأنسان لاعتبارات أنسانية ولحماية حق تقرير المصير وللتقليل من خسائر الحروب التي يتعرض لها الشعوب . وتعتمد الأمم المتحدة علي حقها في التدخل علي ميثاقها التي وقعت عليه الدول والذي بمقتضاه لها الحق في التدخل ألانساني من خلال القانون الدولي لحقوق الأنسان لحفظ الأمن والسلم الدوليين . ولقد تنوعت الأدوات المستخدمة في هذه التدخلات بين الدبلوماسية والأقتصادية مع استخدام الأداة العسكرية بشكل أساسي وتوظيفها بدرجات مختلفة  حسب الموقف الدولي الذي يستدعي التدخل . والتدخل الدولي الإنساني لحماية حقوق الأنسان بالنسبة لاولويات الامم المتحدة يرتكز علي القضايا التي تتعلق بإنتهاكات حقوق المواطنين و الحروب الاهليه وعمليات الابادة الجماعية ، كما أنها حاولت وضع حد لامتلاك الاسلحة النووية خاصة ان وجود الأمم المتحدة كمنظمة تزامن مع ظهور الأسلحة النووية والتهديد باستخدامها . لقد تدخلت الأمم المتحدة في العديد من القضايا والنزاعات مثل العراق ، اقليم كوسوفو ، دارفور ، الصومال ، رواندا ، تيمور الشرقية.

الفصل الأول : نشأة مفهوم التدخلات الانسانية في القانون الدولي :

يعتبر مفهوم التدخل الأنساني من المفاهيم التي تمثل جدل في القانون الدولي نظرا لاختلاف محاولات تفسيره و التوصل الي مفهوم يمنع الازدواجية في التعريف علي المستوي النظري وتطبيقيا علي مستوي استخدامه فعليا في الحالات التي تتطلب ذلك في الدول وكيفية استخدامه بالطريقة المثلي دون تطويعه لخدمة طرف دون الاخر . بدأ استخدام مفهوم التدخل الأنساني بكثرة عندما قامت الدول الأوروبية بالتدخل في عديد من الاقاليم مثل : اليونان والبلقان تحت مسمي حماية الأقليات الدينية المسيحية التي تعاني من الأضطهاد ، ثم بعد ذلك في فترة الحرب الباردة والصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي وميثاق الامم المتحدة الذي كان يستند الي مبدأ السيادة وحقوق الانسان ، ولقد شهد النظام الدولي عدة تحولات بعد الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي ، انتشار للصراعات الأقليمية والأهلية وتزايد النزاعات الداخلية مقارنة بالنزاعات الدولية ، كل هذه الصراعات نتج عنها إنتهاكات واضحة لحقوق الأنسان ادت لتدخلات خارجية تحت إطار الشرعية الدولية ( الأمم المتحدة ) بغرض حماية حقوق الأنسان لاعتبارات أنسانية ولحماية حق تقرير المصير وللتقليل من خسائر الحروب التي يتعرض لها الشعوب . وتعتمد الأمم المتحدة علي حقها في التدخل علي ميثاقها التي وقعت عليه الدول والذي بمقتضاه لها الحق في التدخل ألانساني من خلال القانون الدولي لحقوق الأنسان لحفظ الأمن والسلم الدوليين . ولقد تنوعت الأدوات المستخدمة في هذه التدخلات بين الدبلوماسية والأقتصادية مع استخدام الأداة العسكرية بشكل أساسي وتوظيفها بدرجات مختلفة  حسب الموقف الدولي الذي يستدعي التدخل . والتدخل الدولي الإنساني لحماية حقوق الأنسان بالنسبة لاولويات الامم المتحدة يرتكز علي القضايا التي تتعلق بإنتهاكات حقوق المواطنين و الحروب الاهليه وعمليات الابادة الجماعية ، كما أنها حاولت وضع حد لامتلاك الاسلحة النووية خاصة ان وجود الأمم المتحدة كمنظمة تزامن مع ظهور الأسلحة النووية والتهديد باستخدامها . لقد تدخلت الأمم المتحدة في العديد من القضايا والنزاعات مثل العراق ، اقليم كوسوفو ، دارفور ، الصومال ، رواندا ، تيمور الشرقية .[8]

المبحث الأول :ماهية التدخل الدولي الإنساني نظريا:

الجدل حول المفهوم لا يتعلق فقط بتأصيله نظريا ولكن بمشروعية تطبيقه ، فتعددت مفاهيم التدخل الانساني ولكن يمكن اتفاق علي انه ” التدخل العسكري او التهديد باستخدام القوة من اجل حماية الأفراد في الدولة ومنع حدوث ضحايا مع الحفاظ علي أمن الدولة من أي تهديد للدولة المستهدفة ، والحفاظ علي مبدأ حقوق الأنسان وعدم المساس به دوليا أو اختراقه وهذا التدخل لا يشترط ان يتم بموافقة الدول المعنية وانما يتطلب تفويض مجلس الأمن  ” .

لقد اثار التدخل الانساني جدل كبير فالجانب الذي يؤيد التدخل الدولي الأنساني يري أنه أداة لردع الاستبداد الذي يتعرض له الأنسان من معاناه و حرمان من الحقوق ، أما علي الجانب الأخر يري الرأي المعارض أن التدخل الدولي ما هو الأ انعكاس لمصالح الدول وليس له علاقة بحماية حقوق الأنسان كما هو معلن وهذا التضارب في الأراء أدي الي الأنقسام في الاراء الفقهية حول مشروعية التدخل الدولي الأنساني دوليا  .

اولا : الرأي الفقهي المؤيد للتدخل الدولي الانساني :  يعتمد هذا الرأي علي أن التدخل الدولي الانساني هو أمر ضروري لابد من تواجده علي المستوي الدولي والأعتراف به كونه يساعد في حفظ الأمن والسلم الدوليين ، كما أنه يجوز استخدامه لحماية حقوق الاقليات التي تتعرض للاضطهاد في دولة ما أو للتميز ، و استخدامه لوقف نزيف الحروب والابادات الجماعية . اضاف هذا الأتجاه المشروعية القانونية للتدخل الأنساني في كل المواقف التي يتم فيها انتهاك لحقوق الأنسان بشكل واضح ومباشر ، ولكن هذه المشروعية القانونية ليست مطلقة بشكل كامل ولكن عليها بعض القيود التي تحدد وجوب استخدامها في الموقف الدولي ، فعدم وضع حدود للتدخل قد يؤدي الي ” تسيس التدخل الانساني ” بدلا من كونه أداة لحماية حقوق الأنسان في المجتمع الدولي .  ويعتمد هذا الأتجاه في تأييده للتدخل الدولي الانساني علي مبدأ مسؤولية الحماية الدولية للأمم المتحدة والذي ينص علي ” انه في حاله عجز الدولة أو عدم رغبتها في حماية رعاياها فأنه يتعين علي المجتمع الدولي القيام بتلك المهمه ولا تيستظيع الدولة محل التدخل أن تدفع بمدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية أو مبدأ السيادة الوطنية ” . [9]

ثانيا : الرأي الفقهي المعارض للتدخل الدولي الأنساني : يرفض هذا الاتجاه التدخل الدولي الانساني باعتباره يهدد مبدأي السيادة وعدم التدخل في الشوؤن الداخلية للدول ، كما أنه يؤكد علي أنه لا يجوز استخدام القوة ضد أي دولة فيماعادا حالة الدفاع الشرعي عن النفس أو الدفاع الجماعي ، لان التدخل واستخدام القوة العسكرية قد يتم أستخدامه كوسيلة للقضاء علي السيادة الداخلية للدول والتدخل في كافة شؤونها تحت مسمي التدخل الدولي الأنساني . لذلك فإنه لا يمكن أعتبار أن التدخل في شؤؤن الدول الداخلية بحجه تقديم المساعدات هو حق مشروع ، واعتبار أي تدخل فيما عادا الحالات التي تم ذكرها وبدون تفويض هو أنتهاك لخصوصية الدول وسيادتها الوطنية .

حاولت كثير من الدول منع الكثير من عمليات التدخل الانسانية إستنادا الي مبدأ السيادة الوطنية ، وتبرر الدول ذلك بأن كثير من عمليات التدخل ليست بهدف إنساني ولكن لاسباب أخري أهمها إنتهاك خصوصية الدول والتدخل في شئونها الداخلية ، لذلك كان لابد من وضع مجموعة من القواعد التي تحدد مدي مشروعية التدخل من عدمه والتأكيد علي ضرورة عدم تجاوزها وأختراقها دوليا ، وتمثلت تلك الشروط في :

1 : التأكد من موافقة الدول التي تتطلب التدخل الأنساني فيها ، باعتبار أن الأمم المتحدة في ميثاقها تؤكد علي ضرورة احترام سيادة الدول فأن ذلك يعني أن اي محاولة لأنتهاك سيادة الدولة علي ارأضيها فهو تجاوز للمواثيق الدولية ، ولكن عند قيام الدول بالتعدي علي حقوق الأنسان ففي تلك الحالة موافقة الدولة أو رفضها غير مطلوبة أمام موقف دولي يستدعي التدخل للحفاظ علي حقوق مواطنين دولة ما .

2: في حالة التدخل العسكري فلابد من وجود مبرر قوي يستدعي ذلك ، لابد من التأكد من وجود اختراق لمبادئ القانون الدولي الأنساني و حدوث انتهاكات متكررة غرضها العبث بحقوق الأفراد حتي يصبح التدخل العسكري مشروع و إلا سيصبح مجرد أداة لتحقيق مصالح خاصة هدفها المساس بسيادة الدولة علي اراضيها .

هناك مجموعة من الأشكاليات التي تتعلق بمفهوم التدخل الدولي الأنساني وهي :

1: طبيعة ونطاق الأنتهاكات التي تدفع للتدخل الدولي الأنساني :يمكن تحديد الانتهاكات التي تتطلب تدخلي دولي إنساني في اشارة من ” بيتر بايهر ” لها  أنها تلك التي تتم علي نطاق شامل وينتج عنها تهديد لحقوق الأنسان بشكل مستمر ومباشر ، ويكون لها طبيعة ممنهجة وهدف سياسي واضح تسعي الحكومات لتحقيقه . بعض الجرائم والانتهاك لا يوجد جدل حول مشروعية التدخل فيها وتعريفها علي انها انتهاك مباشر يدفع للتدخل مثل جرائم الإبادة الجماعية ، التعذيب ، جرائم ضد الأنسانية باعتبارها التي تمثل خطر علي الأنسان فيما عادا ذلك لا يتفق العالم بأكمله علي نوع تلك الأنتهاكات التي تتطلب تدخل فمثلا جرائم تهديد الديمقراطية وتزوير الأنتخابات يتجه البعض الي عدم إدراجتها ضمن الأنتهاكات الي تنطلب التدخل . [10]

2: طبيعة التهديد بأستخدام القوة أو الأستخدام القسري لها : وتتعلق تلك الإشكالية بمدي مشروعية استخدام القوة في عملية التدخل ، ففي حالة عدم وجود قيود وضوابط علي استخدام القوة قد يؤدي ذلك الي انتهاك سيادة الدول بحجه التدخل الأنساني ، أو قد ينتج عن ذلك أضرار عكس المتوقع من غرض التدخل ، فقرار استخدام القوة في التدخل لا يمكن الرجوع فيه لذلك لابد من التأكد من أن الدولة التي سيتم التدخل فيها يتم فيها انتهاكات فشلت جميع الوسائل السلمية عن وضع حد لها و إن هذه الإنتهاكات وصلت الي درجة الخطوره التي لا مجال أخر لإنهائها سوي التدخل العسكري  .

