التكامل المعرفي وأثره على النهضة العلمية والحضارية
اعداد : أ. يوسف العزوزي- باحث دكتوراة – كلية الشريعة بفاس/المغرب
- المركز الديمقراطي العربي
إن التكامل المعرفي بين العلوم سواء الدينية أو الإنسانية الكونية له عمق تاريخي وأصالة زمنية، فهو قديم قدم تلك المعارف والعلوم نفسها، لأن العلوم التي جاءت نِتاج علوم الوحي إنما هي في الحقيقة علوم متكاملة فيما بينها، فكل العلوم مطلوبة إما ابتداء أو تبعا.
وإلى هذا المعنى يشير عالم أهل الأندلس ابن رشد الحفيد حيث قال: “إن العلوم صنفان: علوم مقصودة لنفسها وعلوم مسددة للإنسان في تعلم العلوم المقصودة في نفسها” ([2]).
فعلوم الوحي تحتاج العلوم الإنسانية في التأصيل والاجتهاد، والعلوم الإنسانية تتطلب مستويات مادية وأخرى روحية.
وإننا إذا نظرنا سير السابقين من علمائنا وجدناهم جسدوا هذا المعطى وحققوا ذلك التكامل: فلقد كانوا علماء موسوعيين متبحرين في جل العلوم ينهلون من كل المعارف وحياض الفنون، ومشاركاتهم وتآليفهم شاهدة على ذلك ومنبئة بما هنالك.
فالإمام الغزالي كان فقيها أصوليا فيلسوفا لغويا مربيا، وابن رشد طبيبا فقيها فيلسوفا لغويا وقاضيا، والعز بن عبد السلام كان عالما بالفقه والمقاصد واللغة والأصول وفصول السياسة والحكم، وابن خلدون عالما بالاجتماع مؤسسا له فقيها قاضيا لغويا وابن حزم والسيوطي وابن تيمية وغيرهم من الأعلام الذين ، على اعتبار أنهم شاركوا بالكتابة والتأليف في جل مجالات المعرفة، وشتى أنواع الثقافة والفنون، وما ذلك إلا لأنهم نظروا إلى العلوم الإنسانية على أنها ضرورة بها تتم العلوم الدينية.
غير أن الوضع تغير سلبا تأثيرا بجملة من المؤثرات الداخلية والخارجية سواء المؤثرات: التاريخية أو السياسية أو الحداثية المادية.
فتولدت فجوة القطيعة والتجزئة والتشرذم بين الحقول المعرفية، ووجد التنائي وفقد التقارب والتداني وغابت تلك الوحدة، فأضحى المتعلم لا يكاد يفارق تخصصه إلا لماما، مطلعا على ما احتواه تخصصه جاهلا بما سواه، مطفئا أنوار بصيرته عند حدود تخصصه، وتلك هي المعرفة الذي لا تقوم بها قائمة ولا ترتجى من ورائها نهضة.
هذا النموذج من المعرفة إذن يمكن القول إنه يمثل “إنسان النصف” الذي يعتبر سبب تعطيل وإفساد النهضة الفكرية والحضارية على حد تعبير المفكر مالك بن نبي.
بين التخصص والتقوقع:
غير أن ذلك لا يمنع من التخصص الدقيق في بعض العلوم والفنون تخصصا يتيح لصاحبه الإنتاج والابداع في محرابها، وهذا من التخصص المحمود، وقد اشتهر عدد من علماء المسلمين بتخصصهم في علوم وبروزهم فيها دون غيرها، حتى ارتبط اسمهم بها وأضحت علَما عليهم دون غيرها من العلوم الأخرى، ومن أولئك العلامة الشاطبي رحمة الله عليه في المقاصد الشرعية وابن الصلاح في علم المصطلح والامام مسلم في الحديث … وهذا أمر لا بأس به ما دام أنه لم يأت على حساب علوم أخرى، وإلا فلقد صنف النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة كل حسب تخصصه ومجال اشتغاله. فقال عليه السلام -في معرض حديثه عن الصحابة وما امتاز به كل واحد عن غيره- فيما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه:”…وأعلَمُهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وأفرضهم زيد بن ثابت وأقرؤهم أبي بن كعب…” الحديث[3]
فهذا التصنيف من النبي صلى الله عليه وسلم إذن وإن دل على وجود تخصصات معينة لدى الصحابة إلا أن له دلالتين زيادة على ذلك:
أولاهما: أن علم معاذ بالحلال والحرام وزيد بن ثابت بالفرائض – المواريث- وأبي بالقراءة يدل على أنهم فاقوا غيرهم في تلك العلوم والمعارف وأحاطوا بأحكامها، فاشتهروا بذلك دون غيرهم فأصبحوا مرجعا في تلك المجالات والمعارف.
