التحديات التي تفرضها ظاهرة الإرهاب الدولي وجهود مصر لمكافحتها
اعداد : منه الله إبراهيم عبد الرحمن – باحثة ماجستير بكلية الدراسات الافريقية بجامعة القاهرة – مصر
- المركز الديمقراطي العربي
المقـدمــة.
تعتبر ظاهرة الإرهاب الدولي واحدة من أكبر وأخطر التحديات التي ظهرت على المجتمع الدولي في الأونة الأخيرة، كما انتشرت هذه الظاهرة الدولية بشكل واسع وكبير داخل المجمتع العالمي، وقد انتشرت هذه الظاهرة وتوسعت بشكل غير متوقع منذ أوائل ستينات القرن العشرين، مما أدى إلى صعوبة التحكم والسيطرة عليها والتي أصبحت ظاهرة سرطانية تتمدد وتتوسع بين الدول والتي سببت تهديد واضح وصريح للسلم والأمن الدولي، ولعل أصعب تلك الأمور هي الحالات الإرهابية التي تراعاها وتتبناها الدول بشكل خفي وغير واضح، والتي تتعمد بعض الدول والحكومات في دعم الإرهاب بشكل يصعب إدانتهم بشكل واضح، وهو ما يضعف من التحكم والسيطرة على تلك الحالات، حيث تسعى بعض الدول في دعم العمليات الإرهابية من أجل تحقيق الأهداف التي تسعى إليها، لكن بالشكل الذي يحفظ الدول من إدانتها برعاية ودعم الإرهاب، ويحفظ كيانها أمام المجتمع الدولي[1].
كما أن الأمين العام السابق للأمم المتحدة دكتور بطرس غالي قد أشار لخطورة الإرهاب الدولي وما يمثله من تهديد واضح للعالم، بعد أن أصبح تأثيره واضح وقوي على الساحة الدولية والعالمية، وتحولت الظاهرة من نطاق محلي ووطني، حتي أصبح الإرهاب ظاهرة عالمية[2].
تعريف ظاهرة الإرهاب الدولي.
يعرف الإرهاب بأنه التطرف والعدوانية في استخدام العنف أو التهديد بإستخدامه، لأهداف سياسية أو تحقيق مصلحة، وهذا العنف أو التهديد به يخدم كأداة تهديدية أكثر من كونه فعل مادي[3].
أما الإرهاب الدولي هو التهديد بإستخدام العنف المسلح واسع الإنتشار والذي يتمد ليشمل العديد من الدول مع اختلاف البيئات السياسية والاقتصادية، سواء كانت تسود هذه المجتمعات الديمقراطية أو تنتشر فيها أعمال القمع المسلح والحكم الفردي المستبد[4]، هذه الإنعكاسات لها تأثيرها القوي والواضح على الساحة الدولية والعالمية بشكل مخيف.
التحديات التي تفرضها ظاهرة الإرهاب الدولي.
الإرهاب بطبيعته يتميز بالمفاجأة وعنصر الصدمة النفسية والعاطفية على النفس التي تصيب الفرد عقب حدوثها، وكذلك أداة فعالة وقوية بخصوص القضايا التي تسعى إلى إبرازها على الساحة العالمية، ولعل بروز ظاهرة الإرهاب الدولي تفرض العديد من التحديات الإقليمية والدولية على المجتمع الدولي، ولعل أبرز هذه التحديات.
- تدخل الدول الكبرى في سياسات الدول بحجة مواجهة الأرهاب.
حيث تسعى العديد من الدول الكبرى في التدخل في سياسات الدول الأخرى بحجة منع انتشار الجماعات الإرهابية، والتي قد يكون تواجدها بهدف خدمة مصالح وسياسات الدول، وكذلك السيطرة على موارد الدول الأخرى. - فرض حالة من العزلة للدول المتهمة بتصدير الإرهاب.
قد تقوم بعض الدول نتيجة إدانتها لدول أخري بفرض حالة من العزلة نتيجة سياسة الدول تجاة الأعمال الإرهابية التي تهدد مصالح الدول الأخرى، ومن ثم توقيع العديد من العقوبات تجاة هذه الدول المصدرة للإرهاب. - توقف حركة الطيران والرحلات الجوية بين الدول.
وهي نتيجة حتمية للنقطة السابقة، والتي تكون بسبب قطع العلاقات بين الدول ومنع الانتقالات بين الدول. - فرض العقوبات الاقتصادية على الدول المصدرة للإرهاب.