3: جهه الأختصاص بالموافقة في حالات التدخل الأنساني : كما هو متعارف عليه فأنه يحق للدول الموافقة اولا علي التدخل وهذا يتم تحقيقه في حاله الدول المعترف بها دوليا ، ولكن تبرز إشكالية الموافقة في الدول التي تعاني من حروب أهلية وبالتالي تواجه حكومتها تحديات عديدة  أو وجود حكومات جديدة سواء عن طريق الثورة أو الأنقلاب ، ويتعلق الأمر في ذلك الأمر بمدي الأعتراف الدولي بتلك الحكومات لكي يكون لها حق الموافقة علي التدخل أم لا . وتم تحديد مجموعة من الشروط التي من خلالها يمكن أن يكون للدولة رخصه القبول او الرفض للتدخل داخل اقليميها والتدخل في شئونها وتتمثل في :

اولا : مدي فاعلية السلطات الثلاثة  ( التنفيذية ، التشريعية ، القضائية ) علي مستوي الممارسة في الواقع ، كما تتعلق بمدي القدرة الفعاله لحكومات الدول علي السيطرة علي اقليم الدولة وفرض سيادتها عليه .

ثانيا : مدي قدرة الحكومة علي استقرارها في السلطة وعدم تغييرها أو الأنقلاب عليها ، وهذا يتعلق بمعيار الفاعلية وتحقيق السيادة علي الاقليم والشعب .

ثالثا : مدي الألتزام بكافة المواثيق الدولية والمعاهدات أو اي التزامات دولية أمام المجتمع الدولي وهذا الأمر لابد من تعامل كافة الحكومات وتحمل المسئولية الدولية الناتجه عنه .

تطور مفهوم التدخل الانساني :

يعتبر مبدأ التدخل الأنساني هو مبدأ حديث نسبيا بالنسبة لبعض المباديء والقواعد القانونية الأخري , و أخذ هذا المفهوم في التطور حتي اصبح مبدأ دوليا يستخدم في حالة حدوث أي انتهاكات لحقوق الأنسان أو للمباديء العامة للأنسانية .

  • لقد بدأ ظهور مفهوم التدخل الأنساني الدولي مع ظهور الحروب التي عانت منها اوروبا في القرن السادس عشر بين الطوائف المسيحية ( البروتوستانت والكاثوليك ) وكان التدخل لإيقاف تلك الصرعات الدامية ، ثم بعد ذلك معظهور الدولة القومية وانتشار الافكار القومية والتي نتج عنها تمييز واضطهاد لبعض الأقليات تطلب التدخل الدولي الإنساني بكافة اشكاله وكان التدخل بغرض حماية الدول الأوروبية للأقليات المختلفة من أجل الحفاظ علي أمنها فكانت اغلبها تدخلات تتعلق بمصالح الدول الأوروبية المتدخله . [11]
  • بعد الحرب العالمية الأولي لم يتغير الوضع بشكل كبير ولكن التطور الوحيد الذي حدث هو أن حماية الأقليات اصبحت مهمه العالم ، ومع إنشاء عصبه الأمم كمنظمة عالمية ظهرت بعد انتهاء الحرب العالمية الأولي كمحاولة لتهدئة الأوضاع ، اصبحت حماية الأقليات هي مهمتها الأولي بأعتبار أنها تؤثر في استقرار الدول  وتهدد أمنها الداخلي وسيادتها علي أراضيها ، ولذلك فكان الدفاع عن حقوق  الاقليات هو المبرر الرئيسي وراء التدخل بهدف انساني في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولي .
  • وعلي النقيض في فترة مابعد الحرب العالمية الثانية ظهر اهم حدث قانوني علي المستوي الدولي وهو إنشاء منظمة الأمم المتحدة  والتي أكدت في ميثاقها عام 1945 علي تعزيز حقوق الأنسان والتي اقترن بميلادها إظهار مبدأ التدخل الدولي الإنساني علي الساحة الدولية ، بأعتبار ان الأمم المتحدة كانت مهمتها حفظ الأمن والسلم الدوليين وبموجب تلك المهمة كان لابد من التدخلات الأنسانية لوقف اي انتهاكات انسانية  . وهذا التطور القانوني لمبدأ التدخل الأنساني  هو الاساس الذي بدأ المجتمع الدولي الأخذ به منذ تلك الفترة وحتي الأن .

المبحث الثاني : الإطار القانوني للتدخل الإنساني الدولي

اولا :  الامم المتحدة ومبدأ التدخل الدولي الإنساني :

لا يمكن إنكار الدور التي قامت به الأمم المتحدة في استخدام مبدأ التدخل الأنساني لحماية حقوق الأنسان والقضاء علي كافة الإنتهاكات علي المستوي الدولي ، منذ اللحظة الأولي لميلاد منظمة الأمم المتحدة واهم اهتمامتها الرئيسية هو حماية حقوق الأنسان بكل اشكالها دون تمييز . وقد نص ميثاق الأمم المتحدة علي أهم الأجهزة المختصه بمتابعه ومراقبه كافة الأنشطة المتعلقة بحقوق الإنسان ، ولهذه الأجهزة دور في تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني ، ويتمثل الإطار القانوني للتدخل في الأمم المتحدة الي قواعد عامة وقواعد أخلاقية . وقد أنشأت الجمعية العامة العديد من الهيئات الرقابية واللجان الفرعية التي تختص بمراقبة تنفيذ بنود حقوق الأنسان .ونجد أن المادة 55 من ميثاق الأمم المتحدة قد نصت علي أن احترام حقوق الإنسان والحريات لا يقتصر علي حدود الدولة فقط وانما يتعداه إالي خارج حدودها ، من خلال الأستعدادات في حالة حدوث أي أنتهاكات  ، ويؤكد نص المادة 56 من الميثاق أن تلتزم الدول سواء متفردين او مشتركين في تنفيذ نص الماده 55 والي تختص بحماية حقوق الأنسان داخل الدولة وخارجها . [12]

وبالنسبة للأشارة بشكل مباشر للتدخل الأنساني : فيتضح من المادة 2/7 من الميثاق انها وإن كانت تنص علي عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، فإن ورودها ضمن مقاصد الهیئة ومبادئها یؤكد أنها توجه خطابها إلى كافة أجهزة المنظمة، ونجد أن كافة الأجهزة في المنظمة لا تتدخل إلا بكل ما يتخذ طبيعة غير عسكرية بأستثناء مجلس الأمن ، هذا يمكن تفسيره بأن الوسائل والتدابير التي تتخذها المنظمة في حالة حدوث اي انتهاكات تشمل الوسائل العسكرية والسلمية معا لا تقتصر علي اي منها فقط  وحسب نص المادة 2/7 فإن يحظر استخدام القوة العسكرية  اذا كانت تهدد استقلال الدولة أو الوحدة الاقليمية لها أو لا تنسجم مع اهداف الأمم المتحدة .  والمادة 2/4 من الميثاق والتي تعبر عن مفهوم المخالفة وهو اساسا للتدخل الأنساني ومفهوم المخالفة يعني عدم حظر استخدام القوة او التهديد باستخدامها اذا كان هذا لا يهدد السلامة الاقليمية أو الأستقلال السياسي .

ثانيا : اشكال التدخل الأنساني من قبل الأمم المتحدة :

التدخل الغير عسكري ( الاساليب السلمية ) :

التدخل السلمي هو  اهم صور التدخل التي يؤيدها اغلب دول المجتمع الدولي وبالنسبة للأمم المتحدة فيتم تنفيذ تلك الوسائل من خلال اجهزة الأمم المتحدة كافة وعلي رأسهم الجمعية العامة فتصدر مجموعة من القرارات التي تناقش فيها قضايا حقوق الأنسان وتصدر توصيات بشأنها ورفضها التام لأي أنتهاكات تحدث بشأن تلك القضية  علي الرغم من رفض بعض الدول لتلك التوصيات باعتبارها تتعارض مع سيادتها وتعتبره تدخل في شئونها الداخليه إلا أن الجمعية العامة تقر أن توصيات ومناقشات حقوق الأنسان بالنسبة للجمعية العامة هي أمر أساسي ومشروع ولابد أن تلتزم به الدول  . أن تطبيق القواعد المتعلقة بحماية حقوق الأنسان هي مهمة الدول ولكن عندما تفشل في الألتزام بمسئوليتها الدولة ، تقوم الجمعية العامة بإصدار توصياتها وقرارتها التي يتعين علي الدول إتباعها و إنهاء أي أنتهاكات للحقوق الأنسانية . و یتضح من خلال نصوص میثاق الأمم المتحدة بأن للجمعیة العامة دور هام في حفظ الأمن السلام والأمن الدوليين فتحاول اتخاذ كافة الأساليب لنزع السلاح باعتباره هو مصدر اساسي للصراعات والحروب ولقد تبنت الجمعیة العامة إختصاصات أخرى خارج تلك التي نص علیها میثاق الأمم المتحدة ٕواذا كان لكل من مجلس الأمن والجمعیة العامة صلاحیات وذلك من أجل حفظ السلم والأمن الدولیین، ولكن الدور المحوري هو دور مجلس الأمن، حیث له كافة السلطات الرئیسیة في مجال حفظ السلم والأمن الدولیین. ايضا وعلي الرغم أن مجلس الأمن مهامه عسكرية الا أنه في بعض الأحيان يلجأ للوسائل السلمية  قبل التدخل العسكري المباشر .[13]

التدخل العسكري :

يأتي اللجوء للتدخل العسكري بعد استنفاذ كل الوسائل في تهدئة الأوضاع ، ورفض الدول للأستجابة لكافة القرارت الدولية واستمرارها في إنتهاكات حقوق الأنسان وأختراقها لمواثيق القانون الدولي ، فيصبح التدخل العسكري هو الحل الأمثل في تلك الظروف . وفي هذا السياق نجد أن الأمم المتحدة لها دور محوري متمثل في مجلس الأمن ودوره في حفظ الأمن والسلم الدوليين ، والذي يتمثل في الفصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة . اي تدخل عسكري لأغراض أنسانية لابد من أن يكون بتفويض من مجلس الأمن وهو شرط أساسي لشرعية الدول في التدخل .  وباستعراض اهم بنود الفصل السابع الخاصه بمجلس الامن وكل الشروط الواجب توافرها للتدخل بشكل عسكري والقوات المسلحة وتمثلت اهم هذه البنود في اهم المواد وهي : المادة 42 تنص علي ” إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء “الأمم المتحدة”. ثم بعد ذلك المادة 43 تنص علي ” يتعهد جميع أعضاء “الأمم المتحدة” في سبيل المساهمة في حفظ السلم والأمن الدولي، أن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن بناء على طلبه وطبقاً لاتفاق أو اتفاقات خاصة ما يلزم من القوات المسلحة والمساعدات والتسهيلات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدولي ومن ذلك حق المرور ” .المادة 44 تنص علي ” اذا قرر مجلس الأمن استخدام القوة، فإنه قبل أن يطلب من عضو غير ممثل فيه تقديم القوات المسلحة وفاءً بالالتزامات المنصوص عليها في المادة 43، ينبغي له أن يدعو هذا العضو إلى أن يشترك إذا شاء في القرارات التي يصدرها فيما يختص باستخدام وحدات من قوات هذا العضو المسلحة”  ،  و المادة 45 تنص علي ” رغبة في تمكين الأمم المتحدة من اتخاذ التدابير الحربية العاجلة يكون لدى الأعضاء وحدات جوية أهلية يمكن استخدامها فوراً لأعمال القمع الدولية المشتركة. ويحدد مجلس الأمن قوى هذه الوحدات ومدى استعدادها والخطط لأعمالها المشتركة” ، واخيرا  المادة 51 تنص علي أنه ”  ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء “الأمم المتحدة” وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس – بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق – من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال حفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه “. [14]

وتلخيصا للمواد السابقة نجد أن التدخل العسكري يكون واردا في في حلات الدفاع عن النفس ضد اي قوة مسلحة , وأن اي إجراءات تتم لابد من ابلاغها لمجلس الأمن مسبقا حيث يقوم بتفويض دولة أو مجموعة من الدول للتدخل لاغراض أنسانية  .