ثانيهما: اختصاصهم بذلك لا يعني جهلهم بغير ما هنالك. فمعاذ كان ولا شك عالما بالفرائض عالما بالقراءة، وزيد كان عالما بالحلال والحرام عالما بالقراءة وهكذا دواليك، غير أنهم تخصصوا في تلك المعارف واتخذوها نقطة انطلاق إلى ما دونها من المعارف لا أنهم اعتبروها نقطة الانتهاء والتقوقع والانزواء، وهذا هو عين التخصص المحمود الذي يفتح لصاحبه سبلا أخَر لطرْق شتى أبواب العلوم والمعارف والنهل من كل الموارد والمشارب.
التكامل المنشود:
فحقيقة التكامل المرجو تحصيله هو الذي لا يعترف بالحدود الوهمية للمعارف، ولا يراعي تصنيفها تصنيفا يمنع من الزيادة في الطلب والتحصيل بين علوم كونية وأخرى عقلية أو علوم دينية وإنسانية، بل الهدف هو تحقيق وحدة معرفية تكاملية تقوم على انصهار الفوارق بين الحقول المعرفية، واعتبار العلوم جميعها كتلة واحدة مطلوبة إما ابتداء أو تبعاً.
غير أن ذلك قد لا يتأتى بحيث لا يمكن الإحاطة بمجالات المعرفة جلها فأحرى كلها، فيعسر بلوغ التكامل المعرفي المراد، وهذا أمر وارد لا محالة. فيجد المرء نفسه بين أمرين: الالمام بالتخصص والتقوقع حوله، أو الاخذ بنتف معرفية من كل الحقول لا تؤهله للإلمام بأحدها ولا تجعل منه عالما بل لا تكاد تبلغ به رتبة المثقف، وهما أمران أحلاهما مر.
غير أن هذا الامر لن يمنع من العمل وفق مؤسسات ولجان ومجامع لتحقيق ذلك التكامل المنشود سواء على مستوى الجامعات أو المؤسسات التعليمية بل حتى على مستوى الدولة والأمة جمعاء.
فيُنتقَى لكل تخصص من هو أهل له ويُجتهد في النازلة كل حسب موقع ومجاله فتُجمع الاقوال وتُوحد الآراء وتستنبط الاحكام بمعية كل ذلك دون إقصاء لحقل من الحقول.
وقريب من هذا المعنى قول الدكتور بعمر محمد:” فالواقع المعاصر اليوم يعرف تطورا كبيرا في العلوم بقسميها الإنساني والطبيعي، والفقيه في أمس الحاجة الى معرفة هذه العلوم في بناء فتاويه واجتهاده، واذا استعصت عليه هذه المعرفة كان من الواجب عليه الاستعانة بالعلماء المتمكنين بمجال تخصصهم”.[4]
ويقول الدكتور يوسف القرضاوي في بيان أنه لا حرج في الاشتغال على التخصصات الدقيقة، وأن ذلك من أسباب تسهيل إصدار الفتاوى والاحكام على النوازل ما دام أن ذلك سينتظم عبر عمل جماعي:”… وإذا قلنا بتجزؤ الاجتهاد كما هو رأي الاكثرين فالامر أسهل وأسهل. فهناك من العلماء من عكفوا على فقه الاسرة أو الأحوال الشخصية وتفرغوا له وأتقنوه، ونفذوا إلى أعماق مسائله… وآخرون تفرغوا لفقه المعاملات المالية أو الجانب الاقتصادي في التشريع الإسلامي… وغيرهم اهتم بالفقه الجنائي او الإداري أو الدستوري فهم مجتهدون فيما تخصصوا فيه”.[5]
ثمرات التكامل المعرفية:
إن التكامل المعرفي كفيل بصناعة النموذج المعرفي العلمي والنموذج الحضاري، لأن التطور الانساني يقتضي توسيع البحث وإشراك كافة العلوم المسعفة والمساعدة. فالخطأ أن يجتهد الفقيه بعيدا عن المعرفة بالمجتمع ونفسية السائل.فهو ضرورة لتحقيق المنجزات العلمية والحضارية.
وإن التاريخ الإسلامي خاصة يبرز أن العلماء العرب قديما قد حرصوا على تحقيق التكامل بين العلوم الإسلامية والعلوم الإنسانية، بداية من مطلع العصر العباسي الذي سعى فيه الخليفة المأمون لإنشاء بيت الحِكمة والعمل على ترجمة التراث اليوناني والعلوم العقلية وإعادة التجانس بين العلوم الكونية والعقلية، فتمكنوا من خلال ذلك إلى بناء أعظم الحضارات الإسلامية الإنسانية، أرغمت الأعداء على الاعتراف بها قبل الاخلاء.