وقد تكون العقوبات الاقتصادية نتيجة أخرى لإنتشار الأعمال الإرهابية بين الدول، وقيام بعض الدول بشكل واضح أو ضمني بدعم الأعمال الإرهابية أو التهديد بإستخدام القوة. - إقامة إجراءات أمنية مشددة وصارمة ضد مواطني الدول المصدرة للإرهاب.
- منع تصدير النفط والغاز للدول الراعية للإرهاب، والتحكم في عملية البيع والشراء.
تسعى الدول التي لها مصالح نفطية وتسعى لترسيخ الأمن والاستقرار إلى منع وصول الغاز والبترول إلى الدول الراعية للإرهاب، حتي لا يتم استخدامه ضد الدول واستقرار المجتمع الدولي، والعمل على التحكم في عملية البيع والشراء. - تكوين تحالفات دولية لمواجهة الإرهاب الدولي والحد من انتشاره والعمل على منع تصدير الجريمة المنظمة.
- سن التشريعات والقوانين الدولية التي تواجه تحد من العمليات الإرهابية.
- العمل على تجديد الخطابات الدينية لمنع استخدام الدين وتفسيراته بشكل خاطئ بما يتماشى مع الأهداف للجماعات الإرهابية.
الجهود الدولية للتعامل مع الإرهاب الدولي على الساحة العالمية.
تنوعت وتعدد الجهود الدولية بشأن التصدي لخطر الإرهاب الدولي، وتم التوصل للعديد من الإتفاقيات الدولية والقرارات العالمية، والتي من ِشأنها منع انتشار ظاهرة الإرهاب ولعل أهمها:
- اتفاقية واشنطن المعقودة عام 1971م لمنع ومعاقبة أعمال الإرهاب.
- اتفاقية نيويورك عاك 1973م الخاصة بمنع ومعاقبة الجرائم الموجهة ضد الأشخاص المتمتعين بالحماية الدولية بما في ذلك المبعوثين الدبلوماسيين.
- الإتفاقية الأوروبية لقمع الإرهاب الموقعة 1977 وقد جاء في ديباجتها أن الهدف من إبرامها هو اتخاذ التدابير الفعالة لملاحقة مرتكبي الاعمال الإرهابية للجيلولة دون افلاتهم من المحاكمة والعقاب.
- القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ديسمير 1985 خاصاً بمناهضة الإرهاب ومعاقبته.
- الاعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ديسمبر 1994 حول التدابير المتعلقة بمكافحة الإرهاب الدولي.
- انعقاد قمة شرم الشيخ لصانعي السلام في مارس 1996.
الجهود المصرية لمكافحة الإرهاب الدولي.
الموقف المصري كان واضحاً تجاه أزمة الإرهاب الدولي، خصوصاً بعد الأحداث التي جدت على الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو 2013 وما تعرضت له مصر من أحداث وعمليات أرهابية أستهدفت خطي الدفاع للجيش والشرطة المصرية، وفي ظل الأحداث التي تمر بها مصر خصوصاً في سيناء أرض الفيروز.
دعت مصر إلى عقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب الدولي تحت مظلة الأمم المتحدة، وأن الدعوة إلى تحالف دولي سوف تقسم العالم إلى مؤيد ومعارض، مما يؤدي إلى ضعف الهدف العام مما أدى إلى فشل تلك الدعوة، كما أعتبرت مصر أن الإرهاب جريمة دولية موجهة ضد جميع المجتمعات وضد مختلف الحضارات والأديان[5].
كما أن التصور المصري الذي دعا إلى قيامها بالتقدم لطلب مؤتمر دولي واسع لمكافحة الارهاب سوف تصدر عنه قرارات حاسمة وطارئة تلزم جميع الأطراف، كما يسعى إلى إيجاد فعالية أكثر لتنفيذ القرارات ومنع انتشار الأعمال الإرهابية على الصعيد العالمي، وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط التي مازالت تعاني من ضعف القبضة الأمنية، خصوصاً المنطقة العربية التي تعاني من بعض الأزمات التي طرأت على المجتمع الإقليمي.
[1] د. إسماعيل صبري مقلد، العلاقات السياسية الدولية.. النطرية والواقع، المكتبة الأكاديمية 2011
[2] د. أحمد أبوالوفا، ظاهرة الإرهاب الدولي، مجلة السياسة الدولية، العدد 161، يوليو 2005.
[3] العلاقات السياسية الدولية، مرجع سابق.
[4] Eric Morris and Alan hoe, Terrorism: threat and response, Macmillan Press, London, new york.
[5] د. أحمد يوسف القرعي، دعوة مصر لعقد مؤتمر دولي للإرهاب، مجلة السياسة الدولية، العدد 146، أكتوبر 2001.