ثانيا : تأثير التدخل الدولي الإنساني علي مباديء القانون الدولي :

مع تطور المجتمع الدولي علي المستوي الإنساني كان لابد من وجود ألية للتعامل مع كافة المواقف الدولية الإنسانية التي تستدعي التدخل لحماية وتعزيز حقوق الأنسان وهذا هو الأساس في التدخل الدولي الأنساني ، ولكن أثار ظهوره دوليا بعض التعارض مع مبادي القانون الدولي  والتي اهمها يتمثل في مبدأ السيادة الوطنية للدول ، فالأساس هو عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول والمحافظة علي سيادتها الوطنية المستقلة ، في حين أن التدخل الدولي الأنساني في حالة حدوث أي انتهاكات إنسانية ، لذلك فلقد اثارت تلك القضية جدل في المجتمع الدولي استنادا الي أن التدخل الإنساني هو اختراق لمبدأ سيادة الدول ولكنه تدخل استثنائي يتطلب حدوثه في حالة إخلال الدول بأحترامها لحقوق الإنسان . [15]

اولا : مفهوم مبدأ السيادة : السيادة تعني سلطة الدولة علي جميع اجزاء الأقليم والمواطنين فيه ، لها كافة الصلاحيات والحق في السيطرة علي كافة أجزاء الدولة ومن فيها وهي سلطة مطلقة لها الحق منفردة في إدارة شئونها الداخلية دون أي تدخل خارجي .  كما أن الدولة تتمتع بالأعتراف الدولي والشخصية القانونية التي تؤهلها لتحمل كافة الألتزامات والمسئوليات القانونية والحصول علي حقوقها التي يكفلها لها القانون ، كما أن سيادة الدولة تعطيها استقلالية عن غيرها من الدول ، فهي لا تتبع أي دولة أخري في تعاملاتها ولا تعطي الحق لأاي تدخل خارجي في شئونها الداخلية . ولقد أكدت الأمم المتحدة في ميثاقها علي اولولوية السيادة بالنسبة للدول . ولكن حدث تغيير علي هذا المفهوم المطلق للسيادة الذي بمقتضاه كانت الدول تطبق مباديئ القانون الدولي فيما يتناسب مع مصالحها لذلك اصبح مفهوم السيادة هو مفهوم نسبي أي تم وضع بعض القيود من المجتمع الدولي ، حيث اصبح علي كل الدول احترام وحماية حقوق الأنسان و التعامل معها علي أنه شأن من الشئون الدولية تلتزم جميع الدول بتطبيقه وليس من شئونها الخاصه التي لا يحق للمجتمع الدولي التدخل فيها أو متابعة تطبيقها وفقا لقواعد القانون الدولي المنصوص عليها . اصبحت حقوق الأنسان من اولويات القانون الدولي تواجه به أي سلطة تحاول الاستبداد بالأفراد و انتهاك حقوق الأنسان الأمر الذي يستدعي تدخلا دوليا إنسانيا طارئا ، خصوصا أن التطورات التي طرأت علي المجتمع الدولي المعاصر كانت سبب في ازدياد الصراعات الداخلية والحروب الأهلية التي نتج عنها أنتهاكات مباشرة لحقوق الأنسان والتي أضافت مشروعية علي التدخل الدولي الأنساني لما في ذلك اختراق لقواعد ومباديء القانون الدولي ، وهما ما ظهر إشكالية التعارض بين مبدأ السيادة الوطنية ومبدأ التدخل الدولي الأنساني.

ثانيا : مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول

يقترن مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول بمبدأ السيادة ويقوم هذا المبدأ في الأساس علي منع  انتهاك سيادة الدول ، ونص ميثاق الأمم المتحدة علي هذا المبدأ بشكل واضح وأنه لا يجوز التدخل في الشئون الداخلية للدول .  وحاولت الدول التمسك بذلك المبدأ بشكل صارم حتي لو تعلق الأمر بحقوق الأنسأن فإن أي تدخل يعتبر بمثابة تعدي علي سيادة الدولة والتدخل في شئونها ، علي النقيض فأنه كما ذكرنا بعد الحرب الباردة شهد العالم تحولات بارزة في النظام الدولي و ازدات الصراعات الداخلية بشكل أكبر من الصراعات الدولية ، ومن اجل ذلك حاولت القوي الكبري في المجتمع الدولي محاولة الوصول الي أي ثغرة تجعل من مبدأ عدم التدخل في الشوؤن الداخلية للدول هي قاعدة قانونية ولها بعض الاستثناءات الأنسانية للدفاع عن حقوق الأنسان . وكما ذكرنا من قبل ان الأمم المتحدة قد نصت علي هذا مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول استنادا الي ( المبدأ رقم 7 من المادة رقم 2 في الفصل الأول) الذي يتعلق بمباديء ومقاصد الهيئة ولكن قد سبب هذا المبدأ إشكالية في تفسيره فينص المبدأ علي ” ليس في هذا الميثاق ما يسوغ ”للأمم المتحدة“ أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي ‏لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن ‏هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع. هذا المبدأ ورغم أنه ينص بشكل واضح علي عدم جواز التدخل في شئون الدول الداخلية وهو ما يجعل الدول تتمسك بهذا المبدأ باعتباره مبدأ قانوني واضح الا ان في حالة أن هذا النص قد يعرقل بعد مهام الأمم المتحدة المتمثلة في حفظ الأمن والسلم الدوليين والأحداث الدولية الأنسانية التي تتطلب من الأمم المتحدة التدخل بدوافع إنسانية يمكن تفسير المبدأ تفسيرأ اخر باعتبار أن تفسير جزءا منه بأنه لا ينطبق علي تدابير القمع والتي يتم اتخذها لحفظ الأمن والسلم الدوليين مما يسمح للأمم المتحدة التدخل في حين ان الوضع بالدولة المعينة يتطلب التدخل الأنساني الدولي لوقف الأنتهاكات بتدخل مباشر منها . وهذا التعارض بين كل من المبدأين لا ينفي حقيقة أن مبدأ التدخل الأنساني لا يمكن لأي قاعدة قانونية الغاؤه في حين تطلب الواقع الأنساني التدخل لأعتبارات إنسانية وبعد انتهاء الوضع يمكن استرجاع العمل بالقواعد القانونية المتعارف عليها وتعطيل مبدأ التدخل ، ومن المؤكد أن دعم الدول أو القوي الكبري للتدخل يظهر بشكل قوي في حالة وجود أي تهديد لمصالحها في المنطقة المهددة فتحاول استغلال الواقع لصالحها بدعم كل اشكال التدخل وبالمثل في حالة أن التدخل هو الذي يهدد مصالح دولة ما تعمل علي وقف هذا التدخل بالأأستناد الي القواعد القانونية التي تدين ذلك التدخل وبمحاولة استمالة المجتمع الدولي لمساندة رأيها الرافض لأعمال التدخل الأنساني .

تلخيصا لما سبق فأن مبدأ التدخل الدولي الأنساني هو مفهوم تطور عبر عدة مراحل ابرز تطوراته كان ما بعد الحرب العالمية الثانية وإنشاء الأمم المتحدة التي استطاعت تعزيز مفهوم التدخل الأنساني لحماية حقوق الأنسان ضد أي انتهاكات وقد تضمن ميثاق المنظمة علي ضرورة احترام حقوق الأنسان وأن عدم الأتزام بالحفاظ علي هذه الحقوق هو بمثابه انتهاك لقواعد القانون الدولي ، ايضا قد نتج عنه بعض الإشكاليات المتعلقة ضوابط التدخل واستخدام القوة ومشورعية التدخل من عدمه ، كما أنه قد نتج عن ظهور مبدأ التدخل الأنساني تعارض مع بعض المباديء الأخري مثل مبدأ السيادة وعدم التدخل . وقد يكون التدخل بصورة معلنه بهدف إنساني وانما هدفه الحقيقي له علاقة بمصالح فردية وشخصية و ليس لها علاقة بالأفراد وحقوقهم كما هو معلن . [16]

عزة مصطفى أحمد، “الهيمنة الأمريكية على مجلس الأمن تجاه القضايا في المنطقة العربية بعد الحرب الباردة1990-2003″، رسالة ماجيستير، (جامعة الخرطوم: كلية الاقتصاد والدراسات الاجتماعية، 2004)، ص

الفصل الثاني الأمم المتحدة والتدخلات الإنسانية

المبحث الأول : تأثيرات القوي الدولية علي قرارات الأمم المتحدة  في التدخلات الانسانية :

منذ أن تأسست الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية واصبح هدفها الرئيسي حفظ الأمن والسلم الدوليين وحماية حقوق الأنسان فكل من الهدفين له صله بالأخر فلا يمكن للأفراد الاستمتاع بكافه حقوقهم في ظل صراعات وحروب ، ولا يمكن حفظ الأمن والسلم وسط انتهاكات لحقوق الأنسان ووجود أنظمة استبداية . ولقد ظهر هذا بوضوح في الميثاق فلقد نصت ( المادة الاولي من الفصل الأول والمعني بمقاصد المنظمة ومبادئها) علي ”  اولا : حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها، ثانيا : إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام.” .  ومن اجل تحقيق ذلك الهدف في ظل نظام دولي مليئ بالصراعات وحروب اهلية وإبادات جماعية وتميزت تلك الصراعات بأن معظمها صراعات داخلية ذات طابع عرقي أو ديني ، ولقد لجأت الأمم المتحدة للتدخل الأنساني لوقف نزيف الحروب والصراعات التي تشكل أنتهاكات لحقوق الأنسان وبالتالي تعرقل مهمة الأمم المتحدة في القيام بمهامها في حفظ الأمن والسلم الدوليين .

و لقد خلق النظام العالمي الجديد للدول بيئة مناسبة للهيمنة علي العالم ، و ظهر ذلك في تأثير الدول الكبري علي قرارات الأمم المتحدة في كثير من القضايا التي تتعلق بعمليات التدخل الأنساني فتمتلك تلك الدول قوة ضغط سواء عسكرية أو اقتصادية أو دولية تمكنها من حق استغلال التدخل لتحقيق مصالحها ، مما اضعف من مصداقية قرارات الأمم المتحدة وعبرت عن فشلها في تعاملها مع القضايا المتعلقة بالأعتبارات الأنسانية  ، في المقابل بررت الدول الكبري تدخلها في العديد من الدول وتسيسها لقرارات الأمم المتحدة بحجة حفاظها علي الأمن والسلم الدوليين .

في بداية إنشاء منظمة الأمم المتحدة لم تكن سوي مجرد أداة للدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية ، فالتناقض بين المباديء التي أرستها الدول في فترة إنشاء المنظمة و الأهداف الغير معلنة يعبر عن مدي إزدواجية المنظمة ، ويرجع ضعف فعالية المنظمة علي مستوي الممارسة إلي أنها لا تمتلك أي قوة حقيقية تمكنها من تحقيق أهدافها لأنها خضعت الي هيمنة القوي الكبري علي صلاحياتها وقرارتها وأجهزتها الرئيسية . إن الولايات المتحدة الأمريكية منذ أن اصبح النظام العالمي الجديد الأحادي القطيبة يتمثل فيها كقوي عظمي بعد الحرب الباردة التي قضت علي فكرة القطبية الثنائية بدأت في تأسيس مرحلة دولية جديدة هدفها الهيمنة اللأمريكية علي النظام الدولي حيث أنها قامت بتطويع استراتيجيات الأمم المتحدة لخلق اسباب للأعتداء علي الدول بحجة أن هذه الدول تمثل خطر علي الأمن والسلم الدوليين مما يعني أن دور الأمم المتحدة في حل القضايا الدولية والتدخل لحماية حقوق الأنسان في الدول التي يحدث فيها أنتهاكات اصبح دور غير مرئي ومهمش ولا يمكنها وضع ضوابط للتدخل في شئون الدول الداخلية .