تقول الدكتورة عقيلة حسين في بيان الأسس التي عليها تقوم الحضارة وبها تبنى:” أساس بناء الحضارة الإسلامية: الدين والعلم، والدين الإسلامي حث على العلم في أول الايات نزولا على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، والعلم هو أساس التكليف والاجتهاد وصحة الاعمال والاقوال”.[6]
فكل واقعة خلفت فجوة بين العلوم الدينية والعلوم الكونية أو بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية _ مشكلة الثقافتين – تعتبر بمثابة ناقوس خطر وطريق فشل النهضة العلمية والحيلولة دون قيام الحضارة.
إذ الحضارة تستلزم خدمة المعارف بعضها لبعض، وانصهارها في قالب واحد يروم خدمة الانسان وبناء العمران، وهو ما يجعل الخروج من نفق التخصصات العلمية إلى رحابة التكامل المعرفي أمرا ضروريا للنهضة العلمية والحضارية.
من صور غياب التكامل في واقعنا:
الضعف الحاصل في شتى المجالات، ويظهر ذلك جليا في المجال التربوي التعليمي وهشاشة المنظومة التعليمية في عدد من الدول خاصة، إنما أحد أسبابها غياب التكامل المعرفي بين العلوم، وغياب ثمرات العلم والتعلم في بناء وعي سليم في المجتمع، إضافة إلى الهوة والخرق الكبير الموجود بين الهوية والتكوين عند الطلاب الجامعيين، فهم في مواجهة أفكار دخيلة في علم النفس، وعلوم التربية، والقانون والسياسة، واللسانيات والطب دون أدنى معرفة بالتاريخ الإسلامي لتلك العلوم جميعها. وفي المقابل طالب العلوم الدينية تائه بين التأسيس لفكر شخصي وبين المذاهب الفكرية، وبين تحصيل المعارف والعلوم المنفصلة عن غيرها من غير منهج تفكيري أو نقدي، من قبيل تحصيل علم الحديث بلا علم الأصول والمقاصد، أو أصول الفقه بدون علوم اللغة. والعقائد بلا مناهج، وتصنيف العلوم العقلية علوم إضلال وزندقة، فانقطعت الصلة بين أطياف العلوم وأنواع الفنون، وهذا كله خلاف الأصل، إذ الاصل في تلك العلوم التفاعل مع النظام المجتمعي وقوانينه، واحتضان كيانه وهويته، والمحافظة على ثوابته، وضمان وجوده واستمراره.
مخاطر غياب التكامل:
إن آفة غياب وحدة معرفية وتكامل علمي مؤذن بخراب البلاد وهلاك العباد جراء ما يحصل من سوء في التقدير وسلامة في التنظير.
وإن الفقهاء قد أدركوا خطورة ذلك قديما فاشترطوا فيمن يُنتصب للاجتهاد والفتوى شروطا تضمن لصاحبها صفة التكامل أو تكاد، وذلك من قبيل تحقيق العلم بالنصوص الشرعية ومواطن الاجماع واللغة ودلالاتها، والواقع ومتغيراته.
ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان منهجه مستوحى مما يجري في وسطه ومجتمعه، فكان عليه السلام في سنته يمثل تجسيدا للربط بين المنهج القرآني والواقع.[7]
لهذا وغيره فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذم على بعض أصحابه جمودهم على النص والتصدر للفتوى دون مراعاة فهم الواقع ومآلات الفتوى والاجتهاد، وهي كلها وحدات يكمل بعضها بعضا، فتنأى بصاحبها عن الخطأ الصريح، وتدنوا به من الصواب الصحيح.
ففي حديث جابر رضي الله عنه الذي أخرجه أبو داود[8] -وغيره- أنه قال:” خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجرٌ فشجه في رأسه فسأل أصحابه هل تجدون لي من رخصة؟ فقالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على رسول الله أخبر بذلك فقال: قتلوه قتلهم الله…” الحديث
فهلاك هذا الصحابي إنما كان نتيجة غياب تكامل معرفي وعدم توفيق في التنزيل للفتوى، وذهول عن مآلات الفتوى ونتائجها، ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يغلظ القول: قتلهم الله.
كما أن غياب وحدة المعرفة والتقوقع داخل التخصصات والتعصب لتلك التحزبات والجماعات نذير بصراعات تحول دون التقدم العلمي والحضاري.