من اهم الثغرات التي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية استغلالها لصالحها هو عدم وجود تعريف محدد للأمن وتهديداته في ميثاق الأمم المتحدة ، وبالتالي فلقد تبني مجلس الأمن تفسيرا واسعا لمفهوم الأمن الأمر الذي اعطي مفهوما اوسع للاعمال التي قد تشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين وبالتالي ازدات قدرة مجلس الأمن علي التدخل في حالة وجود أي من هذه التهديدات ، والنتيجة الحتمية لزيادة صلاحيات المجلس الأمن أن الدول الكبري أحكمت سيطرتها عليه حين أرادت منه التدخل لتحقيق أهدافها الخفية . لقد اتبعت الولايات المتحدة الأمريكية استراتيجيتها الممثلة في قيادة النظام الدولي تحت إطار الشرعية الدولية لذلك كانت تقوم بتوجيه مجلس الأمن لأصدار قرارات محددة لتظل تتحرك في إطار تلك الشرعية المهيمنة عليها ، الأمر الذي جعل من الأمم المتحدة ومجلس الأمن وسيلة لتمرير مشاريعها و استغلال شعوب العالم بحجة حفظ الامن والسلم الدوليين  . [17]

لقد تميز مجلس الأمن الدولي في بداية نشأة الأمم المتحدة بتحقيق نجاحات وتطورات بسبب وجود توازن بين القوي الدولية وعدم وجود هيمنة علي قراراته ، ولكن اتضح أن قرارات مجلس الأمن غير مجدية للأمم المتحدة لتحقيق أهدافها في حفظ الأمن والسلم الدوليين ، ويمكن وصف تلك القرارات بالأزدواجية لعدة اسباب ويمكن اعتبار أهم المعوقات التي عرقلت عمل المجلس تتمثل في :

 حق الفيتو :   ان قدرة الأمم المتحدة علي إتخاذ القرارات التي تتعلق بالتدخل وحفظ الأمن والسلم الدوليين اصبحت مقترنه بإرادة الدول الخمس الكبري أصحاب العضوية الدائمة المتمثلة في حق الفيتو ، هذا الحق الذي الذي جعل كل من هذه الدول تحاول فرض سيطرتها علي جميع الدول الأعضاء في المنظمة . ولقد تخطي الأمر مجرد الأنفراد بالقرارات لتعطيل ألية الأمم المتحدة في التدخل لفض الصراعات والنزاعات الدولية في حالة أن الدولة المتعدية تتمتع بحماية دولة من الدول الكبري . تحاول الدول الخمس الكبري استخدام هذا الحق بتعطيلها تعديل ميثاق الأمم المتحدة الذي يتطلب موافقة الدول دائمة العضوية حتي لا تتمكن أي من الدول الأعضاء في المنظمة من مشاركتها في أتخاذ القرارات و بالتالي تحول الوضع لإحلال النفوذ محل نظام الأمن الجماعي . ،[18]

من هنا, فإنّ إستغلال الدول الكبرى، وبشكل أساسي الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الوسيلة، واستخدامها من أجل تنفيذ إستراتيجيتها تجاه الدول الأخرى والتدخل في شئونها  تعكس في مضمونها طابعاً قانونياً دولياً، الأمر الذي يدعو إلى تقبلها طوعاً أو بالإكراه، بِعّدها قرارات صادرة عن جهة شرعية ملزمة ينبغي تنفيذها، كأداة لردع الخصوم وبمقتضى ذلك أفردت الولايات المتحدة دوراً لمجلس الأمن لمواجهة حالات تهديد السلم العالمي أو الإخلال به بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وذلك لإضفاء المشروعية القانونية على تصرفاتها السياسية، والاقتصادية، والعسكرية في أمركة العالم . فضلاً عن ذلك، فقد سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى توظيف الأمم المتحدة بوصفها وسيلة دولية لشرعية سلوكها مع الأطراف غير المتوافقة معها، وأداة ضغط من نوع آخر قوامه الإمتناع عن تقديم المساعدات لإطراف دولية تقع خارج إطار الفلسفة السياسية الأمريكية متذرعة بحجة مفادها: عدم مساعدة الذين لا يقدرون على مساعدة أنفسهم لتعزيز مفردات الديمقراطية، وتأسيس نظم حقوق الإنسان. [19]

المبحث الثاني :  التدخلات الإنسانية ومدي توافقها مع ميثاق الأمم المتحدة :

في ظل النظام العالمي الجديد التي هيمنت فيه الولايات المتحدة الأمريكية علي الهيئات الدولية التي لها تأثير علي العالم المتمثلة في الأمم المتحدة ، وعملت علي تكريس القرارات الصادرة منها لصالح تدخلاتها في الشئون الداخلية للدول بحجه القضاء الصراعات الداخلية و جرائم الإبادات الجماعية باعتبار أن التوسع في هذا التدخل هو تدخل بغرض إنساني ، وبالتالي ظهر لدي الأمم المتحدة إشكالية التوافق بين ما ورد في الأمم المتحدة في ميثاقها الذي ينص علي ضرورة حفظ الأمن والسلم الدولين وحماية حقوق الأنسان التي أساسها التدخل الأنساني وبين الممارسات الدولية التي تنتهك النصوص التي تقتضي بمنع التدخل في الشوؤن الداخلية للدول ومنع استخدام القوة ، هذا الأمر الذي اظهر تساؤل حول الي أي مدي يتم تطويع الشرعية القانونية للمنظمة للتوسع في عمليات التدخل الأنساني بحجه تطبيق نصوص الميثاق علي مستوي الواقع الدولي .  ان الأدعاءات الأمريكية للحد من أنتشار الأسلحة جعلت منها مبرر للتدخل العسكري تحت إطار حماية حقوق الإنسان او التدخل بغرض القضاء علي الأرهاب .

ان الأتجاه الجديد لتبرير عمليات التدخل الأنساني هو جزء من الاستراتيجية الامريكية التي تدعم النزعو الانفصالية و الحروب الأهلية بكافة الامكانيات المادية و القدرات العسكرية ، وبذلك تتمكن من خلق حالة من عدم التماسك بين الشعوب وبعضها ، وعدم قدرة الحكومات علي الأستقرار في السلطة والحفاظ علي شرعيتها في الحكم وبالتالي تتثني لها الفرصه للتأكيد علي مشروعية التدخل العسكري سياسيا وقانونيا بحجة التداعيات الأنسانية التي تتطلب ذلك ولكنها في الحقيقة ماهي الا مجرد وسيلة من الوسائل التي تحمي بها الولايات المتحدة مصالحها الأمنية والأقتصادية . واصبحت الولايات المتحدة الأمريكية لا تكترس لأهمية إقرار المبررات الازمة لوجود المشروعية القانونية وانما تكتفي بإقرار مبررات أخلاقية أو وقائية مثل : انتهاكات حقوق الأنسان أو القضاء علي الارهاب وأسلحة الدمار الشامل ، ولكن ما يحدد الأستراتيجية الأمريكية في التعامل مع الأحداث الدولية بمساندة ألأطراف المعنية أو مهاجمتها هي اعتبارات المصلحة فعلي سبيل المثال : كانت المصلحة تفتضي منها التدخل بحجة الدفاع عن الأكراد في شمال العراق علي عكس موقفها مع الأكراد في تركيا وشنها حملات هجوم ضدهم للتخلص منهم . لذلك يمكن التوصل الي نتيجة مفداها أن المحدد الأول والأخير للتصرفات الدولية الأمريكية هي قدرتها علي حماية مصالحها وتحقيق اهدافها الخفية الغير معلنة دوليا .

امثلة لاهم القضايا التي تدخلت فيها الولايات المتحدة بحجة الاعتبارات الانسانية :

الازمة الصومالية :

بدأت الأزمة الصومالية منذ اندلاع الحرب الأهلية بين عدد كبير من الفصائل الصومالية ، نتج عن تلك النزاعات نزيف من الضحايا واعمال القمع والقتل والترحيل القسري ، ظهرت المجاعات والأوبئة ووصل عدد اللاجئين الي اكثر من 450 الف شخص الي خارج الدولة ، الأمر الذي تطلب سرعة التدخل لأيقاف تلك المعضلة الأنسانية . قامت الامم المتحدة بالتحرك لأتخاذ مجموعة من القرارات لتحسين الوضع الصومالي والتي تمثلت في زيادة الأمدادات الأنسانية للضحايا الصومالين ولكن نظرا لأستمرار الصراع وعدم وصول الأمدادات للأطراف المعنية ازداد الوضع سوءا وتفاقمت الأزمة للحد الذي جعلها تهدد الأمن والسلم الدوليين . ونظرا أن الموقف اصبح يهدد الأمن والسلم الدوليين والذي يتعلق بمجلس الأمن كان لابد من التدخل فاصدر المجلس مجموعة من القرارات تمثلت في : قرار رقم 751 لعام 1992 انشاء قوات تابعة للأمم المتحدة لضمان أمن المنظمات الأنسانية ومراقبة وقف إطلاق النار في مقديشيو وحراسة مواد الأغاثه الأنسانية وذلك لضمان وصولها الي المناطق الصومالية المتضررة ، قرار رقم 775 لعام 1992 والذي ينص علي زيادة عدد المراقبيين العسكريين وتكوين أربع مناطق للتدخل الدولي وهي المناطق المتضررة من الحرب والعمل علي زيادة عدد قوات الأمم المتحدة لحفظ الأمن في المنطقة .

بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في التدخل العسكري في الازمة عن طريق الطلب من مجلس الأمن في أرسال قوات عسكرية الي الصومال عددها ثلاثون الف جندي ممثلة في قوات مجموعة دول متحالفة تقودهم الولايات المتحدة الأمريكية ، وقام مجلس الأمن بتمرير القرار للولايات المتحدة الأمريكية وسمحت فيه باستخدام كافة الإمكانيات التي تسهم في حفظ الأمن في المنطقة الصومالية وطلبت من جميع الدول الأعضاء الأشتراك في تلك المهمة العسكرية .

كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي السبب في تفاقم الأزمة بسبب أنها لم تقوم بنزع السلاح من المنطقة حيث أنها زادت من قوة مجموعة من الفصائل التي تتفهم المصالح الأمريكية في الصومال والمنطقة الأفريقية، كما أنها لم تحقق الأهداف التي أقرها مجلس الأمن والتي تتمثل في تأمين وحراسة الأمدادات الأنسانية  بل كرستها لمطاردة “محمد فرج عيديد باعتباره مهدد للمصالح الأمريكية لقيادته الأزمة الأنسانية في الصومال وقتله لعدد كبير من الجنود التابعة للقوات الأمريكية ، كل هذا لم يخلق البيئة الأمنية الأزمة لتهدئة الأوضاع وتحجيم الكارثة الأنسانية الصومالية بل كانت السبب في تدهورها بشكل متطور وسريع . كما أن تدخل مجلس الأمن لم يكن فعال بالشكل المطلوب لكي يتناسب مع حجم الأزمة وجاءت قرارات المجلس متأخرة مع تدهور الأزمة . نتج عن كل ذلك فشل التدخل الدولي الأنساني في الأزمة الصومالية  وأعادة الأمن في المنطقة بسبب غياب الدوافع الأنسانية للتدخل وعدم وجود إطار قانوني يقر بمشروعية التدخل ومتابعة تطوراته بالشكل الذي يحقق الهدف الأمني الأنساني وليس الهدف السياسي المهيمن . [20]

الازمة في ليبيا :

بدات الأزمة في ليبيا معارضة لنظام معمر القذاقي عام 2011 ، استمرت المظاهرات حتي تمت مقابلتها بالردع العسكري فتراجع الثوار من المدن التي تمت السيطرة عليها ، وبعد مرحلة من المناواشات بين قوات القذافي والثوار طالبت دول مجلس التعاون الخليجي لعقد اجتماع طاريء بجامعه الدول العربية في 12 مارس 2011 ودعت مجلس الأمن لأتخاذ قرارات تختص بالوضع في ليبيا وتمثلت تلك الأجراءات في فرض حظر جوي علي حركة الطيران الليبية ، واصدر مجلس الأمن قرار للتأكيد علي أن الأزمة الليبية تهدد الأمن والسلم الدوليين ودعي الي وقف إطلاق النيران . وفي اللحظة التي تصدر فيها قرارات مجلس الأمن تدخلت الدول الكبري المتمثلة في ( الولايات المتحدة الأمريكية – فرنسا – بريطانيا ) وأعطت لحلف الناتو لفرض حظر جوي علي الأراضي الليبية وعلي الرغم من أن الغرض من فرض الحظر الجوي هو تقديم الدعم الأنساني ، ولكن قام الحلف بقصف مواقع حيوية للمواطنين حطمت البنية التحتية في لبيبا بسبب أعمال القصف والأعمال العسكرية كل هذا تسبب في  تفاقم الأزمة وعدم تحقيق الديمقراطية التي كان يرغب فيها الشعب الليبي منذ بدا الثورة للتخلص من الحكم الديكتاتوري .

شهدت الفترة التي تلت الحرب الباردة هيمنة امريكية عن طريق التدخلات العسكرية دون الرجوع لمجلس الأمن والسيطرة اعلي القرارات الصادرة من المجلس ، فلقد جعلت الولايات المتحدة الأمريكية من نفسها مسئولة عن حماية حقوق الأنسان الأمر الذي يعطيها المشروعية السياسية للتدخلات العسكرية حتي وإن كان هذا التدخل غير قانوني لانتهاك مباديء الأمم المتحدة التي اقرها الميثاق ، إن عمليات التدخل الإنساني لا تحدث طبقا للقواعد التي أقرتها تدابيير القمع والأمن التي نص عليها الفصل السابع من الميثاق ولا بالرجوع لمجلس الأمن هي تدخلات لا تمت لمباديء القانون الدولي المعاصر بصلة وإنما مايحكمها هو عامل المصالح التي تتحكم فيها الدول الكبري ، الأمر الذي جعل من القانون مجرد أداة يتم استخدامها متي أردات تلك الدول أضافت مشروعية علي تدخلاتها ، فقوة النفوذ اصبحت تعلو قوة القانون . وفي واقع الممارسة نجد أن معظم التدخلات التي تتم تحت مسمي الإنسانية هي أقرب للتعدي والعدوانية وليس لها علاقة بمفهوم الأمن الأنساني .

ولا يمكن إغفال الدور السلبي لمجلس الأمن في كثيبر من النزاعات المسلحة التي تتطلب تدخل وبها تعرض للإنسانية بشكل مباشر لمجرد أنها لا تشكل تهديد أو اهمية لمصالح الدول الكبري ، وبالنسبة لقواعد القانون الدولي فهي لا تمتلك القوة التي تمكنها من توقيع عقوبات علي الدول المخالفة ولكن الدول الكبري لها القوة التي تمكنها من ألزام الدول والمنظمات بقراراتها ، كما أنها تستطيع معاقبة الدول المخالفة كما لو كانت هي القانون الذي لا يستطيع العالم إختراقه . ان الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت توظيف المنظمة ضمن ادواتها التي تستعين بها في تشكيل بيئة دولية ، وتصبح مهمه المنظمة أن تعطيها شرعية سياسية وقانونية بالأضافة لان لها التأثير الأكبر والاقوي في مجلس الأمن . وكل ماسبق يؤكد حقيقة ألأ وهي أن الأمم المتحدة قد تكون نجحت في تحقيق تطورات علي المستوي الثقافي أو التجاري أو تقديم المساعدات المعنوية والمادية للدول التي تطلب ذلك ولكن في المقابل قد حققت فشل سياسي ذريع واصبحت مجرد كيان معترف به دوليا ولكن ليس له وجود ملموس وتدخلات حقيقة وإرادة منفردة مما يجعل منها مجرد أداة عديمة الفايدة بالنسبة للمجتمعات التي تعاني من كوراث إنسانية وتلجأ لديها وعلي النقيض فهي رمز للقوة والشرعية بالنسبة للدول الكبري التي تقوم بتوجيها لتوطيد نفوذها ورعاية مصالحها وتحكمها في موازيين القوي الدولية , [21]

الفصل الثالث : التدخل العسكري في العراق

 المبحث الأول الحالة التطبيقية : منظمة الامم المتحدة والتدخل الأنساني ف العراق

إن الفرق بين ما هو مشروع وقانوني تتمثل في أنه من الممكن أن يكون التدخل غير قانوني ولكنه مدعم بالمشروعية الدولية في ظل وجود مبررات استثنائية لذلك ، بالتطبيق علي واقع الممارسة الدولية نجد أن حالة الأحتلال الأمريكي للعراق هي خرق لقواعد القانون الدولي التي تمنع التدخل في الشئون الداخلية للدول ولكنها اخذت شرعيتها من أنها تحمي أمنها الوطني وهي مجرد حجة لتدعيم تدخلها العسكري في العراق .

تكمن الإشكالية في إن التدخل العسكري أو استخدام القوة هو حق قانوني مخصص فقط لمجلس الأمن اهم اجهزة الأمم المتحدة واذا استخدمت أي دولة اخري القوة للاعتداء علي دولة أخري هي دولة تخترق القانون وتهدد الأمن والسلم الدوليين ، ولكن من الناحية التطبيقية موقف الأمم المتحدة من التدخل العسكري في العراق هو موقف ضعيف دوليا ، فهي كمنظمة دولية مستقلة بحكم القانون ولكن فعليا هي مجرد أداة تتحكم في ردود أفعالها الدول الكبري ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الثقل الأكبر في مجلس الأمن . والأحتلال الأمريكي للعراق أكبر دليل علي أن المنظمة تنصاع إلي مصالح الدول الكبري .

قد عجزت الأمم المتحدة عن التعامل مع إنتهاكات حقوق الإنسان في العراق في ظل هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية علي الأوضاع  ولقد اخترقت الولايات المتحدة الأمريكية مباديء الأمم المتحدة في ميثاقها عندما استخدمت القوة دون الحصول علي موافقة مجلس الأمن وتدخلت في الشئون الداخلية العراقية ولقد حاولت الدول الكبري مثل روسيا استخدام حق الفيتو لوقف اجراءات الولايات المتحدة الأمريكية للتدخل العسكري في العراق ولكن تحركت الولايات المتحدة بشكل أسرع بحيث لا يمكن منعها أو الوقوف أمام رغبتها  .  مجلس الأمن ورغم أنه الجهاز المحوري في الأمم المتحدة منذ تأسيس المنظمة ولكن ما يتحكم في فعالية قراراته الدول الخمس دائمة العضوية مما  قيد من قدرة المجلس علي مواجهة اي تهديد أمني لأي دولة أو قدرته علي أحترام حقوق وحريات الدول الصغيرة.

اولا :انعاكاسات التدخل علي الحقوق المدنية للعراقيين :

يمكن تحديد الحقوق المدنية  في أهي التي تتعلق بحماية الأفراد ، وهي تلك الحقوق التي لا يحق التدخل فيها أو الأعتداء عليها وتعتبر الحقوق المدنية هي اساس حقوق الأنسان لكونها تتعلق بالشخصية الأنسانية وتمثلت تلك الحقوق في : الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية ، الحق في الأمن وعدم التعرض للتعذيب أو أي نوع من ضروب المعاملة القاسية ،عدم جواز الحجز أو الأعتقال أو النفي التعسفي ، الحق في حماية الشرف وحرمة الحياة الخاصة ، الحق في حرية الرأي والتعبير ، الحق في طلب اللجوء الي دولة اخري . ولكن قوات الأحتلال قد سلبت تلك الحقوق فقد أعتقلت الأفراد ، وقامت بتهجير العراقيين هجرة قسرية وقتل ونهب لثروات الدولة . فقد نهبت قوات الأحتلال كافة الموارد الموجوده في العراق وخاصه النفط وهذا يخالف قرار مجلس الأمن سنه 2003 الذي نص علي ” أن اتكون جميع صادرات العراق من النفط متفقة مع افضل ممارسات السوق الدولية السائدة ”  ، في النواحي الإجتماعية : ارتفعت نسبة البطالة وانتشرت الأمراض وظهر الأنقسام العرقي والديني بدلا من التماسك و الوحدة الوطنية الأمر الذي أدي الي زيادة عدد المهاجرين الي خارج أراضي الدولة خاصة أصحاب الكوادر والشهادات ونتج عن ذلك أن الدولة أصبحت فارغة من العقول التي يمكنها استعادة الدولة والنهوض بها مره أخري ، وهو ما عزز سلطة الأحتلال حيث أن الجهل والفقر والأنقسام تسببوا في تدهور الأوضاع امرحلة اسزاء مما كانت عليه وشهدت العراق مرحلة عدم استقرار لفترة كبيرة، ولقد بررت أمريكا الاستراتيجية التي تتبعها في العراق تحت مفهوم الدمار الشامل ومحاربة الأرهاب ، كل هذا من أجل تبرير سياستها وإخفاء الهدف الحقيقي الذي اساسه استرانيجي وهو السيطرة علي النفط ، فبسيطرتها علي مصادر الطاقة يجعلها تمتلك سلاح مهم يمكنها من السيطرة علي العالم يأكمله .

إن مفهوم محاربة الإرهاب أصبح أحد اهم المبررات الأمريكية في الشرق الأوسط فإذا ما أرادت الإدارة الأمريكية التدخل في أي دولة بشكل مباشر أو غير مباشر فإن مفهوم محاربة الإرهاب هو المصطلح التي تعتمد علبه حتي تعطي لنفسها مشروعية التدخل دون أن تتعرض للمسألة الدولية من أي دولة من الدول الكبري .

 ثانيا : موقف مجلس الأمن من التدخل في العراق :

جميع العمليات العسكرية التي انتهكت حقوق الدول لم يبحث مجلس الأمن في اسبابها ومعاقبة المسئول عنها ، فبالرغم من طلب العراق من مجلس الأمن بالتدخل إلا أنه لم يتم أتخاذ اي إجراءات رادعة لوقف الأعتداءات المسلحة علي الأراضي العراقية وسيادتها ، يمكن تفسير ذلك علي أن صنع القرار يتحكم فيه قوي سياسية كبري وفي كيفية أتخاذ القرارات التي تتماشي مع المصالح العليا لتلك القوي . ولا يمكن إعفاء المنظمة والأجهزة التابعه لها من المسئولية الدولية تجاه العراق والأنتهاكات الناتجة عن التدخل العسكري فيها . فلقد تحول دور مجلس الأمن من دور الحفاظ علي الأمن والسلم الدوليين حفظ الأمن والسلم لأضقاء الشرعية علي التدخلات والأعتداء علي سيادة الدول . ورغم ان مجلس الأمن اصدر مجموعة من القرارات للتدخل لأيقاف الانتهاكات التي تتعرض لها العراق وتقديم المساعدات الأنسانية إلا ان هذا الدور كان دورا هامشيا ، يصدر المجلس قرارات لا يكون الهدف منها معالجة الأزمة ولكن حتي يتكون الأمم المتحدة دوليا أمام المجتمع الدولي هي من يقود ألأمر ويحاول التدخل لحماية حقوق الأنسان في العراق  وأساس هذه القرارات أن حالة العراق تمثل خطر علي الأمن والسلم الدوليين ، وبموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ” تدابير القمع واستخدام القوة ” وتمثلت هذه القرارات في :

1 : قرار رقم 1483سنه 2003 والذي نص فيه علي “أن يقوم الأمين العام بتعيين ممثل خاص يتمتع بمسؤوليات مستقلة تشمل التنسيق بين الوكالات ، كما تشمل التنسيق مع سلطة الأحتلال لعملية التعمير و إقامة حكومة ديمقراطية” .