فتجد على سبيل المثل مدارس تتمسك بالرأي وأخرى بالأثر وبينهما جسور الوصال لم تربط بين تلك التخصصات والمناهج وتدفع عنها القطيعة، وتجد ثلة تقرب المنطق وتعتمده، وأخرى تحرمه وتمنعه، من غير سعي إلى تقريب المناهج ومحاولة للتصالح بين الفكرين، كل يدعي الحق وينفرد بالحقيقة.
كل يدعي وصْلا بليلَى /// وليلَى لا تُقر لهم بذاكَ
ولقد عرفت القرون الأولى صوراً من هذا الصراع الناشئ عن عدم الإيمان بإمكان تكامل معرفي يجمع كل الأطياف والفرقاء ويوحد الصفوف.
فقد روي عن الامام أحمد رحمة الله عليه _وهو الذي كان يمثل مدرسة أهل الأثر_ أنه قال:” كنا نلعن أهل الرأي ويلعنونا حتى جاء الشافعي فألف بيننا”.[9]
وهذا سبب كاف للدعوة إلى توحيد المناهج والمدارس والرؤى، واعتماد التكامل المعرفي منهج دراسة وتأليف، فهو السبب الأنسب لتوحيد الصفوف وتأكيد الاتفاق ودفع الافتراق والشقاق، وصنيع الامام الشافعي رحمة الله عليه عن طريق علم أصو الفقه خير شاهد ودليل على ذلك.
وكلام الدكتور عبد الحليم مهور باشا قريب من هذا حيث يقول:” إن تصنيف العلوم إلى علوم نقلية وأخرى عقلية، أو دينية وإنسانية من غير سعي جاد لمد جسور التواصل بين الحقلين يؤدي لا محالة إلى ثنائية تضع العقل في مقابل الوحي، وتنشأ عنها أزمة “إبستيمية” حادة تعصف بعلوم الوحي بمختلف التخصصات والمجالات، نتيجة عدم قدرتها على الاستفادة من المنجزات التي ولدها العقل الإنساني، فتبقى حينئذ حبيسة الممارسات المنهجية التقليدية.[10]
خاتمة:
إن أساس بناء الحضارة الإسلامية خاصة كان قائما على الدين والعلم، فالدين باعتباره ضابطا للعمل البشري مهذبا لسلوكاتهم وتصرفاتهم، والعلم باعتباره محركا للعقل، فالتكامل بين الدين بوصفه نصا والعقل بوصفه مستنبطا للعلم من النص، أدى إلى ظهور علوم دينية وغير دينية كثيرة ومتنوعة، والتي أثرت في بناء الحضارة الإسلامية قديما بناء قويما ومتينا، حتى صارت أمة خيرة.
فوحدة المعرفة والتكامل بين الحقول المعرفية بالإضافة إلى كونه سببا لتحقيق الأمن الفكري، فإنه يتيح مجالا أوسع لمعالجة جل مشكلات العصر كل حسب تخصصه وقدراته، ويسهم في بناء الإنسان والأوطان، وتحقيق التقدم والازدهار، وإن التخصص العلمي يصبح سلبياً إذا ما انزوى المتعلم داخل تخصصه.
لهذا وذاك كان لزاما علينا إعادة النظر والاعتبار في قضية وحدة المعرفة داخل الجامعات والمعاهد، قصد الارتقاء بالعملية التعليمية التعلمية لكونها الرهان الأهم للتنمية الفردية والمجتمعية، وهي الطريق الأكثر نجاعة في تحديد حاضر الأمة ومستقبلها.
([2]) الضروري في صناعة النحو لابن رشد الحفيد ح منصور علي عبد السميع/ ط1 2010م دار الصحوة/ ص 22
[3] أخرجه الامام البخاري في الصحيح باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الاذان والصلاة والصوم والفرائض والاحكام ح.6866
[4] من الاجتهاد في النص الى الاجتهاد في الواقع لبعمر محمد ص133 ط. دار الكتب العلمية 2009م
[5] الاجتهاد في الشريعة الإسلامية للدكتور يوسف القرضاوي ص112 ط3 دار القلم 1999م
[6] مجلة البحوث العلمية والدراسات الإسلامية / عدد 4 سنة 2012م موضوع: التكامل المعرفي في المنظومة التعليمية الجامعية د. عقيلة حسين
[7] تكامل المنهج المعرفي عند ابن تيمية إبراهيم عقيلي / ص44 ط 1المعهد العلي للفكر الإسلامي 1994م
[8] سنن ابي داود كتاب الطهارة باب في المجروح يتمم ح336
[9] ترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضي عياض ج1 ص91 ح ابن تاويت الطنجي مطبعة فضالة – المغرب
[10] دورية نماء لعلوم الوحي والدراسات الإنسانية بتصرف/ العدد1 سنة2016م ص206