2: قرار رقم 1518سنه 2003 الذي نص فيه علي “أن يتم إنشاء لجنة تابعة للمجلس مكونة من كل أعضاء المجلس وتواصل عملها وتوافي المجلس بالتقارير ، وعلي ان يقرر إبقاء المسألة قيد النظر الفعلي “.[22]

3: قرار رقم 1546 سنه 2004 الذي نص فيه علي تكليف مجلس الأمن بعثه الأمم المتحدة لمساعدة العراق بتعزيز حقوق الأنسان فيها وقدمت البعثة تقارير تفصيلية عن حقوق الأنسان في العراق . ويمكن تلخيص تلك التقارير في عدة نتائج أاهمها : [23]

عام 2004:

  • تظهر التقارير مجموعة من النتائج ألا وهي استمرار الأعتقالات وعدم وجود نظام عادل ، كما أستمرت أعمال العنف والتخريب ضد الأشخاص وفي جميع الممتلكات حيث وصل عدد القتلي عام 2004 الي 30 الف مدني . وقد أكدت التقارير علي أن أوضاع حقوق الأنسان تزداد سوءا وأن تلك الأنتهاكات المستمرة لحقوق الأنسان مازلت تشكل مصدر للقلق حيث أن مكتب حقوق الأنسان التابع للأمم المتحدة قد تلقي مجموعة من الأتهامات لشرطة الأحتلال وأرتكاب العديد من الجرائم المتعلقة بأنتهاك حقوق الأنسان وخصوصا الأقليات .

عام 2006 :

  • اشارت التقارير في عام 2006 زيادة معدلات القتل ضد المدنين بمعدلات كارثية يوميا ، مع استمرار انتهاكات حقوق الأنسان وسلب المواطنين حقهم في االحياة والحرية والسلامة، كما اكددت التقارير أن السبب في استمرار الأوضاع في التدهور يرجع الي سيطرة الدولة علي الأجهزة الأمنية وغياب وجود سلطة المركزية وهذا يرجع سببيا الي قوات الأحتلال .
  • كما اكدت أن استمرار استخدام القوة العسكرية ينتج عنه كوارث إنسانية للمواطنين ، ولقد دعا مكتب حقوق الأنسان التابع للأمم المتحدة في العراق الي تجنب استخدام القوة والتوقف عن أختراق قواعد القانون الدولي الأنساني ، ويمكن الأستدلال علي تفاقم الأنتهاكات بتهجير عدد لا نهائي من المواطنين بسبب أعمال العنف التي تقوم بها قوات الأحتلال منذ بداية الأفراط في استخدام القوة بشكل صريح وبكافة أشكالها ، ويمكن الملاحظة أن ما يتم تكراره دعوة قوات الأحتلال الي التوقف عن استعمال القوة واحترام القوانين الدولية لحقوق الأنسان .

عام 2007 ، 2008:

  • زادت انتهاكات حقوق الأنسان علي نطاق أوسع فشملت الصحة والتعليم و المرأة والأطفال ، وزادت ألأوضاع سوءا واستمرت قوات الأحتلال في انتهاكها لحقوق المواطنين وأزدادت عمليات التهجير والأحتجاز والأعتقال ولم يتغير الوضع الأمني او وجود اي التزام من قوات الأحتلال بالقوانين الدولية.

لا شك أن قبل التدخل الأمريكي في العراق لم تكن الدولة مستقرة ولها وضع أمني مستقر قبل التدخلات العسكرية في الأراضي العراقية ولكن بمجرد دخول الأحتلال تحولت من مجرد دولة فاشلة في بعض النواحي إلي دولة مدمرة بالكامل سياسيا واقتصاديا وأجتماعيا .  يمكن الملاحظة أن تلك التقارير التي قدمتها بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق رغم أنها تعبر عن وجود أنتهاكات واضحة ومباشرة لحقوق الأنسان الا أنه لم يتم أتخاذ أي رد فعل من مجلس الأمن تجاه تلك الأفعال التي ليس لها صله بقواعد القانون الدولي لحقوق الأنيان أو القانون الدولي الأنساني ، فلم يحدث أي تدخل مثلما تتعامل المنظمة واجهزتها الرئيسية  مع اي موقف دولي أي أن قرارتها تظل تحت الهيمنة الأمريكية وكل ما يمكن فعله هو رصد التقارير أو إصدار بيان بالتعاطف مع المواطنين ، و الحث علي ضرورة احترام حقوق الأنسان أو التعبير السلبي عن أزعاجها عن تدهور الأوضاع وأستمرار الأنتهاكات كل هذا دون وجود ردع فعلي لوقف العمليات العسكرية التي انهكت الدولة ، فلا يمكن أعتبار تدخل الأمم المتحدة في العراق تدخلا إنسانيا فعليا بل هو مجرد تطبيق نظري لمفهوم التدخل الأنساني بأعتبار أنها تصدر قرارات لتقديم المساعدات ولكن حتي دور المساعدة هو الدور التي حددته لها الولايات المتحدة الأمريكية لتلزم به ، ولا يمكن إغفال حقيفة ان الولايات المتحدة الأمريكية حرصت علي أن يكون مجلس الأمن هو المتعامل الوحيد مع الأزمة حتي تحكم سيطرتها علي صنع وأتخاذ القرار بأعتبارها من الدول المؤثرة علي مجلس الأمن واغلبية الدول الأعضاء فيه .

 المبحث الثاني تحديات التدخل الأنساني :

اولا: التدخل الدولي الإنساني بين المبررات الإنسانية والأهداف  السياسية :

ازدواجية القرارات في معالجة قضايا حقوق الإنسان :

من خلال دراسة القرارات التي قام بها مجلس الأمن في مجال التدخل لحماية حقوق الأنسان تم توجيه بعض الأنتقادات التي تمثلت في الأزدواجيه في تحديد مشروعية التدخل للحماية ، وأساس هذا الأنتقاد هو تطبيق أحكام الفصل السابع من الميثاق في حالات معينة الهدف من التدخل فيها هو تحقيق مصلحة معينة علي حساب حالات أخري تستلزم التدخل لخطورتها علي الأمن الأنساني ، ونتسنتج من ذلك أن درجة الخطورة هي تلك التي يحددها مجلس الأمن من وجهه نظره وليس علي أساس ما يمثله الموقف من خطورة علي الأنسانية والمجتمع ، فعلي سبيل المثال قد اننقد مجلس الأمن الأنتهاكات التي تحدث لحقوق الأنسان في الصومال بشكل يمثل تهديد لحقظ الأمن والسلم الدوليين ، نجده علي العكس من ذلك في انتهاكات حقوق الإنسان في الشيشان.

يمكن تفسير التغير الذي  حدث  للقوي الدولية نتيجة انهيار الاتحاد السوفيتي  وتغير النظام العالمي الي نظام أحادي القطبية الي التغيير في الطريقة التي يعالج بها مجلس الأمن أي قضية من القضايا الدولية مما أظهر عدم الحيادية والوضوح في تطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، ففي عدة مناسبات كان تعامل مجلس الأمن مزدوج في حل القضية الفلسطينية وظل مجلس الأمن صامتا عن التجاوزات الإسرائيلية والانتهاكات المستمرة للشعب الفلسطيني وغيرها من القضايا التي يغفل فيها مجلس الأمن عن تطبيق القواعد كما هي منصوص عليها ، فالتدخل الدولي الأنساني سوف ينطوي على المساس بالسيادة الوطنية للدول ،  وعلي الرغم من أن مبدأ التدخل الأنساني ظهر لتلبية الأغاثات الأنسانية  وتعزيز حقوق الأنسان إلا أن الجانب السياسي قد طغي علي هدفه الأسمي وهو الهدف الأنساني . [24]

إسقاط البعد الأنساني للتدخل في مواجهه تحقيق أهداف أخري :

في البداية كان التدخل الهدف المشروع  منه الدفاع عن حقوق الأنسان  والذي لم يحقق نحاجا بارزا في حل الأزمات والقضايا الدولية ، ولكن مع تطور الأوضاع الدولية أتخذ هذا الهدف أتجاه أخر حيث أنه أصبح أداه ليس إلا تستخدم لتبرير أستخدام القوة و أضافة المشروعية تجاه ذلك ، حيث أن التدخل أساء للإنسأنية أكثر من تقديم المساعدة لها فأصبح سلاح ذو حدين يتم تطويعه لأستخدام القوة والتدخل في الشئون الداخلية للدول تحت شعار الدفاع عن حقوق الأنسان . هذا ما يؤكد الأنحراف عن البعد الأساسي للتدخل وهو البعد الانساني والألتزام بدلا منه بأبعاد أخري ليس لها علاقة بالأنسانية ، وإنما لها علاقة بمصالح شخصية و اهداف سياسية غير ملعنة يتم تنفيذها تحت غطاء المشروعية التي تستمدها من الأمم المتحدة

هيمنة الدول الكبري علي عمليات التدخل الأنساني :

أن الربط بين عمليات التدخل الإنساني وسيطرة الدول الكبري عليه هو أمر حتمي لابد منه في المجتمع الدولي المعاصر ومثلما تحدثنا عن التدخل العسكري في العراق الذي هو أساسه أعتبارات سياسية وليست إنسانية ، فالدول الكبري متمثلة في الولايات المتحدة بريطانيا وفرنسا كقوة ضاغطة علي السطة السياسية في العراق لانه تدخل متعدد الأطراف ومتعدد المصالح ودون تفويض من الأمم المتحدة المتمثلة في مجلس الأمن المختص بالفصل في مشروعية التدخل من عدمه ، ويعتبر هذا التدخل هو انتهاك بمدأ عدم التدخل وتعرض صريح لسيادة دولة العراق علي أراضيها . ولا يعتبر هذا الأنتهااك هو  الفريد من نوعه لمباديء أو ميثاق الأمم المتحدة ولكن رغم هذا فلم تتخذ الأمم المتحدة أي إجراءات للحد من التدخل أو تطبيق عقوبات صارمة لأي دولة تخترق المواثيق الدولة و استمرت في أختيار الدور السلبي و لضعفها في التصدي للدول الكبري التي تسيطر علي فعالية قرارتها كمنظمة دولية إنسانية  ،  ولقد كان للتدخل الدولي الإنساني في الصومال تدخل عسكري أمريكي تحت مظلة الامم المتحدة لاكتساب الشرعية الدولية الإنسانية في بعض الأحيان،  وبين استخدام القوة العسكرية لمواجهة الفصائل الصومالية ونزع سلاحها أحيانا اخري . ولقد أصبح الحل العسكري هو الحل الأسهل التي تستخدمه الدول للتدخل دون النظر عن ما ينتج من خسائر إنسانية فادحة مادامت أن مصالحهم القومية في أمان .

ثانيا :إضفاء الشرعية علي التدخلات الأنسانية :

حدد الفقه مجموعة من الشروط لإضفاء الشرعية الدولية للتدخل الدولي وهذه الشروط هي:

الشرط الاول:

يتوجب على الهيئات أو المنظمات أو حتي الدول التي تسعي للتدخل الدولي الإنساني من أجل وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان أن تحصل علي  موافقة الدول التي يتم فيها عمليات التدخل الدولي الإنساني  ولكن من الممكن تجاوز هذه العمليات في حالة تعنت هذه الدول واصرارها علي الاستمرار في انتهاك حقوق مواطنيها وفي استيفائها الشرط الأساسي للتدخل في هذه الحالة يمكن لها التدخل دون أن يحسب عليها كتعدي صالح لسيادة الدولة داخل اقليمها  أو خارجها.

الشرط الثاني:

يجب ألا تتعدي التدخلات العسكرية الجانب الإنساني والا سوف تتحول الي عدوان غير مبرر من الناحية القانونية وهو ما يعني أنه من واجب الدول أو المنظمات المتدخلة باسم الإنسانية ان لا تتجاوز هذا الهدف المتمثل في حماية حقوق الإنسان وإيقاف الانتهاكات المتكررة لها ،أما إذا كان التدخل هدفه الأساسي هو تحقيق مصالح شخصية بالتالي  يصبح التدخل ملغي وبعد بمثابة عدوان علي الدولة وتجاوز واضح لمبدا احترام السيادة الوطنية للدول،  وأيضا يعتبر بمثابة تدخل استعماري وبالتالي تفقد هذه الجهة المتدخلة سواء دولة أو منظمة قيمتها الدولية والإنسانية أمام جميع الدول وامام المجتمع الدولي، وبالتالي لابد من التأكد  ان هناك تعدي للمبادئ  الإنسانية التي أقرها القانون الدولي الإنساني، وتتنوع  هذه المبادئ في السلامة الشخصية للأفراد ومبدأ عدم التمييز ومبدا الأمن وغيرها من الشروط ، وذلك لأن أحكام القانون الدولي أكدت بصفة عامة علي قدسية الحق في الحياة وضرورة تأمينه وحمايته لكل إنسان، وهذا الحق الأصيل  جاء في مقدمة الحقوق ذات الحصانة التي نصت الاتفاقية الدولية علي عدم جواز المساس بها من جانب الدول في ظل الظروف الاستثنائية ومهما كانت هذه الحقوق ومدي خطورتها ولتامين حياة أي أمة لابد من الاستشهاد بحالة تعدي واضحة   من الحالات المحددة في القانون الدولي الإنساني والمقررة كمبادي عامة أو خاصة.

الشرط الثالث:

يجب أن تكون هناك ضرورة ملحة تستدعي حقا للتدخل لإنقاذ حياة الأفراد أو لحماية المصالح الإنسانية المهددة بالخطر : وهو ما يعني أن ظروف الاستعجال ضروري لإقرار حالة التعدي وأيضا لتحديد الخطر المهدد للإنسانية  ولذلك  لابد أن يكون هناك ضرورة إنسانية تهدد البشرية والتي يتم التدخل علي أساسها لإيقاف هذا الخطر والحد من العنف الممارس علي البشر ، ولذلك اتفق العديد من الفقهاء والعلماء على ضرورة تحديد نوعية  الخطر ومدي استعجالها من أجل دراسة طريقة التدخل من حيث الزمان وأيضا من حيث الآليات الواجب استخدامها في ذلك وأيضا نوعية التدخل الأكثر نجاحا سواء كانت بطريقة مسلحة أو بطريقة سلمية عن طريق التهديد وعقد اتفاقيات تلزم الدولة التي يمارس فيها التعدي الإنساني لحقوق الانسان الحد من ذلك قبل اللجوء إلى التدخل العسكري.

الشرط الرابع:

من الضروري أن يكون الاعتداء على حقوق الإنسان من قبل احدي الدول اعتداء جسمي متكرر وبشرط أن يكون مخالفا للمبادئ الأساسية التي يقوم عليها المجتمع الدولي كمبدأ السيادة الإقليمية للدول ، وقد لاقي هذا الشرط تأييد واسع من قبل الفقهاء المهتمين بموضوع التدخل الدولي الإنساني،  ومن هذا المنطلق لابد من التحري من مدي جسامة  الاعتداء من جهة ومدي تكراره من جهة أخري وبالتالي تعتبر مشاركة المنظمات غير الحكومية في مؤتمرات الأمم المتحدة من الآليات المهمة التي يمكن من خلالها تقديم التقارير وتحصيل الحقائق عن طريق الوثائق الرسمية .

ثالثا : تحديات التي تواجه فاعلية العمل ألأنساني :

 إمكانية الوصول

فليست كل المنظمات الإنسانية لديها نفس المستوي للوصول والقبول في جميع مناطق الدولة ويرجع السبب في ذلك وبشكل جزئي ان التصورات الخاطئة من قبل المجتمعات والجماعات المسلحة الغير تابعة للدولة ،ويعد تجنب المخاطر من قبل العاملين في المجال  الإنساني عامل اخر يمكن أن يحد من إمكانية الوصول ،وقد أشار عدد من المستجيبين انهم يتابعون وبدقة التوصيات التي وضعتها الأمم  المتحدة لشئون السلامة والأمن وانهم لم يقوموا بعملهم دون تصريح رسمي .، ويعتبر من ضمن العوائق المادية أمام العاملين في المجال  الإنساني هو الوصول الي المناطق الجبلية البعيدة أو إلي وسط الغابات وكذلك الألغام الأرضية والمناطق التي بها كوارث طبيعية كالزلازل والفيضانات.

القرب الشديد من المجتمعات

حيث من الواضح أن النهج القائم في  المجتمع هو الأسلوب السائد في العمل وهو مدعوم بشكل خاص من خلال زيادة الجهات المانحة الأموال التي تخصصها لهذا النوع من البرامج ، ويعد القرب من المجتمعات أمر ضروري لوضع آليات مساءلة ونهج قائم على الاحتياجات،  وبالتالي الشديد والتعايش بين العاملين في المجال الإنساني والمجتمعات قد يعرض الأعمال غير المتحيزة أو المحايدة للخطر .

التنسيق الإنساني

حيث أن التدخل الدولي الإنساني يرتبط بالتنسيق والتحلي  بالشفافية مع سلطات الدول التي يقدم لها المساعدة ولكن من الآثار السلبية لهذا التنسيق السياسي أنه يعوق مناقشة القضايا الحساسة ويجعل الجهات الإنسانية الفاعلة تبدو وكأنها تتعاون بشكل حازم وصريح مع جانب واحد في النزاع .

إضفاء الطابع الإنساني علي المساعدات

حيث تعتبر المصالح السياسية عامل أساسي في تقديم المساعدات الإنسانية  واي أي جهة تقوم بالتدخل الدولي الإنساني سوف تؤكد علي قضايا التنمية والقضايا طويلة الأمد علي حساب المسائل الإنسانية وتعيد الجهات المانحة توجيه المساعدات ببط وثبات نحو برامج التنمية والسلام على الرغم من إدراكها ان الاحتياجات الإنسانية ستبقي موجودة حتي بعد اتفاق السلام ، وفي حين أن النزاع لايزال مستمر ولا تزال الاحتياطات موجودة وبشدة في مناطق معينة من البلاد إلا أن العاملون في المجال الإنساني يرون خطرا واضحا نظرا للافتقار إلي الوعي والاستجابة من الدول مما يخلق ازمة منسية .

ضغوط الجهات المانحة

حيث أن الجهات المانحة  غالبا ما تدعم احترام المبادئ الإنسانية من خلال  اختيارها لشركائها وتقييم  بعض الجهات المانحة للقدرات العامة لوكالات الاستغاثة من حيث قدرتها علي الاستجابة الإنسانية وأهمية العمل الانساني القائم على المبادئ لديها ، في حين أن العديد من المانحون و العديد من منظمات التدخل الدولي الإنساني  تنفذ برامجها من خلال شركاء محليين وبالتالي قد تؤثر هذه الممارسة علي العمل الانساني القائم على المبادئ حيث أنه في بعض الأحيان قد لا يتوفر لدي الشركاء المنفذين في كثير من الأحيان الخبرة الكافية أو قد لا يكون لديهم بعد كافي عن القضايا المحلية من أجل أن يكونوا محايدين وغير متحيزين،  ويمكن للجهات المانحة إنهاء الاستجابة أو صرف الأموال ان اقتضي الأمر،  ومتي يأتي التمويل فإنه يأتي مصحوبا بقيود أو شروط تشمل الأولويات الجغرافية أو الموضوعية ، ومن المعروف أن بعض الجهات المانحة تتحلي بالمبادئ أكثر من غيرها وأنها تعتبر أكثر اتساقا في تطبيق المبادئ السلمية في تقديم المنح الإنسانية،  إلا أن عدد قليل من الجهات المانحة تتسم بالإنسانية  بشكل صريح ومباشر أو أنها مصنعة  بطريقة تحافظ علي التمويل المخصص للمساعدات الإنسانية ومبتعدة عن العلاقات الخارجية أو المصالح التجارية.[25]

الخاتمه:

أن التدخل الأنساني كمفهوم قد مر بمراحل تطور مختلفة ولكن بلغ التطور أقصاه في ظل الأمم المتحدة حيث أن ميثاقها يعزز أحترام حقوق الأنسان وينص علي ضرورة التدخل في ظل وجود أي انتهاكات لتلك الحقوق ، وبالحديث عن مشروعية التدخل الأنساني نجد أن القانون الدولي قد حدد بعض الحالات التي يجوز فيها استخدام القوة لغرض إنساني ، ولقد نص ميثاق الأمم المتحدة علي مبدأ عدم التدخل فلا يمكن لأي الدولة التعدي علي الشئون الداخلية لدولة أخري لأن في ذلك أعتداء علي سيادتها يهدف إلي إجبارها علي سياسة معينة تابعه للدولة المعتدية ، ولكن وفي إطار هيمنة الدول الكبري علي مقدرات الدول التي تعاني من مشكلات إنسانية نجد أن التدخل الأنساني أصبح عبء علي الدول التي طالما طالبت بالتدخل لحمايتها والحفاظ علي حقوقها لأنه كمفهوم يتم أستغلاله من أجل تحقيق مصالح شخصية وليس بغرض الحماية الإنسانية . ولقد عزز من تلك الإشكالية أن مجلس الأمن غير قادر علي التحكم في السلطات الخاصصه به التي أقرها الميثاق في الفصل السابع الخاص بتدابير القمع ومن المفترض أن مجلس الأمن هو المختص بتحديد إذا ما كانت تلك الحالة تحتاج إلي تدخل أم لا ولكن في ظل وجود هيمنة من الدول الكبري وحق الفيتو الذي يعطي حق للدول دائمة العضوية التحكم في قرارات المجلس ، أصبح دور مجلس الأمن بل والأمم المتحدة ككل هو دور مهمش وغير فعال تتحكم فيه قوي عظمي بالشكل الذي يتناسب مع أهدافها . فتظل الأمم المتحدة في إعداد التقارير عن المعاناه الإنسانية لكثير من الدول إلا أن هذا لم يكن إلا للرصد وليس للردع فلم تحتوي تلك التقارير علي نصوص وعقوبات مؤكدة لكل من يخالف القانون الدولي ويستخدم القوة في غير محلها المصرح به دوليا . وستظل هذه الإشكالية قائمة حتي تقوم المنظمة بعمل تغيرات جذرية بداخلها تمكنها من استعادة قيادتها مرة أخري . وتمكننا من الأستدال علي ذلك في حالة التدخل في العراق حيث أنه من البداية كان قرار التدخل مخالفا لميثاق الأمم المتحدة وعلي الرغم من ذلك نجحت الولايات المتحدة في اصدار قرار التدخل ، منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر توسع مجلس الأمن في مفهوم تهديد الأمن والسلم الدوليين وتم اعتبار هذا الحادث حادثا إرهابيا يستلزم القضاء عليه وعلي الظروف التي أدت لحدوثه ولذلك تم إصدار قرار من مجلس الأمن بفتح حدود العراق للتفتيش الدولي عن أسلحة الدمار الشامل ومحاربة الأرهاب ومنذ ذلك القرار الذي ترتب عليه العدوان العسكري علي العراق وتدخلت الولايات المتحدة بقواتها العسكرية بحجة أن هذا التدخل لحماية أمنها القومي والدفاع عن الأرهاب . هذا يؤكد حقيقه هشاشة منظمة الأمم المتحدة يأجهزتها الرئيسية بما فيهم مجلس الأمن.

ولذلك يمكن استخلاص مجموعة من التوصيات الا وهي :

1: ضرورة وضع مجموعة مباديء واضحظة تنظم عمليات التدخل الأنساني بحيث أن يكون التدخل سببا في حل الأزمات الدولية وليس تفاقمها وذلك بأتباع قواعد القانون الدولي العام .

2: زيادة الرقابة علي مجلس الأمن وقراراته من قبل الأمم المتحدة لأن عدم وجود رقابة كافية تسبب في هيمنة الدول دائمة العضوية علي المجلس وقراراته .

3: تطبيق تطبيق قواعد القانون الدولي علي كافة الدول بلا استثناء لضمان الحفاظ علي تحقيق الاستقرار وحماية حقوق الأنسان بالشكل المطلوب وأن يكون التدخل لأسباب واضحة وصريحة تستدعي حدوث ذلك وفقا لقواعد القانون كما هي دون تفسيرها بشكل خاطيء للوصول الي هدف معين .

 4 : ضرورة إعادة تهيئة الأمم المتحدة لإمكانية التغير في هيكلها الداخلي بحيث يتم ضمان تحقيق المنظمة الأهداف والمقاصد التي ذكرت في الميثاق ، والتخلص من كافة الوسائل التي تمنع ذلك

5 : عدم التوسع في مفهوم الحالات الي تهدد الأمن والسلم الدوليين وتقييدها بقواعد و حالات معينة حتي لا تتمكن أي دولة بالتدخل والأعتداء علي سيادة دولة أخري بحجة أن الوضع فيها يستلزم التدخل الأنساني لحفظ الأمن والسلم الدوليين.

6 : العمل علي زيادة المرونة في تعديل بعض أحكام ميثاق الأمم المتحدة التي يتم استخدامها وتفسيرها بشكل خاطيء ويجعل من مفهوم التدخل الأنساني هو مفهوم يثير الرعب للدول التي تعاني من أنتهاكات في كافو حقوقها . كما أنه لابد التفرقة بين متي يكون الأمر يهدد الأمن والسلم ، ومتي كون أنتهاكات لحقوق الأنيان للتعامل مع الموقف بشكل سليم .

قائمة المراجع

المجلات العلمية:

  • “المسؤلية الدولية لدولة الاحتلال عن انتهاكات حقوق الانسان”، مجلة المعيار، ع (11)، 2011
  • خلف رمضان، محمد الجبوري، “الشرعية الدولية ولموقف من احتلال العراق”، مجلة الرافدين، مجلد H، عدد 4، 2009.
  • قدورة، عماد يوسف. “التأثير الاقليمي والدولي في القضية الكردية في العراق (دراسة حالة 1972-1975)، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أكتوبر 2016، https://www.dohainstitute.org/ar/lists/ACRPS-PDFDocumentLibrary/document_CF8A2445.pdf
  • سمراتي، محمد سالم. “منظمة الأمم المتحدة بين التفعيل والتهميش بعد انتهاء الحرب الباردة”، مركز الدراسات الأقليمية.
  • محمود، سلام داود. “منظمة الأمم المتحدة ومشروعية التدخل العسكري في العراق”، المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية، مجلد 8، عدد أول، 2017، متاح على https://jces.journals.ekb.eg/article_51740_210b3b20e2f81a0bf54dac0c3b245a4b.pdf
  • هادي طلال هادي، “مدى مشروعية التدخل الدولي لاعتبارات انسانية في إطار مبدأ جواز تدخل الأمم المتحدة في صميم السلطان الداخلي للدول، العلوم القانونية، ع(1)، (2020).

الرسائل العلمية والأطروحات

  • حمد عبد الجليل خليل، “التدخل العسكري الإنساني بين الشرعية القانونية والمشروعية السياسية كوسوفو نموذجًا”، رسالة ماجيستير، (جامعة الشرق الأوسط: كلية الآداب والعلوم، 2014).
  • ختال هاجر، “تدخل الأمم المتحدة لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في كردستان العراق عام 1991″، رسالة ماجيستير، (جامعة باجي مختار عنابة: كلية الحقوق.
  • عبداليزيد داودي، “التدخل الإنساني في ضوء ميثاق منظمة الأمم المتحدة دراسة حالة إقليم كوسوفو حاليًا”، رسالة ماجيستير، (جامعة 08 ماي 1945 قالمة: كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2011-2012).
  • عزة مصطفى أحمد، “الهيمنة الأمريكية على مجلس الأمن تجاه القضايا في المنطقة العربية بعد الحرب الباردة1990-2003″، رسالة ماجيستير، (جامعة الخرطوم: كلية الاقتصاد والدراسات الاجتماعية، 2004).
  • ناجي البشير عمر القحواش، “تأثير الفيتو على قرارات مجلس الأمن الدولي قضية فلسطين نموذجًا”، رسالة ماجيستير، جامعة الشرق الأوسط: كلية الآداب والعلوم، 2015. متاح على https://meu.edu.jo/libraryTheses/586b4538363f9_1.pdf

المواقع الالكترونية:

  • أحمد أحمدي ابراهيم أحمدي، “الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط”، المركز الديمقراطي العربي دراسة حالة غزو العراق -ثورات الربيع العربي”، متاح على: https://democraticac.de/?p=35606
  • أحمد محمد عبد المنعم السيد أحمد، “أثر القيادة السياسية في صياغة وتنفيذ السياسات العامة: دراسة حالة جورج بوش- الابن”، المركز العربي الديمقراطي، متاح على: https://democraticac.de/?p=50089.
  • الأعلان العالمي لحقوق الانسان، متاح على https://www.oic-iphrc.org/ar/data/docs/legal_instruments/Basic_IHRI/775283.pdf
  • الولايات والأساس القانوني لحفظ السلام، الأمم المتحدة، متاح على: https://peacekeeping.un.org/ar/mandates-and-legal-basis-peacekeeping
  • سليم كاطع علي، “التوظيف الأمريكي لمنظمة الامم المتحدة في معالجة القضايا الدولية السودان نموذجًا”، المركز العربي الديمقراطي، متاح على: https://democraticac.de/?p=48437
  • قرار مجلس الأمن رقم 1011، موقع الامم المتحدة، متاح علي الرابط التالي: https://ar.esc.wiki/wiki/United_Nations_Security_Council_Resolution_1011
  • موسى، أية عبدالرحمن. صغير، سعاد أحمد. محمود، مي مصطفى. سليمان، هناء محمد. أحمد، وردة عبدالرازق. “أثر التدخل الدولي الإنساني على السيادة الوطنية للدولة ٢٠٠٢-٢٠١٢: دراسة حالة السودان”، المركز الديمقراطي العربي، https://democraticac.de/?p=68383.

[1] موسى، أية عبدالرحمن. صغير، سعاد أحمد. محمود، مي مصطفى. سليمان، هناء محمد. أحمد، وردة عبدالرازق. “أثر التدخل الدولي الإنساني على السيادة الوطنية للدولة ٢٠٠٢-٢٠١٢: دراسة حالة السودان”، المركز الديمقراطي العربي، https://democraticac.de/?p=68383.

[2] ختال هاجر، “تدخل الأمم المتحدة لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في كردستان العراق عام 1991″، رسالة ماجيستير، (جامعة باجي مختار عنابة: كلية الحقوق، 2010/2011)، ص

[3] عبداليزيد داودي، “التدخل الإنساني في ضوء ميثاق منظمة الأمم المتحدة دراسة حالة إقليم كوسوفو حاليًا”، رسالة ماجيستير، (جامعة 08 ماي 1945 قالمة: كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2011-2012)، ص

[4] وسى، أية عبدالرحمن. صغير، سعاد أحمد. محمود، مي مصطفى. سليمان، هناء محمد. أحمد، وردة عبدالرازق. “أثر التدخل الدولي الإنساني على السيادة الوطنية للدولة ٢٠٠٢-٢٠١٢: دراسة حالة السودان”، المركز الديمقراطي العربي، https://democraticac.de/?p=68383.

[5] حمد عبد الجليل خليل، “التدخل العسكري الإنساني بين الشرعية القانونية والمشروعية السياسية كوسوفو نموذجًا”، رسالة ماجيستير، (جامعة الشرق الأوسط: كلية الآداب والعلوم، 201 هادي طلال هادي، “مدى مشروعية التدخل الدولي لاعتبارات انسانية في إطار مبدأ جواز تدخل الأمم المتحدة في صميم السلطان الداخلي للدول، العلوم القانونية، ع(1)، (2020)، ص4)،

[6]

[7] ليم كاطع علي، “التوظيف الأمريكي لمنظمة الامم المتحدة في معالجة القضايا الدولية السودان نموذجًا”، المركز العربي الديمقراطي، متاح على: https://democraticac.de/?p=48437، (25/5/2021)

[8] العربي ةهيبه” مبدأ التدخل الأنساني في إطار المسئولية الدولية ، مبدأ التدخل الأنساني في أطار المسئولية الدولية ، دكتوراه ،  كلية الحقوق والعلوم  السياسية ، جامعه وهران ، 2013

[9] ا موسى، أية عبدالرحمن. صغير، سعاد أحمد. محمود، مي مصطفى. سليمان، هناء محمد. أحمد، وردة عبدالرازق. “أثر التدخل الدولي الإنساني على السيادة الوطنية للدولة ٢٠٠٢-٢٠١٢: دراسة حالة السودان”، المركز الديمقراطي العربي، https://democraticac.de/?p=68383.

[10] عادل حمزة عثمان ، الأمم المتحدة والموقف من عمليات التدخل الأنساني دراسة سياسية قانونية

[11] احمد عبد الجليل خليل ، التدخل العسكري الأنساني بين الشرعية القانونية والمشروعية السياسية دراسة حالة كوسوفو ، كلية الأداب والعلوم ، جامعة الشرق الأوسط 2014

هادي طلال هادي، “مدى مشروعية التدخل الدولي لاعتبارات انسانية في إطار مبدأ جواز تدخل الأمم المتحدة في صميم السلطان الداخلي للدول، العلوم القانونية، ع(1)، (2020)

[13] عبداليزيد داودي، “التدخل الإنساني في ضوء ميثاق منظمة الأمم المتحدة دراسة حالة إقليم كوسوفو حاليًا”، رسالة ماجيستير، (جامعة 08 ماي 1945 قالمة: كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2011-2012)، ص

[14] https://www.un.org/ar/sections/un-charter/chapter-i/index.html ميثاق الامم المتحدة .. تاريخ الأطلاع 25|5

[15] قدورة، عماد يوسف. “التأثير الاقليمي والدولي في القضية الكردية في العراق (دراسة حالة 1972-1975)، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أكتوبر 2016،

النقر للوصول إلى document_CF8A2445.pdf

[16]  عزة مصطفى أحمد، “الهيمنة الأمريكية على مجلس الأمن تجاه القضايا في المنطقة العربية بعد الحرب الباردة1990-2003″، رسالة ماجيستير، (جامعة الخرطوم: كلية الاقتصاد والدراسات الاجتماعية، 2004)، ص

[17] ختال هاجر، “تدخل الأمم المتحدة لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في كردستان العراق عام 1991″، رسالة ماجيستير، (جامعة باجي مختار عنابة: كلية الحقوق، 2010/2011)، ص

[18] أحمد محمد عبد المنعم السيد أحمد، “أثر القيادة السياسية في صياغة وتنفيذ السياسات العامة: دراسة حالة جورج بوش- الابن”، المركز العربي الديمقراطي، متاح على: https://democraticac.de/?p=50089،

[19] أحمد أحمدي ابراهيم أحمدي، “الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط”، المركز الديمقراطي العربي دراسة حالة غزو العراق  -ثورات الربيع العربي”، متاح على: https://democraticac.de/?p=35606

[20] خلف رمضان، محمد الجبوري، “الشرعية الدولية ولموقف من احتلال العراق”، مجلة الرافدين، مجلد H، عدد 4، 2009.

[21] سمراتي، محمد سالم. “منظمة الأمم المتحدة بين التفعيل والتهميش بعد انتهاء الحرب الباردة”، مركز الدراسات الأقليمية.

[22] https://ar.esc.wiki/wiki/United_Nations_Security_Council_Resolution_1011

[23] https://www.un.org/securitycouncil/ar/content/resolutions-adopted-security-council-2004

[24] “المسؤلية الدولية لدولة الاحتلال عن انتهاكات حقوق الانسان”،  مجلة المعيار؟،  ع (11)، 2011

[25] موسى، أية عبدالرحمن. صغير، سعاد أحمد. محمود، مي مصطفى. سليمان، هناء محمد. أحمد، وردة عبدالرازق. “أثر التدخل الدولي الإنساني على السيادة الوطنية للدولة ٢٠٠٢-٢٠١٢: دراسة حالة السودان”، المركز الديمقراطي العربي، https://democraticac.de/?p=68383.

4.4/5 - (14 صوت)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى